الأرض العربية والدماء
كلمات في عرس الجزائر
الأرض العربية منذ بداية الضيم عليها كانت وما تزال تحتاج إلى دم عربي جديد ليسطرها من أردان وأوحال ما تراكم على أديمها من ظلم وفساد.
دم يروي تفاصيل خرائطها من المحيط إلى الخليج ، ويعجن تربتها مزيجا من دماء الأبناء والآباء و الأجداد دم جديد يبدأ من الفكر و الإبداع ليتوزع في خلايا أجساد الشعوب المقهورة والمقرورة في زمن الأنظمة الرديئة دم يراق في حق ليسطر أروع الشهادات ، وأعظم الملاحم البطولية في سبيل الله والوطن دم لا يسيل سفكا تحت طائل المغامرات أو الانتحار أو الهدر دم يعلن فورانه وجريانه وتدفقه في العروق ليمد البشر حياة جديدة تنبض بالكرامة والشموخ الأبدي ولذا وجب على الأمة أن ترى في أبنائها المثقفين والمبدعين ذلك الكنز الدفين الذي يجب اكتشافه والحرص على العناية به ليتفوق حبرهم على جريان دمائهم كي لا تتحول تلك الدماء إلى سيل يجري في قنوات الصرف أو في مجاري الهاوية في زمن الأضاحي البشرية التي تقاد في كل لحظة إلى مصالح الطغاة تارة ، وتارة أخرى إلى مخابر الأنظمة المهزوزة أمام اللون الأحمر القاني ومن هذا البوح الجميل كانت الجزائر منذ عهودها الأولى أرض الفاتحين الأحرار ( عقبة و موسى و طارق و غيرهم كثر ) أرض تنبت من تربتها أروع الملاحم التي صنعت فجر تاريخها الحافل بالمواقف و البطولات و قالت لدينا اضطربي فاضطربت كي تظل شمس الحرية مشرقة إلى أبد الآبدين أرض تحدي رجالها النار و القيد و الموت، و التعذيب و التنكيل و التحريق و ذلك منذ أن وطأت أقدام الغزاة أرض الشهداء سنة 1830 إن الجزائر الأرض العربية المسلمة التي حاول المستعمر الفرنسي الغاشم و حلفاءه، و أذنابه أن يطمسوا تلك المعالم السامية و الراسخة في نفوس المواطنين الأحرار وقد باءت محاولاتهم بالفشل، فلم تعد ترهبهم آليات القمع و الموت و ظلت الدماء وحدها تجري أعماق وهي تغني كما قيل على السيد " درويش " الأرض تتكلم عربي . أملي أن يدرك كل جزائري تجري في عروقه دماء حارة أن يفهم معنى أن يموت غيره ليحيا هو حياة الرخاء و العزة و الفخر و أملي ألاّ تسيل قطرة دم هباء أو هدرا و غدرا لا تسيل حتى و لو كانت من باب الصدفة أو الخطأ غير المقصود وليشهد العالم أن دماءنا غالية فانتبهوا أيها الناس في هذا الوطن العربي الكبير و أن نصف قرن من عمر حياتنا الحرّة لابدّ ان يتوّج بالمحبة و الإخاء بين أبناء هذه الارض .
عاش وطننا الكبير المفدى في سلام و محبة و أخوة و عاشت الجزائر حرّة مكابرة عصيّة على منيعة على الغاصبين