عنوان الموضوع : كشف أساليب التعذيب الخطيرة أثناء الثورة الجزائرية وتجريم الإستعمار الفرنسي (1) التاريخ الجزائري
مقدم من طرف منتديات العندليب

بدأت الحرب النفسية ضد الشعب الجزائري سواء في المدن أو القرى منذ أحداث 8 ماي 1945 ولم تنتهي إلا في 19 جوان 1962 وبعدها محاولة من جنرالات فرنسا الإنتقام من إطارات الجزائر قبيل الإستقلال مباشرة على يد عصابة المنظمة العسكرية السرية التي يرمز لها OAS. ولما كان من الصعب على القوات الإستعمارية الفرنسية أن تلقي القبض على الثوار في وسط الجبال وهم يحملون السلاح، لذلك إكتفت بإعتقال الشباب في ربيع العمر والشيوخ والنساء، وتسليط ضدهم أقصى العقوبات للترهيب والإستنطاق.
لهذا قمنا بجمع شهادات وطنية لمن زج بهم في غياهب السجون منذ 1945 إلى يوم الإستقلال وما لقيّه المناضلون العزل من معاناة وجرائم وحشية ضدهم، كون مسك الجنود بالجبال وسط الغابات كان قليل ويكاد ينعدم لأنه من الصعب على قوات الإستعمار أن تلقي القبض على جندي أشوس، شجاع وبطل لصعوبة الوصول إليه في أعالي الجبال الوعرة وخلف الأدغال الكثيفة، ولكنها كانت تقبض على أفراد الشعب من المدنيين بعد تمشيط أحياء المدينة أو القرى في سلك سياسة الأرض المحروقة، والذي تمسك به تقتله أو تعذبه حتى الموت، فتقتل ما تقتل من السجناء الذين يموتون تحت التعذيب الوحشي.
أما المجاهدين الذين تم القبض عليهم نذكر من بينهم صامصون الذي أمسك به في كاف الشهبة، إلى جانب بعض المجاهدين الذين إعتقلوا أثناء معركة سوق أهراس الكبرى، ولقد كانوا يتلقوّن أبشع تعذيب torture ويوضعون داخل الزنزانة خاصة فيما يسمى بالسجن الأحمر مثل سجن فرجيوة المشهور التي ترتكب ضد سجنائه جرائم جهنمية وغاية في البشاعة، كما يبقى مشهد إلقاء القبض وتعذيب ثم شنق القائد الكبير محمد العربي بن مهيدي راسخا في أذهان كل الجزائريين وما فعلته القوات الخاصة بالعاصمة ضد الفدائيين مثله ومن أمثال المجاهدات جميلة بوحيرد وظريفة والأخريات في كل مكان من القطر الجزائري.
مراحل التعذيب: تفننت الجنرالات الفرنسيين في إنشاء وتوزيع السجون والمساجين بمناطق مختلفة مع إتباع القائمين على السجون وخاصة الجيش الفرنسي المتكون من عناصر أوربية الأصل إجراءات تنظيمية خاصة والتي بدورها تختلف من سجن لآخر ومن مرحلة يكون عليها السجين أو الأسير إلى مرحلة أخرى تكون أكثر تعقيدا بالنسبة المجاهدين وأحسن تسييرا بالنسبة للمناضلين والمثقفين السياسيين.
إذ كان السجين الذي تتمكن السلطات الإستعمارية من إلقاء القبض عليه سواء وجهت إليه تهمة معينة أم لا توجد متابعة تجاهه، فيؤخذ هذا الأسير في البداية إلى المعتقل Camp de concentration et de triage أين يوضع المحبوسين مع بعضهم ودون التفرقة بين المحبوس العسكري أو السياسي أو المدني كما تضع قوات البوليس معهم عملاء وجواسيس للإطلاع على المعلومات والأخبار أثناء إتصال السجناء فيما بينهم ومنهم السياسيين بالعسكريين والفدائيين. وبهذا المعتقل تبدأ القوات العسكرية القائمة على تعذيب السجناء بإجراء التحقيقات والبحث عن الأدلة والإشارات التي توصلهم إلى المجاهدين بالجبل، وبعد عدم الوصول إلى المعلومات المطلوبة تتحول إلى إستعمال الوسائل القمعية والتعذيب.
وفي المرحلة الثانية يتم فرز المساجين، حيث يحول المجاهدين المسلحين والمسبلين والسياسيين إلى سجن وضع لهذا النوع من السجناء، كما كان سجن الكدية بقسنطينة، وهو يختلف على المحتشد الذي يتداخل المعتقلين به ولا يوجد به نظام معين، حيث أن المجاهد الذي يختلط مع العملاء والجواسيس لا يجد الحرية في الحديث مع زملائه، لأن الخونة من أصول جزائرية يجلسون وينامون ويأكلون معهم. والسجين الذي يطول في المعتقل ويحول من سجن لأخر ليقوم عليه أبشع أنواع التعذيب من أجل إستنطاقه، فمن لا يجدون عليه شيء كونه لا يملك معلومات تنفعهم لهذا يحول إلى سجن ثان ليعاد تعذيبه من جديد.
أما بسجن الكدية فالأمر يختلف تماما، حيث يصبح للسجين أو الأسير السياسي أو العسكري زنزانة وسرير بفراش نظيف وجيد مع التعامل اللائق والوجبة اللائقة التي تكون باللحم وليس كوجبات العدس وغيره لمسجوني القانون الجنائي Droit commun إلى جانب خروجه إلى الحديقة وإمتيازات أخرى منها أن المجاهدون يكوّنون لجنة السجناء تنتخب من بين المعتقلين وتدافع عن حقوقهم وتعمل على نظامهم داخل السجن رغم أنها تعمل في صف الإستعمار وحسب توصياته، زيادة على وجود الممرض والزيارات العائلية.
تحقيق لجنة من هيئة الأمم المتحدة: أثناء قدوم لجنة تابعة لهيئة الأمم المتحدة للتحقيق في وضعية السجون في الجزائر بعدما وصلتها التقارير حول الأساليب البشعة في التعذيب وخرق كل القوانين الدولية حول معاملة أسرى الحرب وحقوق الدفاع وحقوق الإنسان جملة وتفصيلا، قامت السلطات العسكرية الفرنسية بالجزائر بإبعاد كل المجروحين من جراء التعذيب والضرب وإستعمال الكهرباء، وإستبعد كل من ظهر على جسمه خدش أو جرح إلى ثكنة عسكرية لإخفائه وإختبائه عن اللجنة الأممية، وبعد أن رحلت اللجنة تم إستعادتهم والعودة إلى التحقيق من جديد والإقرار بوسائل التعذيب والقمع.
جرائم التعذيب: لا يمكن أن نتوصل إلى وصف دقيق للتعذيب الفرنسي الوحشي التي قامت به القوات العسكرية داخل السجون والمحتشدات والمعاقل، فالحقيقة الكاملة لا يمكن أن نصل إليها إلا بحديث الأشخاص الذين عانوا ويلات التعذيب ورغم قيامنا بإستجواب بعض المجاهدين الذين مروا بالتعذيب إلا أن الحقيقة التي توصلنا إليها تبقى نسبية، وسوف نقوم ببسط لمحة وجيزة جدا حول الجرائم البشعة التي قام بها العدو ضد المدنيين الأبرياء والمجاهدين أصحاب الحق والأرض المغتصبة، لتبقى هذه الحقيقة وصمة عار في جبين كل محتل بغيض وحقود، والعينة التي أخذناها صغيرة جدا بالنسبة للشهادات والإعترافات الموجودة، والتي تثبت بكل يقين عن العمليات الإجرامية التي قامت بها قوات الإحتلال الفرنسي ضد الإنسانية، كون الإستعمار من بدايته بدأ في إحتقار الجنس الجزائري العربي المسلم، صاحب الوطن المحتل، وكان المعمرون الفرنسيون يلقون على الشعب أسماء مصغرة لقيمته من أمثال، الأهالي Les indigènes, les bicous ويستعملونهم في خدمة الأراضي والبيوت مقابل أجور لا تسد حتى الرمق، وكان كل من يمسك به ويحول إلى السجن يعذب تعذيب كبير من أجل إستنطاقه أو لحقد وضغينة داخل نفوس الفرنسيين على هذا الشعب الذي مر أغلبه بالتعذيب على طول حقبة الإحتلال سواء كان بالمدينة أو بالقرى والمداشر، وتم ذلك أيضا بالسجون المتواجدة بالقاعدة الشرقية وبمدينة عنابة Bône وجبال الإيدوغ حيث يوجد سجن بسرايدي وآخر بواد العنب وثالث بالعلمة ورابع بالذرعان وهناك سجن سيدي نصر بعزابة وكذلك بسكيكدة، فلحق السكان كثيرا من التعذيب لا يمكن للعقل أن يتخيله أو يتصوره حتى ولو عاشه من قبل. لقد مات الكثير تحت وسائل التعذيب أو شنقا من طرف العساكر ومنهم من لا يزال يعيش قاصرًا ومعطوبًا أو يعيش مرض نفسي –صدمة- من شدة التعذيب.
ويمكن ذكر عمليات التعذيب داخل السجون الجزائرية أثناء حرب التحرير والتي كما قلنا بقت وصمة عار على كل محتل وجريمة يستحق فاعليها على الأقل محاكمتهم محاكمة عادلة وتوجيه التهمة إليهم وتدينهم على الأفعال المرتكبة، ومن ثمة إعتراف الدولة الفرنسية بالجرائم البشعة التي قام بها ضباطها والذين تفننوا في التعذيب، والتي أنشأت لها مدارس خاصة بالتعذيب وأساليبه تشرف عليها La DST ، التي أسسها الجنرالات وهم اوساراس Aussares، بيجو Bijau، بيجار Bigeard وماسو Massaut .
أساليب التعذيب: من أجل تجريم جنرالات الإستعمار لا بد أن نبين بوضوح بشاعة الأفعال الإجرامية التي قاموا بها، وإذا كنا هنا نعتمد على بعضها التي نفذت بمراكز التعذيب بالشرق الجزائري، فلقد حبذنا ذكر المجازر أولا ثم التطرق إلى عمليات التعذيب مع الكثير من التدقيق والتفصيل كما يلي:
1. مجزرة ماي 1945: مباشرة بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها وخرج العالم كله من أكبر وأطول كابوس حرب، أي في يوم 8 ماي 1945 خرج الشعب الجزائري إلى الشارع في مظاهرات سلمية فرحا بإنتهاء الحرب العالمية وطالبا النظام الفرنسي أن يفي بوعوده وذلك بمنح الجزائر حقها في تقرير المصير بعد التضحيات التي قدمها الشباب لإنقاض فرنسا من براثن النازية، ولما حاولت الشرطة الفرنسية تفرقة المتظاهرين وإغتيال المبادرة في مهدها بإستعمال وسائل قمعية، حدثت مواجهات بين رجال الشرطة والمواطنين المتظاهرين في بعض مدن الشرق، وتدخلت القوات الفرنسية الجاهزة برجال الشرطة والمعمرين مستعملين السلاح الناري والعصي وكان عدد القتلى من الفرنسيين ما يقارب المائة.
وتدخلت على إثره القوات العسكرية من المشاة والطائرات التي قصفت المدن والقرى لعدة أيام، وخاصة بسطيف وخراطة كما قامت بإبادة جماعية وجرى ذلك بقالمة، حيث جمعت القوات العسكرية المواطنين المتظاهرين وأوقفتهم في صف واحد بكاف البومبة المتواجد على قمة جبلية بهليوبوليس، ثم رمتهم بالرصاص ليسقطوا من على القمة الجبلية، وقامت بالعملية لعدة مرات ثم ردمت جثثهم في دفن جماعي بالمكان ونفس الصورة تقريبا حصلت في خراطة حيث جمعت قوات الإحتلال السكان دون تمييز لجنس أو سن وقامت برميهم بالسلاح دون رأفة ولا رحمة والقذف بجثثهم في الوادي من على الجسر. وقامت في قالمة بحرق جثث المتظاهرين بعد أن قتلتهم رميا بالرصاص، وإنتقلت رائحة الإحتراق إلى المناطق المجاورة، كما قامت بإلقاء القبض على العديد من المتظاهرين فزجت بعضهم في السجن ولم يطلق سراحهم إلا يوم الإستقلال ومنهم من أعدمهم والكثير منهم نفتهم إلى دول بعيدة مثل كايان وزيولندا الجديدة. وكانت الخسائر التي تركتها فرنسا ما يفوق الخمس والأربعون ألف قتيلا من المواطنين العزل.
2. مجزرة رهيبة جرت وقائعها بملعب سكيكدة في 23 أوت 1955، حيث أنه بعد هجوم الشمال القسنطيني الذي جرى في منتصف نهار 20 أوت بقيادة الشهيد يوسف زيغوت، وعلى إثره وجهت القوات الإستعمارية ضربة قاسية ضد الشعب، الهدف منها الإنتقام وقمع المدنيين في سكيكدة، الحروش، عين عبيد والميلية كانت مجازر جماعية رهيبة وصلت إلى 12016 قتيل، قام بتنفيذها ضباط فرنسيين من بينهم العقيد أوساريس الذي عين ضابط المخابرات على سكيكدة في ربيع 1955، وهو الذي عذب وقتل وشنق المآت من العزل بسبب إعتداء عامل مسلم على زميله الفرنسي بالمعمل، وشاركه في التعذيب والقتل الدرك والأمن والبوليس القضائي والمخابرات العامة وكذلك الأقدام السوداء وكان العنف الجسدي الأمر الواجب التنفيذ على الجزائريين العزل.
كما قامت القوات الفرنسية بأنواعها بإطلاق النار على المواطنين العرب بالمدينة دون تفرقة بين الرجال والنساء والأطفال وإعتقال المدنيين جماعيا، ثم إرتكبت عملية الإبادة الجماعية بالملعب البلدي من طرف الكتيبة الثامنة عشر، بقيادة الضابط المجرم أوساريس الذي قام بإستعمال الجرافة لحفر خندق والردم الجماعي للجثث على طول الملعب، وكان عددهم حوالي 1500 جثة.
3. الزنزانة الضيقة والموحدة: يقوم العسكري القائم على قمع وردع المساجين بتنفيذ أوامر الضابط الفرنسي حرفيا وهذا بوضع خمسة مساجين داخل زنزانة صغيرة لا تتسع لشخصين، يبقون في تلك الوضعية الضيقة متراكمين على بعضهم لعدة أيام لا يخرجون منها حتى لوضع فضلاتهم، ومنهم المريض والضعيف البنية.
4. إدخال رأس المعذب في دلو معبأ بالماء الوسخ وقاذورات المراحيض فلا يرفع إلا يديه، كما توضع رأسه في دلو به ماء ممزوج بالصابون بعد الغسيل، كما يتم غطس رأسه في دلوين بالتداول، الأول به ماء بارد والثاني به ماء ساخن حتى يقر ويعترف ويدلي بكل ما يملك من معلومات، وشهد المعذبون بسجن واد العنب بعنابة شرب البنزين وتعليق السجين من رجليه ورأسه إلى الأسفل والقيام بضربه بالسوط واللكمات. كما يقوم المساجين بتسريح وتنظيف المراحيض باليد واللسان.
5. الكي بالتيار الكهربائي: وهي عملية معروفة في القطاع العسكري والبوليسي في كل العالم، وقد تستعمل حتى في قمع الأنظمة لأفراد شعبها الذين تعتبرهم مصدر إزعاج لها، حيث توضع أقدام المعذب في الماء ويصعق بالكهرباء، وتوضع الأقطاب بأذنيه أيضا، أما الأمر الأكثر وحشية وإنكارا يتمثل في وضع أقطاب الكهرباء على صدر الرجل أو بثديي المرأة وكذلك على الأعضاء التناسلية لكليهما، ويجد الضباط والجنود المشرفون على التعذيب متعة كبيرة وهم يضحكون ويسخرون من السجين، رجلا أو إمرأة.
6. الحرق بنار الحملاج: chalumeau (blowtorch) إذا لم تنجح الفرق العسكرية والبوليسية بعد إستنفاذ الأساليب الأولى على إستنطاق المحبوس، يتحول المعذب الصامد إلى عملية أخطر من سابقتها والمتمثلة في الحرق بواسطة آلة الحملاج أو المشعل المستعملة في تلحيم المعادن، فيحرق جسم السجين لتترك آثار وحروق بكامل الجسم، ولقد إستعلمت هذه العملية على العديد من السجناء وبطريقة واسعة.
7. الضغط تحت معصرة الزيتون: يوجد هذا الأسلوب في بعض المراكز القليلة، وهي عبارة عن آلة من الحجارة تستعمل لصعر الزيتون لإستخراج الزيت، حولت القوات الفرنسية العديد من المعاصر إلى مراكز تعذيب، يتم حصر المعذب بين دفتي المعصرة وهي آلة ثقيلة من جزأين على شكل قرص واقف، ويعمل الجندي المشرف على التعذيب بالتضييق على المعذب حتى يصرخ بأعلى صوته ولا يترك حتى يدلي بكل ما لديه من معلومات تخص المجاهدين أو يموت تحت المعصرة.
8. إستعمال الكلاب المدربة: يعتمد هذا الأسلوب الخطير على زرع مكان بحجم غرفة صغيرة بالزجاج المكسور، يوضع به السجين ثم تطلق الكلاب العسكرية المدربة التي تطارده لنهش جسمه بعدما تركت ليومين دون أكل، فلا يجد السجين ما يفعله ولا يعرف كيف يتصرف، الهروب من الكلاب وأنيابها القاتلة التي سوف تقضي عليه أو الإستسلام للأمر الواقع لعدم القدرة على الجري فوق قطع الزجاج المكسور بعد أن تمزقت قدماه الحافيتين، والغريب في الأمر ورغم بشاعة الموقف فإن الضابط والجنود المشرفون على ممارسة التعذيب يتلذذون ويضحكون من تصرفات السجناء وهم يصرخون من الألم والخوف والرعب.
9. تمزيق وجرح الجسم بالزجاج: ويقوم هذا الأسلوب على كسر قارورات الزجاج إلى قطع كبيرة، ومن ثمة تعرية السجين وإجلاسهم على فوهات القارورات وبعض المقابض في الدبر، كما يقوم الضابط بأمر الجنود والحركى بجر السجين عاريا على قطع الزجاج حتى يرى جسمه تكسوه الدماء، ونفس الشيء مع المسامير التي ثبتت على لوح خشبي ويوضع عليها السجين في عدة وضعيات حتى لا يبقى في جسمه مكان دون دماء.
10. الإغتصاب الجنسي للرجال والنساء: حيث يقوم بتعرية السجين أو السجينة التي جُند زوجها أو إبنها أو حتى أخيها ولم تستطيع قوات العدو من مسكه، فتنتقم من ذويه بهتك أعراضهم، وخاصة إغتصاب الفتيات القاصرات بالتداول من طرف العساكر والضباط الفرنسيين والحركى والمجندين الأفارقة وهي حالات قليلة. إلى جانب إجبار النساء على الرقص عاريات تحت الضغط والإكراه بالتعذيب أمام المساجين والحركى وقد حصل أن ترقص المرأة أمام ذو محرم وزبانية الإستعمار الفرنسي يدندنون ويضحكون، لأن التي لا تنفذ الأوامر ترمى إلى قفص الكلاب لتنهش لحمها حية.
11. الكي بالسجائر: وتعتبر من أخطر الأساليب حيث يتم حرق الأماكن الحساسة من جسم السجين بالسجائر أثناء عملية الإستنطاق تحت التعذيب سواء كان مجاهدا أو مسبلا أو مدنيا، رجلا كان أو إمرأة، ويتعدى الأمر إلى كي الأجفان والوجه والشعر، بل وأكثر فضاعة حيث يصل المر إلى كي الأعضاء التناسلية.
12. قلع الأظافر: عادة يقوم جنود الإستعمار بقلع أظافر السجين بالكلابين والتي تستعمل أيضا في خلع الأسنان بالقوة لتتعدى في بعض الأحيان إلى بتر الأذنين والأصابع وكذلك الأعضاء التناسلية في بعض الحالات القليلة من أجل الحصول على معلومات حول المجاهدين لكن دون جدوى ومهما حاول ضباط الإستعمار الحاقدين من زرع الخوف والحرب النفسية، فإن الشجاعة والصبر التي يتصف بهما الشعب الجزائري لا يوجدان في مكان آخر.
13. القتل والتنكيل: يقوم الضباط الساهرين على عمليات التعذيب والإستنطاق بقتل السجناء العزل دون محاكمة سواء بالرصاص أو الشنق أو الطعن بالسكين وتكرار العملية مع العديد من السجناء في كل مراكز التعذيب ومراكز الإدارة والشؤون الأهلية. إلى جانب قطع رأس السجين المقتول واللعب بالجثة أمام بقية السجناء الذين أرعبوا لهول ما رأوه من وحشية، لكن الأمر زادهم عزما وقوة وإصرارا بعدم الوشاية ولو بكلمة واحدة، فمن المستحيل أن تشي الأم بإبنها أو الأب بإبنه أو الأخ الأصغر بأخيه البطل في نطره.
14. إخفاء ودفن السجناء أحياء: وقد عمل الضباط المجرمون على دفن السجناء أحياء وردم جثثهم أمواتا، وقد حصل ذلك على سبيل المثال بالشريعة حيث وجدت مقبرة جماعية داخل مقر المركز الإداري الخاص SAS الفرنسي أو المكتب الثاني للإستخبارات دفن به حوالي 650 سجينا بعضهم كبل بأسلاك معدنية، كما عثر على مقبرتين رمي السجناء أحياء في بئرين الأول يحوي 70 سجينا والثاني 12 هيكلا ردمتهم قوات الإستعمار أحياء، ومنهم من تم إكتشافهم مؤخرا بعد عمليات حفر من طرف السلطات الجزائرية. كما عملت القوات على إغتيال بعض الجزائريين دون النظر إلى إنتمائهم أو حتى تعاطفهم مع جبهة التحرير الوطني وخاصة التصفية الجسدية التي قامت بها منظمة الجيش السريOAS بإغتيالها المحامي بن عودية، المحامي المناضل علي بومنجل، الدكتور ضربان وغيرهم.
ولقد قامت هذه المنظمة بقيادة السفاح العقيد غودار بعد الإعلان الرسمي عن وقف إطلاق النار بالعديد من أعمال القتل الجماعي والتصفية الجسدية لإطارات الجزائر المستقبلية وخلق جو من الإرهاب والرعب بالمدن والمؤسسات العامة وكذلك القيام بأعمال التخريبية لمصالح الدولة بإستعمال مجموعة من التفجيرات والحرق العمدي مست المؤسسات الفاعلة مباشرة بعد الإستقلال مثل المدارس والمكتبات والمستشفيات.
15. التـقتـيل و الإبـادة الجمـاعـية: حاولت القوات الإستعمارية الفرنسية قطع العلاقات بين الشعب والثورة بالجبال والقرى، فقامت بهدم جميع أكواخ القش ولم تبقى على كوخ واحد، وقامت مع بداية 1957 ببناء محتشدات في كل مكان من القطر الجزائري، وجمعت المدنيين داخل المحتشد الذين أحضرتهم من كل قرية أو ريف، وحتى تتمكن قوات العدو من الوصول إلى جميع سكان القرى قامت بحرق الجبال والغابات لتبقى جرداء وتصبح أماكن تجمع المجاهدين مكشوفة، وبهذا نقص التموين الغذائي على الثوار، ولكنه لم ينعدم بل بقي الشعب يبعث بما يقدر عليه ويوصل المعلومات إلى جنود جيش التحرير وهو يركب المخاطر من كل نوع، وذلك أثناء الخروج من المحتشد لتفقد الرزق مثل الأبقار أو الرعي بالأغنام والماعز وكذلك جلب الحطب من الجبال وجني الزيتون وتحصيل المنتوج الفلاحي في موسمه. وأن ما صنعه الإستعمار بالقاعدة الشرقية وبخاصة على المناطق الحدودية، تبقى في أذهان الجزائريين تلك الصور المرعبة التي ضرب بها المستعمر الفرنسي فئة المدنيين وبخاصة القرويين من الشعب، فهجّرهم مجبرين ولاحقهم في كل مكان، فلجئوا إلى التراب التونسي بالآلاف، ومن بقي وتم الوصول إليه من طرف قوات الجيش الفرنسي ضم به إلى المحتشدات ومعسكرات لاصاص المقيتة SAS.
ومن بين الإجراءات والأوامر التي أعطيت إلى قادة المراكز العسكرية الفرنسية إبادة جماعية للشعب والجيش معا، فقد كانت بعض القوات الفرنسية المتكونة من ضباط ذو أصل فرنسي – أوربي- وضابط صف من نفس الجنس ومعهما فصيلة من اللفيف الأجنبي سواء من رجال العساكر المجندين من السنغال والكونغو أو الحركى الجزائريين، وتقوم هذه الفصيلة عند تنقلها بالقرى والمداشر بقتل الرجال المدنيين للشكوك بهم، أو لإتباع الأوامر بقتل كل مدني يرفض الإلتحاق بالمحتشدات أو يشك في تعاونه مع الثوار.
إلى جانب إستعمال هذه القوات العدائية وسائل مدمرة وهدامة ضد الشعب الجزائري والإنسانية جمعاء بزرع الألغام المضادة للأشخاص بالمناطق التي يشك في عبور المدنيين والمجاهدين عبرها، فيقومون بزرعها بالألغام مثلما عملت بنفس الإجراء على خطي شال وموريس الحدوديين، حيث زرعت حقولا من الألغام المضادة للأفراد والجماعات على طول الحدود الشرقية والغربية. وقد حصدت هذه الحقول من الألغام الآلاف من الأرواح النزيهة وخلقت ورائها ما يزيد عن ذلك من معطوبين وتركتهم معاقين حركيا لكامل أو بعض الأجزاء من الجسم.
16. أساليب أخرى في قمة البشاعة: ونذكر من بينها فتح ثدي المرأة مع وضع البهارات حتى تحترق ألمًا ورعبًا، كذلك إستعمال الأفاعي والعقارب على أجسام السجناء والضرب المبرح بالسياط وعصب البقر وأيضا شطر جسم السجين إلى نصفين بعد جره بسيارتين في إتجاهين معاكسين، ووضع آلة الضغط بالماء في فم السجين ليخرج الماء من كل موضع، وغيرها من أساليب تستعمل في جميع المراكز العسكرية بالعالم.
بعد خسارة حرب ديان بيان فو أرادت فرنسا الإنتقام من جنود جيش التحرير والشعب لذلك تقوم بجمع أكبر عدد من المعلومات حول الشعب والثورة مع تدمير كل ما يمت بصلة إلى جبهة التحرير الوطني من أفراد وقنبلة القرى والمداشر بطرق عشوائية، مع إبتكار أساليب قمعية جديدة إلى أقصى درجة في الوحشية، وقد كانت تصرفات ضباطها منذ بداية الإحتلال تحاول الإنتقام والعمل على نشر المجاعة والفقر، البطالة والمرض، الجهل والأمية الذي كان ينبع من حقد دفين على الجنس المسلم منذ وطأت أقدامها أرض الجزائر، وهي التي قامت بمجازر إبادة تقشعر لها الأبدان، وكانت سببا لمجازر أخرى نفذت بأيادي جزائرية مثل مجزرة بني ولمان "ملوزة".
17. جرائم 17 أكتوبر 1961 التي جرت أحداثها بفرنسا ضد الجالية الجزائرية بعد أن تظاهرت سلميا من أجل المطالبة بإستقلال الجزائر، وما كان على حكومة فرنسا أن قامت بمجزرة أخرى أمام أنظار العالم بعاصمتها باريس، حيث قامت قوات الأمن بالتعدي العنيف بالضرب والتعذيب على المتظاهرين ومن ثم رميهم بنهر السين وكانت نتيجتها 300 قتيل و400 مفقود، قتلوا بالغابات ومنهم من تم حرقه لأسباب عنصرية، وأكثر من 9 آلاف تم تعذيبهم داخل السجون لمدة 15 يوما.
18. التفجيرات النووية لشهر أفريل 1960: قانت السلطات الفرنسية بإستعمال أسلحة الدمار الشامل والمحرمة دوليا على التراب الجزائري وضد أهداف بشرية من المجاهدين الأحرار، فكانت أولها بإستعمال سلاح النابالم والأسلحة الكيماوية السامة، والأكثر خطورة وفتكا للعنصر البشري في قيام الدولة الفرنسية بتجارب نووية، فكانت العملية الأولى والمسماة باليربوع الأبيض تمت بمنطقة رقان بالصحراء الجزائرية فجعلت الجنود المسجونين فئران تجارب، وبعد سنة تكررت التفجيرات وسميت باليربوع الأخضر وفي مارس 1965 تم القيام بعدة تفجيرات باطنية نووية. ولقد أثر الوجود النووي بالمحيط ومنها تسميم الهواء والزراعة والمياه، وعدت منطقة رقان ملوثة إشعاعيا بوجود كميات إشعاعية من اليورانيوم الذي يستمر تهديده حياة السكان وتنتشر آثاره إلى أقصى الجنوب الجزائري والحدود مع مالي ونيجر، ومن أهم أعراضه أنه يظهر حالات مرضية مروعة منها السرطان وتشويهات جسدية.
مخلفات سياسة التعذيب والقمع: مما يتضح أن الإستراتيجية العسكرية للجيش الفرنسي كانت التعذيب إلى أقصى حد، وإعتمدته بعد ذلك كعمل إحترافي ومنهج عملي فني يقوم على القساوة والإكراه وإنتزاع الممتلكات والمؤونة والكلام الفاحش والإهانة ضد المواطن الجزائري العربي، لأن ضباط فرنسا كانوا يروا في المجاهدين مجرد صعاليك ومنحرفين يحترفون العنف، ومن يلقى عليه القبض لا يعد سجين أو أسير حرب بل مجرم يمكن قتله وتصفيته دون الخضوع لقانون جنيف أو غيره، لهذا منحت السلطة الفرنسية وحاكم الجزائر سنة 1957 صلاحيات غير محدودة في قمع المدنيين وقتل عناصر جيش التحرير دون محاكمة، كما أن حاكم الجزائر لاكوست ووزير الداخلية ميتران والبرلمان كانوا على إطلاع يومي بما يجري في مراكز التعذيب وتصلهم التقارير عن الموتى تحت التعذيب، فهم بذلك قد أعلنوا موافقتهم ودعمهم لما يجري من تعدي للقوانين الإنسانية والدولية، يجعل الجرائم الحربية التي قامت بها أثناء فترة الإستعمار أشد وأكبر لتعنت حكومتها القديمة، وخاصة حكومتها الحالية بتصرفاتها على تمجيد حقبة الإستعمار وتقليد الضباط الذين قاموا بأعمال وحشية وجعلهم نموذجا ومثالا للجيش الفرنسي.
مازالت فرنسا تتدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية، كما حاولت فعل ذلك مع الجزائر أثناء العشرية السوداء وتوتر الأوضاع الداخلية بسبب إنتشار ظاهرة الإرهاب، كما تحاول اليوم التدخل القريب في سياسة الثورات الشعبية في تونس بقيام إحتفالات بباريس لإنتصار ثورة الياسمين وتدخلها المباشر في ليبيا وكذلك المحاولة مع سوريا وتجريم رئيسها أمام الرأي العام الدولي، من هنا نقول إلى متى نبقى صغارا ونقبل بتدخل مثل هذه الدول بعد ما فعلوه بنا وإرتكبوا من جرائم ضد شعبنا وهم يبغضوننا ويحقدون علينا وعلى ملتنا السمحاء، إن العلاقات السياسية بين الجزائر وفرنسا ما تزال متوترة بسبب الماضي الإستعماري الذي مازالت آثاره تنهش أجساد وتأخذ بأرواح الجزائريين إلى جانب ماتركته من آثار جسدية فضيعة ونفسية عميقة الصدمة على المجاهدين والمدنيين الذين تعرضوا لهذه الممارسات المقيتة، لكن جرائم فرنسا لن تبقى دون حساب، لذلك عليها أن تقوم في أقرب وقت بالإعتذار والإعتراف من طرف السلطات الرسمية بالجرائم الحربية وبالماضي الإستعماري المقيت وآثاره السلبية، قبل أن تتدخل الجمعيات الجزائرية المهتمة بمجازر الثامن ماي 1945 والتي تعمل على ملف التفجيرات بالقنابل النووية ومحاولة تقديمه إلى المحاكم الدولية من أجل المتابعة الفردية والمحاكمة لكل ضابط مارس جرائم ضد الإنسانية في الجزائر على غرار باقي المحاكمات لضباط حرب شرق أوربا، وكذلك العمل على فتح تحقيق دولي واسع بدل التكتم الحكومي والصمت السياسي الوطني، وقد تمتد المتابعات والتحقيقات إلى الطلب الرسمي من فرنسا للإعتذار عن الجرائم وتعويض الدولة الجزائرية والأفراد عن الأضرار المستمرة، كما تجبر فرنسا على المشاركة في تطهير منطقة الصحراء من الإشعاعات النووية والإعتناء بالأشخاص المشوهين جسديا، ناهيك عن إعادة الممتلكات الوطنية والوثائق القديمة والأرشيف المنهوب أثاء حقبة الإحتلال، ومن ثمة تسديد الديون التي عليها قبل الإحتلال.

(1) يعد المقال عنصر من كتاب لم ينشر بعد وقد نشر بمجلة الفرسان
(2) باحث في تاريخ الشرق الجزائري المعاصر


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

شكرا على الموضوع القيم

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

merci bien

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :