عنوان الموضوع : اين هي الحقيقة تاريخ الجزائر
مقدم من طرف منتديات العندليب
اين هي الحقيقة
كثيرة هي الوقائع التاريخية وشخصياتها التي يكتنفها كثير من الغموض والضبابية وتستدعي الامانة التاريخية ان تصلط عليها اضواء الحقيقة :كما هو الشان في قضية الشيخ زيان عاشور التي تفضل السيدان المجاهدان الحاج هتهات بوبكر و الحاج مخطار بازاحت الستار عن هذه الشخصية التي طعنة في جبهويتها واتهامها بالمصالية :
ـ اغتيال 34 مجاهد من الولاية الرابعة التي جاءت تطلب منه الانضمام الى الجبهة فكان الاعدام هو الجواب .
ـ محاولت التعرض للعقيد عميروش واغتياله عدة مرات.
ـ منع الجبهة لدخول الى منطقة الصحراء والتعرض لجنودها .
عدة كتابات منها كتاب عبد الكريم قذيفة والصحفي التلي بلكحل في جريدة الامة العربية وقد تم الاستناد في هذه الكتابات الى شهادات من مقربين من الشيخ زيان عاشور نفسه القائد شنوفي والمجاهد عاشور بن عبد الرحمان علي كاتبه الخاص .ومع الاسف لم تلق أي تعقيب او تصحيح ينصف هذه الشخصية الكبيرة لولا التوضيح الذي تفضل به الشيخان عبر حصة المسيرة الاذاعية التي لم تف بالمطلوب بمحدودية المجال (البث) على امواج اذاعة الجلفة التي لا تستقطب الا العدد القليل من المستمعين .حبذا لو يتفضل الشيخان بالمزيد من المعلومات والحقائق عبر منابر اكثر استقطاب وانتشار.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
لا توجد،والتاريخ مغلوط،وكل ما درسنا او اغلبه خاطئ
و ظهر ذلك الان و مزال
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
والله للاسف الشديد يبقى السؤال مطروح بل اكثر من هذا نتعلم تاريخ خاطئ للاسف ان دخلت السياسة في التاريخ فاكيد ستصبح هكذا من الغموض
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
اكيد لا يزال الكثير من الغموض
الاهم من هدا ان نبحث نحن في التاريخ الجزائري...و المقارنة بين الدراسات لمعرفة حقائق تقريبية
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
اليك هدا المقال
كثيرة هي الشهادات التي حاولت التطرق لما يعرف بقضية بلونيس ، الرجل الذي خاض حربا ضروسا ضد جبهة التحرير الوطني باسم الحركة الوطنية الجزائرية التي نشأت على أنقاض
حركة انتصار الحريات الديمقراطية التي كان مسؤولها الروحي أبو الوطنية
الجزائرية المرحوم مصالي الحاج ..
هنا محاولة لفهم ما جرى من خلال ربط الوقائع التي حدثت في المنطقة
الصحراوية التي شهدت الفصل الأكبر من هذه المؤامرة ..
يعتبر البطل القائد عاشور زيان أول قائد عسكري عمليا في المنطقة الصحراوية
التي عرفت فيما بعد باسم الولاية السادسة ..
بدأ هذا القائد مناضلا سياسيا في حزب الشعب ، ثم في حزب حركة انتصار
الحريات الديمقراطية ..كان مكلفا بالدعاية والأخبار تحت غطاء ترأسه للجنة
البطالين بأولاد جلال ، ومن خلالها كان يمارس دوره التوعوي في صفوف أبناء
وطنه ، مما دفع السلطات الاستعمارية إلى اعتقاله وسجنه أكثر من مرة ، ثم
محاولة إغرائه بالوظيفة والمسؤولية ، لكنه رفض ذلك رفضا قاطعا ..
في سنة 1953 ، تلقى الدعوة للمشاركة في مؤتمر الحزب ببروكسل ببلجيكا ، لكن
السلطات الاستعمارية منعته من السفر واعتقلته لمدة قصيرة ..
وفي ذات السنة ، ولد له طفل ، فسماه جمال عبد الناصر تيمنا بالثورة المصرية
..
بقي القائد عاشور زيان يعمل بكل الوسائل لمقاومة الاحتلال ، وفضح ممارساته
وأساليبه الاستعمارية المذلة للجزائريين ..
ليس هناك ما يكشف للدارس موقف هذا المناضل من الصراع الذي تولد بين قيادة
الحزب ممثلة في الزعيم مصالي الحاج و المركزيين ، الصراع الذي أدى في
النهاية إلى انعقاد مؤتمرين ، وانفجار حركة انتصار الحريات الديمقراطية
..وكان من نتائج بدايات تلك الأزمة مبادرة تأسيس اللجنة الثورية للوحدة
والعمل وانعقاد اجتماع الـ 22 في جوان 1954 ، والذي فيه الإسراع في إعلان
الثورة ، و تم تكليف لجنة الخمسة ثم الستة ثم التسعة للتحضير للثورة ..
تذكر بعض المصادر أن القائد عاشور زيان المناضل السياسي التقى في شهر
جويلية من سنة 1954 المناضل محمد بوضياف في بسكرة الذي أبلغه بقرار إعلان
الثورة ، وبأنه يعتمد عليه كثيرا في الصحراء ، وطلب منه التنسيق مع سي
مصطفى بن بولعيد ..وهو ما تم بالفعل ، حيث كلف سي مصطفى بن بولعيد القائد
زيان بالعمل على التجنيد وإنشاء اللجان الشعبية تحضيرا للثورة ..ولم تمر
إلا فترة قصيرة حتى تمكن من تشكيل دورية اتصال تربطه بسي مصطفى بن بولعيد..
لاحقا نعرف أن القائد زيان عاشور كان يردد أمام معاونيه و أمام المواطنين ،
سواء قبل مؤتمر الصومام أو بعده أن الثورة فوق الأحزاب ، و أكبر منها
..ولعل هذا ما يوضح جيدا تحمسه للعمل العسكري ضد المحتل ، و تنسيقه النظامي
مع سي مصطفى بن بولعيد الذي كان يعرفه شخصيا ونظاميا ..
كلف سي مصطفى بن بولعيد القائد عاشور زيان بالتحضير للثورة في المنطقة
الصحراوية ، والعمل على تشكيل نواة لمقاتلين في الجهة ..مما دفعه لمواصلة
اتصالاته التي كان قد بدأها قبل ذلك لتشكيل خلايا للثورة التحريرية ، لكنه
وليلة انطلاق الثورة اعتقل و زج به في السجن بعد أن انتبهت فرنسا لخطورة ما
يقوم به ..وفي الأسبوع الأول من شهر نوفمبر أقدمت السلطات الفرنسية على حل حزب حركة
انتصار الحريات الديمقراطية ، واعتقلت العديد من مناضليه و زجت بهم في
السجن ..
في 22 ديسمبر 1954 ، واثر حل حركة انتصار الحريات الديمقراطية ، أقدم
المصاليون على تأسيس حزب جديد سمي الحركة الوطنية الجزائرية كتنظيم سياسي
وعسكري معادي لجبهة التحرير الوطني ..
اختير زعيما عسكريا لهذه الحركة محمد بلونيس ، المناضل في حزب الشعب سابقا ،
والذي شارك في مظاهرات 08 ماي 1945 ..وتعرض للاعتقال عدة مرات ..و الوفي
لمصالي الحاج بعد انقسام الحزب ..
لقد فاجأت انطلاقة الثورة العديد من الفاعلين في الحقل السياسي ، مما حدا
باليعض إلى اعتبارها مغامرة غير محسوبة ، بينما اعتبرها آخرون سحبا للبساط
من تحت أرجلهم ..
دخلت الحركة الوطنية في مواجهات عسكرية مع جبهة التحرير الوطني ممثلة في
جيش التحرير الوطني ، ومع الجيش الفرنسي المحتل حيث بدأت نشاطها في منطقة
القبائل ..
في جويلية 1955 ، خرج القائد زيان من سجن الكدية حيث كان فيه رفقة سي مصطفى
بن بولعيد ، وبعد زيارة قصيرة لكل من العلمة وسطيف ، توجه الى بوسعادة
وعين الملح و أولاد جلال في مهمة لتجنيد مقاتلين في صفوف جيش التحرير
الوطني ..حيث كللت مهمته بالنجاح ، إذ هيأ قواعد للعمل للثورة ، وبدأ إرسال
المجاهدين الى منطقة عريعير أو فم الخرزة بالقرب من عين الريش ..وعندما
وصل أول المجندين من بوسعادة إلى عريعير ، وجدوا في استقبالهم 10 مجاهدين
هم النواة الأولى التي تشكلت بالمنطقة ..
يكلف سي الحسين بن عبدالباقي عمر ادريس و مجموعة من المجاهدين من بينهم :
مسعود شرقي ، مولود بريش ، حسين شلي ، عبدالحميد سعيدان ، ناصر علي ، سلمي
عبدالله ، عمار بوزور ، عاشور محمد الشاوي بالتوجه إلى ناحية أولاد جلال ،
في طريقهم ، تجند معهم الإخوة : أحمد بوطي ، محمد بلحاج ، المرزوقي ، و
بأولاد جلال ، كان أول اتصال لهم بمحمد بن الهادي و احمد بلكحل ، ثم
بالقائد زيان الذي كلفهم بالتوجه نحو فم الخرزة بالقرب من جبل بوكحيل ، حيث
يجدون في استقبالهم نواة جيش التحرير الوطني التي تشكلت في الناحية : لخضر
الساسوي ، الشريف الرحماوي ...
في 10 نوفمبر 1955 ، ينجح سي مصطفى بن بولعيد في الفرار من السجن ، ليبدأ
في اتصالات مع مختلف قادة النواحي لمعاودة التنسيق والتنظيم ..وهنا يتصل
بالقائد زيان الذي كان حينها في جبل بوكحيل ، و يعينه قائدا عاما للجيش في
تلك الناحية ..
في أواخر 1955 ، يصل عدد جنود جيش التحرير الوطني حوالي 400 جندي جاهز
للقتال ضد العدو ..
في فيفري 1956 ، يتلقى القائد عاشور زيان استدعاء لاجتماع بمنطقة الاوراس ،
وفي مارس يكلف عمر إدريس بقيادة الجيش خلفا له ، ويتوجه إلى الاوراس مرورا
بنواحي بسكرة حيث التقى قائد المنطقة الصحراوية سي الحسين ، ويتوجهان معا
انطلاقا من حاسي لرباع باتجاه مكان الاجتماع .
قبل انعقاد الاجتماع ، يلتقي القائد زيان عاشور بسي مصطفى بن بولعيد الذي
ما إن رآه حتى تهلل وجهه بالبشر ، واخذ في احتضانه وتقبيله ، و قال أمام
ذهول الحضور من طريقة الاستقبال : جاء الرجل الذي نعتمد عليه في الصحراء ..
وبينما هم يهيئون عشاءهم ، انفجر جهاز اللاسلكي ، واستشهد سي مصطفى بن
بولعيد وخيرة المجاهدين الذين معه ، بينما كان القائد زيان و رفاقه الستة
قد أخذوا إلى مكان آخر ليقضوا ليلتهم فيه ..
في الصباح ألقى القائد زيان كلمة تأبين الشهيد مصطفى بن بولعيد ، ثم قفل راجعا رفقة سي الحسين بن عبد الباقي ..وقبل هذا التاريخ بقليل ، كانت مجموعة من الحركة الوطنية ( المصالية ) قد اتصلت بشخص يدعى احمد ، و طلبت منه البحث عن شخص يكون مؤهلا لخلافة القائد
عاشور زيان بدعوى أنه محكوم عليه بالإعدام من المصاليين ، وبالفعل اختار لهم هذا الشخص رجلا يتميز بالغباوة والتعالي وحب المسؤولية ، ذهب إليهم في نواحي الاخضرية ، وطلبوا منه العمل على تهيئة الظروف للاستيلاء على جيش القائد زيان ..عاد محاولا تنفيذ ما طلب منه ، لكن محاولته باءت بالفشل ..بعد عودة القائد زيان عاشور ، تم اكتشاف المؤامرة ، و إلقاء القبض على احمد ، وبحكمة القائد تم إرساله إلى ناحية بسكرة للتحقيق معه بحيادية تامة ، وقام هذا الشخص بالاعتراف بكل اتصالاته ..لقد كان وراء هذه المؤامرة شخص يدعى محمد بلكحل ..وقد أحيطت هذه المحاولة للتآمر بسرية تامة حتى لا تؤثر على مسار الثورة التي كانت تشهد احتضانا
شعبيا كبيرا لها ..
في نفس الفترة تقريبا ، هاجم سي الصادق بأمر من كريم بلقاسم جيش بلونيس الذي كان في الشمال ، مما اضطره للهروب جنوبا ناحية سور الغزلان و سيدي عيسى ..
في أفريل 1956 ، يصل الى جبل زمرة بنواحي بوسعادة مجموعة من الرجال ، حيث
اتصلوا بقائد الناحية شريف شنوفي الذي اتصل بدوره بالقائد زيان عاشور للنظر في أمرهم ، كانوا جياعا وعرايا في حالة يرثى لها ، وحين استجوبهم القائد زيان قالوا له أنهم مجاهدون في سبيل الله ، و أن جبهة التحرير بالاخضرية تريد قتلهم ..عند ذاك أمر القائد زيان مسؤول الناحية بإطعامهم وكسوتهم وتسليحهم ، و مراقبتهم ...هؤلاء كانوا من الحركة الوطنية المصالية ، وقد أثبت التاريخ أنهم كانوا رأسا للعديد من الفتن والمآسي التي وقعت بالمنطقة ، ولم يكن مجيئهم مفصولا
عن المحاولة الانقلابية سالفة الذكر ، و ربما يكونون قد فروا بعد هجوم سي الصادق السالف الذكر ..في ماي 1956 ، تحاول مجموعة من جيش بلونيس التقدم ناحية جبل مناعة بنواحي
الجلفة ، لكن القائد سي زيان يكلف عمر ادريس بصدها ، وهو ما حدث بالفعل ، حيث عاد أدراجه الى ناحية سيدي عيسى و سور الغزلان ..ثم يقوم بصدهم للمرة الثانية في 10 جوان من نفس السنة بناحية قعيقع ..وفي قعيقع يقود القائد زيان معركة عنيفة ضد قوات العدو التي تكبدت خسائر فادحة في الأرواح بعد يومين من القتال أظهر فيها جيش القائد زيان استماتة و بسالة كبيرة ..وقد
لقيت هذه المعركة صدى كبيرا ..في نهاية الصيف ، يتلقى القائد زيان رسالة من لجنة من الاخضرية تقول فيها أن حدودهم تصل حتى جبل بوكحيل ، فيرد عنهم القائد زيان : في المنام ولن
يتحقق لكم ذلك ..كانت هذه محاولة ثانية من الحركة الوطنية المصالية ..
في 20 أوت 1956 ، انعقد مؤتمر الصومام ، و الذي دعي إليه سي الحواس ، لكنه
لم يتمكن من حضوره ، لم تنشر قرارات هذا المؤتمر إلا في الفاتح من نوفمبر
1956 ..بعد المؤتمر ، عقد اجتماع بمرجة أولاد بن علية ، حيث تقرر فيه الاتصال
بلجنة التنسيق والتنفيذ ، وقد أعدت المنطقة تقريرا مفصلا عن الوضع السائد بها ، عبرت فيه عن رغبتها في الاتصال بالهيئة المنبثقة عن المؤتمر حرصا على وحدة الصف ، وتم إرسال التقرير إلى يوسف بن خدة عضو هذه الهيئة بواسطة الشيخ عبد اللطيف سلطاني المسؤول في جمعية العلماء المسلمين ..
للتذكير أن مؤتمر الصومام أقر إنشاء ولاية سادسة ، و كلف سي علي ملاح
بقيادتها ، لكن القائد الجديد بقي يعمل انطلاقا من الولاية الرابعة إلى حين
استشهاده في شلالة العذاورة ..في أواخر أوت 1956 ، بمنطقة النسينيسة بأولاد رابح ، يتدخل القائد زيان لفض نزاع مسلح كاد ينشب بين كل من سي الحسين بن عبد الباقي قائد المنطقة
الصحراوية ، و سي الحواس قائد المنطقة الثالثة من الولاية الأولى ، الخلاف كان سببه كيفية توزيع المناطق ، وقد انتهى الخلاف بعد تدخل القائد زيان بأن عاد سي الحسين عبد الباقي أدراجه إلى منطقة الاوراس بعد أن حددت حدود منطقته بنواحي طولقة ...
في أواخر سبتمبر ، ينعقد اجتماع بخلوة الناجم بجبل امساعد بين القائد سي زيان عاشور و سي الحواس ، في هذا الاجتماع يتم الاتفاق على توزيع حدود المناطق بين القائدين ، و على تبعية بوسعادة و ضواحيها ...و في منتصف أكتوبر تم تكليف الطيب فرحات حميدة من طرف القائد عاشور زيان بمهمة للولاية الخامسة تتعلق بالتعاون لجلب السلاح ..كان القائد زيان عاشور
قد سبق ذلك بإرسال أفواج من المجاهدين تمركزت في قلتة الغمامتة شرق المنطقة الثامنة من الولاية الخامسة ..والتحق الطيب فرحات حميدة بنائب القائد زيان سي عمر إدريس بكاف الخوخة في جبال القعدة ، وجده مجتمعا مع مسؤول الناحية ، وبعد اللقاء سلمه الاثنان رسالة مشتركة لقائد المنطقة الثامنة بن علي بودغن المكنى بسي لطفي لاحقا ..وبينما كانا ينتظران الجواب ، بلغهما خبر استشهاد البطل القائد زيان عاشور في معركة وادي خلفون بتاريخ 07 نوفمبر في غمرة الاحتفالات بذكرى أول نوفمبر ..
لقد مثلت فرنسا بجثة الشهيد عاشور زيان حيث جابت بها أسواق عدة بلدات في المنطقة بعد أن تعمدت عرضها على الناس شبه عارية ..في محاولة للتأثير على معنويات الشعب الجزائري ..
كان جيش الشهيد القائد زيان عاشور أنذاك قد تجاوز الألف مقاتل ..فقرر البطل سي عمر إدريس العودة ، وفي ثنية القمح قرب عين الريش عقد اجتماع لقادة الأفواج ، حيث واجه سي عمر إدريس محاولة تمرد قادها كل من محمد بلكحل ، عبد القادر جغلاف ، العربي مزيان – القبائلي ، عبد القادر لطرش الذين ناوروا جهدهم في محاولة لمنع اختيار المجاهدين له قائدا خلفا للشهيد زيان عاشور ، لكن إرادة الله ، و نزاهة المجاهدين المخلصين وقفت حائلا دون محاولاتهم ، و تم اختيار عمر إدريس قائدا لجيش المنطقة الثانية من الولاية الأولى ..كان ذلك في ديسمبر من سنة 1956 ..كانت تلك محاولة أخرى للتآمر على جيش المنطقة الثانية ..وفي جانفي 1957، أعطى نجاح الإضراب الذي نادت إليه جبهة التحرير نفسا جديدا للمجاهدين ، وفي نهاية الإضراب وصلت لجنة مكلفة من طرف لجنة التنسيق والتنفيذ للاطلاع على الأوضاع ، هذه اللجنة المشكلة من كل من : محمد قادري عن الولاية الأولى و بوجمعة عن الولاية الثالثة و برفقة كل من علي بن شيبة و نورالدين مناني ..وذهبت اللجنة بعد أن أخذت انطباعا حسنا عما عاينته على أرض الواقع ..
بعدها مباشرة ، وبتاريخ 04 فيفري 1957 ، وقعت معركة الزرقة بجبل امساعد التي استشهد فيها 17 مجاهدا من بينهم قائد المعركة ميهوبي عامر بن الحاج صالح ، وفقد العدو 21 عسكريا من جيشه و جرح له 12 آخرين ..وفي أواخر ماي يتصل الجنرال صالان بمحمد بلونيس ، ويعرض عليه اتفاقا أبرم في 31 ماي 1957 ، مصادر أخرى تذكر تاريخ 07 جوان ، هذا الاتفاق جاء عقب أحداث ملوزة الدامية التي وقعت في 22 ماي ، يقضي الاتفاق بأن تمول فرنسا جيش
بلونيس ، على أن يشارك معها في حماية الطريق الوطني رقم 01 ضمن مخطط عرف
باسم مخطط الزيتونة ، و بعد الانتصار على جبهة التحرير الوطني ، يتم منحه الاستقلال الذاتي ..وتم الاتفاق على أن يرفع العلمان الفرنسي والجزائري جنبا الى جنب ...و تؤكد الكثير من الوثائق أن زعيم الحزب مصالي الحاج لم يطلع ولم يستشر في فحوى ومضمون الاتفاق ولا في مسألة إبرامه .
قد أدى إبرام هذا الاتفاق إلى مقتل أكثر من 300 مجند في جيش بلونيس عبروا عن رفضهم له ، بينما تمكن آخرون من الالتحاق بجبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني ...وفي هذه الأثناء ، وفي بداية شهر ماي ، انتقل عمر إدريس إلى الولاية الخامسة لمواصلة المساعي التي بدأها في خريف 1956، حيث وبعد جهد كبير تمكن من مقابلة قائد المنطقة الثامنة من الولاية الخامسة سي لطفي ، و حضرا معا مضمون اتفاق بينهما ، ثم قررا السفر معا إلى المغرب ، حيث وصلوا إلى وجدة في أوائل جوان ، و التقوا عبد الحفيظ بوصوف قائد الولاية الخامسة الذي رسّم الاتفاق الذي كانا يحملانه معهما ، والذي يقضي بإنشاء منطقة تاسعة يكون على رأسها القائد عمر إدريس باسم فيصل ، ونائبه الطيب فرحات باسم شوقي ، و بعد تلقيهم خبر استيلاء بلونيس على المنطقة ، تقرر تدعيم عمر إدريس بكتيبتين من الولاية الخامسة لمواجهة الفتنة ...تم ترسيم هذا الاتفاق
بتاريخ 29 جويلية 1957 ..
كيف حدثت المؤامرة ؟
ما فشل في تحقيقه المناوئون لجبهة التحرير في بداية 1956 ، نجحوا في تحقيقه
في ماي 1957 ..وفي غياب عمر إدريس ، تولى قيادة الجيش نائبه عبد الرحمن بن الحاشي ، في تلك الأثناء كان الاتفاق بين الجنرال صالان و بلونيس قد أصبح محل تنفيذ ..وتمكنت المخابرات الفرنسية و بالتنسيق مع بلونيس من اختراق جيش القائد عمر إدريس ..وبدأت العملية بإشاعة أطلقها العربي مزيان المدعو القبايلي بأن عمر إدريس ونائبه قد تم إعدامهما من طرف جبهة التحرير الوطني ، وأن السبب هو اتفاقية التنسيق بين المنطقة الثانية والولاية الخامسة التي ساهم في توقيعها عن المنطقة الثانية عبد الرحمن بن الحاشي وتمكن العربي القبايلي من مباغتة واعتقال عبد الرحمن بن الحاشي قائد الجيش بالنيابة ، ثم الحصول على ختمه الخاص الذي كان بحوزة كاتبه و أحد أقربائه ، ومن ثم توجيه استدعاءات للمجاهدين باسم عبدالرحمن بن الحاشي بعد تزوير
إمضائه ..وتم اعتقال أكثر من 100 مجاهد من خيرة القادة والمجاهدين ، هؤلاء تم تعذيبهم
وإعدامهم جميعا ..ولم ينج من المجزرة سوى محمد بن الهادي الذي تمكن من
الفرار مقيدا و الرصاص يتهاطل عليه ..وبعد ذلك أعلن محمد بلكحل وعبد القادر بن لطرش وعبد القادر جغلاف وعبدالله السلمي تأييدهم لبلونيس ، وانضمامهم إليه بمن معهم من جنود ...
سلم عبد الرحمن بن الحاشي إلى كبار الضباط الفرنسيين الذين قاموا بمحاولة إغرائه ، وحين فشلوا أعادوه إلى بلونيس ، حيث نفذ فيه الخائن العربي القبايلي حكم الإعدام في نهاية جوان 1957 .
اتخذ محمد بلونيس من حوش النعاس مقرا لإدارته لقربها من المطار العسكري الفرنسي ، وهناك سلمه الجنرال صالان العلم الجزائري بغرض التمويه و التضليل ، حيث أشاع في الناس أنه حصل على الاستقلال ، لكن ذلك لن يتم إلا بعد أن يتم القضاء على جبهة التحرير الوطني ..
أعلن نفسه جنرالا على رأس قواته بصحبة مستشاره الفرنسي إيمز ، و رجل المخابرات الفرنسي النقيب ريكول مع وحدة الكومندوس الخاصة الموضوعة في استعداد دائم لدعمه و مساندته عسكريا..و لقد استطاع الخائن محمد بلونيس أن يحشد جيشا بلغ تعداده حوالي 1200 جندي ،
معظمهم تم تغليطهم و تضليلهم ..وفي بداية شهر سبتمبر ، أصبحت حركة بلونيس محاصرة بين قوات المنطقة الثالثة بقيادة سي الحواس ، وقوات المنطقة التاسعة بقيادة عمر ادريس ..
لقد تعاونت المنطقتان بشكل تام لمواجهة المؤامرة ، حيث قامت بمعارك واشتباكات ضد قوات بلونيس كان لها الأثر الفعال في إلحاق الهزائم بجيشه ، حدثت هذه المواجهات في مختلف نواحي الجهة ، في مناعة ، بوكحيل ، نسينيسة ، قرون الكبش ، جبل امساعد ، بوديرين ، المقسم ....وغيرها ، مما دفع بقوات بلونيس إلى التقهقر للاستقرار في السهول القريبة من مراكز الاستعمار ..وكانت هذه العمليات مصحوبة بمخطط توعية سياسية يهدف إلى فضح حقيقة بلونيس
كعمبل للجيش الفرنسي ، وقد استغلت جبهة التحرير عدة نقاط لصالحها ..
- تصرفات الجنرال بلونيس الرعناء اتجاه الشعب ، و إساءة جنوده لسكان الجهة
بتصرفاتهم الطائشة ..
- اختلاف قيادة الجيش الفرنسي حول جدوى العملية ، حيث اعتبر المعارضون أنها
تصب لصالح جيش التحرير الوطني الذي كان في كل مواجهة يغنم العديد من
الأسلحة و يكسب مناصرين جدد ..
- وجود خصوم لبلونيس داخل جيشه لم يهضموا التعاون المباشر بينه وبين العدو ،
تعاون حاول إخفاءه عن بعض مقربيه ، لكنهم أعلنوا معارضته لهم بعد اتضاح العلاقة بينه وبين المستعمر..
خلال حملة التوعية السياسية ، كان التحضير جاريا لعمل عسكري حاسم ضد بلونيس
و قواته ..وبدأ الهجوم في 18 جانفي 1958 بعين معبد ، حيث كمن المجاهدون لدورية حراسة
لجيش الاحتلال ، في اليوم الموالي وقع اشتباك في البسطامة ثم في جبل قعيقع
.تمركزت قوات جيش التحرير في جبل مناعة قبالة حوش النعاس مركز قيادة بلونيس ،
تفطن بلونيس لوجودها ، فهاجمها ، حيث وقعت معركة العريقيب بجبل اولاد بن علية التي جرت على مرأى ومسمع من الجنود المضليين ،استمرت المعركة طوال النهار ، وفي المساء قرر عمر إدريس التموقع ليوم أخر بدل الانسحاب ، وقال لجنوده : احفروا قبوركم حيث انتم ، سنبقى لنواجههم ليسمع الجميع أننا ما زلنا أحياء ، و أن المعركة لم تنته ، و أن الثورة ما زالت مستمرة .. لقد حقق في هذه المعركة انتصارا باهرا بكتيبة قوامها 90 مجاهدا صمدوا كالصخور
الراسية طوال يومين كاملين لهجومات العدو المدعم بالطائرات والدبابات ، وبعد تحقيق انتصاره انسحب عمر إدريس إلى وادي مجدل ثم إلى جبل الزرقة بجبل امساعد ..
لاحقت قوات العدو جيش التحرير ، لتشتبك معه بتاريخ 25 جانفي في معركة ضارية بجبل امساعد – الزرقة – قتل فيها النقيب ريكول ضابط المخابرات قائد كومندوس التدخل السريع ..
سجل المجاهدون في هذه المعركة انتصارا كبيرا يضاف إلى سجل انتصاراتهم ..هنا يبدأ فصل آخر من المواجهة مع قوات بلونيس ، بدأه المجاهدون بمهاجمة قوات بلونيس بناحية تامسة ، وفي الغد ، ردت فرنسا على الاشتباك ، حيث دخلت في مواجهة مع جنود جيش التحرير بجبل بودنزير – جبل امساعد - وكان ذلك مؤشرا على بداية التخلي عن بلونيس ، وعن مخطط أوليفي – الزيتونة – قاد هذا الاشتباك الرائد عمر إدريس فيصل ، تم فيه قتل 30 من جيش العدو و الخونة
بينما استشهد 05 مجاهدين ..وجرح مجاهد واحد ..وفي أفريل 1958 ، تقرر لجنة التنسيق والتنفيذ تعيين مجلس قيادة للولاية السادسة كالآتي :
- سي الحواس احمد بن عبد الرزاق قائدا للولاية
- سي عمر إدريس رائدا ونائبا عسكريا
- سي الطيب جغلالي رائدا ونائبا سياسيا ..
في نفس الشهر ، حدثت معركة ثنية الجراد بجبل امساعد، التي تكبدت فيها قوات
العميل بلونيس 80 قتيلا ، وتم أسر العديد من أتباعه ..قامت بهذه المعركة
قوات مشتركة من جيشي سي الحواس و سي عمر إدريس فيصل .
لجأ بلونيس إلى الانتقام من المواطنين العزل ، حيث وفي ظرف شهر واحد –
أفريل – قام بإعدام أربعة مواطنين بدوار اسمارة بجبل امساعد ، كما أعدم 03
آخرين بقروز بجبل امساعد دائما ..
لقد كان واضحا أن الحركة الخائنة قد وصلت إلى طريق مسدود ، فمن جهة تلقت
عديد الضربات الموجعة على أيدي المجاهدين ، ومن جهة أخرى بدأت داخلها حركات
تمرد بعد أن تفطن بعض القادة إلى أن بلونيس قد غرر بهم ، وأنه قد حولهم
إلى عملاء لفرنسا ..
انفصل مفتاح عن بلونيس ، بينما قام هذا الأخير بإعدام مساعده عبد القادر
لطرش ، مما كان سببا في تشتت جيشه ، ونشوب قتال بين عناصره ، فالتحق بعضهم
بجيش التحرير الوطني ، والبعض الآخر التحق بالجيش الفرنسي ..
لقد بات الفرنسيون يخشون أن يسبق جيش التحرير الوطني إلى تصفية جيش بلونيس
والاستيلاء على أسلحته وعتاده ، مما دفعهم للتخلي عنه ، بل و القضاء عليه
بأنفسهم ..فكلفوا العقيد ترانكيي بالمهمة ، والذي كان قد خلف العقيد بيجار
على رأس الفيلق الثالث المدعم بالمظليين ..هاجم مظليو ترانكيي في البداية حوش النعاس المقر السابق لقيادة بلونيس ، لكنهم لم يجدوه ، فقصدوا جبل مناعة بحثا عنه ، لكنهم اصطدموا بقوات جيش التحرير الوطني في 09 يوليو حيث دخلوا معها في مواجهة حتى التاسعة مساء ،
وقد تصدى الثوار ببسالة لقوات العدو الفرنسي ..وعاود ترانكيي الكرة لتنفيذ المهمة التي جاء من أجلها ، حيث عثر على بلونيس بنواحي رأس الضبع – سيدي عامر - بعد أن انفض من حوله معظم رجاله ، فقضى عليه رفقة عدد قليل من أوفيائه في 14 جويلية 1958 ..
وبذلك انتهت المحاولات التي بدأت في أوائل سنة 1956 للاستيلاء على قوات جيش
التحرير بالمنطقتين الثانية والثالثة من الولاية الأولى – الولاية السادسة لاحقا – و أعيد تنظيم الولاية السادسة بداية من تجديد المجالس الشعبية ، إلى إعادة بناء الجيش الذي شهد في تلك المرحلة التحاق العديد من العناصر به
وينصر للمرحوم مصالي الحاج قوله معلقا على ما حدث : إذا صحت الأنباء التي
نقرأها في الصحف ، فإنني أجزم أن المخابرات الفرنسية ضحكت على الرجل ( يقصد
بلونيس) . عبدالكريم قذيفة
هامش :الموضوع جزء من كتاب قيد الاعداد .
مراجع الموضوع :
- مذكرة حول حياة الشهيد القائد عاشور زيان بقلم س/ع عن منظمة المجاهدين
ببسكرة .
- مطبوعة يوم دراسي حول حياة الشهيد عمر إدريس - بلدية القنطرة .
- مقالات من كواليس التاريخ للأستاذ محمد عباس ، جريدة الخبر .
- رسالة لجمعية أول نوفمبر بالجلفة ردا عن موضوع تناول قضية بلونيس .
- لقاءات موثقة مع مجموعة من مجاهدي المنطقة .
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :
تظل
الولاية السادسة التاريخية تسبح في بحر من الألغاز والاستفسارات، التي
ليست لها حلول ولا أجوبة، حيرت بذلك المؤرخين وحتى المجاهدين، أصحاب
المذكرات، وقبلهم سكان هذه المنطقة التي اختلط عليهم الحابل بالنابل، ولم
يميزوا بين الغث والسمين فيها، ولا بين من كان يعمل مع الجبهة أو مع الحركة
الوطنية، أو حتى من كان يعمل مع فرنسا، مما يستوجب الوقوف مليا أمام
الأحداث التي كانت تتراكم وتسبق بعضها البعض.
* الشيخ "زيان عاشور" سبق الجبهة في الكفاح المسلح بالصحراء
يتداول
لدى أوساط متعددة، أن الثورة المجيدة لم تصل إلى الصحراء ولا إلى بوابتها،
إلا بعد مؤتمر الصومام الذي أعاد هيكلة الثورة وأسس لتقسيم جديد. لكن ما
سيظل حقيقة ساطعة كالشمس، أن سكان الصحراء وخاصة شمال الصحراء على امتداد
بسكرة، الجلفة، الأغواط وجنوب غرب المسيلة رفعوا السلاح ضد الاستعمار قبل
وصول جبهة التحرير الوطني وجيشها منتصف سنة 1956، دون أن يعتبروا بالجهة
القائدة للجهاد، فالمهم بالنسبة لهم مواجهة فرنسا وفقط، عن طريق شخصية
اجتمعت فيها الأصالة والحداثة، ما خول لها مكانة قيادية لدى سكان مناطق
بسكرة، الجلفة، المسيلة وجزء هام من ولاية الأغواط.
وكانت هذه الشخصية
القيادية، تتمثل في الشيخ زيان عاشور أو الرجل "المرابو" كما كانت تكنيه
السلطات الاستعمارية نظرا لتكوينه الديني بتلقيه علوم الشريعة بزاوية الشيخ
بن رميلة بأولاد جلال، وحفظه للقرآن، بالإضافة إلى أنه تلقى تكوينا سياسيا
بنضاله في صفوف حزب الشعب الجزائري بأولاد جلال، حيث كان ناشطا سياسيا
مكلفا بالدعاية، وأسس لجنة الدفاع عن البطالين وفتح مقهى يتعاطى فيه الشباب
العمل السياسي. واعتقلته السلطات الاستعمارية، ثم أطلق سراحه وعاود نشاطه
السياسي، ليعتقل مرة ثانية، فاضطر بعد إطلاق سراحه للهجرة نحو فرنسا سنة
1948، وعاد للوطن سنة 1952، وظل كعهده ناشطا سياسيا إلى أن اعتقلته فرنسا
ووضعته بسجن الكدية بقسنطينة، حيث كان عدة مصاليين معتقلين بنفس السجن،
بينهم بن بولعيد والطاهر زبيري وآخرون، وجهت لهم تهمة تفجير الثورة، وفروا
من السجن فيما بعد وأطلق سراح الشيخ زيان مرة أخرى، ليعرج في طريق عودته
إلى مسقط رأسه على مدينة العملة التي كانت بها أقوى شخصية بالحركة
المصالية، الدكتور "لمين دباغين". وبأولاد جلال، أخذ في تأسيس الجناح
العسكري للحركة الوطنية من شبان المناطق المجاورة. ونشير هنا إلى أن
"الشيخ" كان كذلك رجلا عسكريا، إذ كان أحد المجندين الذين شاركوا بالحرب
العالمية الثانية.
واستقطب جيشه مجندين من (الزرقاوية) نسبة إلى البذلة
الزرقاء التي كانوا يرتادونها دربوا بالشمال وتم إلحاقهم بجيش الصحراء رفقة
مصاليين كانوا بالخارج، منهم العربي مزيان المدعو العربي قبايلي، الذي أسر
للمجاهد لزهاري بن شهرة سنة 1956 بأنهم تلقوا تعليمات للالتحاق بجيش
الصحراء الذي يقاتل تحت راية مصالي الحاج.
* جيش الحركة الوطنية يكتسح شمال الصحراء
تمركز
الشيخ زيان عاشور بعد أن أصبح لديه جيش عدة وعتاد بنواحي بوسعادة، وبدأ في
توزيع الجيش وتقسيم المناطق، موليا "محمد بلهادي" على الناحية الشرقية
للصحراء، وبلونيس الذي أصبح أسطورة الخيانة بالمنطقة على الشمال، من قعدة
حد الصحاري، وصولا إلى سور الغزلان، و"عبد الرحمان بلهادي" على المنطقة
الغربية، و"صابري" بالشمال الشرقي.
وبهذا التقسيم، اكتسح جيش الشيخ زيان
المناطق الصحراوية، أو عمالة الواحات كما تسميها السلطات الاستعمارية،
بمناطق بسكرة، الجلفة والأغواط، في غياب جبهة التحرير الوطني، مستغلا
القواعد النضالية لحزب الشعب، حيث سهلت له مهمة الوصول إلى هذه المناطق.
* التعليمة التي أصدرها "بن بولعيد" وطبقت عليه
كان
الشيخ "زيان عاشور" أحد القادة الذين حضروا اللقاء الذي دعا له الشهيد بن
بولعيد شهر مارس 1956، بتافرنت ناحية منعة بالأوراس، كي يستنفر أنصاره بعد
الانقلاب الذي تعرّض له من طرف "عاجل عجول" و"بلقاسمي"، مباشرة بعد هروبه
من سجن الكدية، وطبقا عليه تعليمته التي أصدرها عند تفجير الثورة، بوضع كل
من يهرب من السجن تحت الرقابة لمدة ستة أشهر، الأمر الذي لم يهضمه بن
بولعيد واستشهد الأخير في نفس اللقاء الذي لم يفض إلى أية نتيجة؟
* بلونيس يطلب المدد من الشيخ لوقف زحف الجبهة
لما
كان بلونيس قبل أن يغرق في بحر الخيانة علنا يقود منطقة متاخمة لمعاقل
جبهة التحرير الوطني على مشارف الولاية الرابعة، كان يتعرّض لضغوطات من جيش
جبهة التحرير الوطني، ما اضطره إلى طلب المؤونة والمدد من الشيخ زيان
عاشور، فكان له ما أراد، حيث دعّمه بكتيبة مدججة بأسلحة من مخلفات حرب
الألمان.
وفي رواية أخرى، قام بلونيس بجلب أسلحة حديثة من جهة مجهولة،
واقتصرت مساعدة الشيخ في المؤونة، ليتوجس فيما بعد خيفة من تصرفات بلونيس.
* مشاة 228 (r.a.s).. العقيد عميروش واستشهاد الشيخ زيان
بقي
الوضع منسجما بين المصاليين الذين أحكموا سيطرتهم على هذه المناطق إلى
غاية 8 نوفمبر 1956، هذا التاريخ الذي كان منعرجا حاسما في اختلاط الحابل
بالنابل ووصول الثوريين من جبهة التحرير الوطني، ومن ثم بدأ بلونيس يرتب
للتغلغل مع ريكول و آيمز ضابطي مخبارات فرنسيين، ابتداء من لقاء بني سليمان
في 31 مارس 1957.
وقبل هذا التاريخ بأسبوع، كوّنت السلطات العسكرية
الاستعمارية الفيلق المسمى مشاة 228 بقيادة جون ماري المدعو بوجي، بمنطقة
برج الآغا ببوسعادة. ويتشكّل هذا الفيلق أساسا، من المعاد تجنيدهم (les
rappeles)، تعداده 700 جندي و40 ضابط صف و5 ضباط، يتمتعون بالنفوذ ورفضوا
المشاركة في العمليات القتالية وأسس لهم هذا الفيلق لاحتوائهم نظريا.
أثناء
إحدى عمليات التمشيط التي كان يقوم بها هذا الفيلق (r.a.s) بالجلفة اتجه
جنوبا نحو مسعد وانحرف نحو الجهة الشرقية، أي منطقة عين الملح ببوسعادة،
اكتشفت طوافة هيلوكبتر مجموعة من الجنود أو "الفلاڤة"، كما تسميها السلطات
الإستعمارية، تتكوّن من 32 جنديا ولم يتمكن العسكر الفرنسي من تحديد
هويتهم، وحوصرت المجموعة التي حاولت المقاومة دون جدوى، وتم القضاء على
قائدها ومعظم جنودها، وأسر بعضهم بجبل ميمونة بعيدا عن مركز قيادتهم.
وظن
قائد الفيلق "جون ماري" أنه وقع على (الصيد الثمين)، من خلال شارة القيادة
التي كان يتقلدها قائد الجنود (هلال وثلاث نجمات)، وكان هذا الشيخ زيان
عاشور الذي تعرفوا على هويته بمساعدة أحد المأسورين.
وتزامنت عملية
التمشيط التي باشرها الفيلق مشاة 228، مع تواجد أسد جرجرة العقيد عميروش
الذي كان في مهمة لتسوية مشاكل المنطقة الأولى بتكليف من مؤتمر الصومام،
ليكتشف أن "مصطفى بن بولعيد" قد استشهد منذ مدة بعد أن تم كتم خبر استشهاده
من طرف قيادة المنطقة الأولى، بمن فيهم أخ بن بولعيد "عمر"، الذي كان يسعى
لخلافته. وقام العقيد عميروش بتحقيق كشف خيوط مؤامرة حيكت ضد بن بولعيد،
بتدبير محكم من بلقاسمي الذي أرسله مكبلا لمحاكمته بالولاية الثالثة، ومات
بلقاسمي رفقة معتقليه إثر قصف من الجيش الفرنسي فية طريقهم نحو مركز قيادة
الولاية الثالثة، وعاجل عجول الذي تلقى معه عميروش صعوبات جمة وصلت حد
الاقتتال، مما دفع بعجول إلى الارتماء في أحضان فرنسا بوساطة من والده
بزريبة الواد.
وكان عاجل عجول قبل التحاقه بالجيش الفرنسي، على علم
بمسار ووجهة عميروش نحو الجهة الغربية من الناحية الثالثة بالمنطقة الأولى
حسب التقسيم الأول (بسكرة بوسعادة جغرافيا) وهذا لاستكمال المهمة المسندة
لكل من العقيد "أعمران" والعقيد "علي ملاح"، هذا الأخير المعين من طرف
مؤتمر الصومام قائدا للولاية السادسة، والتي تدخل هذه النواحي في إقليمها
وتقع تحت مسؤوليته، واكتفى العقيد "علي ملاح" بإرسال فوج من 35 مجاهدا إلى
الصحراء لإقناع المصاليين بالعدول عن موقفهم المناوئ للجبهة، لكن المصاليين
غدروا بهذا الفوج (إلا واحدا) يوم 22/10/1956، وهو يوم اختطاف الطائرة
المقلة للزعماء من المغرب باتجاه تونس، الأمر الذي دفع بالعقيد عميروش وكان
رائدا وقتها إلى الإصرار على إنجاز المهمة ومعالجتها بالنزول إلى عين
المكان، غير مكترث بالأخطار المحدقة من جهة فرنسا أو المصاليين، على حد
سواء، لكنه تفاجأ بنبأ كاذب مفاده أن قائد الولاية الثالثة محمدي السعيد قد
استشهد، ما أرغمه على العودة يوم 01 نوفمبر 1956، تاركا استدعاء لسي
الحواس لحضور لقاء شهر ديسمبر 1956 الذي نظم لاحقا.
وتطرح عدة تساؤلات:
هل كانت مهمة فيلق مشاة 228 تتبع خطوات العقيد عميروش، بوشاية من عجول وبعض
العيون، فوقع الشيخ زيان عاشور، أم أن الصدفة لعبت دورها في هذه الأحداث؟
ما يفتح العديد من الاستفهامات والاستفسارات؟؟