عنوان الموضوع : الجزائر الى أين اخبار
مقدم من طرف منتديات العندليب
بين دستور انتقالي سيّر البلاد لفترة أطول من مدة صلاحيته، و دستور قادم لا محالة بالاستفتاء أو بالمصادقة البرلمانية، يبدو النظام الجزائري في مرحلة الاختيارات الصعبة، والمشكل أن الاختيار يتم في لا شفافية كبرى.
ما هي طبيعة النظام الجزائري؟ و أي شكل يراد أن يحمله لاحقا؟ ومالبدائل و المخاطر التي يطرحها الشكل الجديد للنظام الذي يود الرئيس اعتماده؟ وما آراء المختصين في هذا التحول الذي سيحكم البلد لعقود قادمة؟..يجيب هذا التحقيق عن كثير من هاته الأسئلة.
عاد حزب جبهة التحرير بقوة مؤخرا من خلال لسان حاله جريدة "صوت الأحرار" ليحرك ومن جديد ملف تعديل الدستور الذي أدخل منذ فترة طويلة غرفة الإنعاش بإرادة سياسية حتى توفر ظروف تسمح بإعادة إخراجه و دفعه نحو الأمام.
وكشف مصدر رفيع على علاقة وطيدة بالموضوع في تصريح "للمحقق" أن الرئيس قد طلب مؤخرا مباشرة بعد عقد مجلس الوزراء من مقربيه تحضير خطة طريق بشأن مشروع تعديل الدستور معبرا عن رغبته في معالجة الملف بأقصى سرعة وبعيدا عن أي تهويل حتى لا يفقد زمام المبادرة ويتحول الأمر إلى مجرد ديكور موجه للإستهلاك الإعلامي.
قبل الحديث عن حيثيات إعادة إخراج الملف من دهاليز قصر المرادية ليعمر لمدة قد تقصر أو تطول في نواح شارع زيغود يوسف حيث مقري المجلس الشعبي الوطني و مجلس الأمة الذين من المرتقب حسب بعض القراءات أن يصادقا مباشرة و بالأغلبية المطلوبة على النص المثير للجدل، تطرح علينا وبتركيز شديدين تساؤلات عميقة عن الدوافع الحقيقية الكامنة وراء إضاعة الرئيس لوقت طويل في التأكيد على عجزه عن ممارسة صلاحياته بسبب ما أسماه غموض النظام الجزائري و " شذوذه" مثلما صرح في الكثير من المناسبات وما هي صورة النظام الذي يود تكريسه في الجزائر وسط تخوف من توفر نزعة لدى البعض للعودة بالجزائر نحو الوراء من خلال النزوع نحو فردانية سلطة الرئيس.
" النظام السياسي الجزائري وليد الأزمات و التطورات الاستثنائية"
لقد شهد النظام الجزائري منذ بداياته الأولى ولادة عرجاء و تميز بسواد منطق ردة الفعل العكسية الناتجة عن الأزمات و الكوارث فكانت التغييرات التي تطرأ على المنتظم تأتي بعد نكسة أو ثورة معينة.
جاء دستور 1989 مباشرة بعد أحداث أكتوبر الدموية ثم عدل في 1996 بعد سنوات من إلغاء المسار الإنتقالي، وبعد فترة من الإستقرار دشن الرئيس الحالي موجة الإنتقادات الموجهة لدستور سلفه حيث بدأت تتعالى الأصوات المطالبة بضرورة تغييره من أطياف السياسيين الذين الكثيرين منهم لم يكونوا على دراية تامة بنوايا الرئيس سوى الحديث عن قصور في الدستور الحالي وإشاعة غموضه والسعي لإبراز عيوبه الموضوعية منها و الوهمية. وقبل الحديث عن نمط الحكم الذي يود الرئيس بوتفليقة إرسائه في الجزائر وشكل السلطات التي ستفرز من خلال النصوص الجديدة التي يتم تمحيصها في "مخبر صناعة النظام" كان لابد أن نطرح إشكال آخر يتعلق أساسا بدواعي القيام بهذه الخطوة.
هل نحن بحاجة لدستور جديد سؤال توجهنا به للدكتور بوجمعة صويلح رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمة فكان تأكيده على أن دستورنا الحالي كان وليد فترة إنتقالية وبالتالي رافقته الكثير من الأحكام الإنتقالية و اليوم فإنه يرى أن "فترة الإستقرار التي تشهدها الجزائر تتطلب إضفاء بعض المرونة عليه بما يتماشى مع وضع السلطات و التوازنات الكبرى في البلاد".
من جانبه يذهب الباحث الأكاديمي الدولي وأستاذ العلوم السياسية المحاضر في عدة كليات محلية وأجنبية محند برقوق بعيدا من خلال وضع الموضع في إطار محاولات خلق الشروط الأساسية لبعث تركيبة سياسية تساهم في تعزيز الحلول الأمنية و السياسية المعتمدة للأزمة الجزائرية المتعددة الأوجه و الأبعاد وهذا من أجل بناء تركيبة سلطوية تتوافق وقيم المشاركة السياسية لخلق شروط الإستقرار و الفعالية.
"نحو تكريس هيمنة الرئيسإن كان البعض أقر بأن المنتظم الجزائري يعيش مرحلة لا إستقرار ناتجة أساسا عن الفوضى التي عرفها النظام منذ بداية التسعينيات ولم تفلح الجهود المبذولة لتكريس "دولة الحق و القانون" وهو المشروع الذي ترفعه السلطة منذ عقود طويلة فإن الكثير من المراقبين يؤكدون أن الخلل يكمن أساسا في الفرد و ليس في الإطار القانوني و المؤسساتي للدولة الجزائرية.
وتفويضه سلطات مطلقة"
بالرغم من أن الفقهاء في القانون الدستوري يصنفون النظام الجزائري المستنسخ من نظام الجمهورية الخامسة الذي اعتمدته فرنسا في 1958 في خانة الأنظمة الشبة رئاسية إلا أن رئيس الجمهورية وبعض الفاعلين السياسيين تبنوا نفس الخطاب وأكدوا على النظام الجزائري غامض ولا يحدد بدقة طبيعة العلاقات الموجودة بين مؤسساته ولا يضع خطوطا واضحة أمام سلطاته.
وفي دراسة تحليلية معمقة و مقارنة لأنظمة دول عديدة بأوربا يستخلص الفقيه مريس ديفرجي في عدة مؤلفات له وأبرزها المؤسسات السياسية و القانون الدستوري الصادر له في سنة 1955 عن دار ثيما إلى تحديد خصائص تلك الأنظمة و يصنفها في خانة الأنظمة الشبه رئاسية لكونها لم تكن رئاسية مثل نظام الولايات المتحدة الأمريكية كما أنها لم أنظمة برلمانية وهي بالتالي إستخلصت بعضا من خصائص كل منهما مع تعزيز لسلطات الرئيس الذي لديه عدة صلاحيات و وظائف أخطر بكثير من اللتي يحوزها الرئيس في الدستور الأمريكي.
ويؤكد ديفرجي في كتابه الجمهورية الخامسة على أن هذا النظام هو الأحسن للمنتظمات التي تعرف تعددية سياسية و تتميز بوجود حساسيات كثيرة في المجتمع.
ومن خلال دراسة معمقة للنظام الجزائري المعتمد من خلال دستور 1996 نجد أنه مطابق تماما للدستور الفرنسي ولا توجد بينهما إلا بعض الفروقات الطفيفة وهو قد حقق إستقرارا للمنتظم الفرنسي الذي عاش أزمات كثيرة و إنقلابات قبل إعتماده من قبل الرئيس الأسبق الجنرال دوغول وهو ما ساهم مثلما يؤكد فقهاء القانون الدستوري في إعادة بعث الطبقة السياسية الفرنسية التي تعتز بالمكتسبات المحققة من خلال هذا الدستور الذي يساهم في تحقيق الإستقرار.
ويمكن الفرنسيون كلمة الفصل فيما يخص رسم تشكيلة الحكم حيث بإمكانهم أن يضعوا كل الأوراق بيد الرئيس الذي قد يمكنوننه من الأغلبية المطلقة في البرلمان و بالتالي قضاء فترته الرئاسية في هدوء كبير من أجل تنفيذ برنامجه الإنتخابي كما أنه بيد الناخب الفرنسي سلطة تقدير أمر تقسيم السلطة بين الرئيس و معارضيه من خلال منح الأغلبية في البرلمان للتيار المنافس.
ويسقط المراقبين الأمر على الجزائر التي تتميز بوجود تعددية حزبية وبوجود حساسيات مختلفة في المجتمع لابد أن تكون ممثلة في السلطة التي لو توفرت الإرادة السياسية لسارت الأمور على أحسن ما يرام لأن الدستور الحالي أو النظام الشبه الرئاسي يخول الرئيس صلاحيات مطلقة فهو من جهة رئيس السلطة التنفيذية وله برنامج تعكف حكومة يختارها هو بنفسه على تطبيقه وله صلاحيات مطلقة حيث بإمكانه أن يقيل الحكومة في أي لحظة دون وجود أي ضابط معين كما أنه يمكن له أن يحل البرلمان متى أراد أو توفرت ظروف معينة.
وخول الدستور الحالي الرئيس سلطة خطيرة لا يحوزها أي رئيس في جميع الأنظمة و هي التشريع حتى المشرع الأمريكي لم يخولها للرئيس الذي وإن كان يحوز على سلطة مطلقة في المجال التنفيذي فإنه لا يملك أية صلاحية تشريعية كما أن تدخله في هذه السلطة محدود عكس نظامنا الحالي الذي خوله تلك السلطة التي مارسها الرئيس بوتفليقة دون غيره من الرؤساء الذين حكموا الجزائر.
وأصدر الرئيس بوتفليقة خلال الفترة التشريعية الماضية أكثر من 9 أوامر رئاسية معظمها لم تكن في حالات مستعجلة أو إستثنائية مثلما ينص على ذلك الدستور.
"سلطات مطلقة... وصلاحيات واسعةعند البحث و التقصي عن الدوافع الحقيقة الكامنة وراء رغبة الرئيس في تعديل الدستور الحالي الذي انتقده بشدة لم تتضح لنا بصورة دقيقة معالم النظام الذي يرغب في تحقيقه في الجزائر.
فهل من مزيد؟"
انحازت مسودة الدستور التي أشرف عليها مناضلو وخبراء حزب جبهة التحرير الوطني الذي سلمها للرئيس الذي اعتمدها مثلما كشفت لنا مصادر مقربة منه على دراية بالموضوع أرضية عمل إلى إعتماد النظام الرئاسي مع الإحتفاظ بالكثير من خصائص النظام الحالي.
ويؤكد خبير قانوني كان من بين الذين أشرفوا على دستور 1996 على أن محرري المشروع الحالي لم يضعوا نصب أعينهم سوى إرضاء الرئيس و تحقيق رغباته دون أن يعطوا أي أهمية للمعايير الواجب إحترامها في إعداد مشاريع سترسم ملامح نظام دولة من المفروض أن يعمر طويلا لا أن يكون مرتبطا بنزوة شخص معين مهما كانت صفته أو طبيعته.
يؤكد الأستاذ ابراهيم بولحية نائب رئيس اللجنة القانونية بمجلس الأمة في تصريح للمحقق أنه مع ضرورة إعتماد النظام الرئاسي في الجزائر لكنه وضع شرطا اعتبره أساسيا وهو أن يأخذ بجميع معاييره و مقتضياته لكونه برأيه هو الأصلح لتسيير البلد وهو يتضمن سلطات متوازنة بحيث يضمن أن لا تهين أي سلطة على أخرى من خلال مبدأ الفصل المتوزان بين السلطات.
ويعود أستاذ القانون بكلية القانون الدكتور بوجمعة صويلح بخصوص مسألة النظام المراد إرسائه إلى ضرورة الأخد بعين الإعتبار بخصوصية البلد و المراحل التاريخية التي طبعت مساره إضافة إلى الظروف المتعاقبة التي عاشها النظام حتى يتم إختيار المنهج المناسب لتسسير الدولة.
اللاعب الأوحد و الوحيد في الساحة
وبخصوص طبيعة النظام المراد تحقيقه في الجزائر الذي يعتبره محررو الوثيقة التي اطلعت المحقق على نسخة منها نظاما رئاسيا بصلاحيات واسعة و مطلقة للرئيس مع إضفاء بعض التعديلات على مسألة الرقابة على الحكومة التي تكون فردية على وزير معين يؤكد الخبير الدولي و المستشار لدى منظمة الناتو محند برقوق أن النظام الرئاسي شكلان على المستوى النظري صلب ولين.
الشكل اللين للنظام الرئاسي بحد قول الدكتور فهو الأصلح للأنظمة التي تعيش حالة تعزيز ديمقراطيتها لأنها تتميز بصلابة مؤسساتها التعددية ولها كفاءة برلمانية أي أنها تتمتع بالشروط المناسبة للاستقرار. أما الشكل الصلب للنظام الرئاسي فهو أصلح باعتقاد الباحث المتخصص في الدراسات الإستراتيجية للأنظمة التي تخرج من حالات الأزمات السياسية و تعيش ضعف في النهج الديمقراطي وهو ما يتطلب برأيه جعل مركز النظام في مؤسسة الرئاسة. ويحبذ الدارسين و الفقهاء الدستوريين في نظر الباحث النظام الرئاسي اللين لقدرته على خلق شروط الإستقرار و بناء مؤسسات ديمقراطية بشرط توفر رغبة في تكريس الحقوق و الحريات الفردية وصيانتها و تفادي النزوع نحو الفردانية حيث يؤكد قائلا" في حالة عدم وجود حدود سلطوية واضحة وفي حال عدم وجود ضوابط قانونية و مؤسسات مدنية فهناك إحتمال إنحراف و تكريس للإستبداد في السلطة.
ديكتاتورية وحكم مطلقيؤكد الخبير في الدراسات السياسية المقارنة الأستاذ ييف ميمي في كتابه السياسة المقارنة في الديمقراطيات في دراسته لشكل الأنظمة السياسية المعتمدة في الكثير من الأنظمة على النظام الرئاسي في حال طبق في بلدان لا تحترم فيها القوانين ولا تمارس مؤسساتها جميعها صلاحياتها المحددة تؤدي في نهاية المطاف إلى خلق نوع من الديكتاتورية الشمولية وهو ما استدل به بتجارب الكثير من البلدان التي اعتمدت هذا النمط من الحكم في دول أمريكا اللاتينية أو في مصر.
تحت مظلة الدستور
هل ستصنف الجزائر لو اعتمدت النظام ذاته في نفس خانة تلك الدول المستبدة أنظمتها أم أنها ستفرز ممارسات ديمقراطية؟ وهل سيساهم الدستور الذي أمر الرئيس بإعادة فتح النقاش حوله في تحقيق الإستقرار للنظام السياسي الجزائري الذي يعاني من عدة أزمات أم أنه سيساهم في تكريسها؟
وهذا الطرح هو الذي تؤكد عليه الوزيرة السابقة و المعارضة للنظام ليلى عسلاوي التي كشفت في تصريحات لها عن استعداد من السلطة لإضفاء هيمنة الرئيس على كل السلطات وجعلها تابعة لمؤسسة الرئاسة وهو أمر بدأ مسار تنفيذه في الواقع قبل أي حديث عن تعديل للدستور وعن صيغتة العملية هل ستكون من خلال استفتاء شعبي لن يشارك فيه المواطنين أم من خلال المصادقة عليه بأغلبية نواب البرلمان الموالين للسلطة.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
السلام عليكم
في الحقيقة كل الدول المتخلفة (السائرة في طريق النمو) تعمل بمبدأ لكل رئيس دستور وليس الجزائر فقط.
وهذا التعديل في الدستور الهدف منه في اعتقادي كما ذكر في اخر المقال هو زيادة صلاحيات الرئيس وفتح مدة الرئاسة الى الى مدى الحياة مثل سائر دول العالم الثالث المتخلف.وبالتالي يحتفظ نفس المسؤولين بمناصبهم، ويوهمون الشعب بان لايوجد بديل احسن من الحالي.
كما ان المعارضة الحقيقية مثل التي كان يقودها بن فليس و الدكتور الابراهيمي و جاب الله قد اعدمت، ولم يبقى سوى معارضة شكلية نرى فيها الاحزاب الاسلامية تتحالف مع الاحزاب العلمانية في سبيل تحقيق اغرضها.
انا اتساءل مذا لو حكم الجزائر حاكم مستبد و استغل هذاالدستور ليبقى في الحكم مدى الحياة.
ملاحظة. هذا رايي الخاص.
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
السلام عليكم
في الحقيقة كل الدول المتخلفة (السائرة في طريق النمو) تعمل بمبدأ لكل رئيس دستور وليس الجزائر فقط.
وهذا التعديل في الدستور الهدف منه في اعتقادي كما ذكر في اخر المقال هو زيادة صلاحيات الرئيس وفتح مدة الرئاسة الى الى مدى الحياة مثل سائر دول العالم الثالث المتخلف.وبالتالي يحتفظ نفس المسؤولين بمناصبهم، ويوهمون الشعب بان لايوجد بديل احسن من الحالي.
كما ان المعارضة الحقيقية مثل التي كان يقودها بن فليس و الدكتور الابراهيمي و جاب الله قد اعدمت، ولم يبقى سوى معارضة شكلية نرى فيها الاحزاب الاسلامية تتحالف مع الاحزاب العلمانية في سبيل تحقيق اغرضها.
انا اتساءل مذا لو حكم الجزائر حاكم مستبد و استغل هذاالدستور ليبقى في الحكم مدى الحياة.
ملاحظة. هذا رايي الخاص.
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
انا معك ا خي
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :