عنوان الموضوع : ساترك لكم العنوان
مقدم من طرف منتديات العندليب

سكان يمنعون من تقييد أبنائهم وتدربسهم ويعيشون على الهامش
"أبارتيد" وتمييز عنصري في جزائر القرن الواحد العشرين
في دولة الحق والقانون التي ترسى فيها يوميا الشعارات التي تكفل العدل والمساواة بين المواطنين التي يحميها الدستور لا يزال حتى الآن سكان جزائريون من عرش أولاد رابح المتواجد بولاية المسيلة، يعانون من تمييز عنصري رهيب، حيث يُحضر عليهم التسجيل بدفاتر البلدية، واستخراج شهادات الميلاد لأبنائهم، ولا تمنح لهم شهادات الإقامة، ولا تبرمج لهم أية مشاريع تنموية، ولا يتمكنون من الحصول على أدنى الحقوق، وأولادهم محرومون من الإلتحاق بالمدارس والعلاج كسائر أقرانهم·
تحقيق: سليمان حاج ابراهيم/ لمجد ناصر
حينما تصل إلى قرية أولاد رابح، الواقعة ببلدية سيدي محمد، التي تبعد حوالي 30 كلم عن مدينة بوسعادة، تجد في المدخل يافطة كبيرة كتب عليها "هنا تتوقف الحياة وأنت الآن خارج نطاق المدنية والحضارة"·

في داخل القرية لا تتوفر الكهرباء ولا الماء ولا شبكة الهاتف، أكثر من هذا، فإن خطوط الكهرباء تتوقف على بعد كيلومترين من حدود القرية، بل إنها تمتد ورائها وأمامها وفي كل اتجاه عداها، أما الماء فهو حكاية أخرى، إذ لا تمتد أنابيب التزويد بالماء الشروب، أما البئر الوحيدة التي حفرها السكان المحليون فقد تم ردمها من طرف السلطات، ومُنعوا من إعادة حفرها!

أبناء السكان المحليّين يمنعون من التمدرس داخل تراب منطقتهم، إذ ترفض بلدية سيدي محمد ـ التي يتبعون لها ـ إعطاءهم وثائق الإقامة، ما يجعلهم عاجزين عن تحضير ملف التمدرس، ويضطرهم لتسجيل أولادهم في مناطق أخرى تبعد عنهم بعدة كيلومترات·

لا مرافق صحية، ولا مؤسسات عامة في هذا المكان، أما الأراضي الفلاحية فتكاد تتحول إلى أرض بور بعد أن منع عنها الماء، ما يعطي المعنى الحقيقي لعبارة "هنا تتوقف الحياة" المكتوبة في مدخل القرية·

كانت الظاهرة غريبة، وكان لا بد من البحث عن أسبابها·

"عمي النوي···أي فرق بين الإستعمار والإستقلال"

جلسنا القرفصاء على أرض مقفرة تكاد حجارتها تنطق بالمعاناة لنسمع حديث الحاج النوي عامر بن رابح أحد سكان المنطقة، الذي تجاوز عقده السابع، أن ما نراه هو تمييز يطال سكان عرش معيّن اسمه "أولاد سيدي رابح" من طرف عرش آخر اسمه "أولاد سيدي زيان" الذين يمسكون بالإدارة المحلية في المنطقة·

ويستغرب الشيخ من تعرض "مواطنين جزائريين للإظطهاد من طرف آخرين هم أبناء عمومتهم" ويتسائل كيف أنه "بعد حوالي نصف قرن من استقلال البلاد يمنع مواطنون من تسجيل أبنائهم في دفاتر الحالة المدنية والتمدرس الذي يعد حقا مكفولا بدستور الجمهورية" وينطق بالجملة القنبلة وبمرارة "أي فرق بين الإستعمار والإستقلال إذا كانت معاناتنا لا تزال ممتدة رغم الإستقلال الذي لم يغيّر من واقعنا أي شيء، إذ لا تزال بومصيص ـ اسم إقليم اولاد رابح ـ على حالها كما تركها المستعمر·"

ويؤكد مواطن آخر أن مآسيهم كلها كانت بسبب الإقصاء الذي يتعرضون له من قبل أبناء عرش زيان الذين يسيّرون البلدية التي تقع أراضيهم في إقليمها الذين "يحاولون بكل ما أوتوا من نفوذ وسلطة وقوة أن يجبروهم على مغادرة تلك الأراضي للإستحواذ عليها وينعموا بها"·

"هنا تتوقف الحياة"

يسألني الرجل الذي كان التأثر باديا على محياه، هل ترى مظهرا للحياة هنا؟ وفعلا لم نكد نلتفت يمينا ثم يسارا حتى تشكلّت بوضوح ملامح صور البؤس والحرمان التي لم يمكن ممكنا مواراتها ولم نجد سوى فضاء خاليا شيّدت فيه على بعض الجنبات بيوت موغلة في القدم، هذا إن سميناها بيوتا، وربما كان يمكن أن نسميها أكواخا بنيت من طوب· وبدأنا نتصور حال هؤلاء السكان في فصل الشتاء حينما تتلبد السماء بالغيوم وتنهمر الأمطار وتسقط الثلوج على المرتفعات، وتساءلنا كيف بوسع أطفال هؤلاء القوم أن يشعروا بالدفء إن لم تكن لديهم وسائل التدفئة التي تشتغل بالغاز والكهرباء التي لا يرونها إلا في الطريق، حيث تتوقف أعمدتها على بعد 2 كلم من أرض أولاد رابح·

ويضيف مواطنون آخرون "مالذي قدمه لنا البلد بعد تضحيتنا بأكثر من 600 مجاهد وشهيد شاركوا في الحرب التحريرية··· إن فرنسا ذاتها لم تمنعنا من حفر الآبار لسقي أرضنا العطشى مثلما يقوم حاليا مسؤولون محليون"

"الكهرباء·· طبعا لن تأتي"

الغريب أن المجلس الولائي للمسيلة تذكر بعد 40 سنة من الإستقلال أن إحدى قرى المنطقة بلا كهرباء، فخصص للعملية غلافا ماليا، وأقر الوالي السابق المشروع وأمضى على تلك المداولة، غير أن من سماهم المواطنون بـ "اللوبي المتطرف والعنصري" تمكنوا من الدوس على قوانين الجمهورية وحوّلوا المشروع نحو أراضي غرمائهم "أولاد زيان" رغم أنهم يحوزون الكهرباء والإنارة الريفية والطرق المعبدة والمدارس والمصحات·

"القطرة التي أفاضت الكأس"

يؤكد ممثل عرش أولاد رابح، الحاج النوي، الذي تكفل منذ التسعينيات بالموضوع، أن كل صرخات السكان ذهبت مع الرياح، وأن النقطة التي أفاضت الكأس هي قضية الفلاحين غير المسجلين في الغرفة الفلاحية، حيث منع فلاحو أولاد رابح من الإستفادة من برامج الدعم الفلاحي التي أقرتها الحكومة، ووجهت إلى غرمائهم· بدأت الحكاية بعد حل التعاونيات الفلاحية نتيجة لإلغاء قانون الثورة الزراعية، حيث "حاول المجلس البلدي المسير حصرا من أولاد زيان منح عقود تعويض الملكية المؤممة على عهد الثورة الزراعية للفلاحين داخل أراضي أولاد رابح حصرا، حيث أرغم هؤلاء على التضحية بأراضيهم لتعويض أخطاء الدولة" وقد رفض سكان بوبصيص تلك القرارت وحاولت السلطات المحلية استخدام القوة العمومية، وانتقلت القضية إلى المحاكم ولا زالت مستمرة إلى حد الآن·

"رسالة إلى السلطات العليا"

تحصلت "المحقق" على رسالة مؤرخة في 12 جوان2016 موقعة من طرف 99 شخصا من سكان مواطني بلدية سيدي محمد الممثلين لسكان منطقة بومصيص المقهورة على حالها وموجهة لكل السلطات العليا في الدولة الجزائرية بغرض تغيير الواقع المر الذي يعيشونه، غير أنها لم تلق حتى الآن أي صدى إيجابي لدى الجهات المعنية·

وتتحدث الرسالة عن استغلال النفوذ وسوء استعمال السلطة وبسياسة الإقصاء التي تعرضوا لها منذ الإستقلال ومحاولات البلدية إشعال نار الفتنة بين السكان من خلال القرارات المتخذة في حقهم، وتضيف إنهم "راحوا يستخدمون كل الوسائل والحيل بغرض إبعادنا عن هذه المنطقة لا لسبب سوى كوننا لا ننتمي عرقيا لعرش أولاد سيدي زيان، لهذا أحاكوا ضدنا قرار إنشاء تعاونية وهمية وتنصيبها في المنطقة المذكورة لإشعال نار الفتنة والضغينة بين مواطني العرشين"·

وتضيف الرسالة أن البلدية قامت في بداية شهر جوان 2016 بأعمال التقسيم لأراضيهم وذلك باللجوء للقوة العمومية وبالإستعانة بأعوان الحرس البلدي الحائزين على أسلحتهم، بالرغم من أن الأرض مثلما تختم الرسالة تعود ملكيتها لعرش أولاد رابح مثلما تشير كل المخططات التي يحوزون عليها والتي تحصلت المحقق على نسخ منها، تعود لأولى سنوات الإستقلال ولديهم مخطط مصادق عليه من طرف الإدارة الإستعمارية ·وقد حكم المجلس القضائي بالمسيلة في الدعوى المرفوعة إليه في جلسته العلنية المنعقدة بتاريخ 18 نوفمبر 1990 تحت رقم 761 برئاسة عبد العزيز مشيش والتي حصلت "المحقق" على نسخة من الحكم على براءة سكان بومصيص من التهمة الموجهة لهم من قبل البلدية التي تأسست ضدهم بدعوى التعدي على ممتلكات الغير، حيث أكدت المحكمة "بعد الإطلاع على ملف القضية والوثائق المرفقة به، يتضح أنه لا يوجد أي قرار يمنع هؤلاء من استغلال الأرض المتنازع عنها···"·

"حينما يركل مواطنون "متنفذون" قوانين الجمهورية"

حينما وصلت القضية إلى طريق مسدود قام الوالي الأسبق للمسيلة حامدي بلقاسم الذي حُوّل إلى قالمة في ديسمبر 2016 بتشكيل لجنة كلفت بمهمة إيجاد حل نهائي للمشكلة وأسند رئاسة اللجنة للرائد خير الدين شريف عضو مجلس قيادة الولاية السادسة وعضو مجلس الأمة، بالإضافة إلى أعيان وعقلاء المنطقة وممثلين عن الطرفين المتنازعين، حيث عقدوا العشرات من اللقاءات الدورية وتنقلوا إلى المحل المتنازع عليه ليتوصلوا في النهاية لجملة حلول واقتراحات سجلت في محضر معاينة موقع من طرف أعضاء اللجنة جميعا تحصلت "المحقق" على نسخة منه· واعتمد الوالي توصيات اللجنة وحاول من خلال مقرراتها إيجاد حل للأزمة المستعصية، إلا أنه جوبه بصد ومعارضة أطراف لا تزال حتى الآن تعرقل المبادرة، مثلما أكد بن الضيف حاج لعلى الذي اجتمعت اللجنة في بيته· من جهته أكد "للمحقق" المجاهد شريف خير الدين الذي ترأس اللجنة على ضرورة توفر الإرادة السياسية على أعلى المستويات من أجل التوصل لحل نهائي يجتث من الأعماق جذور المشكلة ويعيد الحق لأصحابه·

الوالي: "الموضوع محل مزايدات"

يعتبر والي ولاية المسيلة الحالي، السيد منعة محمد الصالح، أن قضية بومصيص أو العنصرية التي يتعرض لها مواطنون جزائريون "سببها تفاقم المشكل الذي يعود لسنوات خلت وانعدام الجدية في معالجته منذ 1991 وهو ما جعله يخضع لمزايدات أدت إلى استفحاله· ويؤكد الوالي في تصريحه لـِ"المحـقق" إنه لنزع فتيل الأزمة والقضاء نهائيا على النزاع، لا بدّ من فرض سلطة القانون على الجميع·

من جانبه، يعتبر رئيس المجلس الشعبي البلدي لسيدي محمد، المنحدر من عرش أولا سيدي زيان، أن الوالي قد أوفد لجنة مشكلة من عدة قطاعات من أجل تسوية الموضوع، حيث اجتمعت بممثلي كلا الطرفين وقدمت اقتراحاتها ونحن بدورنا نؤكد على "ضرورة تحديد معالم أراضي البلدية ولا نزال منذ أكثر من شهرين ننتظر نتائج عمل هاته اللجنة"·

وفي انتظار اتخاذ الإجراءات اللازمة، يتسائل سكان بومصيص عن الجهة التي لديها الشجاعة الكافية لتسوية الموضوع وردع المعتدين، وقبل ذلك يطالب هؤلاء السكان من السلطات العليا في الدولة الجزائرية التي لا يشعرون مثلما أكدوا لنا بوجودها الحقيقي والفعلي بإعادة ضم أرضهم إلى تراب بلدية أخرى سواء عين فارس أو محمد بوضياف حتى تتجاوز المشكل وتعاد حقوقهم المسلوبة ويصبحوا مواطنين عاديين مثلهم مثل سائر كل الجزائريين، بالرغم من أنهم مثلما صرحوا لنا في نهاية الحديث الذي جمعنا على أرضهم، دفعوا دمهم غاليا في سبيل أرض بلدهم الذي تنكر لهم بعد الإستقلال· حتى أبنائهم محرومون من أدنى الحقوق التي يتمتع بها آخرون غير بعيد عنهم


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.....

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

استغفر الله العلي العظيم من كل دنب عظيم

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :