عنوان الموضوع : أحد البارونات يروي تجربة 11 سنة من التهريب ...
مقدم من طرف منتديات العندليب
سمعنا كثيرا عن بارونات التهريب وحتى الصحافيين كتبوا عنهم كثيرا دون أن يعرفوهم لصعوبة العثور عليهم، لأنهم بصراحة يعملون في الخفاء، ويديرون شبكات تهريب محلية ودولية ويتعاملون بالملايير دون أن يعرفهم أحد، فحتى العاملين في هذه الشبكات لا يعرفون الرأس الذي يديرهم أو الشخص الذي يعملون لصالحه، وكل الرؤوس قد تقع في الفخ إلا هؤلاء، لأنهم ببساطة يعملون في الخفاء، ويشغلون العديد من الأشخاص مقابل أجور خيالية، لتنفيذ مخططاتهم لتهريب البشر والمخدرات ومختلف أنواع المواد.
هذه المرة التقينا بأحدهم وهو شاب لا يتجاوز 33 ربيعا، وهو من أحد المناطق الداخلية للوطن عمل كمهرب لمدة 11 سنة، كانت مليئة بالمغامرات قبل أن يقرر التوقف عن هذه الحرفة بالنسبة إليه، منذ سنة ونصف تقريبا، ليتحول إلى تاجر كبير في النفايات الحديدية.
لم يكن لقاؤنا بهذا البارون مبرمجا، وإنما كان صدفة، وقد اشترط علينا مقابل كشفه لأسرار المهربين وحيل التهريب بعض الضمانات لحماية نفسه من هؤلاء، فقد طلب منا عدم ذكر اسمه، خوفا على حياته بعد تعرضه ليلة عيد الأضحى الفارط إلى اعتداء بالسلاح الأبيض من قبل مجموعة من الأفراد في إحدى الولايات، بإيعاز من أحد التجار الكبار الذي كان يتعامل معه، وهي القطرة التي أفاضت غيض محدثنا الذي قرر فتح قلبه لنا ليروي مغامراته في التهريب والحيل التي يستعملها المهربون في تهريب المخدرات.
دخلت مغنية كمتشرد لمعرفة خبايا التهريب
يقول بوعلام، وهو الاسم الذي اتفقنا على إسناده له، ''كانت بدايتي الأولى مع التهريب في سنة 1993 عندما دخلت إلى منطقة مغنية، التي كنت أسمع عنها الكثير بأنها منطقة للثراء، فقررت حينها الذهاب إلى هناك، وانتحلت شخصية متشرد مجنون لمدة ثلاثة أشهر كاملة، أبيت في الشارع وأقتات من الصدقات، لكن في مقابل ذلك كنت أراقب كل كبيرة وصغيرة عن نشاط المهربين، وبعد ثلاثة أشهر قررت أن أنصب طاولة لبيع السجائر في مفترق الطرق عند النقطة الخامسة بالقرب من مركز المراقبة العقيد لطفي، وكانت طاولتي مقابلة لحاجز أمني مهمتي في ذلك أنني كنت أقبض الرشاوى من الأشخاص الذين يضبطون بسلع مهربة، فكان هؤلاء يضعون عندي الرشوة، وكنت أخصم منها كما أشاء، وقد كان مدخولي يتجاوز ستة ملايين في الليلة''. وفي النهار يضيف البارون قائلا ''أذهب إلى فندق التافنة المشهور بالمنطقة فأغيّر ملابسي وأستأجر سيارة فاخرة وأجول في المدينة، حتى عرفني الجميع وكنت أتردد كثيرا على المقهى الموجود بالقرب من النزل المعروف باسم البورصة، وهو مكان يرتاده المهربون، وكانت معظم الصفقات تتم هناك، سواء صفقات صرف العملة المغربية، أو الاتفاق على السلع التي تهرب، وكنت أصرف الملايين التي كنت أقبضها في الليل من الرشاوى، فكنت أبذر المال حتى أوهم المهربين الذين عرفوني بأنني بارون من البارونات الكبار''.
ومع مرور الوقت أصبح المهربين كما يقول ''يتقربون مني لمعرفة الأماكن التي كنت أجلب منها السلع التي كانوا يطلبوها مني لتهريبها، في الأول كنت مختصا في تهريب الحليب ومشتقاته، والحقن، وخيط العمليات الجراحية التي كنت أقتنيها من مدينة العلمة بولاية سطيف، بالإضافة إلى أغذية الأنعام التي كنت أقتنيها من بوسماعيل، ورويبة وشلغوم العيد. فكان في كل ليلة يتم تهريب ما يقارب 100 طن من مادة النخالة''، كما كنا يضيف البارون قائلا ''نهرّب كذلك مادة الفرينة التي كان المغاربة يستخدمونها في تغذية أنعامهم. وكنا نهرّب سلعنا عبر ثلاث مناطق أساسية وهي سيدي بوجنان والقرية وبوكانون''. في مقابل ذلك يقوم هؤلاء المهربون بإدخال الخمر بأنواعه والمخدرات و''الجلابة'' المغربية.
وبذلك يقول محدثنا اشتهرت في المنطقة، ودخلت ميدان التهريب من بابه الواسع، ''وكنت أهرّب حتى البشر، سيما الأفارقة، الذين كنت أقبض على كل شخص 2016دج، وكنا نضعهم في المداجن الموجودة في المنطقة حتى لا يسمع أصواتهم مع الدجاج ونقوم بإدخالهم في الليل إلى المغرب''.
وبذلك يقول محدثنا ''اشتهرت في مغنية وكل المناطق الحدودية والجميع يعتبرني من البارونات والرؤوس الكبيرة في التهريب، وقد تعرضت إلى إغراءات كبيرة من قبل المهربين المغاربة والجزائريين على حد سواء، وأصبح الجميع يعرضون عليّ خدماتهم''.
فهذه الشهرة التي اكتسبتها في مغنية سمحت لي، كما يقول البارون، بالنشاط عبر كل الحدود الجزائرية الشرقية والجنوبية، فكنت أتوجه إلى أي جهة أسمع أن فيها المال.
إلى أن وقعت، كما يقول، ''بين يدي مختار بلمختار المدعو'' بلعور'' الأمير السابق لمنطقة الجنوب، في منطقة أراك الواقعة ما بين عين الصالح وتمنراست، وكان ذلك في سنة 2016، كان مع مجموعة كبيرة كانوا على متن ثلاث سيارات رباعية الدفع على ظهر كل سيارة سلاح آلي من نوع ''أف أم''، وكان على متن كل سيارة ثمانية مسلحين، وكانت سياراته الثلاث مطلية بالشحم والرمل قصد التمويه ومن الصعب كشفها عندما تكون في الصحراء، وكان جميعهم يرتدي لباسا أفغانيا، وقد تعرضت للضرب المبرح من قبل بلعور نفسه الذي أمطرني بسلسلة من اللكمات والركلات عندما اكتشف أنني لا أصلي، وقد أرغمني على الصلاة بعد أن أجبرني على الاستحمام وراء الشاحنة التي كنت أقودها وأخذ مني كمية من المازوت ودفع لي مقابلها المالي''. وعن كيفية تنقل مختار بلمختار في الصحراء، يقول البارون، وحسب معلومات يدعي أنه استقاها من المهربين ''أنه يسير في كل تنقلاته بمحاذاة أنابيب الغاز المنتشرة في الصحراء لأنه حتى وإن ضبط عن طريق الجو بالطائرات المروحية فلا يستطيعون قصفه خوفا من تفجير أنابيب الغاز، وهو ما جعل عملية ضبطه صعبة للغاية بسبب لجوئه إلى مثل هذه الحيل ولمعرفته الواسعة بالصحراء ومسالكها''.
هكذا يتم تهريب الأطنان من المخدرات
وعن تهريب المخدرات يقول البارون ''إنه لا توجد عندنا شبكات لتهريب المخدرات مثلما هو موجود في المغرب، وأغلب الكميات المهربة تتم بين خط مقرار وحاسي الخبي الواقعة على بعد 450 كلم عن ولاية بشار، أما الكمية التي تهرّب من ولاية تلمسان هي قليلة مقارنة بالكمية المهربة من بشار''. فبلادنا تحولت في الآونة الأخيرة، حسبه، إلى منطقة عبور حقيقية للمخدرات لتهريبها إلى أوروبا ومصر عبر ليبيا.
والمهربون الذين يدخلون هذه السموم من بشار يسلكون خط مقرار ثم عين الصفراء ثم البيض ثم أفلو ثم الإدريسية ثم الجلفة ثم المسيلة إلى أن تصل إلى وادي سوف، ومن هذه الأخيرة يتم إدخالها إلى ليبيا ثم إلى مصر. أما المخدرات التي تأتي من أقصى منطقة أدرار والتي يتم إدخالها من الحدود الموريتانية فتنقل عبر مسار أدرار، أوقروت، المنيعة، حاسي لفحل ثم تفرت ثم وادي سوف، ومن وادي سوف يتم إدخالها أيضا إلى ليبيا ثم مصر. فأكبر الكميات من المخدرات التي تدخل كلها تصل إلى وادي سوف والتي منها يتم تحويلها إلى مصر ومناطق أخرى من العالم.
شرائح الهاتف ''ماروك تليكوم'' للتواصل بين المهربين
لجأ كل المهربين الذين ينشطون بحدودنا المغربية إلى اقتناء شرائح الهاتف النقال المغربية بعد الإجراء الذي اتخذه متعاملو الهاتف النقال ببلادنا لتحديد هوية أصحاب الشرائح المجهولة، فلجأوا إلى اقتناء شرائح ''ماروك تليكوم'' للتواصل فيما بينهم سيما وأن 061 المغربية توزع خمسة أرقام مجانية على كل مقتني لشريحتهم، فيقوم المهرب بتوزيع الأرقام المجانية الممنوحة له على عناصره، واحدة يأخذها المهرب وأخرى يعطيها لمن يقبض المال، وأخرى تعطى لمن يأخذ السلعة والثلاثة المتبقية تعطى للحراس أو ''الحضاية''، كما يطلق عليهم هناك.
وكثيرا ما يستغل المهربون أيام الأعياد والمناسبات الوطنية وزيارات الرئيس أو زيارات الوزراء والرسميين، لتهريب الكميات الكبيرة لانشغال مصالح الأمن بالزيارة.
كما أصبح المهربون أيضا يستغلون الأوقات التي يكثر فيها ازدحام السيارات، لأن فيها يكثر الضغط على القائمين في الحواجز الأمنية، فيقومون بالتساهل مع المارة وهو ما يستغله هؤلاء المهربون. أما إذا كانت الحراسة مشددة في أي حاجز أمني، فكثيرا ما يبعث هؤلاء المهربون شخصا يقوم بخرق الحاجز ويخلق اضطرابا كبيرا في صفوف عناصر الأمن فينشغلون به فيقوم المهربون باستغلال هذا الظرف فيمررون كميات كبيرة من المخدرات، وفي بعض الأحيان يقومون باستغلال الفتيات العاهرات للتشويش على أصحاب الحاجز الأمني، كأن تعطل سيارتهن وسط الحاجز فينشغل معها رجال الأمن فيقوم المهربون بالمرور بسلام.
أما الوسيلة الأخرى التي اهتدى إليها المهربون مؤخرا لتمرير كميات معتبرة من المخدرات فهي دسها داخل فضلات الدجاج التي تباع بالمناطق الحدودية، وبالضبط في ضواحي مغنية، والتي كثيرا ما يقوم المهربون بشراء هذه الفضلات بـ6 ملايين سنتيم للشاحنة الواحدة لإعادة بيعها في وادي سوف التي تستعمل كأسمدة لغرس البطاطا، فيقومون بوضع كميات كبيرة من المخدرات بداخلها، سيما وأن عناصر الأمن لا يوقفونها في الحواجز الأمنية نظرا لرائحتها الكريهة، وبالتالي يستغل المهربون ذلك لنقل المخدرات براحة تامة.
المصدر الخبر
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :