عنوان الموضوع : كلمة السيد (عبدالعزيزبوتفليقة)حول عظمة القرآن اخبار الجزائر
مقدم من طرف منتديات العندليب

كلمة رئيس الدولة الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة حول عظمة القرآن

هي كلمة ألقاها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة الأسبوع الوطني للقرآن الكريم بدار الإمام بالمحمدية بالجزائر العاصمة.


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الـمرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين:

أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل:
ما شعرت قط بسمو الإحساس، وباطمئنان النفس، ولا بـمهابة الـموقف وروعته، بـمثل ما أشعر به الآن وأنا أقف في رحاب الله، نستروح معا نفحات الإيـمان في أجواء حدث قرآني علـمي، وفي مناسبة عزيزة على قلوبنا، لنستلهم العبـرة والـحكمة، مناسبة ذكرى ميلاد نبيـنا خيـر الأنام مـحمد صلى الله عليه وسلـم، الذي جبله ربه من أفضل الـمعادن منبتا، وفطره من أعز الأرومة مغرسا، فهو إمام من اتقى وبصيـرة من اهتدى، سيـرته القصد، وسنته الرشد، وكلامه الفصــل، وحكمه العدل، امتدحه ربه بقوله: «وإنك لعلى خلق عظيـم» (القلـم 04)، فكانت سيـرته العطرة منهج حيــاة وسنته الطاهرة نبـراسا يضيء لنا سبل الـهدى والرشاد، ترك أمته على الـمحجة البيضاء ليلها كنهارها ما تـمسكت بكتاب ربـها واهتدت بسنن نبيها.



إن خيـر ما نـحيي به هذه الذكرى العظيـمة الـحبيبة إلى قلب كل مؤمن ومسلـم هو توثيق صلتـنا بالنور الذي أنزل عليه وتوكيد تـمسكنا بسنته واستلهام منظومة قيـمنا من سيـرته العطرة والتعبيـر الصادق عن مـحبته صلى الله عليه وسلـم. والتعبيـر عن مـحبته يكون بالبـرهان العملي على أننا حقا من أتباعه، وأننا حقا من خيـر أمة أخرجت للناس، وأننا واعون بأن هذه الـخيـرية تكون بالريادة لا بالوراثة، وأن ذلك كله يكون بتـجسيد فهمنا للديـن الذي جاء به، رسالة حضارة إنسانية عالـمية وسلاما وأمـنا على البشــريـة، يـنبـذ كل ألوان التعصب والــتـطـرف والعـنـــف، ويـدعـو إلى التعارف والـحوار والـتـعاون والتسامح.

وعلى رأس هذه الـخلال الكريـمة التواضع والـحلـم واحترام الآخر، قريبا كان أو بعيدًا، صديقا كان أو عدوا، فانظروا إليه صلى الله عليه وسلـم عندما يـحاور خصومه وأعداءه كيف يـجنـح إلى الـمساواة بيـنه وبيـنهم، ويعف عن أن يـنسب إليهم الإجـرام والضلال: «وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبيــن، قل لا تُســألون عما أجرمنا ولا نُسأل عما تعملون» (سورة سبأ 24)، فإذا لـم نـجسد هذه الأخلاق نـحن الـمسلـميـن، في سلوكنا الفردي والـجماعي فكيف نطمع أن نكون خيـر أمة أخرجت للناس.

فلا غرابة إذن فيـما أصاب امتـنا من خور وهوان بعد تـخلفها عن الأخذ بأسباب النهضة وعوامل الرقي التي أرشدت إليها آيات القرآن وتـمثلها الـمصطفى في سيـرته ومسيـرته الـمباركتيـن. إذ توهم أقوام أن ما أصابـها هو قدر الله فيها وليس لـها إلا أن تلوذ بصبـر جـميل وانتظار ساعة الفرج. وظن آخرون أن مكمن دائها وسر بلائها هو تـمسكها بتراث تـجاوزه الزمن، وإدارة ظهرها لـمعرفة ما فتئت تبسط أجنـحتها على حياة الناس، حتى جعلت من عالـمهم قرية كونية، مال ميزان القوة فيها لـمن يـمسك بناصية العلوم وأقاصي الـمعارف، مانـحة أصحابـها منعة وهيبة. وما يزيد في اعتقادهم بسلامة حججهم وحصافة رأيهم تلك الفجوة الـمعرفية والرقمية التي تفصل عوالـم اليوم.

إن القـــــرآن الكريـم دعوة إلى الـحيــــاة، والـحيــــاة حركـــــــة، تغيـر وتـجدد وتـجاوز مستـمر للـــــذات ونزوع دائم نـحو الأرقى والأكمل، قال تعالى: «يا أيها الذيـن آمنوا استـجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لـما يـحييكم» (الأنفال 24).

والقرآن كتاب الله ومعجزته الـخالدة لا يستقل بتفسيـره إلا لسانان: لسان العرب، ولسان الزمان، نعم لسان الزمان مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلـم، في وصف القرآن: «لا تـنقضي عجائبه ولا يـخلق من كثرة الرد».

فالله سبحانه وتعالى لـم يـجعل فهمنا لكتابه مرتـهنا في فهم أسلافنا السابقيـن، إنه جَلَّ قدر القرآن أن يكون وقفا على أحد من العالـميـن ولو قد أراد الله ذلك لـجعله وقفا على سيد الـمرسليـن صلى الله عليه وسلـم، بل إن الذكر الـحكيـم خطاب إلى جـميع الـمكلفيـن، لا يزال وسيبقى غضا طريا في كل وقت وحيـن حتى لكأن العبد يتلقـاه في حيـنه من رب العالـميـن، فقول الله عز وجـل: «أفلا يتدبرون القــرآن» (النساء 82) سيظل يـخاطب الإنسان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

فهو سبحانه لـم يَخْتَصَّ جيلا دون جيل بالتدبر، بل قال: «إن عليـنا بيانـهُ» (القيامة 19) أي على ألسنة العلـماء الـمفسريـن الـمتدبريـن على مر الدهور والعصور، الغائصيـن في مكنوناتـه الـمتـحيـريـن في سـر إعجازه، عملا بقوله صلى الله عليه وسلـم: «أعربوا القرآن والتـمسوا غرائبه».

وهو معجز بألفاظه، معجز بـمعانيه وبنائه ونسقه، لكل لفظة فيه حد ومطلع، وظاهر وباطن، فاللفظة قرآن والـحرف قرآن، قال تعالى: «سنلقي عليك قولا ثقيلا» (الـمزمل 05)، فعبـر بالقول دون اللفظ والكلام، ليشمل الكلـمة والـحرف، وجاء في الأثر أنه من قرأ حرفا فله حسنة والـحسنة بعشر أمثالها.

أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل:
إن حقيقة الإعجاز القرآني قد وعاها الـمسلـمون منذ تلاه عليهم البشيـر النذير صلى الله عليه وسلـم، فكانت لـهم منذ البداية وقفات ذكية ملهمة عند آياته البيـنات، التي أمضوا فيها أعمارهم، يدرسونها من كل جوانبها اللغوية والبيانية والتشريعية والعلـمية، وكان بيان سر إعجاز القرآن مناط اهتـمامهم فوضعوا فيه الـمصنفات وتـحاوروا حول حقيقته التي كانت في عقولهم ووجدانهم فوق العقل وفوق التاريخ، ولا عجب، فمنـزل القرآن سبحانه مـحيط بالسماوات والأرض مشرف على الأوليـن والآخريـن، خبيـر بأحوال الضمائر وأغوار النفوس.ّ

هذه الـحقيقة الربانية الناصعة أَقَرَّ بـها كفار قريش أنفسهم مـمن أذعنت عقولهم وعاندت وكابرت قلوبهم: «فإنـهم لا يُكْذِبونك ولكن الظالـميـن بآيات الله يـجحدون» (الأنعام 33)، فهذا زعيـم الكفر في مكة الوليد بن الـمغيـرة، أعلـم الناس بـمواطن القوة والضعف في أساليب العربية ذهل عند سـماعه للقرآن فوصفه قائلا: «والله إن لقوله لـحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لـمنيـر أعلاه مشرق أسفله وإنه ليعلو ولا يعلى وإنه ليحطم ما تـحته».

وكذلك كان موقف أساطيـن البلاغة من العرب أمثال لبيد والأعشى وكعب بن زهيـر، ولقد تعرض لفيف من علـماء الإسلام للوقوف على أسرار الإعجاز البياني في القرآن، أمثال النظام والـجاحظ وأبى هلال العسكري والشيـرازي والباقلاني والـخفاجي والرازي والـجرجاني والغزالي والقاضي عياض وابن رشد والآمدي والطوسي وابن خلدون والسيوطي والرافعي والشعراوي وغيـرهم كثيـر، مـمن رأوا في إعجازه بـحرا لا ساحل له، لأنه لـم يـختص بفن واحد من الفنون لا في لفظه ونظمه ولا في معانيه وحكمه، فبيـنـما تراه يتصدر ببلاغة عجيبة إذا هو يـجري في ميدان العلـم أو مضمار الفكر وعالـم الفلسفة، فيبدي من أسرار الطب والطبيعة وكائنات الأرض وكائنات السماء ونواميس الكون ما لا تفي بشرحه الصحائف.

ثـم تراه خائضا في تاريخ القرون الـخالية والأمـم البائدة، غيـر مستـند في ذلك كله على آثار أو أسفار، ثـم تأتي بعد ذلك الـحفريات والأثريات، بل حتى البحار والأجواء لتصدقه بعد قرون وأجيال.

ولقد اختلف هؤلاء العلـماء في أوجه هذا الإعجاز القرآني فذكروا أوجها كثيـرة، وكأن كل واحد منهم نظر إلى القرآن من زاويته فأدرك ما أدرك من مواطن الإعجاز،الـمتعددة بتعدد جوانب النظر فيه، ففي كل آية من آياته إعجاز، قد يكون لفظيا أو بيانيا أو دلاليا، وكل سورة من سوره، بـما فيها من أوامر تعبدية أو قيـم أخلاقية أو ضوابط سلوكية أو إشارات علـمية، وكذا كل تشريع وكل قصة أو واقعة تاريـخية وكل وسيلة تربوية ونبوءة مستقبلية، كل ذلك يفيض بـجلال الربوبية ويتـميز عن كل صياغة إنسانية!

ولكن أيـن يكمن سر هذا الإعجاز والقرآن إنـما أُنزل بلغة العرب لـم يـخرج عن ألفاظها وقواعدها وأساليب تعبيـرها ؟! ما يزال الدارسون والباحثون والـمفكرون والأدباء يبحثون عن هذا السر، ابتداء من نظرية النظم عند الـجاحظ الذي يقول: «إن القرآن خالف جـميع الكلام الـموزون والـمنثور، وهو منثور غير مقفى على مـخارج الأشعار والأسجاع» وقد أيده ابن خلدون بقوله: «وأما القرآن وإن كان من الـمنثور إلا أنه خارج عن الوصفيـن»، ولقد دأب العلـماء الـمسلـمون منذ القرن الثالث الـهجري يكتـشفــون أوجـها أخرى للإعجاز في القرآن غيـر الإعجاز البياني، وما يزالون.

فإلى جانب أوجه الإعجاز الكثيـرة الـمعروفة كالإعجاز اللغوي والتشريعي والتاريـخي والتـنبئي والعلـمي فإن تطور العلوم الـحديثة، الإنسانية منها والتـجريبية، قد مكنت من اكتشاف أوجه أخرى جديدة، لـم تكن معروفة من قبل.

من الطبيعي هنا أن نشيـر إلى أن الـمجال الأكثر غنى وتـنوعا وسرعة تطور، في مـجال الإعجاز القرآني هو إعجازه العلـمي بكل فروعه ومياديـنه وتـخصصاته، بفضل ما توصل إليه التقدم العلـمي من كشوف وحقائق مذهلة توافق كلها آيات قرآنية ظلت قرونا طويلة تـحيـر العلـماء الـمفسريـن، الذيـن عجزوا عن إدراك حقيقتها لأن أمر الله لـم يكن قد حان بعد لبـروزها، حتى يـجيء هذا العصر الذي يغزو فيه الإنسان الفضاء ويسبر فيه أغوار الـمادة ويستكنه مـجاهيلها، بدءا بالذرة والإلكترون إلى مكـونــات الـخلية الـحية وفـك بعـض طلاسم وألغــاز الـخـريطة الوراثية الـمركبة والـمرتبة داخل النواة بكيفية تـحبس أنفاس كل إنسان سليـم العقــل والفطــرة، وقــانون الـجاذبـيـة وأطوار خلق الـجنيـن وعملية التـمثيل الضوئي وما إلى ذلك مـما تفرزه أبـحاث العلـماء التـجريبـيـيـن الـمعاصريـن في مـختلف بقاع العالـم.

إنه إعجاز القرآن الذي يظل يتـحدى كبرياء، الإنسان وغروره، عندما يكتفي بعالـم الكائنات، التي تذهله عن رب الكائنات: «سنريهم آياتـنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيـن لـهم أنه الـحق» (فصلت 53).

إن ما يعرفه العلـم اليوم من حقائق الكون الـمرئي جزء ضئيل جدًا بالقياس لـما يـجهله منه: «وما أوتيتـم من العلـم إلا قليلا»(الإسراء 85) هذا فقط في الـمسائل الـمادية والكائنات الـجامدة، من حيث الأحجام والأبعاد والتكويـن والدوران والوظائف، فما بالكم بالكائنات الـحية الـمتـنوعة الـموجودة في هذا الكون الـمنظور، مـما يفيده معنى هذه الآية الكريـمة: «سبحان الذي خلق الأزواج كلها مـما تـنبت الأرض ومن أنفـسهم ومـما لا يعلـمون» (يس 36).

أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل:

إنّ كل ما في الإنسان والكون، وما يعقبه مرور الزمان، وما يفرزه تطور حياة الشعوب والأمـم، كل ذلك يـنطق بـهذه الـحقيقة الربانية الناصعة، القرآن معجزة خالدة، معجزة خاتـم النبييـن صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلـم: «إنا نـحن نزلنا الذكر وإنا له لـحافظون» (الـحجر 09).

غيـر أن ما يـنبغي التـنبيه إليه دائما هو أن القول بالإعجاز العلـمي الباهر لا يعني أبدا ان القرآن كتاب جامع لعلوم الفيزياء والكيـمياء والـجيولوجيا والفلك والطب وعلوم الطبيعة، وإنـما هي إشارات شاءت الـحكمة الإلـهية أن تتضمنها آيات وفق النسق القرآني الرباني الـمتفرد الـمعجز، إلى جانب دلالات أخرى تظل تتكشف للعلـماء والـمفسريـن على مَرِّ الدهور إلى يوم الديـن، بشكل متدرج يراعي النضج العقلي والتطور الـمعرفي في مسيـرة الإنسان وتفاعله مع الكون والطبيعة والـحياة.

إن القرآن الكريـم لـم يـحمل هذه الأسرار الكامنة فيه، إلا ليحفز العقل البشري على مر الزمن ويدعوه إلى التفكر والتدبر والإبداع، فلـم يكن غريبا إذن أن تـحفل آياته بالدعوة إلى العلـم وأن تبيـن شـموليته وسعته وعدم اقتصاره على الـماديات، بل كثرت وتعددت سياقات لفظة العلـم في القرآن، فهو تارة يطلق على الـحقائق الغيبية، من وجود الله والوحي واليوم الآخر، وتارة أخرى يطلق على أسرار الكون الـمادي وما يـحكم الـحياة من سنن وما يتخللها من آيات شاهدة على الـخالق.ّ

وهكذا هدى القرآن الكريـم الإنسان إلى أسس العقلية العلـمية والبحث العلـمي، وهيأ الـمناخ النفسي الذي نبتت فيه شتى العلوم التـجريبـية وقضى على الـمنهج الأسطوري الذي سيطر على الذهنية البشرية طوال قرون.

وكم أود أن أستذكر معكم الآيات التي بهرت العلـماء والـمفكرين في شتى الـمجالات وفي كل العصور، لو لـم تكن كثيرة، لا تعد ولا تـحصى، وما أشك في أنكم أحطتم بها غير أني أكتفي بالقليل القليل من آيات هذا البحر الزخار، حتى لا أفوت عذوبتها وحلاوتها، ونحن في رحاب القرآن الكريـم:

بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

بسم الله الرحمن الرحيم

" ما فرطنا في الكتاب من شيء " الآية 38 سورة الأنعام

" أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا، وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا " الآية 6 و 7 سورة النبأ

"وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا، أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا " الآية 30 و31 سورة النازعات

" وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " الآية 49 سورة الذاريات

"وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ " الآية 19 سورة الـحجر

" وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُون "َ الآية 88 سورة النمل

" هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " الآية 6 سورة آل عمران

"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً " الآية 85 سورة الإسراء

"سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ". الآية 35 سورة فصلت

" قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ". الآية 88 سورة الإسراء

"الـم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ". الآية 1 - 4ت سورة الروم

" لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ". الآية 27 سورة الفتح

" فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ". الآية 92 سورة يونس

"مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ، بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ ". الآية 19 - 20 سورة الرحمن

"وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا" الآية 53 سورة الفرقان.

"أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ، أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ، لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ " الآية 68 - 70 سورة الواقعة

"فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ، لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ " الآية 75 - 80 سورة الواقعة

" أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ " الآية 40 سورة النور

"وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ " الآية 38 - 40 سورة يس

"أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ، وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ، وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ، وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ " الآية 30 -33 سورة الأنبياء

" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ " الآية 12 - 16 سورة الـمؤمنون

"قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا " الآية 4 سورة مريم

"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ " الآية 5 سورة الـحج

" خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ " الآية 5 سورة الزمر

"وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ " الآية 37 سورة يس

"وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ " الآية 97 سورة الأنعام

" لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ " الآية 25 سورة الـحديد

"أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ، وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ" الآية 77 - 79 سورة يس

"فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ " الآية 125 سورة الأنعام

"وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ " الآية 8 سورة النحل صدق الله العظيم.

هذا غيض من فيض. وغرفة من بـحار. بل حسوة طائر من محيط. واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلـمون.

أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل:

إن القرآن دعــوة إلى الـحيـاة، والـحيـاة لا تتـجزأ وكذلك علوم القرآن، التقليدية منهــا والـمسـتـجـدة، متـكاملـة في هداية قلب الإنسـان وإنــارة عقـله وتزكية نفسه وتصفية وجدانه.ّ

فنـحن عندما ننساق بفعل تأثيـر الـمناخ الـحضاري العام الذي نعيشه، ونركز في تفاعلنا مع القرآن على مـجال من مـجالات إعجازه كمجال الكشوف العلـمية، اليوم، التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، فلا يـنبغي أن يـنسيـنا ذلك مـجالات أخرى نعتبـر التفاعل معها من الأولويات التي يـمليها عليـنا واقعنا، ونـحن نسعى إلى إحكام صلتـنا بكتاب ربنا، نستهديه ونسترشد بـه ونستلهمه فهو معيـن لا يـنضب، ونسيج من البلاغة متفرد، إنه عطاء مـمدود وتدفق غيـر مـحدود وإننا إذ نـأوي إلى ركن شديد من الـحق الذي يـجعل من هذا الكتاب الـخالد صلتـنا الواصلة بالـخالق سبحانه، ووسيلتـنا للـحفاظ على لغتـنا التي وسعته لفظا وغاية، فإننا نريد أن نربط أجيالنا الناشئة كذلك بالـجوانب التي تسمو بـملكة اللغة، وتـهذب الذوق وتصقل مواهب الإبداع الفني، عندما تتعامل مع الإعجاز البلاغي في القرآن.. وما أحوج كتَّابنا وأدباءنا اليوم، بل ما أحوج لغتـنا العربية إلى تـجديد الصلة الـحميـمية مع مصنفات علـمائنا الأعلام الذيـن أبدعوا في بيان الإعجاز البلاغي للقرآن، من أمثال الإمـام الرازي في أسـرار البلاغـة، والـجرجاني في دلائل الإعجاز، وابن أبى الإصبع في بدائع القرآن، والرافعي في آداب العرب، والزرقاني في مناهل العرفان، وغيرهم، مـمن كتبوا في بلاغة القرآن، فعددوا صورها وحاولوا استكانة وجه الإعجاز فيها وسر تـميزها وتفردها، فطوروا علـم البديع الذي اغتـنى بصور في القرآن عجيبة خلابة.

ولو تتبعنا سور القرآن الكريـم لوجدنا هذا الإعجاز البلاغي مترامي الأطراف والصور البلاغية متـناثرة في أرجائه، ما تزال تستهوي أفئدة الفصحاء والبلغاء، فاقرأوا معي سورة الرحمن وسورة الشمس، هل سمعتم أجـمل وأعذب قطعـة مـوسيقية، وما فيهـا من تـناغم الـحس والـجرس، وانسياب في الوجدان واطمئنان في النفس.

وما برح القرآن الكريـم يتبوأ القمة الشامـخة في حياة الإنسانية، وما زالت تعاليـمه الـهادفة تـنطلق مع الإنسان في مسيـرته الواعية، فهو نبع ثري من الـمعارف لا يـنضب، وهـو ألق حي من الفـضـائل لا يـخبو، وهو يـجمع إلى عمق النهج الديـني أروع مظاهر النهج الفني، وكلـما تقدمت الـحضارة شوطا في الـمعرفة والوعي أدركت في القرآن مالا يدرك في سواه، ذلك أنه كلام الله الـمنـزل على نبيه الـمرسل. فالقرآن وإن كان عربي العبارة يكمن في عربيته الـخالصة الكثيـر من معالـم إعجازه بل الإعجاز البلاغي فيه هو الوجه الناصع لـملامح الإعجاز الـمتعددة الظواهر.

لقد أعجزت العرب مزايا ظهرت لـهم في نظمه، وخصائص صادفوها في سياق لفظه، وبدائع راعتهم من مبادئ آية ومقاطعها، ومـجاري ألفاظها ومواقعها، وفي مضرب كل مثل ومساق كل خبـر.

ومن وجوه إعجاز القرآن، صنيعه بالقلوب وتأثيره في النفوس، فإنك لا تسمع كلاما غير القرآن منظوما ولا منثورا، إذا قرع السمع خلصت له القلوب، واستبشرت به النفوس وانشرحت له الصدور، يـحول بيـن النفس وبيـن مضمراتـها الراسخة فيها، فكم من عدو للرسول، هم بقتله فلـما سـمع القـرآن انــقـلبـت عــداوتــه مــوالاة، وكـفره إيـمـانــا.

تلك هي عبقرية القرآن وذاك إعجازه وسحره في النفوس، وسلطته على العقول، وسلطانه في هداية الأمـم العاملة به إلى سواء السبيل، وترقيتها بدعوته الصريـحة إلى الفضيلة، وحثه القاطع على العلـم النافع والعمل الصالـح، حتى غـدت أمـة القرآن في عصور نـهضتها وعزها في مقدمة أمـم الأرض قاطبة.

إن الـمختصيـن في علوم القرآن وعوالـم التأويل وحقائق التسييـر مدعوون لـخوض غمار هذا البحر الـمتلاطم الأمواج، والغوص إلى أعماقه البعيدة ليستخرجوا غرر جواهره ويستكشفوا كنوزه الثميـنة.ّ

فما أحوج أمتـنا إلى فهم سليـم لآيات القرآن الكريـم وعقول نيـرة تسترشد بـهدية الـمبيـن في تشييد عمران وبناء حضارة تتساوق مع الطبيعة والإنسانية التي تـجنـح حيـن اعتدالها إلى وسطية هي جوهر الديـن: «وكـذلك جعلنـاكم أمة وسطـا» (البقرة 143)، فـــلا الـخلــق عبـــــث، ولا الرسالة وهم، ولا الـحياة لهو، ولا الـموت فناء، فالوجود حكمة لـمن تغلب على هوى النفس واستظل بنور اليقيـن في ركوب الصعاب لبلوغ مدارج أولي الألباب الذيـن يستـمعون القول فيتبعون أحسنه.

أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل:

يلتئم، في هذا الأسبوع الإحتفائي، شـمل ثلة من العلـماء، ونـخبة من الدارسيـن، على مائدة القرآن الكريـم، يتدارسون سوره ويتدبرون آياته، في زمن طغت فيه مفاهيـم جديدة، ألقت بظلامها على تفكيـرنا، كما برزت صور مغشوشة، وأخر منقوصة، أضفت ضبابية على صورة هذا الديـن البهية، فألصقت به صفة الإرهاب ظلـما وبهتانا، ووسم أتباعه بالعجز والتخلف.

فلعلـماء الـمسلـميـن دور الريادة في إبراز حقائق الديـن، وبســط تعاليـمـه، كما جاء بـها الـمصطفى، فهم من يرفع ما التبس على الناس في تفسيـره، وهم من يـنفي عن هذا الديـن تـحريف الـمغاليـن وانتـحال الـمبطليـن وتأويل الـجاهليـن.

هم أحفظ الناس لكتاب الله وأعلـمهم به، فهم الأولى بشرح آياته وبيان أحكامه والتعريف بـحلاله وحرامه: «قل هل يستـــــوي الــذيـن يــعــلـمـــون والــذيــــن لا يعلـمون إنـما يتذكر أولوا الألباب» (الزمر 09)، «إنـما يـخشى الله من عباده العلـماء» (فاطر 28).

لـم يـمنع كون القرآن الكريـم الذي جاء ليعرف الناس بربـهم ويدعوهم لتوحيده وعبادته، من أن يتضمن قواعد عامة وأحكاما كلية تـخص حياة الناس ومعاشهم تصلـح لأن تكون منهجا تبنى عليه خطط وبرامج، من ذلك الآيات التي تـناولت البعد التـنـموي في شقيه الاجتـماعي والاقتصادي، فعند تتبعها والتدقيق في أسباب نزولـها ثـم ربط ذلك بسياقها التاريـخي يـمكن العثور على وحدة موضوعية وبنية منهجية لصياغة نظرية اقتصادية واجتـماعية تتـناغم مع الـمنظومة العقائدية لـمجتـمع مسلـم جديد النشأة.

أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل:
لبحر القرآن ملاحوه وغواصوه وما أنا منهم، ولكني حيـن أقترب من عباب بيانه وبديعه وإعجازه، فليس ذلك تطفلا مني على الـمختصيـن في علوم القرآن الـمجيد، بل من منطلق الرغبة في مشاركتكم الاحتفال بـمولد النبي الكريـم، صلى الله عليه وسلـم، والتـمسك بكتاب الله، الذي يجري في صدورنا مجرى الهواء الذي نتـنفسه، ويـنساب في عروقنا انسياب الدم الذي نـحيا به، يـنير وجداننا، ويسكن ضمائرنا، ويقود أعمالنا، كما كانت لي كذلك حاجة في نفس يعقوب تـحيـنت لها الفرص، ولاحت لي اليوم فرصة ثميـنة في ملتقانا الـمبارك هذا، أذكر من خلالها ببعض ما جاء في الذكر الـحكيـم، والسنة النبوية الشريفة، من حث على التآخي والـمصالـحة بيـن الناس، خاصة إذا كانوا من الاخوة، الـمصالـحة التي وجهنا لها كل مساعيـنا وجهودنا، بعد أن مس الـجزائرييـن ضر عظيـم، حتى زلزلوا زلزالا، ففجعوا في فلذات أكبادهم، وابتلوا في ديـنهم، وأتى الوبال على الزرع والضرع، وأضرمت نار الفتـنة واشتد أوارها، وكادت تعصف بكيان الأمة كله، لولا رحمة من الله سبقت، فألفــت بيـن القلوب الـمؤمنة: «لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بيـن قلوبهم، ولكن الله ألف بيـنهم إنه عزيز حكيـم» (الأنفال 63)، فجنـحت للوئام والسلـم والـمصالـحة، ولبت دعوة الـحق وصوت الضميـر، مهتــديـة بقـوله تعــالى: «وأن تعفوا أقـرب إلـى التقــوى» (البقرة 237)، «والصلـح خيـر» (النساء 128)، فدخلوا في السلـم، إلا من كانت قلوبهم غلفا، وفي آذانهم وقر، فلـم تدخلها رحمة الله. لقد أنذر الله عباده إنذارا ترجف له الأفئدة والأجسام: «فهل عسيتـم إن توليتـم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذيـن لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم» (محمد 22).

لقد علـمنا رب العزة: «فمن عفا وأصلـح فأجــره على الله، إنه لا يحب الظالـميـن» (الشورى 40)، «وما خلقنا السموات والأرض وما بيـنهما إلا بالـحق، وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الـجميل» (الـحجر 85)، «الذيـن يـنفقون في السراء والضراء والكاظميـن الغيض والعافيـن عن الناس والله يحب الـمحسنيـن» (آل عمران 134)، ومسترشديـن بحديث نبيه الكريـم: «إذا عنت لكم غضبة فادرؤوها بالعفو، إنه يـنادي مناد يوم القيامة: من كان له أجر على الله فليقم، فلا يقوم إلا العافون، إن الله عفو يحب العفو، عليكم بالعفو فإن العفو لا يزيد العبد إلا عزا، فتعافوا يعزكم الله، تـجاوزوا عن عثرات الـخاطئيـن يقكم الله بذلك سوء الأقدار».

وما أخذنا ميثاق شعبنا عن السلـم والـمصالـحة الوطنية، وعودة الأمن في البلاد، والتأليف بيـن القلوب بغيا أو عنوة، ولكن بالوسيلة الفضلى، التي تخيرها الله لعباده: «أدع إلى سبيل ربك بالـحكمة والـموعظة الـحسنة، وجادلـهم بالتي هي أحسن» (النـحل 125)، لإيـماننا الراسخ بأن جوهر الإنسان خير، وأن ديـننا الـحنيف ديـن فطرة، فإذا تساوقت الفطرة مع الـخير أنشأتا الفضيلة، فاتعظت النفوس الـمؤمنة، التي أرهفتها الـمعرفة بالـحكمة، وحصنها الإيـمان بالتقوى، فكفت عن عمل الباطل، باتباع الـحق، والإصلاح بيـن الناس: «ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤِتيه أجرا عظيـما» (النساء 114).

ولئن كان سعيـنا من أجل السلـم في بلادنا، ليس بالأمر الهيـن، استوجب منا وقتا ثميـنا، واستدعى جهدا كبيرا، وصبرا من الشعب طويلا، فإن النصر الذي أحرزناه، والـحمد لله، في إصلاح ذات بيـننا، كان أسلوبا ومنهاجا في معالـجة مأساتـنا، وفر دماء كانت تراق بالباطل، ومصالـح وأرزاقا كانت تدمر بلا حساب، حتى تغلـغلنـا في الفتـنة: «والفتـنة أشد من القتل» (البقرة 191) «والفتـنة أكبـر من القتل» (البقرة 217). وماذا نقول غدا لـرب العالـميـن الذي تسامى بنا إلى ملكوته العظيـم، فعلـمنا أن: «من قتل نفسا بغيـر نفس أو فساد في الأرض فكأنـما قتل الناس جـميعا، ومن أحياها فكأنـما أحيا الناس جـميعا» (الـمائدة 32).

أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل:
قد يطول الـحديث عن البديع والبيان وكل مظاهر الإعجاز في القرآن؛ وقد دبج له ذلك من دبج من العلـماء وأصحاب الاختصاص بعشرات الـمجلدات، إلا أنه يحضرني في هذا الـمقام ما أتـحفتـنا به ريشة الباقلاني، إذ يقول: «القرآن أعلى منازل البيان، وأعلى مراتبه ما جَمَعَ وجوه الـحسن وأسبابه وطُرُقَه وأبوابه، من تعديل النظم وسلامته وبهجته وحسن موقعه في السمع وسهولته على اللسان ووقوعه في النفس موقع القبول ؛ وإذا علا الكلامُ في نفسه كان له من الوقع في القلوب والتـمكُّن في النفوس ما يُذْهِلُ ويُبهج ويقُــلق ويُؤنس ويُضـــحك ويبكي ويورث الأريحية والعزة، وله مسالك في النفوس لطيفة ومداخل إلى القلوب دقيقة».

وأترك للسادة العلـماء فضل تـنوير الـحضور بإسهاماتهم الفكرية والعلـمية القيـمة لتسليط الضوء على معالـم هذه النظرية وتكييفها مع معطيات الواقع الـمتـجدد.

أسأل الله العلي القدير لي ولكم، أن يزكي مساعيـنا بالـخير، ويكلل جهودنا بالنـجاح: «رب اجعل هذا بلدا آمنا وأرزق أهله من الثمرات، من آمن منهم بالله واليوم الآخر» (البقرة 126) وليكون ملتقاكم عن الإعجاز في القرآن الكريـم ملتقى مباركا، وسنة حميدة تفتـح الـمجال واسعا لـحفظ القرآن والعمل به والتخلق بأخلاقه.

أرجو لكم النـجاح والسداد في أعمالكم. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته





>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد علي 12
كلمة رئيس الدولة الجزائرية عبد العزيز بوتفليقة حول عظمة القرآن

هي كلمة ألقاها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة الأسبوع الوطني للقرآن الكريم بدار الإمام بالمحمدية بالجزائر العاصمة.


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الـمرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين:

أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل:
ما شعرت قط بسمو الإحساس، وباطمئنان النفس، ولا بـمهابة الـموقف وروعته، بـمثل ما أشعر به الآن وأنا أقف في رحاب الله، نستروح معا نفحات الإيـمان في أجواء حدث قرآني علـمي، وفي مناسبة عزيزة على قلوبنا، لنستلهم العبـرة والـحكمة، مناسبة ذكرى ميلاد نبيـنا خيـر الأنام مـحمد صلى الله عليه وسلـم، الذي جبله ربه من أفضل الـمعادن منبتا، وفطره من أعز الأرومة مغرسا، فهو إمام من اتقى وبصيـرة من اهتدى، سيـرته القصد، وسنته الرشد، وكلامه الفصــل، وحكمه العدل، امتدحه ربه بقوله: «وإنك لعلى خلق عظيـم» (القلـم 04)، فكانت سيـرته العطرة منهج حيــاة وسنته الطاهرة نبـراسا يضيء لنا سبل الـهدى والرشاد، ترك أمته على الـمحجة البيضاء ليلها كنهارها ما تـمسكت بكتاب ربـها واهتدت بسنن نبيها.



إن خيـر ما نـحيي به هذه الذكرى العظيـمة الـحبيبة إلى قلب كل مؤمن ومسلـم هو توثيق صلتـنا بالنور الذي أنزل عليه وتوكيد تـمسكنا بسنته واستلهام منظومة قيـمنا من سيـرته العطرة والتعبيـر الصادق عن مـحبته صلى الله عليه وسلـم. والتعبيـر عن مـحبته يكون بالبـرهان العملي على أننا حقا من أتباعه، وأننا حقا من خيـر أمة أخرجت للناس، وأننا واعون بأن هذه الـخيـرية تكون بالريادة لا بالوراثة، وأن ذلك كله يكون بتـجسيد فهمنا للديـن الذي جاء به، رسالة حضارة إنسانية عالـمية وسلاما وأمـنا على البشــريـة، يـنبـذ كل ألوان التعصب والــتـطـرف والعـنـــف، ويـدعـو إلى التعارف والـحوار والـتـعاون والتسامح.

وعلى رأس هذه الـخلال الكريـمة التواضع والـحلـم واحترام الآخر، قريبا كان أو بعيدًا، صديقا كان أو عدوا، فانظروا إليه صلى الله عليه وسلـم عندما يـحاور خصومه وأعداءه كيف يـجنـح إلى الـمساواة بيـنه وبيـنهم، ويعف عن أن يـنسب إليهم الإجـرام والضلال: «وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبيــن، قل لا تُســألون عما أجرمنا ولا نُسأل عما تعملون» (سورة سبأ 24)، فإذا لـم نـجسد هذه الأخلاق نـحن الـمسلـميـن، في سلوكنا الفردي والـجماعي فكيف نطمع أن نكون خيـر أمة أخرجت للناس.

فلا غرابة إذن فيـما أصاب امتـنا من خور وهوان بعد تـخلفها عن الأخذ بأسباب النهضة وعوامل الرقي التي أرشدت إليها آيات القرآن وتـمثلها الـمصطفى في سيـرته ومسيـرته الـمباركتيـن. إذ توهم أقوام أن ما أصابـها هو قدر الله فيها وليس لـها إلا أن تلوذ بصبـر جـميل وانتظار ساعة الفرج. وظن آخرون أن مكمن دائها وسر بلائها هو تـمسكها بتراث تـجاوزه الزمن، وإدارة ظهرها لـمعرفة ما فتئت تبسط أجنـحتها على حياة الناس، حتى جعلت من عالـمهم قرية كونية، مال ميزان القوة فيها لـمن يـمسك بناصية العلوم وأقاصي الـمعارف، مانـحة أصحابـها منعة وهيبة. وما يزيد في اعتقادهم بسلامة حججهم وحصافة رأيهم تلك الفجوة الـمعرفية والرقمية التي تفصل عوالـم اليوم.

إن القـــــرآن الكريـم دعوة إلى الـحيــــاة، والـحيــــاة حركـــــــة، تغيـر وتـجدد وتـجاوز مستـمر للـــــذات ونزوع دائم نـحو الأرقى والأكمل، قال تعالى: «يا أيها الذيـن آمنوا استـجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لـما يـحييكم» (الأنفال 24).

والقرآن كتاب الله ومعجزته الـخالدة لا يستقل بتفسيـره إلا لسانان: لسان العرب، ولسان الزمان، نعم لسان الزمان مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلـم، في وصف القرآن: «لا تـنقضي عجائبه ولا يـخلق من كثرة الرد».

فالله سبحانه وتعالى لـم يـجعل فهمنا لكتابه مرتـهنا في فهم أسلافنا السابقيـن، إنه جَلَّ قدر القرآن أن يكون وقفا على أحد من العالـميـن ولو قد أراد الله ذلك لـجعله وقفا على سيد الـمرسليـن صلى الله عليه وسلـم، بل إن الذكر الـحكيـم خطاب إلى جـميع الـمكلفيـن، لا يزال وسيبقى غضا طريا في كل وقت وحيـن حتى لكأن العبد يتلقـاه في حيـنه من رب العالـميـن، فقول الله عز وجـل: «أفلا يتدبرون القــرآن» (النساء 82) سيظل يـخاطب الإنسان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

فهو سبحانه لـم يَخْتَصَّ جيلا دون جيل بالتدبر، بل قال: «إن عليـنا بيانـهُ» (القيامة 19) أي على ألسنة العلـماء الـمفسريـن الـمتدبريـن على مر الدهور والعصور، الغائصيـن في مكنوناتـه الـمتـحيـريـن في سـر إعجازه، عملا بقوله صلى الله عليه وسلـم: «أعربوا القرآن والتـمسوا غرائبه».

وهو معجز بألفاظه، معجز بـمعانيه وبنائه ونسقه، لكل لفظة فيه حد ومطلع، وظاهر وباطن، فاللفظة قرآن والـحرف قرآن، قال تعالى: «سنلقي عليك قولا ثقيلا» (الـمزمل 05)، فعبـر بالقول دون اللفظ والكلام، ليشمل الكلـمة والـحرف، وجاء في الأثر أنه من قرأ حرفا فله حسنة والـحسنة بعشر أمثالها.

أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل:
إن حقيقة الإعجاز القرآني قد وعاها الـمسلـمون منذ تلاه عليهم البشيـر النذير صلى الله عليه وسلـم، فكانت لـهم منذ البداية وقفات ذكية ملهمة عند آياته البيـنات، التي أمضوا فيها أعمارهم، يدرسونها من كل جوانبها اللغوية والبيانية والتشريعية والعلـمية، وكان بيان سر إعجاز القرآن مناط اهتـمامهم فوضعوا فيه الـمصنفات وتـحاوروا حول حقيقته التي كانت في عقولهم ووجدانهم فوق العقل وفوق التاريخ، ولا عجب، فمنـزل القرآن سبحانه مـحيط بالسماوات والأرض مشرف على الأوليـن والآخريـن، خبيـر بأحوال الضمائر وأغوار النفوس.ّ

هذه الـحقيقة الربانية الناصعة أَقَرَّ بـها كفار قريش أنفسهم مـمن أذعنت عقولهم وعاندت وكابرت قلوبهم: «فإنـهم لا يُكْذِبونك ولكن الظالـميـن بآيات الله يـجحدون» (الأنعام 33)، فهذا زعيـم الكفر في مكة الوليد بن الـمغيـرة، أعلـم الناس بـمواطن القوة والضعف في أساليب العربية ذهل عند سـماعه للقرآن فوصفه قائلا: «والله إن لقوله لـحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لـمنيـر أعلاه مشرق أسفله وإنه ليعلو ولا يعلى وإنه ليحطم ما تـحته».

وكذلك كان موقف أساطيـن البلاغة من العرب أمثال لبيد والأعشى وكعب بن زهيـر، ولقد تعرض لفيف من علـماء الإسلام للوقوف على أسرار الإعجاز البياني في القرآن، أمثال النظام والـجاحظ وأبى هلال العسكري والشيـرازي والباقلاني والـخفاجي والرازي والـجرجاني والغزالي والقاضي عياض وابن رشد والآمدي والطوسي وابن خلدون والسيوطي والرافعي والشعراوي وغيـرهم كثيـر، مـمن رأوا في إعجازه بـحرا لا ساحل له، لأنه لـم يـختص بفن واحد من الفنون لا في لفظه ونظمه ولا في معانيه وحكمه، فبيـنـما تراه يتصدر ببلاغة عجيبة إذا هو يـجري في ميدان العلـم أو مضمار الفكر وعالـم الفلسفة، فيبدي من أسرار الطب والطبيعة وكائنات الأرض وكائنات السماء ونواميس الكون ما لا تفي بشرحه الصحائف.

ثـم تراه خائضا في تاريخ القرون الـخالية والأمـم البائدة، غيـر مستـند في ذلك كله على آثار أو أسفار، ثـم تأتي بعد ذلك الـحفريات والأثريات، بل حتى البحار والأجواء لتصدقه بعد قرون وأجيال.

ولقد اختلف هؤلاء العلـماء في أوجه هذا الإعجاز القرآني فذكروا أوجها كثيـرة، وكأن كل واحد منهم نظر إلى القرآن من زاويته فأدرك ما أدرك من مواطن الإعجاز،الـمتعددة بتعدد جوانب النظر فيه، ففي كل آية من آياته إعجاز، قد يكون لفظيا أو بيانيا أو دلاليا، وكل سورة من سوره، بـما فيها من أوامر تعبدية أو قيـم أخلاقية أو ضوابط سلوكية أو إشارات علـمية، وكذا كل تشريع وكل قصة أو واقعة تاريـخية وكل وسيلة تربوية ونبوءة مستقبلية، كل ذلك يفيض بـجلال الربوبية ويتـميز عن كل صياغة إنسانية!

ولكن أيـن يكمن سر هذا الإعجاز والقرآن إنـما أُنزل بلغة العرب لـم يـخرج عن ألفاظها وقواعدها وأساليب تعبيـرها ؟! ما يزال الدارسون والباحثون والـمفكرون والأدباء يبحثون عن هذا السر، ابتداء من نظرية النظم عند الـجاحظ الذي يقول: «إن القرآن خالف جـميع الكلام الـموزون والـمنثور، وهو منثور غير مقفى على مـخارج الأشعار والأسجاع» وقد أيده ابن خلدون بقوله: «وأما القرآن وإن كان من الـمنثور إلا أنه خارج عن الوصفيـن»، ولقد دأب العلـماء الـمسلـمون منذ القرن الثالث الـهجري يكتـشفــون أوجـها أخرى للإعجاز في القرآن غيـر الإعجاز البياني، وما يزالون.

فإلى جانب أوجه الإعجاز الكثيـرة الـمعروفة كالإعجاز اللغوي والتشريعي والتاريـخي والتـنبئي والعلـمي فإن تطور العلوم الـحديثة، الإنسانية منها والتـجريبية، قد مكنت من اكتشاف أوجه أخرى جديدة، لـم تكن معروفة من قبل.

من الطبيعي هنا أن نشيـر إلى أن الـمجال الأكثر غنى وتـنوعا وسرعة تطور، في مـجال الإعجاز القرآني هو إعجازه العلـمي بكل فروعه ومياديـنه وتـخصصاته، بفضل ما توصل إليه التقدم العلـمي من كشوف وحقائق مذهلة توافق كلها آيات قرآنية ظلت قرونا طويلة تـحيـر العلـماء الـمفسريـن، الذيـن عجزوا عن إدراك حقيقتها لأن أمر الله لـم يكن قد حان بعد لبـروزها، حتى يـجيء هذا العصر الذي يغزو فيه الإنسان الفضاء ويسبر فيه أغوار الـمادة ويستكنه مـجاهيلها، بدءا بالذرة والإلكترون إلى مكـونــات الـخلية الـحية وفـك بعـض طلاسم وألغــاز الـخـريطة الوراثية الـمركبة والـمرتبة داخل النواة بكيفية تـحبس أنفاس كل إنسان سليـم العقــل والفطــرة، وقــانون الـجاذبـيـة وأطوار خلق الـجنيـن وعملية التـمثيل الضوئي وما إلى ذلك مـما تفرزه أبـحاث العلـماء التـجريبـيـيـن الـمعاصريـن في مـختلف بقاع العالـم.

إنه إعجاز القرآن الذي يظل يتـحدى كبرياء، الإنسان وغروره، عندما يكتفي بعالـم الكائنات، التي تذهله عن رب الكائنات: «سنريهم آياتـنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيـن لـهم أنه الـحق» (فصلت 53).

إن ما يعرفه العلـم اليوم من حقائق الكون الـمرئي جزء ضئيل جدًا بالقياس لـما يـجهله منه: «وما أوتيتـم من العلـم إلا قليلا»(الإسراء 85) هذا فقط في الـمسائل الـمادية والكائنات الـجامدة، من حيث الأحجام والأبعاد والتكويـن والدوران والوظائف، فما بالكم بالكائنات الـحية الـمتـنوعة الـموجودة في هذا الكون الـمنظور، مـما يفيده معنى هذه الآية الكريـمة: «سبحان الذي خلق الأزواج كلها مـما تـنبت الأرض ومن أنفـسهم ومـما لا يعلـمون» (يس 36).

أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل:

إنّ كل ما في الإنسان والكون، وما يعقبه مرور الزمان، وما يفرزه تطور حياة الشعوب والأمـم، كل ذلك يـنطق بـهذه الـحقيقة الربانية الناصعة، القرآن معجزة خالدة، معجزة خاتـم النبييـن صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلـم: «إنا نـحن نزلنا الذكر وإنا له لـحافظون» (الـحجر 09).

غيـر أن ما يـنبغي التـنبيه إليه دائما هو أن القول بالإعجاز العلـمي الباهر لا يعني أبدا ان القرآن كتاب جامع لعلوم الفيزياء والكيـمياء والـجيولوجيا والفلك والطب وعلوم الطبيعة، وإنـما هي إشارات شاءت الـحكمة الإلـهية أن تتضمنها آيات وفق النسق القرآني الرباني الـمتفرد الـمعجز، إلى جانب دلالات أخرى تظل تتكشف للعلـماء والـمفسريـن على مَرِّ الدهور إلى يوم الديـن، بشكل متدرج يراعي النضج العقلي والتطور الـمعرفي في مسيـرة الإنسان وتفاعله مع الكون والطبيعة والـحياة.

إن القرآن الكريـم لـم يـحمل هذه الأسرار الكامنة فيه، إلا ليحفز العقل البشري على مر الزمن ويدعوه إلى التفكر والتدبر والإبداع، فلـم يكن غريبا إذن أن تـحفل آياته بالدعوة إلى العلـم وأن تبيـن شـموليته وسعته وعدم اقتصاره على الـماديات، بل كثرت وتعددت سياقات لفظة العلـم في القرآن، فهو تارة يطلق على الـحقائق الغيبية، من وجود الله والوحي واليوم الآخر، وتارة أخرى يطلق على أسرار الكون الـمادي وما يـحكم الـحياة من سنن وما يتخللها من آيات شاهدة على الـخالق.ّ

وهكذا هدى القرآن الكريـم الإنسان إلى أسس العقلية العلـمية والبحث العلـمي، وهيأ الـمناخ النفسي الذي نبتت فيه شتى العلوم التـجريبـية وقضى على الـمنهج الأسطوري الذي سيطر على الذهنية البشرية طوال قرون.

وكم أود أن أستذكر معكم الآيات التي بهرت العلـماء والـمفكرين في شتى الـمجالات وفي كل العصور، لو لـم تكن كثيرة، لا تعد ولا تـحصى، وما أشك في أنكم أحطتم بها غير أني أكتفي بالقليل القليل من آيات هذا البحر الزخار، حتى لا أفوت عذوبتها وحلاوتها، ونحن في رحاب القرآن الكريـم:

بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:

بسم الله الرحمن الرحيم

" ما فرطنا في الكتاب من شيء " الآية 38 سورة الأنعام

" أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا، وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا " الآية 6 و 7 سورة النبأ

"وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا، أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا " الآية 30 و31 سورة النازعات

" وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ " الآية 49 سورة الذاريات

"وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ " الآية 19 سورة الـحجر

" وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُون "َ الآية 88 سورة النمل

" هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " الآية 6 سورة آل عمران

"وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً " الآية 85 سورة الإسراء

"سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ". الآية 35 سورة فصلت

" قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ". الآية 88 سورة الإسراء

"الـم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ". الآية 1 - 4ت سورة الروم

" لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ". الآية 27 سورة الفتح

" فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ". الآية 92 سورة يونس

"مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ، بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ ". الآية 19 - 20 سورة الرحمن

"وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا" الآية 53 سورة الفرقان.

"أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ، أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ، لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ " الآية 68 - 70 سورة الواقعة

"فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ، لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ، تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ " الآية 75 - 80 سورة الواقعة

" أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ " الآية 40 سورة النور

"وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ " الآية 38 - 40 سورة يس

"أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ، وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ، وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ، وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ " الآية 30 -33 سورة الأنبياء

" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ " الآية 12 - 16 سورة الـمؤمنون

"قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا " الآية 4 سورة مريم

"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ " الآية 5 سورة الـحج

" خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ " الآية 5 سورة الزمر

"وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ " الآية 37 سورة يس

"وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ " الآية 97 سورة الأنعام

" لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ " الآية 25 سورة الـحديد

"أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ، وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ" الآية 77 - 79 سورة يس

"فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ " الآية 125 سورة الأنعام

"وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ " الآية 8 سورة النحل صدق الله العظيم.

هذا غيض من فيض. وغرفة من بـحار. بل حسوة طائر من محيط. واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلـمون.

أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل:

إن القرآن دعــوة إلى الـحيـاة، والـحيـاة لا تتـجزأ وكذلك علوم القرآن، التقليدية منهــا والـمسـتـجـدة، متـكاملـة في هداية قلب الإنسـان وإنــارة عقـله وتزكية نفسه وتصفية وجدانه.ّ

فنـحن عندما ننساق بفعل تأثيـر الـمناخ الـحضاري العام الذي نعيشه، ونركز في تفاعلنا مع القرآن على مـجال من مـجالات إعجازه كمجال الكشوف العلـمية، اليوم، التي ملأت الدنيا وشغلت الناس، فلا يـنبغي أن يـنسيـنا ذلك مـجالات أخرى نعتبـر التفاعل معها من الأولويات التي يـمليها عليـنا واقعنا، ونـحن نسعى إلى إحكام صلتـنا بكتاب ربنا، نستهديه ونسترشد بـه ونستلهمه فهو معيـن لا يـنضب، ونسيج من البلاغة متفرد، إنه عطاء مـمدود وتدفق غيـر مـحدود وإننا إذ نـأوي إلى ركن شديد من الـحق الذي يـجعل من هذا الكتاب الـخالد صلتـنا الواصلة بالـخالق سبحانه، ووسيلتـنا للـحفاظ على لغتـنا التي وسعته لفظا وغاية، فإننا نريد أن نربط أجيالنا الناشئة كذلك بالـجوانب التي تسمو بـملكة اللغة، وتـهذب الذوق وتصقل مواهب الإبداع الفني، عندما تتعامل مع الإعجاز البلاغي في القرآن.. وما أحوج كتَّابنا وأدباءنا اليوم، بل ما أحوج لغتـنا العربية إلى تـجديد الصلة الـحميـمية مع مصنفات علـمائنا الأعلام الذيـن أبدعوا في بيان الإعجاز البلاغي للقرآن، من أمثال الإمـام الرازي في أسـرار البلاغـة، والـجرجاني في دلائل الإعجاز، وابن أبى الإصبع في بدائع القرآن، والرافعي في آداب العرب، والزرقاني في مناهل العرفان، وغيرهم، مـمن كتبوا في بلاغة القرآن، فعددوا صورها وحاولوا استكانة وجه الإعجاز فيها وسر تـميزها وتفردها، فطوروا علـم البديع الذي اغتـنى بصور في القرآن عجيبة خلابة.

ولو تتبعنا سور القرآن الكريـم لوجدنا هذا الإعجاز البلاغي مترامي الأطراف والصور البلاغية متـناثرة في أرجائه، ما تزال تستهوي أفئدة الفصحاء والبلغاء، فاقرأوا معي سورة الرحمن وسورة الشمس، هل سمعتم أجـمل وأعذب قطعـة مـوسيقية، وما فيهـا من تـناغم الـحس والـجرس، وانسياب في الوجدان واطمئنان في النفس.

وما برح القرآن الكريـم يتبوأ القمة الشامـخة في حياة الإنسانية، وما زالت تعاليـمه الـهادفة تـنطلق مع الإنسان في مسيـرته الواعية، فهو نبع ثري من الـمعارف لا يـنضب، وهـو ألق حي من الفـضـائل لا يـخبو، وهو يـجمع إلى عمق النهج الديـني أروع مظاهر النهج الفني، وكلـما تقدمت الـحضارة شوطا في الـمعرفة والوعي أدركت في القرآن مالا يدرك في سواه، ذلك أنه كلام الله الـمنـزل على نبيه الـمرسل. فالقرآن وإن كان عربي العبارة يكمن في عربيته الـخالصة الكثيـر من معالـم إعجازه بل الإعجاز البلاغي فيه هو الوجه الناصع لـملامح الإعجاز الـمتعددة الظواهر.

لقد أعجزت العرب مزايا ظهرت لـهم في نظمه، وخصائص صادفوها في سياق لفظه، وبدائع راعتهم من مبادئ آية ومقاطعها، ومـجاري ألفاظها ومواقعها، وفي مضرب كل مثل ومساق كل خبـر.

ومن وجوه إعجاز القرآن، صنيعه بالقلوب وتأثيره في النفوس، فإنك لا تسمع كلاما غير القرآن منظوما ولا منثورا، إذا قرع السمع خلصت له القلوب، واستبشرت به النفوس وانشرحت له الصدور، يـحول بيـن النفس وبيـن مضمراتـها الراسخة فيها، فكم من عدو للرسول، هم بقتله فلـما سـمع القـرآن انــقـلبـت عــداوتــه مــوالاة، وكـفره إيـمـانــا.

تلك هي عبقرية القرآن وذاك إعجازه وسحره في النفوس، وسلطته على العقول، وسلطانه في هداية الأمـم العاملة به إلى سواء السبيل، وترقيتها بدعوته الصريـحة إلى الفضيلة، وحثه القاطع على العلـم النافع والعمل الصالـح، حتى غـدت أمـة القرآن في عصور نـهضتها وعزها في مقدمة أمـم الأرض قاطبة.

إن الـمختصيـن في علوم القرآن وعوالـم التأويل وحقائق التسييـر مدعوون لـخوض غمار هذا البحر الـمتلاطم الأمواج، والغوص إلى أعماقه البعيدة ليستخرجوا غرر جواهره ويستكشفوا كنوزه الثميـنة.ّ

فما أحوج أمتـنا إلى فهم سليـم لآيات القرآن الكريـم وعقول نيـرة تسترشد بـهدية الـمبيـن في تشييد عمران وبناء حضارة تتساوق مع الطبيعة والإنسانية التي تـجنـح حيـن اعتدالها إلى وسطية هي جوهر الديـن: «وكـذلك جعلنـاكم أمة وسطـا» (البقرة 143)، فـــلا الـخلــق عبـــــث، ولا الرسالة وهم، ولا الـحياة لهو، ولا الـموت فناء، فالوجود حكمة لـمن تغلب على هوى النفس واستظل بنور اليقيـن في ركوب الصعاب لبلوغ مدارج أولي الألباب الذيـن يستـمعون القول فيتبعون أحسنه.

أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل:

يلتئم، في هذا الأسبوع الإحتفائي، شـمل ثلة من العلـماء، ونـخبة من الدارسيـن، على مائدة القرآن الكريـم، يتدارسون سوره ويتدبرون آياته، في زمن طغت فيه مفاهيـم جديدة، ألقت بظلامها على تفكيـرنا، كما برزت صور مغشوشة، وأخر منقوصة، أضفت ضبابية على صورة هذا الديـن البهية، فألصقت به صفة الإرهاب ظلـما وبهتانا، ووسم أتباعه بالعجز والتخلف.

فلعلـماء الـمسلـميـن دور الريادة في إبراز حقائق الديـن، وبســط تعاليـمـه، كما جاء بـها الـمصطفى، فهم من يرفع ما التبس على الناس في تفسيـره، وهم من يـنفي عن هذا الديـن تـحريف الـمغاليـن وانتـحال الـمبطليـن وتأويل الـجاهليـن.

هم أحفظ الناس لكتاب الله وأعلـمهم به، فهم الأولى بشرح آياته وبيان أحكامه والتعريف بـحلاله وحرامه: «قل هل يستـــــوي الــذيـن يــعــلـمـــون والــذيــــن لا يعلـمون إنـما يتذكر أولوا الألباب» (الزمر 09)، «إنـما يـخشى الله من عباده العلـماء» (فاطر 28).

لـم يـمنع كون القرآن الكريـم الذي جاء ليعرف الناس بربـهم ويدعوهم لتوحيده وعبادته، من أن يتضمن قواعد عامة وأحكاما كلية تـخص حياة الناس ومعاشهم تصلـح لأن تكون منهجا تبنى عليه خطط وبرامج، من ذلك الآيات التي تـناولت البعد التـنـموي في شقيه الاجتـماعي والاقتصادي، فعند تتبعها والتدقيق في أسباب نزولـها ثـم ربط ذلك بسياقها التاريـخي يـمكن العثور على وحدة موضوعية وبنية منهجية لصياغة نظرية اقتصادية واجتـماعية تتـناغم مع الـمنظومة العقائدية لـمجتـمع مسلـم جديد النشأة.

أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل:
لبحر القرآن ملاحوه وغواصوه وما أنا منهم، ولكني حيـن أقترب من عباب بيانه وبديعه وإعجازه، فليس ذلك تطفلا مني على الـمختصيـن في علوم القرآن الـمجيد، بل من منطلق الرغبة في مشاركتكم الاحتفال بـمولد النبي الكريـم، صلى الله عليه وسلـم، والتـمسك بكتاب الله، الذي يجري في صدورنا مجرى الهواء الذي نتـنفسه، ويـنساب في عروقنا انسياب الدم الذي نـحيا به، يـنير وجداننا، ويسكن ضمائرنا، ويقود أعمالنا، كما كانت لي كذلك حاجة في نفس يعقوب تـحيـنت لها الفرص، ولاحت لي اليوم فرصة ثميـنة في ملتقانا الـمبارك هذا، أذكر من خلالها ببعض ما جاء في الذكر الـحكيـم، والسنة النبوية الشريفة، من حث على التآخي والـمصالـحة بيـن الناس، خاصة إذا كانوا من الاخوة، الـمصالـحة التي وجهنا لها كل مساعيـنا وجهودنا، بعد أن مس الـجزائرييـن ضر عظيـم، حتى زلزلوا زلزالا، ففجعوا في فلذات أكبادهم، وابتلوا في ديـنهم، وأتى الوبال على الزرع والضرع، وأضرمت نار الفتـنة واشتد أوارها، وكادت تعصف بكيان الأمة كله، لولا رحمة من الله سبقت، فألفــت بيـن القلوب الـمؤمنة: «لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بيـن قلوبهم، ولكن الله ألف بيـنهم إنه عزيز حكيـم» (الأنفال 63)، فجنـحت للوئام والسلـم والـمصالـحة، ولبت دعوة الـحق وصوت الضميـر، مهتــديـة بقـوله تعــالى: «وأن تعفوا أقـرب إلـى التقــوى» (البقرة 237)، «والصلـح خيـر» (النساء 128)، فدخلوا في السلـم، إلا من كانت قلوبهم غلفا، وفي آذانهم وقر، فلـم تدخلها رحمة الله. لقد أنذر الله عباده إنذارا ترجف له الأفئدة والأجسام: «فهل عسيتـم إن توليتـم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذيـن لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم» (محمد 22).

لقد علـمنا رب العزة: «فمن عفا وأصلـح فأجــره على الله، إنه لا يحب الظالـميـن» (الشورى 40)، «وما خلقنا السموات والأرض وما بيـنهما إلا بالـحق، وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الـجميل» (الـحجر 85)، «الذيـن يـنفقون في السراء والضراء والكاظميـن الغيض والعافيـن عن الناس والله يحب الـمحسنيـن» (آل عمران 134)، ومسترشديـن بحديث نبيه الكريـم: «إذا عنت لكم غضبة فادرؤوها بالعفو، إنه يـنادي مناد يوم القيامة: من كان له أجر على الله فليقم، فلا يقوم إلا العافون، إن الله عفو يحب العفو، عليكم بالعفو فإن العفو لا يزيد العبد إلا عزا، فتعافوا يعزكم الله، تـجاوزوا عن عثرات الـخاطئيـن يقكم الله بذلك سوء الأقدار».

وما أخذنا ميثاق شعبنا عن السلـم والـمصالـحة الوطنية، وعودة الأمن في البلاد، والتأليف بيـن القلوب بغيا أو عنوة، ولكن بالوسيلة الفضلى، التي تخيرها الله لعباده: «أدع إلى سبيل ربك بالـحكمة والـموعظة الـحسنة، وجادلـهم بالتي هي أحسن» (النـحل 125)، لإيـماننا الراسخ بأن جوهر الإنسان خير، وأن ديـننا الـحنيف ديـن فطرة، فإذا تساوقت الفطرة مع الـخير أنشأتا الفضيلة، فاتعظت النفوس الـمؤمنة، التي أرهفتها الـمعرفة بالـحكمة، وحصنها الإيـمان بالتقوى، فكفت عن عمل الباطل، باتباع الـحق، والإصلاح بيـن الناس: «ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤِتيه أجرا عظيـما» (النساء 114).

ولئن كان سعيـنا من أجل السلـم في بلادنا، ليس بالأمر الهيـن، استوجب منا وقتا ثميـنا، واستدعى جهدا كبيرا، وصبرا من الشعب طويلا، فإن النصر الذي أحرزناه، والـحمد لله، في إصلاح ذات بيـننا، كان أسلوبا ومنهاجا في معالـجة مأساتـنا، وفر دماء كانت تراق بالباطل، ومصالـح وأرزاقا كانت تدمر بلا حساب، حتى تغلـغلنـا في الفتـنة: «والفتـنة أشد من القتل» (البقرة 191) «والفتـنة أكبـر من القتل» (البقرة 217). وماذا نقول غدا لـرب العالـميـن الذي تسامى بنا إلى ملكوته العظيـم، فعلـمنا أن: «من قتل نفسا بغيـر نفس أو فساد في الأرض فكأنـما قتل الناس جـميعا، ومن أحياها فكأنـما أحيا الناس جـميعا» (الـمائدة 32).

أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل:
قد يطول الـحديث عن البديع والبيان وكل مظاهر الإعجاز في القرآن؛ وقد دبج له ذلك من دبج من العلـماء وأصحاب الاختصاص بعشرات الـمجلدات، إلا أنه يحضرني في هذا الـمقام ما أتـحفتـنا به ريشة الباقلاني، إذ يقول: «القرآن أعلى منازل البيان، وأعلى مراتبه ما جَمَعَ وجوه الـحسن وأسبابه وطُرُقَه وأبوابه، من تعديل النظم وسلامته وبهجته وحسن موقعه في السمع وسهولته على اللسان ووقوعه في النفس موقع القبول ؛ وإذا علا الكلامُ في نفسه كان له من الوقع في القلوب والتـمكُّن في النفوس ما يُذْهِلُ ويُبهج ويقُــلق ويُؤنس ويُضـــحك ويبكي ويورث الأريحية والعزة، وله مسالك في النفوس لطيفة ومداخل إلى القلوب دقيقة».

وأترك للسادة العلـماء فضل تـنوير الـحضور بإسهاماتهم الفكرية والعلـمية القيـمة لتسليط الضوء على معالـم هذه النظرية وتكييفها مع معطيات الواقع الـمتـجدد.

أسأل الله العلي القدير لي ولكم، أن يزكي مساعيـنا بالـخير، ويكلل جهودنا بالنـجاح: «رب اجعل هذا بلدا آمنا وأرزق أهله من الثمرات، من آمن منهم بالله واليوم الآخر» (البقرة 126) وليكون ملتقاكم عن الإعجاز في القرآن الكريـم ملتقى مباركا، وسنة حميدة تفتـح الـمجال واسعا لـحفظ القرآن والعمل به والتخلق بأخلاقه.

أرجو لكم النـجاح والسداد في أعمالكم. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



بوتفليقة يهدي أوباما قنينات من النبيذ

كشف البيت الأبيض الأمريكي عن نسخة من سجله الفيدرالي الخاص بالهدايا التي تلقاها كبار مسؤولي الولايات المتحدة خلال العام .2009 ومن بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما وأسرته. إذ يفيد التدقيق في محتويات السجل الرسمي الأمريكي، بوجود اسم الملك محمّد السّادس ضمن لائحة مهاديي أوباما. حيث أهدى له، حسب ما وُثّق بالصفحة رقم2959 من ذات السجلّ الفيدرالي، 9 كتب تتناول تاريخ وثقافة المملكة المغربية. أما بوتفليقة، وحسب ما جاء في الصفحة ,2956 فقد أهدى الرئيس أوباما، بتاريخ 5 ماي 2009، 4 صناديق تمر و12 قارورة من النبيذ الأحمر، حسب ما ذكره موقع هسبريس.

https://www.algeriachannel.net/?p=4741
https://www.elkhabar.com/ar/index.php?news=242360


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

بوتفليقة يهدي أوباما قنينات من النبيذ

كشف البيت الأبيض الأمريكي عن نسخة من سجله الفيدرالي الخاص بالهدايا التي تلقاها كبار مسؤولي الولايات المتحدة خلال العام .2009 ومن بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما وأسرته. إذ يفيد التدقيق في محتويات السجل الرسمي الأمريكي، بوجود اسم الملك محمّد السّادس ضمن لائحة مهاديي أوباما. حيث أهدى له، حسب ما وُثّق بالصفحة رقم2959 من ذات السجلّ الفيدرالي، 9 كتب تتناول تاريخ وثقافة المملكة المغربية. أما بوتفليقة، وحسب ما جاء في الصفحة ,2956 فقد أهدى الرئيس أوباما، بتاريخ 5 ماي 2009، 4 صناديق تمر و12 قارورة من النبيذ الأحمر، حسب ما ذكره موقع هسبريس.

https://www.algeriachannel.net/?p=4741
https://www.elkhabar.com/ar/index.php?news=242360


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

هههه قنينات نبيذ (ربما لم يقرا بوتفليقة اية تحريم الخمر في القران)

نفاق بعينه


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

شكر لصاحب الموضوع

النبيذ مع التمر ممكن اخطأ كان سيرسل له حليب مع التمر

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابومحمدالسعيد
شكر لصاحب الموضوع

النبيذ مع التمر ممكن اخطأ كان سيرسل له حليب مع التمر

هههههههههههههههههههههههههه