عنوان الموضوع : عين على الامة -ح 2- اقليم كوسوفا المسلم و- الاستقلال المشروط - ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ خبر عاجل
مقدم من طرف منتديات العندليب




. الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على المصطفى ، وبعد:


أثار إقليم كوسوفا المسلم اهتمام العالم عامَّةً، والإسلامي منه خاصة مرات عديدة في القرون الأخيرة، وكان من أهمها بالنسبة للأجيال الحاضرة ما حدث فيه من مجازر للمسلمين على أيدي الصرب الأرثوذكس في التسعينيات، ثم ما تابعناه ونتابعه هذه الأيام من إعلان الإقليم لاستقلاله تحت مظلَّة حلف الأطلنطي وحمايته.

وإقليم كوسوفا من البلاد الإسلامية التي عانت من تجاهل المسلمين أو جهلهم لسنين طويلة؛ بحيث لم يكن كثير من المسلمين يعرفون أن هذا الإقليم إسلامي، أو به مسلمون أصلاً، إلا بعد أن جرت فيه المذابح الصليبية ضد المسلمين في التسعينيات من القرن العشرين، مثله في ذلك مثل دولة الشيشان والبوسنة والهرسك.



خريطة كوسوفا



يحدث ذلك بينما كوسوفا دولة إسلامية غالبية سكانها مسلمون، وتاريخها مع الإسلام طويل يمتد قرونًا.
الموقع
تقع كوسوفا في منطقة البلقان في جنوب شرقي قارة أوربا، وهي محاصرة من الشمال والشمال الشرقي "بصربيا"، ويحدُّها من الجنوب مقدونيا وألبانيا، ومن الغرب الجبل الأسود، وتبلغ مساحتها 10.887 كيلومتراً مربعًا، ويبلغ عدد سكان كوسوفا ثلاثة ملايين نسمة.

دخل الإسلام إلى كوسوفا في عام 1389م، إبَّان المواجهة الحاسمة بين العثمانيين بقيادة السلطان مراد الأول والصرب بقيادة (لازار)، في المعركة التي اشتُهِرت باسم "قوصوه" أو "كوسوفا" وقد هُزِم الصرب في تلك المعركة، وقُتِلَ فيها ملكهم (لازار) بعد هزيمة جيشه، كما استُشهِد السلطان مراد وهو يتفقد نتائج المعركة، ويتفحَّص الجثث؛ إذ قام إليه جندي صربي تظاهر بأنه مقتول، وطعنه بخنجرٍ؛ فأرداه قتيلاً.
وتتمتع كوسوفا بتركيب عِرْقي متنوِّع يضمُّ 90% من الألبـــان، و4% من الصرب، و3% من الأتراك، و2% من البوشناق، و1% قوميات أخرى، وتبـلغ نسبة المسلمين بين هذه الأعراق حوالي 95%.

وتعود أصول الكوسوفيين (الألبان) إلى القبائل الإيليرية ذات الجنس الآري، وقد سُمُّوا بأكثر من اسم منها الألبان والأرناؤوط وإشكيبتا، واتفق المؤرخون على أنها أول من نزل شبه جزيرة البلقان - في عصر ما قبل التاريخ - على شواطئ البحر الأدرياتيكي الشمالية والشرقية قبل قدوم اليونان، وكان ذلك منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة، ثم توسعت وانتشرت القبائل الإيليرية في أنحاء البلقان.
اجتمعت تلك القبائل بعد ذلك، وانتخبت رئيسًا لها، ثم أنشأ الإيليريون دولة لهم قبل الميلاد بثلاثة قرون (وجمهورية كوسوفا اليوم تقع في الموقع الذي كان يسكن فيه أجدادهم الداردانيون، والقبائل الإيليرية الأخرى)، وكانت دولتهم تسمى دارداني، وقد ضعفت دولتهم بمرور الزمن؛ فاحتلَّها الرومان، وبقيت تحت احتلالهم إلى أن زالت إمبراطوريتهم، وانقسمت إلى شرقية وغربية، وصارت بلاد الألبان تحت حكم الإمبراطورية الشرقية؛ حتى فتح المسلمون بلادهم ونعمت قرونًا تحت حكمهم.

اتَّفق المؤرِّخون على أن الإسلام دخل إلى البلقان قبل الفتح العثماني، وذلك عن طريق التجار والدبلوماسيين والدعاة، إلا أن ذلك كان على نطاق ضيق ومحدود. أمَّا انتشار الإسلام في تلك البلاد فقد كان بعد مجيئ العثمانيين؛ حيث دخل الشعب الألباني في الإسلام أفواجًا، وحَسُنَ إسلام الألبان، واندمجوا في الدولة العثمانية؛ حتى برز منهم قوَّادٌ عِظام مثل بالابان باشا (من قواد فتح القسطنطينية)، وعدد من كبار الكُتَّاب والشعراء كانوا يؤلِّفون بلغات خمس، هي: الألبانية والبوسنية والعربية والتركية والفارسية، مثل محمد عاكف أرسوي رحمه الله.
وقد تمكن الحكم العثماني في جزيرة البلقان بصورة نهائية بعد معركة (قوصوه)؛ فبعد هذه المعركة الحاسمة خضعت كوسوفا وصربيا للحكم العثماني ما عدا مدينة بلغراد؛ فإنها فُتِحَت في عهد السلطان سليمان القانوني؛ وذلك في 26 من شهر رمضان المبارك سنة 938 هـ/1521م.

كانت ولاية كوسوفا أكبر الولايات العثمانية في روملي (أوروبا)، وكانت أول عاصمة لها مدينة بريزرن، ثم مدينة بريشتينا، ثم مدينة أسكوب (أسكوبيه) عاصمة مقدونيا اليوم، وما زال عدد الألبان فيها إلى يومنا هذا أكبر من عددهم في تيرانا عاصمة ألبانيا.

منذ هزيمة الصرب على أيدي المسلمين في (قوصوه) عملوا على إنهاء الوجود الإسلامي في البلقان؛ ومن أجل ذلك قادوا تحالفًا مع بلغاريا والجبل الأسود وإليونان بهدف طرد الدولة العثمانية من البلقان، ثم الانفراد بالمسلمين هناك.
واشتدت المؤامرات على الدولة العثمانية من الخارج خاصةً في عصور ضعفها، وتمكنت صربيا من قيادة التمرد ضد الدولة في الداخل - في منطقة البلقان – حتى استطاعت أخيرًا أن تستقل عن الدولة العثمانية.
ثم وقع الألبان في أكبر خطأ في تاريخهم؛ إذ أعلنوا استقلالهم عن الدولة العثمانية أثناء الحرب البلقانية العثمانية سنة 1912م، ومنذ ذلك الوقت بدأت مرحلة تصفية الحساب مع الدولة العثمانية؛ حيث أعلن "الصليبيون" في البلقان حربهم ضد الإسلام والشعوب المسلمة هناك؛ ففي مؤتمر عقدته الدول الغربية المنتصرة في لندن عام 1912م، تم توزيع أجزاء من أراضي بلاد الألبان على المنتصرين، وبعد أن كانت مساحة ألبانيا حوالي 70 ألف كيلومتر مربع؛ فإنها بعد اقتسام الغنيمة تقلَّصت إلى حوالي 29 ألف كيلو متر مربع فقط.


المجازر الوحشية في كوسوفا




كانت كوسوفا من نصيب المملكة الصربية آنذاك، ومن يومها بدأت المذابح الجماعية للمسلمين في البلقان عموماً، وفي البوسنة وكوسوفا خصوصاً، وتقول إحدى الإحصائيات بأن عدد قتلى المسلمين في كوسوفا وحدها قريب من ربع مليون نسمة، هذا غير المهاجرين من ديارهم فراراً بدينهم وهم عشرات الألوف.

ثم بدأت مؤامرة جديدة بين تركيا العلمانية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك وحكومة يوغسلافيا؛ وذلك بإفراغ البلاد من المسلمين، من خلال تهجير أعداد كبيرة منهم.
وبالفعل تم التوقيع على اتفاقية في عام 1938، تقضي بتهجير 400 ألف عائلة ألبانية مسلمة إلى تركيا.
وخلال الحرب العالمية الثانية ظلَّ قادة ما يسمى بحركة التحرير الشعبية ليوغسلافيا (وهي حركة قومية ماركسية) يتوددون إلى الشعب الألباني المسلم في كوسوفا لإقناعه بأن من حقهم الاستقلال عن المملكة الصربية، وأنهم في حال تسلُّمهم مقاليد الحكم في البلاد سيعيدون هذا الحق المغتصب للمسلمين في كوسوفا.
ولكن بعد أن اعتلى الماركسيون الشيوعيون الحكم في البلاد تناسى الشيوعيون وعودهم، وتذكروا فقط عداءهم للإسلام، وحقدهم على المسلمين؛ فقاموا بحملة إبادة واسعة للشعوب الإسلامية المنكوبة التي سيطروا عليها، وأرسلوا وحدات من الجيش لاحتلال كوسوفا الأمر الذي فوجئ به الألبان، وظلُّوا يقاومون الجيش طيلة ثلاثة أشهر - من شهر ديسمبر 1944م إلى فبراير 1945 م – حتى سقط في هذه المعارك قرابة 50 ألف شهيد من الشعب الألباني المسلم.



وفي عام 1945م قرَّرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي تقسيم الأراضي الألبانية المحتلة بين ثلاث جمهوريات، هي: صربيا، ومقدونيا، والجبل الأسود؛ ومن ثَمَّ فقد أُلحِقَ إقليم كوسوفا بصربيا، وسُلِّمَت بعض الأراضي الألبانية ومَن عليها من سكان ألبانيين إلى جمهوريتي مقدونيا والجبل الأسود، الأمر الذي شتَّت العديد من أفراد الأسرة الواحدة بين هذه الدول.

وقد نصَّ الدستور اليوغسلافي الذي صدر سنة 1946م، على (تبعية كوسوفا لصربيا) كإقليم يتمتع بحكم ذاتي؛ مما مثَّل انتهاكًا كبيرًا لحقوق أهل الإقليم، وفوق ذلك فقد ظلَّ هذا الحُكم الذاتي يتقلَّص تدريجيًّا إلى أن أُلغِي بالكامل في دستور سنة 1963م.
ولكن بصدور دستور سنة 1974م تم تثبيت الحكم الذاتي وتوسيع نطاقه؛ إذ أصبحت كوسوفا بموجبه وحدة فيدرالية واحدة متساوية مع بقية الوحدات الفيدرالية الأخرى في البلاد، وهو ما انطبق على البوسنة أيضاً، الأمر الذي رفضه المسلمون فقاموا سنة 1981م بثورة شعبية على مستوى كوسوفا كلها، يطالبون فيها باستقلال كوسوفا عن صربيا نهائيًّا، ومنحها حكمًا ذاتيًّا في إطار يوغسلافيا الفيدرالية؛ الشيء الذي جعل السلطات الصربية تأمر القيادات العسكرية بقمع انتفاضة الشعب المسلم؛ حيث نزل الجيش المدجَّج بأفتك أنواع الدبابات، والأسلحة الحديثة التي راحت تحصد المسلمين هنا وهناك.

وقد قُدِّرَ عدد قتلى المسلمين في اليوم الأول فقط من هذا الاجتياح بحوالي 300 قتيل، هذا فضلاً عن هدم البيوت، وتدمير المنشات الخدمية، وانتهاك حرمة المساجد والمدارس الدينية، وهتك أعراض الحرائر من أخواتنا المسلمات؛ مما أجَّج الثورة والغضب في نفوس المسلمين، وصاروا يتوقون بشدة إلى إعلان الاستقلال، وهذا ما فعلوه منذ أيام قلائل








مقبرة جماعية في البوسنة والهرسك




ومع كل هذا القمع الشديد استمر المسلمون في المطالبة بحقوقهم إلى بداية انهيار الشيوعية، التي آذنت بتفكك (الاتحاد اليوغسلافي)، وراحت كل جمهورية من جمهورياته تأخذ طريقها نحو الاستقلال التام عن (يوغسلافيا) الفيدرالية، فتوقع المسلمون أنَّ أفول الظلام الماركسي، وظهور نظام جديد في أوروبا الشرقية سوف يسمح بالحريات لشعوب المنطقة، ويعطيها الحق في تقرير مصيرها.
وقد امتدَّ هذا حتى شمل جمهوريات (يوغسلافيا)؛ فأعلنت (البوسنة) استقلالها بعد (سلوفينينا) و(كرواتيا) وهنا قامت قيامة أعداء الله، فأعلنوا الحرب على الإسلام والمسلمين، وصرَّحوا على الملأ بأنهم لن يسمحوا بقيام دولة إسلامية في أوروبا ثم حدث بعد ذلك ما حدث من الجرائم الوحشية والمذابح الجماعية التي ارتكبت في حق الشعب البوسني المسلم، والتي شهدها العالم بأسره، ولم يحرِّك لها ساكناً!!
لقد كان ما جرى في البوسنة من مذابح دموية، واغتصابات بالجملة، وجرائم لم تعرف لها البشرية نظيرًا أو حتى شبيهًا مقدمة لما يجري تخطيطه لإقليم كوسوفا المسلم؛ فلقد بدأت الحكومة الصربية مرحلة جديدة من الاعتقالات والتعذيب، والاضطهاد فاقت سابقتها، وفي هذا الصدد ارتكب (الصرب) جرائم كبيرة ضد هذا الشعب المسلم، في ظل صمت مطبق من العالم الإسلامي!!
وظل (الصرب) يمارسون إجراءاتهم القمعية ضد المسلمين في (كوسوفا) طوال الفترة الماضية، ولم يكن أمام الشعب المسلم خيار إلا المقاومة والانتفاضة أمام التجاوزات والتضييق، وسياسة الإفقار والتجهيل الممارسة ضده من طرف (الصرب) المهيمنين على مقاليد البلاد.

لقد بدأت الجرائم الصربية بالتصفيات الجسدية، وتدمير المساجد، والمنازل، واغتصاب المسلمات، وأخذت هذه الجرائم تتوالى على المسلمين؛ فتم إبعاد اللغة الألبانية عن كل تعامل رسمي، ومُنِعَتْ منعاً باتًّا في المدارس والجامعات، وطُرِدَ كل ألباني مسلم من وظيفته العمومية والمراكز الحساسة كالأمن والجيش، وقُتِلَ أكثر من (100) جندي مسلم خلال خدمتهم العسكرية في الجيش اليوغسلافي الصربي، وجرح أكثر من (600) آخرين في حالات اعتداءاتٍ متكررة استهدفت طرد المسلمين من الجيش لمنع المقاومة المسلحة ضد (الصرب).
ومن هنا عمد مسلمو كوسوفا لأسلوب آخر، هو النَّيْل من المستوطنين الصرب، الذين جِيءَ بهم من (كرواتيا) و(البوسنة) و(صربيا) و(الجبل الأسود)، لتحقيق توازن ديمغرافي مع الألبان في (كوسوفا)؛ ففي عام 1988م تظاهر نحو (6 آلاف) من المستوطنين الصرب ضد ما وصفوه بالمضايقات الألبانية. ولم يتأخر ردُّ ديكتاتور (صربيا) الجديد آنذاك المجرم العتيد (سلوبودان ميلوسيفيتش)، فأعلن في سنة (1989م) إلغاء الحكم الذاتي لـ(كوسوفا)، مُظهرًا وجهًا قوميًّا عنصريًّا سافرًا، ومُعلنًا حمايته للصرب.
وقد كان خطاب (ميلوسيفيتش) نقطة تحول، ليس على مستوى الأوضاع في (كوسوفا) فحسب، بل على مستوى (يوغوسلافيا) السابقة برمتها، وكان قرار إلغاء الحكم الذاتي في (كوسوفا) بمثابة إلغاء لـ(يوغوسلافيا) السابقة، وإعادة ترسيم الخريطة الجغرافية للبلقان بعد انتهاء الحرب الباردة، وانهيار (الاتحاد السوفيتي)، وظهور ما سُمِّيَ في ذلك الوقت بالنظام العالمي الجديد.
بعد ذلك تطورت الأوضاع وظهرت حركات تطالب بالاستقلال التام عن (يوغوسلافيا)، في كُلٍّ من (كرواتيا) و(سلوفينيا) و(مقدونيا) و(البوسنة) و(كوسوفا)، وجرت مصادمات جديدة بين الصرب والألبان في سنة (1990م) وأعلنت (كرواتيا) و(سلوفينيا) الاستقلال عن يوغوسلافيا، وطالبت ألبانيا باستقلال كوسوفا.

ولكن الإجرام الصربي بلغ أشده سنة (1990م) عندما قامت السلطات الصربية بوضع السُّمِّ القاتل في خزانات مياه المدارس بمدن (كوسوفا)، فتسمَّم منها أكثر من سبعة آلاف طفلٍ من أطفال المسلمين، وكانت الحادثة من أبشع الجرائم التي ارتكبها الحقد الصليبي الصربي ضد أطفال المسلمين.


روجوفا



وفي الوقت نفسه أغلقت القوات الصربية جميع المدارس الابتدائية والثانوية الألبانية، وأتبعتها بجامعة (بريشتينا) الألبانية، وقامت بطرد جميع طلابها، كما أغلقت المكتبات المركزية في جميع مناطق (كوسوفا)، وصادرت الكتب العلمية النادرة، ونقلتها بواسطة الشاحنات العسكرية إلى مصانع الورق، لإعادة تصنيعها ورقًا عاديًّا!!
وسط كل هذا برز اسم الزعيم الكوسوفي إبراهيم روجوفا رئيسًا لاتحاد الكتاب الألبان عندما أعلن (ميلوسيفيتش) إلغاء الحكم الذاتي في (كوسوفا)، وفي (1990م) طالب روجوفا بإعادة الحكم الذاتي لـ(كوسوفا)، وأعلن عن تشكيل حزب الرابطة الديمقراطية.
قام الشعب الكوسوفي المسلم بإجراء استفتاء عام حول استقلال الإقليم في سبتمبر 1991م؛ حيث صوَّت لصالح الاستقلال 99% ممن شارك به، وبناء على الاستفتاء انتُخِبَ روجوفا في (1992م) من قِبَلِ شعبه رئيسًا لجمهورية (كوسوفا) التي لم تعترف بها (بلغراد)، وتصاعد الغليان في (كوسوفا) باعتقال عشرات الألبان.
كان روجوفا يعتمد أسلوب الكفاح السلمي في مواجهة الصرب، ولكن هذا الأسلوب أثبت فشله في إنقاذ ألبان كوسوفا، أو حمايتهم؛ مما حدا بالشعب المسلم في (كوسوفا) بالاتجاه إلى العمل المسلح للدفاع عن هويتهم، فتم إنشاء جيش تحرير (كوسوفا)، وهو جيش عسكري يجمع الوطنيين القوميين من أبناء الإقليم، وهو ليس وحده الذي يعمل في ساحة المقاومة، بل هناك حركة الجهاد الإسلامي، وهي حركة إسلامية نشطة أسسها مجموعة من الشباب المسلم الذي تخرج في الجامعات الإسلامية، وشارك بعضهم في الجهاد المسلح ضد (الصرب) في (البوسنة)، وقد قاموا - إلى جانب القيام بأعباء المقاومة المسلحة - بنشاط دعوي وتربوي وتعليمي واسع للحفاظ على هوية الشعب المسلم، وإعداد الشباب المسلم إعدادًا متكاملاً للمشاركة في مقاومة العدوان الصربي الصليبي على بلادهم، وهذه المجموعة المجاهدة انطلقت في جهادها ودعوتها وتعليمها من منهج السُّنَّة الصافي، وواجهت تعتيمًا إعلاميًّا متعمَّدًا؛ لكي لا ينجذب الشباب الكوسوفي إليهم.


علي عزت بيجوفيتش




في هذا الوقت تم التوصل إلى (اتفاقية دايتون) بين المسلمين في البوسنة والهرسك، وأعدائهم الصرب والكروات في قاعدة دايتون العسكرية بولاية (أوهايو) الأمريكية في (21 من نوفمبر 1995م)، وتوقيعها بضمانات دولية في (14 ديسمبر) من نفس العام في (باريس)؛ مما شجَّع الألبان على المطالبة بالاستقلال.
ولكن صربيا عارضت هذه الاتفاقية؛ لأنها لا ترغب في استقلال كوسوفو الذي يقضي على حلم التوسع الصربي؛ ما دفع بحركة الجهاد الإسلامي الكوسوفية، وجيش تحرير كوسوفو إلى شنِّ حرب عصابات ضد الجيش وقوات الشرطة الصربية المتواجدة في كوسوفو عام 1998/ 1999م، وهو ما ردت عليه صربيا بحملات إبادة شديدة في المناطق التي تنطلق منها الحركتان، ومن ثَمَّ وجدت أمريكا وأوربا الفصة سانحةً للتدخل عسكريًّا ضد صربيا بزعم القضاء على هذه الحملات بعد أن فشلت جهود التفاوض السلمى التى كان آخرها مفاوضات "رامبوييه" مطلع عام 1999م نتيجة لتعنت الجانب الصربي في مقابل قبول ألبان كوسوفو


أفراد من جيش تحرير كوسوفا



للشروط الدولية لحل هذا النزاع، ولكن الهدف الحقيقي للتدخل الأمريكي الأوربي كان التدخل في البلقان لمنع قيام دولة مسلمة حرة في أوربا على غرار ما نفذته الولايات المتحدة في البوسنة، بالإضافة إلى ذلك كان إضعاف
الحليف الرئيسي لروسيا في منطقة البلقان، والقضاء على آخر رمز لقوة الروس في أوربا من الأهداف الرئيسية أيضًا؛ إذ إن هذه الضربات لم تكن بالقوة التي تقضي على الصرب، وإنما وضعت قدمًا لأمريكا وحلف شمال الأطلنطي في كوسوفا؛ لكي تتحكم منه دفة الأمور.
وهو ما تحقق بالضربات الجوية من حلف الناتو لصربيا في مارس 1999 إلى أن دخلت القوات البرية لحلف الناتو إقليم كوسوفو في 9 يونيو 1999م، لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ كوسوفا لا يكون الحكم فيها للطرف الصربي أو للجانب الألباني وإنما لإدارة مدنية دولية مؤقتة تابعة للأمم المتحدة



أن التدخل العسكري الأمريكي الأوربي في كوسوفا كان لمنع قيام دولة مسلمة حرة في أوربا على غرار ما نفَّذته الولايات المتحدة في البوسنة، بالإضافة إلى ذلك كان إضعاف الحليف الرئيسي لروسيا في منطقة البلقان، والقضاء على آخر رمز لقوة الروس في أوربا من الأهداف الرئيسية أيضًا؛ إذ إن هذه الضربات لم تكن بالقوة التي تقضي على الصرب، وإنما وضعت قدمًا لأمريكا وحلف شمال الأطلنطي في كوسوفا؛ لكي تتحكم منه في دفَّة الأمور، وهو ما تحقق بالضربات الجوية من حلف الناتو لصربيا في مارس 1999م إلى أن دخلت القوات البرية لحلف الناتو إقليم كوسوفو في 9 من يونيو 1999م، لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ كوسوفا لا يكون الحكم فيها للطرف الصربي أو للجانب الألباني، وإنما لإدارة مدنية دولية مؤقتة تابعة للأمم المتحدة
كان الحال ينذر بتفجر الأوضاع مرة أخرى، وهذا ما حدث؛ إذ حدثت صدامات عنيفة بين الألبان والصرب في كوسوفا عام 2016م.
وبناءً على ذلك قامت الولايات المتحدة ومجلس الأمن برعاية مفاوضات الوضع النهائي في كوسوفو التي بدأت في 2016م، ولكن تلك المفاوضات لم تصل إلى شيء؛ لأن صربيا عرضت الحكم الذاتي الموسع لإقليم كوسوفا في حين أصرَّ الألبان على الاستقلال التام.
وبدأت المفاوضات الأخيرة جولة بعد جولة دون نتيجة، وأصبح الخلاف روسيًّا غربيًّا، غطاءً للنزاع الصربي الكوسوفاوي.

في 17 من نوفمبر 2016م جرت الانتخابات العامة في كوسوفا على مستوى الرئاسة والبرلمان؛ وفاز بالرئاسة فلاديمير سيديو، وفاز بالأغلبية البرلمانية الحزب الديمقراطي لكوسوفا برئاسة هاشم تقي، ويبلغ تقي من العمر 39 سنة، وقد شهد في حياته الكثير من التقلبات، فهو ينحدر من عائلة شديدة التمسك بقوميتها الألبانية، ومن منطقة درينيتشا الوعرة جغرافيًّا، وحاصل على دبلوم في الفلسفة والتاريخ من جامعة بريشتينا.

ومنذ عام 1993م، لجأ تقي إلى سويسرا كالكثيرين من أبناء بلده، لكن لم يطِـب به المقام، فعاد إلى كوسوفو لتعبِـئة الشباب وتدريبهم على حمل السلاح، فكانوا نواة لما أصبح يُـسمَّى بعد ذلك بجيش تحرير كوسوفو (UCK)، ومنذ ذلك الحين دخلت كوسوفو مرحلة تاريخية جديدة، وأصبح هاشم تقي المطلوب الأوَّل للسلطات الصربية.

وبعد التدخل الدولي في كوسوفو وانطلاق المفاوضات حول الوضع القانوني للمنطقة، اختِـير هاشم تقي لقيادة الوفد الألباني لمفاوضات رامبووي، وكان عندئذٍ وزيرًا أولاً بالحكومة الانتقالية بكوسوفو.



هاشم تقي



ويقول تقي المعروف بدهائِـه السياسي: "حتى لو بقينا نتفاوض مائة عام، لن نتوصل إلى اتفاق مع الحكومة الصربية"، وقد كشف تقي خلال السنوات الأخيرة على قُـدرة فائقة من التعامل مع المتغيِّـرات، وتحوّل بسرعة من زعيم للمقاومين إلى رجل دولة، هدفه تحقيق السلام والاستقرار والتنمية في منطقة 60% من سكانها عاطلين عن العمل.
ومع حلول 10/12/2016م موعد تقديم تقرير عن إخفاق المفاوضات إلى الأمم المتحدة مجدَّدًا، بات الاحتمال كبيرًا أن يتم إعلان استقلال كوسوفا من جانب واحد، مع وعود - غير مضمونة - أن يجد اعترافًا غربيًّا، مقابل الرفض الصربي والروسي.
وبالفعل أوصى التقرير الذي أعدَّه مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى إقليم كوسوفو، باستقلال منظم للإقليم عن صربيا يدعمه لفترة أولية وجود دولي مدني وعسكري؛ ففي تقرير موجَّه إلى مجلس الأمن، والأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون)، قال المبعوث الأممي الخاص مارتي أهتيساري: "الاستقلال هو الخيار العملي الوحيد من أجل أن تكون كوسوفو مستقرة سياسيًّا، وتتوفر لها مقومات الاستمرار اقتصاديًّا". وأضاف - حسب الرغبة الأمريكية بالكامل -: "استقلال كوسوفو عن صربيا يجب أن يكون منظمًا، ويدعمه لفترة أولية وجود دولي مدني وعسكري".
وأوصت الخطة الأممية بأن يُمنَح الإقليم حق الالتحاق بالمنظمات الدولية، ويكون له رموز السيادة من جيش ودستور وعلم ونشيد، لكن مع حكم ذاتي موسع للأقلية الصربية المقدرة بنحو 100 ألف.
وقد وضع الاتحاد الأوربي الخطة قيد التنفيذ بأقصى سرعة، ووصل الاتفاق بين مندوبي الاتحاد الأوربي في بروكسل على صياغة قرار إرسال بعثة خبراء (1800) أوروبيين إلى كوسوفا، للمساعدة في تكوين الأجهزة الإدارية والقضائية والأمنية خلال الفترة التالية للاستقلال، وهو قرار اتُّخِذ بالإجماع مع امتناع المندوب القبرصي عن التصويت، وكانت قبرص آخر الدول المعارضة على هذا الصعيد.

لقد قررت أمريكا والاتحاد الأوربي أن يكون استقلال كوسوفا تحت رعايتها، وليس استقلالاً كاملاً يحكم فيه المسلمون الكوسوفيون أنفسهم.
وبالفعل أعلن هاشم تقي استقلال كوسوفا عن صربيا في 17 من فبراير 2016م. في هذه الأثناء بدأت الحكومة الصربية استعداداتها الرسمية لفرض حصار على كوسوفا على غرار حصار غزة، يشمل مثلاً قطع الكهرباء وإغلاق الحدود، وإن كان من المستحيل أن يصل إلى مستوى ما يعانيه قطاع غزة؛ نتيجة استمرار الوجود الغربي في كوسوفا.
وقد قامت الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي بالاعتراف باستقلال كوسوفا مباشرة، وحتى الآن اعترفت ما يزيد على 30 دولة باستقلال كوسوفا، غالبيتها من أعضاء الاتحاد الأوربي، ورفضت الاعتراف روسيا وصربيا بالطبع، ومعهما عدد من دول أوربا الشرقية، كبلغاريا وقبرص واليونان كذلك.

وفي مفاجأةٍ غريبة لم تعترف باستقلال كوسوفا أية دولة عربية، فيما اعترفت بها خمس دول فقط من 57 دولة أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، وهي أفغانستان والسنغال وألبانيا وماليزيا، بينما كانت تركيا من أسرع الدول في الاعتراف بها.
لقد رفض العديد من الدول العربية والإسلامية الكبرى الاعتراف باستقلال كوسوفا؛ فمصر عبَّرت عن رفضها، وأنها كانت ترى حصول كوسوفا على حكم ذاتي فقط، وإندونيسيا رفضت الاعتراف كذلك.
يحدث ذلك بينما يرنو مسلمو كوسوفا إلى العالم الإسلامي والعربي بنظرة أمل في الاعتراف والتعاون، فهم يريدون أن تبادر الدول الإسلامية للاعتراف بدولتهم، وقد طالب رئيس الأئمة بالمشيخة الإسلامية بكوسوفو صبري بايجوري العالم الإسلامي بالاعتراف العاجل والسريع بدولتهم الناشئة التي تتمتع بأغلبية مسلمة تصل نسبتها إلى 96% من تعداد السكان البالغ نحو مليونين ونصف المليون نسمة، وقال: "نحن في حاجة عاجلة إلى الدعم السياسي أولاً للحفاظ على الاستقلال وتثبيت الدولة، ثم الدعم الاقتصادي ثانيًا للنهوض بهذه الدولة في كافة المجالات".
فما السبب يا تُرى في رفض الدول الإسلامية الاعتراف باستقلال كوسوفا؟
ولماذا رفضت الاعتراف أيضًا بلغاريا وقبرص واليونان؟
ولماذا كانت تركيا من أولى الدول التي سارعت للاعتراف بالاستقلال؟

يتبين لنا من خلال ما سبق أن استقلال كوسوفا كان مطلبًا دائمًا من مسلمي كوسوفا على مدار القرن الماضي، وأن هذا المطلب دفعهم إليه الاضطهاد العنيف الذي لاقوه من الصرب على خلفيَّة عداوتهم للإسلام، والتواطؤ المستمر من الأوربيين رغبةً في الثأر من المسلمين - خاصةً العثمانيين - نتيجة انتصار المسلمين في معركة قوصوه (كوسوفا) على جيش الصرب بقيادة ملكهم لازار.


وقد تبين لنا أيضًا أنهم بذلوا من أجل هذا الاستقلال الكثير من الأرواح والأموال والأمان والاستقرار، ولكن هذا الاستقلال قد حدث بدعم أمريكي غربي واضح؛ وذلك من أجل مقاومة رغبة روسيا في العودة لسابق قوتها، وبسط سيطرتها على جزء من أوربا، كما أنَّ أمريكا ترغب من خلال هذا الدعم لاستقلال كوسوفا المشروط بالمظلة الأمريكية الأوربية أن تُضعِف الحليف الأخير لروسيا في أوربا، والذي يرتبط مع روسيا بروابط الدين المسيحي والمذهب الأرثوذكسي، وكذلك برابط العِرق السلافي.


في الوقت ذاته تسعى أمريكا لبسط سيطرتها على أوربا من خلال التدخل في شئونها الداخلية، وجعل الأوراق الخاصة بها في يدها.


أثناء كل هذا نجد أنَّ أوربا الغربية تسير في رِكابِ الولايات المتحدة، وتنفِّذ ما تأمر الأخيرة به؛ لذا اعترفت أوربا بدولة كوسوفا عقب إعلان استقلالها، مع الأخذ في الاعتبار عداوة أوربا المتأصلة للإسلام؛ مما يزيد من تركيزها على قضايا البلاد المسلمة داخل أوربا، وعلى الجبهة الأخرى وجدنا قليلاً من الدول الأوربية يقف في المعسكر الروسي، كاليونان وقبرص اليونانية وبلغاريا.


والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: أين المسلمون مما يحدث؟


وأين الاعتراف الإسلامي بدولة كوسوفا؟


لقد جاءت ردود أفعال الرسمية للدول الإسلامية مخيبة للآمال في مجملها فيما عدا الموقف التركي، الذي قام بالاعتراف باستقلال كوسوفا مرحِّبًا بعد وقت قصير من إعلان الاستقلال، كما قام أمين عام منظمة المؤتمر الإسلامي التركي أكمل الدين إحسان أوغلو بدعوة الدول الإسلامية إلى الاعتراف بكوسوفا؛ وذلك خلال إحدى القمم الخاصة بدول المؤتمر،





شعار منظمة المؤتمرالإسلامي




ولعلَّ هذا الاعتراف التركي نابع - إضافةً للأخوة الإسلامية - من أن كوسوفا هو أحد الأقاليم التي قام العثمانيون بفتحها، والانتصار على الصرب فيها، وأنه من الأجزاء القليلة التي ما زال المسلمون يشكلون فيها أغلبية، بعدما قامت أوربا - زمن الضعف العثماني، وبعد سقوط الخلافة - بقمع المسلمين واضطهادهم.


ولكن بخلاف الموقف التركي لم يكن ردُّ الفعل العربي والإسلامي على قدر الأحداث؛ ورغم أن الشارع الإسلامي في كافة بلاد العالم الإسلامي قد تفاعل بقوة مع أحداث البوسنة وكوسوفا في التسعينيات، وتولَّد تعاطف كبير مع مأساة المسلمين فيهما إلا أن رد الفعل عند إعلان الاستقلال لم يكن بالشكل المنتظر؛ فغالب الدول الإسلامية لم تعترف باستقلال كوسوفا بما فيها مصر، التي أعلن أحد مسئولي وزارة خارجيتها أن مصر ترفض استقلال كوسوفا، وتفضِّل أن لو كانت قد حصلت على حُكم ذاتي في إطار صربيا.


ومصر دولة مهمَّة - لا في القرار العربي والإسلامي فحسب، بل بالنسبة للشعب الكوسوفي نفسه - وذلك لأن أكبر الجاليات العربية في كوسوفا هي الجالية المصرية، ويُرْمَز إليها بنجمة ضمن النجوم الست الممثلة للأقليات الموضوعة على العلم الكوسوفي، ولها مقعد وجوبي في مجلس النواب الكوسوفي، بخلاف ما تحصل عليه من خلال الانتخابات.


كما تعود أهمية مصر إلى التعاطف الشعبي الجارف مع الشعب الكوسوفي المسلم إبَّان الاعتداءات الصربية الغاشمة أواخر التسعينيات.


والموقف الإندونيسي أيضًا كان مخيبًا لآمال الكوسوفيين والمسلمين كافة؛ إذ رفضت إندونيسيا - وعلى وجه العَجَلَة - الاعتراف بالاستقلال.


ونستطيع أن نتبين أن أسباب رفض كثير من الدول الإسلامية الاعتراف بكوسوفا يتمثل في سببين، هما:


الأول: الخشية من تنامي نزعات الاستقلال داخل إطار هذه الدول نفسها، خاصة لو كانت أمريكا وحلفاؤها تسعى لتمزيق هذه الدول من خلال دعم الخارجين عليها، والمنشقين عنها؛ ومن ثَمَّ يصبح تأييدها لاستقلال كوسوفا حُجَّة عليها؛ فمصر - مثلاً - تخشى من ظهور دعوات لانفصال النوبة، أو دعوة لإقامة دولة مسيحية مستقلة في صعيد مصر، وتخشى كذلك من تقسيم العراق، أو انفصال جنوب السودان عن شماله؛ لإقامة دولة مسيحية.




علم تيمور الشرقية


كما تخشى إندونيسيا من انفصال إقليم آتشيه بعدما دعَّم الغرب انفصال تيمور الشرقية، وإقامة دولة مسيحية فيه بعد إقامة مذابح للمسلمين في تيمور.


السبب الثاني لرفض تلك الدول الاعتراف باستقلال كوسوفا، هو عدم رغبة هذه الدول في إغضاب روسيا وصربيا وشرق أوربا؛ حفاظًا على مصالح هذه الدول العربية.


ولكن قد يقول قائل: إن المصالح العربية مع أمريكا أكبر، والخشية من النفوذ الأمريكي لدى الدول العربية لا تُقارَن بأية دولة أخرى؛ لذا فإن وقوف تلك الدول العربية في وجه رغبتها باستقلال كوسوفا قد يجلب عليها الغضب الأمريكي.


وهذا القول صحيح، ولكن الواضح أن أمريكا لا تعتبر استقلال كوسوفا قضية كرامة شخصية، على عكس روسيا وصربيا؛ لذا فإنها قد تتجاوز مع من يعارضها فيها، بعكس روسيا التي لن تتسامح مع من يؤيدون الاستقلال.


كما أن موازنات المصالح قد تدفع بعض الأنظمة الضعيفة إلى محاولة الوقوف في منطقة وسطى بين أمريكا وروسيا؛ فتوافق هذه مرةً، مقابل أنها تسير مع تلك مرات ومرات؛ مما يظهر مواقفها بلون باهت غير مفهوم أو مُبَرَّر أحيانًا.


اللافت للنظر في الموقف أن هناك دولاً أوربية أعلنت رفضها لاستقلال كوسوفا في حين تبدو لا ناقة لها ولا جمل في المسألة؛ فإذا كانت صربيا وروسيا معنيتين بالمقام الأول، فما مبرر بلغاريا واليونان وقبرص اليونانية لرفض الاستقلال، وعدم اللحاق بقطار التأييد الأمريكي الأوربي؟


الواضح من أحداث التاريخ أن هذه الدول ما زالت تعتبر كوسوفا امتدادًا للخلافة الإسلامية العثمانية التي قهرت أوربا زمنًا طويلاً، وفتحت بلغاريا والمجر واليونان حتى وصلت إلى فيينا عاصمة النمسا حاليًا.


لقد عاشت تلك الدول تقتات من مرارة حقدها وكراهيتها للإسلام وممثلته: الخلافة العثمانية، وعلى حين استقر الإسلام في البوسنة ومقدونيا وكوسوفا؛ فإن بقية الدول قامت بجهد كبير لاستئصال الإسلام، واضطهاد المسلمين؛ حتى أخرجتهم من أوربا، وظلَّ الإسلام محصورًا في تلك الدول الثلاث، إضافةً إلى ألبانيا.





إن رُوح العداء للإسلام وللخلافة العثمانية هي التي دفعت تلك الدول إلى رفض استقلال كوسوفا، وستدفعها لتأييد روسيا وصربيا في كل خطواتهما لتقويض ذلك الاستقلال.


وهكذا تختلف الأسباب، ولكن تتحد الأفعال في النهاية، ولكننا في نهاية القصة نقول:


إن خوف الدول العربية من شبح التقسيم والانفصال إن هي أيدت استقلال كوسوفا لا بد أن يزول؛ لأنه ليس مبرِّرًا لعدم الاعتراف؛ وذلك لسببين:


الأول: أن الحال مختلفة؛ فكوسوفا في الأصل بلد مسلم كان تابعًا للخلافة العثمانية، وبعد سقوطها صار مستقلاًّ، إلا أنه تم اغتصاب حريته، وضمه قسرًا ليوغسلافيا الشيوعية؛ لِيُحكَم بالحديد والنار من أجل اقتلاع الإسلام منه، وعانى المسلمون فيه من الاضطهاد، والتعذيب، والتغييب عن دينهم، ومن استلاب حرياتهم في العبادة، وفي كل شأن من شئون الحياة؛ لذا هناك فارق مهم للغاية بينها وبين الدول العربية والمسلمة التي تعيش وحدة واحدة منذ تحررها من الاحتلال، وأية محاولة للانفصال لا تعني إلا تمزيق البلد، وينبغي مقاومتها.



الثاني: أن ظهور الرغبة في الانفصال عن الدولة ينشأ في غالب الأحوال نتيجة الظلم، وعدم حصول المواطنين على حرياتهم، ورغبتهم في العيش بكرامة واحترام؛ لذا ينبغي على تلك الدول - بدلاً من أن ترفض استقلال كوسوفا - أن تحسِّن من حياة مواطنيها، ومن سجلها في مجال حقوق الإنسان، وأن تحرص على إعطاء الشعب حقوقه كاملة غير منقوصة؛ حتى يشعر أنه في بلده، وليس في بلد حكامه؛ ومن ثَمَّ يحاول إنشاء بلدٍ آخر له يسترد فيه كرامته، ويحصل فيه على حقوقه. نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يحفظ كوسوفا وسائر بلاد المسلمين. اه.


اختصرنا مادة هده الحلقة من مقالات الد/ راغب السرجاني



وفي الاخير اترككم مع الاثراء والنقاش وتسليط الضء اكثر سائلين المولى جل جلاله ان يبارك لنا ولكم وان يجعلنا واياكم من الدين يستمعون القول فيتبعون احسنه




والى لقاء اخر مع حلقة اخرى من حلقات عين على الامة ان شاء الله **** اخوكم ابو ابراهيم ****



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

بارك الله فيك

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

وفيك بارك الله وجزاكم الله خيرا على هدا المرور
**** ابو ابراهيم ****

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

بارك الله فيك اخي فأنت تأخذنا الي مناطق منسية في جسد الامة المنهك واخشي علي عين الامة من كثرة البكاء علي حال الامة الذي لا يرضي الا اعداءنا ممن يرغبون في نهش هذا الجسد .


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

----- ياليت لو اننا على الاقل نعترف بالتقصير والتناسي اتجاه مناطق امتنا المنسية كما اشرت - بارك الله فيك على هدا التعبير المعبر بارك اختنا المشرف بنت جبيل وجزاك الله خيرا
*** اخوكم ابو اراهيم ***


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

المختصر / أصدرت المفوضية الأوروبية قرارًا يسمح بفتح حدود الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أمام مواطني كلٍّ من صربيا والجبل الأسود ( منتنجرو ) ومقدونيا، بحيث يمكنهم الدخول للدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرة دخول بداية من يناير 2010 م. بينما يستمرّ إغلاق أبواب أوربا في وجه المسلمين ، حتى وإن كانوا من أصل أوروبي مثل الألبان في ألبانيا وكوسوفا والبوسنيين المسلمين.
وقد اعتقد البعض أنّ السياسات العنصرية الرسمية قد ذهبت مع القرون الوسطى في أوربا، لاسيما بعد أن اعترف البرلمان الأوروبي في 15 يناير الماضي بمجزرة سريبرينتسا التي تَمّ إحياؤها في 11 يوليو الجاري بحضور نحو 60 ألف من أهالي الضحايا والمواطنين البوسنيين وأصحاب الضمائر من مختلف أنحاء العالم.
وقد جاء قرار المفوضية الأوروبية متزامنًا كما سلف مع الذكرى 14 لمجزرة سريبرينتسا، التي لم نسمع لها سوى همسًا في الإعلام الغربي والعربي على حد سواء. وقد لفت ذلك نظر الإعلام الألماني مثل "سويددويتش سايتونج" و"بيلت " و"دير شبيجيل" وغيرها " أوربا سمحت للصرب والمنتنجريين والمقدونيين بدخول أراضيها بدون تأشيرة، الأمر الذي أشعر المسلمين بأنهم الخاسرون الأكبر من هذه القسمة "وربما كان ذلك مقصودًا لإشعار المسلمين بأنهم غير مرغوب فيهم، أو توجيه إهانة لهم، تعبيرًا عن "الحب اللدود" المذكور في كتبهم المقدسة.
وقال راديو "دوتشيفيله": "لقد جاء القرار بعد 3 أيام من إحياء مجزرة سريبرينتسا، مما يعني سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مكافئة الصرب على ارتكابهم مجزرة سريبرينتسا بينما توجهت أوربا لأهالي الضحايا بالعزاء ، كما لو كان تشفيا".
وأجرت صحيفة "بيلت" الألمانية حوارًا قصيرًا مع المبعوث الدولي السابق إلى البوسنة كريستيان شفارتز شيلينغ، والذي استقال من الحكومة الألمانية إبان العدوان على البوسنة احتجاجًا على سياسات بلاده حيال ما كان يجري من فضائع ،قال فيه: "إلغاء تأشيرة دخول مواطني غرب البلقان لدول الاتحاد الأوروبي، تأخّر عن موعده، وكان ينبغي أن يكون ذلك قبل فترة طويلة، ومن المؤسف إلى حدّ الصدمة والشعور بالاشمئزاز أن يتم استثناء البوسنة وألبانيا وكوسوفا" واعتبر قرار استثناء المسلمين "قرار سياسي خاطئ".
وقال شيلينغ: إن القرار الأوروبي " ضربة للمصداقية الأوروبية " ، بعد الاعتراف بمجزرة سريبرينتسا "مذبحة سريبرينتسا هي الأكبر في أوربا منذ الحرب العالمية الثانية ، وفي الذكرى 14 يتم مكافئة الصرب بمنحهم حق دخول أوربا بدون تأشيرة ، وتأجيل منح نفس الحق للضحايا ، تراجيديا سياسية بكل المقاييس ، وهي ضربة للمصداقية الأوروبية كما ذكرت.
وقالت صحيفة " زايتونغ " تحت عنوان "جيتو في البلقان": إنّ "قرار المفوضية الأوروبية ، تأكيد على دور سلبي مارسته أوربا في حرب البوسنة، وهو تأكيد أيضًا على وجود سياسة مزدوجة حيال شعوب البلقان، وذلك سيؤثر على ما يبدو على نزعات التفكير لدى المسلمين هناك والذين يشعرون بأنهم يعيشون في جيتو" وتابعت "المسلمون ينظرون لما جرى على أن المجرمين الصرب تَمّ مكافئتهم مرة أخرى في الذكرى 14 لمجزرة سريبرينتسا، المرة الأولى عندما اعترف لهم بنتائج الإبادة والمرة الثانية، عندما تمت تبرئة صربيا من جرائم الإبادة، والآن عندما سمح لهم بدخول أوربا دون الضحايا وفي الذكرى 14 لمجزرة سريبرينتسا".
ومن المقرّر أن يبدأ سريان إلغاء تأشيرة دخول مواطني صربيا ومقدونيا ومنتنجرو بداية شهر يناير من العام القادم بعد موافقة المجلس الأوروبي، والبرلمان الأوروبي كما هو منتظر في الأيام القادمة. في حين ليست هناك أي مؤشرات على أن مواطني البوسنة وألبانيا وكوسوفا سيتمكنون من دخول دول الاتحاد الأوروبي بدون تأشيرة ، بعد 6 أشهر أو سنة أو أكثر.
مع العلم أن صرب وكروات البوسنة يتمتعون بالجنسيتين الصربية والكرواتية مثلهم مثل صرب كوسوفا ، مما يجعل المعنيين بالمنع من دخول أوربا بدون تأشيرة هم المسلمون دون غيرهم . في إجراء ينم عن تمييز عنصري وديني خيل للكثيرين بأن أوربا والغرب قد تجاوزته منذ عدة قرون !!!
المصدر: الإسلام اليوم
-نقله / ابو ابراهيم -