عنوان الموضوع : الاتحاد المغاربي: أسباب غيابه عن الأحداث الجارية الأخبار
مقدم من طرف منتديات العندليب

تمر المنطقة المغاربية في الوقت الراهن بانتفاضات شعبية من أجل إحداث التغيير الديمقراطي في دولها بقيادة القوى الشابة، ولكن الاتحاد المغاربي كمؤسسة تابعة للأنظمة الحاكمة لم يتحرك ليساند ويدعم مطالب الجماهير في الحرية وإدارة الحكم الرشيد على أساس التداول على السلطة.

في هذا الإطار نريد هنا أن نتأمل المشكلات التي تحُول دون قيم الاتحاد المغاربي الشعبي، والوحدة المغاربية التي تعكس وتكرس طموحات المواطنين في المنطقة المغاربية. فالمنطقة المغاربية كان لها دور محوري في التأسيس لحضارة الأندلس على أيام الدولة الإسلامية الموحدة؛ ألم تؤثر المنطقة المغاربية في تشكيل وتنوير حركات التحرر من الاستعمار الأوروبي الحديث، وفي التعجيل في استقلال الكثير من الدول في أفريقيا؟

من الناحية التاريخية أيضا فإن المنطقة المغاربية تحولت إلى لقمة سائغة لجيوش الاحتلال حينما تشتتت إلى أقطار لا يجمعها جامع. وفي الوقت الحاضر فإن البلدان المغاربية تتلقى التأثيرات من بلدان الشمال أكثر مما تؤثر فيها، وذلك بسبب تشرذم طاقاتها وتباين سياساتها الخارجية.

ويبدو أن التأثير القوي سيتصاعد بعد استكمال أوروبا لوحدتها الشاملة حيث سيتعامل العملاق الأوروبي الموحد مع أقطارٍ وليس مع كيان متكامل. سأعطي هنا مثالا له بالاقتصاد وفقا لمجلة الأكونومست البريطانية؛ فإن مجموع الدخل الإجمالي السنوي لكل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا ما ينيف عن 10 تريليون دولار في حين لا يتجاوز الدخل العام السنوي لكل من الجزائر والمغرب وموريتانيا وليبيا معا "150 مليار دولار". يمكن أن تتوازن مع أوروبا الموحدة، أما إذا بقيت متشبثة بواقعها القطري فإنها ستصبح لقمة سائغة فعلا وستبتلعها أوروبا ابتلاعا فوريا.

إن أمن بلداننا في خطر حقيقي ومن جميع النواحي وليس على مستوى الاقتصاد فقط. سأعطي مثالا ثانيا حتى يدرك حكامنا بأن الوحدة المغاربية ليست ترفا، بل هي ضرورة تاريخية وأمنية بالدرجة الأولى.

كما يدرك الجميع فإن هناك صراعا أمريكيا- أوروبيا غير معلن على المنطقة المغاربية، وسوف يتطور هذا الصراع عند تصادم المصالح بينهما. وهكذا تتحول بلداننا إلى حقل تجارب لكل من أوروبا وأمريكا وقد يفضي ذلك إلى التدخل العسكري من طرف أحدهما عندما تدق ساعة الصفر. وبذلك نفقد حتى استقلالنا السياسي الشكلي، وهنا نطرح مجموعة من الأسئلة: هل الوحدة المغاربية ممكنة ومطلوبة أم لا؟ ما هي القوى التي تمتلكها هذه المنطقة في حالة وحدتها؟ وما هي المشكلات التي تقف سدا يمنعها في الوقت الراهن من التحقق والإنجاز؟ ثم ما هي الحلول الناجحة للتغلب على العراقيل التي تجهض باستمرار المساعي لبلورة آفاق التكامل الحقيقي بين بلداننا كخطوة أولى لدمجها في دولة واحدة ديمقراطية النهج وحداثية المنهج؟

أولا، نبدأ بتقديم صور عن بانوراما القواسم والروابط المادية والتاريخية التي تشترك فيها بلداننا المغاربية، وهي التي ترشحها لو توفرت الإرادة السياسية أن تصبح تكتلا قويا وصلبا. في المنطقة المغاربية وحدة دينية متماسكة حيث تتميز عن الشرق الأوسط وعن أوروبا بخلوها من الطوائف والانتماءات المذهبية المتعددة والمتناقضة.

أما العامل الثاني فيتمثل في التلاحم الدموي على نحو يختلف تماما عن واقع أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط أيضا. ففي أوروبا عشرات الأعراق المتجانسة، إذ يبلغ عدد القوميات في بريطانيا لوحدها 33 قومية.

وفضلا عما تقدم فإن الفضاء المغاربي يمتلك حساسية ثقافية متشابهة في الأصول، وإن اختلفت أحيانا في الفروع، إلى جانب توفر الحساسية النضالية كتراث يوحد فصول تاريخها الوطني. إذا كان هناك في أوروبا عشرات اللغات وهي حية في أغلبها وتتنافس بحدة كما هو حال اللغات الألمانية والفرنسية والانكليزية والإسبانية، فإن المنطقة المغاربية ليس بها مثل هذه الظاهرة اللسانية، إذ فيها اللغة العربية واللغة البربرية كأصل، والفرنسية كإرث استعماري متفق عليه ولا يدخل ضمن عناصر الهوية الثقافية الأصلية.

ويمكن إضافة عامل آخر وهو التشابه في مستوى التنميات الوطنية بعكس التفاوت الكبير داخل العائلة الأوروبية الكبيرة. سأعطي مثالا لتوضيح ذلك: إن اقتصاد إسبانيا زراعي وفلاحي وسياحي ويتضارب كلية مع أسس اقتصاد بريطانيا وفرنسا وألمانيا؛ والشيء نفسه يقال بالنسبة للدول البلطيقية التي انضمت إلى الإتحاد الأوروبي، وبالنسبة للمجر وبولندا على سبيل الحصر وليس التفصيل.

وعلى ضوء هذه الحقائق المادية والتاريخية فإن آليات توحيد المنطقة المغاربية أكثر واقعية من تلك التي توظف في أوروبا لدمج الصلاف مع الانكليز والويلزيين والفرنسيين والاسبانيين والباسك والأسكوتلانديين والألمان والمجريين والليتوانيين والأستونيين إلى آخره... وهكذا فإن جميع العناصر التاريخية والنفسية والثقافية والروحية والجغرافية والنضالية تقف إلى جانب مشروع الوحدة المغاربية لو استعملنا العقل بدلا من أوهام الوطنية الضيقة.

ما دامت هذه العناصر موجودة وقائمة وحية ترزق فما هو المانع إذن من البدء في تنفيذ الخطوات الأولية لبناء صرح الوحدة المغاربية؟ ربما يقول قائل بأن الاتحاد المغاربي يمثل هذه الخطوة كمفرد بصيغة الجمع، وهنا لا بد من المصارحة والجهر العلني بأنه لا يزال مجرد شكل بدون محتوى يتفاعل معه ويجسد تضاريسه في جميع المجالات الأساسية سواء على مستوى البنى التحتية أو البنى الفوقية والبنى الرمزية.

هنالك جملة من المعوقات المورثة عن الاستعمار الأوروبي والأخرى المختلفة اختلافا من قبل الأنظمة المتعاقبة على الحكم في منطقتنا. هنالك عائق الحدود التي هي من موروث الاحتلال الفرنسي على نحو جلي ومحدد. إنه في نفس كل دولة مغاربية "شيء من حتى"، كما يقول النحويون، و"حتى" هذه هي "حتى" الحدود، ثم هنالك عائق الصحراء الغربية الذي ينغص ويسمم كلا من الجزائر والمغرب، إلى جانب ذلك مشكلة الدولة- الأمة التي هي من اختراع الحداثة الأوروبية، وليست بالقطع من بنات أفكارنا، والتطور الداخلي الخاص لبلداننا.

في الواقع إن حدود معظم الدول المستعمرة سابقا مخترعة أوروبيا أيضا. وهنالك دول جديدة بالكمال والتمام ليس لها جذر تاريخي، أي أنها ليس لها أي دليل في التاريخ وقبل الاستعمار الأوروبي يثبت وجودها، لنذكر هنا الكويت وباكستان وبنغلاديش وأستراليا وزيلندا الجديدة وتيمور الشرقية، وهنالك دول نبتت مثل تايوان وإسرائيل، ويعود منشأ هذه الأخيرة أيضا إلى الاستعمار البريطاني لفلسطين.

القائمة طويلة، ومن هنا فإن الحدود المتنازع عليها في الفضاء المغاربي لم تكن نتيجة لاحتلال دولة مغاربية لأخرى إنما هي من صنع الآلة الكولونيالية الأوروبية مئة في المئة. بناءً على هذه الحقيقة التاريخية فالمطلوب من الأنظمة الحاكمة في بلداننا فك الارتباط مع ميراث الاحتلال الأوروبي. وفي هذا السياق هنالك تصوران أو لنقل هنالك آليتان لفك هذا الارتباط:

فالآلية الأولى هي تحويل المناطق المتنازع عليها إلى إقطاعيات مشتركة للاستثمار فيها وجعلها بمثابة الرابط الاقتصادي والثقافي والتجاري يربط بيننا؛ إن هذا الحل هو توفيقي.

أما الحل الثاني والأكثر شعبية والأكثر تواصلا مع الأبنية التاريخية لمجتمعنا المغاربي الموسع، فيكمن في فك الارتباط ثوريا وجذريا بميراث المستعمر ككل وبدون تجزيئه. وهنا يكون الموقف كالتالي، ألا وهو إنهاء شكل الدولة- الأمة الموروثة عن الإيطاليين أو الفرنسيين.

إن توحيد الأقطار المغاربية في دولة كبرى ديمقراطية وعصرية يعني بالنتيجة إغلاق ملف الحدود والصحراء الغربية وبدون رجعة، وإنهاء التطاحن بين الزعامات القطرية. إن المرء يستغرب موقف من يتشبث ببلداننا بشكل الدولة- الأمة الأوروبي من حيث الأصول في الوقت الذي أطاح الاتحاد الأوروبي بالحدود القطرية اجتماعيا وثقافيا وتمليكا وعملة وتجاريا وسيولة مالية وهلم جرا، علما أن هذه خطوات تمهيدية ستليها مرحلة الحسم الكبرى حين تعلن الجمهورية الأوروبية المتحدة.

مرة قال المجاهد الجزائري الشهيد العربي بن مهيدي قولته المشهورة وهي "ازرع الثورة في الشارع والنجاح مضمون" ونحن نقول هنا بأن الشعب المغاربي مهيأ نفسيا وتاريخيا ووجدانيا وثقافيا للمصادقة على الوحدة والانتخاب عليها. وإنه قادر أن يحميها من أي دخيل أو محرِف أو منحرف، فلماذا لا نستحدث سنّة حميدة وذلك بالقيام بانتخابات شعبية مغاربية شفافة ليقول هذا الشعب كلمة الفصل في مشروع الوحدة المغاربية المكدس في الرفوف حيث يعلوه الغبار، حيث تطمر آمالنا في وطن واحد موحد وقوي وديمقراطي تكون له مبادراته ومساهماته في التحولات العالمية الكبرى والحاسمة التي يشهدها هذا العصر؟.


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

??????????????????????????????????

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! !!

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :