عنوان الموضوع : ضوابط النقد والمناقشة الأخبار
مقدم من طرف منتديات العندليب
من قواعد النقد البناء : الموضوعية والإيجابية ونقد الأفعال لا الأشخاص .
مادامت طبيعتنا البشرية لا تعفينا من الخطأ، ومادام النقص جزءا من طبيعة الإنسان، فإن النقد يعتبر ضرورة للمراجعة والتصحيح والتغيير. وحتى يحقق النقد فوائده المرجوة فلابد أن يتم وفق ضوابط موضوعية وأسس سليمة.
أسس النقد حتى تؤتي العملية النقدية أكلها لابد من وجود منهج صحيح، ومعايير تضع الإطار الذي يوضح عملية النقد من التشهير، ويميزها عن النميمة والغيبة. فمن الضرورة تأسيس عملية النقد على قاعدة معرفية مقبولة، حيث يشهد واقعنا طرح كثير من المشكلات والقضايا التي تتناولها الألسن بالنقد والتمحيص، وهذا في حد ذاته شيء طيب وظاهرة إيجابية، لكن السلبي في الموضوع هو دخول الكثيرين حلبة النقد، وهم غير ملمين إلماما كاملا بالموضوع الذي تتم مناقشته، ولا الأمر الذي يجعل العملية النقدية تبتعد عن مسارها الحقيقي، ويحولها إلى مشاحنات وخصومات، مع أنه ينبغي أن يكون في سلم ألوياتنا عند الدخول في العملية النقدية، أن تكون لدينا حصيلة كاملة من المعلومات عن الموضوع المراد وضعه تحت المجهر، أو الفكرة التي يراد تشريحها بمبضع النقد، وهذا يتطلب جهدا كبيرا يستلزم مهارات عدة، تشمل القدرة على فهم الآخر، والقدرة على تقليب الأفكار وخلق الإحتمالات، التي يمكن أن يقصدها هذا الرأي أو ذاك الموقف، ناهيك عن القدرة على توجيه كلام الآخر توجيها حسنا.
ومن الأخطاء التي تشهدها عملية النقد، أن يمارس البعض النقد لذات النقد، بغرض الإختلاف مع الآخر ومعاكسته في الإتجاه. هذا اللون من النقد لا يتوخى الحقيقة غالبا، ولا يراعي حرمة ولا ينصف خصما، ويغلب عليه الجدل المذموم والسفسطة الكلامية، ويميل إلى التشهير والتحقير، ويجنح لإفشاء السلبيات وإظهار النقائص. في حين أن الممارسة النقدية الصحيحة ينبغي أن يكون هدفها هو إظهار الحق والحقيقة والمراجعة والتصحيح.
تعتبر الإيجابية من أسس النقد الصحيح، ويراد بها: النظر إلى الأمور بمنظار الأمل والرجاء، فيكون النقد دافعا لمحو الخطأ وتفاديه، وتصحيح المسار، لأن عملية النقد بالمفهوم الإيجابي، رصد الإنسان في دوائره المتعددة، فردا وجماعة، وتمحيص ما كسب وما اكتسب، بالتعبير القرآني (... لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت...) [سورة البقرة الآية 286]. وحتى يكون النقد إيجابيا، فإنه يعمد إلى تثبيت الطيب والإيجابي والجيد والحسن، ويطرح جانبا كل خبيث ورديء وقبيح.
وإذا كانت الإيجابية من مواصفات النقد الصحيح، فإن العملية النقدية يجب كذلك أن تتصف بالموضوعية، بمعنى أنه لا إفراط ولا تفريط، وإنما يكون النقد ملتزما جانب العدالة والإنصاف، وعدم المبالغة في التمنيات والمغالاة التي تعثر المسير وتوهن القوة، فالموضوعية شرط للإستفادة من الممارسة النقدية والتمتع بثمراتها. يبقى أن هذه الموضوعية في نقد الأفكار والقضايا والمواقف والأحداث، تتطلب شخصية ناقدة تتصف بصفات عدة، منها: التجرد من المسلمات والمواقف السابقة، التي قد تؤثر في القيام بدور الناقد، والقدرة على إنصاف الآخر عند الحاجة، وتحمل المسؤولية المترتبة على أخذ النتائج.
ومن الأسس المنهجية للنقد البناء، ضرورة التفرقة بين نقد الفكرة ونقد الممارسة، فمثلا لايصح أن نصف الإسلام بأنه دين الجهل والفقر.
فالفصل بين مناهج نقد الأفكار، ومناهج نقد التجارب والممارسات، مقدمة صحيحة للحصول على الإجابات الصادقة والموضوعية، عن الأسباب الكامنة وراء الإخفاق، والأسباب الكامنة وراء النجاح.
كما يلزم أيضا إسقاط النقد على الأفعال لا الأشخاص، لأن العملية النقدية ينبغي أن توجه وأن تنصب حول الفعل الذي هو كسب أو اكتساب، ولا تصل حد الهجاء والذم للأشخاص، فذلكم النقد الذي يستهدف جمع مثالب الإنسان وإحصاء أخطائه ليشهر به.
معوقات النقد:
على الرغم من أهمية النقد ودوره الكبير في الإصلاح المنشود، إلا أن هناك جملة من العقبات والمعوقات تعترض طريق النقد الهادف البناء، ومن أهم هذه العوقات:
- ازدواجية النقد: فهناك صور نمطية سلبية للنقد والمراجعة والتصحيح تحتاج إلى ترشيد، حتى لا تفسد علينا ممارستنا النقدية الصحيحة، ومن بين هذه الأنماط النقدية السلبية عدم قبول النقد الموجه إلينا من الآخر، الذي نمطره نحن بوابل من الأحيان. وهذه الازدواجية في الممارسة النقدية تعتبر ضربا من التناقض والأنانية المفرطة. وحتى يكون النقد مفيدا ومنصهرا في بوتقة المصلحة العامة لابد من التخلي عن هذه الازدواجية، وتدريب نفوسنا على قبول النقد من الآخر والإستماع إلى نصائحه وإرشاداته.
- الإحجام عن النقد بسبب عيوبنا: وكثيرة هي الأخطاء التي نقع فيها، باعتبارنا بشرا، يجوز في حقهم الخطأ والنسيان، والتجاوز والطغيان، والشخص السوي يراجع نفسه ويحاسبها ويتقبل النقد من الآخرين تجاه ما يصدر عنه، رغبة في التخلص من الأخطاء، وإصلاح القلوب والنفوس وتزكيتها. لكن في المقابل هناك من يتستر على عيوبه، ويداري سوءاته، بالتالي فهو لا ينقد ذاته نقدا ذاتيا ولا يحب أن يسمع نقدا من الآخرين حتى لا يفتضح أمره، وأمثال هؤلاء يمثلون عقبة في طريق الممارسة النقدية، التي تمثل لهم حساسية خاصة، فترى الواحد منهم "يحارب النقد البناء تجنبا للفضيحة، وسترا على الهفوات والجرائم التي ارتكبها، فنجد أنه يتستر على هذه الأمور، لأنه يعرف أن بناءه من زجاج، وأنه عرضة للفضيحة في أي وقت. ولذلك يعد النقد قضاء على مصالحه.
- التعصب يفسد العملية النقدية: التعصب مفهوم عام يشمل التعصب لجنس أو معتقد أو حزب أو رأي.. إلخ، والتعصب المقصود هنا، هو الإنحياز التام والدفاع الكامل عما يتعصب الإنسان له دون مبررات منطقية ولا حجج عقلية واضحة، هو بهذا المعنى ظاهرة سلبية مذمومة تختلف عن التعصب المحمود المبني على قناعة تم تبنيها بعدإخضاعها للتمحيص المنهجي.
يدفع التعصب السلبي الإنسان إلى تجاهل الآخر، ورفض التعامل معه، بالتالي لا يقبل المتعصب نقدا، ولا يسلم بمراجعات الآخر أو نصائحه، لأن التعصب أوصله إلى حد التقديس الأعمى لما يتعصب له، فهو يدافع عنه ويذود عن حماه بالحق أو بالباطل. ومن هنا فإن التعصب يمنع الفكر من اكتشاف الحقائق، ويفقد الإنسان القدرة على التعايش والإنسجام مع الآخرين، فيجعله مستمتعا بجهله، محروما من استثمار قدرات عقله، رافضا التكامل والتعامل مع أنداده من أبناء جنسه ومجتمعه.
- الغرور يدفع إلى التعالي على النقد: الإحساس بالأنا شعور يختلف من شخص إلى آخر حسب متغيرات عدة، ويشكل هذا الشعور بالأنا ضغطا على النفس، فتمتلئ بحب الذات التي تتضخم حتى يرى صاحبها ذاته فوق الآخرين. وتبعا لذلك يرى صاحب هذه الأنا المتضخمة متعاليا على النقد، متذمرا من النصيحة، وكأنه مبرأ من الخطأ والتقصير. وتؤدي هذه الحال بصاحبها إلى الغرور الذي يقوم على مبالغة المغرور في تقدير حجم إمكاناته وقدراته، وطبيعته البشرية المحدودة والقاصرة.
تمثل الأنا المتضخمة التي تدفع صاحبها إلى الغرور والأنانية المفرطة، عقبة حقيقية في طريق الممارسة النقدية، بل تعتبر معوقا أساسيا لكل أشكال النهضة والتحضر. أو بعبارة أخرى فإن التزكية المطلقة للذات، وتجاهل نقد الآخرين، يحرماننا من التقدم والتطور، ويفوتان علينا فرص الإصلاح والتغيير. يقول الإمام علي كرم الله وجهه "كفى بالاغترار جهلا، من جهل اغتر بنفسه، وكان يومه شرا من أمسه".
المؤمن البصير بأمر نفسه وعاقبة أمره يحب المكاشفة والمصارحة بضوابطهما وآدابهما.
هناك من يمارس النقد لذات النقد بغرض الإختلاف مع الآخر ومعاكسته في الإتجاه.
النقد الموضوعي يستلزم التجرد من المسلمات والمواقف السابقة والقدرة على إنصاف الآخر وتحمل المسؤولية.
ملاحظة : الموضوع منقول .
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :