عنوان الموضوع : الثورة وأزمة المعارضة العربية الأخبار
مقدم من طرف منتديات العندليب

الثورة وأزمة المعارضة العربية
ميرنا لحود
\07q-9.htm



تطرح الأوضاع الراهنة في المنطقة العربية اليوم أسئلة عديدة يتبوأ السياسي فيها مركز الصدارة وقد صار الحراك الثوري عاصفا بأعتى الأنظمة السياسية العربية وأكثرها بطشا. كل الأسئلة اليوم محكومة بالمد الثوري الذي فاجأ الجميع حتى صناع الثورة أنفسهم من الشباب والمعطلين الذين كونوا العصب الرئيس لهذه الحركة التي لا زالت إلى اليوم في أوج تمددها من المتفاجَئين حتما بل لعلهم أبرز المتفاجَئين أطياف المعارضة العربية التي لم تقد هذه الثورات ولم تخطط لها مثلما هو الحال في النظريات الكلاسيكية للثورة.
نشأت المعارضةُ في العالم العربي مصاحبة لقيام النظام الرسمي نفسه فسعت إلى ترسيخ وجودها على الساحة السياسية وحاولت التعايش معه لكنها سرعان ما واجهت مصاعبَ عدةً ويتجلى ذلك على واجهتين. تتعلق الواجهة الأولى بمبادئ المعارضة وأدبياتها التي لا تتوافق مع برامج النظم القائمة. وتتصل الثانية بماهيتها التي تختلف تماماً عن الخط السياسي المعتمد من طرف السلطة وهو ما خلق حالة دائمة من الصراع والتناطح كانت تنتهي في أغلب الأحيان بحملات اعتقال واسعة. تطور هذا الصراع حتى وَجَدَتْ المعارضةُ نفسَها أمامَ جبهةٍ صَلبَةٍ تجيدُ القمعَ بألوانه المختلفةٍ وتتفنن في تدجين كل الأصوات المخالفة فتم اختراق المعارضة وتحولت من خصم للنظام السائد إلى مبرر لوجوده ولشرعيته. لقد فشلت بذلك في تكريس رسالتها وفقدت مصداقيتها أمام الجماهير التي كاُنت تؤمن بمبادئها وتعول على وعودها. هكذا قامت إستراتيجية النظام في علاقته مع الأحزاب والجماعات المناوئة على جدلية القمع والتعايش فكان يُضَّعفها تارةً ويَتظاهرُ باللين تجاهها تارة أخرى من خلال ما منحها من حُريةٍ محدودة في مجالاتٍ معينة فتسنى لها أن تمارسَ أنشطةً ثقافيةً وسياسيةً واجتماعيةً لكن تَحْتَ رقابةٍ صارمة ممَّا مكَّن النظامَ من أنْ يُخمدَ قوة نيرانها متى شاء.
هكذا كانت الحالة العامة لمختلف ألوان الطيف المعارض في المنطقة العربية بمكونه الإسلامي واليساري وكذلك القومي إلى وقت قريب. وكان الهاجسُ الأمني الذي تمثل مقاومة الإرهاب حجر الزاوية فيه الحجة الدائمة التي يقدمها النظام الرسمي العربي أمام الرأي العام المحلي والعالمي لتعليل حالة القمع المتواصل. لم تشذ حركة الإخوان المسلمين في مصر وكذلك مختلف الأحزاب اليسارية عن هذه القاعدة لقد كانت مصادرة حريتها الشرط الذي تقدمه السلطة للحفاظ على الأمن الاجتماعي و السلم الإقليمي.
بعض الأحزاب الأخرى لم يكن وجودُها إلاَّ صورياً وهي سياسة متعمدة من قبل النظام. ليظهر الحاكم العربي للغرب أن البلادَ متماسكةٌ وأن الأمن مستتب وهي الرسالةُ التي تستمدُ بها السلطةُ المحليةُ بركةَ الغرب لكي يَغُضَّ هذا الأخير النظرَ عن الاستبداد الداخلي بكل أشكاله. واستمرَّ الوضع على هذه الحالة لعقود فكان يبدو للجميع أن الدولةَ ساهرةٌ على ضَبط الأمور والتصَّدي للإرهاب الذي أصبح ملفاً ذا أهميةٍ في السياسات والعلاقات بين حُكام العالم العربي ودول الغرب.
أدت هذه الحالة من غياب المعارضة في الساحة السياسية العربية ومن انعدام دورها الفعال إلى تكوين وعي جماهيري أساسه عدم التعويل عليها في تغيير الوضع القائم وهو ما يفسر العمق الشعبي للتحركات الحالية في الشارع العربي وغياب شبه كلي لوجوه المعارضة الكلاسيكية. إن الربيع العربي الذي نشهد اليوم أولى نسائمه فريد بامتياز لأنه لم يكن صنيعة النخب بل كان بالأساس حركة عفوية وفجائية في الآن نفسه قامت من أجل إعلان رفض الاستبداد وسياسة القمع والقهر التي تحولت إلى أمر واقع في المنطقة.
إن سقوط النظام في كل من مصر وتونس خلق مع الحركة التي صاحبته حالة من الصدمة لم تُمكن المعارضةَ من التقاط أنفاسها و مواكبتها وهو ما يفسر حالة الارتباك القصوى التي ميزت ردود أفعالها في المراحل الأولى للثورة العربية.
أما اليوم ونحن أمام مرحلة إعادة البناء الديمقراطي فإن المعارضة تسعى إلى تعويض خسائرَ الماضي عن طريق السعي المحموم لتبنّي المشروع الانتقالي ولعب دور أبرز على الساحة السياسية مما خلق حالة جديدة من الصراع.
ليس الصراع اليوم بين نظام استبدادي ومعارضة سياسية بل هو بالدرجة الأولي بين أحزاب المعارضة نفسها وهو أمر على قدر من الخطورة إلى درجة قد يُمكّن معها لبقايا الاستبداد من إعادة تنظيم صفوفها والعودة من جديد.

' كاتب لبنانية مقيمة في فرنسا




--------------------------------------------------------------------------------


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :