عنوان الموضوع : الانهيار الداخلي يمهد للاجتياح الخارجي خبر مؤكد
مقدم من طرف منتديات العندليب
لم ينفجر الخراج الصهيوني الا من انهيار جهاز المناعة العربييميل معظم المحللين السياسين ومن هم في مكان صنع القرار أن أخطر عدو تواجهه الأمة هو الصهيونية وأن الصراع العربي الاسرائيلي هو الجوهري والمصيري.
ولكن (مالك بن نبي) كان الأول الذي قلب الصورة وأعاد ترتيب علاقات الأشياء كما فعل (كوبرنيكوس) في حركة دوران الشمس والأرض. فاعتبر أن ولادة اسرائيل جاءت من رحم التردي العربي. وأن الخراج الصهيوني انفجر بسبب انهيار جهاز المناعة العربي. وأن الانتباه يجب أن يركز على (القابلية للاستعمار) أكثر من (الاستعمار). وأن هذه (القابلية) ليست جديدة بل تضرب جذورها الثقافية بعمق عبر التاريخ قبل أن يهبط علينا جنود الاستعمار. وهذا الترتيب ينفعنا في وضع التشخيص الصحيح وبذل الجهد المكافيء في الحقل المناسب. إن هناك في علم الأمراض (الأعراض symptoms) وهي التظاهرات الصاخبة الخارجية من ارتفاع حرارة وتورم في القدمين ورعشة في اليدين ولكن هذه الأعراض يختبيء خلفها (المحرض الأساسي) أو (العامل الإمراضي) والأطباء في العادة يبحثون خلف الأعراض كي يضعوا أيديهم على سر المرض المغيب. وهناك نوعان من المواجهة للمرض (العرضية) فتقاوم ارتفاع الحرارة بالخافضات و (السببية) بعزل (الوحدة الإمراضية unit) ومكافحتها على نحو جذري. وبهذه الطريقة الحكيمة تقاوم الأمراض وينشط المريض من عقال. ولن يشذ الورم الصهيوني عن هذا القانون.
إن العرب في تاريخهم الحديث أرضعوا الأبناء ثقافة مغلوطة حين وضعوا ترتيباً خاطئاً بين أولويات الأشياء. فاعتبروا مثلاً أن (الحقوق تؤخذ ولاتعطى) وأن (الاستعمار هو سبب مصائبنا) وأن (الحاكم يفعل مايشاء) وأن (أخطر صراع) نواجهه في الوقت الراهن هو الصراع العربي الاسرائيلي. ولكن هذه المعادلات الأربعة هي كمن يريد أن يقرأ الورقة مقلوبة. أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم؟ من الضروري اذاً تصحيح (العلاقة) بين الأشياء.
وتعلمنا الكيمياء العضوية أن تغيير (جذر الهيدركسيل oh) يحول السم الى ترياق وهذا هو سر الصناعات الدوائية.
وهكذا فالعربة لاتوضع أمام الحصان.كما أن الشمس لاتدور حول الأرض. ولاتزيد (الحكومات) عن أقمار تابعة لشمس (الأمة). كما أن (الحقوق) لاتؤخذ ولاتعطى بل هي ثمرة طبيعية للقيام (بالواجب). كذلك فإن إزالة (الاستعمار) هي بإزالة (القابلية للاستعمار) والا بماذا نفسر أوضاعنا المزرية الى درجة أن البعض يترحم على أيام الاستعمار. فقد كانت أياماً نمت فيها التعددية وكان الناس يتجرأوان فيفتحون فمهم ويعترضون وكانت المظاهرات تتحرك وبدأت صحافة حرة في التشكل. أما اليوم فالمعارضة ميتة والتعددية ديكور وإذا تحركت مظاهرة فعلية خارج إرادة وتخطيط رجال الاستخبارات طحنت بالدبابات.
ولايتكلم إلا شخص واحد لامعقب لحكمه وهو سريع الحساب.
وأما الصحافة فهي كما وصفها (النيهوم) تشبه صحافة العالم الحر في كل شيء من المقالة الافتتاحية والتعليق السياسي وانتهاء بالكلمات المتقاطعة ونعوة الوفيات ولكنها في الظاهر تتشابه مثل البيضة للبيضة بفارق أن بيضة الصحافة العربية مسلوقة ومن الأخرى خرج ديك يصيح على السياج. لاغرابة أن فرت الصحافة العربية إلى المهجر تطبع في مدن الضباب حيث لايكتب حرف عربي.
أن ماينتظر الصحافة العربية جراحة جذرية. كذلك وفي ضوء هذه (الآلية mechanism) يجب أن يفهم أن الصراع الجوهري والأساسي هو (العربي ـ العربي) وأن الهامشي والعرضي هو (العربي ـ الاسرائيلي). كما يحدث عند مريض الأيدز فعندما انهار الجهاز المناعي تشكلت الأورام وغزت الجراثيم والفطريات وهم من كل حدب ينسلون.
نعم إن انهيار جهاز المناعة العربي قوض الحالة الصحية وقاد الى الحالة المرضية التي نعيشها. وهذا يفتح وعينا أن نتوجه الى معالجة المرض الأساسي على نحو جذري. وهذا يقودنا الى نتيجة أشد مرارة وهي أن الله لو خسف الأرض باسرائيل لما زال المرض العربي. مع الأخذ بعين الاعتبار (العلاقة الجدلية) بين (المرض) و(المضاعفات). إننا نفعل في صراعنا مع اسرائيل مايفعل الثور مع المصارع فينطح الخرقة وينسى اللاعب الأسباني.
إن الغرب هو الذي صنع اسرائيل على عينه وهو الذي يهرع اليهم في ساعة العسرة من بعد ماكاد يزيغ قلوب فريق منهم. نحن نخفض الحرارة ولانحاول رفع مقاومة الجهاز المناعي وننشغل بمطاردة الجراثيم.
نحن نحاول تفريغ الخراج ولانعالج مرض (السكر) الأساسي الذي هو أرضية انفجار كل الالتهابات.
إننا بكلمة مختصرة نعالج ليس كأطباء محترفين متخصصين بل أقرب الى البيطرة والجهلة. والطب البيطري هو معالجة الأرانب والعجول وهو في حقله ممتاز ولكن نقله لمعالجة البشر كارثة. إن بعض الناس يختلط عليهم هذا المفهوم ويشعرون أنه يزلزل كل القواعد العقلية التي يرونها ولكن ماذا يقولون بزلزال الخليج؟
إن حرب الخليج فتحت أعيننا أن مشكلتنا داخلية بحتة ويومها نسينا اسرائيل. واثناءها انعقدت المؤتمرات الإسلامية في الجانبين وتم توظيف كل الأدلة العقلية والنقلية أن موقف كل طرف هو الحق الذي لايأتيه الباطل من يديه ومن خلفه.
وتورطت حركات اسلامية في هذا الصراع السياسي ولم يستفيدوا من موعظة التاريخ أن النصوص لم تحل مشكلة في يوم من الأيام.
وأن القرآن بذاته تم توظيفه لحياكة أكبر خدعة سياسية في التاريخ فرفع على رؤوس الرماح في كلمة حق يراد بها باطل وأن ماحكم تاريخنا كان الغدر والسيف. ومن سخرية الأقدار أن نرى في النهاية أن من حل المشكلة لم يكن النصوص كما أن الحل لم يكن لمصلحة أي طرف بقدر مصلحة الطرف المتدخل كما في قصة القطين والقرد وقطعة الجبن. فعندما احتكم قطان متنازعان حول قطعة جبن الى قرد متظاهر بالعدالة ذابت الجبنة في حلق القرد وهو يعيد وزنها وقضمها بين القبة والميزان.
إن مارأيناه ليس غيبياً اسطورياً بل عشناه بأعصابنا ومازلنا ندفع ثمن فواتيره المركبة.
إنه من الضروري التأسيس لفهم لماذا ولدت اسرائيل وكيف تحدث مثل هذه الأشياء في التاريخ؟
إن هذا التأسيس ضروري لوضع اليد على تشخيص مجدي واقتراح علاج ناجع لمشاكلنا. إنها مشاكل لن تحل بالصلح مع اسرائيل كما لم تحل بالحرب معها لإن أعظم حرب نشنها هي ضد المواطن العربي ومالم ندرك هذه الحقيقة فنحن كما يقول الأمام الغزالي (كمن يستدبر المغرب وهو يطلبه). إننا بالصلح مع اسرائيل وحل مشاكلنا عن طريق مجلس الأمن وسواه نفعل كما قال الشاعر (أمر أمير الأمراء بحفر بئر في الصحراء كي لايشرب أحد ولايخرج ماء) أنه مثل السراب البقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب.
إن اسرائيل وكل المنطقة تخشى من الانتفاضة وكان يمكن للسابقة أن تنجز حل المشكلة ولكنها طوقت بمفاوضات السياسيين وهي الآن تبعث على الجزع للجميع لإنها قوة الجماهير التي لاتقهر وفيها خطر العدوى للجوار. ولذلك فإن الجميع يحك على رأسه خوفاً من هذا الظاهرة فعندما تتحرك الأمة تكون أشبه بالأعصار المزلزل تدمر كل شيء بأمر ربها. وفي حرب الخليج الأخيرة لم يكن الفيتو في مجلس الأمن بل كان عندنا في الشرق الوسط .
إن الفلسطينين خاصة السياسين منهم يتلمظون لدولة تكون لهم ولكن عليهم أن يتذكروا موعظة موسى عندما قال له قومه أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ماجئتنا) كان جوابه (عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون).
إن هناك احتمال ليس بالضعيف أن تنشأ دولة عربية جديدة بكل ارهابها وقمعها للمواطن فتزيد الدول العربية دولة وتزداد محنة المواطن العربي درجة وتغص السجون بالمعتقلين ويتوقف الأطفال عن رمي حجارتهم ويعودوا الى بيوتهم فهناك من يفكر عن القاصرين. والعبرة هي ليست بالاستخلاف ولكن بماذا ينتج عنه. فهذا هو التحدي الصعب أمام الفلسطينين. وهناك دول عربية تخلصت من الاستعمار ولكنها تعيد سيرة الاستعمار على شكل أبشع.
وكما يقول غاندي لايهمني نوع الطاغوت الذي يحكمني هنديا كان أم بريطانياً. ومن هنا فإن دعوة الأنبياء كانت الى تحرير الانسان.
والآن الى الخلاصة الفلسفية ماهو السبب خلف سقوط غصن وتفشي مرض أو انفجار ثورة وتفكك دولة وتحلل حضارة؟
هل هناك رؤية مشتركة لفهم خلفية هذه الواقعات غير المتشابهة وهل يمكن وضع اليد على قانونها المهيمن؟ مع مواجهة كل أزمة تاريخية يطيب لنا توجيه أصبع الاتهام الى العدو الخارجي.
إن هذا الضرب من التفكير مريح ولكن مشكلته أنه لايقود الى حل إلا بإلغاء كل الحلول طالما كانت ذواتنا مبرأة من الخطأ خارج حقل المشكلة لاتقترب منها يد التشريح ولاتلامسها أدوات السبر واستمر الخطأ يقود الى مزيد من الخطأ بتعطل آلية تصحيح الخطأ. في مستوى الطبيعة يطرح السؤال نفسه ما الذي يتسبب في سقوط الأوراق؟
لو كان الريح سبباً لسقطت كل الأوراق ولما سقطت بدون ريح في فصل الخريف فلا عنفوان الريح أسقط كل الأوراق ولاهدوءها حماها من التهاوي. والبحث الأعمق يصل الى اكتشاف عنصر خفي لاتراه العين هو قوة ارتباط الورقة بالشجرة. فالعنصر الخارجي لعب دوراً واضحاً ولكن النخر الداخلي مختبيء لايطل برأسه الا بالبحث المنظم المعمق السببي. العامل الخارجي يتضافر مع العامل الداخلي في ولادة الحدث ولكن العامل الداخلي هو الذي يهيء الظروف الموضوعية لولادة الحدث وسقوط الورق. إن فلسفة القرآن تؤسس لفكرة لم يعتد عليها الناس وهي (ظلم النفس) فالناس مستعدون ان يلوموا كل شيء إلا أنفسهم، والقرآن يقلب عقولنا بتأسيس طريقة جديدة لمواجهة المشاكل أن نلوم أنفسنا أولاً ( وما ظلمهم الله ولكن كانوا انفسهم يظلمون).
إن كثيراً من شرائح المفكرين والسياسيين عندهم الاستعداد للوم كل القوى كتفسير لعجزنا من الصهيونية والماسونية والاستعمار والصليبية والشيطان بل وحتى إحالتها في النهاية إلى مصدر يخرس كل متحدث عندما تنسب فضائحنا اليومية الى إرادة الله.
ولكن الحقيقة هي أن الضعفاء هم الذين يخلقون الأقوياء. والمستضعفين هم الذين يوجدون المستكبرين. وأن مصائبنا بما كسبت أيدينا.
والأمم الهزيلة هي التي تنبت الطواغيت. والمستنقع هو الذي يولد البعوض. والغربان تحط على الجثث الميتة. والنمل يتجمع على جثث الصراصير. والصهاينة تم توطينهم بين قبائل عربية مشرذمة.
والقابلية للاستعمار هي التي تقول للاستعمار أنا هنا تعال فاركب على رقبتي. والدول تنهزم بتفككها الداخلي. وانهيار الحضارات يتم بعلة الانتحار.
هذا القانون يمسك بإحكام جنبات الوجود بوتيرة مكررة بدءاً من الذرة الى المجرة مروراً بصحة النفس وفعالية المجتمع وقوة الدول وازدهار الحضارات ومن أبسط الأفكار الى أعظم الامبراطوريات.
تروي القصة أن المؤذن خرج لصلاة الصبح متأخراً فاجتمع بالناس في الطريق وقد بزغت الشمس فلما سألوه قال: أنا حضرت حسب الموعد ولكن الشمس خرجت اليوم مبكراً.
إن هذه القصة تحكي أزمة ثقافتنا فنحن على استعداد لتوريط الكون في تناقضات على أن نراجع أنفسنا في سبب الذل الذي يصب على العالم الاسلامي مع كل شروق شمس .
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :