عنوان الموضوع : تهاني العيد وأسلوبها الأمثل قضايا اجتماعية
مقدم من طرف منتديات العندليب

«تهاني العيد وأسلوبها الأمثل»
حمد بن عبدالله القاضي

** كتبت قبل حوالي سنتين أنني لا أتعاطف مع تبادل «تهاني العيد» عبر البطاقات المطبوعة وأخيراً «رسائل الجوال» لسبب بسيط ألا وهو أن هدف التهنئة هو تبادل المشاعر والإحساس بهذه المشاعر ودفئها وهذا لا يتم أبداً عبر بطاقات التهاني.
إن التهنئة الجميلة التي تطمئن فيها على من تحب تجيء أولاً عن طريق الزيارة واللقاء الشخصي، وإذا صعب اللقاء خاصة في المدن الكبيرة فعلى الأقل يأتي ذلك عبر المهاتفة، لأنك عبر الزيارة أو المهاتفة عندما تهنئ من تحب، فأنت تراه أو تسمع صوته فتحسّ بمودته ويحس هو بمودتك وتطمئن عليه ويطمئن عليك.
أما التهاني عبر «البطاقات» فقد سميتها في ذلك المقال «العواطف المعلبة» وهي كذلك فعلاً ما عدا حالات نادرة إما بسبب البعد أو ظروف بعض الأشخاص.. إنها لا روح فيها ولا حيوية.. فأنت لا ترى بين حروفها «الأكليشة» وجه من تحب، ولا رائحة من تُغلي، ولا تحس فيها دفء صوت من تعز.. بل إنها أشبه بعمل «روتيني» رتيب يبعثها صاحبها أو سكرتيره، وأحياناً لا يراها حتى مرسلها فهي تجيء أحياناً بدون توقيع، وربما ترسل إلى شخص في باطن الأرض!.
وقد يكون باعث البطاقة «الوفي» لا يعرف بوفاة صديقه العزيز الذي بعث إليه هذه التهنئة المعلبة ا لتي لا أدري هل هي تهنئة بالعيد أو بالوفاة..!!
«وخوش صداقة»
«وخوش عواطف وتهاني.!»
وأحياناً تصل البطاقة على عنوان شخص ترك هذه الدائرة منذ سنين وصديقه الذي بعث بالبطاقة ليس لديه علم، وبارك الله في هذا «التواصل».!
لذا أسمتيها «العواطف المعلبة» ولا أزال أسميها كذلك.
***
** وكذلك الشأن في «رسائل الجوال» وهي وإن كان فيها توظيف للتقنية واختصار للوقت.. لكن لا جرم أن أفضل منها التواصل زيارة أو مهاتفة، وقد شدتني الكاتبة الكريمة أمل الحسين في مقال لها بصحيفة «الرياض» علقت فيه على رسائل التهنئة عبر الجوال.. وأشارت إلى صديقتها التي ردت على تهنئتها لها عبر «الرسالة الجوالية» ببيت شعر شعبي بسيط لكنه معبر:
كأن الرسايل تقْطع الصوت يا فلان
إِشطب عليها لعنبوا من كتبها»
وقد صدقت صديقتها الشاعرة فلا يغني عن الصوت شيء..!.
ولكن بحكم ظروف العصر قد لا يتم ذلك دائماً، لكن يحسن بالمهنئ ألا يجعل رسالته «غفلا» بدون اسمه كما هو أغلب تهاني الرسائل الجوالية لأن المرسَل إليه لا يعرف كل الأرقام حتى يعرف اسم مرسل الرسالة.
إن ذكر الاسم في الرسالة مهم، ثم إن ذكر مرسل الرسالة يعطي الرسالة شيئاً من «الحميمية» بحيث يكون باعث الرسالة شخصاً نابضاً لا رقماً جامداً.!
***
** إنني شخصياً أحرج كثيراً عندما تصلني بطاقات الآخرين ممن أعرفهم ومن لا أعرفهم ولا أرد عليهم لاقتناعي بعدم جدوى مثل هذه «العواطف المعلبة».
هناك استثناء واحد عندما تصلك تهنئة عبر رسالة شخصية مميزة كتبها صاحبها بوهج من وهج مشاعره، ورأي أن الحرف يعبر أكثر مما يعبر اللقاء أو الصوت.!
هذه لها خاصية.. ومذاق أخاذ.. و«ميزتها» أنها تبقى لأنك تحتفظ بحروفها لأنها مشاعر متألقة وليست سطوراً مجمدة.
وهنا أنشر نموذجاً منها.. رسالة متميزة فعلاً بل هي قطعة أدبية جميلة وصلتني ذات عام بمناسبة عيد الفطر من صديق حملتْ من المعاني أجملها، وجسدت من مضامين العيد أزهاها، وأزعم أن القارئ سوف يسعد بقراءتها لأنها تجاوزت المعنى الخاص إلى المعنى الأكثر والأجمل للعيد، هذه التهنئة الأدبية الجميلة التي وصلتني قبل فترة واحتفظت بها من الصديق النبيل د. محمد بن منصور العمران الذي أخفى عمله الإداري حسه الأدبي:
وهذه رسالة التهنئة التي هي نمط من الأدب الاخواني المعبر الأخاذ:
** «أخي العزيز: هكذا تدور عجلة الأيام مسرعة ليغيب عنا في الأفق البعيد شهر الصيام العظيم بخيره ونوره وخشوعه، ونفقد بفقده السكينة التي أظلت الأرض الطيبة، والنور الذي حملته الملائكة وهي تنزل بأمر الله تعالى، فتشيع الأنس والهيبة والجلال البهي بالقلوب المخبتة فيشع نوراً في الوجوه، ورضى عن الله، واستسلاماً لأمره عز وجل، وبلمح البصر يرحل عنا هذا الشهر الكريم وهو يضم بين جنباته ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
ويداهمنا العيد فتغمرنا الفرحة والأنس والسرور ويتبادل المسلمون التحية والتهنئة، وقد لا يدرك أكثرهم لماذا يهنئ بعضهم بعضاً؟، ولا لماذا يباركون؟، ولعل أجمل ما في العيد «عائليته» الحميمة حيث تتناسى الحزازات ويذهب وغر الصدور، ويطلق المسلم الابتسامات في كل اتجاه متناسياً موقفاً لفلان، وهفوة من علان، وتقصيراً من طرف فلان.
أخي: لقد شدني بقوة منظر المسلمين حال الانتهاء من صلاة العيد، وهم يعانق بعضهم بعضاً ويحيي بعضهم بعضاً بقوة وعاطفية غامرة، وقد يكون الرجلان دخلا المسجد قبل الصلاة وهما يتحدثان.. يا ترى: ما الذي حدث؟ حتى قام كل واحد منهما إلى أخيه، يقبله بحرارة، ويعانقه وهو يهتز من أعماقه ألا ترى أن هذه الدقائق المعدودة هي بمثابة الانعتاق من أغلال وأصفاد صنعناها طوال العام، وحواجز وهمية يضعها الإنسان دون علاقته بأخيه الإنسان، ونحن في هذه اللحظات المحدودة نحطمها، ونزيل تلك العوائق حتى نخلص إخوة متحابين، فأي نبل وإخاء ومودة يحملنا ديننا الحق عليه، إن الحياة تتحول في تلك اللحظات الغامرة إلى عرس بهيج في ليلة غاب نحسها حتى لكأنها ومضة من ومضات النعيم المقيم الذي لا مشاحنة فيه ولا بغضاء.
أما الأخوة المتصافون فإن العيد بينهم جميل حلو يزيد في الحب ويقرب القلوب ويحلق بالأحبة إلى أجواء الخلة المطلقة.
عيد سعيد، وعاقبة حميدة، وعمر مديد في طاعة الله تعالى، وكل عام وأنتم بخير وأسرة المجلة بخير وعافية.
ولأخي كل التقدير والاحترام».
***
** وبعد..!
مثل هذه التهاني إذا ما جاءت مكتوبة فإنها فعلاً تحْمل وهج العاطفة وتوهج الصدق والإحساس الحق بالعيد، إضافة إلى أنها تقدم قراءة جميلة لمضامين العيد التي تمزج بهاء الود بأنهار الفرح، ولدي نماذج أخرى من إخوة وأخوات هي تهان أدبية جميلة باقية لعل المجال يسمح بنشر بعض منها في مناسبات أخرى.
أما البطاقات الجامدة، أو رسائل الجوال التي تأتي غفلاً من الأسماء، فهي في تقديري «قبض ريح» لا تدخل سروراً ولا تبقي أثراً.
وتباً لك أيهذا الزمن المتجمد الذي جمدت كل شيء فينا حتى «عواطفنا» وحميميتنا مع الآخرين والغالين علينا.


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

مشكور علي الموضوع اخي وان كنت اري ان لرسايل المحمول اثر في النفس فيكفي انه تذكر ارسال الرسالة مجرد التذكر هذا امر يسر ويفرح القلب لكن ذلك بالطبع لا يغني عن الاتصال المباشر


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :