داهمته المشكلات فأنارت نجومُ الهم سمائه وضربت أمواجُ الحزن شواطئ سروره واستحالت حياته غما وكدرا وغدا نهاره مظلما كئيبا وليله طويلا مملا.
لا بارق من أمل ولا وميض فرج.. فلا تجده إلا منطويا على نفسه يئن أنين الوالهة الثكلى..
وكان جل حديثه لنفسه... لماذا أنا؟
كيف حدث لي هذا؟
هل كتُب علي الشقاء؟
حزمةٌ من الأسئلة لا تشفي جراحا ولا تُزحزح هما ولا تُعالج أزمة ولا تُطفئ نارا!
إن نوعية الأسئلة التي نواجه بها أنفسنا حال الأزمات والتحديات لها أهمية بالغة, والحقيقة تقول إنه حيثما اتجهت أسئلتك دارت بوصلة حياتك!
إن البكاء على الأطلال واستدعاء هاتيك الذكريات التعيسة وذرف الدموع وسكب العبرات وسيلة مضمونة لتقصير الأعمار وإضعاف القوى وتعطيل الطاقات وسد منافذ الفرج!
ويعجبني قول المفكر جويس تشابمان: إذا كنت لم تزل تصنع الزهور على قبر أحلام الأمس التي ماتت ودفنت وأصبحت ذكريات، فلن ترى أبداً أحلام اليوم وهي تولد وتنمو لتصبح حقيقية!).
إليك تلك القصة العجيبة والتي حدثت أيام الحرب العالمية الثانية عندما أسر الجيش الألماني بعض الجنود المعادين وألُقيَ بهم في أحد أشد المعتقلات وحشية وقد أمضى هؤلاء الأسرى جل وقتهم في الشكاية وندب الحظ وترديد أسئلة (سلبية) من نوعية لماذا نحن هنا؟ ولماذا يفعل بنا هتلر هذا؟ ومتى سنموت؟
عدا أسيرٍ كان يقبع في إحدى أركان المعتقل قد أعمل عقله وشحذ ذهنه, وجعل من الأسئلة (الذهبية) من نوعية كيف أنجو بنفسي شعارا له!
هذا السؤال الإيجابي ضاعف قدراته على التركيز لاقتناص فرصة للهروب وبالفعل تحقق له ذلك عندما ألقى نفسه في عربة محملة بالموتى موهما الحراس أنه ميت وكتبت له الحياة من بعدها من جديد.
إن من الكياسة والفطنة وقوة الشخصية عدم الانهزام للظروف والانطراح على عتبات العقبات بل مواجهتها ومحاولة مغالبتها بالأسئلة (الذهبية)، وفي هذا الشأن يذكر أن زوجين أسسا مشروعا تجاريا كلفهما مليون دولار لم يلبثا أسبوعا إلا وخسرا كل هذا المبلغ الكبير وبعد تلك الهزيمة لم يبقيا أسيرين لتلك الكارثة, وكانت النجاة عن طريق سؤال (ذهبي) مفاده: كيف تستفيد من الأزمة ونحسن أوضاعنا؟
فألفا كتابا بعنوان كيف تخسر مليون دولار في أسبوع؟
وقد حقق مبيعات تجاوزت المليون دولار!
إنه فن تحويل الخسائر إلى مكاسب والفشل إلى نجاح والقوة إلى ضعف.
يقول الكاتب الشهير ويليم جلاسر في كتابه مدارس بلا فشل (school withoutfailure): ((إن البرامج الأكثر فعالية مع المشكلات وإخفاق الماضي يكون عن طريق النظرة الإيجابية للمستقبل وعن طريق تبني وجهة نظر إيجابية).
وأقول إن الطريق إلى هذا هو الأسئلة (الذهبية) والتي تكمن أهميتها في تحويل تركيز الوعي من السلبيات إلى تلمس الإيجابيات وتغيير زاوية الانتباه من التيه في صحارى الانهزام القاحلة إلى التحليق في سماءات الأمل المشرقة ومن عبق تاريخنا المشرق يضرب لنا عبدالرحمن بن عوف مثالاً جميلاً على قوة الروح وجمال الشخصية فها هو يخسر ماله وتسلب ثرواته عندما هاجر إلى المدينة فلم يندب حظا ولم يلعن ظروفا بل كان لسان حاله يقول كيف أعوض ما فاتني؟ فكانت جملته الخالدة (دلوني على سوق المدينة) سيمفونية مشجية وأنشودة عذبة يتغنى بها العصاميون والناجحون.
قد زال ملك سليمان فعاوده
والشمس تنحط في المجرى وترتفعُ
ويؤكد أنتوني روبنز على أهمية الأسئلة بقوله: (إنك عندما تسأل سؤالا فيقيناً ستتلقى إجابة أياً كانت طبيعة السؤال حيث سيتبع السؤال الجيد إجابة جيدة وكذلك السؤال السيئ فكمبيوترك الذهني مستعد لخدمتك ومهما كان سؤالك فستأتيك الإجابة عليه فانتق أسئلتك جيدا).
وهذا كلام يصدقه الواقع فلو أن شخصا سأل نفسه لماذا لا يحبني الناس؟ عندها سيعمل عقله عن البحث على مصادر تدعم هذه الفكرة ومعها ستكثف مشاعر الإحباط واليأس، ولو اهتدى هذا الشخص للسؤال (الذهبي) من قبيل ماذا أفعل لكي أكون محبوبا؟ عندها ستحضر الحلول الإيجابية والتي من شأنها تحسين الحالة الشعورية ومعها الأفكار المعينة كما سيقوم العقل تلقائيا بحذف كل داعمات الإحباط ومسببات الألم وبحسب قانون (الإزاحة) فإن العقل لا يمكنه استيعاب أكثر من فكرة في وقت واحد والأمر الذي تختاره عن طريق (نوعية الأسئلة) ليحتل عقلك سوف يحدد أيضا نوعية مشاعرك.
تلك مجموعة من الأسئلة الذهبية استعن بها عند زيارة المشكلات وستبني لك درعا واقيا من الصدمات العاطفية فجربها ولن تندم:
1 - ما هو الجانب الإيجابي في المشكلة.
2 - ما هي الصور الجميلة في حياتي.
3 - كيف استثمر المشكلة.
4 - ماذا يجب أن أفعل لأحسن الوضع إلى الأفضل.
ومضة قلم:
نحن نسقط لكي ننهض.. ونهزم في المعارك لنحرر نصراً أروع.. تماما كما ننام لكي نصحوا أكثر قوةً ونشاطاً.