بسبيل النجاة هو الشعور بالمسؤولية
المسؤولية هي الشعور بالتكليف او المقدرة على أن يلزم الإنسان نفسه أولاً, والقدرة على أن يفي بعد ذلك بالتزامه بوساطة جهوده الخاصة
وبالنسبة للمسلم هو شعور بالأمانة الكبرى الملقاة على عاتقه المقصودة بقوله تعالى : { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها ، وأشفقن منها ، وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوما جهولا } الأحزاب 72
والمسؤولية في الإسلام عامة وتطال الجميع ، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم :{ كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها ، والخادم راع في مال سيده وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيته ، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته }رواه البخاري ومسلم وغيرهما
و لقد أكد القرآن على مسؤولية الإنسان بصورة عامة ، فقال : «وقفُوهُم إنَّهُم مسؤُولونَ» سورة الصافات : 37 / 24 .
صلب الموضع ان مشكلة المسلم اليوم هي انه لايشعر بالمسؤولية ، ولايتحمل اعباءها ، فهو لم يعد يعي هتاف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته " .
فنحن لو امعنا النظر في حقيقة ديننا ، وفي مرتكزات النهضة الرسالية ، لوجدناها قائمة على اساس الشعور بالمسؤولية الكبرى ، فديننا هو دين المسؤولية والوعي ، ودين التحدي وتفجير الطاقات ، انه الدين الذي يجعل الانسان يعيش ويحيى في اطار مبادئه واهدافه وقيمه الرسالية ، ويدفعه الى ان يفكر في شرفه وكرامته وعزته قبل ان يفكر في بطنه كيف يملؤها ، انه الدين الذي ينهى معتنقه عن ان يصبح كالبهيمة همها علفها .
لقد انعدم - للأسف الشديد - الاحساس المسؤول الذي هو بمثابة النور في القلب ، وانعدامه يعني حياة الظلمة والظلمات .
اننا - كمسلمين - يجب ان نفكر في شخصيتنا الرسالية ، و وجودنا ، وكرامتنا بين الامم ، فنحن لم نخلق لنكون آلات تسخر من قبل الاخرين لتحقيق اهدافهم الشريرة ، ومصالحهم ومطامعهم فينا وفي وجودنا التاريخي ، فلنحذر من ان نكون في صف اولئك الذين يخاطبهم القران قائلا : " ان هم كالانعام بل هم اضل سبيلا " .
وقد يتبادر الى الذهن السؤال التالي : عندما ولدنا ، وقدمنا الى هذه الدنيا أليس من حقنا ان نتمتع فيها ، ونعيش في ظل حياة سعيدة ؟
نعم من حقك ان تتمتع ، فتحملك للمسؤولية ليس معناه ان تهجر الحياة ولذائذها وما قسم لك فيها من رزق كريم ، بدليل قوله - تعالى - : " قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق " (2) ، فالنظرة القرانية في هذا الخصوص هي نظرة انفتاحية تدعو الى التمتع بلذائذ ومباهج هذه الحياة في اطار الشرع .
ان الذي اعنيه هنا هو انك ايها الانسان المسلم ليس بأمكانك ان تستمتع بلذائذ وطيبات تلك الحياة الحرة الكريمة وقد سلمت زمام امرك ومصيرك في يد مجنون او مجموعة حمقى لايعرفون معنى للقيم والمثل الخيرة ، فهل يمكنك ان تطمئن الى سائق مجنون ، فتركب السيارة معه، وتسلمه مقودها .
والنبي (ص) يجسد لنا هذا المعنى في حديثه المعروف الذي يمثل فيه المجتمع المسلم بركاب سفينة واحدة ، فاذا ما بادر احدهم ليخرقها فيجب عليهم ان يمنعوه ، ويأخذوا على يده لينجو وينجوا معه ، والا غرق وغرقوا .
فبلادنا وحياتنا - نحن المسلمين - هي كالسفينة ، وهي اليوم اسيرة الشهوات والحماقات والطيش المجنون .
وهكذا فان الشعور بالمسؤولية هو المهم ، وهو دواؤنا وخلاصنا من تلك الاوضاع ، فالمشكلة قائمة في نفوسنا نحن الذين لانحسب للمسؤولية حسابها قبل ان تكون في حكامنا الطغاة ، انها تكمن في سكوتنا وخضوعنا لكل من هب ودب .
والاسترخاء تحت مضلة " الامر لا يعنينياواللامبالاة ، فعندما نسمع شخصاً ما يقول لنا " إن هذا الأمر لا يعنيني أودعوني وشأني فليس لي علاقة بأي أمر أو افعل ما تشاء فأنا لم أعد أهتم ..الخ " تعني عدم الاهتمام وترك الأمور كما هي أو ربما تركها تسير نحو الأسوأ دون التدخل ومحاولة تغيير الأمر الواقع ولو ضمن الحدود الفردية المتاحة.
وتكمن خطورة اللامبالاة في أنه تترك عملية اتخاذ القرارات التي تمس كل الأفراد للآخرين .في ايادي قد تكون سفيهة اوضالمة وقد تمسك انت شخصيا في يوم من الايام
وللأسف فاننا عندما نستصرخ لحمل اعباء المسؤولية والنهوض لانعطى اذنا صاغية واذا ما اصغينا القينا بالمسؤولية على عاتق العلماء ، وبرأنا ساحتنا ، وكأن المسؤولية وجدت لتلقى على عاتق العلماء فحسب ، في حين ان كلا منا لابد ان يعمل بمسؤوليته وفي اطار مقدرته وموقعه .
قال تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ، كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ » سورة المائدة»
ترى لماذا نحن المسلمين الذين كنا في يوم من الايام نقف ونتحدى اشمخ الانوف ، غدونا اليوم وقد ضربت علينا الذلة والمسكنة ، فهل ترك الله - سبحانه - قرآنه ودينه ليكونا تحت رحمة الاخرين ؟ حاشى لله ان يفعل ذلك
اننا جميعا مسؤولون رجالا ونساءا وشيوخا واطفالا ، فكل واحد منا مسؤول ، ومسؤوليته بحجم موقعه ، وبحدود امكانيته ، كما قال - تعالى - : " لايكلف الله نفسا الا وسعها " ، وربما يقول البعض ان الجهاد ساقط عن النساء ، وان جهادها هو حسن تبعلها ،ولكن هل يسقط عنها ايضا واجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وارشاد الجاهل ، وتعلم الدين والالتزام بالواجبات ؟
فاذا اليوم لم ننهى السارق فغدا سنسرق واذا لم ننهى الضالم فغدا سنضلم واذا لم ننقذ السفية فجميعنا سيغرق
وفي الختام اتمنى عزيزي القارئ ان تتحمل المسؤلية في حياتك امام الله ومام الجميع
وتنور موضعي بردك حتى يطلع الجميع على الموضوع وتعم الفائدة
اتمنى ان تكون استفدت واستمتعت
بِسْم الْلَّه أَخْتِم كَلَامِى وَصَلاتِى وَسُلَامَى عَلَى الْمُظَلَّل بِالْغَمَام مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه
لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه ... لَا إِلَه إِلَّا الْلَّه مُحَمَّد رَسُوْل الْلَّه