بسم الله الرحمن الرحيم
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته
رسالة أمي التي على الثلاجة
في فترة المراهقة كنت أبتعد كثيراً عن البيت وأتاخر في العودة وكان ذلك
يغضب أمي كثيراً لأنني لا آكل في البيت ولإنني كنت أقضي معظم النهار
نائماً ولا أعود ليلاً إلا متاخراً بعد ما تنام امي فما كان منها إلا إن بدأت تترك
لي قبل أن تنام رسالة على باب الثلاجة وهي عبارة عن ارشادات لمكان الطعام
ونوعه وكيفية تجهيزه وبمرور الأيام تطورت الرسالة وأصبحت طلبات لوضع
الملابس المتسخة في الغسالة وتذكير بالمواعيد المهمة وهكذا مرت فترة طويلة
من مراهقتي على هذا الحال وذات ليلة عدت إلى البيت فوجدت الرسالة المعتادة
على الثلاجة فتكاسلت عن قراءتها وخلدت الى النوم وفي الصباح فوجئت بأبي
يوقظني والدموع في عينيه..لقد ماتت امي..كم آلمني الخبر وتماسكت حتى دفناها
وتقبلنا العزاء وفي المساء عدت للبيت وفي صدري بقايا قلب من كثرة الحزن
وتمددت على سريري وفجاة تذكرت رسالة امي التي على الثلاجة فأسرعت نحو
المطبخ وخطفت الورقة وقرأتها فأصابني حزن شديد..هذه المرة لم يكن بالرسالة
تعليمات ولا نصائح فقط كان مكتوباً فيهاإبني الحبيب..وحشتني كثيراً وأتمنى أن نجلس معاً فانا أمك..أمك هل نسيت أن لك أماً؟؟..أنا متأكدة أن في داخلك خير
كثير سيظهر يوماً ما..على العموم أسامحك وأحبك..امك) ومن يومها تغير حالي
وهدأت روحي وانتهت مراهقتي وبدأ عهد الرجولة وعملاً بوصية امي التي كانت
تريد الجلوس معي فقد أصبحت أزورها في قبرها كثيراً وأدعو لها بالرحمة
والمغفرة..لقد ندمت كثيراً على كل لحظة لم أقضيها مع أمي
لقد كانت تريدني .. تريد الجلوس والتحدث معي
لكنها لم تجدني وها أنا اليوم أريدها معي ولا أجدها
ندمت كثيراً ولكن بعد ماذا؟!
وهل الندم الآن يجدي نفعاً .. لقد رحلت وتركتني
الحمد لله أنها سامحتني .. كم أنتي عظيمة يا أمي
هذه القصة حقيقية
منقولة من كتاب:فن صناعة الذكريات مع الأبناء
"إعطوها من وقتكم فإن كانت موجودة اليوم فربما لاتكون موجودة غداً"