عنوان الموضوع : سعيد الأبكم تم الحل
مقدم من طرف منتديات العندليب

كان فصل الشتاء , وكانت الأيام باردة جداً , وكان الظلام يحل باكراً
وكان الصقيع وكان المطر ووكان البَرد
خرج سعيدٌ من بيته مغضباً ..
أخذ أول معطف طالته يده من وراء باب بيته
صفع الباب بقوة وخرج
ركب سيارته , صفع الباب مرة أخرى
وانطلق.. لا يدري إلى أين

لم يعد سعيدٌ سعيداَ بعد اليوم
بل لم يكن يوماً سعيداً
ولكنه " أشقى الناس "
وإذا أردتم أن تعرفوه بين العامة فقولوا
" أقلهم حظا "
!

راح أقلهم حظا يهيم على وجهه
يبحث عن مكان يتخلص فيه من حظه الشُؤم الذي يحمله على الشقاء دوماً
ورغم علاء الأصوات التي كانت تحدثها الطبيعة الغاضبة من حوله
الا أن صوت الصفعة التي كانت توجهها له مخيلته
كان أقوى بكثير!!

صف سيارته تحت "جسر " حين لم يستطع مواصلة السير تحت المطر
وراح يتأمل في ظلام دامس لا يُرى فيه أحد من البشر جور الحياة وظلمها

إذ برجل بلغ من الكبر عتيا واشتعل رأسه شيباً
يتقدم برجل ويجر الأخرى مسرعاً
وعلى ظهره المنحنى كيس ممتلئ بدا انه هو من أثقل سيره
وكبّ ظهره!

كان يحاول الوصول الى مكان ما تحت الجسر قبل ان يسبقه اليه أحد
عسى ان يقضي فيه ليلته هاته بعيدا عن المطر
فيكون كمن بات في النعيم يرفل

بلغ المكان , وقف فيه قليلا, كي يلتقط أنفاسه , ثم ابتسم ابتسامه منتصر
ؤأنزل الكيس من على ظهره
وأخرج منه كرتوناً , فافترشه
ثم جلس متربعا كي يدفئ قدميه
وراح يقرب الكيس منه مرة أخرى
فأخرج رغيفا من خبز تفضل به عليه أحد أصحاب المطاعم
أخذ منه كذا قضمة ثم أبعده عن فمه قليلا , نظر اليه قليلا اخرى
نظرة مودع
وخبأه مجددا في كيسه ..كي يُفطر عليه صباح اليوم الموالي

تثاءب الرجل حتى بان آخر حلقه , من فرط النعاس والتعب
فقرر النوم ,
لف نفسه بذراعية
وأنزل رأسه حتى لامس ذقنه صدره
ثم طفق يحرك جسمه جيئة وذهابا
في محاولة للوصول الى بعض الدفء والسّكًن

ونام الرجل بعين ..وعينه الأخرى تحرس خبزه

ترجل أقلهم حظاً من سيارته
حمل معطفه ثم توجه صوب الرجل..
انحنى عليه قليلا
وضع المعطف على أكتافه وهو يربت عليهما
فزع الشيخ فمد يده مسرعاً نحو كيسه يتفقد خبزه
ثم أرسل ناظريه نحو "أقلهم حظا " ولمّا يشعر بالمعطف الذي عليه بعد
ظل الرجلان برهة يتبادلان النظرات وكأنهم يعرفون بعضهم بعضاً
وكان أقل الناس حظاً ينتظر الشكر , ولكن الشيخ لم يشكر ..

وفي حضرة هذه اللحظة الصامتة

يرتفع صوت منادي من بعيد
"سعيد " ..."سعييييد "
رفع أقلهم حظاً ناظريه بترقب, ليجد الشيخ يلوح بيديه للمنادي أنْ أنا هنا

أوه..
لقد كان الشيخ سعيدٌ أبكم أيضاً ..

سعيد .. هه هاه هاه –يلهث –خشيت أن يكون أصابك مكروه ..الحمدلله الحمدلله
ثم جلس الى جانبه ونام هو الآخر غير مبال بريح أو مطر

" وأي مكروه تخشاه بعد على سعيدكَ هذا يا رجل ؟! "

امتلأت عينا أقلهم حظا دموعاً , وربَ باك لا دموع له
خلع نعليه برفق, ثم جلس بمقربة من الشيخ سعيد ..
توسد نعليه والتحف السماء..لف نفسه بذراعيه ولكنه لم يجد دفئا
وظل يتقلب الليل كله حتى غفى
ولما استيقظ صباحاً ,.. كان المطر قد توقف عن الهطول
وكانت السماء مزخرفة بأفق برتقالي يعلن عن يوم جديد
وكان هو كمن تحطم سائر جسمه في حادث سير ..
رفع رأسه مسرعا واستدار يقلب المكان بناظريه , كمن تذكر شيئا ذي بال
بحث عن الشيخ وصاحبه فلم يجد لهما أثرا
أكلته الحيرة , هل كنت أهلوس ؟ سائر الليل ..عجباً
أين اختفى ..
ثم قام وهمّ بلبس حذائه , إذ برغيف من خبز به قليل من البطاطا بجانب حذائه
أكلته الحيرة ...
حاول التذكر ولكنه لم يستطع الفصل بين " الحلم " و " الحقيقة"

وظل يتسائل .. عن سعيد الأبكم ..





>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

بارك الله فيك قصة معبرة

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

راااائعة .... بارك الله فيك يا اخي

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :



__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

بارك الله فيك وجزاك كل خير . قصةمؤثرة و رائعة ، تحوي الكثير من العبر .

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :