عنوان الموضوع : الحرقة في الجزائر ومنطق اللا عقاب مجتمع
مقدم من طرف منتديات العندليب

في ظل الفراغ القانوني في التعامل مع الحرقة
بائعي الموت وتجار البشر ومنطق اللاعقوبة في الجزائر

هل ظاهرة الحرقة في الجزائر لا تزال غامضة؟ وهل المشرع الجزائري لم يقتنع بعد بضرورة مراجعة النصوص القانونية في التعامل مع هذه الظاهرة؟ هل سيبقى منظمو رحلات الموت بعيدا عن أنظار المسؤولين؟ إلى متى يبقى هذا الفراغ القانوني الرهيب في التعامل مع ظاهرة لا تسيء إلى روادها بالقدر الذي تشين صورة البلد لدى جيرانه؟ أين فاروق قسنطيني ليسلط الضوء على المستثمرين في التجارة بالشباب الجزائري أم أن الأمر لا يعنيه؟ لماذا يستبعد التحقيق الوصول إلى من يقف وراء المغامرات الجنونية لشباب يرمي بنفسه في البحر وبأمواله في جيوب بعض أشباه البشر من ركبوا مأساة الشعوب في سبيل الوصول إلى الثراء؟ هل يصنفون في المتهمين بتشكيل جماعات الأشرار أم سيتحول تنطيم رحلات الموت إلى جريمة يعاقب عليها القانون بأعتى العقوبات؟، خاصة وأن شناعتها لا تقل عن التفجيرات الانتحارية التي تودي بحياة عشرات الأبرياء.
يركبون الأمواج لا للمتعة أو الهواية، إنما رغبة في الالتحاق بالعالم الآخر، هذا الأخير قد يعني العالم الأوربي الذي يعد الحلم الأزلي للشباب الجزائري، كما أنه يحتفظ بدلالتهم على الحياة الآخرة، ذلك أن "الحراقة" يحصلون بكل بساطة على تأشيرة المرور إلى هذه الحياة بمجرد أن تتقلب الأحوال الجوية التي تعني في كل الأحوال تقلب القلوب قبل العقول.
كل شيء كان يعتبر عند المسؤولين في الاتحاد الأوروبي والدول المغاربية المعنية مباشرة بظاهرة الهجرة غير الشرعية في حكم العادي، إلاّ أن هذه النظرة لم تصاحب تطور هذه المشكلة العويصة في تسعينات القرن الماضي وبدايات الألفية الثالثة، فجذور "الحرقة" يرجعها البعض إلى منتصف الثمانينات حين كان ميناء أرزيو الذي يعرف حركة فير عادية لناقلات البترول والغاز وميناء وهران التجاري قبلة طالبي العيش فوق أراضي القارة العجوز، الأمر الذي كان يدفعهم في أحسن الأحوال الاختباء في مكان بالقرب من المحرك والصبر لساعات في رحلة لا صديق فيها إلاّ الشجاعة ولا زاد لها إلاّ كميات صغيرة من التمر.
نعم لقد كانت محاولات الهجرة غير الشرعية المحتشمة آنذاك لا تقلق القائمين على شؤون الدول المستضيفة، كما أن ركوب الأمواج كان بطريقة على الأقل آمنة ومضمونة على الأقل، إذ لا مغامرة فيها، ذلك أن نهايتها لا تخرج عن اثنان، إمّا الوصول إلى بر الأمان سالمين غانمين أو الوقوع في أيدي الشرطة والعودة من حيث أقلعت أحلامهم ذات يوم، كما أنّ غالبتهم على قلتهم كانوا يحصلون على وثائقهم والاستقرار في القارة العجوز.
غير أن تطور القضية أخذ أبعادا أخرى لم تكن لتخطر على بال الأوربيين، فالشباب الجزائري الذي كان إلى وقت قريب يخاف البحر، أصبح يتهجم عليه عن وعي طلبا للخلاص من البطالة والآفات الاجتماعية التي تعيش متطفلة عليها، بل أن العديد منهم أصبح يبذل النفس والنفيس من أجل الالتحاق بجنة الشباب على الأرض، الأمر الذي أدى بالعديد من صائدي الفرص ومنعدمي الضمير إلى استغلال سذاجة البطالين وظروف "الزواولة" من أجل جني الأموال مقابل دفع تقديم القرابين للبحر الأبيض المتوسط، قرابين في صورة شباب ملوا العيش على الهامش فاختاروا عرض البحر عله يحمل همومهم ويساند مطالبهم في تحقيق أحلامهم والظفر بفرصة العمر من أجل العيش بكرامة رفض بلد العزة والكرامة أن يمنحها لهم رغم أحقيتهم بها.
الكل أصبح يدرك أن رحلات الحرقة أصبحت أكثر تنظيما، حيث يشرف عليها وكالات سياحة منتشرة في العديد من المناطق التي يعرفها القاصي قبل الداني لأنها نالت شهرة قد لا تعرفها حتى بعض كبريات المدن العالمية، فمناطق نفوذ بائعي البشر أصبحت معروفة، حيث ورغم عدم توفر مكتب محدد العنوان لهذه الوكالات، إلاّ أنها تلقى رواجا منقطع النظير عند مشاريع الهجرة أو الانتحاريين الجدد.
لقد أضحت الشواطئ المهجورة والتي جعلت خطورتها الكبيرة الحماية المدنية ترفع عنها غطائها من أجل السماح لها باحتضان أجساد البشر خلال موسم الاصطياف موانئ غير رسمية لا تطهر على خارطة الدولة المحددة لمثل هذه المرافق، كما أنها أصبحت مكاتب لعصابات الموت على الهواء الطلق، حيث يظفر منظم رحلات الموت على ملايين السنتيمات مقابل توفير قارب صيد قد لا يقوى حتى على مقارعة الأمواج العاتية المتلاطمة وجمع جماعة من الساعين إلى الخروج من أرض الوطن أن حمل جواز سفر أو بطاقة هوية أو حتى الحصول على تأشيرة من السفارات والممثليات الدبلوماسية المعتمدة في بلد المليون والنصف المليون شهيد، حيث يدفع كل واحد منهم مبلغا ماليا يتراوح بين 80 ألف و120 ألف دينار جزائري حسب الوسيط الذي يربط العلاقة بين منظم رحلات الموت وبين متهورين لا يدركون خطورة ما يقدمون عليه.
إن الشواطئ المهجورة التي تقلع منها قوارب الانتحار الجماعي الإرادي تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن وراء الأمر أشباه بشر، اتخذوا من الفقر والبطالة ذريعة في المتاجرة بأرواح الأبرياء وجني الملايين دون أن يؤنبهم الضمير أن كان لهم ضمير أصلا، وإلاّ لما ترك أحد العارفين بأمور البحر يقود الرحلة مقابل عدم دفعه تكاليف الرحلة دون أن يخوض هو عباب البحر بالأشخاص الذين سلموه أموالهم وقبل هذه الأخيرة أنفسهم الغالية ومأساة عائلاتهم من بعدهم، فمن المسؤول عن هذا الوضع الذي لا يمكن وصفه إلاّ بالغير إنساني مع الإقرار بالإجحاف في وصفه.
بعد كل هذا هل ما زال المشرع الجزائري مقتنع بأن محاولات الهجرة غير الشرعية هي محاولات فردية للارتماء في أحضان الأمواج؟ أم أن الغرض هو تكريس منطق اللا عقوبة بدافع عدم وجود أدلة قانونية لإدانة بائعي البشر بما اقترفوه في حق هذا البلد الجريح؟ ذلك أن من لا يدفع في اتجاه إعادة التشريع وتحسين القانونية في مواجهة الظاهرة سوف يكون يوما شاهدا في محكمة لا قاضي فيها إلاّ التاريخ والأمة والله سبحانه وتعالى.



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

والله نحن في الهم سوا ( معا )

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :