عنوان الموضوع : ثقافة الشكل الخارجي «تستعمر» الفتاة المعاصرة من المجتمع
مقدم من طرف منتديات العندليب
تقتطع ليلى في بداية كل شهر مبلغاً محدداً من مرتبها البسيط أصلاً، تدّخره من أجل تحقيق هدفها واللحاق بركب الساعيات الى الجمال. هدفها متواضع يتلاءم مع امكاناتها المادية: تريد فقط أن «تنفخ» شفتيها لتكسبهما بعض الامتلاء وتعدّل قليلاً في شكل أنفها.
واذا راقبت جيداً الشفتين والأنف موضوع القضية لوجدت انهما يتناغمان في شكل جيد مع تقاطيع وجه هذه الصبية ابنة العشرين عاماً.
لكن القرار اتخذ ولم يبق أمامها سوى بعض المال لتحديد الموعد مع الجرّاح والتنفيذ.
قرار هذه الصبية مستوحى من مزاج عام يسود أوساط النساء عامة والفتيات تحديداً: الهوس بالشكل الخارجي ومحاكاة النماذج الجمالية السائدة من خلال الجراحة التجميلية التي تروّج لها وسائل الاعلام وتحضنها بالاحاطة والترحاب المؤسسات المختصة بصناعة الجمال.
«أريد أن أكون على الموضة»، توضح ليلى وتضيف: «جميع الفتيات يلجأن الى الجراحة لاكتساب الشكل الجميل. الجمال هو جواز المرور الى الحياة العصرية والى عيون وقلوب الآخرين».
وتثني صديقتها على هذا الكلام: «سأخضع بدوري لعملية شفط دهون لأتخلّص من الزوائد التي تشوّه جسدي. انني أعيش معاناة حقيقية كلما أردت شراء ملابس جديدة. كل ما هو معروض في الأسواق مصمّم لأجسام رشيقة تشبه أجسام ملكات الجمال و «التوب موديل».
أما راغدة ابنة الخامسة والعشرين ربيعاً فقد خضعت لمجموعة عمليات تصحيحية طاولت شكل العينين والأنف والذقن بهدف الحفاظ على صورة زاهية «لأن طبيعة عملي في العلاقات العامة تفرض عليّ الطلّة الجميلة والمودرن».
تتعدد الأسباب الكامنة وراء حمّى جراحات التجميل وتغيير الشكل لكن الهدف واحد: تحقيق مزيد من الجمال وفق المعايير السائدة بهدف الرضى عن النفس ولكن بهدف إرضاء الآخر، الجنس الآخر. فالمرأة منذ تكوينها واكتشافها المرآة إنما تهدف الى إثارة إعجاب الرجل وإبهاره ومصادرة اهتمامه.
فما رأي هذا الآخر الشاب بهذه الحمّى التي تنتاب بنات حواء؟
تختلف آراء الشباب حول هذا الموضوع باختلاف الثقافات والقيم التي ينطلقون منها. فالشباب الذين ينتمون الى مجتمعات محافظة يتحفظون إجمالاً على هذا التدخّل الجراحي الذي «يُفقد الفتاة عفوية جمالها». ويرى كمال مثلاً ان «لا شيء يوازي جمال المرأة الطبيعي، ومهما بلغت براعة الجراح فإن أي تعديل على ملامح الوجه سيظهر ويصدم النظر من الشكل المصطنع الذي يتنافى كلياً وقواعد الجمال».
أما مازن طالب الهندسة، فلا يرى مانعاً من «أن تتدخل الجراحة التجميلية لتصحيح شكل الأنف مثلاً أو تقويم الأسنان المعوّجة، أما إحداث التغيير في الملامح فهذا مرفوض مهما كانت أسبابه وجيهة».
ولا يغيب التحليل الوجداني عن آراء بعض الشباب. اذ يقول فارس: «سرعان ما يخيب أملي بعد مرور وقت قصير على علاقتي بفتاة ما، هي غالباً زميلة في الجامعة عندما اكتشف ان اكتناز شفتيها غير طبيعي وكذلك لون شعرها واستدارة ذقنها. أجدني رغماً عني أنفر منها. أنا أبحث عن فتاة حقيقية. أخاف أن ينسحب التزوير الذي أصاب شكلها على مشاعرها وانسانيتها. فأتراجع وتفشل العلاقة».
ل
باختصار تريد الفتاة أن تكون جميلة مهما ارتفعت وتيرة الانتقاد، فهي تدرك أن أكثر ما يلفت النظر ويضعف المقاومة ويحدّد الخيارات نحوها هو جمالها.
لكن من الخطأ الاعتقاد أن مباضع الجراحين هي التي تحقق الحلم الكبير بالتغيير الكلي للشكل وفقاً لنموذج تفرضه موضة معينة. ان الخيبة غالباً ما تكون كبيرة حين لا تتطابق النتيجة الفعلية للجراحة مع الصورة المرتسمة في الخيال ما يستتبع جراحة أخرى للسقوط في دوامة الصراع الداخلي ورفض الذات. فضلاً عن المخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها كل مغامرة جراحة .
ان سيطرة قيمة الشكل الخارجي على ما عداها من قيم يعمّق أزمة التواصل بين الجنسين خصوصاً أبناء الجيل الجديد. فالفتاة التي حققت خطوات نوعية مهمة في مجالات العلم والعمل تجد إنجازاتها مهدّدة بفعل تفشيِّ هذه الثقافة ما يصيبها بحالة ارتباك حقيقية وفقدان ثقة بالنفس وبخياراتها.
والشاب الذي تبهره الصورة الجميلة «المركّبة» بمباضع جراحين، يجد نفسه أسير علاقة سطحية مع النصف الآخر، علاقة مهددة بموضة شكل جديد قد تسطع في أي وقت وتستحوذ التفكير وتتطلب الاهتمام بها مادياً ونفسياً على حساب جوهر العلاقة الحقيقية.
أن يسعى كل من الشاب والفتاة الى الحفاظ على لياقة المظهر وجمال الصورة فهذا تفكير راقٍ ينطوي على احترام عميق للنفس للجمال وللحياة. أما أن تكون العلاقة بين الشاب والفتاة محكومة بالشكل الخارجي ومدى تطابقه مع نماذج الجمال السائدة فتلك أزمة حقيقية تؤسّس لتداعي العلاقة الجدية المتمثلة في الزواج بينهما وبالتالي لتقويض مقوّمات الروابط الانسانية والأسرية تحديداً. فما بين الرجل والمرأة من حب وحنان ومشاعر هي أعمق بكثير من جاذبية المظهر الخارجي ومن مقاييس جمالية خاضعة لمزاجية الموضة.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
فعلا أخي لا شيء يضاهي الجمال الطبيعي والحقيقي بارك الله فيك
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
الشكل الخارجي أصبح يستهلك عقول وجيوب, وهموم الشباب والشابات من كل الطبقات الفقيرة منها والغنية على حد سواء وفي جميع انحاء العالم.. ولكن بشكل خاص في بلداننا العربية التي دخلت اليها ثقافة العولمة والموضة على حين غرة, ودون مقدمات لها, وأخذت تقودنا الى ثقافة جديدة بعيدة عن ثقافتنا وتقاليدنا التي كنا نعتز بها كثيراً فلم يعد الجمال جمالاً, ولا الربيع ربيعاً, وحتى سنابل الحقول تغيرت في بلادي, ومعها فصول السنة, وايضاً الجار لم يعد يزور جاره ووجوه الناس والشفاه والأنوف وكل شي تغير وتبدل من حولنا, والابتسامات والضحكات تغيرت وكلمة (أهلاً وسهلاً) لم يعد لها معنى.. تشعرين انها كاذبة, الكل يركض وراء المال والجمال المصطنع والمنفعة المادية وغابت منظومة القيم عن مجتمعاتنا العربية التي كنا نقول عنها انها محصنة ضد العولمة ولكنها انهارت من اول صدمة , وهذا شيء يدعو للأسف الشديد الا انه كأس العلقم الذي لابد من شربه والتأقلم مع حضارة صناعة وجراحة التجميل الوافدة الينا من بعيد وبدأت تأخذ مكانها في مجتمعاتنا العربية!!..
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
الحمد لله يبقى مجتمعنا الجزائري او الأغلبية منه بعيدة عن العمليات التجميلية و هذه نعمة من المولى عز و جل... لكن لا ننكر انتشارها بشكل كبير في المجتمعات العربية بل أصبحت هوسا يراود النساء بشكل كبير هذا اذا لم نقل أن هناك من الرجال من لجأ إليها ...
و في الحقيقة هي مجرد تجارة .... لها أبعادها ... تكتسي حلة الموضة ... و تنخدع بها النساء.. و يعود السبب لعدم الثقة بالنفس و الرضى بالجمال الذي خلقهم الله عليه.....عدم ثقة و قلة الايمان هما السبب في اللجوء لهذا النوع من العمليات....شكرا على الموضوع
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
بارك الله فيك
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :
بارك الله فيك