عنوان الموضوع : احترتُ مع قرة عيني مشكلتي
مقدم من طرف منتديات العندليب
موضوع منقول للفائدة
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجتي امرأةٌ طيِّبة، وصاحبة دِين وخُلُقٍ، لا أشتَكِي منها في أيِّ شيءٍ، سوى أمرٍ واحدٍ، وهو في نظَرِي كبير جدًّا؛ لأنَّه أتعبَ نفسي؛ وهو بالتفصيل أنَّني منذ سنوات ذهبتُ للرؤية الشرعيَّة حتى أخطب زوجتي هذه، وعِندما رأيتُها أُعجِبت بها ووافَقتُ على خِطبتها، وهي أيضًا أُعجِبتْ بي ووافَقَتْ على الخِطبة، ثم بعد عدَّة أيَّام قُمنا بعمل عقد الزواج الشرعي، وكان شفويًّا؛ حتى نستطيع أنْ نتكلَّم مع بعضنا دُون أيِّ محظورٍ شرعي، وجلَسْنا على هذه الحال ما يُقارب سنة، ثم اتَّفقنا على مَوعِد العقد الشرعي الموثَّق في المحكمة، وفي اليوم الذي ذهَبْنا فيه للمحكمة بدَأتْ زوجتي تبكي وتقول: لا أريد أنْ أتزوَّج، كانت تحسُّ بإحساسٍ غريبٍ، وهو عدم الرَّغبة في الزواج، سألتُها عن السبب فقالت: لا أعرف، فقط لا أريد الزوج، ثم حاولتُ إقناعَها ببعض الكلام اللطيف حتى وافَقتْ، وتَمَّ العقدُ الشرعي، وبعد ستَّة أشهر دخَلتُ بها، ثم مكَثْنا شهرين معًا، ثم رجعتْ إلى بِلادها؛ لأنَّ هذا ما اتَّفقنا عليه، ثم رجعتْ بعد ستَّة أشهُر مرةً أخرى، ومكَثْنا شهرًا معًا، ثم رجعتْ إلى بلادِها، بعد رُجوعها الأخير تغيَّرتْ قليلاً؛ بدأتْ تحسُّ بأنها ليست لدَيْها رغبةٌ في الزواج، وتحس بأنَّها مكبوتة، وتبدأ تتعامَلُ معي بجفاء، وإذا تناقَشْنا في الأمر تبكي وتقول: أعرفُ أنِّي على خطأ، وأنِّي عذَّبتُك معي، ثم ماذا أفعَلُ؟ هذا قلبي هو الذي يَرفُض، وتقولُ في بعض الأحيان: لا أحسُّ أنِّي أُحبُّك، قلت لها: إنْ كُنتِ تحسِّين بهذا الإحساس فإنْ شئتِ أُسرِّحك حتى ترتاحي، فتقول: لا أُريد الطلاقَ، أريد أنْ أعيشَ معك، وفي بعض الأحيان تقول: إنِّي أحبُّك، لكن ليس الحب المطلوب؛ يعني: ليس حبًّا قويًّا.
علمًا بأنِّي أُعاملها مُعامَلةً راقيةً، فيها كلُّ حبٍّ وعطفٍ وحَنان، أُحاول دائمًا أنْ أُشبِعَ الناحية العاطفيَّة، وأُعامِلَها باحترامٍ وتقدير، وهي لا تشتَكِي مني مطلقًا، بل دائمًا أقول لها: لو رأيتِ منِّي أيَّ هفوةٍ أو خطأ انصَحِيني ووجِّهيني؛ حتى تستمرَّ حَياتنا الزوجيَّة، دائمًا ما تقولُ: لم أرَ منك أيَّ خطأ، مع أنِّي لا أقتنعُ بكَلامها.
فما هي نصيحتُكم لي وتوجيهُكم، بارك الله فيكم؟!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم، السَّلام عليكم ورحمةُ الله تعالى وبركاته.
نودُّ بدايةً أنْ نُرحِّبَ بانضِمامك إلى (شبكة الألوكة)، ونسألُ الله تعالى أنْ يُوفِّقنا في تقديم ما ينفَعُك وينفع جميعَ السائلين.
كما أودُّ أنْ أُحيِّي نُبلَك وكرمَ خلُقك، المُتَمثِّل بإقْرارك بمميِّزات زوجتك، رغم شُعورك بالألم تجاه سُلوكِها معك، وكذلك حُسن تَعامُلك معها، وأسلوب تفكيرك المتميِّز بالرُّقيِّ تجاه العلاقة الزوجيَّة بشكلٍ عام، وهي سماتٌ إيجابيَّة تُحسَب لك من الناحية الدِّينيَّة، ومن وجهة النَّظر النفسيَّة؛ إذ تشيرُ إلى تمتُّعك بالشخصيَّة السويَّة والاتِّزان الانفِعالي.
أخي الفاضل، من الصَّعب الحكمُ على مُسببات ودَوافع زوجتِك في نُفورِها من العلاقة الزوجيَّة؛ لأنَّنا نسمعُ وجهةَ نظرك فقط إزاءَ هذا الأمر، دون أنْ تُتاح لنا الفُرصة للتعرُّف على طبيعة اتِّجاهها وتفسيرها لمعاني العلاقة الزوجيَّة؛ ولذلك أرى أنْ تنصَحَها بالتوجُّه إلى مختصَّة نفسيَّة؛ لِمُناقَشة الأمر معها، والوُقوف على حقيقة المسببات، ومُساعدتها في تجاوُزها وحلِّها.
حيث تضعُ بعضُ النساء حاجزًا نفسيًّا لا شُعوريًّا مع أمورٍ أحَلَّها الله تعالى؛ بسبب ارتِباط هذه الأمور فكريًّا لدَيْها بممارساتٍ محرَّمة؛ وبمعنى آخَر: تقود المبالغة في الورَع والتقوى بعضَ النساء إلى النُّفور من العلاقة الزوجيَّة؛ لأنهنَّ يربطنَها فكريًّا ببُغضهنَّ للزنا؛ حتى يَصِلنَ أحيانًا إلى تفسيرٍ خاطئ مفادُه: أنَّ إقامة تلك العلاقة المحلَّلة تبعدهنَّ عن مُمارَسة العبادات على الوجه الصحيح.
فيما تنفر نساء أُخرَيات من مجرَّد التفكير في العلاقة الزوجيَّة؛ لسَماعها موضوعات أو آراء مُنفِّرة عنها في مراحل تكوين الاتِّجاهات وبناء الشخصيَّة، والمتمثِّلة في مرحلة المراهقة وبداية مرحلة الشَّباب؛ فتتولَّد لديهنَّ خبراتٌ سيِّئة عنها تتبنَّاها بالسَّماع فقط، وليس عن الخبرة الشخصيَّة.
وقد يكونُ وراء ذلك أسبابٌ أخرى، لكنَّ المهمَّ في الأمر هو أُسلوب ردِّك تجاه سُلوك زوجتك؛ فحُسن التعامل وكرَم الأخلاق الذي تُعامِلُها به يُعَدُّ من أهمِّ وأفضل الرُّدود إزاء ذلك، ولكن يجب ألا يقفَ الأمرُ عند ذلك؛ فسعيُك للوقوف على الأسباب التي جعلت زوجتك تنفرُ من هذه العلاقة أمرٌ لا بُدَّ منه، كما أسلفتُ في بداية ردِّي.
من جهةٍ أخرى أجدُ من الأهميَّة؛ بل الضرورة أنْ تعيش مع زوجتك حياةً تتَّسِم بالاستِقرار والمداومة على تقديم واجباتها من قِبَلِ كلا الطرفين؛ إذ يبدو أنَّ وضع السفر الذي تقومُ به زوجتك يتكرَّر بشكلٍ دوري، حسَب ما يُفهَم من سِياق رسالتك، وأنَّ هذا لا يُساعد أبدًا في تكوين اتِّجاهٍ مُستَقرٍّ ورؤيةٍ ثابتة نحو مفهوم الزواج وواجباتِه والتِزاماته لدى زوجتك؛ فإنَّ التعوُّد على أداء مهمَّات الحياة الزوجيَّة الجديدة يأخُذ طريقَه إلى نفْس الزوج والزوجة، بعد تدعيم تلك الرؤية في نفسيهما وقَناعتهما بها، ثم استمراريَّة القيام بهذه المهمَّات والمسؤوليَّات؛ حتى يَصِلَ الأمرُ إلى مستوى عالٍ من التكيُّف النفسي، يجعَلُ الانسِحاب من هذه الحياة أمرًا في غاية الصُّعوبة.
كما أنصَحُكَ أخي الكريم بأنْ تترُك نقاشَ زوجتك لفترةٍ مُعيَّنةٍ في موضوع نُفورها، واعمدْ إلى بناء ذكرياتٍ جميلة في نفسها تضمُّكما مَعًا، من خِلال اصطِحابها إلى نُزهاتٍ أو سفراتٍ قصيرة، أو مُشارَكتها في أيِّ لهوٍ مُباح، دون أنْ يُعكِّر هذه الأوقات أيُّ شيءٍ آخَر؛ فإنَّ من طَبيعة الإنسان استِحضارَ ذِكرياته الجميلة مع الآخَرين حين يَشعُر أنَّه على وشْك فِراقهم؛ ولذلك فإنَّ قِيامَك بذلك يُساعد في بِناء عَوامل في نفس زوجتك تُعكِّر عليها أمرَ ابتِعادها عنك، بالإضافة إلى أنَّه يُسرِعُ في انسِجامها وتكيُّفها مع الحياة الجديدة - بإذن الله تعالى.
وأخيرًا:
أختمُ بالدعاء إلى الله تعالى أنْ يُصلح زوجتَك وشأنَك كلَّه، ويمنَّ عليكما بالذريَّة الصالحة، وسنسعد بالسَّماع منك مجدَّدًا.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :