عنوان الموضوع : ۩ خاطرة عن الإدارة الجزائرية !! ومن يسيرها !! وعن عفنها الكبير، حقائق وأوجاع ۩ انشغالات نقابية
مقدم من طرف منتديات العندليب
۩ خاطرة عن الإدارة الجزائرية !! ومن يسيرها !! وعن عفنها الكبير، حقائق وأوجاع ۩
-الجــــــــــزء الأول-
الإدارة وما أدراك ما الإدارة ... ابيّضت رؤوسنا بسببها، ومن النكت الآن: إذا دعوت على أحدهم قل له –بالعامية-: (روح ربي يجعلك تطلع دوسي) وخليّه، يعني بسبب المشقة وطلوع الروح وراء الوثائق التي لا تنتهي وفيها ما لا يأتي حتى بثمرته في الأخير.
إن المثال الذي يُحتذى به في الدول الإسلامية العربية في هذا الباب، هي دولة الإمارات العربية المتحدة -حفظها الله وبارك فيها-، فقد جاء في مقال منشور عبر النت: (...حققت دولة الإمارات المركز الأول عالمياً في حسن إدارة الأموال العامة، وذلك حسب الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2015. كما فازت بالمركز الثاني عالمياً في مجال القيم والسلوكيات وفي سهولة ممارسة الأعمال، والثالث عالمياً في كل من مؤشر التجارة الدولية والأداء الإقتصادي والسياسة المالية الحكومية وذلك ضمن التقرير نفسه الذي يقيس التنافسية العالمية لأهم 60 دولة حول العالم...)، وقد اعترف قادتها وصنّاع القرار فيها أنهم ما وصلوا إلى الذي وصلوا إليه إلا بحسن تسيير الإدارة، وحُقَّ لهم، لكن في المقابل نتكلم عن دولتنا الجزائر، وما يحدث في هذا المضمار من خراب ودمار واستنزاف كبير دون طائل، ولكي نعرف عفن الإدارة الجزائرية الحالية حقيقة وليس مبالغة –بسبب القائمين عليها-، حسبما شاهدتُ وسمعتُ وقرأتُ وسننوع قدر الإمكان لكثرتها، ولعل الكثيرين ممن سيقرأ كلامي قد مرّت عليه مواقفٌ كثيرة مثلها، ودونكم الأمثلة، ولا تفزعوا عند القراءة فالأمر أشد وأنكى ويدمي القلب ويبشر بكوارث إن استمر الأمر على ما هو عليه إلا أن يشاء ربي شيئا.
- نعلم أن المغزى من الإدارة وهيلمانها الكبير، وتوفير ذلك العدد الكبير الضخم من الموظفين والقوانين والتنظيمات...الخ، وتخصيص الميزانيات الكبيرة بالمليارات!!، هو في الأخير أن تُلبى حاجيات المواطن ويخرج من الإدارة أو المؤسسة العمومية وهو راضٍ، لكن للأسف! هذه جهودٌ ذهبت مع الريح: وإليك الأمثلة:
- في إحدى المؤسسات العمومية للصحة الجوارية، أجريت مسابقات توظيف خاصة بأطباء وبيولوجيين وجراحي أسنان وغيرهم، ثم بعدها مسابقات إداريين لبضعة رتب، وقد كان بين فتح الإعلانات والنتائج النهائية جملة قرابة ستـة (06) أشهر، ومفتشية الوظيف العمومي تماطل وتتلوى على أعصاب المؤسسة، مع أن مهمتها التدقيق والرقابة فقط، ومع ذلك قررت ربط النتيجة النهائية الصادرة منها في حالة ما إذا تم الإنتهاء من كامل التدقيق في كل المسابقات معاً وعددها قرابة (10)، ولم يرضوا بأن يخرج أولاً بأول تقريرٌ لسلكٍ دون آخر من دون الربط فيما بينها تسهيلاً على الإدارة، وإنما أرادوا تمديد الفترة بدون وجه حق وجعل تقاريرهم, تقريراً واحداً لجميع الأسلاك.
فما ذنب مثلاً (ملحق إدارة) وقد نجح في المسابقة، أن ينتظر كل هذه المدّة إذا كانت هناك مشاكل في مسابقة الأطباء!! -مثلاً-، فربما كان هذا الشخص الناجح رب أسرة وله أولاد يعولهم ويسكن في بيت بالإيجار، وينتظر متى يبدأ في عمله ويفرح بمنصبه المتواضع!؟، أم لأن موظفِي المفتشية قد ضمنوا رواتبهم الشهرية فلا يعنيهم الأمر، إذن فلا مبالاة من جهتهم!؟.
- في مصالح الصحة مثلاً إذا جاء المواطن إلى الإدارة (ومنهم من قد بكى فعلا) وهو يشتكي من طبيب! (ذاك الجامعي) الذي قد أهانه، فإنه لا يُعار اهتماماً ولا يستجوبُ الطبيب، بل ويخرج المواطن بغصته وحرقته على الإهانات المدفوعة الأجر –إن صح التعبير-.
- ومن هؤلاء الأطباء!! وهو في مناوبة ليلية من يقول لأب طفل: (كيف توقظني من أجل حرارة مرتفعة لابنك الصغير!!)، مع أنه يتلقى منحة –كبيرة!!- لقاء مناوبته الليلية، وليست لوجه الله البتة، ثم هل الصغير هذا يستهان بأمره حتى يذهب فيها؟ أم هو في نظر الطبيب المحترم! يعد في مصاف البهائم والحمير!، مع أن هذا الطبيب ومثله أولى بالحمير وأولى بأن يولىّ على اصبطل حيوانات وليس على بشر بني آدم.
- من هؤلاء الأطباء! أيضاً من إذا دخل عليه المريض المسكين المبتلى ويكأن الأخير قد وطئ على رزق ذاك الطبيب وإرثه من آبائه، فترى الطبيب متجهما –كأنه قاضي- عبوساً ولا ترى فيه سمة (الجامعي) ولا أدنى من ذلك، مع أن النظرة الطيّبة صدقة فما بالك بحسن الاستقبال والقيام بشؤون المريض؟.
- كثير من هؤلاء الأطباء وجلّهم لا يقومون بواجبهم في المناوبات التي يتلقون عليها رواتب خيالية، ومع ذلك ولقلة حياء وصفاقة وجه فإنك تراهم يتقاتلون على المناوبات لكي ينالوا حظاً كبيراً من أموالٍ بغير حق، مع أن رواتبهم لوحدها كفيلة بمنحهم عيشاً كريماً عفيفاً طيباً، لكن تحولت المناوبات إلى مناوشات، فمرّة لي ومرّة لك، صفقات تجارية.
- كثير من هؤلاء الأطباء من يعمل في مؤسسة عمومية، وهو مختص في طب معيّن، ويعمل أيضاً -متعاقداً أو غير ذلك- في مصحّة خاصّة، ولقلة مروءة منه وخوف من الله، فإنه يُعامل المريض معاملة السمسار، فيوجِّهَهُ إلى المصحّة الخاصّة مقنعاً المريض أنه في خطر لو أجرى العملية في مؤسسة عمومية!، وعلى خوفه المسكين يرضخ لرغبات الطبيب الجزار، ويتجه للقطاع الخاص أين يتم فركه جيداً ويُستنزف ماله على آخره بل ومع ديون آجلة ترهق الكاهل. مع أن الطبيب ممكن أن يقوم بمصالح المريض في القطاع العمومي! لكن لدناءة نفس وخبث طوّية وقلة الرقابة يحدث هذا على مرئ ومسمع من مصالح الموارد البشرية!، إذن فما فائدة فوضى المؤسسات العمومية والميزانيات الضخمة!!! وهيلمان الإدارة الكبير!!!، حقاً فقاعات صابون، ومصادر رزق ليس إلا.
- في مكاتب التشغيل ذهبت زوجة أحدهم لتسجل طلباً وطمعاً في رحمة الله، وبعد مراقبة ملف التسجيل طلبت منها الموظفة شهادة الميلاد وأكدت على وجوبها في الملف بالرغم من وجود نسخة من بطاقة التعريف التي تغني عن ذلك، فقامت المسكينة بالعودة إلى بيتها على بعد مسافته من الوكالة وعادت إليها في المساء جالبة لها ما طلبت فقامت الموظفة بعد أن نظرت –فقط- في شهادة الميلاد وأرجعتها للمعنية ولم تعتذر لها على هذه المشقة بدون جدوى، وهذا تجسيد فعلي حقيقي بمعنى الكلمة لما يسمى بـ: –البيروقراطية- والتعسف وإشفاء الغل في المواطن.
- في مؤسسات الصحة العمومية، منحة العدوى، تلك السرقة القانونية المفبركة، تجد عمال الصحة لا يتقاضون تلك -السرقة- بدرجة واحدة تمييزاً لهم ويكأن المواطن المريض بمرض معدٍ إذا دخل المصحة يدخل من باب خاص يدخل منه فقط الأطباء، ولا يقابل في طريقه إلا الأطباء، ولا يتعامل إلا مع الأطباء، والباقي من الموظفين كلهم إذا أصابتهم عدوى ستكون عدوى خفيفة على قدر منحتهم!!!!، فكيف تمرر هذه المهزلة!!! يعني الطبيب كائن بشري قابل للعدوى وغيره مبرمج لأن لا يصاب أو سيصاب بعدوى توازي منحته المعدّة سلفاً، حقاً معادلة صعبة لا يفهمها أكابر علماء الرياضيات.
- إذا كان الموظف جديداً في مؤسسة عمومية، فإنه لا يلام خاصة المتربص، لكن كيف بمن مرّة عليه قرابة 03 سنوات، وإذا أتت مسألة –مثلاً- بطاقة الإلتزام الخاصة بتعيين موظفين جدد فلا يدري في خانة (السنة) أيعتمد السنة المالية أم السنة الحقيقة!، بل ويتصل بموظفي الرقابة المالية فيقرونه على خطئه ولا ينتبهون، ولا يتنبه أحد، وفي حالة الخطأ –وهو موجود سلفاً- فهي مجرد كومة كبيرة من الأوراق سترمى في الزبالة –مال عام مهدور بأبسط الطرق-، فلو كان في مال من قام بالخطأ لقامت الدنيا على تلك الرزمة من الأخطاء، ناهيك عن الوقت الضائع سدى وفي أخطاء ممكن تفاديها بأبسط الطرق.
- ومثل ما سبق أعلاه ما سيأتي أيضاً: نعلم أن مفتشية الوظيف العمومي، بمثابة هيئة رقابية على الإجراءات الإدارية، وفي كثير من الحالات تطلب نسخاً من وثائق تثبت صحة ما لديها من تقارير، والمشكل أن النسخ تضيع مرة وراء أخرى في كل مرة –أو تكاسلاً للبحث في كومة الأرشيف- فيُطلب من الإدارة الأصلية إعادة نسخ الوثائق على كبر عددها مرة أخرى، وإرسالها مرة أخرى للمفتشية، وفي الأخير تظهر النسخ الأولى ويعاد بعد التدقيق كل شيء إلى الإدارة الأصلية، فترمى كل تلك النسخ في الزبالة –مال عام مهدور- ووقت ضائع وراء أخطاء يمكن تلافيها، لكنها أصول لابد منها في الإدارة الجزائرية –يجب التبذير وإلا فلست موظف جزائري-.
- مشكل الخدمة الوطنية، في كثير من المسابقات يُتغاضى عنها، لكن عند نجاح المترشح يرى النجوم في ضوء النهار، فيطلب منه تأجيل حتى يُعيّن في منصبه، والقائمين على الخدمة الوطنية يطلبون منه محضر تنصيب لكي يمنحوه تأجيلا جديداً، والإدارة لا تمنحه محضر تنصيب إلا بتأجيل، هذه بهذه، وهذه أيضاً معادلة رياضية عجز عنها عباقرة الرياضيات.
- نعلم ما يعانيه موظفوا الأسلاك المشتركة، من قلة الراتب وزهده، خاصة في قطاعات تعتبر ميتة –إن صح التعبير-، فتجد مثلا الجامعي الذي كاد يجن بسبب شهادته الجامعية –ونتكلم عن أهلها الحقيقيين-، فيوظف بعدها ويصاب بإحباط كبير أو انهيار عصبي عندما يقبض أول راتبٍ له، خاصة إذا كان يسكن في مكان يبعد عن مكان وظيفته يعني راتبه سيذوب كالملح ولن يلحق على شيء منه، وفي المقابل تجد عون أرشيف أو عون وقاية في هيئة الضمان الاجتماعي، يتلقى راتباً خيراً منه وهو لم يتجاوز الأساسي أو الإبتدائي!!!، بحجة أن الهيئة عبارة عن صندوق ... الخ الكذب الممجوج، أنبئوني يعني موظف السلك المشترك يعمل في دولة لها قانون خاص ولها مصادر أموال غير مصادر وقوانين الدولة التي يعمل فيها عون الوقاية في هيئة الضمان الاجتماعي!، أليس هذا استهبالا كبيراً، واحتقاراً عظيماً لأصحاب الشهادات الأكاديمية وعلى الملأ؟ فأي تقدير للعلم، وإن كان كذلك فليختصر طالب العيش الكريم طريقه وليتقاتل على مناصب في هيئة الضمان لكي يضمن راتباً يفوق راتب الجامعي بدرجات كبيرة.
الجـــزء الثـــاني:
- نعلم ما يُكرّر على الأسماع من دعوى المساواة بين الرجال والنساء!، مع ما فيه هذه الدعوى من المضاهاة للسنن الكونية واستدراك على الله جل جلاله والعياذ بالله، ومن ينادي بهذا أقل شيء يُنزَّلُ عليه أنه مقلدٌ أعمى وجاهل لا يدري شيئاً مهما حمل من الشهادات، ولا يصل به الحد إلى الكفر إلا عن إصرار وعلمٍ نعوذ بالله، لأن هذه الأمور ليست لعباً ولهواً أو عائدة إلى أذواق ونظرات البشر (وكان الإنسان ظلوماً جهولاً)، لكن من ينادي بهذا له نظرة تغريبية خبيثة تهدف إلى زلزلة الأمّة وجعل زمام أمورها بيد نسائها والنبي الكريم يقول: (لن يفلح قوم ولُّوا أمرهم إمرأة)، وصدق بأبي هو وأمي، ترى أعقرت الأمهات أن تنجب الرجال! ومن يقود الأمّة إلى قمم المجد، ولكم في تاريخ سلفكم من الفتوحات العظيمة التي كان قادتها رجال فحول جعلوا من الأمّة الإسلامية أمّة تُهاب فعلاً حينها ويُحسب لها ألف حساب، أما الآن فصبر جميل عسى الله أن يبعث لنا مجدنا برجال نعّدُ لهم من الآن. وعطفاً على هذه النقطة كاملة أقول: من ينادي بالمساواة بين النساء والرجال، لماذا لا يساوي بين كل شيء أو ليترك عنه كل شيء، وأقصد في ذلك ما يلي: الخدمة الوطنية كيف أبقِيَت سيفاً مسلطاً على الذكور وبها ضاعت آمالهم في كثير من مصادر زرق كانوا سيفتحون بها أسراً وعوائل؟، كيف الأنثى تنجحها في المسابقة بدون شرط الوثيقة -الملعونة- والشاب يقف أمام مقر الإدارة يبكي دماً على عدم امتلاكه لهذا المفتاح الكبير (الخدمة الوطنية) مجرد وثيقة صغيرة تحول بينه وبين مستقبله!، أليس هذا تلاعباً شيطانياً كبيراً بعقول الأمّة؟!، ثم أين مبدأ المساواة المزعوم وتطبيقه، ففي الإدارة تجد 99 % نساء و 1 % رجال، وهذا الواحد لعله في أغلب الأحيان يكون الحارس أو المدير!. فيكفيكم ضحكاً وتسفيهاً للعقول التي جمدتموها بتسييركم العفن، بل إن كثيراً من النساء من إذا أحسّت بشيء من القوّة بسبب راتبها تعزف عن الزواج والتحصين وتنزل إلى دركات الدنيا وملذاتها –الزائلة اليوم أو غداً-.
- إذا دخلت الإدارات الجزائرية فإنك ترى المكاتب، وأجهزة الإعلام الآلي، والنواسخ، والطابعات، ورزم الأوراق، والمكيّفات!! -التي بعض الموظفين لعله لا يملكه في بيته- وسيارات نقل....الخ، حقاً عتاد ضخم أينما تولّي وجهتك، لكن أهو هدر؟ أم لغاية! للأسف كان من المقرر استغلال تلك الموارد كلها والتعجيل بمعاملات الإدارة يومياً وعدم تعطيل مصالح الأمّة لأن الموظف مع كل هذا وفوقه يأتيه راتب شهري ومنح وعطلة سنوية، نعم، كرمٌ من القيادة عسى أولئك الموظفون يكونون أحراراً في أنفسهم ويعملون بجد!، لكن الواقع يكذب كل هذا بل وهو مرير زقّوم.. فبمجرد انصراف المدير ينصرف الجميع وتترك الإدارة خاوية على عروشها، وكل شيء يؤجل إلى إشعار آخر، إهمال لا خطام له.
- صدر من الوزير الأول تعليمات بمنع الموظفين من المشاركة في المسابقات وترك المجال لغيرهم من البطالين وهم ألوف مؤلفة، وقد قامت الدنيا عليه من فئة الموظفين -الإداريين!!- الذين لم يعجبهم هذا القرار، لكن الوزير كان مصيباً في قراره بل ونَظَرَ بعيداً جداً، ويأتيك البرهان، إن حرمانه لفئة الموظفين من المشاركة في المسابقات هو عن دراية وتقارير ترفع لهم، لكون الحظوظ لهؤلاء الموظفين ستكون مرتفعة جداً خاصة في المسابقات على أساس الشهادة، طيّب إذا نجح هذا الموظف وهو أصلاً كان موظفاً يعني مجرد تغيير مكان ومنصب فقط لا غير، أما غيره من البطالين العزّاب فحُقّ له أن ينتظر حتى يشفي هذا الموظف غريزته في التنقل من وظيفة إلى أخرى ولن يشبع إذا ذاق حلاوة ذلك التنقل والتجديد، و(لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب)، بل وإذا نجح فإنه يترك منصبه شاغرا الذي سيأتيه غيره من الموظفين من يملؤه، يعني الحلقة تبقى في دائرة الموظفين والكرة بينهم فقط، لهذا جاء هذا القرار الحكيم رغم تسفيه الكثيرين له لأنهم أصحاب نزوات ولا يرون إلا أنفسهم على مبدأ (نفسي ومن بعدي الطوفان). فيكفيكم جشعاً واتركوا الباب لغيركم فالأعمار تجري وقليل من استطاع تحصيل نصف مرتب -دائم-، خاصة ونحن في وقت شحّة فيه المناصب، والدولة تداخلت عليها الأمور، فاللهم سلّم سلّم.
- ظاهرة استعمال اللغة الفرنسية –لغة قوم من نكّلوا بآبائنا وأجدادنا-، لا أدري سّر تعالم قوم كثيرين ممن لا يتورع ولا يستحيي من الإفراط في استعمال اللغة كأنها لغة الأصول التي ينتمي إليها، يا هذا كيف تُمجّد لغة قوم احتقرونا واحتقروا كل مقدّس لديك!!!، ناهيك عن كون العربية أعذب لغة عرفتها البشرية، بل إنها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم كلام الله تعالى إلى عباده، نعم هناك استثناءات وحالات شاذّة قليلة جداً يجب فيها اللجوء إلى هذه اللغة، أما أن تُجعل هذه لغةً أصلاً فهذا شيء يجب الحد منه، بل إن من الأطباء من قيل لي أنها تتكلم بالفرنسية حتى مع العوام البسطاء المرضى الذين لا يفهمون شيئاً!!، حقاً تعالم صارخ وإظهار للذات بأي طريقة!، ولو ذهبت مثل هذه الطبيبة! إلى بلاد القوم -الإفرنج- لهمّشوها وجعلوها صفراً على اليسار، لذا فالتواضع محمود طيّب مطلوب.
- من الإدارات من لا يكترث بك ولا يقيم لك بالاً، حتى تضطر أن تراسل الوزارة الوصية، وتشكو لها أمرك، فتأتي التعليمات بمعالجة مشكل ذاك المواطن، حينها يُستدعى المعني ببرقية ويحظى بمعاملة طيّبة كأنه قريب لذاك الوزير!، إذاً على هذا الأساس نقول للوزير انزل من الوزارة وابقى في ترحال دائم بين 48 ولاية، تحل مشاكل المواطنين لأن المدراء المكلفين بذلك، قريباً جداً ستراهم في عراك بالأيدي مع المواطنين أمام مقرات إداراتهم بسبب غلظتهم وتعاليهم، أما المواطن كونه شديدٌ في كثير من حالاته فحُقّ له ولا يلام بسبب التعفّن الذي يراه ويعايشه يومياً ومن المفروض أن المدير يكون سياسياً لبقاً يعرف كيف يمتص غضبه ويسعى في حل مشكله بأبسط الطرق ليخرج الجميع وهم راضون، أم أن هذا حلم المدينة الفاضلة!!.
الجــــزء الثــــالـــث
مع مقدمة للجزء الثالث، وأرجو الإنتباه حتى يتضح لك ترابط السطور:
كثير من الجزائريين قد شاهد لقطة نادرة عزيزة، للممثل الراحل حسن الحسني (بوبقرة)، لما ينزل للمدينة ويذهب في أحد المرّات لمصالح البلدية ليستخرج بطاقة التعريف، وكيف لما سأل أحد موظفي الشبابيك قال له أمرك يحتاج إلى وثيقة وهي تستخرج من عند الذي بقربي، فذهب له، فقال له أيضاً الموظف الآخر: وثيقتك هذه أيضاً تحتاج إلى ما يستخرج من عند الذي بقربي!!، وهنا كانت اللحظة، لما ينفجر ويقول –رحمه الله- لهما: (أنت تُعطيها له، وهو يُعطيها لك، ثم تُعطيها له، ثم تُعطيانها لي...)، يعني رحمه الله ضَربَ في صميم وأعماق الإدارة الجزائرية، فلا توجيه، ولا هداية، ولا إرشاد، ولا محاولة التقليل من العبء على كاهل المواطن الذي أرهقته مطالب الحياة التي خنقتنا كلنا لأننا في مركب واحد.
مثله أيضاً في فيلم (كرنفال في دشرة)، لما يريد أحد نواب! رئيس البلدية، أن يحضر الملف الذي يحتاجه في اجتماع له، وحينما يدخل على الموظفين المكلفين بالملف، يجدهم يلهون ويلعبون! بألعاب الكمبيوتر!!، تاركين ما تدفع لهم من أجله الرواتب وهي مصالح الدولة والشعب!، وما يحدث لذاك النائب حينها من انفعال أدّى به إلى الإغماء، وفي نفس الفيلم أيضاً، عمل رئيس البلدية لُخِّصَ في لقطة لما يدخل إلى المكتب منفعلا، ولا يقوم بشيء إلا وضع المشبك (trombone) على حِزَم الأوراق على مكتبه، وهذه لقطة لخصت الكثير الكثير بعمق كبير بعيد جداً، جهل وفراغ فكري في من يُسيّر الإدارة الجزائرية.
هاذان مثالان أردت أن أفتح بهما جزئي الثالث في الضرب بحثاً عن عفن ما وصلت إليه الإدارة عندنا، وما يصرف لأجلها من مليارات ومليارات، تذهب في رزم أوراق ورواتب ومنح خيالية، لموظفين لا يستحقون سنتيماً واحداً، إما لدناءة نفوسهم وتعسيرهم على المواطن، وإما لجهلهم وعدم قدرتهم على ما حُمِّلُوا من مسؤولية!، والثانية هي الأكثر، ممكن في الثمانينات وشيء من التسعينات نقول أن الجهل في الإداريين كان نتيجة عدّة عوامل لا نستطيع أن نتكلم عنها وإلا لتهنا لكثرتها، أما الآن ومع انفتاح الدنيا على مصراعيها، فإنك تتعجب لما تسأل (جامعي) -ظاهراً- كيف نجحت في الجامعة واجتزتها، فيقول لك لا أدري، إنما دخلت الطابور، ثم شيء من هنا وهناك، حتى ها أنا ذا بشهادة!، ويا له من تبجّح كبير لما تسمع مثل هذا الأمر، إذن ما فائدة قاعات الدراسة؟، وصدقت عبارة سمعتها بأذني في التسعينات على برنامج (المنتدى) للدكتور الفذ: عمر الخطيب –رحمه الله-، الذي كان يبث على قناة راديو وتلفزيون العرب، أحد أساتذة المشرق العربي –حينها!- قال في إحدى الحلقات: (الجامعات العربية أصبحت مطبعة للشهادات)، وهذه لخصت لي الكثير من الكلام، يعني مجرد حبر على ورق لا يعكس شيئاً من تلك الشهادات، وصدق حقاً.
مناهج قديمة عفى عليها الزمن، وأساتذة سماسرة أصبح همهم المال ولم تعد تُستهلك معهم: (قم للمعلم وفه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا)، المعلم الآن يعمل نقابي أكثر منه معلماً، يعرف ويُطالب بما له وما ليس له وأكثر مما له ولا يستحيي على مبدأ تلك بقرة حلوبٌ بدون راعٍ فهل من مزيد حليب!!، أما التعليم فهو تحت الأرجل وموضة يتسوّلون بها!، وخوفاً من ضغط الأولياء وصداع الرأس وتقارير المفتشيات..الخ الروتين الإداري، فإنه يُنجح الفاهم وغير الفاهم وكلهم فيما بعد يتولاهم ربي ومن سيصعدون له في القسم الأعلى!، هكذا ذواليك، حتى وصل الأمر للبكالوريا، بل قفز إلى حين مذكرة الجامعة مجرد (نسخ ولصق)، إنه حقاً عفن كبير جداً، ثم نحاول أن نضحك فيه على أنفسنا، ونقول متفاجئين: من أين خرج هؤلاء الجهّال الذين يسيّرون زمام الإدارة الجزائرية؟.
هذا هو الترابط الذي يجب فكه وكيّه، وطرد عميان البصيرة ممن يتولون زمام الأمور، من ذلك رؤساء البلديات الحمقى والجهّال الذين صعدوا بالإنتخابات العمياء التي لا تميّز بين الصالح والطالح، فإذا استولى مثل هؤلاء على مناصب قيادة الدولة فهل يستطيع الجامعي -الحقيقي- والأكاديمي العالي -فعلاً وليس كذباً-، أن يتحرك مع هؤلاء ويصلح ما يراه من عفن مقزز، ولو حاول أن يفكر مجرد تفكير فإنه يُلبس تهمة محاولة خيانة الدولة ومبادئها ويُرمى في غياهيب السجون على أساس أنه مشاغب مراهق بأفعاله لا يدري ما يفعل؟!، حينها سيستحيي كل من نال شهادة على استحقاق أن يرفع بها رأساً مع أولئك القوم –الجِرَارُ الفارغة-.
والآن مع شيء من الأمثلة على نمط الجزء الأول والثاني:
- يعرف الكثير أن مصالح الخدمة الوطنية، تقوم بإرسال ما يُسمى (ورقة الطريق) التي فيها أمر بالإلتحاق لتأدية الخدمة الوطنية!، وقد تخرج للفرد أكثر من ورقة، ويوجد من ضرب صفحاً عن تلكم الأوراق لظروف به، بل وقد أصبح فيما بعد رب أسرة يعول ويتكفل بزوجته وابنه، فيذهب إلى مصالح الخدمة الوطنية على أساس دفع ملف الكفالة، ويُصدم لما يسمع من أحد الموظفين هناك أنه لن يقبل ملفه لأن أكثر من ورقة أمر بالإلتحاق قد خرجت للمعني، يعني بالمختصر لن تنال بطاقة الإعفاء ودونك نجوم النهار هي أقرب لك من بطاقة الإعفاء، فيخيبه الموظف، لكن الله مع عبده، إذ يقوم بمراسلة وزارة الدفاع الوطني ويشرح لهم الأمر وأنه كيت وكيت وقد رُفِض ملف الكفالة، حينها فرج الله قريب أكثر مما تتصورون، يأتي الأمر من الأعلى بقبول ملفه ودراسته ومنحه البطاقة، ويا لها من تسهيلات عليا حكيمة تنظر بعيداً، إذن فلماذا يتعالى هذا الموظف ويرى نفسه وزيراً مخولاً في تحطيم مستقبل أسرٍ كثيرة، أوليس يعلم أن تلكم الوثيقة قد تفتح باب رزق لهذا الكافل والمتكفل به (زوجة وأولاداً)؟، حقاً قيادة تسهّل وأعوان تنفيذ أصعب من شرب القيح!، فيسِّرُوا يُيَسَّر عليكم وإلا فكل شيء بالمثل في هذا الدنيا، واحدة بواحدة ولا تدري كيف تأتيك مذّلة المصيبة أيها المعسِّر على الخلق.
-كل من لديه رقم ضمان اجتماعي في صندوق الضمان، أكيد قد سبقه ملف توثيقي، فإذا توقف العامل عن العمل ثم استأنف العمل في مكان آخر، فإنه يُطلب منه ملف آخر!، تحصيل حاصل وتكثير للأرشيف –المجهول المصير- وتوظيف لعمال مصالح البلدية لا غير، يعني أليس يكفي وثائق الملف القديم، مع تجديد وثيقة أو اثنين (مثل الشهادة العائلية)! لكن الإدارة الجزائرية هي الإدارة الجزائرية بنسختها الأصلية منذ عقود.
-أحيانا تُطلب من المعني جنسية، وهذه تُستخرج بشهادة الأب والجد، طيّب إذا كان الجد متوفي والأب كذلك، يعني الوفاة منذ آخر تاريخ لها وبدون تجديد تكفي، أو شهادة ميلاد قديمة بدون تجديد تفي بالغرض، لكون الأب والجد تحت التراب!!، لكن موظف الشبّاك يقول لك فارضاً رأيه: (أريد شهادة ميلاد جديدة)، أليس هذا تعسيراً ما بعده تعسير، أو ربما هذا الموظف يخاف لعل الأب والجد خرجا من القبر وغيّرا جنسيتهما ثم عادا إلى القبر!!!، يكفيكم يكفيكم فقد كدنا نجهل أسماءنا بصنيعكم هذا، إداريين مغفلين حمقى.
-إذا أراد الواحد الخروج لدولة أخرى سيُطلَب منه جواز السفر، وهي وثيقة دولية معترف بها وتعكس كيان الدولة المعنية، لذا فالجواز يُقبل بين الدول وهكذا جرى العرف الديبلوماسي، لكن تعال معي وانظر، إذا ذهبت تستخرج به وثيقة تخصك في الإدارة الجزائرية، يقول لك الموظف: (لا أقبل جواز السفر) –رمز من رموز الدولة-!، فلا أدري كيف تقبله دولة أخرى بكامل ثقلها ولا يقبله موظف بسيط في شباك ضيّق!!!، وإذا سألته فلن تجد ما يشفيك على سبب رفضه هذا، وهذا هو تحقيق: (سمعنا هكذا يُقال فقلنا)!!.
- في كثير من الحالات تُطلب منك وثائق لا زمام لها إلا تكثيراً لحجم الملف، شهادة ميلاد أصلية، وشهادة ميلاد نسخة من السجل، وشهادة الحياة، وشهادة الحالة المدنية، والآن شهادة ميلاد أصلية خاصة، ونسخة من بطاقة التعريف الوطنية، يعني بحق الذي خلق السماء والأرض، أليس بطاقة التعريف تغني عن كل هذا؟، أو فليتّفقوا على واحدة تلغي الكل، رحمة بالعباد، وإلا رب العباد فإنه يمهل ولا يهمل.
...وللحديث بقية مع الجزء الرابع
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
** للرفــــــــــــع **
=========
>>>> الرد الثاني :
لرفع المقال ****
=========
>>>> الرد الثالث :
=========
>>>> الرد الرابع :
=========
>>>> الرد الخامس :
=========