عنوان الموضوع : تلخيص لكتاب رائع ......جدد حياتك -محمد الغزالي انشغالات البيداغوجية
مقدم من طرف منتديات العندليب
جدد حياتك
[IMG]https://www.alghazaly.org/*******/media/images/books/10-Djadid%20Hayatek.jpg[/IMG]
جدد حياتك
دار النشر : دار القلم
جارى تلخيص الكتاب
جدد حياتك
كثيرا ما يحب الانسان ان يبدأ صفحه جديده فى حياته، ولكنه يقرن هذه البدايه المرغوبه بموعد مع الاقدار المجهوله،
كتحسن فى حالته ، او تحول فى مكانته .
وقد يقرنها لموسم معين ، اومناسبه خاصه كعيد ميلاد ، او غرَّعام مثلاً.
وهو فى هذا التسويف يشعر بأن رافداً من روافد القهوه المرموقه قد يجىء مع هذا الموعد، فينشِّطه بعد خمول ويُمَنِّه بعد إياس .
وهذا وهم . فإن تجدد الحياه ينبع قبل كل شىء من داخل النفس .
عش في حُدود يومك
من اخطاء الانسان ان ينوء فى حاضره بأعباءمستقبله الطويل .
والمرء حين يؤمل ينطلق تفكيره فى خط لا نهايه له ، وما اسرع الوساوس والاوهام الى اعتراض هذا التفكير المُرسل ،تم الى تحويله هموما جاثمه ، وهواجس مقبضه .
لماذا تخامِرُك الريبه ويخالجك القلق ؟! عِشْ فى حدود يومك فذاك أجدر بك ، واصلح لك.
الثباتُ والأَناةُ والاحتيالُ
اذا دهمتك شده تخاف منها على كيانك كلِّه ، فما عساك تصنع ؟.
تدع الرَّوع ينهب فؤادك، والعواصف الجائحه ترمى بك فى مكان سحيق ؟! ام تقف مطمئنا،وتحاول ان تتلمَّس بين هذه الضوائق مأمناً يهديك اليه الفكر الصائب؟
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (إنما الصبر عند الصدمة الأولى)
يقول(( ديل كارنيجي)) :
1- سل نفسك: ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لي؟
2- ثم هيئ نفسك لقبول أسوأ الاحتمالات.
3- ثم اشرع في إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وهذه خطه يوصى العقل والدين معاً بأتباعها.
هُمومٌ وسُموم
نذكر بعض أحاديث النبي محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذم هذا التكالب والترهيب من عقباه، قال ((من جعل الهم هماً واحداً كفاه الله همّ دنياه. ومن تشعَّبتْه الهموم لم يُبال الله في أي أودية الدنيا هلك)) . الحاكم
هذا اللون من التوجيه النبوي بقصد به بثّ السكينة في الأفئدة، واستئصال جراثيم الطمع والتوجع التي تطيل لُغوبَ الإنسان وراء الدنيا وتحسّره على ما يفوته منها، وفي ذلك يقول ((من كانت الآخرة همَّه جعل الله غِناه في قلبه، وجمع له شمْلَه، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همَّه جعل الله فقره بين عينيه، وفرّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدّر له))الترمذي .وقال: ((تفرّغوا من هموم الدنيا ما استطعتم، فإنه من كانت الدنيا أكبر همه أفشى الله ضَيْعته، وجعل فقره بين عينيه. ومن كانت الآخرة أكبر همّه جمع الله له أموره، وجعل غِناه في قلبه. وما أقبل عبدٌ بقلبه على الله عز وجل إلا جمع الله قلوب المؤمنين تفد إليه بالوُدّ والرحمة، وكان الله إليه بكل خير أسرع)) البيهقي
إن من حق الدنيا علينا أن نعمل فيها، وأن ننال من ضروراتها ومرفهاتها ما يحفظ حياتنا ويسعدها، وقد يكلفنا هذا العمل جهداً شاقاً يتصبب معه العرق ويطول فيه العناء، ولكن هذا الحق المقرر ، وهذا الجهد المبذول لبلوغه لايجوز ان يميلا بنا عن الجادّه او يزيغا بنا عن الرَّشاد
فالمال اذا طلبناه فلكى ننفقه لا لكى نخزنه ، واذا احببناه وحصلَّّناه فلنبذله فيما يحقق مصالحنا ويصون حياتنا.
ومن الحماقة أن يتحوّل المال إلى هدف مقصود لذاته تذوب فى جمعه المهج ، وتُرتخص العافيه ، وتتكاثر الهموم ، وتُجتذب الامراض ؟!
ان السعار المادي بالسباق على حطام الدنيا يهلك الصحة ولو أن أحداً ملك الدنيا كلها ما استطاع أن ينام إلا على سرير واحد، وما وسعه أن يأكل أكثر من ثلاث وجبات في اليوم، فما الفرق بينه وبين العامل الذي يحفر الأرض؟ لعل العامل أشد استغراقاً في النوم، وأوسع استمتاعاً بطعامه من رجل الأعمال ذي الجاه والسطوة.
ان المال كالفاكهه الجميله اللون والشهيه المذاق ، وميل الطباع الى اقتناء خذا الخضر الحلو معروف ، بيد ان من الناس من يظل يطعم حتى تقتلة التخمه . ومنهم من يتخطف ما فى ايدى الاخرين الى جانب نصيبه المعقول .
زمنهم من يدّخر ويجوع . ونهم من يشغله القلق خشيه الحرمان ، ومن يشغله القلق المذيد .
وافضل الناس من يأخذونه بسماحه وشرف.
كيف نزيل أسباب القلق؟
ان الاوهام والظنون هى التى تمرح فى جنبات الاض ، وتغدو وتروح بين الالوف المؤلفه من الناس.
ولو ذهبت تبحث عن الحق فى اغلب ماترى وتسمع لأعياك طِلاَبه.
فال ((ديل كارنيجى))بقى ان نتعلم الخطوات الثلاث التى يجب اتخاذها لتحليل مشكله ما والقضاء عليها وهذه الخطوات هى :
1-استخلص الحقائق .
2-حلل هذه الحقائق.
3-اتخذ قراراًَ حاسماً ثم اعمل بمقتضى هذا القرار.
فالندرس مواقفنا فى الحياه بذكاء ، ولنرسم منهاجنا للمستقبل على بصيره ، ثم لنرمِ بصدورنا الى الامام ، لاتثنينا عقبه ، ولا يلوينا توجُّس.
ولنثق بأن الله يحب منا هذا الّمضَاء ، لانه يكره الجبناء ، ويكفل المتوكلين.
علم أثمره العمل
فى دراساتنا القديمة تلقينا فى تعريف العلم أنه: إدراك ٬ وقواعد ٬ وملكة
. يعنون بالإدراك: التصور المجرد للأشياء . وبالقواعد: جملة المبادئ والقوانين والمصطلحات
علمان: علم فى القلب ٬ فذلك العلم النافع ٬ وعلم على اللسان ٬ فذلك حجة الله على ابن
آدم . وقال ` برنارد شو `: “إذا لقنت إنسانا شيئا فإنه لن يتعلم أبدا” . يقصد أن التلقين لا
يخلق من المتعلم شيئاً طائلاً . ويعلل ` ديل كارنيجى ` هذا الحكم فيقول: “إن التعلم عمل
إيجابى لا سلبى ٬ ونحن نتعلم حين نعمل ٬ فإذا أردت أن تستفيد من النصائح المبذولة فى
تضاعيف هذا الكتاب أو أى كتاب فجربها ٬ واعمل بها ٬ وطبقها فى كل فرصة تسنح لك.
آفات الفراغ
فى أحضان البطالة تولد آلاف الرذائل ٬ وتختمر جراثيم التلاشى والفناء . إذا كان
العمل رسالة الأحياء فإن العاطلين موتى . وإذا كانت دنيانا هذه غراسا لحياة أكبر تعقبها ٬
فإن الفارغين أحرى الناس أن يحشروا مفلسين لا حصاد لهم إلا البوار والخسران. وقد نبه
النبى صلى الله عليه وسلم إلى غفلة الألوف عما وهبوا من نعمة العافية والوقت فقال:
`نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة ٬ والفراغ `. أجل.. فكم من سليم الجسم
ممدود الوقت يضطرب فى هذه الحياة بلا أمل يحدوه ٬ ولا عمل يشغله ٬ ولا رسالة يخلص لها
ويصرف عمره لإنجاحها. ألهذا خلق الناس؟. كلا ٬ فالله عز وجل يقول: “أفحسبتم أنما
خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق” . إن الحياة خلقت بالحق ٬
الأرض والسماء وما بينهما. والإنسان فى هذا العالم يجب أن يتعرف هذا الحق وأن يعيش به
!؟. أما أن يدخل فى قوقعة من شهواته الضيقة ٬ ويحتجب فى حدودها مذهولا عن كل
شىء فبئس المهاد ما اختار لحاضره ومستقبله!!. ومن أصدق ما رواه `الشافعى` فى
أسس التربية هذه الكلمة الرائعة : ` إذا لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل `. وهذا
صحيح؟ فإن النفس لا تهدأ. إذا لم تدر فى حركة سريعة من مشروعات الخير والجهاد
والإنتاج المنظم لم تلبث أن تنهبها الأفكار الطائشة ٬ وأن تلفها فى دوامة من الترهات
والمهازل.
لا تدع التوافه
تغلبك على أمرك تهيب الإنسان للكبائر يبعده عن مواقعتها وينجيه من غوائلها
. بيد أن المرء الذى يخشى على حياته أن يتناول جرعة كبيرة من السملوضوح
خطرهاقد
يستهين بتناول أجزاء دقيقة منها تكون مطوية فى أطعمة مكشوفة ٬ أو أطباق قذرة ٬ أو أيد
ملوثة ٬ أو ما شابه ذلك . ومن ثم يصيب بدنه من العلل ما قد يُودى به ٬ مثلما تُودى به
رصاصة قاتلة ٬ أو طعنة غادرة . وإرهاباً للمؤمنين من اقتراف الصغائر ٬ وخوفا على كيانهم
النفسى والاجتماعى من تجمعها ٬ أهاب النبى بأمته أن تحذرها ٬ وأن تتنزه عن فعلها ٬ وأن
تتطهر حينا بعد حين من آثارها. صحيح أن الهدف الأكبر من رسالته هو محاربة الشرك ٬
وإزالة أوهامه عن الأفكار والضمائر. وقد استطاع فى حياته أن يسقط دولة الأصنام ٬ وأن يقيم
أمة تعبد الله وحده. ومع ذلك فقد حذر من أمور قد يستريح الشيطان من إقبال الناس عليها
استراحته من سقوطهم فى حمأة نفسه ٬ فقال: ` إن الشيطان قد يئس أن تعبد الأصنام
فى أرض العرب ٬ ولكنه سيرضى منكم بدون ذلك بالمحقرات ٬ وهى الموبقات يوم القيامة` .
وفى حجة الوداعوهو
يرسى قواعد السلوك الكاملقال:
` أيها الناس ٬ إن الشيطان قد
يئس أن يعبد فى أرضكم هذه أبدا. ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضى به مما تحقرون
من أعمالكم ٬ فاحذروه على دينكم ` . قال ` ديل كارنيجى `: “إننا غالبا ما نواجه كوارث
الحياة وأحداثها فى شجاعة نادرة وصبر جميل ٬ ثم ندع التوافه بعد ذلك تغلبنا على أمرنا ٬
ومن أمثلة ذلك ما قاله ` صمويل بييز ` فى مذكراته عن ` سيرهارى فان ` حين سيق
لتنفيذ حكم
قضاء وقدر
إحساس المؤمن بأن زمام العالم لن يفلت من يد الله يقذف بمقادير كبيرة من
الطمأنينة فى فؤاده. إذ مهما اضطربت الأحداث وتقلبت الأحوال فلن تبت فيها إلا المشيئة
العليا: “والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون “ . وهذا يفسر ركون المسلم إلى
ربه بعد أن يؤدى ما عليه من واجب. إنه يتوكل عليه ويستريح إلى ما يتمخض عنه
المستقبل من نتائج بعد ما بذل جهده فيما وكل إليه من عمل وإعداد واحتياط. والحق أنه لا
معنى لتوتر الأعصاب واشتداد القلق بإزاء أمور تخرج عن نطاق إرادتنا. قد يقرع الإنسان سن
الندم على تفريطه ٬ وقد يستوجب أقسى اللوم على تقصيره. أما أن يطلع القدر عليه بما لا
دخل له فيه فهو ما لا مكان فيه لندم أو ملام ٬ وبالتالى لا مكان فيه لقلق أو ريبة. ومن ثم
ينبغى أن نستقبل الدنيا بيقين وشجاعة. ويعجبنى قول على: أى يومى من الموت أفر؟ يوم
لا يقدر أو يوم قدر ؟ يوم لا يقدر لا أحذره ومن المقدور لا ينجو الحذر!! بهذا المنطق يواجه
الرجل العطوب وهو جرىء. أما إذا فرغت نفسه من الله ٬ ونظر إلى الأحداث كأنها موج يتدفع
مدا وجزرا ٬ يغرق فيها من يغرق ٬ وينجو من ينجو ٬ فإنه يحيا بفؤاد هواء ٬ تلعب به الأحداث
والظنون.
لا تبك على فائت
يقولون: ` لا جديد تحت الشمس ` ٬ وهذه كلمة تصدق على سير الحياة
الإنسانية فى تاريخها الطويل ٬ من ناحية الطباع والرغبات ٬ والاختلاط والمنازعات ٬ والجور
والعدل ٬ والسلم والحرب ٬ وقيام الأمم وانهيارها ٬ وازدهار الحضارات وانقراضها. ولهذا الشبه
الدائم فى مواكب العمران المتواصل على ظهر الأرض ٬ والخصائص المتوارثة بين الأخلاف
والأسلاف أمر الله عباده أن يستعرضوا أحداث الماضى لينتفعوا بما فيها. فإن ما يعنى الأولين
يعنى الآخرين ٬ وما نواجههدهشين
لجدتهقد
سبق به عهد ٬ وصدرت فيه أحكام. وخير لنا
أن نستصحب ما كان ٬ ونحن نعالج ما يكون. والله عز وجل يقول: “فاعتبروا يا أولي الأبصار “ .
والبصر الذى ينفذ فى أعماق الماضى يستقرئ أنباءه ٬ ويتعرف مواعظه ٬ ويتزود من تجارب
السابقين بذخر يجنبه الزلل ٬ هو البصر المؤمن الحصيف. وفى هذا يقول الحق جل اسمه :
“أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى
الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور” . وفى القرآن الكريم قصص كثيرة خلد الله فيه
أحوال القرون الغابرة ٬ ومصاير الأتقياء والفجار ٬ وصراع الخير والشر ٬ ووضع ذلك كله بين أيدينا
لنتوسم ونتدبر: “لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق
الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون”.
حياتك من صنع أفكارك
سعادة الإنسان أو شقاوته أو قلقه أو سكينته تنبع من نفسه
وحدها. إنه هو الذى يعطى الحياة لونها البهيج ٬ أو المقبض ٬ كما يتلون السائل بلون الإناء
الذى يحتويه: ` فمن رضى فله الرضا ٬ ومن سخط فله السخط ` . عاد النبى صلى الله عليه
وسلم أعرابيا مريضا يتلوى من شدة الحمى ٬ فقال له مواسيا ومشجعا: `طهور` ٬ فقال
الأعرابى: بل هى حمى تفور ٬ على شيخ كبير ٬ لتورده القبور. قال: ` فهى إذن ` . يعنى أن
الأمر يخضع للاعتبار الشخصى ٬ فإن شئت جعلتها تطهيرا ورضيت ٬ وإن شئت جعلتها هلاكا
وسخطت. إن العمل الواحد بما يصاحبه من حال نفسى يتغير تقديره تغيرا كبيرا. وانظر إلى
هاتين الآيتين وما تبرزانه من صفات الناس: “ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص
بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر
ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم “ . هؤلاء وأولئك يدفعون
المال المطلوب. هؤلاء يتخذونه غرامة مؤذية مكروهة ٬ ويتمنون العنت لقابضيه. وأولئك
يتخذونه زكاة محبوبة تطيب النفس بأدائها ٬ وتطلب الدعاء الصالح بعد إيتائها. وشئون الحياة
كلها لا تعدو هذا النطاق.
الثمن الباهظ للقصاص
إحساس المرء بعظمة نفسه ٬ ورسوخ قدمه ٬ وحصانة عرضه ضد
المفتريات وإحساسه بتفاهة خصومه أو عجزهم عن النيل منه ٬ أو قدرته على البطش بهم ٬
كل ذلك يجعله بارد الأعصاب إذا أهين ٬ بطىء الغضب إذا أسىء إليه. والغالب أن الإنسان
يتغير ٬ ثم يغتاظ ٬ ثم تنفجر ثورته إذا اقتحمت نفسه ٬ كما يقتحم العدو بلدا سقط فى قبضته
وأعلن الاستسلام. أما إذا أيقن أن عدوه يحاول المستحيل باستفزازه ٬ وأنه مهما بذل فلن
يجرحه ٬ فإن هذه الطمأنينة تجعله يتلقى الضربات بهدوء ٬ أو بابتسام ٬ أو بسخرية. ودعما
لهذه الحقيقة نسوق شاهدين: أحدهما ذكره ` ديل كارنيجى ` ٬ والآخر ذكرته فى كتابى `
خلق المسلم ` وكلا الشاهدين يصدق الآخر ويزكيه. قال ` ديل كارنيجى` : “نصبنا مُخيَّما
ذات ليلة تجاه حرش متكاثف الأشجار ٬ وفجأة برز لنا وحش الغاب المخيف: الدب الأسود.
وتسلل الدب إلى ظلال الضوء المنبعث من معسكرنا ٬ وراح يلتهم بقايا طعام يبدو أن خدم
أحد الفنادق المقامة فى أطراف الغابة ألقاها هناك... وفى ذلك الوقت كان ` الماجور ما
نتريل ` أحد رواد الغابات المغامرين يمتطى صهوة جواده ٬ ويقص علينا أعجب القصص عن
الدببة ٬ فكان مما قاله: إن الدب الأسود يسعه أن يقهر أى حيوان آخر يعيش فى العالم
الغربى باستثناء الثور على وجه الاحتمال. غير أنى لاحظت فى تلك الليلة أن حيوانا ضئيلا
ضعيفا استطاع أن يخرج من مكمنه فى الغابة وأن يواجه الدب غير هياب. ولا وجل. بل أن
يشاركه الطعام أيضا ٬ ذلك هو ` النمس `. ولا ريب أن الدب يعلم أن ضربة واحدة من مخلبه
القوى تمحو ` النمس ` من الوجود ٬ فلماذا لم يفعل هذا. لأنه تعلَّم بالتجربة أن مغاضبة مثل
هذا الحيوان الضئيل عداوة لن تعود بالضرر إلا عليه هو ٬ فأكرم له وأليق بكبريائه أن يغض الطرف
عنه. ولقد تعلمت هذا أنا أيضا ٬ فطالما ضيقت الخناق على آدميين من طراز هذا `النمس` ٬
فعلمتنى التجربة المرة أن اجتلاب عداوة هؤلاء لا تجدى فتيلا”. ذاك ما كتبه ` ديل كارنيجى
` فى كتابه: ` دع القلق `. وقد وافقته فى هذا التفكير فيما كتبتهقبلابخلق
المسلم
قلت: “ومع أن للطباع الأصيلة فى النفس دخلا كبيرا فى أنصبة الناس من الحدة والهدوء ٬
والعجلة والأناة ٬ والكدر والنقاء؟ إلا أن هناك ارتباطا مؤكدا بين ثقة المرء بنفسه وبين أناته مع
الآخرين وتجاوزه عن خطئهم. فالرجل العظيم حقا كلما حلق فى آفاق الكمال اتسع صدره ٬
أو امتد حلمه ٬ وعذر الناس من أنفسهم ٬ والتمس المبررات لأغلاطهم. فإذا عدا عليه غر يريد
تجريحه ٬ نظر إليه من قمته كما ينظر الفيلسوف إلى صبيان يعبثون فى الطريق وقد يرمونه
بالأحجار. وقد رأينا الغضب يشتط بأصحابه إلى حد الجنون عندما تقتحم عليهم نفوسهم.
ويرون أنهم حقروا تحقيرا لا يعالجه إلا سفك الدم. أفلو كان الشخص يعيش وراء أسوار عالية
من فضائله يحس بوخز الألم على هذا النحو الشديد؟ كلا. إن الإهانات تسقط على قاذفها
قبل أن تصل إلى مرماها البعيد. وهذا المعنى يفسر لنا حلم ` هود ` وهو يستمع إلى
إجابة قومه بعد ما دعاهم إلى توحيد ا لله قالوا: “إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من
الكاذبين قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي
وأنا لكم ناصح أمين”. إن شتائم هؤلاء الجهال لم يطش لها حلم ` هود ` لأن الشقة بعيدة
بين رجل اصطفاه الله رسولا ٬ فهو فى الذؤابة من الخير والبر ٬ وبين قوم سفهوا أنفسهم
لا تنتظر الشكر من أحد
مع أن نعم الله تلاحقنا فى كل نفس يملأ الصدر بالهواء ٬ وكل خفقة
تدفع الدماء فى العروق؟ فنحن قلما نحس فلك الفضل الغامر ٬ أو نقدر صاحبه ذا الجلال
والإكرام!!. إننا نخال كل شىء مهيأ من تلقاء نفسه لخدمتنا وأن على عناصر الوجود تلبية
إشارتنا وإجابة رغبتنا لا لعلة واضحة سوى أننا نريد ٬ وعلى الكون كله التنفيذ!!. بالضبط كما
يعيش الأطفال المدللون!!. وقد نشعر ببعض الجميل لظروف مواتية ٬ أو ببعض الجمال فى
بيئة مريحة ممتعة ٬ وعلى ما فى هذا الشعور من نقص لانقطاعه عن الله وسوء إدراكنا
لنعماه فكم تظن من الناس يملكه هذا الشعور؟ قلة لا تذكر!!. أما جمهور البشر فذاهل
عما يكتنفه من آلاء وإنه يتقلب فى خيرات الله غير واع لكثرتها ٬ ولا شاكر لمرسلها. وقد أراد
الله عر وجل أن ينبه الناس إلى ما خولهم من بره ٬ وإلى ما يحيط بهم من آثار قدرته ورحمته
فقال كأنه يعرِّف نفسه لخلقه : “الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن
الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا
إله إلا هو فأنى تؤفكون كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون الله الذي جعل لكم
الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك
الله رب العالمين”
هل تستبدل مليون جنيه بما تملك؟
ما أكثر النعم التى بين أيدينا وإن غفلنا عنها!!. أقليل أن
يخرج الإنسان من بيته وهو يهز يديه كلتيهما ٬ ويمشى على الأرض بخطوات ثابتة ٬ ويملأ
صدره بالهواء فى أنفاس رتيبة عميقة ٬ ويمد بصره إلى آفاق الكون ٬ فتنفتح عيناه على
الأشعة المناسبة ٬ وتلتقط أذناه ما يموج به العالم من حراك الحياة والأحياء؟. إن هذه العافية
التى تمرح فى سعتها وتستمتع بحريتها ليست شيئا قليلاً. وإذا كنت فى ذهول عما أوتيت
من صحة فى بدنك ٬ وسلامة فى أعضائك ٬ واكتمال فى حواسك ٬ فاصح على عجل.. وذق
طعم الحياة الموفورة التى أتيحت لك ٬ واحمد اللهولى
أمرك وولى نعمتكعلى
هذا الخير
الكثير الذى حباك إياه.. ألا تعلم أن هناك خلقا ابتلوا بفقد هذه النعم ٬ وليس يعلم إلا الله
مدى ما يحسونه من ألم؟.. منهم من حبس فى جلده ٬ فما يستطيع حركة بعد أن قيده
المرض ومنهم من يستجدى الهواء الواسع نفسا يحيى به صدره العليل ٬ فما يعطيه الهواء إلا
زفرة وتخرج شاخبة بالدم!!. ومنهم من عاش منقوص الأطراف أو المشاعر!!. ومنهم من
يتلوى من أكل لقمة لأن أجهزته الهاضمة معطوبة. ومنهم ٬ ومنهم.. إذا كنت معافى من هذه
الأسقام كلها فهل تظن القدر زودك بثروة تافهة؟ أو منحك ما لا تحاسب عليه؟ كلا ٬ كلا. إن
الله يكلفك بقدر ما يعطيك. ومن الخطأ أن تحسب رأس مالك هو ما اجتمع لديك من ذهب
وفضة!!. إن رأس مالك الأصيل جملة المواهب التى سلحك القدر بها ٬ من ذكاء ٬ وقدرة ٬
وحرية وفى طليعة المواهب التى تحصى عليك وتعتبر من العناصر الأصيلة فى ثروتك ما أنعم الله به عليك من صحة سابغة ٬ وعافية تتألق بين رأسك وقدمك ٬ وتتأنق بها فى الحياة كيف
تشاء . والغريب أن أكثر الناس يزدرون هذه الثروة التى يمتلكونها ٬ لا يشركهم أحد فيها ٬ أو
يزاحمهم عليها!!. وهذا الازدراء جحود يستحق التنديد والمؤاخذة ٬ قال `ديل كارنيجى`:
“أتراك تبيع عينيك فى مقابل مليون دولار؟. كم من الثمن تظنه يكفيك فى مقابل ساقيك أو
سمعك ٬ أو أولادك؟ أو أسرتك؟. احسب ثروتك من هذه المواهب الغالية ٬ ثم اجمع أجزاءها
وسوف ترى أنها تقدر بالذهب الذى جمعه آل `روكفلر` وآل `فورد` بيد أن البشر لا يقدرون
هذا كله! إننا كما قال فينا `شوبنهور`: ما أقل تفكيرنا فيما لدينا وما أكثر تفكيرنا فيما
ينقصنا”. ويروى أن `الرشيد` قال لابن السماك : عظنى وقد أتى بماء ليشربه فقال: `يا
أمير المؤمنين ٬ لو حبست عنك هذه الشربة أكنت تفديها بملكك؟ قال: نعم؟ قال: فلو حبس
عنك خروجها. أكنت تفديها بملكك؟. قال: نعم. قال: فما خير فى ملك لا يساوى شربة ولا
بولة؟! `. وإذا كان هذا الواعظ يريد أن يهون ملك الخليفة فيجسم أمام عينيه نعمة مبذولة ٬
ويريه أنها أرجح مما يعتز به من دولة وصولة ٬ فنحن ننظر إلى هذه العظة من وجهها الآخر ٬
لنرى جميعاً أنا وأنت أن ما يفتديه الملوك بتيجانهم نحصل عليه دون انتباه ٬ ونناله من غير
جهد!! . فهل نذكر هذا الفضل؟ وهل نقدر هذه النعمة؟ وهل نشكر عليها؟.
أنت نسيج وحدك
كنت معجباً به ٬ تسحرنى كلماته ٬ وتزدهينى توجيهاته. وكان يسرنى أن
أنجح مثله فى حسن البيان ٬ وقوة التأثر. ولكننى لم أحاول التشبه به أو متابعته على
طريقته ٬ وأحسبنى لو حاولت لفشلت ٬ لأن طبيعتى تغلبنى. إننى أسير وفق خصائصى
النفسية كما يسير القطار على قضبانه ٬ عندما أخرج عنها أتوقف لفورى. وقد عرفت جما من
أصحابى يقلدون الرجل فيما دق أو جل من شأنه كله ٬ ويحبون فى التقرب إليه أن يكونوا
صوراً متشابهة من أعماله وأحواله. ولما كان أستاذنا قد اشتغل قرابة عشرين سنة مدرساً
فى المرحلة الأولى من التعليم ٬ فقد جرت على لسانه كلمة `صح ` التى طالما قالها
لتلامذته فى فصول المدرسة ٬ كذلك شاع فى تصرفه الربت على الكتفين ٬ مظهر العطف
والحنو اللذين يبديهما نحو أطفال المرحلة الأولى ٬ والغريب أن مقلديه من طلاب الزعامة
تابعوه فى هذه الكلمات والحركات ٬ كما تابعوه فى حفظ خطبه ومقالاته. وقد تشاءمت من
هذا الذوبان السمج وتوقعت السوء منه على الرجل وعلى مقلديه جميعاً ٬ لأن الصدق
والإخلاص والإنتاج والمناصحة والحقيقة نفسها تضيع فى هذا الجو المفتعل من التمثيل
الردىء أو المتقن. لماذا لا ينمو الرجال على فطرتهم التى خلقهم الله بها كما تنمو أنواع
النبات فى مغارسها ٬ لا النخيل تتحول أعناباً ٬ ولا الثمار تحاكى غيرها فى طعم أو لون. إن
أيسر شىء على الشخص المقلد أن يلغى شخصيته أمام من يفنى فيهم. فإذا أبدوا رأياً
أيده ٬ وإذا طلبوا مشورة تحرى الإدلاء بأقرب الأمور إلى هواهم..!! وقد قلت يوما لبعض هؤلاء
المقلدين: ما هكذا كان يعامل أصحاب محمد محمداً وهو المثل الأعلى للخليقة!! فعندما
استشار أصحابه فى أسرى `بدر` انطلق كل على سجيته يبدى ما عنده ٬ كما يعتقده`.
فأبو بكر` الحليم يؤثر الصفح ٬ و `عمر` الصارم يرى العقوبة. وقد عقب رسول الله صلى الله
عليه وسلم على مشورة صاحبيه بأن شبه هذا `بإبراهيم ` الذى قال لقومه: “فمن تبعني
فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم “ وشبه ذاك `بنوح ` الذى قال: “رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولايلدوا إلا فاجرا كفارا”
وظاهر أن كلا
الصاحبين تحرى الحق كما يهديه إليه تفكيره المستقل ٬ ومزاجه الخاص فى علاج الأمور.
وهذا المسلك الحر المنزه عن الملق والميوعة هو الإسلام: “فطرة الله التي فطر الناس
عليها”. وبهذا الضرب من الشمائل النظيفة والسجايا الأبية النقية التف حول رسول الله أناس
لا يرى أحدهم مانعا البتة من أن يطلب إليه تغيير منزله فى ميدان القتال لأن الأفضل كذا ٬
ويرى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصواب فى مشورة صاحبه فيأخذ بها.
ألا ليت الزعماء والرؤساء عندنا يعرفون هذه الحقيقة. إنهم يؤثرون من يذيب نفسه فيهم على
ضعف الكفاية أو انعدامها ويؤخرون أصحاب الطبائع الحرة ٬ وإن وثبت بهم الرسالات والأعمال
إلى الأمام. وهذه هى الطامة!! وبلغنى أن الزعيم الروسى `ستالين ` فصل أحد كبار
الموظفين من منصبه ٬ لماذا؟ لأن `ستالين ` ما استشار هذا الموظف فى أمر إلا أشار عليه
بما يظنه أقرب إلى مرضاته. ومثل هذا الموظف لا يرجى منه نفع ٬ ولا يؤمن على مصلحة.
وقد تخلص منه الزعيم الروسى ٬ ولو كان فى ربوع الشرق لبقى موضع الرعاية إلى الممات.
اصنع من الليمونة الملحة شرابا حلوا
الصبر كما عرفه علماؤنا: حبس النفس على ما تكره.
وهذا تفسير حسن إذا عنينا به مواجهة الشدائد البغيضة بثبات لا نكوص معه ٬ وعقل لا يفقد
توازنه واعتداله. غير أن حبس النفس على ما تكره إذا عنينا به دوام الشعور بمرارة الواقع ٬
وطول الإحساس بما فيه من سوء وأذى ٬ قد ينتهى بالإنسان إلى حال منكرة من الكآبة
والتبلد وربما انهزم الصبر أمام المقارنات التى تعقدها النفس بين ما نابها وما كانت تحب
وتشتهى ٬ كما قال الشاعر: أقول لنفسى فى الخلاء ٬ ألومها: لك الويل ٬ ما هذا التجلد
والصبر؟ وهذه نهاية الإحساس المحض بالألم ٬ والخبط فى ظلماته دون التماس نور يهدى
فى دياجيه ٬ أو عزاء ينقذ من مآسيه!! والإسلام يعمل على تحويل الصبر إلى رضا فى
المجال الذى يصح فيه هذا التحول ٬ ولن يتم تذوق النفس لبرد الرضا بإصدار أمر جاف ٬ أو
فرض تكليف أجوف ٬ كلا ٬ فالأمر يحتاج إلى تلطف مع النفس ٬ واستدراج لمشاعرها النافرة ٬
وإلا فلا قيمة لأن تقول: أنا راض ٬ ونفسك طافحة بالضيق والتقزز!! وأول ما يطلبه الإسلام
منك أن تتهم مشاعرك حيال ما ينزل بك. فمن يدرى؟ رب ضارة نافعة صحت الأجسام
بالعلل ٬ رب محنة فى طيها منحة. من يدرى؟ ربما كانت هذه المتاعب التى تعانيها باباً إلى
خير مجهول ٬ ولئن أحسنا التصرف فيها لنحن حريون بالنفاذ منها إلى مستقبل أطيب.
العمل بين الأثرة والإيثار
غريزة حب النفس أصيلة فى بنى آدم ٬ ولا معدى عن الاعتراف بها
ثم مراقبة سيرها فى الحياة حتى لا يشرد عن سواء الصراط. وليست هذه الغريزة شرا
محضا كما يبدو للنظر العاجل ٬ فإن نشاط العمران على ظهر الأرض يعود قبل كل شىء إليها.
والقانون النفسانى العتيد القائم على حب اللذة وكره الألم ٬ القائم على طلب المنفعة
الخاصة ورفض الضرر ٬ هو سر الاتصال الدائم فى مواكب الحياة والاتساع المستمر فى
دائرتها. بل لعله سر التقدم العلمى المطرد ٬ والكشوف التى نقلت العالم من طور إلى طور.
وحب النفس إن يك طبيعة الناس فى الدنيا فعليه التعويل كذلك فى إحراز الآخرة ٬ والزحزحة
عن النار ودخول الجنة. وليس ضعة بالمرء كما يزعم الزاعمون أن يعبد الله ابتغاء جنته أو
خشية ناره ٬ إن ذلك كمال عظيم ومسلك كريم. ولا تخد عنك عن هذه الحقيقة شطحات
الصوفية وخيالاتهم الحائرة. “قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم “ وإنما تحذر
هذه الغريزة وتتقى عواقبها عندما تمرض ٬ وعندما تتورم وتتضخم ٬ ويعانى صاحبها منها
العنت ٬ ويعانى منها الظلم والبطر. وإحساس المرء بنفسه إذا زاد عن حده يحجبه عن
الآخرين ٬ ويحصره فى عالم خاص به. ولا يزال ماضيا فى تكبير شأنه وتهوين غيره.
نقاء السر والعلانية
علاج الأمور بتغطية العيوب وتزويق المظاهر لا جدوى منه ولا خير فيه ٬
وكل ما يُحرزه هذا العلاج الخادع من رواج بين الناس أو تقدير خاطئ لن يغير شيئاً من
حقيقته الكريهة. ومن هنا لم يحمل الإسلام بالظواهر إذا كانت ستاراً لتشويه معيب ٬ أو
نقص شائن ٬ فما قيمة المظهر الحلو إذا كمن وراءه مخبر مر؟! من قديم غالى العرب بجمال
الحقيقة ٬ ولم يسمحوا للعنوان وإن لم يكن كفأها أن يخدش من قدرها ٬ فقال قائلهم : إذا
المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل!! على حين حقروا جمال الملامح إذا
كانت النفس خبيثة ٬ والخلق وضيعاً ٬ فقال الشاعر: علي وجه مى مسحة من ملاحة وتحت
الثياب الخزى لو كان باديا ألم تر أن الماء يكدر طعمه وان كان لون الماء أبيض صافيا؟ من أجل
ذلك لم يعتد الإسلام بتكمُّل الإنسان وتجمله إلا إذا قام هذا التسامى على نفس طيبة ٬
وصحيفة نقية ٬ وفؤاد زكى ٬ وضمير أضىء من داخله ٬ فله سناً يهدى صاحبه إلى الصراط
المستقيم. الجمال عمل حقيقى فى جوهر النفس ٬ يصقل معدنها ٬ ويذهب كدرها ٬ ويرفع
خصائصها ٬ ويعصمها من مزالق الشر ٬ وينقذها من خواطر السوء ٬ ثم يبعثها فى الحياة كما
تنبعث النسمة اللطيفة فى وقدة الصيف ٬ أو الشعاع الدافئ فى سبرة الشتاء.... وعندما
تبلغ النفس هذا المستوى ترتد وساوس الشيطان عنها لأنها لا تجد مستقراً فيها ٬ بل لا تجد
مدخلا إليها.
إن المرء يتجاوب مع معانى الخير والشر الطارئة عليه من الخارج ٬ كما يتجاوب جهاز
الاستقبال مع الموجات الطوال أو القصار التى ترسل إليه. فبحسب وضعه وانضباط آلاته على
جهة معينة تكون طبيعة الإذاعة التى تصدر عنه. كذلك الإنسان إذا طابت نفسه أو خبث. إنه
فى الحالة الأولى يحيا فى جو من الخير تنحسر دونه موجات الإثم والعصيان ٬ وذلك ما أشار
إليه القرآن الكريم فى قوله عن الشيطان: “إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى
ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون” أما فى الحالة
الأخرى فإن المرء يستجيب لدوافع الجريمة التى تلح عليه ٬ وتسوقه إلى مصير كئيب ٬ وذلك
قول الله عز وجل: “ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا فلا تعجل عليهم
إنما نعد لهم عدا”. وقد طلب الله من عباده أن ينقوا سرائرهم من كل غش ٬ وأن يحفظوا بواطنهم من كل كدر ٬ وأن يتحصنوا من كيد الشيطان بمضاعفة اليقظة وإخلاص العمل ٬
وصدق التوجه إليه جل شأنه. وأنزل سورة كاملة تدعو إلى الوقاية من الهواجس الوضيعة
والخواطر المظلمة ٬ وتحفظ على المرء إشراق روحه ونقاوة جوهره. وإليك السورة كاملة: “قل
أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في
صدور الناس من الجنة و الناس” هذه الاستعاذة تصور لجأ المؤمن إلى الله يحتمى بقوته
ويستجير بعزته ٬ أن يبقى عليه جمال نفسه غير مشوب بوسوسة شيطان ٬ ولا معيب بنية
غدر أو ختل أو شر لأحد من الناس
والاستعاذة لا بد معها من عمل. فإذا قال الفلاح: أعوذ بالله من القحط ٬ فما يقبل منه ذلك إلا
إذا كان يقوله وهو يحرث أرضه ٬ ويسقى زرعه ٬ ويتعهد جهوده حتى تبلغ نهايتها. وإذا قال
التلميذ: أعوذ بالله من السقوط ٬ فما يغنيه هذا إلا إذا أقبل على دروسه يستذكرها ٬ وعلومه
يحصلها ٬ ومعارفه المشتتة يصل قاصيها بدانيها. وإذا قال المسلم: أعوذ بالله من الشيطان
الرجيم ٬ فما يجديه هذا إلا أن يكون مقاوما لإغراء الشر ٬ مدافعا للسيئات التى تعرض له ٬
دائم التحليق مع معانى العبادة المفروضة عليه. أما أن يقول: أعوذ بالله وهو مخلد إلى
الأرض يتبع هواه ٬ فذلك ضرب من التناقض ٬ لا ينطلى على عالم الغيب والشهادة. الإسلام
فى عالم النفس جمال ينفى القبح ٬ ونظام يطارد الفوضى. والعظمة الحقيقة أن يستقر
المرء فى دخيلة نفسه على حال من السكينة واليقين ييأس معها الشيطان أن يقذف فى
روعه بنكر. انظر إلى الريح العاصف ٬ إنه يهب على الصحراء فيثير فيها الغبار. ويهب على الماء
فيغضن وجهه ٬ ويحرك لججه. ولكنه يناوش الجبال الشم فلا ينال منها منالا.
بين الإيمان والإلحاد
لقيت نفرا من الشبان الملحدين وهم للأسف منتشرون فى هذه
الأيام انتشار الحلفاء والحشائش الضارة فى أرض لا صاحب لها وحاورت بعضهم أبغى
استكشاف ما فى نفسه ٬ فوجدت فكرتهم عن الله أشبه بفكرة اللقيط عن أبيه لا يعرفه ولا
ينصفه!! ووجدت جمهرتهم تفكر بهذا الإله عن تقليد أعمى غرور بليد.!! فهم يحسبون أن
العلم والإيمان ضدان. وإن الارتقاء الثقافى يصحبه حتما إقصاء الدين من الطريق!! ثم هم
يرون أنفسهم وإن لم يدرسوا شيئا طائلا عن علوم المادة قد أصبحت لهم مكانة العلماء
الذين فجروا الذرة. فهم يصطنعون نظرتهم نفسها عن الحياة وخالقها كما تحكى لهم لا كما
هى على حقيقتها ٬ ومن ثم فهم يتبعون الأخس الأخس من قصور فى العلم وسوء فى
التقليد!! أعرف واحداً من هؤلاء ما نظر يوماً فى مرصد للأفلاك ٬ ولا دخل يوماً معملا للكيمياء ٬
ولا غمس يده فى تجربة خطيرة من التجارب الكونية ٬ ومع هذه الجهالة فهو ملحد ٬ لأنه من
العلماء ٬ والعلماء لا إيمان لهم إلا بالمادة. ويمكنك أن تضم إلى هؤلاء الأغرار طائفة أنصاف المتعلمين. وهى طائفة عرفت بعض الحق وجهلت بعضه الآخر. ولم تتريث لتستكمل
معرفتها ٬ بل أصدرت حكمها الحاسم على ضوء ما عرفت فقط. وتصور كيف تكون فوضى
التقاضى لو أن القضاة أصدروا أحكامهم بعد الاستماع لنصف روايات الخصوم ونصف دفاع
المحامين؟! كذلك فعل أولئك الملحدون!! فقد أعلنوا كفرهم بعد أنصبة محدودة من الدراسة
التى نقلت إليهم بعض خصائص الأشياء ٬ وكشفت لهم بعض آفاق الوجود ٬ وحكت لهم بعض
فصول القصة.
روحانية الرسول
للنفوس المعتادة لحظات تصفو فيها من كدر ٬ وترق من غلظة ٬ وترقى إلى
مستوى يحلق بأفكارها ومشاعرها إلى جو نقى طهور. لكنها لا تلبث طويلا حتى تهبط إلى
أفقها الدانى ٬ لتعيش فيه أكثر وقتها ٬ ولترمق سويعات الكمال التى تعتريها ٬ وكأنها ألق
عارض ٬ أو معنى نضح من عالم بعيد. وللنفوس العظيمة مجال أرحب مدى ٬ وأطول امتدادا ٬
تشرف فيه على الحياة ولها فكر أوعى ٬ وشعور أقوى. وتستقيم على نهج من السلوك
الرفيع قلما تزل عنه. فهى كالطير الذى ألف الذرا لا ينحط دونها إلا لماما. وإذا هبط فما يبقى
إلا ريثما يرفرف بجناحيه صعداً إلى حيث يعيش. كذلك خلق الله الناس ٬ وكذلك درجوا منذ
الأزل. فهم بين عامة مغلولين فى قيد مقص فطالبهم المحدودة ٬ وربما انفكوا عنه حينا. وبين
خاصة أمكنهم الخلاص من أغلب هذه القيود ٬ وربما تشبث أحدها بأقدامهم فأرهقهم حيناً.
وإذا كان شأن العامة أنزل رتبة من شأن الخاصة ٬ فإن هؤلاء الممتازين أنفسهم ٬ يقع بينهم
من التفاوت فى الخير والفضل ما يشبه التفاوت بين أبعاد الكواكب. بعضها يفكر الناس فى
الوصول إليه ٬ لأنه وإن بعد قريب. وبعضها تنقطع الأوهام دونه ٬ لأن الشقة إليه لا يقطعها
إلا الخيال الشرود. والفروق بين عظماء الناس لا يدركها حصر. وقد اقتضت حكمة الله أن
يختار حملة الوحى الأعلى من الصفوة المنتقاة بين هؤلاء الخاصة ٬ وهى صفوة مبرزة فى
كل شئ.
بقدر قيمتك يكون النقد الموجه لك
رذيلة الحسد قديمة على الأرض قدم الإنسان نفسه. ما
إن تكتمل خصائص العظمة فى نفس ٬ أو تتكاثر مواهب الله لدى إنسان حتى ترى كل محدود
أو منقوص يضيق بما رأى ٬ ويطوى جوانحه على غضب مكتوم ٬ ويعيش منغَّصاً لا يريحه إلا
زوال النعمة ٬ وانطفاء العظمة ٬ وتحقق الإخفاق. وقد كنت أظن أن مسالك العظماء ٬ وأنماط
الحياة المترفعة التى تميز تفكيرهم ومشاعرهم هى السبب فى كراهية الساقطين لهم
وتبرمهم بهم. ثم تبينت خطأ هذا الظن ٬ فكم من موهوب لا تزيده مَجَادته إلا تقربا إلى الناس
وعطفا عليهم. ومع ذلك فإن التعليقات المرة تتبعه ٬ وكذلك التشويه المتعمد لآثاره
الطيبة ٬والتضخيم الجائر لأخطائه التافهة ! فما السر إذن ؟ السر أن الدميم يرى فى الجمال
تحدياً له ٬ والغبى يرى فى الذكاء عدوانا عليه ٬ والفاشل يرى فى النجاح إزراء به ٬ وهكذا..!!
فماذا يفعل النوابغ والمبرزون ليريحوا هذه الطبائع المنكوسة؟. إذا محاسني اللاتي أدل بها
كانت ذنوباً ٬ فقل لى: كيف أعتذر؟ وقد رأى أحد العلماء أن يضع حداً نفسياً لهذا العراك بين
أولى الفضل والمحرومين منه ٬ فقال: إن يحسدوني فإني غير لائمهم قبلي من الناس أهل
الفضل قد حُسدوا فدام لى ولهم ما بي وما بهموا ومات أكثرنا غيظا بما يجد وليت الأمر
ينتهى باستجابة هذا الدعاء.
كن عصيا على النقد..
قلت فى كتابى ` خلق المسلم ` بعد كلام عن فضيلة القوة: تلك
طبيعة الإيمان إذا تغلغل واستمكن ٬ إنه يُضفى على صاحبه قوة تنطبع فى سلوكه كله ٬ فإذا
تكلم كان واثقا من قوله ٬ وإذا اشتغل كان راسخا فى عمله. وإذا اتجه كان واضحا فى هدفه.
وما دام مطمئنا إلى الفكرة التى تملا عقله ٬ وإلى العاطفة التى تعمر قلبه ٬ فقلما يعرف
التردد سبيلاً إلى نفسه ٬ وقلما تزحزحه العواصف العاتية عن موقفه. بل لا عليه أن يقول
لمن حوله: “اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل
عليه عذاب مقيم” . هذه اللهجة المقرونة بالتحدى. وهذه الروح المستقلة فى العمل ٬ وتلك
الثقة فيما يرى أنه الحق ٬ ذلك كله يجعله فى الحياة رجل مبدأ متميز ٬ فهو يعاشر الناس
على بصيرة من أمره ٬ إن رآهم على الصواب تعاون معهم ٬ وان وجدهم مخطئين نأى بنفسه
واستوحى ضميره وحده. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ` لا يكن أحدكم إمعة ٬
يقول: أنا مع الناس ؛ إن أحسن الناس أحسنت ٬ وان أساءوا أسأت!! ولكن وطنوا أنفسكم إن
أحسن الناس أن تحسنوا ٬ وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم ` . والحق أن الرجل القوى يجب
أن يدع أمر الناس جانبا ٬ وأن يندفع بقواه الخاصة شاقا طريقه إلى غايته ٬ واضعا فى حسابه
أن الناس عليه لا له ٬ وأنهم أعباء لا أعوان ٬ وأنه إذا ناله جرح أو مسه إعياء فليكتم ألمه
عنهم ٬ ولا ينتظر خيرا من بثهم أحزانه . ولا تشك إلى خلق فتشمته شكوى الجريح إلى
الغربان والرخم
حاسب نفسك
ما من عمل هام إلا وله حساب يضبط دخله وخرجه ٬ وربحه وخسارته. إلا
حياة الإنسان ٬ فهى وحدها التى تسير على نحو مبهم لا يدرى فيه ارتفاع أو انخفاض. هل
يفكر أكثرنا أو أقلنا ٬ فى إمساك دفتر يسجل فيه ما يفعل وما يترك من حسن أو سوء؟
ويعرف منه بين الحين والحين رصيده من الخير والشر؟ وحظوظه من الربح والخسارة؟!. لو
أننا نخبط فى الدنيا خبط عشواء ٬ ونتصرف على ما يحلو لنا دون معقب أو حسيب لجاز على
تفريط وحمق أن نبعثر حياتنا كما يبعثر السفيه ماله ٬ وأن نذهل عن الماضى وما ضم من
تجارب ٬ وأن نقتحم المستقبل غير متهيبين خطأ أو خطيئة!!. فكيف ولله حفظة يدونون مثقال
الذرة ٬ ويعدون لنا قوائم بحساب طويل: “ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه و
يقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها و وجدوا ما عملوا حاضرا
و لا يظلم ربك أحدا “ . أما يجب أن نستكشف نحن هذا الإحصاء الذى يخصنا وحدنا؟!. أما
ينبغى أن نكون على بصيرة بمقدار ما نفعل من خطأ وصواب؟!. الحق أن هذا الانطلاق فى
أعماء الحياة دون اكتراث بما كان ويكون ٬ أو الاكتفاء بنظرة خاطفة لبعض الأعمال البارزة أو
الأعراض المخوفة ٬ الحق أن ذلك نذيرُ شؤم. وقد عده القرآن الكريم من الأوصاف البهيمية
التى يعرف بها المنافقون الذين لا كياسة لديهم ولا يقين.
خاتمة
لكى تصون الحقيقة وتضبط حدودها ٬ يجب أن تعرف هذه الحقيقة وأن تعرف غيرها
معها. قد تقول: `وما شأن هذا الغير؟! `. ولماذا يخدش الجهل به حسن التصور للحق
المجرد؟. والجواب أن الصورة الكاملة لا بد لها من حدود تنتهى إليها ٬ وعند النهاية المرسومة
لهذه الحدود تبدأ حقائق مغايرة. ولن تتميز معرفة الشىء إلا إذا عُرفت الأغيار المجاورة له أو
المشتبهة به ٬ ولذلك قال الأقدمون: `بضدها تتميز الأشياء`. والناس فى معاملاتهم المالية
إذا باعوا عقارا لم يكتفوا بذكره ٬ بل شرحوا حدوده الأربع ٬ وجعلوا من ذكر القطع المجاورة
وبيان أصحابها سياجا لضبط الحقيقة التى تعنيهم وحدها ٬ ولا يعنيهم غيرها إلا تبعا لها. وقد
كان `عمر` حريصا على تعريف الجاهلية للناس ٬ لا لأن تعريف الجاهلية دين ٬ بل لأن معالم
الإسلام ومواقع إصلاحه لا تستبين إلا إذا عُرفت الظلمات والمظالم التى جاء هذا الدين
لتبديدها ومحو شاراتها. قال `عمر`: `إنما ينحل الإسلام عروة عروة إذا نشأ فى الإسلام
من لا يعرف الجاهلية `!!. من هنا كان لزاما على كل مشتغل بعلوم الإسلام أن يدرس
الحياة كلها ٬ وأن يتعرف وجوه النشاط البشرىومراميه
القريبة والبعيدة. إن ضيق العطن ٬
وسوء البصر بما يقع فى الدنيا وما تتوقع ٬ والانحصار فى حدود الفكرة الخاصة ٬ والاقتناع
بجانب من المعرفة دون جانب ٬ كل ذلك حجاب دونش
معرفة الإسلام والإفادة من تراثه الضخم فى ميادين الثقافة والتربية ٬ والفقه والتشريع ٬
وسياسة الأفراد والجماعات. والدراسات المقارنة هى فى نظرى أجدى الوسائل للبحث عن
الحقيقة ٬ والظفر بها. وأنى أهيب بالعلماء المنصفين أن يجيلوا أبصارهم فيما بلغته الآداب
والفلسفات من نتائج ٬ وأن يضمُّوا إلى هذه المعرفة دراسة الإسلام نفسه ٬ وهم بأيسر
مقارنة منتهون إلى ضرورة نفع العالم بهداياته ٬ ومنع العوائق التى تصد الناس عنه. وكلمة
أخيرة إلى علماء المسلمين: إن قصر باعهم فى علوم الحياة هو أبشع جريمة يمكن أن
ترتكب ضد الإسلام. هذا القصور إن أمسوا به فى هذه الدنيا متخلفين ٬ فهم عند الله
ورسوله أشد تخلفاً وأسوأ عقبى. إن أنفسنا وبلادنا وحياتنا وآخرتنا فى ظمأ هائل إلى مزيد
من المعرفة والضياء .
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
بارك الله فيك غلى هذا التلخيص فعلا هو كتاب رائع و مفيد جدا لكل منا.
=========
>>>> الرد الثاني :
جاري التصفح.
بوركت يا البشير على هذا المنقول الجميل
و الانتقال بنا من وعثاء الخدمات إلى تجديد الحياة.
بارك الله فيك.
=========
>>>> الرد الثالث :
بارك الله فيك وجزاك خيرا ..
كلمات من ذهب ...
=========
>>>> الرد الرابع :
=========
>>>> الرد الخامس :
=========