عنوان الموضوع : مساعدة.......أنواع القراءات للتعليم الابتدائي
مقدم من طرف منتديات العندليب
ما هو الفرق بين القراءة التفسيرية والتحليلية وشكراااااااااااااا
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
مقدمة:
الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على إمام الهدى ونبي الرحمة، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيلهم إلى يوم الدين، وبعد:
قد كان لأمة الإسلام تاريخ حافل بالإنجازات الكبرى في شتى المجالات، وهو على درجة من الوضوح تغنيه عن أي شرح، والمتابع لتاريخ النمو الحضاري في الإسلام يلحظ بوضوح أنه كان في توتره مقترناً دائماً بـ(القراءة) وحب العلم والشغف بالمعرفة، وكثرة العلماء والباحثين في ميادينها المختلفة، مما لا يدع مجالاً لأي شك في أن الولع بالمزيد من الاطلاع، واصطحاب الكتاب هو أحد الحلول المهمة للأزمة الحضارية التي تعاني منها أمة الإسلام.
وإذا أمعنا النظر في واقع الأمم الصاعدة اليوم؛ لمسنا للوهلة الأولى أنها اعتمدت النهوض بالتعليم وتيسير سبل التثقف أساساً لتقدمها الحضاري في جوانب الحياة كافّة، وفي المقابل فإن الشعوب التي توصف اليوم بأنها متخلفة، تشترك جميعاً في أنها لا تملك بنية معرفية صحيحة، كما أن بين معظم أفرادها وبين الكتاب نوعاً من الجفاء، ونوعاً من الخلل في أسلوب التثقف، وفي الحساسية نحو المعارف الجديدة.
سيكون من المؤسف أن تحتاج أمة، أول كلمة نزلت في كتابها ودستورها الثقافي كلمة (اقرأ) إلى من يحثها على القراءة، ويكشف لها عن أهميتها في استعادة ذاتها وكيانها!
ومع هذا، فإن علينا أن نواجه مشكلاتنا بواقعية وشجاعة، ونكف عن التغني بأمجاد الآباء والأجداد، والإشادة بانتصارات لم نخض معاركها.
التعلم مدى الحياة:
الدواعي التي تفرض علينا التعلم، وهي:
1- أن الإنسان كلما توغل في العلم أحس باشتداد الحاجة إليه والتزود منه، وحين يحس بالاكتفاء فإنه ما يلبث أن يجد نفسه خارج البوتقة.
2- صار العلم مرتبطاً بالكسب المادي، وبدونه سنبقى تابعين للأمم الأخرى.
3- قدرتنا على المنافسة مع العالم مرهونة بما نملكه من معارف وخبرات، وشيوع الأمية بشتى ألوانها قد جلب على أمتنا المشكلات والتخلف الذي حال بينها وبين المنهج الرباني.
4- ما لم يكن الإنسان واسع الاطلاع فإن رؤاه ستصبح ضيقة ويبقى شديد المحلية، ولهذا حرص العلماء على الرحلة في الطلب.
5- تفيد بعض التقديرات أن 90% من جميع المعارف العلمية قد تم استحداثها في العقود الثلاثة الأخيرة، وستتضاعف هذه المعارف مع مرور الزمن، وستصبح معلوماتنا قد شاخت ما لم نتابع الجديد ونستمر في التعلم.
القراءة ومصادر المعلومات الأخرى:
مع التقدم التقني والإعلامي الذي يصاحبه كثير من الزخرفة والسهولة في تلقي المعلومات الكثيرة ضعفت أهمية الكتاب، لا سيما في عالمنا الإسلامي.
لا شك أن المصادر الأخرى غير الكتاب لها أثر في تنحية درجة الوعي في الناس، لكن لا يمكن أن تكون بديلة عن ثقافة الكتاب، وتلك المصادر لها آثار سلبية على طريقة التفكير والتعليم، وهي أدوات جذب في الوقت نفسه.
من أجل القراءة:
ليست القراءة مسألة ترفيهية، بل هي مسألة مصير، لهذا كان لزاماً علينا أن نجعلها ضمن سلوكياتنا وعاداتنا، وهذا يتطلب شيئاً من الجهد، ومن أجل إشاعة هذه الثقافة، فهذا أهم ما نقوم به:
1- الدافع: حيث إن التخلف الحضاري لا يعطي دافعاً للقراءة، عكس المجتمع المتقدم فإنه يحث أفراده عليها كما كان في العصور الإسلامية الأولى، وما أجمل أن يوجد في كل مدينة جمعية للتشجيع على القراءة.
2- تكوين عادة القراءة: البداية صحبة ولكنها تبدأ من المنزل حين يهتم بتنمية القراءة لدى أبنائه بالطرق المختلفة، ثم يأتي دور المؤسسات التعليمية لتقدم برامجها وتكف عن مجرد تلقين المعلومات.
3- توفير الكتاب: قد لا يتسنى للبعض توفر المال لشراء الكتب، إما لحاجة أو بسبب الهدر المالي أو غيره، لكن هناك حلول عن طريقها يتوافر الكتاب، مثل: إلزام الجهات المختلفة بتوفير مكتبات لتثقيف منسوبيها، أو إيجاد رابطة أصدقاء الكتاب تنشط إقامة المعارض وأسواق الكتاب المستعمل، والطبعات الشعبية لأمهات الكتب، وكذلك إيجاد نظام وطني لإعارة الكتب وتبادلها فيما بين المؤسسات العلمية، وأيضاً إصدار سلاسل كتب الجيب في التخصصات المختلفة، وتخصيص كل أسرة (2%) من مصاريفها للكتاب.
4- توفير الوقت للقراءة: يعتذر الكثيرون بعدم وجود الوقت الكافي للقراءة بأعذار كثيرة، لكننا لو دققنا النظر لوجدنا أن أوقاتنا غير منظمة، بل بعضها يضيع هدراً، ومشكلة الذين لا يقرؤون أنهم لا يملكون أهدافاً وأولويات.
5- تهيئة جو القراءة: من أجل الاستمرار وقتاً أطول في القراءة والاستيعاب أكثر فلا بد من كون الأجواء والأوضاع مريحة ومساعدة، مثل: كون المكان منظماً وجميلاً، والحجرة صحية، وحسنة التهوية، بعيدة عن الضوضاء، وكون الكرسي مريحاً، مع توافر الأدوات كالمعاجم والمراجع المساعدة، وجعل أوقات للاستراحة من أجل استيعاب أفضل.
لماذا نقرأ؟:
تختلف أهداف الناس من وراء القراءة بحسب ما يؤملون منها، وباختلاف الظروف الحياتية، تحديد الأهداف مهم لأجل تحديد نوعية الكتب المقروءة، والأهداف لدى معظم الناس، هي:
1- التسلية: وهي لا تخلو من فائدة، على الأقل يتخلص القارئ من ملء وقته بأشياء ضارة.
2- الاطلاع على معلومات معينة ومقصودة لذاتها.
3- من أجل توسيع قاعدة الفهم، وهي الأشق وقراؤها قليلون، وهي تكسبنا عادات فكرية جديدة، وتزيد في مرونتنا الذهنية، كما تنمي الخيال لدينا.
أنواع القراءة:
أولاً: القراءة الاكتشافية: بحيث نلقي نظرة تصفحية على الكتاب لنكتشف مدى حاجتنا له، وهل نحن مستهدفون به؟ ولكي نصل إلى حكم جيد على الكتاب نقوم بما يلي:
1- قراءة مقدمة الكتاب.
2- قراءة فهرس الموضوعات من أجل الاطلاع على موضوعات الكتاب، والأهم منه اكتشاف المنظور المنطقي للكتاب.
3- الاطلاع على فهرس المصادر والمراجع، ومن خلالها نكتشف الخلفية الفكرية والثقافية التي تشكل ميول المؤلف المعرفية.
4- بعض المؤلفين يضع ملخصاً مكثفاً في آخر كل فصل، فمن المفيد قراءته.
5- قراءة بعض صفحات أو فقرات من الكتاب لمعرفة مستوى المعالجة في الكتاب، وهذا مهم.
ثانياً: القراءة السريعة: بأن يقفز النظر من مساحة إلى أخرى، وعندما يستقر على مساحة معينة فإنه يلتقط عدداً من الرموز والإشارات، ثم يقفز ليستقر ثانية وهكذا، ولأهمية هذه القراءة أقامت لها الدول المتقدمة الدورات منذ أكثر من نصف قرن، ولكنها إنجاز مشكوك فيه، وتكون ذات قيمة إذا كان ما نقرؤه لا يستحق القراءة، كما أن معظم الأفراد يجب أن تكون لديهم قابلية لأن يقرؤوا بأسرع مما هم عليه.
ثالثاً: القراءة الانتقائية: وهي التي توجد في كتب لا تنتمي إلى الحقل المعرفي الذي ينتمي إليه الموضوع الذي نود سبر أغواره، كأن نعود إلى كتاب في الفقه من أجل العثور على فكرة اجتماعية أو تربوية..
رابعاً: القراءة التحليلية: وتعني نوعاً من الارتقاء بالقارئ إلى أفق الكاتب الذي يقرأ له ومحاولة النفاذ إلى معرفة شيء من مصادره وخلفيته الثقافية، بل وحواره ونقده والوقوف على جوانب القصور في الكتاب..
سمات القارئ الجيد:
1- المثابرة على القراءة، والحماسة في متابعتها، وعلى المسلم أن يستحضر أنه في عبادة ما دام يقرأ شيئاً نافعاً.
2- يتمتع بقابلية جيدة لاستيعاب الجديد، ويمتلك بنية عقلية متفتحة تقبل التحوير وتستفيد من المراجعة.
3- القدرة على الاستجابة لنبض العصر الثقافي، وننظر هل ما يقدمه الكتاب الذي نقرؤه من معرفة مناسب لمن يعيش عصرنا، ولا نعني بذلك الانفتاح المطلق وقراءة كل ما هب ودب، لكننا نعني الوعي بالمعرفة التي يحتاجها المسلم اليوم.
4- أن يعرف كيف يتعامل مع الكتب التي عزم على قراءتها، من حيث السرعة في القراءة، أو التلخيص والتعليق ونية العودة إليه مرة أخرى.
أنواع الكتب:
- هناك نوع من الكتب لا يُقرأ دفعة واحدة، مثل: أمهات المراجع والموسوعات والمعاجم والشروح الكبرى، وإنما يعود إليها طالب العلم عند الحاجة.
- وهناك ما يُقرأ للتسلية أو للحصول على بعض المعلومات، وهذا لا يرفع درجة الفهم لدى القارئ ولا يعمق إدراكه، كما أنه لا يقرأ – عادة – إلا مرة واحدة.
- ومنها ما يشعر المرء أنه بحاجة إلى قراءة بطيئة وتركيز جيد، لكنه يشعر بعد قراءته أنه أخذ كل ما فيه، وقد يعود إليه فيما بعد لاستقصاء نقاط معينة، ومن المفيد هنا أن يدوّن القارئ بعض ملاحظاته على حواشي الكتاب.
- ومن الكتب ما يشعر قارئه أنه لم يستنفذ كل ما فيه مهما استخدم من مهارات القراءة، وأنه يستحق عودة ثانية، لكنه إذا عاد إليه مرة ثانية لم يجد فيه ما كان يؤمله منه، والسبب: أن فهم القارئ قد ارتقى بسبب قراءة ذلك الكتاب وغيره.
- ومن الكتب النادرة جداً ما لا ينضب محتواه، وكلما عدت إليه شعرت أنه ينمِّيك، وكأنه ينمو معك، والقرآن هو الكتاب الذي لا تنقضي عجائبه، ويجد بعض أهل الفكر والعلم شيئاً أدنى من ذلك في بعض الكتب التي صيغت بمهارة فائقة.
مبادئ وقواعد:
1- على القارئ أن يهيئ من عقله كل ما يساعده على استيعاب ما أمامه على أفضل نحو ممكن، والقراءة ليست بديلة عن التفكير، وليس التفكير مطلوباً للوقوف على مراد الكاتب فحسب، وإنما تمتد الحاجة إليه إلى ما بعد القراءة من أجل البرمجة لما قرأناه ودمجه في أنساقنا الفكرية، وتعزيز الملاحظات التي كوّناها من قبل، فإذا قرأ أحدنا ساعةً قراءةً تحليلية، فليخصص ثلث ساعة – على الأقل – للتأمل فيما قرأه، ومحاولة ربطه بما يمكن أن يمثل امتداداً فكرياً ومعرفياً له، والقارئ كلما كثرت قراءته وتضخم حجم معلوماته ازدادت حاجته للتفكير.
2- اللغة، فعلى القارئ أن يكون على وعي بالمعنى اللغوي للمفردات التي يقرؤها، وحين يكون للكلمة أكثر من معنى فعليه أن يعتمد على السياق، وعلى تذوقه الخاص للغة في تحديد مراد الكاتب، وعليه أن يفرق بين المدلول اللغوي والمدلول الاصطلاحي للكلمة، وعليه أيضاً أن يهيئ آلية الفهم المناسبة للمجال الذي يقرأ فيه، فالكتّاب الذين يكتبون في مجال عَقَدي أو فقهي أو قانوني يكونون أقرب إلى الحرفية والدقة في استخدام اللغة.
3- من المهم معرفة المصادر والمراجع التي رجع إليها المؤلف، فمصادر أي بحث تشكل جزءاً من تاريخ العلم الذي ينتمي إليه البحث، ونحن لا نفهم أي علم حتى نفهم تاريخه فهماً جيداً، ومما يساعد على ذلك الرجوع إلى الموسوعات والمعاجم.
4- على القارئ أن يحرص على ترقيم الفقرات أو وضع الخطوط تحت العبارات المهمة من أجل إيجاد نوع من التصور المنطقي المتسلسل لمسائل الموضوع، وتوضيح حصر الفِقَر والجمل والكلمات المحملة بتركيز خاص.
تساؤلات مهمة:
على القارئ أن يوجه إلى نفسه عدداً من الأسئلة قبل شرائه الكتاب، وأثناء قراءاته، وبعد الفراغ منه، مما يساعد على زيادة درجة الوعي بما يأمل الحصول عليه من الكتاب الذي يقرؤه، ومنها:
1- هل أنا من الشريحة التي يستهدفها المؤلف؟
2- كذلك لا بد أن يعرف القارئ هُوية الكتاب والجنس المعرفي الذي ينتمي إليه، مثلاً: كتاب في الفقه، إلى أي المذاهب ينتمي؟ هل يتناول كل أبواب الفقه أم باباً بعينه؟ وهل هو مخصص لسرد المسائل دون سوق الأدلة عليها؟ وهل هو من الكتب المعتمدة للفتيا في المذهب؟
3- يتأكد القارئ أنه فهم فعلاً مراد المؤلف، ومن أهم أدوات اختبار الفهم:
الأولى: أن يحاول القارئ أن يأتي بأمثلة وملاحظات على القواعد والأفكار التي يثيرها الكاتب.
الثانية: أن يحاول تلخيص ما قرأه في عبارات محددة بأسلوبه الخاص.
4- من التساؤلات: أن يسأل نفسه: ما المسائل التي حاول الكاتب حلها، وقدم رؤى جديدة حولها؟ وإلى أي مدى استطاع إقناع القارئ بحلوله؟ ثم ما الأسئلة الجديدة التي طرحها؟ وذلك لكي يختبر درجة وعيه بطبيعة الموضوع الذي يقرؤه.
الحوار مع الكاتب:
بداية الحوار ستكون من قبل المؤلف، فهو الذي ينبغي أن يقنع قارئه أن كتابه جيد، وعلى القارئ أن يبدأ بداية صحيحة، حيث لا يبدأ الحوار واتخاذ موقف مخالف قبل أن يتأكد من فهمه للكتاب جيداً، ونقد الكتاب ومحاولة العثور على وجهة نظر مغايرة لوجهة المؤلف دليل على أن تقدماً حصل للقارئ وأن الفائدة حصلت.
ولا ينبغي أن يفهم الحوار معه على أنه تتبع للهفوات، فمن المهم جداً قدرة القارئ على كشف مساحات الجمال في الكتاب، والقبض على النقاط الجديدة التي شرحها الكاتب على نحو ممتاز، كما لا ينبغي له أن يصدر حكماً نهائياً على الكاتب من خلال كتابه هذا إلا إذا تبيّن أنه آخر كتبه، وهذه نقاط تشكل مساقاة لنقد القارئ لما يقرأ:
1- بعض الكُتّاب يلجأ في إقناعه إلى استخدام البيان والخطابة بعيداً عن الإحصاءات والمعلومات الضرورية للإقناع، وهذه تعد نقصاً في الكتاب.
2- على الكاتب الحرص على توثيق المعلومات المنقولة وتحري صحة طرق نقلها، ويجب ألا تنسى أن بعض الاجتهادات والآراء المبتكرة يصعب استنادها إلى أدلة وبراهين محددة، كالتحليلات السياسية مثلاً.
3- بعض الكتّاب يهمل عوامل أساسية أثناء معالجاته مما يجعلها ناقصة.
المهم من خلال النقد يجب معرفة ما الذي كان يجب على الكاتب فعله، وأن يتم تدعيم وجهات النظر التي نرى أنها بديل صالح للصورة التي قدمها، وبذلك ستعيد إنتاج الكتاب من جديد.
انتهى ما يخص القراءة التحليلية.
خامساً: القراءة المحورية:
وهي تلك القراءة التي تستهدف الوقوف على معلومات وأفكار ومفاهيم تتعلق بموضوع معين كما يفعل باحث أراد أن يكتب في موضوع ما، فإنه يحاول الاطلاع على مصادر المعلومات المختلفة التي تقدم له مادة أو خلفية أو رؤية تساعده في إنجاز عمله، ولذا فقد لا يقرأ سوى فصل أو أقل من الكتاب ويتجاوز الباقي ، وخطوات القراءة المحورية، هي:
الخطوة الأولى: أن يطلع القارئ على الكتب والمراجع التي تعرض الأدبيات العامة للعلم الذي ينتمي إليه الموضوع الذي يقرأ من أجله، ويستحسن بعد انتهائه من قراءة الكتاب أن يقرأ كتاباً أو أكثر مما يعرض وجهات نظر معارضة لما قدمه الكتاب الأول، ثم عليه أن يقوم بقراءة سريعة وتفحصية للكتب التي قرأها لتحديد الموضوع بدقة، ويستبعد الكتب التي لا تخدم موضوعه، ويستخرج النصوص التي تهمه في بطاقات أو يضع عليها علامات.
الخطوة الثانية: يقرأ كل ما هو لصيق بموضوعه قراءة تحليلية، ويخضعها لقواعد القراءة التحليلية، ويصوغ عدداً من الأسئلة التي تغطي موضوعه.
الخطوة الثالثة: يوزع النصوص التي اختارها على الأسئلة التي طرحها، حيث يلتقط أجوبة أسئلة من نصوص ربما كانت في الأساس بعيدة عن حقل الموضوع الذي يعالجه، كما أن عليه أن يقوم بعملية ترجمة فكرية واسعة للمفاهيم المختلفة التي تخدم موضوعه، ثم سبكها بلغته الخاصة وفق نسقه الفكري ومسلماته المعرفية.
إن أي شاب متوسط الذكاء يمكنه خلال خمس سنوات من القراءة الجادة في فقه الزكاة مثلاً أو التأمين أن يصبح حجة على مستوى قطر أو منطقة في موضوعه، وسيتمكن من التأليف والاجتهاد في الموضوع، بل ويضيف أفكاراً كثيرة، ولو أن 1% من خريجي كلية الشريعة اقتنعوا بهذه الفكرة، فكيف ستكون الحال؟!
قراءة كتاب في التاريخ (نموذجاً):
لا نرمي هنا إلى التحدث عن طرق أو قواعد خاصة علينا أن نسلكها، أو نلتزم بها في قراءتنا لكتاب من كتب التاريخ، فما ذكرناه من قواعد وملاحظات في القراءة التحليلية والمحورية، يمكن استخدام أكثرها في قراءة أي كتاب مهما كان الحقل المعرفي الذي ينتمي إليه، لكننا نريد هنا أن نوضح أهمية أن يمتلك القارئ شيئاً من (الخلفية المعرفية) عن طبيعة العلم الذي يقرأ فيه.
إن معظم الكتب التي يقرؤها الواحد منا، تتناول بعض المسائل والموضوعات في بعض العلوم، لكنها لا تمنحنا رؤية واضحة حول نوعية الأحكام والمعالجات التي تتم في ذلك العلم، كما لا يتبين لنا مدى مصداقية التعميمات والقوانين التي يستخدمها الباحثون فيه، مما يولد الكثير من الانطباعات الخاطئة لدى القراء، بالإضافة إلى نوع من القصور في حساسية الإدراك، ونوع من العتمة في الشفافية المطلوبة منهم لاتخاذ موقف معرفي جيد مما يقرؤونه.
ولهذا كله نرى أن معرفة القارئ بتاريخ العلم الذي يقرأ فيه وبطبيعته ومشكلاته الحقيقية، ستعود عليه ببصيرة معرفية لا تقدر بثمن، وستكون حاجة الذي يقرأ الكتاب قراءة محورية إلى هذا النوع من البصيرة أكثر إلحاحاً.
وقد اخترت أن أقدم للقارئ هذه الخلفية عن علم التاريخ لما له من أثر خطير في حياة الناس، ولما أثاره ويثيره في حياتنا الفكرية والمعرفية من إشكالات تفوق الحصر، ولعلي أوجز ما أظنه يساعدنا على تشكيل رؤية حول هذا العلم في المفردات الآتية:
1- تعرض التاريخ إلى مواقف متباينة كثيرة، فقد أفرط في تقديره وتقديسه قوم حتى صار عندهم كل شيء، فهو علم العلوم وليس أي علم آخر إلا مجرد ظاهرة تاريخية، وقال قوم آخرون: إنه لا يصلح أن يكون علماً، كما لا يصلح لعمل، وهو لا شيء، يقول جوفنر العلم الإنجليزي: "من السخف أن نفكر في التاريخ على أنه علم بالمعنى الصحيح! إذا سلمنا بأن التاريخ علم، فمن أي العلوم هو؟ ليس كالفلك علم معاينة مباشرة، ولا هو كالكيمياء علم تجربة واختبار، لكنه علم نقد وتحليل.
يرى الأستاذ هرنشو أن أقرب العلوم الطبيعية شبهاً بالتاريخ هو الجيولوجيا، يجد الجيولوجي مادته الأساسية فيما سلم من نفايات الطبيعة من أدلة قليلة، تشير إلى التصورات الجيولوجية القديمة، ويعتمد المؤرخ في معرفة الوقائع الماضية على آثار أو سجلات أو تقاليد سلمت اتفاقاً أو عن قصد من عوادي الزمن وقيمتها من دلالتها على الماضي لا في ذاتها، وهذه الدلالة ليست مباشرة، ولكنها تتشكل من خلال مرورها بفكر الباحث؛ لأن الوقائع والآثار مغمورة في محيط من الآراء والإرادات والانفعالات التي كانت تلك الوقائع والآثار معبرة عنها أو أثراً لها، وهذه كلها خارجة عن المعاينة المباشرة حتى بالنسبة إلى من كانوا شهود عيان، وعلى المؤرخ أن يقوم بـالجراحة النفسية والعقلية ليستشرف العوامل الخفية.
لكن بين التاريخ والجيولوجيا مفارقة كبيرة، فالصخور شواهد محايدة، لكن وثائق التاريخ وثائق تتصل بمختلف جوانب حياة الناس، وكتبتها يد إنسان، ويدرسها أيضاً إنسان له عواطفه ومعاييره ومسلماته ومصالحه.
2- مهما امتلك المؤرخ من عناصر مساعدة على قراءة التاريخ، مثل: الآثار والنقوش والوثائق المختلفة فإنه لا يستطيع أن يجد كل المواد التي يحتاجها في بناء الصورة التي يوضحها للناس، وقصور الصورة لا يعود إلى أن بعض أجزائها مفقود، ولكن أيضاً لأن الذين يكونون الصورة عن حالة مدينة ما في مرحلة ما – مثلاً – ما هم إلا جزء من الصفوة، والتي ربما تكون قد تشبعت بفكرة معينة، وظنت أن الوقائع المؤيدة لفكرتها جديرة بالبقاء والنشر، ولكن ما انطباع العامة والمشتغلين بغير التاريخ من الناس؟ هذا ما لا نعرفه! إذا كان القاضي في محكمة اليوم، لا يستطيع أن يتأكد دائماً من أنه أصدر أحكامه بناء على معطيات الحقيقة اليقينية التي توصل إليها، على الرغم من وجود الشهود بين يديه، وعلى الرغم من إمكانية فحص أشياء مرئية كثيرة، تتعلق بالقضية موضع الحكم، فكيف يعرف المؤرخ التفاصيل المطلوبة لمعرفة حقيقة، تفصله عنها مئات السنين، كما أن التفاصيل التي سيعتمد عليها في بناء الحدث التاريخي ليست من اختياره دائماً، فكثيراً ما تكون قد اختيرت له من قبل أناس صدقوها وأرادوا من الآخرين تصديقها!
إن إشكالية المسألة التاريخية لا تنتهي عند جمع معلومات مجردة، حيث إنها أيضاً أسلوب رواية وطريقة تحليل ومنهج تركيب، وهذه مجتمعة تشكل أدوات تقديم المعرفة التاريخية.
3- من أخطر ما يتعرض له العمل التاريخي، هو: الانتقائية فالروايات المتعددة والمتضاربة أحياناً حول حادثة ما، تلزم المؤرخ أن يختار منها ما يتناسب مع رؤيته العامة لتلك الحادثة، وحين تتوافر معلومات كثيرة حول واقعة ما، فإن المؤرخ سيضطر إلى الاختيار وإلا خنقه سيل الوقائع المجدبة التي لا تربط بينها أية رابطة.
الانتقاء الذي يقوم به المؤرخ يجعل البنيان التاريخي كله انتقائياً، أي: أن ثقافة المؤرخ وحدسه ومدى اطلاعه على الواقعة التي يؤرخ لها ومركبه العقلي العام ومزاجه وخياله.. كل ذلك وسائط وأدوات معرفية، تسهم في تشكيل الصورة التي اجتهد المؤرخ في تقديمها، وما دام عمله اجتهادياً، فإنه إذن سيظل محتملاً للخطأ والصواب.
4- طبيعة العمل التأريخي تملي نوعاً من الالتزام (الأدب) على المؤرخ نحو قرّائه، فهو إلى جانب شعوره بضرورة توخي الدقة والأمانة يشعر بضرورة تقديم صورة كاملة أو شبه كاملة عن الحدث الذي يؤرخ له. المعلومات مهما كانت وافرة فإنها – في الغالب – لا تكون كافية لمعرفة الجذور العميقة للحدث ولا الدوافع التي أدت إليه، ولا السياق العام الذي وقع فيه، ولا النتائج المختلفة التي ترتبت عليه...
ولذا فإن المؤرخ يعد الحقائق القليلة المتوافرة لديه تمثل كل الحقائق المحيطة بالحدث، وعليه أن يسد الثغرات ويكمل النواقص، ولن يكون ذلك إلا من خلال إصدار سلسلة من الأحكام المقبولة، والتي ترسم في النهاية صورة ما للواقعة التي يتحدث عنها، ومن المعلوم أن اليونان اخترعوا (التعليل) لتلافي الثغرات التي يتركها الاستقراء الناقص.
5- اختلاف المؤرخين في سوق الأحداث وتحليلها واتخاذ موقف شخصي منها يعود إلى أسباب كثيرة مرئية وغير مرئية، ومن أهمها:
أ- المزاج، ويتشكل عبر حوادث ومواقف وقراءات، وهو انطباع محدد تجاه أشخاص أو فئات أو مذاهب أو بلدان...، فكاوكيل مثلاً يعشق عظماء الرجال، بينما ويلز ينفر منهم وهكذا...، ومن ذلك الانتماء إلى وطن أو مذهب أو غيره.
ب- المؤرخ مهما بلغ فهو ابن بيئته، وما شاهده من الوقائع يختلف صداه عما قرأه لمؤرخ آخر، ورؤية مؤرخ أمته في أوج قوتها وتماسكها تختلف عن مؤرخ أمته مفككة، فالأول نظرته تفاؤلية والثاني تشاؤمية، وهو بلا شك سيتأثر بما تحمل بيئته من ملامح وتقاليد.
ت- حاول الباحثون في فلسفة التاريخ الوقوف على العوامل الرئيسة التي تتحكم في سير التاريخ، وأخذ الاختلاف منهم كل مأخذ في العامل الحاسم: هل هو البيئة الطبيعية أو السلالة العرقية، أو الخصائص النفسية، أو العوامل الاقتصادية، أو البطولات القيادية، أو المعتقدات، ولكل من هذه العوامل أنصار ومؤيدون.
6- نتيجة ما سبق: أنه ليس في أعمال المؤرخين موضوعية مطلقة، ونقول: إما أن التاريخ له موضوعية خاصة به أو أنه ذو موضوعية ناقصة.
ومهما حاول المؤرخ أن يبتعد عن التحيز فلن يتوقى ذلك تماماً، وكما كان العمل التاريخي محاطاً بالضرورات والمكدرات، فإن المؤرخين المعاصرين قد يخضعون لضغوط أدبية أو مادية قاسية...،وقد قسم محب الدين الخطيب مَنْ كتب في التاريخ الإسلامي الذي لم يبدأ تدوينه إلا بعد زوال الخلافة الأموية ثلاثة أقسام: من يتقربون إلى مبغضي بني أمية، ومَنْ يتقرب بتشويه أبي بكر وعثمان وبني عبد شمس، والقسم الثالث: أهل الإنصاف.
7- حين يقع حدث تاريخي ما فإنه لا يقع في فراغ فكري أو اجتماعي أو سياسي أو جغرافي، فهذه الجوانب التي تكتنف أعمالنا، تظل عوامل مؤثرة في صياغة حجم الحدث ومضمونه، ودلالته ونتائجه ووقعه في حس الناس المعاصرين له... وما لم يراعِ المؤرخ وقارئ التاريخ معاً كل ذلك، فإنه قد يسيء الفهم...
إن نزع أي نص تاريخي من سياقه وبيئته سيؤدي إلى سوء التعامل معه، ولا بد لفهم التاريخ من دراسة الفكر المشترك والثقافة السائدة في موطن الواقعة التاريخية، وقد حاول ابن خلدون بلورة بعض الأسس والمبادئ التي يمكن على هديها فهم طبائع الأشياء والعادات، وفهم تأثير البيئة في حدوث الواقعة التاريخية.
8- لم نُرِدْ من وراء ما سبق الحط من قدر التاريخ أو المؤرخين، وإنما أردنا توضيح بعض المعالم المسعدة لتكوين خلفية ثقافية لمطالعي كتب التاريخ على أمل أن يقوم القارئ بدوره المتم لدور المؤرخ، فيركز على معرفة الكاتب وطبيعة الأحداث والمؤثرات فيها، وما يساعده على الفهم طرح أسئلة ومحاولة الإجابة عليها، مثل:
أ- هل المؤرخ ذو صبغة مذهبية معينة؟ وهل هو ذو اتجاه ليبرالي أو عقلي حاد؟
ب- هل البيئة التي ينتمي إليها المؤرخ بيئة مغلقة يسود فيها التفكير النمطي؟ وهل هو ممن رحل خارج بلاده أم لا؟ وهل كان يمر بأزمة حادة أم حالة ازدهار وانتصار؟
ت- وهل هو ممن يحاول أن يدمج بين رؤيته الشخصية للحدث وبين مفرداته وحيثياته أم أنه يحلل الخبر وينقده ويتخذه موقفاً؟
ث- هل المؤرخ ذو دراية حسنة بما يكتب؟ وهل مصادره موثوقة؟ هل قرأ المراجع التي نقل عنها على الوجه الصحيح؟
ج- هل المؤلف يكثر من التفاصيل الدقيقة في رواياته أم يقف عند أصول الأخبار؟
الخاتمة:
ما ذكرناه هو النموذج الأرقى في تنظيم الجهود القرائية، وسيكون بإمكان كل قارئ أن يقترب من ذلك النموذج على مقدار ما تسمح به إمكاناته وظروفه.
منقول للأمانة
=========
>>>> الرد الثاني :
شكرا على النعلومات ولكن أريد أن أسأل عن خطوات تقديم القراء التفسيرية والتحليلية بالنسبة للسنة 5 ابتدائي
=========
>>>> الرد الثالث :
بالنسبة للقراءة التفسيرية يحدد التلاميذ الصيغ والكلمات المبهمة لديهم ويتم تفسيرها جماعيا وإن استعصى على التلاميذ يشرح المعلم هذه الكلمات والصيغ أما القراءة التحليلية فهدفها المغزى من النص الحكمة المتوخاة من النص الأهداف التي يرمي إليها النص ثم يتم العمل بها حسب نظام متسلسل تحديد الأفكار العامة ثم ملخص النص في فكرة خاصة هذا ما أستعمله حاليا مع تلاميذي .
أرجو أنني حاولت فقط وبالله التوفيق
=========
>>>> الرد الرابع :
ممكن اقتراح مثلا في الحصة الإولى للقراءة شرح المفردات الصعبة وتوظيفها في جمل واستخراج الافكار الفرعية للنص والفكرة العامة للنص والمغزى وعنوان اخر للنص
بما ، حصة القراءة متبوعة بتعبير شفوي .
اما الحصة الثانية والثالثة تستغل فقط للاعراب والصرف يعني كل ما درسوه في القواعد يطبق في حصة القراءة بما أن الحصتين متبوعتين بالقواعد والصرف أو الاملاء على الترتيب. ارجو رأيكم حول هذا التقسيم .- قسم السنة الخامسة -
=========
>>>> الرد الخامس :
=========