عنوان الموضوع : بحث حول الحياة العقلية عند العرب في العصر الجاهلي للسنة 1 ثانوي
مقدم من طرف منتديات العندليب

:
يلزمني بحث عن مظاهر الحياة العقلية عند العرب في العصر الجاهلي
فلا تبخل علي بهذا المعروف

الصور المرفقة
images.jpg‏ (9.6 كيلوبايت, المشاهدات 8)

>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

انا ايضا احتاجه

=========


>>>> الرد الثاني :

إن طبيعة العقل العربي لا تنظر إلى الأشياء نظرة عامة شاملة، وليس في استطاعتها ذلك. فالعربي لم ينظر إلى العلم نظرة عامة شاملة كما فعل اليوناني، كان يطوف فيما حوله؛ فإذا رأى منظرا خاصا أعجبه تحرك له، و جاس بالبيت أو الأبيات من الشعر أو الحكمة أو المثل. "فأما نظرة شاملة وتحليل دقيق لأسسه وعوارضه فذلك ما لا يتفق والعقل العربي.

وفوق هذا هو إذا نظر إلى الشيء الواحد لا يستغرقه بفكره، بل يقف فيه على مواطن خاصة تستثير عجبه، فهو إذا وقف أمام شجرة، لا ينظر إليها ككل، إنما يستوقف نظره شيء خاص فيها، كاستواء ساقها أو جمال أغصانها،

و إذا كان أمام بستان، لا يحيطه بنظره، ولا يلتقطه ذهنه كما تلتقطه "الفوتوغرافيا"، إنما يكون كالنحلة، يطير من زهرة إلى زهرة، فيرتشف من كل رشفة". إلى أن قال: "هذه الخاصة في العقل العربي هي السر الذي يكشف ما ترى في أدب العرب - حتى في العصور الإسلامية - من نقص وما ترى فيه من جمال".

وقد خلص من بحثه، إلى أن هذا النوع من النظر الذي نجده عند العربي، هو طور طبيعي تمر به الأمم جميعاً في أثناء سيرها إلى الكمال،

نشاً من البيئات الطبيعية والاجتماعية التي عاش فيها العرب، وهو ليس إلا وراثة لنتائج هذه البيئات، "ولو كانت هنالك أية أمة أخرى في مثل بيئتهم، لكان لها مثل عقليتهم،

و أكبر دليل على ذلك ما يقرره الباحثون من الشبه القوي في الأخلاق والعقليات بين الأمم التي تعيش في بيئات متشابهة أو متقاربة، وإذ كان العرب سكان صحارى، كان لهم شبه كبير بسكان الصحارى في البقاع الأخرى من حيث العقل والخلق".

أما العوامل التي عملت في تكوين العقلية العربية وفي تكييفها بالشكل الذي ذكره، فهي عاملان قويان. هما: البيئة الطبيعية، وعنى بها ما يحيط بالشعب طبيعيا من جبال وانهار وصحراء وغير ذلك،

والبيئة الاجتماعية، وأراد بها ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك. وليس أحد العاملين وحده هو المؤثر في العقلية.

وحصر أحمد أمين مظاهر الحياة العقلية في الجاهلية في الأمور التالية: اللغة والشعر والأمثال والقصص. وتكلم على كل مظهر من هذه المظاهر وجاء بأمثلة استدل بها ما ذهب إليه.

والحدود التي وضعها أحمد أمين للعقلية العربية الجاهلية، هي حدود عامة، جعلها تنطبق على عقلية أهل الوبر وعقلية أهل المدر، لم يفرق فيها بين عقلية من عقلية الجماعتين.

وقد كونها ورسمها من دراساته لما ورد في المؤلفات الإسلامية من أمور لها صلة بالحياة العقلية ومن مطالعاته لما أورده "أوليري" "وبراون" وأمثالهما عن العقلية العربية،

ومن آرائه وملاحظاته لمشكلات العالم العربي ولوضع العرب في الزمن الحاضر. والحدود المذكورة هي صورة متقاربة مع الصورة التي يرسمها العلماء المشتغلون بالسامية عادة عن العقلية السامية،

وهي مثلها أيضا مستمدة من آراء وملاحظات وأوصاف عامة شاملة، ولم تستند إلى بحوث علمية ودراسات مختبرية، لذا فأنني لا أستطيع أن أقول أكر مما قلته بالنسبة إلى تحديد العقلية الساميّة، من وجوب التريث والاستمرار في البحث ومن ضرورة تجنب التعميم والاستعجال في إعطاء الأحكام.

وتقوم نظرية أحمد أمين في العقلية العربية على أساس إنها حاصل شيئين وخلاصة عاملين، أثرا مجتمعين في العرب وكوّنا فيهما هذه العقلية التي حددها ورسم معالمها في النعوت المذكورة.

والعاملان في رأيه هما: البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية. وعنى بالبيئة الطبيعية ما يحيط بالشعب طبيعياً من جبال وأنهار وصحراء ونحو ذلك،

وبالبيئة الاجتماعية ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك. وهما معاً مجتمعين غير منفصلين، أثّرا في تلك العقلية. ولهذا رفض أن تكون تلك العقلية حاصل البيئة الطبيعية وحدها، أو حاصل البيئة الاجتماعية وحدها.

وخطاً من أنكر أثر البيئة الطبيعية في تكوين العقلية ومن هنا انتقد "هيكل" "Heagel"، لأنه أنكر ما للبيئة الطبيعية من أثر في تكوين العقلي اليوناني، وحجة "هيكل" أنه لو كان للبيئة الطبيعية أثر في تكوين العقليات،

لبان ذلك في عقلية الأتراك الذين احتلوا أرض اليونان وعاشوا في بلادهم، ولكنهم لم يكتسبوا مع ذلك عقلهم ولم تكن لهم قابليتهم ولا ثقافتهم.

وردّ "أحمد أمين" عليه هو أن "ذلك يكون صحيحاً لو كانت البيئة الطبيعية هي المؤثر الوحيد، إذن لكان مثل العقل اليوناني يوجد حيث يوجد إقليمه،

و ينعدم حيث ينعدم، أما والعقل اليوناني نتيجة عاملين، فوجود جزء العلة لا يستلزم وجود المعلول".

وأثر البيئة الطبيعية في العرب، أنها جعلت بلادهم بقعة صحراوية تصهرها الشمس، ويقل فيها الماء، ويجف الهواء، وهي أمور لم تسمح للنبات أن يكثر، ولا للمزروعات أن تنمو، آلا كَلأً مبعثراً هنا وهناك،

وأنواعاً من الأشجار والنبات مفرقة استطاعت أن تتحمل الصيف القائظ، والجوّ الجاف، فهزلت حيواناتهم، وتحلت أجسامهم، وهي كذلك أضعفت فيها حركة المرور، فلم يستطع السير فيها إلا الجمل،

فصعب على المدنيات المجاورة من فرس وروم أن تستعمر الجزيرة، وتفيض عليها من ثقافتها، اللهم إلا ما تسرب منها في مجار ضيقة معوجة عن طرق مختلفة".

وأثر آخر كان لهذه البيئة الطبيعية في العرب، هو أنها أثرت في النفوس فجعلتها تشعر أنها وحدها تجاه طبيعة قاسية، تقابلها وجهاً لوجه، لا حول لها ولا قوة، لا مزروعات واسعة ولا أشجار باسقة،

تطلع الشمس فلا ظل لها، ويطلع القمر والنجوم فلا حائل، تبعث الشمس أشعتها المحرقة القاسية فتصيب أعماق نخاعه، ويسطع القمر فيرسل أشعته الفضية الوادعة فتبر لبّه، وتتألق النجوم في السماء فتمتلك عليه نفسه، وتعطف الرياح العاتية فتدمر كل ما أتت عليه.

أمام هذه الطبيعة القوية، والطبيعة الجميلة، والطبيعة القاسية، تهرع النفوس الحساسة إلى رحمن رحيم، والى بارئ مصور والى حفيظ مغيث- إلى الله-. ولعل هذا هو السر في الديانات الثلاث التي يدين بها أكثر العالم، وهي اليهودية والنصرانية والإسلام نبعث من صحراء سيناء وفلسطين وصحراء العرب.


والبيئة الطبيعية أيضاً، هي التي أثرت-على رأيه-في طبع العربي فجعلته كثيباُ صارماً يغلب عليه الوجد، موسيقاه ذات نغمة واحدة متكررة عابسة حزينة، ولغته غنية بالألفاظ، إذا كانت تلك الألفاظ من ضروريات الحياة في المعيشة البدوية، وشعره ذو حدود معينة مرسومة، وقوانينه تقاليد القبيلة وعرف الناس، وهي التي جعلته كريماً على فقره، يبذل نفسه في سبيل الدفاع عن حمى قبيلته.

كل هذه وأمثالها من صفات ذكرها وشرحها هي في رأيه من خلق هذه البيئة الطبيعية التي جعلت لجزيرة العرب وضعاً خاصاً ومن أهلها جماعة امتازت عن بقية الناس بالمميزات المذكورة.

وقد استمر "أحمد أمين"، في شرح أثر البيئة الطبيعية في عقلية العرب وفي مظاهر تلك العقلية التي حصرها كما ذكرت في اللغة والشعر والأمثال والقصص، حتى انتهى من الفصول التي خصصها في تلك العقلية،

أما أثر البيئة الاجتماعية التي هي في نظره شريكة للبيئة الطبيعية في عملها وفعلها في العقلية الجاهلية وفي كل عقلية من العقليات، فلم يتحدث عنه ولم يشر إلى فعله،

ولم يتكلم على أنواع تلك البيئة ومقوماتها التي ذكرها في أثناء تعريفه لها، وهي: "ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك"، ثم خلص من بحثه عن العقلية العربية وعن مظاهرها وكأنه نسي ما نسبه إلى العامل الثاني من فعل،

بل الذي رأيته وفهمته من خلال ما كتبه انه أرجع ما يجب إرجاعه إلى عامل البيئة الاجتماعية - على حد قوله - إلى فعل عامل البيئة الطبيعية وأثرها في عقلية العرب الجاهليين. وهكذا صارت البيئة الطبيعية هي العامل الأول الفعال في تكوين تلك العقلية، وحرمنا بذلك من الوقوف على أمثلته لتأثر عامل البيئة الاجتماعية في تكوين عقلية الجاهليين.


وأعتقد إن "أحمد أمين" لو كان قد وقف على ما كتب في الألمانية أو الفرنسية أو الإنكليزية عن تأريخ اليمن القديم المستمد من المسند، ولو كان قد وقف على ترجمات كتابات المسند أو الكتابات الثمودية والصفوية واللحيانية، لما كان قد أهمل الإشارة إلى أصحاب تلك الكتابات، ولعدٌل حتماً في حدود تعريفه للعقلية العربية،

ولأفرز صفحة أو أكثر إلى أثر طبيعة أرض اليمن وحضرموت في عقلية أهل اليمن وفي تكوين حضارتهم وثقافتهم، فإن فيما ذكره في فصوله عن العقلية العربية الجاهلية ما بحب رفعه وحذفه بالنسبة إلى أهل اليمن وأعالي الحجاز.

=========


>>>> الرد الثالث :

المقدمة


جزيرة العرب شحيحة المياه كثيرة الصحاري والجبال فلم يشتغل أهلها بالزراعة لجدب الأرض. والإنسان صنيعة الإقليم، فنشأ العرب على ما تقتضيه البلاد المجدبة من الارتزاق بالسائمة والترحال في طلب المرعى، فغلبت البداوة على الحضارة فيهم وانصرف أكثر همهم إلى تربية الماشية وهي قليلة بالنظر إلى احتياجاتهم فنشأ بينهم التنازع عليها وجرّهم التنازع إلى الغزو واضطرهم الغزو إلى الانتقال بخيامهم وأنعامهم من نجع إلى نجع ومن صقع إلى صقع ليلاً ونهاراً. وجوّهم صافٍ وسماؤهم واضحة فعولوا في الاهتداء إلى السبل على النجوم ومواقعها. واحتاجوا في مطاردة أعدائهم إلى استنباط الأدلة للكشف عن مخابئهم فاستنبطوا قيامة الأثر وألجأهم ذلك أيضاً إلى توقي حوادث الجو من المطر والأعاصير ونحوها فعنوا بالتنبؤ بحدوث الأمطار وهبوب الرياح قبل حدوثها وهو ما يعبرون عنه بالأنواء ومهاب الرياح. ودعاهم الغزو من الجهة الأخرى إلى العصبية لتأليف الأحزاب فعمدوا إلى الأنساب يترابطون بها، وحيث أقاموا في بادية صفا جوها وأشرقت سماؤها صفت أذهانهم وانصرفت قرائحهم إلى قرض الشعر يصفون به وقائعهم أو يبينون به أنسابهم أو يعبرون به عن عواطفهم، وقويت فيهم ملكة البلاغة فبرعوا في إلقاء الخطب على أن العرب لم يسلموا مما وقع فيه معاصروهم من الأمم العظمى من اعتقاد الكهانة والعرافة وزجر الطير وخط الرمل وتعبير الرؤيا، وقد سميناها علوماً بالقياس على ما يماثلها عند الأمم الأخرى في عصر العلم وإلا فالعرب لم يتعلموها في المدارس ولا قرأوها في الصحف ولا ألفوا فيها الكتب لأنهم كانوا أميين لا يقرأون ولا يكتبون وإنما هي معلومات تجمعت في ذاكرتهم بتوالي الأجيال بالاقتباس
أو الاستنباط وتنقلت في الأعقاب.

تعريف العصر الجاهلي

هي تلك الفترة التي سبقت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم واستمرت قرابة قرن ونصف سمي بذلك لما شاع فيه من الجهل وليس المقصود بالجهل الذي هو ضد العلم بل هو الجهل الذي ضد الحلم .
تاريخ الجاهلية

لم يكن عند عرب الجاهلية تاريخ من قبيل ما نفهمه من هذه اللفظة اليوم ولكنهم كانوا يتناقلون أخباراً متفرقة بعضها حدث في بلادهم والبعض الآخر نقله إليهم الذين عاشروهم من الأمم الأخرى، فمن أمثال أخبارهم حروب القبائل المعروفة بـ(أيام العرب) وقصة سد مأرب واستيلاء أبي كرب تبان أسعد على اليمن وبعض من خلفه وملك ذي نواس وقصة أصحاب الأخدود وفتح الحبشة لليمن وقصة أصحاب الفيل وقدومهم للكعبة
علوم العرب :كان للجاهليين ثقافات وعلوم لكنها محدودة تتناسب مع بيئة الصحراء ومن أهمها :
1- الأدب وفصاحة القول وروعة الجواب :ولذلك تحداهم القرآن في أخص خصائصهم البلاغة.
2- الطب:فقد تداووا بالأعشاب والكي وربما أدخلوا العرافة والشعوذة وقد أبطل الإسلام الشعوذة وأقر الدواء.
3- القيافة : وهي نوعان:
قيافة أثر: وكانوا يستدلون بوقع القدم على صاحبها.
قيافة بشر: وكانوا يعرفون نسب الرجل من صورة وجهه وكانوا يستغلونها في حوادث الثأر والانتقام.
4 – علم الأنساب:وهو بمثابة علم التاريخ وكان في العرب نسابون يرجع الناس إليهم .
5 – الكهانة والعرافة : وهذان العلمان أبطلهما الإسلام وتوعد من أتى كاهناً أو عرافاً .
6 - النجوم والرياح والأنواء والسحب:وقد أنكر الإسلام التنجيم وهو ادعاء علم الغيب بطريق النجوم





*مظاهر الحياة الفكرية والعقلية عند العرب في العصر الجاهلي:
ا)اللغة:
اللغة العربية في العصر الجاهلي:

لا يختلف اثنان في أنّ اللغة العربية كانت معروفة في العصر الجاهلي , وأنّ لغتنا الجميلة كانت تشغل بال كثير من المفكرين والشعراء والخطباء , يلتمسون ودّها , وينظمون دررها , ويغترفون من نبع معانيها الثرّ أجمل القصائد . ومن يراجع معجم مفرداتها في ذلك العصر , يجدهُ من أغنى المعاجم من حيث وفرة الكلمات وكثرة التشبيه .ومن حسن الحظ أن يحفظ لنا التاريخ شيئاً غير يسير من آداب تلك الفترة وأشعارها , إضافةً إلى العديد من أشعارهم وخطبهم , وأمثالهم , وأخبار حروبهم ووقائعهم التي تحفظها لنا أُمهات الكتب من كتب الأدب القديمة . وبرغم وفرة ما وصل إلينا من أدب الجاهليين وشعرهم , إلا أن الضياع قد أتى على الكثير من آدابهم وأخبارهم , وخاصةً القديمة منها ويقول أبو عمرو بن العلاء : " ما انتهى إليكم مما قالته العرب إلا أقلّه , ولو جاءكم وافراً , لحاءكم علمٌ وشعرٌ كثير".ويقدّر الباحثون عمر الأدب المدوّن الذي وصل إلينا من الجاهليين بقرنين من الزمان قبل الإسلام

ب) الشعر:
الشعر في العصر الجاهلي:
الشعر عند العرب هو الأثر العظيم الذي حفظ لنا حياة العرب في جاهليتهم، وإذا كانت الأمم الأخرى تخلد مآثرها بالبنيان والحصون فإن العرب يعولون على الشعر في حفظ تلك المآثر ونقلها إلى الأجيال القادمة. فالشعر عند العرب له منزلة عظيمة تفوق منزلة تلك الأبنية. و مع اهتمام العرب العظيم بالشعر إلا أننا لم نقف على محاولاتهم الأولى، وإنما وجدنا شعراً متمل النمو مستقيم الوزن تام الأركان.
أسلوب الشعر الجاهلي:
وإذا أردنا أن نقف على أسلوب الشعر الجاهلي فلابد لنا من النظر في الألفاظ والتراكيب التي يتكون منها ذلك الشعر. فألفاظ الشعر الجاهلي قوية صلبة في مواقف الحروب والحماسة والمدح والفخر، لينة في مواقف الغزل، ومعظم ألفاظ الشعر الجاهلي يختارها الشاعر استجابة لطبعه دون انتقاء وفحص، ولكنها تأتي ملائمة للمعنى الذي تؤديه، والتراكيب التي تنتظم فيها الألفاظ تراكيب محكمة البناء متينة النسج متراصة الألفاظ، وخير شاهد على ذلك شعر النابغة الذبياني، وشعر زهير ابن أبي سلمى.وملامح الأسلوب العامة تتبين لنا بعد أن تعرفنا على الألفاظ والتراكيب، فهو أسلوب قوي متين تعتريه الغرابة أحياناً، وهو يسير مع طبيعة الشاعر وسجيته؛ فليس فيه تكلف أو صنعة، هذه هي الملامح العامة والصفات المميزة لأسلوب الشعر الجاهلي فهو يختلف عن أساليب الشعر في العصور الإسلامية المختلفة

أغراض الشعر الجاهلي:

أغراض الشعر الجاهلي هي الموضوعات التي نظم فيها شعراء الجاهلية شعرهم؛ فإذا كان قصد الشاعر وغرضه من الشعر الاعتزاز بنفسه أو قبيلته فشعره فخر، وإذا كان قصد الشاعر التعبير عن الإعجاب بشخص ما في كرمه أو شجاعته أو غير ذلك فشعره مدح، وإذا كان قصده وغرضه النيل من شخص ما وتحقيره فذلك الهجاء، وإذا كان الشاعر يهدف إلى إظهار الحزن والأسى فذلك الرثاء، وإذا حَلَّقَ الشاعر في الخيال فرسم صوراً بديعة فذلك الوصف، وإذا عَبَّر عن حديثه مع النساء فذلك الشعر هو الغزل، وإذا استعطف بشعره أميراً أو غيره فهو الاعتذار، وإذا نظر في الكون وحياة الناس فتلك الحكمة. وأغراض الشعر الجاهلي التي نريد بسط القول فيها هي: المدح، الهجاء، الرثاء، الفخر، الوصف، الغزل، الاعتذار، مع أن القصيدة العربية الواحدة تشمل عدداً من الأغراض سنشرحها بالتفصيل:
المدح:

يعتبر المدح من أهم الأغراض التي قال فيها شعراء الجاهلية شعرهم؛ ذلك أن الإعجاب بالممدوح والرغبة في العطاء تدفعان الشاعر إلى إتقان هذا الفن من القول، فيسعى الشاعر إلى قول الشعر الجيد الذي يتضمن الشكر والثناء، وقد يكون المديح وسيلة للكسب. والصفات التي يُمْدَحُ بها الممدوح هي: الكرم والشجاعة ومساعدة المحتاج والعفو عند المقدرة وحماية الجار، ومعظم شعراء الجاهلية قالوا شعراً في هذا الغرض، فهم يمدحون ملوك المناذرة في الحيرة أو ملوك الغساسنة بالشام ويأخذون عطاءهم وجوائزهم. وإذا رجعنا إلى دواوين الشعر الجاهلي وجدنا المدح يحتل نسبة عالية من هذه الدواوين، وهذا دليل على أنه الغرض المقدم على غيره عند الشعراء





الهجـاء:

سبيل الشاعر إلى غرض الهجاء وهدفه منه: تجريد المهجو من المُثًل العليا التي تتحلى بها القبيلة، فيجرد المهجو من الشجاعة فيجعله جباناً، ومن الكرم فيصفه بالبخل، ويلحق به كل صفة ذميمة من غدر وقعود عن الأخذ بالثأر بل إن الشاعر يسعى إلى أن يكون مهجوه ذليلاً بسبب هجائه، ويؤثر الهجاء في الأشخاص وفي القبائل على حد سواء فقبيلة باهلة ليست أقل من غيرها في الجاهلية ولكن الهجاء الذي تناقله الناس فيها كان له أثر عظيم وهذا هو السر الذي يجعل كرام القوم يخافون من الهجاء ويدفعون الأموال الطائلة للشعراء اتقاء لشرهم. وممن خاف من الهجاء الحارث بن ورقاء ألأسدي؛ فقد أخذ إبلاً لزهير ابن أبي سلمى الشاعر المشهور، وأسر راعي الإبل أيضاً فقال فيه زهير أبياتاً منها:

لَيَأتِيَنّـكَ منِّي منطق قذع باق كما دَنَّسَ القَبْـطِيَّة الوَدكُ
فاردُدْ يَسَاراً ولا تَعْنُفْ عَلَيْهِ وَلاَ تَمْعَكْ بِعِرْضِكَ إن الغَادِرَ المعِكُ
فلما سمع الحارث بن ورقاء الأبيات رد على زهير ما أخذ منه.
الرثاء :
هو إظهار الحزن والأسى والحرقة، وتبرز جودة الرثاء إِذا كان في ابن أو أخ أو أب؛ فرثاء دريد بن الصمة لأخيه عبد الله من أجود الرثاء، ورثاء الخنساء يعتبر من الرثاء المؤثر في النفوس،وقد تكون اللوعة بادية في الرثاء وإن لم يكن في قريب نجد ذلك في رثاء أوس بن حَجَر لفَضَالَة بن كَلَدة حيث يقول:
أيتها النفس احملي جزعا إن الذي تحذرين قد وقعا
إن الذي جَمَّعَ السَّمَاحةَ النجدة والحَزْمَ والقُوَى جُمَعَا

الألْمَعِيَّ الذي يَظُنُّ لَكَ الظّـ كان قد رأى وقدسمعا
ومن خلال تتبعنا لأبيات هذه القصيدة يتبين لنا أن الرثاء مدح للميت ونشر لفضائله؛ فأوس ذكر في أبياته أن فضالته يتصف بالسماحة والنجدة والحزم والذكاء والتدبير الحسن، وهذه من الصفات التي يمدح بها فضالة عندما كان حياً فالرثاء في الجاهلية تذكير للناس بما كان يتصف به ذلك الرجل الذي اختطفته يد المنون

الفخر والحماسة:

الفخر هو الاعتزار بالفضائل الحميدة التي يتحلى بها الشاعر أو تتحلى بها قبيلته، والصفات التي يفتخر بها الشعراء هي الشجاعة والكرم والنجدة ومساعدة المحتاج، والفخر يشمل جميع الفضائل. أما الحماسة فهي الافتخار بخوض المعارك والانتصارات في الحروب، فالحماسة تدخل في الفخر ولكن ليس كل فخر حماسة، فنجد الحماسة في أشعار عنترة العبسي وعمرو ابن كلثوم، وهذه الابيات مثال عن قصائد الفخر من شعر ربيعة بن مقروم:

وإِن تـسأَليـني فإني امرؤ أُهين اللئيم وأَحْبو الكريـما
وأبني المعـاليَ بالمـكرما تِ وأُرْضِى الخليلَ وأروى النَّديمَا
وَيَحْمَدُ بـذلي له مُعْتَـفٍ إذَا ذَمَّ من يَعْتفيـه اللِّئيمـَا
وأجزي القرُوض وفاءً بِهَا بِبُؤْسَى بئيسىَ ونُعـمى نَعيمَا
وقومي فإن أنت كَذَّبْتـني بقوليَ فاسـألْ بقـومي عَليـمَا

جمع ربيعة في هذه الأبيات معظم الصفات التي يفخر بها الشعراء؛ من الكرم والبذل لمن يستحق العطاء، ومن الوفاء بالوعود، ومن الانتساب إلى قوم كرام يهينون أموالهم في سبيل المجد، ولم ينص الحماسة بل جعل لها نصيباً من فخره فقومه بنو الحرب يعرفونها جيداً ويلبسون السلاح الملائم لها.

الغزل:
هو التحدث عن النساء ووصف ما يجده الشاعر حيالهن من شوق وهيام، وقد طغى هذا الغرض على الشعراء فأصبحوا يصدرون قصائدهم بالغزل لما فيه من تنشيط للشاعر واندفاعه في قول الشعر، ولما فيه من تنشيط للمستمع لذلك الشعر، ومن أجمل مطالع القصائد الغزلية قول المثقب العبدي:
أفاطِمُ قبْلَ بَينِكِ مَتَّعـيني ومَنْعُكِ مَا سَألتُ كأن تَبِيني
فَلَا تَعِدِي مَواعِدَ كاذباتٍ تَمرُّ بِهَا رِيَاحُ الصَّيفِ دُونِي
فَإنِّي لَوْ تُخَالِفُني شِمَالِي خِلاَفَكِ مَا وَصَلْتُ بِهَا يميْنِي
إذاً لَقَطَعْتُهَا ولَقُلْتُ بِيْني كَذَلكَ أحتوي مَنْ يحتويني
وغرض الغزل يستدعي أسلوباً ليناً رقيقاً ولا نجد ذلك إِلا عند القليل من الشعراء الجاهليين أهمهم امرؤ القيس. أما معظم شعراء في الجاهلية فأسلوبهم يتصف بالقوة والمتانة ولا يختلف عن أسلوب المدح أو غيره من الأغراض

الوصف:

الوصف من الأغراض التي برع فيها شعراء الجاهلية وهو يرد في معظم أشعارهم؛ فالشاعر الجاهلي يركب ناقته في أسفاره، فيصفها وصفاً دقيقاً، وهو يمر بالصحراء الواسعة فيصورها تصويراً بارعاً، يصف حرارتها قي القيظ وما فيها من السراب الخادع، ويصف برودتها في الشتاء، ويركب فرسه للنزهة أو للصيد فيصفه. وقد برع شعراء الجاهلية في وصف الفرس وإعداده للصيد، وقد صور الشعراء أيضاً المعارك التي تحدث بين كلاب الصيد وثيران الوحش وبقره وحمره وأتنه، ووصف الشعراء الليل، طوله ونجومه كما وصفوا الأمطار والبَرَدَ وشدة البرد وصفوا الرياض والطيور وقرنوا الغراب بالشؤم ولم يتركوا شيئاً تقع عليه أبصارهم إلا وقد أبدعوا في وصفه.وكان كل شعراء الجاهلية معروفين بالوصف . وهذه ابيات من قصيدة عنترة يصف ذباباً في روضة فيقول:

وخَلاَ الذُّبَابُ بِهَا فَلَيْسَ بِبَارِحٍ غَرِداًكَفِـعْلِ الشّـارِب المُتَرَنِّـم

هَزِجاً يَحُكُّ ذِرَاعَهُ بذرَاعِهِ قَدْحَ المُكِبِّ على الزّنادِ الأجْذَمِ

وغرض الوصف في العصر الجاهلي غرض ليس مقصوداً لذاته وإنما يأتي في عرض القصيدة ليتوصل الشاعر إلى غرضه الرئيس من المدح أو الهجاء أو الرثاء أو الفخر.

الاعتذار:

الاعتذار هو استعطاف المرغوب في عفو، حيث يبين الشاعر ندمه على ما بدر منه من تصرُّفٍ سابق. وتقديم العذر في عرض ملائم يقنع المُعْتَذَرَ إليه المرجو عفوه يدل على مهارة في القول وتفنن في الشعر. وزعيم الاعتذار في العصر الجاهلي هو النابغة الذبياني الذي قال أجود اعتذار قيل في ذلك العصر للنعمان بن المنذر ملك الحيرة،ومما خاطب به النعمان من ذلك الاعتذار قوله :

فَلاَ لَعَمْرُ الذي مَسّحْتُ كَعْبَتَهُ وما هُرِيقَ على الأنْصَاب من جسد

والمُؤمنِ العَئِذَاتِ الطّيْر يَمْسَحُهَا رُكْبَانُ مكةَ بين الغَيْـلِ والسّنَدِ

ما قُلْتُ من سَيء مِمّا اُتِيْتَ بِه إذاً فَلاَ رَفَعَـتْ سَوْطِـي إلَيَّ يَـدِي



الاعتذار من الأغراض الرئيسة ؛ لأن غرض الشاعر من قول الاعتذار هو الحصول على عفو ، فالاعتذار هدف يسعى إليه الشاعر وغرض الاعتذار من الأغراض الصعبة التي لا يجيد القول فيها إلا من أوتي زمام الشعر كالنابغة الذبياني

من اسماء ابرز شعراء الجاهليه
1. المهلهل:هوابو ليلى عدي بن ربيعه التغلبي.
2. الشنفري:هو ثابت بن اوس الازدي والشنفري لقب له لعظم شفتيه.
3. امرؤ القيس:هوامرؤ القيس بن حجر الكندي ولقبه الملك الضليل.
4. طرفه بن العبد:هو عمرو بن العبد البكري وطرفه لقب غلب عليه.
5. زهير: هو زهير بن ابي سلمى.
6. لبيد:هو ابو عقيل لبيد بن ربيعه العامري
7. عمرو بن كلثوم:هو عمروبن كلثوم بن مالك بن عتّاب التغلبي.
8. عنتره:هو عنتره بن شداد بن عمرو،وقيل بن شداد بن معاويه ابن قراد العبسي.
9. الحرث بن حلزه:هو ابو ظليم الحرث بن حلّزه بن مكروه بن يشكر البكري.
10. النابغه الذبياني:هو زياد بن معاويه بن ضباب.
11. الاعشى الاكبر:هو ميمون بن قيس بن جندل.
12. الخنساء:هي تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد من بني سليم مصادر الشعر الجاهلي :
المعلقات ، والمضليات ، والأصمعيات ، وحماسة أبي تمام ، ودواوين الشعراء الجاهليين ، وحماسة البحتري ، وحماسة إبن الشجري ، وكتب الأدب العامة ، وكتب النحو واللغة ومعاجم اللغة.
من شعراء الجاهلية:
أحيحة بن الجلاح، أوس بن حجر، أبو طالب، الحارث بن حلزة، امرؤ القيس، الأعشى، الشنفرى، المثقب العبدي، السموأل، الزير سالم، النابغة الذبياني، الأسود بن يعفر النهشلي، السليك بن عمرو، الحادرة، الخرنق بنت بدر،المسيب بن علس، المتلمس الضبعي، بشر بن أبي خازم ،ثابت بن جابر، حاتم الطائي، حاجب بن حبيب،زهير بن أبي سلمى، زهير بن جناب الكلبي، سلامة بن جندل، طرفة بن العبد، طفيل الغنوي، عمرو بن كلثوم، عنترة بن شداد، عبيد بن الأبرص، عدي بن زيد، عامر بن الطفيل، عروة بن الورد، علقمة الفحل، عمرو بن قميئة، عمرو بن مالك، قيس بن الخطيم، لبيد بن ربيعة العامري، لقيط بن يعمر الإيادي، هدبة بن الخشرم.
منزلة الشعر عند العرب:
فكانوا يثيرون بذلك غيرة أبنائهم على إتقان الشعر ويحرّضونهم على نظمه، لأن الشعراء كانوا حماة الأعراض وحفظة الآثار ونقلة الأخبار وربما فضلوا نبوغ الشاعر فيهم على نبوغ الفارس ولذلك كانوا إذا نبغ فيهم شاعر من قبيلة أتت القبائل الأخرى فهنأتها به وصنعت الأطعمة واجتمعت النسوة يلعبن بالمزاهر كما يصنعن في الأعراس وتتباشر الرجال والولدان. وقد بلغ من احترام العرب للشعر والشعراء أنهم عمدوا إلى سبع قصائد اختاروها من الشعر القديم وكتبوها بماء الذهب في القباطي (التيل المصري) بشكل الدرج الملتف وعلقوها في أستار الكعبة وهي المعلقات ولذلك يقال لها المذهبات أيضاً كمذهبة امرئ القيس ومذهبة زهير.
الخطابة في الجاهلية
الخطابة تحتاج إلى خيال وبلاغة ولذلك عددناها من قبيل الشعر أو هي شعر منثور وهو شعر منظوم وإن كان لكل منهما موقف. فالخطابة تحتاج إلى الحماسة ويغلب تأثيرها في أبناء عصر الفروسية وأصحاب النفوس الأبية طلاب الاستقلال والحرية مما لا يشترط في الشعر، أما العرب فقد قضى عليهم الإقليم بالحرية والحماسة وهم ذووا نفوس حساسة مثل سائر أهل الخيال الشعري فأصبح للبلاغة وقع شديد في نفوسهم فالعبارة البليغة قد تقعدهم أو تقيمهم بما تثيره في خواطرهم من النخوة.
مواضيع الخطب
وكان العرب يخطبون بعبارة بليغة فصيحة وهم أميون لا يقرأون ولا يكتبون وإنما كانت الخطابة فيهم قريحة مثل الشعر وكانوا يدربون فتيانهم عليها من حداثتهم لاحتياجهم إلى الخطباء في إيفاد الوفود مثل حاجتهم إلى الشعراء في حفظ الأنساب والدفاع عن الأعراض.
ومن هذا القبيل وفود القبائل على النبي (صلّى الله عليه وآله) بعد أن استتب له الأمر فقد جاءه من كل قبيلة وجهاؤها وخيرة بلغائها لاعتناق الإسلام أو للاستفهام أو غير ذلك ومن هذا القبيل وفود العرب على الخلفاء للتسليم والتهنئة.
الخطباء
وجملة القول أن الخطباء كانوا عديدين في النهضة الجاهلية كالشعراء والغالب فيهم أن يكونوا أمراء القبائل أو وجهاءها أو حكماءها، وكان لكل قبيلة خطيب أو غير خطيب كما كان لها شاعر أو غير شاعر.
ج) النثر:

ما هو النثر في العصر الجاهلي؟

النثر هو كلام اختيرت ألفاظه وانتقيت تراكيبه وأحسنت صياغة عباراته بحيث يؤثر في المستمع عن طريق جودة صنعته. فهو يختلف عن الكلام العادي الذي يتكلم به الناس في شؤونهم العادية. وأنواع النثر الجاهلي هي: الخطابات والأمثال والقصص وسجع الكهان. وسجع الكهان يتصف بقصر جمله وكثرة غريبه والتوازن في عباراته، ويحرص الكاهن على إخفاء كلامه بإتباع هذا الأسلوب. بالشرح المفصل

أنواع النثر:
الخطاب :

الخطابة كلام جيد المعاني متين الأسلوب مؤثر في من يستمع إليه، يخاطب به جمهور من الناس، بهدف استمالته إلى رأي معين، أو إقناعه بفكرة، أو إرشاده إلى طريق يسير فيه، أو منعه من الانحراف في ضلالة. والخطبة شائعة بين الناس في العصر الجاهلي؛ لأنهم يحتاجون إليها في حياتهم العامة وأكثر ما تقال في أماكن اجتماعاتهم مثل الأسواق أو اجتماعهم في الحرب. لا يتصدى للخطاب إلا من ملك زمام الفصاحة وكان ثابت الجنان، حاضر البديهة، ويمدح بجهارة الصوت.



الأمثال والحكم :



أبدع العرب في ضرب الأمثال والحكم في مختلف المواقف والأحداث فلا يخلو موقف من حياتنا إلا ونجد مثلا ضرب عليه، وحكمة اخذت من تجربة ما.فالأمثال والحكم أصدق شئ يتحدث عن أخلاق الأمة وتفكيرها و تقاليدها , وتصور المجتمع وحياته وشعوره أتم تصوير فهي مرآة للحياة الاجتماعية والعقلية والسياسية والدينية واللغوية , وهي أقوي دلالة من الشعر في ذلك لأنها لغة طائفة ممتازة. ولقيت شيوعا لخفتها وعمق ما فيها من حكمة وإصابتها للغرض المنشود, وصدق تمثيلها للحياة العامة ولأخلاق الشعوب , حيث قال النظام : يجتمع في المثل والحكمة أربعة لا تجتمع في غيرهما من الكلام إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبيه وجودة الكتابة فهي نهاية البلاغة .



الحكمة:



والجودُ نَافِيَةٌ لِلْمـَالِ مُهْـلِكَةٌ والبُخْلُ بَاقٍ لأهْلِيْهِ ومَذْمُومُ

*وقد تأتي الحكمة في صورة نصيحة وإرشاد كما فعل المثقب العبدي في قصيدته التي أولها:

لا تَقُولَن إِذَا مـَا لَـمْ تُرِدْ ان تُتِمً الوَعْدَ في شيى نعم

حَسَنٌ قَوْلُ نَعَمْ من بَعْدِ لا وقبيح قول لا بعد نعم



والحكم في الجاهلية تعبر عن التمسك بالمثل العليا السائدة في المجتمع، فهي ترشد إلى الأخلاق الفاضلة التي ترفع من قدر الإنسان عندما يتمسك بها، والحكمة ليس لها مكان معين في القصيدة؛ فقد تأتي مبثوثة في القصيدة، وقد تأتي في أول القصيدة أو في آخرها.



بعض الأمثلة المشهورة في الجاهلية:

اترك الشريتركك.

رب ملوم لا ذنبله.

أدب المرء خير منذهبه.

خير الغنى القناعة و خير المالما نفع

=========


>>>> الرد الرابع :

شكرا

=========


>>>> الرد الخامس :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة oussama adrari
إن طبيعة العقل العربي لا تنظر إلى الأشياء نظرة عامة شاملة، وليس في استطاعتها ذلك. فالعربي لم ينظر إلى العلم نظرة عامة شاملة كما فعل اليوناني، كان يطوف فيما حوله؛ فإذا رأى منظرا خاصا أعجبه تحرك له، و جاس بالبيت أو الأبيات من الشعر أو الحكمة أو المثل. "فأما نظرة شاملة وتحليل دقيق لأسسه وعوارضه فذلك ما لا يتفق والعقل العربي.

وفوق هذا هو إذا نظر إلى الشيء الواحد لا يستغرقه بفكره، بل يقف فيه على مواطن خاصة تستثير عجبه، فهو إذا وقف أمام شجرة، لا ينظر إليها ككل، إنما يستوقف نظره شيء خاص فيها، كاستواء ساقها أو جمال أغصانها،

و إذا كان أمام بستان، لا يحيطه بنظره، ولا يلتقطه ذهنه كما تلتقطه "الفوتوغرافيا"، إنما يكون كالنحلة، يطير من زهرة إلى زهرة، فيرتشف من كل رشفة". إلى أن قال: "هذه الخاصة في العقل العربي هي السر الذي يكشف ما ترى في أدب العرب - حتى في العصور الإسلامية - من نقص وما ترى فيه من جمال".

وقد خلص من بحثه، إلى أن هذا النوع من النظر الذي نجده عند العربي، هو طور طبيعي تمر به الأمم جميعاً في أثناء سيرها إلى الكمال،

نشاً من البيئات الطبيعية والاجتماعية التي عاش فيها العرب، وهو ليس إلا وراثة لنتائج هذه البيئات، "ولو كانت هنالك أية أمة أخرى في مثل بيئتهم، لكان لها مثل عقليتهم،

و أكبر دليل على ذلك ما يقرره الباحثون من الشبه القوي في الأخلاق والعقليات بين الأمم التي تعيش في بيئات متشابهة أو متقاربة، وإذ كان العرب سكان صحارى، كان لهم شبه كبير بسكان الصحارى في البقاع الأخرى من حيث العقل والخلق".

أما العوامل التي عملت في تكوين العقلية العربية وفي تكييفها بالشكل الذي ذكره، فهي عاملان قويان. هما: البيئة الطبيعية، وعنى بها ما يحيط بالشعب طبيعيا من جبال وانهار وصحراء وغير ذلك،

والبيئة الاجتماعية، وأراد بها ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك. وليس أحد العاملين وحده هو المؤثر في العقلية.

وحصر أحمد أمين مظاهر الحياة العقلية في الجاهلية في الأمور التالية: اللغة والشعر والأمثال والقصص. وتكلم على كل مظهر من هذه المظاهر وجاء بأمثلة استدل بها ما ذهب إليه.

والحدود التي وضعها أحمد أمين للعقلية العربية الجاهلية، هي حدود عامة، جعلها تنطبق على عقلية أهل الوبر وعقلية أهل المدر، لم يفرق فيها بين عقلية من عقلية الجماعتين.

وقد كونها ورسمها من دراساته لما ورد في المؤلفات الإسلامية من أمور لها صلة بالحياة العقلية ومن مطالعاته لما أورده "أوليري" "وبراون" وأمثالهما عن العقلية العربية،

ومن آرائه وملاحظاته لمشكلات العالم العربي ولوضع العرب في الزمن الحاضر. والحدود المذكورة هي صورة متقاربة مع الصورة التي يرسمها العلماء المشتغلون بالسامية عادة عن العقلية السامية،

وهي مثلها أيضا مستمدة من آراء وملاحظات وأوصاف عامة شاملة، ولم تستند إلى بحوث علمية ودراسات مختبرية، لذا فأنني لا أستطيع أن أقول أكر مما قلته بالنسبة إلى تحديد العقلية الساميّة، من وجوب التريث والاستمرار في البحث ومن ضرورة تجنب التعميم والاستعجال في إعطاء الأحكام.

وتقوم نظرية أحمد أمين في العقلية العربية على أساس إنها حاصل شيئين وخلاصة عاملين، أثرا مجتمعين في العرب وكوّنا فيهما هذه العقلية التي حددها ورسم معالمها في النعوت المذكورة.

والعاملان في رأيه هما: البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية. وعنى بالبيئة الطبيعية ما يحيط بالشعب طبيعياً من جبال وأنهار وصحراء ونحو ذلك،

وبالبيئة الاجتماعية ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك. وهما معاً مجتمعين غير منفصلين، أثّرا في تلك العقلية. ولهذا رفض أن تكون تلك العقلية حاصل البيئة الطبيعية وحدها، أو حاصل البيئة الاجتماعية وحدها.

وخطاً من أنكر أثر البيئة الطبيعية في تكوين العقلية ومن هنا انتقد "هيكل" "heagel"، لأنه أنكر ما للبيئة الطبيعية من أثر في تكوين العقلي اليوناني، وحجة "هيكل" أنه لو كان للبيئة الطبيعية أثر في تكوين العقليات،

لبان ذلك في عقلية الأتراك الذين احتلوا أرض اليونان وعاشوا في بلادهم، ولكنهم لم يكتسبوا مع ذلك عقلهم ولم تكن لهم قابليتهم ولا ثقافتهم.

وردّ "أحمد أمين" عليه هو أن "ذلك يكون صحيحاً لو كانت البيئة الطبيعية هي المؤثر الوحيد، إذن لكان مثل العقل اليوناني يوجد حيث يوجد إقليمه،

و ينعدم حيث ينعدم، أما والعقل اليوناني نتيجة عاملين، فوجود جزء العلة لا يستلزم وجود المعلول".

وأثر البيئة الطبيعية في العرب، أنها جعلت بلادهم بقعة صحراوية تصهرها الشمس، ويقل فيها الماء، ويجف الهواء، وهي أمور لم تسمح للنبات أن يكثر، ولا للمزروعات أن تنمو، آلا كَلأً مبعثراً هنا وهناك،

وأنواعاً من الأشجار والنبات مفرقة استطاعت أن تتحمل الصيف القائظ، والجوّ الجاف، فهزلت حيواناتهم، وتحلت أجسامهم، وهي كذلك أضعفت فيها حركة المرور، فلم يستطع السير فيها إلا الجمل،

فصعب على المدنيات المجاورة من فرس وروم أن تستعمر الجزيرة، وتفيض عليها من ثقافتها، اللهم إلا ما تسرب منها في مجار ضيقة معوجة عن طرق مختلفة".

وأثر آخر كان لهذه البيئة الطبيعية في العرب، هو أنها أثرت في النفوس فجعلتها تشعر أنها وحدها تجاه طبيعة قاسية، تقابلها وجهاً لوجه، لا حول لها ولا قوة، لا مزروعات واسعة ولا أشجار باسقة،

تطلع الشمس فلا ظل لها، ويطلع القمر والنجوم فلا حائل، تبعث الشمس أشعتها المحرقة القاسية فتصيب أعماق نخاعه، ويسطع القمر فيرسل أشعته الفضية الوادعة فتبر لبّه، وتتألق النجوم في السماء فتمتلك عليه نفسه، وتعطف الرياح العاتية فتدمر كل ما أتت عليه.

أمام هذه الطبيعة القوية، والطبيعة الجميلة، والطبيعة القاسية، تهرع النفوس الحساسة إلى رحمن رحيم، والى بارئ مصور والى حفيظ مغيث- إلى الله-. ولعل هذا هو السر في الديانات الثلاث التي يدين بها أكثر العالم، وهي اليهودية والنصرانية والإسلام نبعث من صحراء سيناء وفلسطين وصحراء العرب.


والبيئة الطبيعية أيضاً، هي التي أثرت-على رأيه-في طبع العربي فجعلته كثيباُ صارماً يغلب عليه الوجد، موسيقاه ذات نغمة واحدة متكررة عابسة حزينة، ولغته غنية بالألفاظ، إذا كانت تلك الألفاظ من ضروريات الحياة في المعيشة البدوية، وشعره ذو حدود معينة مرسومة، وقوانينه تقاليد القبيلة وعرف الناس، وهي التي جعلته كريماً على فقره، يبذل نفسه في سبيل الدفاع عن حمى قبيلته.

كل هذه وأمثالها من صفات ذكرها وشرحها هي في رأيه من خلق هذه البيئة الطبيعية التي جعلت لجزيرة العرب وضعاً خاصاً ومن أهلها جماعة امتازت عن بقية الناس بالمميزات المذكورة.

وقد استمر "أحمد أمين"، في شرح أثر البيئة الطبيعية في عقلية العرب وفي مظاهر تلك العقلية التي حصرها كما ذكرت في اللغة والشعر والأمثال والقصص، حتى انتهى من الفصول التي خصصها في تلك العقلية،

أما أثر البيئة الاجتماعية التي هي في نظره شريكة للبيئة الطبيعية في عملها وفعلها في العقلية الجاهلية وفي كل عقلية من العقليات، فلم يتحدث عنه ولم يشر إلى فعله،

ولم يتكلم على أنواع تلك البيئة ومقوماتها التي ذكرها في أثناء تعريفه لها، وهي: "ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك"، ثم خلص من بحثه عن العقلية العربية وعن مظاهرها وكأنه نسي ما نسبه إلى العامل الثاني من فعل،

بل الذي رأيته وفهمته من خلال ما كتبه انه أرجع ما يجب إرجاعه إلى عامل البيئة الاجتماعية - على حد قوله - إلى فعل عامل البيئة الطبيعية وأثرها في عقلية العرب الجاهليين. وهكذا صارت البيئة الطبيعية هي العامل الأول الفعال في تكوين تلك العقلية، وحرمنا بذلك من الوقوف على أمثلته لتأثر عامل البيئة الاجتماعية في تكوين عقلية الجاهليين.


وأعتقد إن "أحمد أمين" لو كان قد وقف على ما كتب في الألمانية أو الفرنسية أو الإنكليزية عن تأريخ اليمن القديم المستمد من المسند، ولو كان قد وقف على ترجمات كتابات المسند أو الكتابات الثمودية والصفوية واللحيانية، لما كان قد أهمل الإشارة إلى أصحاب تلك الكتابات، ولعدٌل حتماً في حدود تعريفه للعقلية العربية،

ولأفرز صفحة أو أكثر إلى أثر طبيعة أرض اليمن وحضرموت في عقلية أهل اليمن وفي تكوين حضارتهم وثقافتهم، فإن فيما ذكره في فصوله عن العقلية العربية الجاهلية ما بحب رفعه وحذفه بالنسبة إلى أهل اليمن وأعالي الحجاز.

شكرا لك موصوع رائع جدا

=========


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين منصوري
شكرا لك موصوع رائع جدا



Merciiiiiii

رااا ئع شكراااااا لك