إنّ الإسلام دين السلم وشعاره السلام فبعد أن كان عرب الجاهلية يشعلون الحروب لعقود من الزمن من أجل ناقة أو نيل ثأر ويهدرون في ذلك الدماء ويقيمون العداوات بينهم لقرون جاء الإسلام وأخذ يدعوهم إلى السلم والوئام، ونبذ الحروب والشحناء التي لا تولّد سوى الدمار والفساد.ولذلك فإن القرآن جعل غايته أن يدخل الناس في السلم جميعا فنادى المؤمنين بأن يتخذوه غاية عامه قال الله -عز وجل مخاطباً أهل الإيمان: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) ألبقرة 208 بل إن من صفات المؤمنين أنهم يردون على جهل الآخرين بالسلم، فيكون السلم هنا مسلكاً لردّ عدوان ألجاهلين قال تعالي (...وإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَما). ذلك أن مسلك السلم لا يستوي ومسلك ألعنف ومسلك العفو لا يستوي ومسلك الانتقام، ومسلك اللين لا يستوي ومسلك الشدة والغلطة ولذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو ويوصي دائماً أصحابه بالدفع بالتي هي أحسن والإحسان إلى المسيئين، مصداقاً لما قال تعالى موصياً سيد الخلق أجمعين -صلى الله عليه وسلم-...وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) كما أنهم دعوا إلى الجنوح للسلم فقال تعالى (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) وشجع القرآن المسلمين على التزام السلم – وهذا وقت الحرب- وطالبهم بتلمّس السلم إن وجدوا رداً إيجابياً من الطرف الآخر، فقال تعالى: (فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلا). ويقول الإمام علي رضي الله عنه في عهده لمالك الاشتر"ولا تدفعن صلحاً دعاك إليه عدوك ولله فيه رضى، فإن في الصلح دعة لجنودك، وراحة من همومك
جوهريا، يمكننا القول أن السلام يتضمن ثلاثة معاني مختلفة لكنها مترابطة. أولها هو المشهور والمتداول حيث تترابط الثنائية (حرب-سلم)، ونقصد به السلام السياسي. فقرار الحرب أو اللاحرب تتخده القوى السياسية. و من ثمة فالسلام يعود على الحالة السليمة السائدة في فترة غياب النزاعات المسلحة. أيضا من الناحية ألسياسية السلام يعني التهدئة وقف إطلاق الدار على إثر توقيع معاهدة سلام بين الأطراف المتنازعة.
اجتماعيا، يمكن الحديث عن السلام أو السلم الاجتماعي حينما يكون هناك انسجام وتوافق وغياب الشجارات في وضعية اجتماعية معينة. كذالك يمكن الحديث عن السلم الاجتماعي عندما تغيب القلاقل الاجتماعية ويسود الأمن العام في الأماكن العمومية والممتلكات.
من الناحية ألسيكولوجية فعبارة”هدوء ألبال تعطي بعدا نفسيا لكلمة السلام. وهي تحيل إلى الحالة التي تخلو من القلق والضغط الذهني، الذي يؤدي بدوره إلى علل نفسية وخيمة. وهكذا يتبين أن فكرة السلام ليست تقضيا للحرب فحسب وإنما هي ذات دلالة ثلاثية الأبعاد. بعد سياسي وبعد اجتماعي وبعد نفسي..
لماذا يرمز للسلام بالحمامة البيضاء وغصن الزيتون؟
الجميع في انحاء العالم كله يعلم إن رمز السلام هو ( حمامة تحمل غصن زيتون ) ولكن أكثر الناس لا يعلم سبب اختيار هذين الرمزين او هذا الطائر وهذا الغصن بالذات للسلام
في القدم وفي عهد نبينا نوح عليه السلام يقال انه كان في السفينة هو ومن معه من المؤمنين ومن الحيوانات وكانت الأرض مملؤة بالمياه فكان عليها لسلام يرسل الحمامة لكي تستكشف ان كانت الارض جفت ام لم تجف وفي كل مره ترجع الحمامة للسفينة وهي خاليه ( وهذا دليل على عدم هبوط مستوى الماء وعلى عدم جفافه وفي إحدى المرات أرسل عليه السلام الحمامة وعندما عادت وإذ معها غصن زيتون ( وهذا دليل على ان مستوى الماء نزل وقربت الأرض تظهر ) ففرح النبي عليه السلام ومن معه وانتظروا بضعت أيام وأرسل الحمامة مرة أخرى وعندما عادت وإذ بالطين يغطي اقدامها ( وهذا دليل على أنها نزلت على الأرض أي أن الماء قد جف ومنذ ذالك الحين صارت الحمامة وغصن الزيتون رمز وشعار للسلام.
هي إحدى جوائز نوبل الخمسة التي أوصى بها ألفريد نوبل. لا تعرف إلى يومنا هذا أسباب اختياره للسلام كأحد مواضيع جوائزه. فمثلا يمكن تفسير جائزة نوبل في الكيمياء أو الفيزياء لكونه مهندس كيميائي. يقترح البعض بأن نوبل أراد أن يعوض تنامي القوة المدمرة فنوبل هو مخترع الديناميت و لكن الديناميت لم يستعمل قبل وفاته تمنح جائزة نوبل سنويا في العاصمة النرويجية أوسلو في العاشر من ديسمبر من قبل معهد نوبل النرويجي. منحت لأول مرة سنة 1901. يتم اختيار المترشحين للجائزة من قبل هيئة يعينها البرلمان النرويجي وذلك حسب وصية نوبل
حسب اعتقادنا نحن كتلاميذ فان نوبل أوصى بهده الجائزة حتى لا تستخدم في الأغراض الحربية لأنه رجل يحب السلام لكن الآن أصبحت الجائزة ليس لها أي قيمة معنوية منذ أن قدمت لاسرائليين مجرمي حرب مثل شيعمون بيريز عام 1994م الذي قدمت له مناصفة مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات رحمه الله و إسحاق رابين
الــــــــــــــحـــــرب والــــــــــــسلـــــــــــــــــــم
من أخطر أمراض الجنس البشري الحرب بين الدول والطغيان الداخلي على الأفراد داخل الدولة الواحدة. والحرب قديمة قدم الإنسان والحضارة وقد تشكلت معبداية تشكل المجتمع الإنساني بأخطاء كروموسومية غير قابلة للحياة والاستمرار. فمع الحضارة ولدت الدولة ونشأت المؤسسة العسكرية.ومع ولادة التخصصات في المجتمع وتطور التقانة نمت العلوم العسكرية والتكنولوجيا الحربية، وبتزاوج المؤسسة والعلوم والتكنولوجيا ولدت الحرب من رحم العنف.ولكن العنف لا يحرر الإنسان ولا يحل المشاكل بل يزيدها تعقيدا وقد وصل العنف اليوم إلى طريق مسدود وتخلى عنه العالم وهو أسلوب فاشل في حلا لمشكلات.وفي الواقع العنف لا يفضي إلى السلام ولا إلى السعادة و ظاهرة العنف المرعبة مرض ثقافي وطاعون فكري.إلا أن الإنسان كلما ازداد وعيا وعلما مال إلى حل المشاكل بالطرق السلمية والعكس بالعكس.والحرب لا تنفجر من فراغ بل من أفكار وتصورات ومخاوف وهي تبدأ في النفوس والرؤوس قبل استخدام الفؤوس. وهي تهدف إلى تحطيم إرادة الخصم وإلغاء الآخر وبالتالي ينشأ عن ها وسط مشؤوم يولد فيه مرض الاستكبار والاستضعاف بين الطرفين ويفتح الباب لدورة العنف والعنف المضاد من جديد. إن الحرب كارثة كبرى ذات ثمانية عشر وجها حسب تعريف المعهد الفرنسي
لعلم الحرب فهي هيمنة وتأكيد مبدأ المانوية وعدم الاعتراف بالغير بل وإنكار وجوده واندلاع العنف وغياب الحق والمخاطرة بحياة الإنسان وتدمير الثروات المتنوعة وتكريس جميع النشاطات للمجابهات الدموية وأفضلية اللامعقول على المعقول والمطلق على النسبي في إطار عقلي شمولي ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة والفوضى واشتداد الأزمات والدم والعرق والدموع واللقاء الحتمي مع الموت وانقطاع أحمق يبرهن على فشل العقل والقلب وقد عرف العلماء منذ انفجار السلاح النووي التجريبي أن الحرب انتهت ووضعت أوزارها بين الكبار ولكن السياسيين الكذابين والمنافقين لم يدركوا منحى التاريخ ولم يستوعبوا هذا التطور الذي يؤيد مذهب ابن آدم الذي قتل ولم يدافع عن نفسه. عندما اختلف ولدا آدم قال الأول لا يوجد حل للمشكلة إلا بالقتل فطوعت له نفسه قتل أخيه. أما الثاني فقال لن أحل المشكلة معك بالقتل ولو نويت على ذلك ومددت يدك إلي (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك أني أخاف الله رب العالمين). بعد هذا نشأ مذهبان في التاريخ لحل المشاكل مذهب يؤمن بالعنف والحرب والقتل ومذهب يؤمن بالحوار والسلام. وحتى لا نضيع الوقت فبالضبابيات والعموميات أميل شخصيا إلى تعريف الفيلسوف الألماني هيغل للفلسفة على أساس أنها القبض على الواقع من خلال الفكر وان تتحدث عن أشياء لها علاقة بالواقع المعاش. وأن نفهم الفلسفة على أساس أنها تشخيص عميق لمشاكل الواقع في لحظة معينة من لحظات التاريخ ثم إيجاد الحلول لها بعد أنن نجح في عملية تشخيصه وتحديده بدقة.وتلك ميزة كبار المفكرين الذين ليضيعون أوقاتهم في المشاكل الثانوية بل يذهبون فورا إلى صلب الموضوع.وانطلاقا من تطبيق هذا التعريف على واقع مجتمعاتنا ماذا نستطيع أن تقول أين هي المشكلة الأساسية ياترى؟؟ إنها تكمن في المعركة المفتوحة على مصراعيها بين مذهب العنف والرؤية الظلامية للعالم من جهة، ومذهب السلم والرؤية الحديثة لنفس العالم من جهة أخرى ويرى بعض المفكرين بأن مشكلة العالم الإسلامي مع الحداثة هي مشكلة القرن الواحد والعشرين و بناء على حلها يتوقف مصير العالم وتوازنه.واليوم نرى العالم وقد تحول إلى فريقين متميزين الأول طور كل الأسلحة وذهب إلى نهاية الشوط ثم وصل إلى الحقيقة التي تقررانه لا سبيل إلى حل المشاكل عن طريق العنف و القوة المسلحة ورفضا لنزاعات عن طريق الحروب.والفريق الثاني لم يدرك طبيعة التحول ولا يزال يسبح في ثقافة العنف ويدفع فواتيره اليومية ويعيش بعقلية عصر الغابة والهراوة والفأس والسيف والترس وامتداداتها من بطانة المدفع إلى سلاح القنبلة النووية.وإذا ما ألقينا نظرة إلى بانوراما القوة عبر التاريخ نرى بعد أن جرب الإنسان الحروب والقوة وصل إلى طريق مسدود وان الحرب لاعقلانية وعبث وعدم جدوى امتلاك الأسلحة بما فيها صنم السلاح النووي وهناك اليوم تياران في العالم الأول يرمي بالسلاح ويتخلص منه بعد أن أكتشف انه صنم لا يضر ولا ينفع وان أعظم سلاح هو الإنسان الجديد الذي يؤمن بالعلم والسلم وتيار يشتري السلاح ويكدسه ويعيش خارج إحداثيات التاريخ والجغرافيا ويرى أن الحرب كانت شيئا أساسيا من وجود البشر وسوف تستمر والسلام مستحيل. والحرب طبعت في طبيعة البشر. وهي أم التاريخ وأبوها كما قال الفيلسوف اليوناني(هرقليطس). وأن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل جديدة حسب نظرية (كلاوسيفتز) الضابط الألماني صاحب كتاب فن الحرب.إن الحرب لاتقود إلى السلم، فهل تنبت شجرة الحنظل تينا ؟؟ هيهات هيهات لما توعدون
في عصر السباق نحو التسلح والدمار لا نماك الا ان نتحسر على الواقع المرير الذي نعيشه وعلىالارواح التي تزهق كل يوم والدماء التي تسفك كل ثانية . كثيرٌ من الأشياء تفرقنا، وتجعلنا نبدو وكأننا في اختلافنا محالا أن نلتقي. منها اللغة الدين، التاريخ، الوطن. على الرغم من كل هذه الأشياء التي قد تباعد ما بيننا إلا أن هناك عاملاً مشتركاً بين كل الأجناس برغم كل هذه الاختلافات وهو الإنسانية. فكلنا بلا شك ننتمي إلى الإنسانية ديناً لا نختلف عليه، ولغة نفهمها جميعاً، وجنسية نحملها.هذه الإنسانية التي
تذوب فيها كل الفروق هي الأمل الأوحد من أجل عالم يسوده الوئام والوفاق هيا لوطن الأكبر الذي نولد منتمين إليه دون حاجة إلى جواز سفر أو بطاقة إثبات هوية. هذا ما يجعل وقف التجارب النووية ونزع السلاح النووي من أي بلدٍ يمتلكه واجبٌ علينا ، فليس من العقل إعلان الحرب على بلد بدعوى محاولة امتلاك سلاح نووي وغض الطرف عن بلد آخر يمتلك ترسانة من الأسلحة النووية تكفي لتدمير الكرة الأرضية عدة مرات إنها كارثة محدقة بنا وإن لمسارع الآن بوقف هذه الانتهاكات بوازع من ضميرنا الإنساني فقد يكون الوقت متأخرا لاحقا. نحن بحاجة إلى جراءة في الحديث عن ثقافة جديدة تنظر إلى الواقع بلغة مختلفة ليسمح فيها لمتطرف يختفي خلف الجدران التاريخية ليذكرنا بالصراعات ويملي علينا آلية تاريخية متطرفة.
لعل