هذِه النَصَائِح قَدَّمها لِي أسْتَاذي فِي نِهَايِة السَنة الأخِيرة بِالثَانَوِية وَ رأيْتُ أَن أشَارِكَكُم بِهَا...
بَعْد بِسم اللّه الرَحْمان الرَّحِيم وَ الصَلَاة وَ السَّلَام عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد وَ عَلَى آلِهِ وَ صَحْبِه أَزْكَى تَسْلِيم, يُشَرِفُني أَنْ أَكْتُب لِتَلمِيذَتِي ... هَذِه الْكَلِمَات وَ أتَمَنَّى أَنْ تَنْفَعَها وَ تَسْتَنِد إِلَيْها يَوْم تَخْفَى عَلَيْها سُبُل الرَشَاد وَ لَا تَرَى لَهَا سَبِيل.
وَ خَيْرُ مَا أَسْتَهِل بِهِ حَدِيثِي أَنْ أَشْكُرهَا عَلَى حُسْن خُلقِهَا وَ احْتِرَامهَا لِأَساتِذَتِهَا , وَ اجتِهَادِهَا فِي دِرَاسَتِها وَ صَبرِهَا عَلَى طَلَب الْعِلْم...
وَ أَوَّلُ وَصِيَّة أُوصِيكِ بِهَا هُوَ تَقوَى اللَّه وَ اعْلَمِي أَنَّ اللَّه يَعْلَم مَا تُسِرِين وَ مَا تُعْلِنِين وَ يَعْلَم خَائِنَة الأَعْيُن وَ مَا تُخفِي الصُدُور , وَ هُوَ مَعَك فِي كُلّ زَمَان وَ مَكَان , فَإِنْ حَفِظتِه حَفِظكِ وَ وَجَدتينَهُ اتِجَاهِك وَ إِنْ استَعَنْتِ بِهِ أعَانَكِ وَ إِن تَوَكَلتِي عَلَيه وَجَدتينَهُ مَعَكِ , وَ اعلَمِي أَنَّ هَذِه الأمَة لَوْ اجتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعوكِ بِشَيءٍ لَم يَنْفَعوكِ إِلَّا بِشَيءٍ كَتَبَه اللَّه لَكِ وَ لَوْ اجتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضرٌوكِ بِشيءٍ لَمْ يَضُروكِ إِلَّا بِشيءٍ كَتَبَهُ اللَّه لَكِ...
وَ ثَانِي وَصِيَّة أُوصِيكِ بِهَا هُوَ طاعَة الرَسُول صَلَّى اللَّه عَلَيه وَ سَلَّم , فَمَن أَطاعَهُ أَطَاع اللَّه وَ مَنْ عَصاهُ فَقَد عَصَى اللَّه وَ حَاوِلِي قَدْر الْمُستَطاع الإِتِّصَاف بِأَخلَاقِه...
وَ ثَالِثُ وَصِيَّة أُوصِيكِ بِهَا هُوَ طاعَة وَالِدَيْكِ وَ ذَلِك بِالْحِرص كُلّ الْحِرص عَلَى نَيْل رِضَاهُما و السّعي عَلَى إسْعَادهِما وَ تَجَنُّبِ ما يُبغِضهُما , وَ لَا تنْسي أَنَّ الجَنَّة تَحْت أَقدَام الْأُمَّهات...
وَ رَابِع وَصِيّة أُوصِيكِ بِهَا هُوَ طَلَب الِعِلم مَهمَا كَان نَوعُهُ فَمَن سَلَك طَرِيقًا يَبْتَغِي بِهِ عِلْمًا سَهَّل اللَّه لَه طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّة وَ أَنَّ الْمَلائِكَة تَخْفِض جَناحَيْهَا لِطَالِب الْعِلم وَ تَذَكري أَنَّ الْعلمَ نُور وَ نُور اللَّه لَا يُهدَى لِعَاصٍ , كَمَا أَنَّه مَفخَرَة.
مَا الْفَخر إَلّا لِأهْل الْعِلم
أَفهم عَلَى الْهُدى لِمَن استَهدَى أدِلَاء
وَ قَدر كُلّ امرئ لِمَا كَانَ يُحسِنُه
وَ الْجَاهِلُون لِأَهْلِ الْعِلم أَعدَاء
فَفز بِعِلم تَعِش حيًّا بِه أبَدَى
النَاس مَوتَى وَ أهلُ الْعِلمِ أحيَاءُ
وَ تَذَّكرِي أَنَّ طَلَب الْعِلم يُرَافِقُه الصَّبر وَ ثَمَرَته تَحصُدينَها حَسَب دَرَجة صَبرِكِ .
وَ خَامِسُ وَصِيَّة أوصِيكِ بِهَا هِيَ اختِيَار الرفْقَة الصَالِحَة التّي تُسَاعِدُكِ عَلَى تَحقِيق أهْدَافِك وَ تُوَفّرَ لَكِ الْجَوّ فِي نَيْل مَطَالِبكِ , وَ تَذَّكَرِي أَنَّ الصَّدِيقَ وَقتَ الْحَاجَة ...
وَ مِفتَاحُ هَذِه الْوَصَايَا هُوَ الصَلَاة فَهِيَ صِلَتُكِ بِخَالِقكِ وَ مَنْ وَصَلهَا وَصَلهُ اللَّه وَ مَن قَطَعهَا قَطَعهُ اللَّه , وَ هِيَ نُورٌ وَ أَسَاسُها الدُّعاء , فاحرصِي كُلَّ الْحِرص عَلَى إِقَامَتِها .
وَ فِي الأَخِير أَتَمّنَّى لَكِ النَّجَاح وَ السَعَادة فِي مِشوَارِك الدِّراسِي وَ الْمِهَني , وَ أَكْثَر مِنِّي عِلمًا , كَمَا أَسْأَلُ اللَّه الْعَظِيم أَنْ يوَفِقَكِ فِي تَحقِيقِ أَهدَافِك....
الأُستَاذ: ع. ع.ق.