عنوان الموضوع : القصْرِ لتحضير البكالوريا
مقدم من طرف منتديات العندليب

القصْرِ
*-تعريفُهُ :
لغةً الحبسُ – قال الله تعالى حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ) [الرحمن/72]،واصطلاحاً: هو تخصيصُ شيءٍ بشيءٍ بطريقٍ مخصوصٍ.
والشيءُ الأولُ هو المقصورُ، والشيءُ الثاني هو المقصورُ عليه.
والطريقُ المخصوصُ لذلك التخصيصِ يكونُ بالطرقِ والأدواتِ الآتية،نحو: ما شوقي إلا شاعرٌ، فمعناهُ تخصيصُ (شوقي بالشِّعرِ) وقصرُهُ عليه، ونفيُ صِفةِ(الكتابةِ) عنه – (ردًّا على من ظنَّ أنَّهُ شاعرٌ وكاتبٌ) والذي دلَّ على هذا التخصيصِ هو النفيُ بكلمةِ ( ما) المتقدمةِ، والاستثناءُ بكلمةِ (إلا) التي قبلَ الخبرِ.
فما قبلَ «إلا» وهو « شوقي» يُسمَى مقصوراً عليهِ، وما بعدها وهو (شاعرٌ) يسمَّى مقصوراً – (وما – وإلاّ) طريقُ القصرِ وأدواتُه.
ولو قلتَ (شوقي شاعرٌ) بدونِ (نفيٍ واستثناءٍ) ما فُهِمَ هذا التخصيصُ،ولهذا يكونُ لكلِّ قصرٍ طرفانِ « مقصورٌ، ومقصورٌ عليه»،ويُعرَّفُ (المقصورُ) بأنّه هو الذي يُؤلفُ معَ (المقصورِ عليه) الجملةَ الأصليةَ في الكلام ِ
ومنْ هذا تعلمُ أنَّ القصرَ: هو تخصيصُ الحكمِ بالمذكورِ في الكلام ِونفيُهُ عن سواهُ بطريقٍ من الطرقِ الآتيةِ:
وفي هذا البابِ ستةُ مباحثَ
المبحثُ الأولُ – في طرقِ القصرِ :
*-للقصرِ طُرُقٌ كثيرةٌ ،وأشهرُها في الاستعمال أربعةٌ وهي:
أولاً-يكونُ القصرُ (بالنفي والاستثناءِ) كقوله تعالى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ ..ْ}(144) سورة آل عمران، ونحو :ما شوقي إلا شاعرٌ أو: ما شاعرٌ إلاَّ شوقي. فالمقصور عليهِ « في النفي والاستثناء» هو المذكور بعد أداةِ الاستثناء – نحو قوله تعالى: ) وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ) [هود/88]
ثانياً- يكونُ القصرُ (بإنَّما) – نحو قوله تعالى : « إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر/28] »
وكقول الشاعر [2]:
إنما يشتري المحامدَ حُرٌّ طابَ نفساً لهُنَّ بالأثمانِ
ثالثاً- يكونُ القصرُ (بالعطف بلا – وبلْ – ولكنْ) – نحو: الأرضُ متحركةٌ لا ثابتةٌ، وكقول الشاعر [3]:
عمرُ الفتى ذِكْرُه لا طولُ مُدّته ... وموتُه حزنُه لا يومُه الداني
وكقول الشاعر [4] :
ما نالَ في دُنياهُ وإنْ بُغيةً لكنْ أخو حزمٍ يَجدُّ ويَعمَلُ
رابعاً- يكونُ القصرُ (بتقديمِ ما حقّهُ التأخيرُ) نحو قوله تعالى :{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ْ}[الفاتحة/5] – أي: نخصُّك بالعبادةِ والاستعانةِ.
- فالمقصورُ عليه في النفي والاستثناءِ هو المذكورُ بعد أداة ِالاستثناءِ نحو: وما توفيقي إلا بالله.
- والمقصورُ عليه مع إنما هو المذكور بعدها، ويكون ُمؤخَّراً في الجملةِ وجوباً، نحو قول الشاعر[5]:
إِنَّمَا الدُّنْيَا غُرُورٌ لمْ تدعْ طفلاً وَ كهلا
- والمقصورُ عليه مع لا العاطفةِ هو المذكورُ قبلهاوالمُقابلُ لما بعدها،نحو: الفخرُ بالعلمِ لا بالمالِ.
- والمقصورُ عليه مع بَلْ ولكنْ، العاطفتين هو المذكور بعدهما نحو: ما الفخرُ بالمالِ بلْ بالعلمِ، ونحو: ما الفخرُ بالنَّسَبِ لكنْ بالتقوَى.
- والمقصورُ عليه في تقديمِ ما حقَّهَ التأخيرُ هو المذكورُ المتقدِّمُ ،نحو: على اللهِ توكلَّنا، وكقول المتنبي[6]:
وَمَنَ البَلِيّة عَذلُ مَنْ لا يَرْعوِي ... عن جَهلِهِ وَخِطَابُ مَنْ لا يَفْهمُ
*-أمورٌ ترتبطُ بالقصرِ:
هناك أمورٌ ترتبط بالقصر أهمها:
1 - القصرُ يحدّدُ المعاني تحديداً كاملاً، ولذا كثيراً ما يستفادُ منه في التعريفاتِ العلميةِ وغيرها.
2 - القصرُ من ضروبِ الإيجازِ ، وهو من أهمِّ أركانِ البلاغةِ، فجملةُ القصر تقومُ مقامَ جملتين: مثبتةٌ ومنفيةٌ.
3 - يفهمُ من (إنما) حكمانِ: إثباتٌ للشيءِ والنفيُ عن غيرهِ دفعةٌ واحدةٌ، بينما يُفهم من العطفِ الإثباتُ أوّلاً والنفيُ ثانياً، أو بالعكسِ، ففي المثال السابقِ: الخشيةُ للعلماءِ دون غيرهم، والفخرُ للتقوى لا للنَّسب، مع وضوحِ الدفعةِ في الأولِ، والترتّبِ في الثاني.
4 - في النفي والاستثناءِ يكونُ النفي بغيرِ (ما) أيضاً، قال تعالى: {..وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ} (31) سورة يوسف.
ويكون الاستثناء بغير (إلا) أيضاً، كقوله:لم يبقَ سواكَ نلوذُ بهِ مما نخشاهُ منَ المحنِ
5 -ـ يشترطُ في كلٍّ منْ (بل) و(لكنْ) أنْ تسبَقَ بنفيٍ أو نهيٍ، وأنْ يكونَ المعطوفُ بهما مفرداً، وأنْ لا تقترنَ (لكنْ) بالواو، وفي (لا) أنْ تسبقَ بإثباتٍ، وأن يكونَ معطوفُها مفرداً وغير داخلٍ في عمومِ ما قبلها.
6 - يدلُّ التقديمُ على القصرِ بالذوق، بينما الثلاثة الباقية تدلُّ على القصرِ بالوضع، أعني: (الأدوات).
7 -سبقَ أنَّ الأصلَ هو أن يتأخّرَ المعمولُ عن عاملهِ إلاّ لضرورةٍ، أهمُّها إفادةُ القصرِ، فإنَّ منْ تتبعَ كلامَ البلغاء في تقديمِ ما حقَّهُ التأخيرُ، وجدهُم يريدونَ به القصرَ والتخصيصَ عادةً.
==============
المبحثُ الثاني- في تقسيمِ القصرِ باعتبار الحقيقةِ والواقع إلى قسمين :

(أ)- قصرٌ حقيقيٌّ: هو أن يختصَّ المقصورُ بالمقصورِ عليه بحسبِ الحقيقةِ والواقع، بألا يتعدَّاهُ إلى غيره أصلاً ، نحو: لا إلهَ إلاَّ اللهُ.
(ب)- قصرٌ إضافيٌّ : هو أنْ يختصَّ المقصورُ بالمقصورِ عليهِ بحسبِ الإضافةِ والنسبة إلى شيءٍ آخرَ معينٍ، لا لجميعِ ما عداهُ، نحو: ما خليلٌ إلا مسافرٌ، فإنكَ تقصدُ قصرَ السفر عليه بالنسبة لشخصٍ غيرهِ، كمحمودٍ مثلاً وليسَ قصدُك أنهُ لا يوجدُ مُسافرٌ سواهُ، إذِ الواقعُ يشهدُ ببطلانهِ.
=============
المبحثُ الثالثُ -في تقسيم القصر باعتبار طَرَفيه [7]
*-ينقسمُ القصرُ باعتبار طرفيه (المقصُورُ والمقصورُ عليه) سواءٌ أكانَ القصر حقيقياً أم إضافياً إلى نوعينِ:
(أ)- قصرُ صفةٍ على موصوفٍ: هو أن تحبسَ الصفةُ على موصوفِها وتختصَّ به، فلا يتَّصفُ بها غيرُه، وقد يتَّصفُ هذا الموصوفُ بغيرها من الصفات،مثاله منِ الحقيقيِّ لا رازقَ إلا اللهُ) ، ومثاله منَ الإضافيِّ، نحو: لا شجاعَ إلا خالدٌ .
(ب)- قصرُ موصوفٍ على صفةٍ: هو أن يحبسَ الموصوفُ على الصفةِ ويختصَّ بها، دون غيرها، وقدْ يشاركُه غيرهُ فيها، مثاله منَ الحقيقيِّ، نحو: ما اللهُ إلا خالقُ كلِّ شيءٍ ، ومثاله من الإضافيِّ، قوله تعالى : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ )[آل عمران/144].
واعلمْ أنَّ المرادَ بالصفةِ هنا الصِّفةُ المعنويةُ، الّتي تدلُّ على معنًى قائمٍ بشيءٍ، سواءٌ أكانَ اللفظُ الدالُّ عليه جامداً أو مشتقاً، فعلاً أو غيرَ فعلٍ، فالمرادُ بالصِّفةِ :ما يحتاج ُإلى غيرهِ ليقومَ به ،كالفعلِ و نحوهِ ، وليس المرادُ بها الصفةَ النحويةَ، المسماةَ بالنَّعتِ.

=================
المبحث الرابعُ -في تقسيم القصرِ الإضافيِّ [8]
*- ينقسمُ القصرُ الإضافيُّ -بنوعيه السابقينِ على حسبِ حالِ المخاطَبِ -إلى ثلاثةِ أنواعٍ:
(أ)- قصرُ إفرادٍ : إذا اعتقدَ المخاطبُ الشركةَ، نحو قوله تعالى : {.. إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ ..} (171) سورة النساء ،رداً على من اعتقد أنَّ اللهَ ثالثُ ثلاثةٍ .
(ب)- قصرُ قَلبٍ : إذا اعتقدَ المخاطبُ عكسَ الحكمِ الذي تثبتُه، نحو: ما سافرَ إلا عليٌّ ، رداً على منِ اعتقدَ أنَّ المسافرَ خليلٌ لا عليٌّ، فقد قلبتَ وعكستَ عليه اعتقادَه.
(جـ)- قصر تعيين :إذا كان المخاطبُ يتردّدُ في الحكم، كما إذا كان متردّداً في كونِ الأرضِ متحركةً أو ثابتةُ، فتقول ُله: الأرضُ متحركةٌ لا ثابتةٌ ، ردًّا على منْ شكَّ وترددَ في ذلك الحُكمِ
==============
المبحثُ الخامسُ- في مواقع القصر :
اعلمْ أنَّ القصرَ بنوعيهِ يقعُ بين المبتدأِ والخبرِ، وبين الفعلِ والفاعلِ، وبين الفاعلِ والمفعولِ به، وبين الحالِ وصاحبِها ، وغير ذلك من المتعلقاتِ، ولا يقعُ القصرُ مع المفعولِ معَهُ.
1. بين المبتدأ والخبر ، نحو قول له تعالى :{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ } (144) سورة آل عمران
2. بين الفعلِ والفاعلِ، نحو : ما صدقَ إلا محمدٌ .
3. بينَ الفاعلِ والمفعولِ به ، نحو: ما لقيتُ إلا محموداً .
4. بينَ المفعولينِ، نحو : ما منحتُ الفقيرَ إلا درهماً .
5. بين المتعلقاتِ كالحالِ، نحو : ما جاءَ راكباً إلا محمدٌ .
================
المبحثُ السادسُ-في مواقع المقصورِ عليهِ
الأغلبُ أنْ يؤخرَ المقصورُ عليه عنِ المقصورِ في الاستثناءِ، بحيثُ يقعُ بعدَ أداتهِ إلا أو غيرها، ويقلُّ تقديمُ المقصورِ عليه مع أداةِ الاستثناءِ على المقصورِ، نحو :ما لقيَ إلا عمرَ محمدٌ .
وكذلكَ يؤخَّرُ المقصورُ عليهِ- غالباً- على المقصورِ في إنما، كما هو الحال في الاستثناءِ كقولنا: ( إنما لقيَ عمرا زيدٌ) .
والقصرُ من ضروبِ الإيجازِ الذي هو أعظمُ ركنٍ من أركانِ البلاغةِ، إذْ أنَّ جملةَ القصر ِفي مقامِ جملتينِ، فقولك (ما كاملَ إلا اللهٌ) تعادلُ قولَك: الكمالُ لله، وليسَ كاملا غيرَه.
وأيضاً القصرُ يحددُ المعانيَ تحديداً كاملاً، ويكثرُ ذلك في المسائل العلميةِ وما يماثلُها.
================
الأسئلة :
1. عرفِ القصرَ لغة واصطلاحاً مع التمثيل
2. عددْ طرقَ القصر مع التمثيل
3. ينقسمُ القصرِ باعتبارِ الحقيقةِ والواقعِ إلى قسمين بيِّنهما مع التمثيلِ
4. ينقسم القصرُ باعتبار طرفيهِ إلى قسمينِ بيِّنهما مع التمثيل
5. ينقسمُ القصرُ الإضافيُّ حسبَ حالِ المخاطب إلى أربعةِ أقسامٍ اذكرها مع التمثيل



[1] - كتاب الكليات ـ لأبى البقاء الكفومى - (ج 1 / ص 1136) وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 8) وعلم البلاغة الشيرازي - (ج 1 / ص 3)

[2]- تراجم شعراء موقع أدب - (ج 32 / ص 332)

[3] - لباب الآداب للثعالبي - (ج 1 / ص 67) وزهر الآداب وثمر الألباب - (ج 1 / ص 276) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 78 / ص 176) والإعجاز والإيجاز - (ج 1 / ص 49)

[4] - جواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 8)

[5] - منتهى الطلب من أشعار العرب - (ج 1 / ص 376) والمدهش - (ج 1 / ص 110) والمستطرف في كل فن مستظرف - (ج 2 / ص 6) و تراجم شعراء موقع أدب - (ج 28 / ص 322)

[6] - تفسير أبيات المعاني من شعر أبي الطيب المتنبي - (ج 1 / ص 94) و شرح ديوان المتنبي - (ج 1 / ص 173) والوساطة بين المتنبي وخصومه - (ج 1 / ص 44)والمدهش - (ج 1 / ص 135) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 2 / ص 305)

[7] - جواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 9)

[8] - الإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 40و41) ومفتاح العلوم - (ج 1 / ص 129-131) وعلم البلاغة الشيرازي - (ج 1 / ص 3) وجواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 9)


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

مشكور على هذا المجهود القيم و جعلك ذخرا نا و لطلبتنا الكرام

=========


>>>> الرد الثاني :

شكرا لك أخي على التواصل
بارك الله فيك وجزاك خيرا

=========


>>>> الرد الثالث :


=========


>>>> الرد الرابع :


=========


>>>> الرد الخامس :


=========