عنوان الموضوع : المسند و المسند اليه بكالوريا ادبي
مقدم من طرف منتديات العندليب
الجملة في تعريف النحاة هي الكلام المركب تركيبا إسناديا.(مسند ومسند إليه)، المفيد لمعنى تام يحسن السكوت عليه، وتنقسم إلى اسمية وفعلية:
فالاسمية هي التي صدرها اسم، (كزيد قائم، وقائم الزيدان.
ولفعلية هي التي صدرها فعل كـ (قام زيد) و(ضرب اللص).
والمراد بصدر الجملة: المسند والمسند إليه، فلا عبرة بما تقدم عليهما من الحروف. فالجملة من نحو (أقام الزيدان ) و(أزيد أخوك) و(لعل أباك منطلق) و(ما زيد قائم) اسمية ومن نحو (أقام زيد و(إن قام زيد)و(قد قام زيد) و(هلا قمت) فعلية.
والمعتبر أيضا ما هو صدر في الأصل: فالجملة من نحو: (كيف جاء زيد؟) ومن نحو قوله تعالىفأي آيات الله تنكرون) ونحو قوله تعالى ( فريقا كذبتم وفريقا تقتلون) فعلية. لأن هذه الأسماء في نية التأخير، وكذا الجملة في نحو (يا عبد الله) ونحو قوله تعالى: (إن أحد من المشركين استجارك فأجره ) وقوله أيضا: (والأنعام خلقها) فعلية. لأن صدورها في الأصل أفعال. والتقدير (أدعو زيدا)، و(إن استجارك أحد)، و(خلق الأنعام).
1- مكونات الجملة العربية:
تقوم الجملة العربية على مكونين أساسيين، هما الدعامة الأصلية في الجملة، وهما: المسند والمسند إليه. فالمسند هو الخبر، والمسند إليه هو المبتدأ، في الجملة الاسمية. وأما في الجملة الفعلية، فالفعل هو المسند، والفاعل هو المسند إليه. يعرف سيبويه المسند والمسند إليه بأنهما (ما لا يغني واحد منها عن الآخر، ولا يجد المتكلم منه بدا. فمن ذلك الاسم المبتدأ، والمبني عليه. ( يطلق سيبويه على المبتدأ، المبني عليه). وهو قولك (عبد الله أخوك)، و(هذا أخوك) ومثل ذلك (يذهب عبد الله)، فلا بد للفعل من الاسم، كما لم يكن للاسم الأول بد من الآخر في الابتداء، ومما يكون بمنزلة الابتداء، قولك: (كان عبد الله منطلقا) و( ليس زيدا منطلق) لأن هذا يحتاج إلى ما بعده، كاحتياج المبتدأ إلى ما بعده) ( سيبويه الكتاب: 2/78)
انطلاقا من هذا النص، يمكن تقسيم الإسناد إلى نوعين اثنين:
أولا: إسناد اسمي، ويقصد به ما كان فيه طرفا الإسناد اسمين، التزما بموقعهما، أو تقدم أحدهما على الآخر، مثل (عبد الله أخوك)، و(أخوك عبد الله).
ثانيا:إسناد فعلي: والقاضي بفعليتها هيأة المسند، ملتزما بموقعه الأصلي، في التقدم على الفاعل.( يذهب عبد الله)، ولا فرق بين أن يكون الفعل مبنيا للمعلوم، أو مبنيا للمجهول، وبغض النظر عن زمن الفعل المتقدم، ماضيا كان أو حالا أو استقبالا أو استمرارا.
ويرى النحويون أن المسند والمسند إليه، هما عماد كل جملة، ومن ثم أطلقوا على المبتدأ والخبر والفعل والفاعل ونائبه، وما يشاركهما الحكم، مصطلح (العمد) لوجوب ذكره في الجملة، تحقيقا للمطلوب منه من معنى، وذلك لأنها من (اللوازم للجملة. والعمدة فيها، والتي لا تخلو منها، وما عداها فضلة يستقل الكلام دونها). (شرح الكافية الاسترباذي: 1/7). معنى هذا الكلام، أن المسند والمسند إليه، يعتبران النواة الإسنادية للجملة، أما بقية المكونات فتسمى فضلات أو متممات، ويمكن الاستغناء عنها، دون أن يختل تركيب الجملة أو معناها.
2- موضوع المسند والمسند إليه:
· المسند وهو:
أ – خبر المبتدأ: (مثل محمد رسول الله). /(الحياة كفاح).
ب - الفعل التام: (خرج زيد).
ج - اسم الفعل: (هيهات هيهات لما توعدون). (اسم الفعل كلمة تدل على فعل معين، وتحمل معناه وزمنه).
د - المبتدأ الوصفي المستغني عن الخبر بفاعله، نحو (أقائم الزيدان). (نقصد بالاسم المشتق، اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة). هذا الوصف إذا وقع مبتدأ، يحتاج إلى اسم مرفوع، يعد فاعلا سد مسد الخبر).
هـ - أخبار النواسخ كان وأخواتها. (صار الجو معتدلا)، وإن وأخواتها: (إن الصدق فضيلة).
و- المصدر النائب عن فعل الأمر: مثل (صبرا آل ياسر)، أي (اصبروا) وقوله تعالى: (وبالوالدين إحسانا).
· المسند إليه وهو:
أ - الفاعل للفعل التام: (طلعت الشمس) / (يأبى العربي الضيم).
ب - أسماء النواسخ كان وأخواتها وإن وأخواتها /(كان الرجل منطلقا) /(إن الرجل منطلق).
ج - المبتدأ الذي لمخبر: نحو: (محمد مجتهد) / (الحياة عمل).
هـ - نائب الفاعل: (وخلق الإنسان ضعيفا)/ و(يكرم الضيف).
3- أحوال المسند والمسند إليه:
نقصد بأحوال المسند والمسند إليه، ما يعرض لهما من ذكر وحذف، وتعريف وتنكير، وتقديم وتأخير، وفصل ووصل، وغير ذلك. وما دام عبد القاهر الجرجاني، هو أول من فصل القول في علم المعاني، وما دام غيره لم يزد عليه، فسيكون حديثنا منصبا على ما أبدعه، فيما يتعلق بأحوال المسند والمسند إليه. وأهم ما نلاحظه في كتاب الدلائل أنه لم يقصد أبدا إلى الحصر والإحصاء، كما فعل البلاغيون من بعده، إذ شغلوا بحصر الأغراض وتقعيدها، من كمنطلق عقلي جاف، بعيد عن الذوق والحس الفني، وإنما كان غرضه من خلال تحليله البارع لنماذج من حذف المسند والمسند إليه، أو ذكره أو تقديمه أو تأخيره، أو تعريفه أو تنكيره، أو وصله أو فصله إلخ.. أن يوضح الغاية من الدرس البلاغي، ويكشف عن أسرار التعبير بهذه الأساليب، ودلالتها الكامنة في خصائصها التركيبية. وفيما يلي نذكر أهم الأحوال الذي يكون عليها المسند والمسند إليه.
4-ذكر وحذف المسند والمسند إليه:
إن ما يمكن أن نسجله هنا، أن عبد القاهر الجرجاني، لم يتحدث عن أسلوب الذكر، وإنما تحدث عن حذف المبتدأ فقط، مكتفيا بذكر موضع واحد عام يطرد فيه حذف المبتدأ، وهو ما يسميه (القطع والاستئناف)، بمعنى البدء في الحديث عن شيء معين، بذكر بعض شؤونه، ثم ترك هذا الشأن المعين، والانتقال إلى شأن آخر، متعلق بنفس الشيء، موضوع البحث، وفي مثل هذه الحالة الغالب أن يحذف المبتدأ في حال الاستئناف، وأن يذكر الخبر بدون مبتدأ. ويقدم عبد القاهر نماذج متنوعة من مثل قول الشاعر:
سأشكر عمرا إن تراخت منيتي أيادي لم تمنن وإن هي جلت
فتى غير محجوب الغنى عن صديقه ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت
بعد أن يحلل هذا البيت، ويوضح القيمة البلاغية، لحذف المبتدأ يقول: (فتأمل هذه الأبيات كلها…وانظر إلى موقعها في نفسك، وإلى ما تجده من اللطف والظرف، إذا أنت مررت بموضع الحذف، ثم تكلف أن ترد ما حذف الشاعر، فإنك تعلم أن الذي قلت، كما قلت، وأن رب حذف، هو الجِيدُ وقاعدة التجويد) (الدلائل:ص: 151).
5 – تقديم وتأخير المسند والمسند إليه:
أ – التقديم والتأخير في الاستفهام إذا كان الفعل ماضيا:
إذا قلت (أفعلت) فبدأت بالمسند إليه، كان الشك في الفعل نفسه، وكان غرضك من استفهامك، أن تعلم وجوده. وإذا قلت (أأنت فعلت)، فبدأت بالاسم، كان الشك في الفاعل من هو، ومثال ذلك أن تقول: (أفرغت من الكتاب الذي كنت تكتبه؟) فأنت في هذه الحال متردد في وجود الفعل وانتفائه، مجوزا أن يكون قد كان، وأن يكون لم يكن. وإذا قلت (أأنت كتبت هذا الكتاب؟) لم تشك في الفعل أنه كان، وإنما شككت في الفاعل من هو. يبين ذلك قوله تعالىأأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم) (الأنبياء: 62). لا شبهة في أنهم كانوا يعلمون بأن الأصنام قد كسرت، وإنما كان الشك في من كسر الأصنام، فكان السؤال منهم مبتدأ بالمسند إليه (أأنت).
ب - التقديم والتأخير في الاستفهام والفعل مضارع :
فإذا قلت: (أتفعل) كان المعنى على أنك أردت أن تنكر الفعل نفسه، وتزعم أنه لا يكون، أو أنه ينبغي ألا يكون، فمثلا تقول لرجل يركب الخطر،(أتخرج في هذا الوقت؟) وإن بدأت بالاسم (المسند إليه) فقلت (أأنت تفعل ؟) كنت وجهت الإنكار إلى نفس المذكور، تفسير ذلك أنك إذا قلت: (أأنت تمنعني؟ ) صرت كمن يقول: إن غيرك الذي يستطيع منعي، والأخذ على يدي ولست أنت.
ج- التقديم والتأخير في النفي:
إذا قلت (ما فعلت) كنت نفيت عنك فعلا، لم يثبت أنه مفعول. وإذا قلت (ما أنا فعلت) كنت نفيت عنك فعلا يثبت أنه مفعول. فإذا قلت (ما ضربت زيدا)،كنت نفيت عنك ضربه، ويجوز أن يكون ضربه غيرك، وأن لا يكون قد ضُرب. أما قولك (ما أنا ضربت زيدا)، لم تقله إلا وزيد مضروب، وكان القصد أن تنفي أن تكون أنت الضارب.
د- تقديم المسند إليه يفيد التنبيه له:
كقولنا: (ضربت عبد الله)، فتقول (عبد الله ضربته)، فنبهت إلى (عبد الله) ثم بنيت عليه الفعل، ورفعته بالابتداء.
يعلق عبد القاهر على هذا التقديم قائلا: (وجملة الأمر، أنه ليس إعلامك الشيء بغتة غفلا، مثل إعلامك له بعد التنبيه عليه، والتقديم له، لأن ذلك يجري مجرى تكريم الإعلام، في التأكيد والأحكام).
6 - تعريف وتنكير المسند والمسند إليه:
أ- تقديم النكرة في الخبر: إذا قلت: (رجل جاءني) فقدمت المسند إليه وأخرت المسند،لم يصلح حتى تريد أن تعلمه، أن الذي جاءك (رجل) لا (امرأة) ويكون كلامك مع من عرف، أنه قد أتاك آت، فإن لم ترد ذلك، كان الواجب أن تقول: (جاءني رجل) فتقدم المسند، أي تخبر عن مجيء رجل.
ب- المسند نكرة أو معرف بالألف واللام: ومن أحوال المسند والمسند إليه، أن تقول: (زيد منطلق)، و(زيد المنطلق)، فيكون لك في كل واحد من هذه الأحوال غرض خاص، وفائدة لا تكون في الباقي. فأنت إذا قلت: (زيد منطلق)، كان كلامك مع من لم يعلم، أن انطلاقا كان، لا من (زيد)، ولا من (عمرو)، فأنت مفيده ذلك ابتداء، وإذا قلت (زيد المنطلق)، كان كلامك مع من عرف أن انطلاقا كان، إما من (زيد) وإما من (عمرو) فأنت تعلمه أنه كان من (زيد) دون غيره.
ج- أحوال المسند والمسند إليه المعرفين:
قد تشتبه الصورة في بعض المسائل من هذا الباب، حتى يظن أن المعرفيتين إذا وقعتا مبدأ وخبرا، لم يختلف المعنى فيهما، بتقديم وتأخير، ومما يوهم ذلك قول النحويين، إذا اجتمع معرفتان كنت بالخيار في جعل أيهما شئت اسما والآخر خبرا، ومما يدل دلالة واضحة على اختلاف المعنى، إذا جئت بمعرفتين، ثم جعلت هذا مبتدأ وهذا خبرا تارة، وتارة العكس ، مثل قولهم (الحبيب أنت) و(أنت الحبيب)، معنى (الحبيب أنت)، أنه لا فصل بينك وبين من تحبه، وأن مثل المتحابين، مثل نفس واحدة، يقتسمها شخصان، وقولنا (أنت الحبيب)، أنك أنت الذي أختصه بالمحبة من بين الناس.
7- الفرق بين الخبر المسند إذا كان بالاسم وإذا كان بالفعل:
وبيانه أننا إذا قلنا (زيد منطلق)، فقد أثبتنا الانطلاقة فعلا له، من غير أن نجعله يتجدد، ويحدث منه شيئا فشيئا، بل يكون المعنى فيه، كالمعنى في قولك، (زيد طويل)، فكما لا تقصد هنا إلى أن تجعل الطول يتجدد ويحدث، بل توجبهما وتثبتهما فقط، كذلك لا تتعرض في قولك: (زيد منطلق) لأكثر من إثباته لزيد، وأما الفعل فإنه يقصد فيه، إلى ذلك، فإذا قلت: (زيد ينطلق) فقد زعمت أن الانطلاق يقع منه جزء فجزء، وجعلته يزاوله ويجزيه. مثال ذلك قوله تعالى: ( وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد) (الكهف: 18) فإن أحدا لا يشك في امتناع الفعل هاهنا، وأن قولنا (كلبهم يبسط ذراعيه) لا يؤدي الغرض، وليس ذلك إلا لأن الفعل يقتضي مزاولة، وتجدد الصفة في الوقت، ويقتضي الاسم ثبوت الصفة وحصولها، من غير أن يكون هنا، مزاولة أو تجزية فعل، ومعنى يحدث شيئا فشيئا. ومثله قوله تعالى: (هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء إلى الأرض) (فاطر: 3).
8 - قصر واستثناء المسند والمسند إليه:
أ- خلو المبتدأ والخبر إذا جاء بعد إنما:
إذا تركت الخبر في موضعه ولم تقدمه على المبتدأ، كان الاختصاص فيه، وإن قدمته على المبتدأ صار الاختصاص الذي كان فيه في المبتدأ، فإذا نظرنا إلى قوله تعالى: (فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب) ( الرعد: 40). وقوله عز وجل: (إنما السبيل على الذين يستأذنونك) (التوبة: 93) فإنك ترى الأمر ظاهرا، أن الاختصاص في الآية الأولى في المبتدأ الذي هو البلاغ والحساب، دون الخبر الذي هو عليك وعلينا، وأنه في الآية الثانية في الخبر، الذي هو ( على الذين ) دون المبتدأ الذي هو السبيل.
ب- حكم المبتدأ والخبر إذا كان (بما) و(إلا).
واعلم أنه إذا كان الكلام (بما) و(إلا) الذي ذكرته من أن الاختصاص يكون في الخبر إن لم تقدمه، وفي المبتدأ إن قدمت الخبر أوضح وأبين، تقول (ما زيد إلا قائم) فيكون المعنى أنك اختصصت (القيام) من بين الأوصاف التي يتوهم كون زيد عليها بجعله صفة له، وتقول: (ما قائم إلا زيد) فيكون المعنى أنك اختصصت (زيدا) بكونه موصوفا بالقيام، فقد قصرت في الأول، الصفة عل الموصوف، وفي الثاني، الموصوف على الصفة.
بمثل هذه المقدرة اللغوية والفنية الفذة، يعالج عبد القاهر أحوال المسند والمسند إليه، موجها كل عنايته واهتمامه إلى إبراز الجوانب البلاغية والقيم الفنية، غير ملق بالا، إلى حصر كل الصور واستيفاء كل الأقسام، خاصة وأن أقسام كل باب وفروعه مما لا يحيط به حصر.
المسند إليه
(المسند إليه): هو الذي يعتمد عليه الفعل وشبهه، فاعلاً أم نائباً، أم غيرهما.
وتعرضه حالات، من ذكر وحذف، وتعريف وتنكير، وتقديم وتأخير، وغيرها.
والاصل ذكر المسند إليه، لتوقّف فهم الكلام عليه، لكنه قد يجوز حذفه لوجود قرينة تدل عليه، وحينئذ فالراجح ذكره لأمور:
1 ـ زيادة التقرير والإيضاح، كقوله تعالى: (اُولئك على هدى من ربّهم واُولئك هم المفلحون)(1) فإن ذكر (اُولئك) لزيادة الايضاح.
2 ـ ضعف القرينة، أو ضعف فهم السامع عن إدراكها، كقوله تعالى: (وما أدراك ما
هيه نار حامية)(2) فإن ذكر (النار) انما هو لاحتمال ضعف القرينة أو ضعف ادراك سامعها.
3 ـ الرد على المخاطب، كقوله تعالى: (إنَّما الله إله واحد)(3) رداً على من زعموا أنه أكثر.
4 ـ التلذّذ بذكر المحبوب، كقوله: (حبيبتي هي بدر، حبيبتي هي شمس...).
5 ـ التعريض بغباوة السامع، كقولك: (زيد قال كذا) في جواب: (ماذا قال زيد)؟.
6 ـ التسجيل على السامع حتى لا يتمكّن من الإنكار، كقولك: (نعم، زيد سرق) في جواب أبيه: (هل زيد ابني سرق)؟
7 ـ التعجّب، فيما كان الحكم عجيباً: كقولك: (علي عليه السلام أخمد نار بدر) في جواب: (هل عليّ عليه السلام أخمد نار بدر)؟
8 ـ التعظيم، كقولك: (جاء أمير المؤمنين) في جواب (هل جاء أمير المؤمنين)؟!
9 ـ الاهانة، كقولك: (جاء السارق) في جواب: (هل جاء السارق)؟
10 ـ بسط الكلام حيث الإصغاء مطلوب، كقوله تعالى: (قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهشّ بها على غنمي..)(4).
حذف المسند إليه
حذف (المسند إليه) خلاف الأصل كما عرفت، لكن إذا كانت هناك قرينة، وكان في حذفه غرض رجّح حذفه، وأهم الأغراض:
1 ـ الإحتراز عن العبث ـ بناءً على الظاهر ـ كقوله: (زيد أتى ثم ذهب) ولم يقل (زيد ذهب).
2 ـ اخفاء الأمر عن الحاضرين غير المخاطب، كقولك: (جاء) في جواب (ما فعل)؟ تريد أحد المجرمين.
3 ـ سهولة الانكار حيث تمس الحاجة إليه، كقولك: (زنديق) حيث يعرفه المخاطب.
4 ـ الحذر من فوات الفرصة، كقولك: (غزال) لتنبيه الصيّاد، فإن قلت: (هذا غزال) فات خلف جبل مثلاً.
5 ـ اختبار تنبه السامع عند القرينة أو مقدار تنبهّه له، كقولك: (خاتم النبييّن) أي (محمدّ صلى الله عليه وآله وسلم).
6 ـ تضجّر المتكلّم بسبب، فلا يحب التطويل، كقوله: (قال لي: كيف أنت؟ قلت: عليل) ولم يقل: (أنا عليل) تضجّراً من علّته.
7 ـ المحافظة على السجع، كقولك: (زيد طاب، ثم آب) ولا تقول: (آب هو).
8 ـ المحافظة على القافية، كقوله:
قد كــــان بــالإحسان أحــرى أحمد لأنـــه فـــي كــل حـــــال يحـــــم
لم يقل: يحمد هو، تحفّظاً على القافية.
9 ـ المحافظة على الوزن، كقوله:
على أنّني راض بأن أحمل الهوى وأخلص منه لا علّـــى ولا ليـــــا
أي: لا شيء عليَّ، فإنه لو ذكره اختلّ الوزن.
10 ـ كون المسند معلوماً معيّناّ، كقوله تعالى: (عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال)(5).
11 ـ اتباع الاستعمال الوارد على تركه، كقولهم: (رمية من غير رام) أي هذه رمية.
12 ـ ايهام حفظه عن لسانك، لانه أجلّ من أن يذكر، كقوله: (صاحب كل منقبة..) يعني محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) أو لأنه لا يليق أن يذكر لخسّته، كقوله تعالى: (صمّ بكم عمي)(6).
13 ـ تكثير الفائدة لكثرة الإحتمالات، كقوله تعالى: (فصبر جميل)(7). أي أمري صبر جميل، أو عملي، أو نحو ذلك.
14 ـ كون المسند معيّناً للعهد به، نحو قوله تعالى: (حتّى توارت بالحجاب)(8) أي الشمس.
ما ينبغي للمسند إليه
(المسند إليه) ينبغي أن يكون معرفة، لأن الكلام إنما يؤتى به للإستفادة، ولا يستفاد من الحكم على النكرة، إلا في ظروف نادرة.
وتعريف (المسند إليه) يكون بالإضمار، والعَلَمية، والإشارة، والموصولية، وال، والإضافة، وقد يعرف بالنداء.
المسند إليه مضمراً
أما تعريف المسند إليه بالإضمار فهو لأغراض أهمّها:
1- كون الحديث في مقام التكلّم، كقوله: (أنا ابن دارة معروفاً بها نسبي...).
2- أو في مقام الخطاب، كقوله: (وأنت الذي في رحمة الله تطمع...).
3- أو في مقام الغيبة، كقوله تعالى: (هو الملك القدّوس السلام...)(9).
ولا بدّ من تقدّم ذكر مرجع الضمير وذلك:
1- إمّا لفظاً، كقوله تعالى: (فاصبروا حتّى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين)(10).
2- وإمّا معنىً، كقوله تعالى: (اعدلوا هو أقرب للتقوى)(11). أي العدل المفهوم من قوله: (اعدلوا).
3- وإمّا حكماً، كقوله تعالى: (ولأبويه لكلّ واحد منهما السدس)(12)أي أبوي الميّت، المفهوم من السياق.
ثم أن الأصل في الخطاب أن يكون لمعيّن مشاهد.
وقد يأتي لغير المعيّن إذا قصد التعميم، كقوله تعالى: (ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربّهم)(13).
كما أنه قد يأتي لغير المشاهد، إذا نزّل منزلته، نحو (لا اله إلا أنت)(14) لكون الله تعالى مع كل أحد.
تأخير مرجع الضمير أو حذفه
وربما يترك ذكر مرجع ضمير الغائب مقدماً عليه، فيؤخّر المرجع، أو لا يذكر أصلاً، لاغراض أهمّها:
1- ارادة تمكين الكلام فـــي ذهن السامـــع، لانه إذا سمع الضميـــر تشوّق إلى معرفة مرجعه، كقوله تعالى: (قل هو الله أحد)(15).
2- ادّعاء حضور مرجع الضمير في الذهن، فلا يحتاج إلى ذكر مرجعه، كقوله: (ذكرتني والليل مرخى الستور...) أي المحبوبة.
وهذا القسم من الكلام يسمّى: بـ (الإضمار في مقام الإظهار).
وقد يعكس الكلام فيوضع الظاهر مقام المضمر ويسمّى بـ: (الإظهار في مقام الإضمار) وذلك لاغراض أهمّها:
1 - القاء المهابة في ذهن السامع، كقول الوالي: (الامير يأمر بكذا).
2 - تمكين المعنى في نفس المخاطب، كقوله: (هو ربّي وليس ندّ لربّي...).
3 - التلذّذ بالتكرار، كقوله:
(أمّر على الديار ديار ليلى)..
إلى:
(وما حبّ الديار شغفن قلبي).
4 - اثارة الحسرة والحزن، كقوله:
قـــد فـارقتني زوجتي فـراقاً وزوجتي لا تبتغي الطلاقا
5 - الاستعطاف، كقوله: (إلهي عبدك العاصي أتاكا...) لم يقل: (أنا).
المسند إليه علماً
وأما تعريف المسند إليه بالعلمية فهو ليمتاز عما عداه باسمه الخاص، قال تعالى: (الله ولي الذين آمنوا)(16).
وقد يعرض له اضافة إلى امتيازه وجه مرجّح آخر، وأهم الوجوه:
1 ـ المدح، فيما إذا كان الاسم مشعراً بذلك، قال تعالى: (محمّد رسول الله )(17).
2 ـ الذمّ والإهانة، قال تعالى: (وقال الشيطان لمّا قضي الأمر)(18).
3 ـ التفأل كقوله: (جاء سعد فاتبعته سعود...).
4 ـ التشاؤم، كقوله: (وإذ أتت شوهاء نحوك فاستعذ...).
5 ـ التبرّك، بذكره، كقوله: (فليحكم القرآن في أبنائنا).
6 ـ التلذّذ باسمه، كقوله:
تالله ياظبيــات القــاع قلن لنا ليلاي منكنّ أم ليلى من البشر
7 ـ الكناية عن ذمّ يصلح العَلَم له، لكون المراد كان معنى هذا اللفظ قبل وضعه علماً، كقوله: (وابر الحتوف إذا تعرّض نحوهم...) كناية عن الحتف المتوجّه إليهم.
8 ـ التسجيل على السامع لئلا ينكر، كقوله: (أفهل علمت بأن أحمد قد أتى)؟
9 ـ طلب الإقرار بصريح الاسم، كقوله: ( قل: هل دريت بأن يوسف حاكم)؟
المسند إليه معرفاً بالإشارة
وأما تعريف المسند إليه باسم الإشارة فهو لأمور:
1 ـ أن لا يكون طريق لا حضاره إلا باسم الإشارة، لجهل السامع باسمه وبصفاته، كقوله: (جاءني هذا) مشيراً إلى زيد، حيث لا يمكنك احضاره باسمه أو صفته في ذهن المخاطب.
2 ـ بيان حاله في القرب، قال تعالى: (هذه جهنم التي كنتم توعدون)(19).
3 ـ بيان حاله في التوسّط، كقوله: (ذاك شيخي ومرجعي وعمادي...).
4 ـ بيان حاله في البعد، قال تعالى: (ذلك يوم الخروج)(20).
5 ـ تعظيمه بالقرب، قال تعالى: (إنَّ هذا القرآن يهدي للّتي هي أقوم)(21).
6 ـ تعظيمه بالبُعد، كقوله: (ذلك الكتاب لا ريب فيه)(22).
7 ـ تحقيره بالقرب، قال تعالى: (لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها)؟(23).
8 ـ تحقيره بالبُعد، قال تعالى: (فذلك الّذي يدعُّ اليتيم)(24).
9 ـ اظهار الاستغراب كقوله:
كم عـاقل عــاقل اعيت مـذاهبه وجـــاهل جــاهل تلقـاه مرزوقــا
هذا الــذي ترك الأوهام حـائرة وصيّر الــعالم النحر ير زنـديـقاً(25) 10 - تمييز المشار إليه أحسن تمييز، كقوله:
هـذا الّـذي أحمد المختار والده بــجدّه أنــبياء اللــه قــد ختمــوا
11 - التعريض بغباوة المخاطب ايماءاً إلى أنه لا يعرف إلا المحسوس، كقوله:
أولئك آبــائي فــجئني بـمثلهم إذا جــمعتنا يــا جــريـر المجامع
12 - افادة أن المشار اليه حقيق بما يذكر له من الاوصاف، قال تعالى:
(اُولءك على هُدىّ من ربِّهم واُلئك هم المفلحون)(26). بعد ذكر انهم (يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة وممّا رزقناهم ينفقون...)(27).
المسند إليه موصولاً
وأمّا تعريف المسند إليه بالموصول فهو لأمور:
1 - أن لا يكون طريق لإحضاره في ذهن المخاطب إلا بإتيانه موصولاً، كقولك: (الذي هاجم الاعداء كان مقداماً) إذا لم يعرف المخاطب أي شيء منه، وكذا اذا لم يعرف اسمه المتكلّم.
2 - التشويق لكون مضمون الصلة أمراً غريباً، كقوله:
والذي حارت البريّة فيه حيوان مستحدث من جماد
3 - التنبيه على خطأ المخاطب، قال تعالى: (إنّ الذين تدعونَ من دون الله عباد أمثالكم)(28).
4 - التنبيه على خطأ غير المخاطب، كقوله:
مــن أخذوه جـوشنـاً مـن شـرّ الاعـداء لهم
5 - ارادة اخفاء المسند اليه بخصوصياته، كقوله:
مـا حـدث فـي دارنـا ليست عن الصبر أمرّ
6 - تعظيم شأن المسند اليه، كقوله:
انّ الذي سمك السماء بنى لنا بيتاً دعــائمـه أعــزّ وأطول
7 ـ التهويل، قال تعالى: (فغشيهم من اليمّ ما غشيهم)(29)
8 ـ استهجان التصريح بالإسم، قال تعالى: (وراودته الّتي هو في بيتها عن نفسه)(30).
9 ـ الاشارة إلى النحو الذي يبنى عليه الخبر، من خير وشرّ، ومدح وقدح، قال تعالى: (والّذين آمنوا واتّبعتهم ذريّتهم بايمان ألحقنا بهم ذرّيتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء)(31).
10 ـ التوبيخ، كقوله:
افيقوا أمن كـان يـحسن دائـماً إليكم؟ فهل هذا جزاء المفضل؟
11- الاستغراق، كقوله: (الّذين يزورونك أكرمهم).
12- الإبهام، قال تعالى: (علمت نفس ما قدَّمتْ وأخرتْ)(32).
المسند إليه مضافاً
وأمّا تعريف المسند إليه بالإضافة فهو لأمور:
1 ـ أنه أخصر طريق لإحضاره في ذهن المخاطب، كقوله: (زرتُ والدك)؟
2 ـ تعذّر التعداد، كقوله تعالى: (كلّ من عليها فان...)(33).
3 ـ تعسّر التعداد، كقوله: (زارني أصدقائي) لمن أصدقاؤه كثيرون.
4 ـ الخروج عن تبعة تقديم بعض على بعض، كقوله: (جاء أمراء الجيش).
5 ـ تعظيم المضاف، كقوله: (خادم السلطان يبغي مطلباً) تعظيماً للخادم بأنه خادم السلطان.
6 ـ تعظيم المضاف اليه، كقوله:
إذا ما رأيت الكسائي فقل صنيعك أضحى أمير البلاد
تعظيماً للكسائي بأن صنيعه صار أميراً.
7 ـ تعظيم غيرهما نحو: (أخو السلطان صهري) تعظيماً للمتكلّم بأن أخ السلطان صهره..
8 ـ تحقير المضاف، نحو: (ابن الجَبان حاضر).
9 ـ تحقير المضاف اليه، نحو: (عبد زيد خائن).
10 ـ تحقير غيرهما، نحو: (أخو اللصّ عندك).
11 ـ الإختصار لضيق المقام، كقوله: ( هواي من الركب اليمانين مصعد) فلفظ (هواي) أخصر من (الذي أهواه).
12 ـ الإستهزاء، كقوله: (علمك النافع لاعلم جميع العلماء).
المسند إليه معرّفاً باللام
وأمّا تعريف المسند إليه بـ (أل) سَواء العهدية أم الجنسية، فلأغراض:
أما (ال) العهدية، فإنها تدخل على المسند إليه للإشارة الى معهود لدى المخاطب، والعهد على ثلاثة أقسام:
1 ـ العهد الذكري، وهو ما تقدم فيه ذكر المسند إليه صريحاً، قال تعالى: (كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول)(34) فإن (الرسول) تقدّم ذكره صريحاً، لكن المثال ليس للمسند إليه، إذ الرسول مفعول في المقام، وانما المثال المطابق قوله:
أتاني شخصاً لابساً ثـوب سؤدد وما الشخص إلا من كرام الأقارب
2 ـ العهد الذهني، وهو ما تقدم فيه ذكر المسند إليه تلويحاً، قال تعالى: (وليس الذكر كالأنثى)(35) فإنه لم يسبق ذكر (الذكر) صريحاً، وإنّما اشير اليه في قوله: (ربّ اني نذرت لك ما في بطني محرّراً)(36) فإنّ (ما) يراد منه الذكر، لانه القابل لخدمة المسجد.
3 ـ العهد الحضوري، وهو ما كان المسند إليه حاضراً بذاته، قال تعالى: (اليومَ أكملت لكم دينكم)(37) فإن (اليوم) وهو يوم الغدير ـ الذي أكمل الله تعالى دينه بولاية أمير االمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ـ كان حاضراً، ومثله ما بمنزلة الحاضر، نحو: هل انعقد المجلس؟ فيما كان المجلس في شرف الانعقاد.
وأما (ال) الجنسية فإنها تدخل على المسند إليه لبيان الحقيقة، وهي على أربعة أقسام:
1 ـ لام الجنس، وهي ت دخل على الأجناس، للإشارة الى الحقيقة، من دون نظر إلى العموم والخصوص، نحو (الانسان حيوان ناطق) فإن المراد أن هذا الجنس متّصف بكونه حيواناً ناطقاً.
2 ـ لام الحقيقة، وهي تدخل على الاجناس، للإشارة إلى فرد مبهم، قال تعالى: (وأخاف أن يأكله الذئب)(38) فالمقصود: فرد من الذئب، ويعامل مع مدخولها معاملة النكرة، لكونه بمعناها.
3 ـ لام الاستغراق الحقيقي، وهي تدخل على الاجناس، للإشارة الى عمومها لكل فرد صالح لان يكون داخلاً في الجنس ـ بحسب اللغة ـ قال تعالى: (عالم الغيب والشهادة)(39) أي كلّ غيب وكلّ شهادة.
4 ـ لام الاستغراق العرفي، وهي تدخل على الاجناس، للإشارة إلى عمومها لجميع الافراد، لكن عرفاً لا حقيقة، نحو: (جمع الامير الصاغة) فإن المراد صاغة بلده أو مملكته لا صاغة الدنيا.
واعلم أن بعض هذه الامثلة ليست مما نحن فيه، وانما المقصود أصل المثال، لا كونه في المسند اليه.
المسند اليه معرّفاً بالنداء
وأما تعريف المسند إليه بحرف النداء فهو لاغراض:
1- إذا لم يعرف المتكلّم للمخاطب عنواناً خاصاً، نحو: (يا رجل).
2 ـ إذا اريد اغراء المخاطب لامر، نحو (يا فقير) و(يا مظلوم) و(يا شجاع) إذا أريد رغبته في طلب الغنى، أو اثارته على الظالم، أو تشجيعه على اقتحام المصاعب.
3 ـ اذا أريد الاشارة الى وجه النداء، نحو: (يا قاضي الحاجات، اقض حاجتي).
4 ـ التحقير، نحو: (يا رجل عافاك الله).
تنكير المسند إليه
سبق أنّه ينبغي أن يكون المسند إليه معرفة، ولكن قد يؤتى به نكرة لاغراض:
1 - اذا لم يعلم المتكلم بجهة من جهات التعريف، حقيقة أو ادعاءاً، كقوله: (جاء رجل يسأل عنك).
2 - إخفاء الامر كقوله: (اتّهمك رجل) يخفي اسمه حتى لايكون شغباً.
3 - قصد الافراد، قال تعالى: (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى) أي: رجل واحد
4 - قصد النوعيّة، نحو: (لكل داء دواء).
5 ـ التعظيم، قال تعالى: (وعلى أبصارهم غشاوة)(40) أي: غشاوة عظيمة.
6 ـ التحقير، قال تعالى: (ولئن مسّتهم نفحة من عذاب ربّك)(41).
7 ـ التكثير، قال تعالى: (وإن يكذّبوك فقد كذّبت رسل من قبلك)(42).
8 ـ التقليل، قال تعالى: (ورضوان من الله أكبر) أي: رضوان قليل أكبر من نعيم الجنّة ـ على بعض التفاسيرـ.
تقديم المسند اليه
الاصل في (المسند إليه) التقديم، لأنه محمكوم عليه والحكم مؤخّر، وقد يرجّح تقديمه ـ علاوة على ذلك ـ لاغراض أهمها:
1 ـ تعجيل المسرّة، كقوله: (عطاؤك ممنوح ورزقك مضمون).
2 ـ تعجيل المسائة، كقوله: (السجن موطنه والقبر عاقبته).
3 ـ التشويق إلى الخبر إذا كان المبتدأ غريباً، كقوله:
والذي حـارت الـبريّة فيه حيوان مستحدث من جماد
4 ـ التلذّذ بالمسند إليه، كقوله: (حبيبي شمس للمعالي وزورق...).
5 ـ التبرّك بالتقديم، كقوله: (محمّد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم رسول حقّ...).
6 ـ كون المقدم محلّ الإنكار، كقوله: (لعب وشيب، انّ ذا لعجيب)؟!
7 ـ التدرّج في الحسن أو القبح أو ما شاكلهما، كقوله: (أصحيح ومفصح وبليغ)؟ فالصحّة مقدّمة على الفصاحة، وهي على البلاغة.
وقوله: (نظرة فابتسامة فسلام...).
وقوله: (نواة ثم زرع ثم نخل...).
8 ـ مراعاة الترتيب الوجودي، قال تعالى: (لا تأخذه سنة ولا نوم)(43).
9 ـ النص على مقدار النفي، وإنه جميع الأفراد أو بعضها، لأنه:
اذا كان المنفي جميع الافراد، قدموا أداة العموم على أداة النفي، فيقال:
(كل صدوق لا يكذب) ويسمى هذا بـ: (عموم السلب).
وإذا كان المنفي بعض الأفراد، قدموا أداة السلب على أداة العموم، فيقال:
(ما كل سوداء تمرة) ويسمى هذا بـ: (سلب العموم).
نعم هذه القاعدة غير مطردة، قال تعالى: (إن الله لا يحب كل مختال فخور)(44). والمراد عموم السلب.
10- افادة التخصيص إذا كان المسند مسبوقاً بنفي وكان المسند فعلاً، نحو: (ما أنا قلت هذا) والمراد: إني لم أقل، لكن غيري قال، فالنفي مختص بالمتكلم.
المسند: تعريفه وعوارضه
(المسند): هو المحكوم به، فعلاً كان، أم خبراً، أم نحوهما.
ويعرضه الذكر والحذف، والتعريف والتنكير، والتقديم والتأخير، وغيرها.
ذكر المسند وحذفه
أما ذكره فلاغراض، أهمها:
1 ـ كونه الاصلي ولا داعي للعدول عنه، قال تعالى: (الله خير أما يشركون)(1).
2 ـ اذا ضعف التعويل على دلالة القرينة فيجب الذكر، كقوله: (خير مال المرء ما أنفقه...).
3 ـ ضعف تنبه السامع، نحو: (زيدٌ قائم وعمرو قائم).
4 ـ الردّ على المخاطب، فيكون الذكر أحسن، قال تعالى حكاية عن منكر البعث: (مَن يُحيي العظام وهي رميم)(2)؟! فردّه الله تعالى: (قل يحييها الّذي أنشأها أوَّلَ مرّةٍ) (3).
5 ـ افادة التجدّد بإتيان الفعل، كقوله: (يحمد الله كل عبد فقيه...).
6 ـ افادة الثبوت والدوام بإتيان الاسم، قال تعالى: (عالم الغيب والشهادة...)(4).
وأمّا حذفه فلأمور، أهمّها:
1 ـ الإحتراز عن العبث، لقرينة مذكورة، قال تعالى: (إنَّ الله بريءٌ من المشركين ورسوله)(5) أي رسوله بريءٌ أيضاً.
2 ـ الاحتراز عن العبث، لقرينة مقدّرة، كما لو قيل لك: (ما صنع بالكبش؟) فتقول: (الكبش) ـ مع الاشارة اليه ـ مذبوحاً، فإنّ المراد: ذُبح الكبش.
3 ـ ضيق المقام عن الاطالة، كقوله:
نحن بما عندنا وأنت بــما عندك راض والرأي مختلف
أي: نحن بما عندنا راضون.
4 ـ اتباع الإستعمال الوارد، قال تعالى: (لولا أنتم لكنّا مؤمنين)(6) أي: لولا أنتم موجودون.
تعريف المسند وتنكيره
وأمّا تعريفه فلأمور:
1 ـ إفادة السامع حكماً معلوماً على أمر معلوم، وذلك يفيد النسبة المجهولة، فمن عرف زيداً بشخصه، وعرف أنّ له صديقاً، ولكن لم يعرف أنّ زيداً هو صديقه، قيل له: (زيد صديقك) وهذا يفيد النسبة، وإن لم يفد الخير ـ لكونه معلوماً -.
2 ـ قصر المسند على المسند إليه حقيقة، كقوله: (عليّ عليه السلام أمير المؤمنين صريحة...).
3 ـ قصر المسند على المسند إليه ادّعاءً، كقوله: (وأخو كليب عالم الانساب...).
وأمّا تنكيره، فلأنّ الاصل في المسند أن يكون نكرة، لإفادة العلم بشيء مجهول، لكن قد يرجّحها أمور:
1 ـ ارداة عدم العهد والحصر، كقوله: (مجاهد عبد، وسلمى أمة...).
2 ـ ارادة التفخيم، قال تعالى: (هدىً للمتَّقين)(7) بناءً على كونه خبراً.
3 ـ ارادة التحقير، كقوله: (وما هندة شيئاً، ولكن رجالها...).
4 ـ اتباع المسند اليه في التنكير، كقوله: (رجل عالم وآخر فقيه...).
تقديم المسند وتأخيره
وأمّا تأخيره عن المسند إليه، فلأنّ الاصل في المسند التأخير، لانه حكم على شيء، والمحكوم عليه مقدم طبعاً.
لكن قد يتقدّم لأمور:
1 ـ كونه عاملاً نحو: (جاء زيد).
2 ـ كونه ممّا له الصدارة في الكلام نحو: (أين زيد؟).
3 ـ التخصيص بالمسند اليه، قال تعالى: (ولله ملك السموات والأرض)(8).
4 ـ التنبيه على أنه خبر لا صفة ـ من بدء الكلام ـ كقوله يصف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
لــــه هــمم لامــنتهى لكبارهـا وهمّتـــه الصغرى أجــلّ مـن الدهر
له راحة لو انّ معشار جودها على البرّ كان البــرّ أندى من البحر
فلو قال: (همم له) أو (راحة له) توهم بادي الامر انّ (همم) أو (راحة) صفة.
5 ـ التشويق للمتأخّر، إذا كان المقدّم مشوّقاً له، قال تعالى: (إنَّ في خلق السموات والارض واختلاف اللَّيل والنهار لآيات لأولي الألباب)(9).
6 ـ التفؤّل، كقوله:
سعدت بغرّة وجهك الايام وتــزيّنت بلقــائك الأعوام
7 ـ التطيّر، كقوله: (شاهت بلقياك الوجوه وإنّما...).
8 ـ قصر المسند إليه على المسند، قال تعالى: (لكم دينكم ولي دين)(10). أي دينكم مقصور عليكم وديني مقصور عليّ.
9 ـ المساءة، كقوله:
ومن نكد الدنيا على الحرّ أن يرى عدواً لــه ما مـن صــداقته بـدّ
10 ـ تعجيل التعجّب، أو التعظيم، أو المدح، أو الذمّ، أو الترحّم، أو الدعاء، أو الإغراء، أو المسرّة، أو ما أشبه ذلك.
كقوله: (ومعجب كل فتى بوالده...).
وقوله: (عظيم أنت يا ربّ الفصاحة...).
وقوله: (كريم علاء الدين عند الملمات...).
وقوله: (بئس أخو القوم الذي أن يحضر...).
وقوله: (ومسكين أبوه لدى المجاعة...).
وقوله: (بخير رجعت من السفر...).
وقوله: (أسير العدل أنت أبا ظليم...).
وقوله: (لله درّك).
أقسام المسند
المسند إما مفرد وإمّا جملة، والمفرد على قسمين:
1 ـ فعل، نحو: (قام زيد).
2 ـ اسم، نحو: (زيد أسد).
والجملة على ثلاثة أقسام:
1 ـ اسمية، نحو: (زيد أبوه منطلق).
2 ـ فعلية، نحو: (زيد يصلّي).
3 ـ ظرفية، إما جاراً أو مجروراً، نحو: (محمد في الدار)، أو لا، نحو: (عليّ عندك).
أقسام الجملة
ثم ان الجملة على ثلاثة أقسام:
1 ـ السببية، وهي ما تكون من متعلقات المسند إليه، نحو: (حسين انتصر ابنه).
2 ـ المؤكدة، وهي ما تكون مؤكدة للحكم، نحو: (جعفر يفقه) لتكرر الإسناد.
3 ـ المخصصة، وهي ما تكون مخصصة للحكم بالمسند إليه، نحو: (أنا سعيتُ في حاجتك) أي: الساعي فيها أنا وحدي لا غير.
تقسيم المسند
ثم المسند إما جامد وإمّا مشتق:
1 ـ فالجامد، هو الذي لايؤوّل بالمشتق، ولايكون مشتقّاً، نحو: (فارقليطا اسم).
2 ـ والمشتق، نحو: (حسان شاعر)، ويلحق به المؤوّل، نحو: (جعفر أسد) أي شجاع.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
اظن ان
من لا يشكر الناس لا يشكر الله
فهذه كلمة شكر قليلة في حق اخوانا الكرام
لا أعرف كيف يمكن للكلمات أن تعبر عما يجول بنفسي
أعجز عن التعبير ولكن أقدم فائق الشكر والتقدير لأخوانا الكرام
تتهافت الحروف بكلماتها لتجسد الكلمات أجمل عبارات الشكر والثناء
إن الكلمات لتقف عاجزة والعبارات تائهة بل والأفكار قاصرة
حينما أريد أن أقدم لك شكري وأخواننا
تكون سطور الشكر في غاية الصعوبة عند الصياغة
ربما لأنها تشعرنا دوما بقصورها وعدم إيفائها حق من نهديهم هذه الأسطر
واليوم تقف أمامي الصعوبة ذاتها
يقف قلمي وقلبي وأنا قبلهم احتراما وتقديرا وامتنانا لكم يا اخوانا الكرلم
ولروعة اخلاققم وتميزكم الملحوظ وحضورك الراقي وجهودكم العظيمة
اشكركم من أعماق قلبي
على كل ما تبذله من أجل المنتدى
لكم مني أجمل باقات الورد التي تفوح بعطر الأقحوان
ربي ما يحرمنا منكم فأنتم فخر المنتدى
لك شكري وعظيم امتناني وتقديري واحترامي
=========
>>>> الرد الثاني :
شكرا لك اخي على المعلومات.
=========
>>>> الرد الثالث :
انا هنا لمساعدتكم......................................... .................................................. .................................................. ...............
=========
>>>> الرد الرابع :
=========
>>>> الرد الخامس :
=========