عنوان الموضوع : مقولتين في الادراك وفي التخيّل..للشرح و المناقشة لتحضير البكالوريا
مقدم من طرف منتديات العندليب
قال غاستون باشلار: "إنّ الطريقة التي نتخيّل فيها هي في الغالب أكثر تعليمًا من الأمور التي نتخيّلها"
أ- إشرح الأفكار الواردة في هذا النصّ حول الخيال الخلاّق، مبيّنًا إشكاليته.
ب- ناقش هذه الأفكار إنطلاقًا من أنّ للخيال دور سلبي قد يؤدّيه في حياة الإنسان.
ج- إنطلاقًا من هذا القول، ما هي نظرتك إلى الخيال الموجود فيك؟ كيف تستفيد منه؟
عناصر الإجابة
-المقدمة:
• إذا كان الإدراك بجوهره هو القدرة على اكتشاف العالم الواقعي، وكانت الذاكرة هي القدرة على استعادة الماضي كماضٍ، فالخيال هو توجّه نحو المستقبل، وهو تحرر من الواقع وتعبير عن حاجة الإنسان الملحّة إلى الإستقلال. فهو يدعونا إلى إعادة خلق العالم كما نريد، من خلال إبداع صور جديدة تحمل رؤيتنا ومعاناتنا، وأحلامنا.
•وقد ركّز باشلار في قوله " إنّ الطريقة التي نتخيّل فيها هي في الغالب أكثر تعليمًا من الأمور التي نتخيّلها" على طريقة الخيال أكثر منه على التخيلات بحدّ ذاتها.
الإشكالية:
•فعلامَ تقوم هذه الطريقة في الخيال؟ وكيف يكون هذا الخيال خلاقًا ومعلّمًا؟ وهل نستطيع أن نعتبر كلّ أشكال الخيال هي من الخيالات الخلاّقة المعلّمة؟
الشرح:
•إنّ الأشكال العليا للخيال تعبّر عن نفسها أفضل تعبير في الإبتكار والخلق، في المجالات العلميّة والفنيّة ويعتبرها باشلار نقيدًا للخيال الليلي ذي القيمة السلبيّة أو الدونيّة، فالخيال الخلاّق يتكوّن بفعل عوامل متعدّدة منها عاطفية ومنها ثقافية إجتماعية ومنها عقليّة.
•العوامل العاطفية: وهي تلعب دورًا أكيدًا في المجال الفنّي وتساهم في إبداع الأعمال الفنيّة، كاللوحة والمعزوفات والقصائد... وكذلك تلعب دورًا في المجال العلمي: فالإنسان يندفع إلى البحث العلمي بفعل رغبته أو حاجته لتحقيق مشروع أو إكتشاف يحقّق أهدافه: إنّ حاجة الإنسان للطيران وحلمه به إنتهى إلى تحقيقه لهذا المشروع العلمي والتقني، والحاجة الملحّة إلى معالجة الإلتهاب الناتجة عن جروح الحرب العالمية الأولى أدّت إلى اكتشاف البنيسلين على يد فلمينغ.
• العوامل الثقافية الإجتماعية: إنّ تحصيل ثقافة العصر، شرط اساسي لنمو الخيال الخلاّق في المجال العلمي والفنّي، إذ يستحيل على الباحث أن يبتكر أو يكتشف شيئًا لا علاقة له بثقافة عصره، فالأدوات الكهربائية تمّ اختراعها بعد اختراع الكهرباء كطاقة وليس قبلها. وكذلك في الفنّ، يبدأ الفنّان بتقليد الفنّانين السابقين، وبعد ذلك، يبتكر أسلوبه الخاص وأعماله الخاصّة.
•العوامل العقليّة: وتتمثّل في القدرة العقليّة والإعداد العلمي أو الفنّي الذي يهيِّء الإنسان للبحث وللإبتكار فالخيال الخلاّق مشروط ليس فقط بالإعداد النظري إنّما أيضًا بالبحث المتواصل الذي يتكلّل أخيرًا بالإكتشاف، كان إديسون يقول: "إنّ الإختراع يتطلّب عشرة بالمئة من الإلهام و تسعين بالمئة من التعب في البحث.
•آلية الإبتكار: إنّ الإختراع هو تفكيك لمفاهيم قديمة وبناء لمفاهيم جديدة. في مرحلة أولى يقوم عقل الباحث برفض وتفكيك المفاهيم القائمة من خلال ملاحظته للأخطاء الموجودة فيها وتناقدها مع الواقع العلمي وفي مرحلةٍ لاحقة يبتكر تفسيرًا جديدًا بديلاً للتفسير القديم مرتكزًا على الخيال الخلاّق أو الإلهام من جهة، وعلى إعداده المنهجي من جهة ثانية أي أنّ الحلّ الجديد المطروح ينتج عن التفاعل بين الإلهام والمنهجية والتجربة. الحقيقة العلمية ليست نهائية بل نسبيّة والفكر النقدي هو الفكر الذي يتجاوز ما هو قائم ليمهّد لإبتكار جديد.
-المناقشة:
•غير أنّ بعض الفلاسفة والعلماء أظهروا دورًا سلبيًا للخيال يؤثّر على حياة الإنسان ويحوّلها من حياة سوية إلى أخرى غير سوية.
•الخيال الشارد (غير المراقب): يتمثّل في الحلم الليلي وأوهام المريض النفسي؛ ففي هذا الوضع، ليس للإنسان أي قدرة على توجيه خياله فهو، يخلط أوّلاً بين الخيال والواقع ولا يستطيع ثانيًا أن يفهم العلاقة بين مسلسل التصورات واللوحات التي يتخيّلها، فهي تتوالى بطريقة غير منطقيّة وغير واضحة وغير مفيدة للإنسان. بل تكون ذات خطورة عند المريض النفسي.
•الخيال عند الأولاد: الولد أيضًا يخلط بين الواقع والخيال، فيهوى القصص الخياليّة التي تروي أحداث تحصل بين شخصيّات وهميّة تكون لها معاني تعكس إهتماماته النفسية في هذه المرحلة من العمر. فمن الطبيعي أن يكون خيال الولد متأثرًا بهذه المواضيع الأسطورية أو الخرافات لكن من الطبيعي أيضًا أن يتجاوزها مع تطوَر ونموّه العقلي.
•أحلام اليقظة: إنّ أحلام اليقظة هي تخيّلات يتوجّه إليها وعي الإنسان في حياته اليومية وهي تتميّز عن أحلام الليل بأنّها نسبيًّا إرادية، وتتسلسل في شكل متماسك نوعًا ما لكنّها بالمقابل تخفّف كثيرًا من وعي الإنسان لمحيطه المباشر فتؤدّي إلى تشتّت ذهنه وغياب انتباهه فيفشل بالتكيّف مع ظروفه الحاضرة وإذا ما استغرق الإنسان في هذه الأحلام، فقد يؤدّي ذلك إلى فشل في التكيّف مع المحيط وإستبدال تدريجي للعالم الواقعي بالعالم الخيالي، وهذا ما يشكّل قيمة سلبيّة للخيال.
(خاتمة )
•إنّ الخيال ليس وظيفة مستقلّة جامدة ومنفصلة عن الشخصية التي يرتبط بها. الخيال هو وظيفة ديناميّة فاعلة تعبّلا عن وعي الإنسان وعن بنيته النفسيّة بشكلٍ عام. في غياب التطوّر العقلي والنموّ النفسي يبقى الخيال مؤدّيًا لدور سلبي أو دوني فيقتصر على وظائفه الطبيعيّة في الأحلام الليليّة أو في الأوهام المرافقة للإضطرابات النفسية.
•أمّا إذا توصّل الإنسان إلى تحقيق نمو عقلي ونضوج عاطفي وانفتاح ثقافي، عندها يقوم الخيال بأداء وظائفه الخلاّقة.
قال آلان: "ويُؤَيد عموماً أنّ اللمس هو الذي يعلّمنا، من خلال إستنتاجات نقية وبسيطة، ومن دون أي تفسيرات. لكن الواقع يختلف عن ذلك، فأنا لا ألمس هذا النرد (زهر الطاولة) المكعّب، كلا. ولكن أنا ألمس مجموعة من الحوافي والزوايا والأسطح الصلبة والناعمة، وعندما اجمع كل هذه الإحساسات بشكلٍ واحدٍ في عقلي، أحكم بأنّ هذا الغرض المُدرك هو مكعّب."
أ- إشرح هذا النص مبيّنًا الإشكالية التي يطرحها.
ب- ناقش هذا النصّ إنطلاقًا من النظرية الغشطالتية التي تفسّر عملية الإدراك الحسي بشكل مختلف.
ج- هل ترى أنّ الإدراك الحسّي هو نتيجة تفاعل بين الذات والموضوع؟ علّل ما تذهب إليه.
عناصر الإجابة
المقدمة:
- يتحرك الوعي البشري في الابعاد الزمانية الثلاثة:فهو يدرك الحاضر ويتذكر الماضي ويتخيل المستقبل ؛الا ان المدخل الاول الى معرفة العالم الخارجي هو الادراك الحسي.
- فكيف نفسّر هذا الإدراك الحسّي؟ وما هي النظريات التي تختلف مع نظرة آلان للأمور؟
الشرح:
يقول آلآن اننا عندما ننظر الى مكعب نرى فقط عددا من وجوهه واضلاعه الا اننا نحكم بانه مكعب ،هذا الادراك يتأتى عن حكم يعتمد على معرفة سابقة ،فإننا ندرك عبر بعض المحسوس المحسوس كله من خلال معرفتنا وذكرياتنا السابقة .وتظيف الادراكات مجموعة من الذكريات والتداعيات والاحكام فتنعكس فيها تجاربنا وثقافتنا ومعرفتنا ومعتقداتنا. ولما كان الادراك حسب العقلانيين مجموعة احكام فإن اوهام الحواس ذاتها صارت عبارة عن احكام مغلوطة .لنأخذ مثلا ظاهرةثبات اللون فاننا ندرك لون الشيء بما سبق الى معرفتنا به .
- العقل يقوم بدور رئيسي في عملية الادراك الحسي من خلال تحويل الأحاسيس الداخلية أو الانطباعات الحسيّة التي وصلت إلى الدماغ إلى اشارات أو رموز تمثل مواضيع خارجيّة واقعية، من خلال تقدير المسافة التي هي بحدّ ذاتها مفهوم عقلي (وهي الفراغ ألفاصل بيننا وبين الموضوع الحسي )
- يتأكّد أيضاً دور العقل من خلال تفسير معاني الانطباعات الحسية، إستناداً إلى معارف سابقة. فالادراك الحسي لا ينحصر فقط بالانطباعات الحسيّة التي تعتبر جزئيّة بل يستند إلى تجارب ومعارف سابقة يكمِل بها هذه الانطباعات ويفسّرها. مثلاً:عندما ننظر إلى مبنى ونقول أنّه سكني، إنّنا لا نرى السكان ولا كلّ جوانب البناء، لكنّنا استندنا إلى معارفنا السابقة لتفسير الانطباعات الحسيّة الجزئيّة الظاهرة لتحديد المعنى الكامل. مثلاً:هناك فرق بين إدراك شاب مهتم بالسيارات و إدراك رجل عجوز متقدّم في السن (أو شاب غير مهتم بالسيارات) لسيارة متوقفة أمامهما، فالعجوز يدرك سيارة فقط أمّا الشاب فيدرك نوعها وطرازها وقوّة محرّكها ....
المناقشة:
لا بدّ من الاعتراف بدور مهم للمعارف والتجارب السابقة في الادراك الحسّي، لكنّ هذه النظرية لم تستطع إثبات الفصل بين الإنطباعات الحسية ودور العقل في معالجتها، إذ أنّ الانسان لا يستطيع أن يميّز بينهما في الواقع، وبالتالي تكون هذه النظرية مستندة إلى افتراضات أكثر ممّا هي مستندة إلى وقائع.
- شرحت هذه النظرية الإدراك الحسّي وكأنّه وظيفة عقليّة خاصة بالإنسان الراشد، ولذلك يصعب تطبيقها على إدراك الأطفال الّذين لا يملكون عقلاً ناضجًا يحكمون بواسطته على الإنطباعات الحسيّة المفترضة.
- كذلك لم تشرح هذه النظرية كيفيّة إدراك المواضيع الجديدة التي لا نملك عنها أيّة معرفة مُسبقة.
- نظرية الشّكل أو الغشطالت: (Gestalt) مبدأ النظرية: الموضوع يفرض نفسه ككلّ على الإنسان المُدرِك.
- البرهان: الإدراك الحسّي هو إدراك لشكل كلّيّ لبنية تتألّف من عنصر مميّز وخلفيّة غير مميّزة أو محايدة، وكلّما كان العنصر متميّزًا عن الخلفية كلّما فرض نفسه على الإنسان المُدرِك. فالتميّز يمكن أن يتمثّل بالتعارض (Contraste). أمثلة: لوحة إعلانات مُضاءة على خلفيّة اللّيل. (الحركة) جلوس التلاميذ في الصّف، فيتوجّه تلميذ إلى الخارج، فحركة إنتقاله تفرض الإنتباه لأنّها مغايرة لوضع الصّفّ.
الخاتمة:
نظرية الظاهراتية مبدأها: الإدراك ينتج عن تفاعل بين الإنسان المُدرِك والموضوع المُدرَك. فلا ذات دون موضوع، ولا موضوع دون ذات. وهكذا يغدو وعي الإنسان فعلاً موجّهًا نحو الخارج، ولا يُفه إلاّ من خلال موضوعه. فالوعي حسب هيسرل: "هو دائمًا وعي لشيء ما".
البرهان: إنّ هذه النظريّة تتبنّى نظريّة الشكل وتعتبرها صحيحة من ناحية دور الموضوع، لكنّها ناقصة من ناحية دور الإنسان لذلك ركّزت النظريّة الظاهرتية على دور الإنسان المُدرِك وخصوصًا على بنيته النفسيّة والبيولوجيّة، أي أنّها اعتبرت الإدراك الحسّي إدراكًا ذاتيًا (Subjective) يرتبط بميول الإنسان وحاجاته وأفضليّاته في لحظة الإدراك كما أنّه يرتبط (الإدراك الذاتي) بإمكانات الحواسّ ووضع الجسم كمنطلق للإدراك. فالإدراك الحسّي ليس معرفة عقليّة بل وعي عفويّ متلازم مع الوضع النفسيّ والبيولوجيّ. أمثلة: في كلّ مرّة تمرّ بالشارع نفسه نرى أشياء مختلفة عن كلّ مرّة تبعًا لحاجاتنا أو لما نبحث عنه، مع أنّ الشارع كموضوع هو نفسه. إنّ الإنسان يرى الحركة الظاهريّة للشمس مع أنّها ثابتة وهو المتحرّك وذلك لأنّ الإنسان يعتبر نفسه ثابتًا لأنّه مركز الإدراك ونقطة إنطلاقه.
-----------------------------------------
المصدر..الأستاذ بيار مالك
ثانوية الزلقا الرسمية..لبنان
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
بارك الله فيك استاذ
=========
>>>> الرد الثاني :
وفيك بركة..سعيد بردودك..ووجودك دائما معنا
=========
>>>> الرد الثالث :
=========
>>>> الرد الرابع :
=========
>>>> الرد الخامس :
=========