عنوان الموضوع : المنطق الصوري و المنطق المادي لتحضير البكالوريا
مقدم من طرف منتديات العندليب
من فضلكم اريد شرح كل من المنطق الرمزي و الصوري و ما الفرق بينهما
شكرا
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
المنطق الرمزي ليس الا اثراء وتوسيع رياضي للمنطق الارسطي الصوري القديم......حيث
خصائص المنطق الرمزى
تتمثل في اللغة المنطقية الرمزية
وهى لغة مصطنعة وضعها علماء المنطق لتحقيق أغراض المنطق أساسا، ويطلق على هذه اللغة إسم (اللغة المنطقية)، وغير ذلك من أسماء.
ولهذه اللغة أهمية كبرى فى صياغة مبادىء المنطق وحُججه، ولكنها عديمة الأهمية فى الحياة اليومية.
وهذه اللغة قادرة على الوفاء بأغراض التعبير الدقيق عن الأفكار والمفاهيم، حيث تعجز اللغة العادية عن ذلك، مما يؤدى إلى أخطاء منطقية وفلسفية خطيرة، وبعبارة أخرى، فإن اللغة المنطقية الرمزية هى قوة تعبيرية فى المسائل التى تحتاج إلى دقة لا يمكن إلتماسها فى اللغات الطبيعية.
والواقع أن إستخدام لغة خاصة ورموز خاصة مقابل الرموز المألوفة وهى الألفاظ، هو أمر ملائم من الناحية العملية، وإن لم يكن أمرا ضروريا ضرورة منطقية، فليس ثمة قضية فى المنطق أو الرياضيات لا يمكن التعبير عنها فى اللغة الجارية على الإطلاق، ولكن من المستحيل عمليا تحقيق أى تقدم فى الرياضيات والمنطق دون إستخدام رموز ملائمة، تماما كما لايمكن مباشرة التجارة الحديثة بدون إستخدام الشيكات والدفاتر المصرفية.
ولعل فى تاريخ الرياضيات ما يوضح لنا هذه الحقيقة، فقد كان علم الحساب – فى بداية الأمر – مفتقرا إلى وسيط أكثر ملائمة من اللغة الجارية، إذ لم يكن لدى قدماء الرياضيين من الإغريق رمز للصفر، وكانوا يستخدمون الحروف الأبجدية للأعداد الأخرى.
وكان من نتيجة ذلك إستحالة وضع أى قاعدة للقسمة، بل كان يتم ذلك بمجرد تقديم مثال من الأمثلة.
وكانت العمليات الحسابية التى يستطيع أن يقوم بها أى طفل فى السادسة من عمره فى اللغة الرمزية الحديثة ترهق أذهان الرياضيين الذكية أيام بركليز.
وما كان يمكن أن تحرز كثير من فروع الرياضيات أى تقدم مالم تأخذ بلغة رمزية جديدة، لأن الذهن البشرى لا يمكن أن يدرك طبيعة عملياتها فى حدود اللغة الجارية.
ومن هنا ندرك الأهمية الكبيرة لإستخدام اللغة الرمزية فى المنطق، لأن أهميتها هنا شبيهة بأهميتها فى مجال الرياضيات، ولتوضيح تلك الأهمية نذكر المثال التالى، لنفرض أن أمامك المسألة التالية:
لو كان زيد أصغر بست سنوات، لكان سنه ضعف سن عمرو عندما كان عمرو أصغر بست سنوات، ولو كان زيد أكبر بتسع سنوات لكان سنه ثلاثة أضعاف سن عمرو عندما كان عمرو أصغر بأربعة سنوات
فإذا حاولت أن تحل هذه المسألة مباشرة بإجراء عمليات الجمع والطرح، والبحث عن كل حالات (لو)، فإنك بعد فترة قصيرة تصاب بنوع من الدوخة وكأنك تركب أرجوحة، ولكن لتأخذ بعد ذلك قلما وورقة وترمز إلى سن زيد بالرمز (س)، وإلى سن عمرو بالرمز (ص)، ولتكتب المعادلات الناتجة وتحلها بالطريقة التى تعلمتها فى المدرسة الثانوية، وعندئذ فإنك سوف تدرك قيمة اللغة الرمزية الجديدة.
وينطوى المنطق بدوره على مشكلات مماثلة، فلتتأمل معى المثال التالى:
لو كانت كليوباترا حية عام 1938 ولم تكن متزوجة من هتلر ولا من موسيلينى
فإنك تستطيع بإستخدام الرموز بالطريقة التى تعلمت بها إستخدام (س، ص)أن تعرف أن هذه الجملة تعنى أنه:
لو كانت كليوباترا حية فى عام 1938 لتزوجت إما هتلر أو موسولينى
وليس لهذا التصريح أهمية تاريخية كبرى، ولكنه يوضح فائدة الأسلوب الفنى الرمزى.
واللغة المنطقية الرمزية لا تساعدنا على حل المشكلات فحسب، بل تساعدنا أيضا على التعبير الدقيق عن كل خطوة من خطوات الحل، بل تساعدنا أيضا على التعبير الدقيق عن كل خطوة من خطوات الحل فى المسألة، بمعنى أنها توفر الدقة المطلوبة للتفكير المنطقى الصحيح بدرجة لا يمكن توافرهافى اللغة العادية كما أشرنا إلى ذلك.
هذا فضلا عما تتيحه هذه اللغة من الإقتصاد فى التفكير، ومن شأن هذا أن يجعل من الممكن عمل إستدلالات معقدة.
وللغة المنطقية الرمزية أهمية كبيرة فى سمة علمية لابد من توافرها فى أعى علم متقدم، وهى التخلص من الجانب السيكولوجى الذى إرتبط بالمنطق قرونا عديدة، فمن شأن إستخدام اللغة أن تمكن المنطق من أن يستبعد من مجاله جميع الإعتبارات السيكولوجية والمعرفية، ويكون إهتمامه منصبا على تحليل صواب القوانين المنطقية الصورية الخالصة، وهذا ما يعطى للمنطق الرمزى أحد ملامح التفكير العلمى.
=========
>>>> الرد الثاني :
اما اذا قصدت الفرق بين الصوري و المادي------------توافق الفكر مع ذاته و توافق الفكر مع الواقع .......فان هذه المقالة -المنقولة---تشرح ذلك و تطلعك على الفرق
المنطق الصوري و المنطق المادي
كيف يمكن للفكر أن ينطبق مع نفسه ؟، و كيف يمكنه أن ينطبق مع الواقع ؟
المشكلة الأولى / كيف ينطبق الفكر مع نفسه ؟
ما هو المنطق Logique ؟ لغة من LOGOS أي الفكر/ اصطلاحا هو مجموعة من القوانين التي توجه التفكير نحو الصواب ، و تكشف عن الأخطاء في الاستدلال و تبين أنواعها و أسبابها . فالمنطق كما قال أرسطو آلة العلم والأداة التي يتم بفضلها التفلسف )
كل تفكير يتركب من ثلاثة أجزاء –كلمات ثم عبارات و أخيرا فقرات - لذلك قسم أرسطو المنطق الى ثلاثة مباحث وهي
مبحث التصورات و الحدود ، مبحث الأحكام و القضايا ، مبحث الاستدلال
*إنطاق الفكر مع نفسيه
ينطبق الفكر مع نفسه عندما يحصل توافق و انسجام بين النتائج و المقدمات و ذلك بمراعاة قوانين و مبادئ المنطق الصوري دون الاعتماد على دليل تجريبي مثلا أ هي ب ، و ب هي ج اذن اهي ج / ندرك أن النتيجة صحيحة و منطقية لأنها تنطبق مع المقدمتين دون مقابل حسي .هذا هو المنطق الصوري الذي بدأ مع أرسطو Aristote ،ويتحقق هذا التطابق وفق الشروط التالية
- *على الفكر أن يلتزم بمبادئ العقل و هي /
- 1- مبدأ الهويــــة اهي ا لا يكون الشيئ الا ذاته فله مميزات خاصة تعبر عن هويته وتميزه عن غيره .
- 2- مبدأ عدم التناقض او لا ا . فلا يمكن للمتناقضان ان يجتمعا معا ، فلا يكون الطالب ناجح و راسب في نفس الوقت ، أو القضية صادقة و كاذبة في آن واحد
- 3- مبدأ الثالث المرفوع ا أو لا ا ، فلا يوجد حالة ثالثة بين متناقضين ، اما ان يكون الطالب ناجحا أو راسبا ، و أما ان تكون القضية صادقة أو كاذبة و لا يوجد حالة ثالثة بين الصدق و الكذب .
-
-* أن يراعي قواعد الاستغراق . ينبغي ان يكون اللفظ الجزئي مندرجا دائما تحت اللفظ الكلي ، سقراط إنسان . الذهب معدن ، الأسد حيوان و ليس العكس
أن يلتزم بقواعد العكس -كل جزائري إفريقي تعكس إلى بعض الأفارقة جزائريين بناء على قاعدة الاستغراق
-* أن يلتزم بقواعد التقابل مثلا ما يصدق على الكل يصدق على الجزء ، لكن ما يصدق على الجزء قد لا يصدق على الكل مثال..مثال . اذا كانت كل الطلبة مجتهدين ناجون صادقة ،تكون بعض الطلبة ناجحون صادقة أيضا ، لكن اذا كانت بعض الطلبة ناجحون صادقة فان كل الطلبة ناجحون تكون محتملة أما صادقة اوكاذبة عن التقابل ك م ــــــــــــــــــــــــــــ ج م
-
- الالتزام بقواعد القياس .القياس /Syllogisme العمود الفقري في المنطق التقليدي . و هو عبارة عن استنتاج ينتقل فيه الذهن من الكل إلى الجزء مثال . كل إنسان فان – سقراط إنسان – إذن سقراط فان النتيجة منطقية لأنها تلزم بالضرورة من المقدمتين . لكن لو قلنا سقراط قد يكون فان . ندرك أن النتيجة غير لازمة عن المقدمتين و بالتالي غير صحيحة و من شروط القياس – لا إنتاج من سالبتين أو جزئيتين . الموجبتان لا تعطيان نتيجة سالبة . القياس يجب ان يتكون من ثلاثة حدود ..........
- لا ينبغي اخذ الواقع المادي كمقياس في الحكم على صحة القضايا ، لأنه متغير . و المتغير غير واضح و احتمالي . بينما قوانين الفكر الصحيح يجب ان تكون ثابتة و واحدة
-
يرى الصوريون أن المنطق يحافظ على تماسك الفكر من الوقوع في التناقض ضمن قواعد خاصة / البرهنة ..
يبرهن أنصار الأطروحة على تصورهم بفكرة أن للمنطق مباحث عند مراعاتها يبقى العقل في سيره الصحيح ويتعلق الأمر بمبحث الحدود والتصورات والاستدلالات وما يجعل الفكر أكثر فهما للمعرفة هو استخدامه للقضايا التي تعبر عن الأحكام التي يصل إليها كل مفكر فهي الكلام المفهوم الذي يساعدنا على تقصي المعاني والمفاهيم في صورة حملية أو شرطية أما الحدود والتصورات فيشكل جوهر المعارف بحيث هو المنطلق فكل معارفنا تحمل تصورات قائمة في الذهن بحيث لا شكل إلا بها كما أن التعريف لا يكون إلا بها كما يزودنا التعريف بالمعارف الصحيحة البعيدة عن الخطأ والذي يشرح لنا معنى كل حد أما قواعد الاستدلال فهي على شكل مباشر وغير مباشر ؛ فالمباشر يتمثل في التقابل والعكس والذي يكشف عن العلاقات بين القضايا مما يوحي بالتماسك الفكري داخل المفاهيم المنطقية ؛دون تجاهل دور القياس الحملي الذي بفضله نصل إلى نتائج دقيقة عند عملية الاستنتاج ؛ وفي ذلك عمل منطقي يحافظ على سلامة العقل من الوقوع في الخطأ ويوضح كذلك أن المنطق الصوري ضروري في كل نوع من المعرفة ويبقى كصناعة تعطي بالجملة القوانين التي من شأنها أن تقويم العقل كما أكد الفارابي فمطلوبات الإنسان كلها تحتاج إلى المنطق فهو ضروري ودوره هام في تنمية الفكر .
النقد / المنطق الأرسطي لا يخلو من العيوب و النقائص أهمها / منطق لفظي ، و اللفظ يمكن ان يوقعنا في المغالطات . مثلا كل جبن مصنوع من حليب – كل جبن استسلام- اذن كل استسلام مصنوع من حليب هذا هو السبب الذي دفع بالرياضيين إلى إدخال إصلاحات كبيرة على المنطق التقليدي و ظهر ما يسمى بالمنطق الرمزي مثال ـــــــــــــ{ ق 1 . ك 1 = ق. ك 1 ............الخ
- نتائج القياس تحصيل حاصل أو مصادرة على المطلوب ، و بالتالي لا تسمح باكتساب معرفة جديدة . عندما نقول – كل انسان فان – سقراط إنسان – اذن سقراط فان . نلاحظ ان النتيجة – سقراط فان متضمنة في المقدمة الكبرى - كل إنسان فان –
- جون ستيوارت ميل J.S.Mill يقول –اذا كان فناء سقراط امرا مشكوك فيه , فيجب ان نشك في القضية الكبرى التي تتضمنه و هي – كل إنسان فان - فما يبقى للقياس ان يثبت
- عدم تطابق النتائج أحيانا مع الواقع الحسي ، و بالتالي لا يمكن استعماله في دراسة الظواهر الطبيعية ، هذا ما دفع الى ظهور المنطق المادي مع فرنسيس بيكون F.Bacon في كتابه الارغنون الجديد . و بعد ذلك مع الفيلسوف التجريبي جون ستيوارت ميل
المشكلة الثانية / كيف ينطبق الفكر مع الواقع؟
إنطاق الفكر مع الواقع معناه أن الأفكار التي لدينا حول مختلف الأشياء ، و الأحكام التي ن كوناها عنها يؤكدها الواقع فلا شيئ في الذهن ما لم يوجد في الحس . لنأخذ ظاهرة قوس قزح- أو ظاهرة سقوط المطر و نحاول تفسيرها علميا ، سنرد الظاهرتين الى عوامل موضوعية مستقلة عنا و هي اصطدام أشعة الشمس بقطرات الماء الموجودة في السحب فينحل الضوء الى مكوناته الأساسية ليتشكل قوس قزح ، أما الظاهرة الثانية تعود الى تبخر المياه بفعل الحرارة ثم التكثف ليعود تساقط المطر من جديد .
مثل هذه الظواهر تحتاج الى ملاحظات حسية ، وتجارب مخبرية لمعرفة أسبابها و قوانينها العامة .هذا هو المنهج الاستقرائي العمود الفقري للمنطق المادي Logique Matérielle
ما هو الاستقراء Induction؟ هو استخلاص القواعد العامة من الأحكام الخاصة ، و هو نشاط فكري تصاعدي ، ينتقل فيه الذهن من قضايا جزئية الى قواعد كلية . فعندما نقول . الذهب معدن يتمدد بالحرارة . النحاس و الفضة و الحديد اثبت الواقع انها معادن تتمدد بالحرار – نستنتج ان كل المعادن تتمدد بالحرارة
هذه طريقة العلماء في تفسير الظواهر الطبيعية ، و في استخلاص القوانين العامة التي تنطبق على العينات
- الاستقراء يقوم على مبدأ السببية العام كما يقول كـــــــــانط Kant
- - الالتزام بمبداي السببية Causalite –كل ظاهرة لها سبب ادى الى وقوعها – و الحتمية Déterminisme نفس الأسباب تؤدي حتما الى نفس النتائج مهما تغير الزمان والمكان
-
و يقوم الاستدلال التجريبي على الخطوات الإجرائية التالية ، تسمح بتطابق النتائج مع الواقع
أ- الملاحظة Observation : هي تركيز الحواس و العقل و الشعور صوب الظاهرة و متابعة تحركاتها و تغيراتها مثال / ملاحظة نيوتن لسقوط التفاحة / ملاحظته لقوس قزح......أو ملاحظة كلود برنار لتغير بول الأرانب إلى صاف بعد حجبها عن الطعام ..الخ
ب- الفرضية Hypothèse : هي تفسير عقلي مؤقت للظاهرة ، نتخيل فيه سبب حدوث الظاهرة يقول كلود برنار " الفرض هو نقطة الانطلاق الضرورية لكل استدلال تجريبي ، و لولاه لما أمكن القيام بأي استقصاء"
مثل فرضية كلود برنار قد تكون هذه الأرانب في شروط غذائية مماثلة لآكلة اللحم
ج- التجربة Experience : هي إعادة وقوع الظاهرة في ظروف اصطناعية للتحقق من صحة الفرضيات/ مثلا/ كلود برنار قدم عشبا لهذه الأرانب فأكلته ، فصار بولها معكرا ثم صومها فأصبح صافيا
اذن/ كل الأرانب اذا ما فرغت بطونها تغذت من الحم عن طريق عملية الامتصاص الداخلي
وقد وضع جون ستيوارت ميل أربعة قواعد للاستدلال التجريبي هي :
1- قاعدة الاتفاق أو التلازم في الوقوع : نقارن بين الحالات التي تقع فيهم الظاهرة و العامل المشترك هو سبب حدوثها - مثال ويلزWells في تفسيره لظاهرة الندى حيث استنتج مايلي – إن الجسم الصلب اذا كانت درجة حرارته أقل من الهواء الخارجي تشكل الندى على سطحه
- 2- قاعدة الاختلاف أو التلازم في الغياب – نقارن بين حالتين يكون العامل المختلف هو علة وقوع الظاهرة مثال لويس باستورL.Pasteur في تفسيره لظاهرة التعفن وضع أنبوبين بداخلهما محلول السكر ، الاول مغلق و الثاني معرض للهواء ، و بعد مدة لاحظ أن الأنبوب الثاني تعفن ، فاستنتج أن التعفن يعود الى الهواء الخارجي
3- قاعدة التغير النسبي – مثال الأطباء الانجليز في تفسيرهم لوباء الكوليرا ، فلاحظوا ظاهرتين تتغيران نسبيا . كلما اقتربنا من نهر التايمز زاد عدد المصابين بالكوليرا ، و كلما ابتعدنا عنه قل هذا العدد ، فاستنتجوا أن النهر هو سبب الوباء
4- قاعدة البـــواقي . مثال لوفيريي Leverrier في تفسيره للانحراف في مدار كوكب اورانوس ، حيث رد الجزء الى الكل و أستنتج ضرورة وجود كوكب مجهول يؤثر على مدار اورانوس ، و هذا الكوكب هو نبتون الذي اكتشفه غال Gall سنة 1846
النقد/ رغم أهمية هذا المنطق من الناحية العلمية و التقنية الا انه يبقى عاجزا أماما الظواهر المعنوية التي لا تدرك بالحس . كمسالة حرية الإنسان و مشكلة العدالة الاجتماعية و الأخلاق و السعادة و الشجاعة و غيرها من القضايا الفلسفية التي تعتمد على التأمل العقلي و تقتضي عدم تتناقض الفكر مع نفسه بالدرجة الأولى
التركيب / لا يمكن فصل الاستقراء عن الاستنتاج من الناحية العملية . فالعالم كما يؤكد برتراند راسلB.Russel ينتقل من ملاحظات جزئية ليصل في النهاية الى قواعد كلية ، ثم ينتقل من هذه الاخيرة ليعمم حكمه على ظواهر جزئية جديدة تنتمي الى نفس النوع فمبدأ التعميم المعروف في العلم يقوم على القياس، و هذا يعني أن قواعد المنطق الصوري و المنطق المادي متكاملــة ،كما أن المواضيع العلمية تحتاج الى منطق تجريبي و المواضيع الميتافيزيقية تحتاج الى منطق صوري ينسجم مع طبيعتها فكلاهما ضروري للمعرفة الانسانية.
حل الإشكالية
إن منهجية التفكير تختلف حسب طبيعة الموضوع المدروس ، و عليه يكون التفكير منطقيا إذا تطابق مع نفسه و مع الواقع معــــــــــــــــــــا
=========
>>>> الرد الثالث :
شكرا جزيلا اخي ربي يسترك
=========
>>>> الرد الرابع :
لا شكر على واجب................تحياتي
=========
>>>> الرد الخامس :
meeeeeeeeeeeerrrrrrrrrrrrrrrrrcccccciiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiii bcp
=========
المجال التعليمي : إشكالية " في فلسفة العلوم "
الوحدة التعليمية : مشكلة2" الرياضيات و المطلقية "
مقدمة وطرح المشكلة: إذا كان لكل شيء أصل ، ولكل علم مصدر ، فما أصل الرياضيات – هذه الصناعة المجردة - وما مصدر مفاهيمها ، فهل ترتد كلها إلى مدركاتنا الحسية ، و إلى ما انطبع في أذهاننا من صور ، استخلصناها من العالم الخارجي ؟ أم تعود في حقيقتها إلى العقل الصرف ؟ و إذا كان نفوذها المثبت في مجالي التفكير المنطقي و التفكير العلمي ، يعود إلى دقة منهاجها و نتائجها ، فهل يمكن القول بأن الرياضيات تحافظ في كل الأحوال ، على حصانتها و عصمتها ؟ أليس من حق الفيلسوف أن يطرح ، إلى مدى يمكن أن تصل هذه الصناعة في الدفاع عن صرامتها و صحتها ؟
س / ما المقصود بالرياضيات ؟
ج / تعرف الرياضيات بأنها علم المقادير أي : العلم الذي يدرس الكم في الأشياء و في الكون و لا تبحث الرياضيات في هذه الموضوعات من حيث هي معطيات حسية بل تبحث فيها على أنها رموز مجردة مجالها التصور العقلي المحض لأنها إنشاءات عقلية لها علاقاتها المجردة التي تربط بينها . وكانت الرياضيات القديمة تنظر إلى هذا الكم على أنه على أنه نوعان :
1 – كم متصل : Quantité Continu
هو ذلك المفهوم الذي يزيد أو ينقص دون أن تتخلله فجوة أو يحدث فيه انقطاع ؛ وهو موضوع الهندسة التي تدرس المكان و الزمان و الحركة فمثلا الخط المستقيم هو امتداد موصل بين أجزائه اللامتناهية و إلا لما كان خطا مستقيما ، بل كل المواضيع التي تتعلق بالدراسات الخاصة بمختلف الأشكال الهندسية كالمربع و المستطيل والمثلث ، ...، فإن لها علاقة بالمكان - فهذا المكان هو مكان مستمر " Continu" نستطيع أن ننتقل فيه كيفا شئنا دون فجوات فيه ، ثم أن أجزاءه متشابهة "Homogène" و لا كيف محدد لها كما أنه لا ينتهي .و هذا النوع من الكم هو كم عقلي مشخص لكنه مرتبط بالتصور المكاني ( يوافق النظرة الكلاسيكية لموضوع الرياضيات ) .
2 – كم منفصل : Quantité Discontinu
هو ذلك المفهوم الذي لا توجد بين وحداته فجوات لا يمكن ملؤها إلا بقفزات تجاوزية ، فالعدد ( 1 ) لا يمكن العدد أن يصل إلى العدد ( 2 ) إلا بزيادة ( 1 ) عليه ، وكما أيضا العدد ( 1 ) يمكن أن يصبح 1,999 دون أن يبلغ ( 2 ) ؛ و لدلك فإننا نضطر إلى أن نقفز فوق الفاصلة لكي نصل إلى العدد الجديد (2) ؛ لأن الكسور 0,999 يمكن أن تستمر إلى مالا نهاية ، و منه فالأعداد هي وحدات مرصوفة إلى جانب بعضها متمتعة بالاستقلال التام . ولما كان موضوع الكم المنفصل هو الحساب Arithmétique و الجبر Algèbre و توابعهما كدراسة الأعداد ، فإن لها علاقة بالزمان الرياضي لا النفسي باعتباره المجال المناسب لعدد والحساب ، حيث يقابل الانتقال من وحدة حسابية إلى أخرى ، و يدعى هذا النوع من الكم كما عقليا مجردا ، أي له معنى خاص قائم في أذهاننا مستقل عن أي معدود .
س / ما المقصود بالتفكير الرياضي ؟
ج / ذلك النشاط الذهني الذي يقوم به الباحث الرياضي ، هادفا ورائه الوصول إلى الحقيقة الرياضية برهنة كانت أو نظرية أو مبدأ ، فالتصور الرياضي إنشائي بحت ، نظري ، مجرد .
1 _ أصل المفاهيم الرياضية :
السؤال المشكل: إذا كان العقليون يرجعون المفاهيم الرياضية إلى العقل و التجريبيون إلى التجربة . فكيف يمكن تهذيب هذا التناقض ؟
مقدمة : لقد أولع الإنسان منذ الزمن الغابر على طلب الحقيقة بكل أصنافها ؛ منها النمط الفلسفي و النمط العلمي و أعظمها شأنا النمط الرياضي ، الذي واكب كل تطورات الإنسان عبر العصور و ميز أعظم الحضارات بقوتها المادية ، لكن التفكير الفلسفي - سيد المعارف في العصور القديمة و العصور الوسطى – اهتم بالمعرفة الرياضية اهتماما تعلق بمناهجها ، بمنطلقاتها ، و قبله تساءل حول نشأتها ؛ فانقسم المفكرون في تفسير نشأة المفاهيم الرياضية إلى نزعتين ، نزعة عقلية أو مثالية يرى أصحابها أن المفاهيم الرياضية من ابتكار العقل دون التجربة ، ونزعة تجريبية أو حسية يذهب أنصارها إلى أن المفاهيم الرياضية مهما بلغت من التجريد العقلي ، فإنها ليست من العقل في شيء ، بل يكتسبها الإنسان عن طريق تجاربه الحسية . فما حقيقة الأمر؟ فهل المفاهيم الرياضية في نموها انبثقت من التجربة أم من العقل ؟ أي الفريقين على صواب ؟
1 – الأطروحة : إن المفاهيم الرياضية ، فيما يرى الموقف العقلي أو المثالي ، نابعة من العقل و موجودة فيه قبليا ، أي بمعزل عن كل تجربة . فهي توجد في العقل قبل الحس أي أن العقل لم يفتقر في البداية إلى مشاهدة العالم الخارجي حتى يتمكن من تصور مفاهيمه ودليلهم على ذلك أننا إذا تصفحنا تلك المعرفة وجدناها تتصف بمميزات منها ، المطلقية و الضرورة والكلية ، وهي مميزات خالصة موجودة في المعرفة الرياضية، وتتعذر في غيرها من العلوم التي تنسب إلى التجربة و لقد وقف للدفاع عن هذا الرأي عدد من الفلاسفة من العصر القديم إلى العصر الحديث أمثال أفلاطون و ديكارت وإيمانويل كانط نذكر مواقفهم فيما يلي :
أ : نجد التفسير المثالي القديم مع الفيلسوف اليوناني أفلاطون الذي أعطى السبق للعقل الذي – بحسبه - كان يحيا في عالم المثل ، وكان على علم بسائر الحقائق ، ومنها المعطيات الرياضية الأولية التي هي أزلية وثابتة مثل المستقيم و الدائرة و التعريف الرياضي و يقول في هذا الصدد " الدائرة هي الشكل الذي تكون جميع أبعاده متساوية عن المركز "
ب : أما الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت يرى أن المعاني الرياضية من أعداد و أشكال رياضية هي أفكار فطرية مثل فكرة الله و ما يلقيه الله في الإنسان من مفاهيم لا يجوز فيه الخطأ . و ديكارت قبل أن يصل إلى رسم منهجه المعرفي و اكتشافه لفكرة الكوجيتو كان قد شك في كل المعارف التي تلقاها من قبل إلا المعاني الرياضية التي وجدها تتميز بالبداهة والوضوح وعلى منوالها فيما بعد بنى نظرتيه المعرفية مؤسسا لمذهب العقلي .
ج : أما زعيم الفلسفة النقدية الفيلسوف الألماني كانط يعتبر أن المكان و الزمان مفهومان مجردان سابقان لكل تجربة و لا يمكن للمعرفة أن تتم إذا لم تنتظم داخل إطار الزمان والمكان القبليان
النقد : لكن مهما بدت هذه المعاني الرياضية مجردة فإنه لايمكن القول بأنها مستقلة عن المعطيات الحسية و إلا كيف يمكننا أن نفسر الاتجاه التطبيقي للهندسة والحساب لدى شعوب الحضارات الشرقية القديمة .
نقيض الأطروحة :إن المفاهيم الرياضية مثل جميع معارفنا فيما يراه الحسيون و التجريبيون أمثال جون لوك و دافيد هيوم و جون ستيوارت ميل لم ترد على الإنسان من أي جهة أخرى غير العالم الواقعي الحسي أو التجريبي فهو مصدر اليقيني للمعرفة ، وبالتالي لجميع الأفكار و المبادئ ، و أن كل معرفة عقلية هي صدى لإدركاتنا الحسية عن هذا الواقع و على هذا الأساس ، تصبح التجربة المصدر اليقيني لكل معارفنا ، و أنها هي التي تخط سطورها على العقل الذي هو شبيه بالصفحة البيضاء و ليس ثمة في ذهنه معارف عقلية قبلية مستقلة عما تمده لنا الخبرة وتلقنه له الممارسات و التجارب ، و في هذا يقولون " لا يوجد شيء في الذهن ما لم يوجد من قبل في التجربة " و أدلتهم كثيرة نبينها فيما يلي :
أ : فمن يولد فاقد للحاسة فيما يقول هيوم ، لا يمكنه بالتالي أن يعرف ما كان يترتب على انطباعات تلك الحاسة المفقودة من أفكار . فالمكفوف لا يعرف ما اللون و الأصم لا يعرف ما الصوت . أما ميل يرى أن المعاني الرياضية كانت " مجرد نسخ " جزئية للأشياء المعطاة في التجربة الموضوعية حيث يقول : " إن النقاط و الخطوط و الدوائر التي عرفها في التجربة ". و لهذا ، فإن الرياضيات تعتبر عند ميل و غيره من الوضعيين المعاصرين علم الملاحظة
ب : توجد شواهد أخرى تؤيد موقف التجربين منها أصحاب علم النفس و أصحاب علم التاريخ . فالطفل في نظر علماء النفس في مقتبل عمره يدرك العدد مثلا ، كصفة للأشياء و أن الرجل البدائي لا يفصله عن المعدود ، إذ نراه يستخدم لكل نوع من الأشياء مسميات خاصة ، و أكثر من ذلك فلقد استعان عبر التاريخ عن العد بالحصى و بالعيدان و بأصابع اليدين و الرجلين و غيرهما و هذا ما يدل على النشأة الحسية و التجريبية للمفاهيم الرياضية بالنسبة للأطفال و البدائيين لا تفارق المجال الإدراكي الحسي و كأنها صفة ملابسة للشيء المدرك . و أكد الدارسين لتاريخ العلم أن الرياضيات قبل أن تصبح معرفة عقلية مجردة قطعت مرحلة كلها تجريبية فالهندسة ارتبطت بالبناء والتصاميم و تقدير مساحات الحقول و الحساب ارتبط بعد الأشياء فقط من أجل تحديد القيمة . الجمع و الطرح و القسمة و الضرب و هذا ما نجده عند الفراعنة و البابليين .
النقد : لكن مهما بدت هذه المعاني الرياضية محسوسة و تجريبية فإنه لا يمكن القول بأنها مستقلة عن المعطيات العقلية التجريدية و إلا كيف يمكننا أن نفسر المطلقية في الرياضيات " الرياضيات تكون صحيحة متى ابتعدت عن الواقع " و تأثيرها على جميع العلوم إلى درجة أصبحت معيار كل العلوم .
3 – التركيب : المفاهيم الرياضية وليدة العقل و التجربة معا
نجد أن المهذبين المتعارضين في تفسير نشأة المفاهيم الرياضية قد فصلوا تماما بين العقل و التجربة ، رغم أن تاريخ الرياضيات يبين لنا أن المعاني الرياضية لا يمكن اعتبارها أشياء محسوسة كلها ، و لا مفاهيم معقولة خالصة ، بل يمكن أن يتكاملا معا لتفسر نشأة المعاني الرياضية ، لأن هذه المعاني لم تنشأ دفعة واحدة ، بل نمت و تطورت بالتدرج عبر الزمن ، فقد بدأت المفاهيم حسية تجريبية في أول أمرها ، ثم تطورت و أصبحت مفاهيم استنتاجية مجردة ، بل تعبر عن أعلى مراتب التجريد ، باستعمال الصفر ، الأعداد الخيالية ، و المركبة ، و المنحنيات التي لا مماس لها ...لهذا قال " بياجي " : " إن المعرفة ليست معطى نهائيا جاهزا ، و أن التجربة ضرورية لعملية التشكيل و التجريد " .
حل الإشكالية : و عليه يمكن القول : إن الرياضيات هي عالم العقل و التجريد ، و ليس هناك حد يقف أمام العقل في ابتكار المعاني الرياضية ، و في الكشف عن العلاقات ، و توظيفاتها ، و هي حرية لا يحدها سوى أمر واحد هو الوقوع في التناقض . و هذا ما يؤدي إلى الخطأ أو فساد النسق الاستدلالي .
2- الرياضيات كنسق مجرد : هل تضمن الصحة و اليقين في كل الأحوال ؟
و إذا كان موضوع الرياضيات يتحدد في أنه جملة من المفاهيم المجردة ينشئها الذهن و يجردها من كل اعتبار حسي ، و أنه ذو خصائص معينة تمتعه بوجود موضوعي مستقل ، فإنه بواسطة هذا الموضوع ، يقوم الرياضي بكل إنشاء و بناء .و لما كان كل بناء ينهض وفق منهج ، فإن هذا المنهج يستوحى في الغالب ، من طبيعة الموضوع ؛ لذا ، علينا أن نتساءل عن المنهجية التي يتبعها الرياضي في البرهنة على استنتاجاته ، و ما يترتب عن ذلك من نتائج .
أولا : من حيث المنطلقات و المنهج :
منطلقات المنهج : يقصد بها المبادئ أو الأسس التي يعتمد عليها الرياضي عندما يقيم براهينه حول قضايا يستدل على صحتها وهي مختلفة بين العصر القديم والعصر المعاصر.
أ – في الرياضيات الكلاسيكية : تتضمن الرياضيات التقليدية مجموعة من المبادئ وهي ذات المبادئ التي وضعها العالم الرياضي " إقليدس " ( 306 ق م – 283 ق م) لكي يبني نسقا رياضيا متكاملا في موضوعه ونتائجه فماهي هذه المبادئ ؟
البديهيات :هي قضايا أولية يصدق بها العقل دون برهان وهذا حسب تعريف" باسكال "
فهي عامة أي تشمل كل العلوم وتستخدم في كل برهان فهي في الحقيقة مبدأ عقلي أكثر مما هي مبدأ عملي . ومن أهم البديهيات التي حددها "إقليدس " العالم الرياضي اليوناني :
1 – الكل أكبر من الجزء
2 – الكميتان المساويتان لكمية ثالثة يكون الناتج مساو.
3 – إذا أضفنا نفس الكمية لكميتين متساويتين فهما متساويان
4 – إذا طرحنا نفس الكمية لكميتين متساويتين يبقى الناتج متساو.
مميزاتها :فطرية سابقة عن التجربة غير مكتسبة عامة لا تختص بعلم معين
التعريفات : ونعني بها تحديد مفهوم القضية الرياضية تحديدا اصطلاحيا فالنقطة الرياضية شكل هندسي عديم الأبعاد ، والمثلث شكل هندسي يتكون من تقاطع ثلاثة مستقيمات في ثلاثة نقاط مختلفة مكونة لثلاث زوايا.
المصادرات : وتسمى أيضا المسلمات أو الموضوعات وهي قضايا يصيغها العقل وهي ليست واضحة بذاتها ، يسلم بصدقها الرياضي لكي يستطيع بناء البرهان الرياضي المطلوب في نسق رياضي صحيح وهي قضايا غير مبرهنة لكنها خالية من التناقض ومن المسلمات التي وضعها "إقليدس " :
1 من نقطة خارج مستقيم لا يمكن أن نرسم سوى خط مواز له .
2 الخطان المتوازيان لا يلتقيان مهما امتدا
3 المكان ذو ثلاثة أبعاد ( طول عرض ارتفاع )
4 زوايا المثلث تساوي 180 °
مميزاتها : خاصة ومتغيرة غير فطرية فلكل علم مسلماته الخاصة به.
الفرق بين البديهية والمسلمة في الرياضيات الكلاسيكية :
- البديهية قضية رياضية عامة و واضحة أما المسلمة فهي قضية خاصة بفئة رياضية معينة .
البديهية تقوم على ضرورة منطقية إذ رفضها يؤدي بنا إلى الوقوع في التناقض المنطقي أما المصادرة أو المسلمة فهي تقوم على ضرورة منطقية إذ يمكن رفضها دون الوقوع في التناقض كما هو الشأن لكل من مسلمة لوباتشوفسكي ( 1793- 1856) و ريمان(1826 – 1866)
عندما رفضت مسلمة إقليدس .
ب – في الرياضيات المعاصرة و ظهور النسق الأكسيومي :
لقد حاول الرياضيون في مختلف العصور أن يناقشوا مبادئ الهندسة الإقليدية و على الخصوص تلك المصادرة التي مفادها من نقطة خارج مستقيم لا يمكن أن نرسم سوى خط مواز له و لكنهم لم يفلحوا في ذلك حيث نجد أن العالم الرياضي المسلم نصر الدين الطوسي في القرن الثاني عشر حاول أن يبرهن على هذه المسلمة إلا أنه عجز لتمسكه بالتصور الإقليدي للأرض ، ثم جاء الأب سكير في القرن السابع عشر و حاول بدوره البرهنة على مسلمة الخطين المتوازيين إلا أنه عجز لاحتفاظه بمصادرة إقليدس . غير أن الرياضيين في العصر الحديث أثاروا المسألة من جديد ، و استطاعوا أن يثيروا شكوك مختلفة حول هذه المسلمة بالذات . فماهي هذه الشكوك ؟ وماذا نتج عنها؟
كان العالم الرياضي لوباتشوفسكي أول من أثار الشك حول مصادرة إقليدس التي ذكرناها قبل حين و تمكن عام 1830 من نقضها حيث اهتدى إلى الأساس الذي تثبت به وهو المكان المستوي ، وتصور مكانا غير الذي تصوره إقليدس من قبل وهو المكان المقعر ( الكرة من الداخل ) و استنتج أنه يمكن رسم متوازيات كثيرة من نقطة خارج مستقيم وجاء بعد ذلك العالم الرياضي الألماني ريمان وشك أيضا في مصادرة إقليدس وتمكن سنة 1854 من نقض مسلمة إقليدس أيضا متصورا المكان محدبا أي ( الكرة من الخارج ) و استنتج بناء على ذلك أنه لا يمكن أن نرسم أي مواز من نقطة خارج مستقيم و هكذا ظهرت هندستان جديدتان مخالفتان لهندسة إقليدس سواء من حيث الأساس و المبادئ .
يمكن أن نلخص ما قلناه فيما يلي : الجدول التالي
أساس الرياضيات الكلاسيكية حسي أي له علاقة بالواقع الحسي
أساس الرياضيات المعاصرة هو عقلي مجرد تصوري لا علاقة له بالواقع الحسي
ظهور النسق الأكسيومي
كيف ظهر النسق الأكسيومي ؟
إن الهندسة اللاإقليدية قد جلبت انتباه الرياضيين و غيرت نظرتهم لمبادئ والأسس التي يشيدون عليها أنساقهم الرياضية ، وأصبح التمييز بين مبادئ البرهان الرياضي ( بديهيات ، تعريفات ، مسلمات ) أمر ثانوي و إنما تأخذ جميعا كفروض أو منطلقات وقع عليها الاختيار.
إنها بتعبير بوانكاري ( 1854 – 1912) مجردة من مواصفات أي قضايا يتفق عليها ، لأن المهم في القضية وظيفتها في البرهان الرياضي ، لا مقدار ما تتمتع به من صدق ووضوح ، فماهو واضح وصادق عند شخص قد يكون غير ذلك عند شخص آخر ومنه نستنتج أن هناك مجموعة من مبادئ الرياضيات الكلاسيكية أصبح الرياضي لا يعير اهتمام لوضوحها و لا حتى لبدا هتها فنجد مثلا أن بديهية الكل أكبر من الكل أصبح من الممكن أن تنقلب إلى الجزء أكبر من الكل.
مثال إذا أخذنا من العناصر { أ ، ب، ج} فإننا نستطيع أن نستخرج منها 8 مجموعات لها نفس الخصائص المجموعة الأصلية تمثل المجموعة وتشمل على عنصر أو عناصر وتوجد بها علاقة الانتماء و هي = { {( أ ) } ،{( ب ) } ، { (ج ) } ، { ( أ ، ب ) } ، { ( أ ، ج ) } ، { ( ب ، ج ) } ، { ( أ، ب ، ج ) } ، { } } .
هذه المجموعات الفرعية في الأصل (جزء من كل) أي من المجموعة الأصلية إلا أن كل مجموعة من المجموعات الفرعية تتمتع بخصائص المجموعة ومن ثم تكافئ المجموعة الأصلية في المقومات الأساسية لشيء الذي يسمح لنا بالقول أن الجزء و هو 8 مجموعات أكبر من الكل .
أساليب البرهنة في المنهج
أ – تعريف البرهان الرياضي : هو المنهج المرشد والدليل المتبع في استنباط قضية رياضية ما من مبادئ مسلم بصحتها . أو إرجاع نظرية ما عن طريق الاستدلال العقلي إلى أبسط القضايا التي سبق أن سلم بها الرياضي يعتمد على التحليل والتركيب .
بينما في الرياضيات المعاصرة أصبح الرياضي يعتمد على الافتراض و الاستنتاج أي الأكسيوماتيك
1 – أنواع البرهان الرياضي :
أ- البرهان التحليلي المباشر : معناه إرجاع القضية أو النظرية المراد البرهنة عليها إلى حد المنطلقات أو الأسس ( البديهيات ، المسلمات ، التعريفات ) التي تعتبر أساس البرهان الرياضي .
الأمثلة : إذا أردنا أن نجد قيمة س في المعادلة التالية :
س + 8 = 10 لإيجاد قيم س يجب أن نطبق البديهية القائلة " إذا طرحنا نفس القيمة من الطرفين سيبقى الناتج نفسه كأن لم نفعل شيئا فتصبح :
س +8= 10
س+8-8= 10- 8
س = 2
البرهان التحليلي الغير مباشر : لكن ، قد يكون التحليل المباشر غير ممكن ، و في هذه الحالة ، سلك الرياضي طريقا آخر غير مباشر ، فيلزم نفسه التسليم بالنتائج من دون أن يرد القضية المراد إثباتها إلى المبادئ الأولية الواضحة . إنه يحاول أن يثبت بأن نقيض القضية المطلوب البرهنة عليها كاذب ، ومن هذا الكذب ، يستنتج صدق قضيته ، و يدعى هذا التحليل غير مباشر بالبرهان بالخلف .
و المثال الموضح لهذه الطريقة هو كالآتي :
أثبت ببرهان بالخلف المطلوب التالي : (أ) يوازي (ب) ، و (ب) يوازي (ج) ، المطلوب : هل (أ) يوازي (ج) ؟
ب – البرهان التركيبي : هو البرهان الذي ننطلق به من قضايا بسيطة نركب منها علاقات جديدة و متنوعة .
مثال : لدينا معادلتين من الدرجة الأولى س + 3 = 0 ، س – 5 = 0
المطلوب : إنشاء معادلة من الدرجة الثانية
( س+ 3 ) ( س- 5 ) = 0
س – 5 س + 3 س – 15= 0
س – 2 س – 15 =0
ثانيا : من حيث النتائج :
إن النتائج التي تترتب عن المنهج الرياضي و طبيعة موضوعه تتسم بأنها : نتائج قطعية تعبر عن اليقين و الدقة و الوضوح ، و هدا راجع إلى بساطتها و شدة انسجامها و ارتباطها فيما بينها .
- إنها نتائج مجردة عن كل مادة حسية ، لأنها تتعامل مع كميات و مقادير بعيدا عن الكيفيات ، و الصفات ، من هنا كانت النتائج الرياضية تعبر عن منظومات ذهنية مجردة متعددة الصور و العلاقات ( الإغراق في التجريد )
- إنها نتائج تتصف بالانسجام مع مبادئها و منطلقاتها التي أنتجتها والالتزام بأنساقها ، و التوافق معها بعيدا عن التناقض مما جعلها تحتل النمذجة في المعرفة و المثال الذي يقتدى به في اليقين .
- إنها نتائج تعبر عن الجدة و الإبداع و الابتكار ، و فعالية العقل ، و ليست مجرد تحصيل حاصل و تكرار للمقدمات .
ثالثا : وهل يمكن وصفها بالصناعة الصحيحة في كل الأحوال ، في منطلقاتها و استنتجتاها ؟
نكتفي تحت هذا السؤال ، بالقول بأن الرياضيات صناعة صحيحة بالنظر إلى العلاقة المنطقية التي تربط المقدمات بنتائجها ، ما دام الفكر الرياضي يبقى وفيا من خلال استدلالاته الاستنتاجية ، بمبدأ عدم تنازع العقل مع نفسه . أما المنطلقات التي يبدأ منها الفكر في برهنته ، فقيمتها تابعة كما سنرى بعد حين ، لتقدير واضعيها و اختيارهم لها .
3 – ما هي حدود الرياضيات و قيمتها ؟
إن التفكير الرياضي ، و بالرغم ما حققه من يقين في أساليب البرهنة و الدقة في النتائج ، فإن له حدودا يقف عندها ، بل و مآخذ وجب الإشارة إليها ، و من أهم هذه المآخذ :
- إن الحقائق الرياضية المتصفة باليقين ، و الصدق عندما تنزل إلى التطبيقات التجريبية ، تفقد دقتها ، و تقع في التقريبات ، أي أن التعامل معها واقعيا يفقدها دقتها و تصير مجرد احتمالات تقريبية ممكنة .
- كما أن العلوم التي تحاول أن تتصف بمميزات المنهج الرياضي الصرف تقع في الأخطاء و الالتباسات ، لذلك لابد من الحذر في التعامل معها و الأخذ بها ، لهذا يصرح " ديكارت " أن المنهج الاستنتاجي الخالص أوقعه أكثر من مرة في شباك الأخطاء .
- ضف إلى هذا أن المفاهيم الرياضية لا يمكن أن نصفها بالمطلق و عدم التغير ، و هذا ما يثبته تعدد الهندسات و الأنساق فيها ، مما يعني أنها مجرد افتراضات تهتم بالانسجام المنطقي بين أجزائها ، وهذا ما يظهر في منهج الأكسيوماتيك – كما رأينا ذلك من قبل - ، لهذا قيل " كثرة الأنظمة في الهندسة دليل على أن الرياضيات ليس فيها حقائق مطلقة " . بوليغان ، و قال " برتراندرسل " ساخرا : " إن الرياضيات هي العلم الذي يعرف عما يتحدث ، و لا إذا كان ما يتحدث عنه صحيحا " .
و كل هذا يثبت أن الرياضيات و ما تصل إليه من مفاهيم تعتبر مجرد استنتاجات و اجتهادات إبداعية ، لا يعني أنها لازمة الأخذ بها أو أنها نهائية تامة من كل نقص ، بل يمكن التعديل فيها ، و الإضافة لها أو حتى تجاوز بعضها و تغييرها ، بحسب الاجتهاد و الإبداع الإنساني في عالم التجريد الرياضي .
إذا الرياضيات بناء نسقي ، مفاهيمها لا تصل إلى اليقين و المطلق إلا في إطار أنساقها الخاصة .
لكن برغم هذه المآخذ عن الرياضيات ، لا يجب أن تحملنا على الشك في قيمة الرياضيات ، لأنها تبقى اللغة السليمة التي يعشقها العقل و تستعيرها العلوم لتجاوز شروط التجربة المتغيرة ، لهذا تبقى الرياضيات تحتل إلى جانب قيمها العقلية ، تنطوي على قيمة من الناحية النفعية تجسدها استعمالات العلوم المختلفة .
خاتمة المشكلة : الرياضيات بموضوعها ، و منهجها ، و نتائجها ، و لغتها ، تبقى تحتل النموذج الأرقى الذي بلغته العلوم دقة ويقينا ، و أن لغتها صارت ضرورة يتطلع إلى اكتسابها كل تفكير علمي ، مما يعني أن الرياضيات تمثل نموذج اليقين ، المعبر عن المطلقية .
- المقارنة بين الرياضيات المعاصرة و الرياضيات الحديثة طريقة المقارنة
- قيل التشنذ الرياضيات المعاصرة الى عقلانية تختلف فيها عن العقلانية الكلاسيكية اى الخصائص تميز الرياضيات المعاصرة عن الرياضيات كلاسيكية
المقدمة: اذا كانت الرياضيات تدرس المفاهيم الكمية العقلية المجردة عن مواحقتها الحسية الموضوعات الرياضية فى الوقع فإنها مرت بمنعرجات أهمها الثورة العلمية فى القرن 19 والتي أفرزت ظهور الرياضيات المعاصرة تميزا عن الرياضيات الكلاسيكية فما الفرق بينهما وكذلك نوع العلاقة الموجودة بينهما إبراز أوجه الاختلاف المقارنة المقرنة البسيطة بين الرياضيات المعاصرة والرياضيات الكلاسيكية تبين لنا وجود عبرة اختلافات من بينهما ان مبادئ الرياضيات الكلاسيكية هي قضايا عامة صادقة تتالف اليديهات لكل قضية لا تحتاج الى برهان وتسمد صقها من وضواحيها مثل الكل اكبر من أجزاء المسلمات قضية رياضية يضعى الرياضي ويطلب التسليم بيما مع وعدمته بانسيشيب عليها نفسقه الرياضي المتماسك والتعريفات قضايا يصيغاها العقل لتحديد خواض الموضاعات الرياضية كتعريف المثل والنقطة الهندسية والمستقيم ويتميز الرياضي الكلاسيكي بين هذه القضايا بينهما مبادئ الرياضية المعاصرة هى مجموعة أوليات او منطلقات فرضية دون تميز بينهما فلا فرق بين الينيهيات والمصادرات فهي تأخذ جميعا كمجرد فروض حسب الرياضي بوانكارى وبذلك حدث تحطيم فكرة البداهة التي كانت تميز بيها الرياضيات القديمة فالكل اكبر من جزاء لم تصبح قضية بديهية و انما نتيجة تواضع وانتفاق وكذلك يقول boligiamo اننا نشهت عصر اختلفة القضايا المطلقة فى الرياضيات طريقة البرهنة فى الرياضيات الكلاسيكية استثانجية محضة حيث ينطلق الرياضي من مبادئ عامة صادقة دوما ليستخلص منها حقائق جزئية صادقة كذلك بينما طريقة البرهنة: فى الرياضيات المعاصرة استثنائية فرضية حيث ينتقل الرياضي من قضايا وقع عليها الاختيار دون النظر الى صدقها او كذ بها فهى مجرد فرضيات ليستلخص منها قضايا جزئية لا تتناقض معها اى ان الصدق الوحيد هو خاو اليناء من اى تناقص داخلي ورغم وجود هذه الاختلافات الا ان ذلك لا يمنع من وجود أوجه الشبه .
فكلاهما يعتمد على مبادئ العقل خاصة ميدا الهوائية الذى صيغته كل ما هو قارياضى سواء فى الكلاسيكية او معاصر يعتبر ان القيمة س ثابة فلا يمكن ان تكون اكبر او اقل بالاظافة الى مراعاتها الميدا عدم التناقض حيث ان معيار الصدق فيهما لا يعود الى الواقع وانما يعود الى عدم تناقض النتيجة مع مقدماتها ويشركان أيضا فى طريقة البرهنة حيث ان الرياضي سواء فى المعاصرة او فى الكلاسيكية ينتقل من مبادئ عامة يستخلص منها حقائق جزئية من عام الى خاص ونجد كذلك انهما تستخدمان فى مختلف المجالات حياة الإنسان فالكلاسيكية والكيمياء وكذلك استخدام الرياضيات المعاصرة فى الفيزياء الحديثة حيث وظائف انشطاين رياضيات ريمان المعاصرة فى الفزياء الفضائية النظرية النسبية ووجود هذه النقاط المشتركة بينهما يؤدى الى تسليم بوجود علاقة تاثير وتاثر فتاثير الرياضيات الكلاسيكية يتمثل فى كونها الأرضية التى انطلقت منها المعاصر بمعنى ان الهندسة اقليد س كانت المقدمة ضرورية لهندسة ريمان ام اثر المعاصرة فى الكلاسيكية فيتمثل فى تصويرها و اصفاء طابع الخصوبة عليها
الخاتمة: وما نلخص اله فى الأخير ان الرياضيات المعاصرة تختلف عن الرياضيات الكلاسيكية لكن لا يوجد تناقض بينهما فكل منهما خصوصياته
المنطق الصوري و المنطق المادي
كيف يمكن للفكر أن ينطبق مع نفسه ؟، و كيف يمكنه أن ينطبق مع الواقع ؟
المشكلة الأولى / كيف ينطبق الفكر مع نفسه ؟
ما هو المنطق Logique ؟ لغة من LOGOS أي الفكر/ اصطلاحا هو مجموعة من القوانين التي توجه التفكير نحو الصواب ، و تكشف عن الأخطاء في الاستدلال و تبين أنواعها و أسبابها . فالمنطق كما قال أرسطو آلة العلم والأداة التي يتم بفضلها التفلسف )
كل تفكير يتركب من ثلاثة أجزاء –كلمات ثم عبارات و أخيرا فقرات - لذلك قسم أرسطو المنطق الى ثلاثة مباحث وهي
مبحث التصورات و الحدود ، مبحث الأحكام و القضايا ، مبحث الاستدلال
*إنطاق الفكر مع نفسيه
ينطبق الفكر مع نفسه عندما يحصل توافق و انسجام بين النتائج و المقدمات و ذلك بمراعاة قوانين و مبادئ المنطق الصوري دون الاعتماد على دليل تجريبي مثلا أ هي ب ، و ب هي ج اذن اهي ج / ندرك أن النتيجة صحيحة و منطقية لأنها تنطبق مع المقدمتين دون مقابل حسي .هذا هو المنطق الصوري الذي بدأ مع أرسطو Aristote ،ويتحقق هذا التطابق وفق الشروط التالية
- *على الفكر أن يلتزم بمبادئ العقل و هي /
- 1- مبدأ الهويــــة اهي ا لا يكون الشيئ الا ذاته فله مميزات خاصة تعبر عن هويته وتميزه عن غيره .
- 2- مبدأ عدم التناقض او لا ا . فلا يمكن للمتناقضان ان يجتمعا معا ، فلا يكون الطالب ناجح و راسب في نفس الوقت ، أو القضية صادقة و كاذبة في آن واحد
- 3- مبدأ الثالث المرفوع ا أو لا ا ، فلا يوجد حالة ثالثة بين متناقضين ، اما ان يكون الطالب ناجحا أو راسبا ، و أما ان تكون القضية صادقة أو كاذبة و لا يوجد حالة ثالثة بين الصدق و الكذب .
-
-* أن يراعي قواعد الاستغراق . ينبغي ان يكون اللفظ الجزئي مندرجا دائما تحت اللفظ الكلي ، سقراط إنسان . الذهب معدن ، الأسد حيوان و ليس العكس
أن يلتزم بقواعد العكس -كل جزائري إفريقي تعكس إلى بعض الأفارقة جزائريين بناء على قاعدة الاستغراق
-* أن يلتزم بقواعد التقابل مثلا ما يصدق على الكل يصدق على الجزء ، لكن ما يصدق على الجزء قد لا يصدق على الكل مثال..مثال . اذا كانت كل الطلبة مجتهدين ناجون صادقة ،تكون بعض الطلبة ناجحون صادقة أيضا ، لكن اذا كانت بعض الطلبة ناجحون صادقة فان كل الطلبة ناجحون تكون محتملة أما صادقة اوكاذبة عن التقابل ك م ــــــــــــــــــــــــــــ ج م
-
- الالتزام بقواعد القياس .القياس /Syllogisme العمود الفقري في المنطق التقليدي . و هو عبارة عن استنتاج ينتقل فيه الذهن من الكل إلى الجزء مثال . كل إنسان فان – سقراط إنسان – إذن سقراط فان النتيجة منطقية لأنها تلزم بالضرورة من المقدمتين . لكن لو قلنا سقراط قد يكون فان . ندرك أن النتيجة غير لازمة عن المقدمتين و بالتالي غير صحيحة و من شروط القياس – لا إنتاج من سالبتين أو جزئيتين . الموجبتان لا تعطيان نتيجة سالبة . القياس يجب ان يتكون من ثلاثة حدود ..........
- لا ينبغي اخذ الواقع المادي كمقياس في الحكم على صحة القضايا ، لأنه متغير . و المتغير غير واضح و احتمالي . بينما قوانين الفكر الصحيح يجب ان تكون ثابتة و واحدة
-
يرى الصوريون أن المنطق يحافظ على تماسك الفكر من الوقوع في التناقض ضمن قواعد خاصة / البرهنة ..
يبرهن أنصار الأطروحة على تصورهم بفكرة أن للمنطق مباحث عند مراعاتها يبقى العقل في سيره الصحيح ويتعلق الأمر بمبحث الحدود والتصورات والاستدلالات وما يجعل الفكر أكثر فهما للمعرفة هو استخدامه للقضايا التي تعبر عن الأحكام التي يصل إليها كل مفكر فهي الكلام المفهوم الذي يساعدنا على تقصي المعاني والمفاهيم في صورة حملية أو شرطية أما الحدود والتصورات فيشكل جوهر المعارف بحيث هو المنطلق فكل معارفنا تحمل تصورات قائمة في الذهن بحيث لا شكل إلا بها كما أن التعريف لا يكون إلا بها كما يزودنا التعريف بالمعارف الصحيحة البعيدة عن الخطأ والذي يشرح لنا معنى كل حد أما قواعد الاستدلال فهي على شكل مباشر وغير مباشر ؛ فالمباشر يتمثل في التقابل والعكس والذي يكشف عن العلاقات بين القضايا مما يوحي بالتماسك الفكري داخل المفاهيم المنطقية ؛دون تجاهل دور القياس الحملي الذي بفضله نصل إلى نتائج دقيقة عند عملية الاستنتاج ؛ وفي ذلك عمل منطقي يحافظ على سلامة العقل من الوقوع في الخطأ ويوضح كذلك أن المنطق الصوري ضروري في كل نوع من المعرفة ويبقى كصناعة تعطي بالجملة القوانين التي من شأنها أن تقويم العقل كما أكد الفارابي فمطلوبات الإنسان كلها تحتاج إلى المنطق فهو ضروري ودوره هام في تنمية الفكر .
النقد / المنطق الأرسطي لا يخلو من العيوب و النقائص أهمها / منطق لفظي ، و اللفظ يمكن ان يوقعنا في المغالطات . مثلا كل جبن مصنوع من حليب – كل جبن استسلام- اذن كل استسلام مصنوع من حليب هذا هو السبب الذي دفع بالرياضيين إلى إدخال إصلاحات كبيرة على المنطق التقليدي و ظهر ما يسمى بالمنطق الرمزي مثال ـــــــــــــ{ ق 1 . ك 1 = ق. ك 1 ............الخ
- نتائج القياس تحصيل حاصل أو مصادرة على المطلوب ، و بالتالي لا تسمح باكتساب معرفة جديدة . عندما نقول – كل انسان فان – سقراط إنسان – اذن سقراط فان . نلاحظ ان النتيجة – سقراط فان متضمنة في المقدمة الكبرى - كل إنسان فان –
- جون ستيوارت ميل J.S.Mill يقول –اذا كان فناء سقراط امرا مشكوك فيه , فيجب ان نشك في القضية الكبرى التي تتضمنه و هي – كل إنسان فان - فما يبقى للقياس ان يثبت
- عدم تطابق النتائج أحيانا مع الواقع الحسي ، و بالتالي لا يمكن استعماله في دراسة الظواهر الطبيعية ، هذا ما دفع الى ظهور المنطق المادي مع فرنسيس بيكون F.Bacon في كتابه الارغنون الجديد . و بعد ذلك مع الفيلسوف التجريبي جون ستيوارت ميل
لطلبة العلوم التجريبية والرياضية والتسيير والإقتصاد
اول درس في الفلسفة
المشكلة والاشكالية
يعتبر التفكير الفلسفي من أقدم وأعرق أنماط التفكير الإنساني منذ أن ارتبط بوجوده حيث حاول من خلاله تفسير مختلف الظواهر الطبيعية المحيطة به وبشكل أدق حاول فهم الوجود المادي الدي يحيا فيه وفهم ذاته ومايجري فيها معتمدا في ذلك على طرح مجموعة من الأسئلة وهو ما يعرف بالتفلسف وبهذا يعكس السؤال أهم خصوصية يتميز بها التفكير الفلسفي والذي في كثير من الأحيان مايتحول لإلى مشكلة .وانطلاقا من هذا طرحت إشكلية العلافة بين المشكلة والإشكالية والتي يمكن صياغتها على النحو التالي :
ماوجه العلاقة بين المشكلة والإشكالية ؟ماهي أوجه التشابه بينهما ؟وماهي أوجه الإختلاف ؟ وهل نلمس مواطن تداخل بينهما ؟
إن كل من المشكلة والإشكالية يكون مسبوقا بدافع قد يكون هذا الدافع فضولا أوشعوراالمرء بالجهل كما أن كليهما يسعى للوصول إلى إجابة يحاول من خلالها فك الإبهام والكشف عن الغموض .بالإضافة لإلى أن كلاهما يرتبط بالإثارة والحيرة والقلق والدهشة لكي يخلقان إرتباكا في نفس السائل .فضلا عن ذاك فإن كلاهما يطرح قضايا فكرية تتجاوز الحسيات والتوجه أو التطلع نحو العقلاني فهما لا يهتمان فقط بالظواهر الجزئية الحسية بل أيضا بدراسة الكليات المجردة وخاصة الموضوعات الميتافيزيقية .
ولكن هل وجود نقاط التشابه بينهما يمنعوجودإختلاف بينهما .
من خلال الوقوف على حقيقة كل من المشكلة والإشكالية نلمس أن أهم وجه فرق بينهما يكمن في كون أن الإشكالية هي المعضلة الفلسفية التي تترامى حدودها وتتسع أكثر وتنضوي تحتها المشكلات الجزئية .فلإن المشكلة فمجال بحثها في الفلسفة أقل إتساعا من الإشكالية حتى أننا نضع على رأس كل قضية فلسفية أساسية سؤالا جوهريا يقوم مقام الإشكالية ثم نفصل السؤال الجوهري هذا لإلى عدد من الأسئلة الجزئية تقوم مقام المشكلات .وإذا كان مصدر إشتقاقهما واحد فإن الإستعمال المريح يفصل بينهما فصل الكل عن أجزائه وهذافضلا عن أن الإشكالية قضية تثير قلقا نفسيا وتشوشا منطقيا والباحث فيهالايقتنع بحل أو بأطروحة أ, بجملة من الأطروحات ويبقى مجال حلها مفتوحا .إذن فالإشكالية أوسع من المشكلة فهي تحتضن مجموعة من المشكلات ولإذا حددنا موضوع الإشكالية عرفنا المشكلات التي تتبعها كما تتتبع الأجزاء الكل الذي يحتضنها .فالأشكالية هي بمثابة المضلة المفتوحة التي تنضوي تحتها المشكلات التي تناسبها .وكذلك الأمر بالنسبة للإشكاليات فقدتجمعها على نفس المبدأإشكالية واحدة نسميها إشكالية الإشكاليات أوأم الإشكاليات .وعلى هذا الأساس نستعمل الإشكالية باإعتبارها المعضلة الأساسية التي تحتاج إلى أكثر من علاج فهي بمثابة المصدر الذي لاينقضي عجائبه وفي مقابل ذلك نستعما المشكلة باعتبارها القضية الجزئية التي تساعد على الإقتراب من الإشكالية .
لكن هل وجود نقاط الإختلاف هذه تمنع منوجود نقاط تداخل وتكامل بينهما ؟
إن الحديث عن الخلاف بين المشكلة والإشكالية كالحديث عن الخلاف بين الصبي والرجل أي رغم أنه ليس كل مشكلة إشكالية وليس كل إشكالية مشكلة إلاأن هذا لايمنع من القول أن الإشكالية والمشكلة تشخص كلتاهما على أساس ما تخلفه هاته أو تلك من آثارواضطراب في الإنسان فإذا كان هذا الإضطراب إحراجا كانت القضية المطروحة إشكالية وإذا كان هذا الإضطراب دهشة كانت القضية مشكلة وكان الفرق بينهما كالفرق بين الإحراج والدهشة .
إنطلاقامما تقدم نستطيع القول أن المشكلة والإشكالية يختلفان في بعض النقاط ولكن هذا لايمنع من تداخلهما وتكاملهما فالمشكلة قدتتحول إلى إشكالية إذا تفرعت منهامشكلات جزئية وتبقى المشكلة أقل إتساعامن الإشكالية
تطبيق المنهج التجريبي على المادة الحية محل ...
---------------------------------------------------------------------
لعبت الفلسفة دورا أساسيا في تقديم تفسير عام للوجود و فهم شامل لعلاقة الإنسان بالطبيعة، فتحولت مع مرور الزمن إلى أداة لفتح مجاملات جديدة أمام الفكر، مما أدى إلى ظهور علوم مختلفة اتبعت منهجها التأملي العقلي و لغتها التي تعتمد على الوصف، و سارت على خطاه، و لكن مع تقدم العلوم الطبيعية و تطور الحياة الاجتماعية كان حافزا أساسيا لاستقلال الكثير من مجالات المعرفة عن الفلسفة في شكل علوم مختصة قائمة بذاتها كانفصال الفيزياء عنها على يد نيوتن و الكيمياء على يد لافوازييه، و اتبعت المنهج التجريبي الذي يقوم على الملاحظة ، الفرضية و التجربة و يعتبر (فرنسيس بيكون) أول من وضع أسس المنهج التجريبي في العصر الحديث و أقام هذا المنهج على المادة الجامدة، حيث بفضله تقدمت العلوم الفيزيائية الكيميائية تقدما كبيرا و هذا النجاح الكبير الذي حققته يرجع لاستخدامها المنهج التجريبي الشيء الذي رغب علماء البيولوجيا في استعارة نفس المنهج من أجل تحقيق نفس النتائج.
فهل ستنجح البيولوجيا في استعارة المنهج التجريبي و تطبيقه ؟ أو بمعنى آخر هل يمكن للمنهج التجريبي الذي وضع خصيصا على المادة الجامدة أن يطبق على المادة الحية بالرغم من العوائق التي يطرحها موضوعها ؟؟
إن المنهج التجريبي الذي وضع أساسا للمادة الجامدة يصعب تطبيقه على المادة الحية و ذلك للصعوبات التي تعترض علم البيولوجيا في تطبيق خطوات المنهج التجريبي و هي صعوبات تتصل بطبيعة موضوعها ذاته الذي يختلف عن المادة الجامدة و هذه العراقيل تعرف بالعراقيل تعرف بالعوائق الابستيمولوجية، إذ أننا لا نستطيع تقسيم المادة الحية إلى أجزاء لأنها تمثل وحدة عضوية متكاملة فإذا كان التجريب على المادة الجامدة لا يطرح أي إشكال فان ذلك يشكل صعوبة في المادة الحية فلو فصلنا أحد أعضاء الجسم للتجريب عليه فإننا نفسد طبيعته و نفقده وظيفته لذلك يقول (كوفييه ): " إن محاولة فصل أي عضو عن الجسم هو موت الجسم " أي أن تشابك وظائف أعضاء الجسم يصعب إمكانية فصلها قصد التجريب عليها و هذا العائق يطرح مشكلة دقة الملاحظة عند علماء البيولوجيا لأن معرفة وظيفة أي عضو تقتضي ملاحظته أثناء قيامه بوظيفته و هذا أمر ليس سهلا. كما أن الكائنات الحية ليست متجانسة كما هو الشأن في المادة الجامدة، الأمر الذي يجعل تعميم النتائج فيه نوع من التعسف خاصة بعد التجربة التي قام بها (لويس أغاسيز) على الأصداف حيث انه من بين 27000 صدفة لم يعثر على صدفتين متشابهتين، بالإضافة إلى مشكلة أخلاقية تتمثل في تحريم أو منع التشريح على الإنسان بحجة الدفاع عن كرامته و هذا كله من شأنه أن يؤخر تقدم العلوم البيولوجية مقارنة مع العلوم التي لا تعاني مثل هذا المشكل الأخلاقي ( الفيزياء و الكيمياء مثلا ) . هذه العوائق و غيرها تكفي لتبرير تطبيق المنهج التجريبي على الظواهر الحية .
لكن هذه المشاكل يمكن وضعها في إطارها الزمني فقط لأن التطور التكنولوجي ووسائل البحث مهد لإمكانية استخدام التجربة على المادة الحية كما ساهم كثيرا في تخفيف بعض العوائق و تجاوزها خاصة بالنسبة للملاحظة و التجربة، فملاحظة نمو نبتة مثلا كان أمرا صعبا لأنه كان من غير الممكن تتبع أدق التفاصيل و ملاحظة أهم الظواهر التي تمر بها أثناء نموها، و لكن اليوم مع تطور الأجهزة الكاشفة كالكاميرا يمكن معرفة كل مراحل نمو هذه النبتة و مميزات كل مرحلة عن طريق مشاهدة المونتاج. و بهذا لا يمكن الاستسلام لهذه العوائق لأن العلم قائم على التجربة مما يجعل علم البيولوجيا محكوما عليه باستخدامها لتفسير ظواهره تفسيرا صحيحا، فهل سينجح هذا العلم في تطبيق المنهج التجريبي؟
يرى (كلود بر نار) انه ينبغي لعلم البيولوجيا أن يستخدم في تطبيق المنهج التجريبي حيث يقول : " يجب على علم البيولوجيا أن يأخذ من العلوم الفيزيائية الكيميائية المنهج التجريبي لكن مع الاحتفاظ بحوادثه الخاصة و قوانينه الخاصة " و لذلك يمكن إقامة خطوات المنهج التجريبي من ملاحظة، فرضية و تجربة حسب ما تسمح به طبيعة المادة الحية أي أن التجريب ممكن بل ضروري في المادة الحية و لكن مع مراعاة طبيعتها أي التكيف معها، و من ذلك تجربة برنار الشهيرة على الأرانب و التي بدأت بملاحظته أن بول الأرانب الموجودة في مخبره حامضي و ذلك لأنها تركت بقعا على الرخام مع أنها آكلات أعشاب و من المفروض أن يكون بولها قاعديا، استعمل برنار ورق PH للتحقق من حموضة هذا البول فوجده كذلك، و لهذا افترض برنار أن الأرانب لما جاعت استهلكت بروتين جسمها المدخر، و للتأكد من صحة فرضيته كان عليه أن يصطنع الظاهرة و ذلك بتجويع الأرانب للحصول على البول الحامضي، و فعلا عندما جوع الأرانب حصل على البول الحامضي ثم كرر التجربة عدة مرات مستعملا قاعدة التلازم في الحضور و الغياب و التي تنص على أن حدوث الظاهرة (أ) متبوعة دوما بحدوث الظاهرة (ب) فانه يستلزم أن الظاهرة (أ) هي سبب الظاهرة (ب) و غياب الظاهرة (أ) متبوعا دائما بعياب الظاهرة (ب) يستنتج منه أن الظاهرة (أ) هي سبب الظاهرة (ب) طبق برنار هذه القاعدة و لا حظ أن صيام الأرنب يعطي بولا حامضيا و أن غياب الصيام يعطي بولا قاعديا كذلك تغذية الأرنب تغذية عشبية أعطت بولا قاعديا و غياب التغذية العشبية أعطى غياب البول القاعدي و للتأكد أكثر من فرضيته غير مدة الصيام و قاس في كل مرة نسبة الحموضة في بول الأرانب فوجد انه كلما زادت مدة الصيام زادت نسبة الحموضة في بول الأرانب و عليه فقد استنتج أن سر البول الحامضي يكمن في التغذية المقدمة للأرنب و لو كانت فرضيته صحيحة فهذا يعني أن الأرانب تملك آليات تساعدها على هضم البروتين مع أن الاعتقاد الشائع على آكلات الأعشاب أنها لا تملك آليات لهضم البروتين و لذلك قرر أن يجرب طبخ قطعة من اللحم و طحنها و مزجها مع العشب حتى تتمكن الأرانب من أكلها و بعد أن تغذت هذه الأرانب انتظر (برنار) مدة تعادل دورة هضم الغذاء، ثم التقط بول هذه الأرانب فوجده يحوي على نسبة من الحموضة و عليه فقد استنتج أن البول الحامضي سببه التغذية البروتينية و لكي يستطيع تعميم نتائجه أعاد التجربة على الحصان فحصل على نفس النتائج المحصل عليها عند التجريب على الأرانب، فصاغ القانون الذي ينص على أن كل آكلات الأعشاب إذا ما جاعت استهلكت بروتين جسمها المدخر.
لقد كانت تجربة (برنار) رائدة في تاريخ البيولوجيا و فتحت الأبواب أمام هذا العلم لدراسة واقعية و موضوعية من يومها و المحاولات تتوالى لتطبيق الدراسة التجريبية، لكن رغم ذلك نلاحظ أن هذه التجربة سطحية و بسيطة، إذ تتميز بخصائص كيميائية يسهل السيطرة عليها و تفسيرها، غير أن المادة الحية معقدة و متشابكة و لهذا فان تطبيق المنهج التجريبي عليها ليس دوما سهلا و بسيطا، فالتشريح لا يزال من لا يرغب فيه أما لأسباب أخلاقية أو دينية، كما أن الملاحظة رغم إمكانياتها فهي لا تبلغ درجة الدقة الموجودة في المادة الجامدة نظرا لتشابك و تعقيد المادة الحية ذاتها، و لهذا لا يزال العلماء إلى يومنا هذا يحاولون تكييف المنهج وفق الخصائص حتى نتمكن من فهم المادة الحية.
مما سبق تحليله ، نستنج أن جهود (كلود برنار) و علماء البيولوجيا بعده قد مكنت هذا العلم من استخدام التجريب كما أن نجاح دخول المنهج التجريبي على المادة الحية أمر واضح و غير قابل للتكذيب لكن طبيعة المادة الحية و ارتباطها بالأبعاد الأخلاقية جعل التجريب نسبيا لذلك لم تصل بعد إلى نفس درجة تطور علوم المادة الجامدة، و هذا يدل على ضرورة مواصلة البحث في الدراسة العلمية للبيولوجية و عليه يمكن القول انه يمكن التجريب في البيولوجيا لكن في حدود تقتضيها طبيعة المادة الحية ذاتها
موضوع: مقالة حول إشكالية تطبيق المنهج التجريبي على الظواهر الإنسانية الأربعاء ديسمبر 09, 2009 10:40 pm
________________________________________
مقالة حول إشكالية تطبيق المنهج التجريبي على الظواهر الإنسانية. (التاريخ).لأسئلة:-هل تصلح الحوادث التاريخية أن تكون بحثا علميا؟-هل يمكن دراسة الحوادث التاريخية بعيدا عن المعرفة العلمية؟-هل يمكن أن تكون الأحداث التاريخية موضوعا للمعرفة العلمية؟-هل يستطيع المؤرخ أن يتجاوز العوائق التي تمنعه لتحقيق الموضوعية؟-يقال{إن للموضوعية في التاريخ حدود لأن المؤرخ يعيش التاريخ} ما رأيك؟-إذا كانت للموضوعية في التاريخ حدود فهل يمكن أن يتحول التاريخ إلى علم؟- المقدمة: تنطلق الدراسات العلمية على اختلاف مضمونها ومنهجها من مرحلة البحث حيث تحرك العلماء أسئلة وإشكالات محيّرة تقودهم إلى مرحلة الكشف من خلال ملاحظات وفرضيات والتي تنقلب بـالبرهنة إلى قوانين علمية برهانية فإذا علمنا أنّ الموضوعية شرط قيام العلم وأن التاريخ يدرس الحوادث الإنسانية التي ترتبط بالزمن الماضي فالمشكلة المطروحة:هل تصلح أن تكون الحوادث التاريخية موضوعا لمعرفة علمية؟/ الرأي الأول(الأطروحة): ترى هذه الأطروحة "الموقف المعارض لعلم التاريخ" أن الأحداث التاريخية لا تصلح أن تكون موضوعا لمعرفة علمية لأن دراسة التاريخ دراسة موضوعية مسألة متعذرة بحكم وجود عوائق موضوعية وذاتية أهمها غياب أهمها غياب الموضوعية والتي يتجلى في تدخل الأفكار المسبقة وأحكام القيم هذا ما عبر عنه"جون ديوي" قائلا {تناول الباحثين للمشكلات الإنسانية من ناحية الاستهجان والاستحسان الخلقيين ومن ناحية الخبث والطهر عقبة في طريق الدراسات التاريخية} كما يتدخل الطابع الشخصي للمؤرخ ويظهر ذلك في طريقة فهمه لتاريخ وأسلوب عرضه ومن أمثلة ذلك أن علماء الدراسات التاريخية في القرن الـ19 في بريطانيا كانت متأثرا بالنزعة الرأسمالية ومع ظهور الماركسية ظهر ما يسمى التعبير المادي للتاريخ ومن العوائق التي تقف أمام الدراسات التاريخية (غياب الملاحظة) لأن الحادثة التاريخية فريدة من نوعها تحدث مرة واحدة ولا تتكرر وهذا ما عبّر عنه "عبد الرحمن الصغير" قائلا {النظرية العلمية تشترط ملاحظة الوقائع من أجل اكتشاف القوانين فالحادث البيولوجي يمكن ملاحظته أما الحادث التاريخي فلا يمكن بلوغه} وفي التاريخ لا وجود للسببية والحتمية كل هذه العوائق تقف في وجه ارتقاء التاريخ إلى مرتبة الدراسات العلمية.نقد: هذه الأطروحة تتجاهل أن التاريخ له منهجه الخاص به الذي يتوافق مع طبيعة حوادثه./الرأي الثاني(نقيض الأطروحة): ترى هذه الأطروحة أن الحوادث التاريخية تصلح أن تكون موضوع معرفة علمية موضوعية وأن المنهج التاريخي هو المنهج الاستقرائي الواقعي منهج تتوفر فيه خصائص الروح العلمية وكذا الملاحظة والفرضية والتجربة وهذا ما أكّد عليه "محمود قاسم" في كتابه [المنطق الحديث ومناهج البحث] قائلا {لقد ضاقت المسافة التي كانت تفصل التاريخ عن العلوم التجريبية فقد طبق المؤرخون أساليب التفكير الاستقرائي على بحوثهم} والمنهج التاريخي يعتمد على خطوات أساسية وهي أربعة [جمع المصادر والوثائق] سواء المقصودة بالتاريخ أو غير المقصودة وهي ضرورية قال عنها "سنيويوس" {لا وجود لتاريخ دون وثائق وكل عصر ضاعت وثائقه يضل مجهولا إلى الأبد} وبعد جمعها تأتي مرحلة[التحليل والنقد] وهنا يستعين علماء التاريخ بـالتحليل الكيميائي ومثل ذلك استعمال كربون 14 للتأكد من العمر الزمني وكذا النقد الداخلي للوثيقة الذي ينصب على المضمون وشرط النقد الموضوعية قال "ابن خلدون" {النفس إذا كانت على حالة من الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص والنظر} وتـأتي مرحلة [تركيب الظواهر التاريخية]يرتب المؤرخ الحوادث ترتيبا زمنيا ومنطقيا وقد يجد فجوات فيلجأ إلى الفرضية وبعدها يصل إلى مرحلة تغيير التاريخ وقد يستعين بتجربة المقارنة كما فعل "مارك بلوخ" في دراسته التاريخية على الإقطاع حث قارن بين [ألمانيا, فرنسا, ايطاليا, انجلترا] ووجد أن الإقطاع ارتبط ظهوره بالزراعة واختفى في عصر الصناعة, إن التاريخ علم.نقد: لا شك أن التاريخ أصبح علما لكن ظواهره لا تتماثل مع الظواهر الطبيعية. /التركيب: الحديث عن الفكر التاريخي يدفعنا إلى ضرورة التمييز بين اتجاهين [الاتجاه المالي] وما ينطوي عليه من نظرة فردية ذاتية و[الاتجاه الوضعي] الذي اعتبر الحقائق التاريخية موضوعية يمكن تعميمها, ومن هذا المنطلق لا يمكن ربط التاريخ بـالتأمل الفلسفي وحده ولا اعتبار حوادثه مماثلة للظواهر الطبيعية بل هي حوادث لها منهجها الخاص, منهج جمع بين التأمل والنقد وبين الاستنتاج والاستقراء وكما قال "ابن خلدون" في [المقدمة] {التاريخ في باطنه نظرة وتحقيق وتحليل للكائنات ومبادئها دقيق وعلم بكيفياتها الوقائع وأسبابها عميقة وهو لذلك أصل الحكمة العريق} كما أن الشواهد الواقعية تؤكد أن علم التاريخ قد قطع أشواطا كبيرة في مسيرته التي لا تنتهي وكما قال المؤرخ "يوري" {التاريخ أصح علما لا أكثر ولا أقل}.-الخاتمة:وفي الأخير يمكن القول أن الحادثة التاريخية حادثة إنسانية ذاتية فريدة م نوعها تختلف عن الظواهر الفيزيائية كونها غير قابلة للملاحظة والتجريب ومن ثم صعوبة الوصول إلى قوانين تحكم الحوادث التاريخية هذه الصعوبة تطرقنا إليها من خلال الموقف المعارض لقيام التاريخ وكذا الموقف المعاكس الذي دافع عن علمية التاريخ انطلاقا من منهجية قوامها [جمع المصادر والوثائق والتحليل والنقد والتركيب والتعبير التاريخي] ومن كل ذلك نستنتج:نعم يمكن أن تكون الحوادث التاريخية موضوعا لدراسة علمية شرط مراعاة خصائص الحادثة التاريخية.
هل يمكن الركون للمنهج التجريبي في دراسة الظاهرة الإجتماعية؟
إن دراسة الظواهر الاجتماعية لتختلف عن دراسة الظواهر الطبيعية لأن الأولى لا تعمل تحت قوانين حاسمة تخضع للتجربة الدقيقة في المختبرات بل أنها تتناول نحواً فريداً يعتمد على عوامل ليست كلها قابلة للعزل التجريبي والتجربة العلمية في المجتمع لها نوع من التصرف الإنساني ذي الصبغة الشخصية عن الموضوعية التي يتطلبها العلم.
فالظاهرة الاجتماعية ليست خاضعة لقواعد المنهج دون تقدير لطبيعتها الخاصة، فـ "المجتمع ليس علماً محضاً، بل يعيش أيضاً بالإنسانيات غير العلمية كالدين والأخلاق والفلسفة، بكل ما يلابسـها من القـيم والمثـل والآمـال والانفعالات". ولاشك أن العلوم الطبيعية قد قدر لها أن تواصل انطلاقها بأسرع مما صنعت العلوم الإنسانية لعوامل متعددة أهمها سهولة انفصالها واستقلالها عن مختلف مجالات النشاط الإنساني الاجتماعي والروحي لأن موضوعاتها محايدة لا تتميز بالوعي والإرادة يؤيدها في ذلك ما كانت تثبته كشوفها من النفع المباشر الذي يتخذ صورة ملموسة .ولعل السؤال الذي بين أيدينا يطرح جزءا من هذه الإشكالية,التي يمكن بسطها من خلال التساؤلات التالية:
• هل الظاهرة الإنسانية عموما والإجتماعية بشكل خاص قابلة للدراسة بذات المناهج التي تدرس بها الظواهر الطبيعية؟ أو بمعنى آخر هل اختلاف الظاهرة الإجتماعية عن الظاهرة الطبيعية يستوجب بالضرورة اختلافا في طبيعة المنهج الذي يعتمده الباحث في دراستها؟
• هل اعتماد المنهج التجريبي في مقاربة الظاهرة الإجتماعية من شأنه أن يعمق أفكار الباحث عن هذه الظواهر أم أنه يشكل عائقا دون تطور العلوم الإجتماعية؟
. إن مقاربة السؤال-قيد الدراسة والتحليل-تستدعي منا من الناحية الإجرائية القيام بتفكيك البنيات المكونة له فقد جاء السؤال عن طريق أداة السؤال هل"وهي أداة غالبا ما تقرن بين قضيتين اثنتين,تكون إحداهما ظاهرة من منطوق السؤال والثانية مضمرة,فالسؤال الذي بين أيدينا يوحي بأنه بالإمكان الركون والإعتماد على المنهج التجريبي في دراسة الظاهرة الإجتماعية,لكن القضية التي لم يعلن عنها السؤال بشكل صريح هي أنه لا يمكن الإعتماد على المنهج التجريبي في مقاربة الظاهرة الاجتماعية لأنها ظاهرة متفردة,ومعقدة تأتي صعوبة تطبيق هذا المنهج عليها من تعالقها بالمجتمع وبالفرد البشري.
هذا وإن فهم السؤال الذي نحن بصدد تحليله ومناقشته عموما يستوجب إيضاح الغموض الذي قد يكتنف العبارات المشكلة له,هكذا نجد عبارات من قبيل:الركون:أي الإعتماد والإتكال/المنهج :يعرفه المعجم الفلسفي العربي بكونه الطريق الواضح في التعبير عن شيء أو عن عمل شيء أو هو الطريقة التي يسلكها الباحث للإجابة عن الأسئلة التي يثيرها المشكلة موضوع البحث/والمنهج التجريبي يقصد به مجموع الخطوات المتبعة في الممارسة العلمية وقد حدده كلود برنارد في أربعة خطوات هي: الملاحظة والفرضية والتجربة والإستنتاج.
لقد نشأت المطالبة بالدراسة العلمية للظواهر الاجتماعية، باعتبار هذه الدراسة متميزة عن الدراسة الدينية والفلسفية، في أجواء الثقافة الغربية، حيث تأثر الباحثون في الشؤون الإنسانية، بالنجاح الذي حققه المنهج العلمي في العلوم الطبيعية والبيولوجية. فقد نجح العلم الطبيعي في كشف ظواهر الكون، والسيطرة عليها، بعد أن تخلص من هيمنة الكنيسة الكاثوليكية، قبل عصر النهضة، التي كانت ترى أن غاية البحث هي فهم كلمة الإله في الكون. وعين الضلالة عندها هي: البحث عن الحقيقة في غير الكتاب المقدس.
. وكانت الروح المميزة للقرن الثامن عشر، هي روح المشاهدة، والدقة، والمراقبة، وإجراء التجارب، واستنباط القوانين العامة الواضحة والدقيقة، وكما يقول أحد المؤرخين:
"لقد انشغل الناس بالمنهاج المعصوم من الخطأ "المنهج العلمي"، وخُيل إليهم أنه لم يبق من مهمة سوى أن يسحبوا المنهاج العلمي الذي ولد على يدي ديكارت ونيوتن، ليغطي تلك المناطق التي لا تزال خاضعة للخرافات وعدم الانتظام
هكذا وبفضل ما تتسم به الظواهر الطبيعية من طابع خارجي يجعلها مستقلة عن الذات العارفة، استطاعت العلوم الطبيعية - عند نشأتها - أن توفر شرط الموضوعـــية الذي أعــطى لنتائجها مصــداقية لا يختلف حولها الدارسون، وجعل منها تعبيرا عن القطيعة مع التصورات اللاهوتية والميتافيزيقية حول عالم الطبيعة.. وتحت تأثير هذا النجاح، حــــاول أوائـــــل المهتمين بالظواهر الإنسانية استلهام هذا النموذج العلمي بهدف إنتاج معرفة علمية - موضوعية تسمح بتحرير قارة الإنسان من سلطة التصورات اللاعلمية مثلما حدث مع قارة الطبيعة.
وهذا هو الموقف الذي تبنته النزعة الوضعية من خلال تأكيدها على إمكانية دراسة الإنسان بطريقة علمية تضمن الموضوعية عن طريق تطبيق المنهج التجريبي، سواء تعلق الأمر بالظواهر النفسية (المدرسة السلوكية مع "جون واطسون" في أمريكا)، أو بالظواهر الاجتماعية (المدرسة الوضعية في فرنسا مع "سان سيمون" و"أوغست كونت" و"دوركايم"). فبخصوص الظواهر الإجتماعية، اتفق أقطاب الوضعية الفرنسية على الدعوة إلى إخضاعها للدراسة العلمية من خلال التعامل معها ك"أشياء" أو موضوعات لها وجودها الخارجي المستقل عن الذات، قابلة للملاحظة والتجريب، وتخضع - مثل ظواهر الطبيعة - لقوانين ثابتة يمكن الكشف عنها. وذلك ما تعبر عنه قولة رائد هذا التيار"أوغست كونت" :" القوانين الطبيعية تحدد تطور الجنس البشري مثلما يحدد قانون الطبيعة سقوط الحجر"...وقد أسس "كونـت" عـلم الاجتماع أو "السوسيـولـوجيا" معتـبرا إياها بمثابة "فيزياء اجتماعية"؛ وأكد على ضرورة دراسة الظاهرة الاجتماعية بطريقة علمية/وضعية تمكن من تحريرها من وصاية اللاهوت والميتافيزيقا أسوة بما حصل في ميدان الفلك والفيزياء مع الظاهرة الطبيعية، وذلك في سياق التطور الذي يفرضه قانون "الحالات الثلاث" الذي اشتهر به (المرحلة اللاهوتية / المرحلة الميتافيزيقية / المرحلة الوضعية.. (
وبالمثل، يدعو تلميذه "إميل دوركايم" إلى التخلي عن التصورات الذاتية أو الأحكام المسبقة عند دراسة الظواهر الاجتماعية،وذلك على اعتبار أنها ظواهر تتوفر على وجود موضوعي مستقل كما يدل على ذلك طابعها القهري أو الإلزامي.
وعموما، فالنزعة الوضعية تقيم تطابقا تاما بين الظواهر الطبيعية والإنسانية بناء على تقليدها للنموذج التجريبي الذي نظرت إليه كنموذج مكتمل ونهائي؛ وبذلك تتقابل مع الموقف الذي يؤكد على خصوصية الظاهرة الإنسانية وعدم قابليتها لتطبيق المنهج التجريبي أو تحقيق الموضوعية كما تحددت صورتها في علوم الطبيعة....
وبخلاف هذه النزعة الوضعية حاول ديلتايdeltay إيجاد تفسير وفهم صحيحين في مجال العلوم الإنسانية، وذلك في محاولته الجادة لإقامة العلوم الإجتماعية على أساس منهجي مختلف عن العلوم الطبيعية مركزا على فارق جوهري هو أن مادة العلوم الإجتماعية مادة معطاة – العقول البشرية – وليست مشتقة من أي شيء خارجها، بخلاف مادة العلوم الطبيعية، وعليه فإن العالم الإجتماعي يجد مفتاح العالم في نفسه وليس في خارجها. وعليه أساس الفهم الذاتي الصحيح يتجلى في إقامتها على أساس معرفي وأساس بسيكولوجي ، فالأساس المعرفي عند ديلثي يتأسس على التجربة الذاتية فهي المقابل للتجربة في العالم الخارجي بالنسبة للعلوم الطبيعية. والتجربة الذاتية هي الشرط الضروري الغير ممكن تجاوزه لأي معرفة ما دام أن هناك مشتركا بين الآحاد من البشر، وعليه يصبح من المتيسر الإدراك الموضوعي القائم خارج الذات، إذ أن هذا الموضوعي الإنساني يحمل تشابهات من ملامح التجربة الأصلية عند الذات المدركة. وطبعا هذا الفهم المؤسس على التجربة الذاتية وقراءتها كما الشيء الموضوعي راجع للتعبير سواء كان في سلوك اجتماعي أو نص مكتوب. وبصــدد هـذا الفـارق قـال (ديلتاي):deltay: "إن مادة العلوم الاجتماعية مادة معطاة، وليست مشتقة من أي شيء خارجها، مثل مادة العلوم الطبيعية التي هي مشتقة من الطبيعة. إن على العالم الاجتماعي أن يجد مفتاح العالم الاجتماعي في نفسه وليس خارجها، إن العلوم الطبيعية تبحث عن غايات مجردة، بينما تبحث العلوم الاجتماعية عن فهم آني، من خلال النظرة في مادتها الخام، إن الإدراك الفني والإنساني هما غاية العلوم الاجتماعية، وهذا يمكّن الوصول إليهما من خلال التحديد الدقيق للقيم والمعاني التي ندرسها في عقول الفاعلين الاجتماعيين" .
وتتدخل حرية الإرادة البشرية في الظواهر الإنسانية، وتقوم بتغيير مجراها، تغييراً يجعل من الصعوبة إخضاعها لقانون علمي ثابت، ومن هذا يتيسر التنبؤ في مجال العلوم الطبيعية، وهذا غير مقدور في العلوم الإنسانية على وجه الدقة، لأن سير ظواهره يمكن أن يُغيّر مجراه بتدخل الإرادة، وأحكام الناس تتأثر بعوامل لا تساير منطق العقل .
وقوانين العلوم الإنسانية ليست موضوعية خالصة، إذ أن الباحث في هذه المجالات لا يستطيع أن يتجرد من أهوائه، وهو ينظر إلى موضوعه الذي يتصل بالإنسان من خلال عقيدته وثقافته وتقاليد موطنه وغير ذلك من عوامل تؤثر على نزاهته، وتجعله باحثاً ذاتياً ومتأثراً بالعوامل الذاتية، وهذا عكس العلوم الطبيعية، فإن تحرر الباحث من الميل والهوى ميسور عند علاج موضوعاتها، ومن هنا كان البحث العلمي موضوعياً وليس ذاتياً .
إن الدقة في قوانين العلوم الطبيعية مرجعها إلى صورتها الرياضية، لأن من الميسور أن تقاس مقاديرها بالكمية، أما العلوم الإنسانية فيتعذر إخضاع موضوعاتها لهذا الضبط الكمي، ويستحيل تصويرها بالمعادلات الرياضية الدقيقة، مما أدى ببعض الباحثين في العلوم الإنسانية إلى القول بأن علومهم لا تكون عامة أبداً، لأنها لا تخلو من الحالات الاستثنائية التي لا تدخل في طبيعتها.
بل هناك عوائق جمة لا يمكن أن نلتمس من منهج العلوم الطبيعية نتائج إيجابية، إذا ما أردناه أداة فاعلة لتفسير بعض الظواهر في العلوم الإنسانية، أشير - هنا – إلى بعضٍ منها :
1. – في العلوم الإنسانية لا يتيسر للباحث أن يدخل في موقف اجتماعي لأن إدخال ذلك قد يؤدي إلى تعديل غير قابل للتصحيح، فتكرار المتغير لمعرفة ما إذا كانت المشاهدة ثابتة، سوف يقع دوماً على متغيرات لم تعد في أوضاعها الأولى، وما دمنا على غير يقين من عزونا للثوابت أو المتغيرات المشاهدة إلى الحالات الأصلية، فمن المستحيل أن يقرر بالوسائل التجريبية ما إذا كان تعديل معين في ظاهرة اجتماعية يمكن أن ننسبه بثقة إلى نمط معين.
وإذا كان الباحثون قادرون على التغلب على هذه الصعوبات في موضوعات الدراسة غير الإنسانية، باستخدام عيّنات جديدة في كل محاولة تُكرّر، فإن ذلك متعذر في العلوم الإنسانية، لأن العينات على فرض وجود قدر كاف منها قد لا تكون متماثلة في الخواص، فالإطراد سوف يكون أقل ظهوراً منه في الظواهر الطبيعية، وذلك بسبب التعقيد في الظواهر الإنسانية، مما يصعب على الباحث أن يعزل جانباً واحداً من جوانب الموقف التجريبي عزلاً يمكنه من تتبع ذلك العامل .
2. -إن منهج العلوم الطبيعية يمكنه إعادة التجربة في ظروف مختلفة زمانياً ومكانياً، بينما تتسم العلوم الإنسانية بحركيتها، وتغيرها، وعدم ثباتها، ومن ثم فهي ظواهر انفرادية لا تتكرر تحت نفس الشروط، وليس بإمكان الباحث أن يعيد تركيبها، إنها تاريخية تجسد لحظة تاريخية معينة.
3. – تختلف درجة إدراك الظاهرة الطبيعية عن الظاهرة الإنسانية، لأن الأولى تقدم نفسها للباحث شيئاً مستقلاً عنه، تتيح له حرية الملاحظة الخارجية، بوصفها ظاهرة مادية، لها بناء داخلي، يغير من شكلها ومظهرها، ويتفاعل مع المحيط الخارجي الذي توجد فيه، فالباحث في هذه الحالة، يتعامل مع هياكل معينة مجردة من الشعور والتفاعل، أما الظواهر الإنسانية فدرجة تعقيدها أكثر، وهي لا تقدم نفسها على نفس الشكل من البساطة، وليست هياكل ميتة ومجردة عن كل حركة، إنها تتمتع ببناء داخلي خاص، حيث أن الباحث الذي يتعامل مع الظواهر الإنسانية يجد نفسه داخل نظام من العلاقات والتفاعلات، وهنا لا تكفي الملاحظة الخارجية لإدراك حقيقة هذه الظواهر التي يكون فيها الإنسان مؤثراً ومتأثراً، وله حرية تغيير مظهره وسلوكه الخارجي .
4. – تتعامل العلوم الطبيعية مع ظواهر ذات طبيعة بسيطة التكوين، أما العلوم الإنسانية فإنها تتعامل مع ظواهر حية أكثر تعقيداً في تكوينها، وحينما حاول علماء الاجتماع تطبيق النموذج الطبيعي على الظواهر الإنسانية، كانوا يركزون على الظواهر المحسوسة في الإنسان، المتمثلة في السلوك الظاهري القابل للإدراك والمشاهدة، دون النفاذ إلى بواعث هذا السلوك، ودون النفاذ إلى الجوانب الروحية والمعنوية للإنسان، ولذلك جاءت النتائج مشوهة لحقيقة الإنسان الذي اختزلته في الجانب المادي .
5. – تتميز الظواهر الإنسانية بالتعقيد المضاعف: تعقيد على مستوى الفرد في تكوينه الداخلي، وتعقيد على مستوى تفاعل الأفراد في ما بينها، وفي طبيعة العلاقات التي تشكل رابطة بينها، وتعقيد يتعلق بطبيعة الظواهر الإنسانية التي تتميز عن الظواهر الطبيعية بالحركة والتغيير وعدم الثبات والتكرار، ولذا فإن الالتزام بالنموذج الطبيعي في دراسة الظواهر الاجتماعية/الإنسانية يفترض في الإنسان أن يكون عبارة عن هيكل ميت، لأنه لا يدرك منه سوى الجانب المادي، بينما تخفى عليه الجوانب الروحية والمعنوية .
6. – يقوم النموذج الطبيعي في دراسته الفيزياء – مثلاً – على أساس عزل الذرة عن محيطها المادي، وعن الطبيعة التي وجدت فيها، قصد دراستها وملاحظتها والتوصل إلى مكوناتها الأصلية. ولكن تطبيق هذا النموذج على المجال الإنساني لن يحقق ذات النتائج، فتفتيت الإنسانية إلى أجزاء مكونة من أفراد لا يعكس حقيقة الإنسانية، لأن المجتمع البشري في أدنى صوره كالأسرة لا تتكون من مجموعة أفراد تأخذ مكانها في مساحات معينة، وإنما هي مجموع التفاعلات والعلائق التي تربط بين أجزائها، وفهم للدوافع النفسية التي توجه هذه العلاقات والتفاعلات التي تحدد سلوكها الخارجي .
7. -إن الموضوعية القائمة في العلوم الطبيعية من المتعذر تحقيقها في العلوم الإنسانية ، فالظواهر الإنسانية تختلف عن الظواهر الطبيعية ؛ فالظواهر الإنسانية تتميز بتعقد وتنوع الاسباب المؤدية لظهورها وسرعة تغيرها وصعوبة تكميمها ، وصعوبة عزل الباحث عن المجتمع فهو جزء من المجتمع ولابد أن يتأثر بالظواهر الموجودة فيه0
وتبقى إشا رة مهمة حول (العلوم الإنسانية والقيم): فهل بإمكان تلك العلوم أن تنفصل عن القيم التي تعبّر عن ظواهر إنسانية اندمجت فأدت إلى تلك الأحكام؟
لنأخذ علماء الاجتماع مثالاً: حينما عزموا على العزوف عن اعتبار القيم الروحية التي توجّه سلوك الإنسان، قاصدين الالتزام بالموضوعية العلمية التي تركز على الظاهرة القابلة للملاحظة والادراك الحسي، كانت النتائج التي انتهوا إليها على حساب الحقيقة العلمية، بعد أن فشلت تلك الدراسات في أن تعكس الإنسان في واقع أمره، مما يدلل على عدم صلاحية هذا المنهج في استيعاب الجوانب المكوّنة لشخصية الإنسان في كل أبعادها المادية والروحية .كذلك ما حصل لعلماء الإجتماع حينما أرادوا دراسة الظواهر الأخلاقية: فلقد شرعوا مطبّقين المنهج التجريبي لدراسة تلك الظواهر، وكانت تعتمد على الوصف الظاهري للسلوك الأخلاقي، متجنبين الدراسة المعيارية التي تحدد الغايات، وكانت قناعتهم المنهجية تقتضي: أن الدراسة العلمية للظاهرة الأخلاقية، ليس من شأنها أن تحدد الغايات، وتصدر أحكاماً معيارية في ضوء مُثُلٍ معينة، لأن ذلك سوف يخرج عن الوصف العلمي المحايد الذي يقف عند حد الوصف.
فالمنهج التجريبي في دراسته للظواهر الأخلاقية لم يستطع أن يستوعب حقيقة هذه الظواهر لتركيزه على الجانب المادي المتجسد في أفعال الناس، مُجرِّداً الأخلاق من العنصر القيمي والمعياري المهمين، وهذا يكفي في الدلالة على عدم صلاحية المنهج التجريبي في دراسة موضوع ذي طبيعة مخالفة، إن القيم جزء جوهري من الوقائع التي يدرسها الباحث في العلوم الإنسانية التي تقوم على افتراضات قيمية.
هكذا يبدو أن منهج العلوم الطبيعية عاجز عن اكتشاف عناصر من شأنها أن تعمّق أفكار الباحث عن الظواهر الإنسانية، والتزام هذا المنهج يشكل عائقاً خطراً في وجه تقدم هذه العلوم، حيث أن التصرفات يمكن أن تعطي دلالات مختلفة، لا تعبر عن كل شيء.
كما أن الملاحظة والوصف لا يكفيان، والملاحظة البسيطة للواقعة غير كافية للكشف عن الدوافع.
إن اختلاف الظواهر الإنسانية عن الظواهر الطبيعية يستلزم اختلافاً في طبيعة المنهج الذي يتعامل به الباحث مع كلٍّ منهما، وبذلك تكون الدعوة إلى تبني المنهج الطبيعي ونماذجه الطبيعية، والتركيز على الظاهرة المادية للسلوك الإنساني، دون الدوافع الداخلية الموجهة لهذا السلوك، لتحقيق صفة العلمية في العلوم الإنسانية، دعوة جديرة بعدم الاعتبار
إلى أي مدى يمكن تطبيق المنهج التجريبي في البيولوجيا ؟
طرح المشكل
♠ ان التقدم الهائل والدقة الفائقة التي حققها المنهج التجريبي في علوم المادة الجامدة أغرى جميع العلماء في مختلف العلوم لتطبيق نفس المنهج في علومهم علهم يصلون بها الى ما وصل اليه التجريب بعلم الفيزياء من دقة وتقدم ، لذلك عندما وضع العالم والفيلسوف الفرنسي كلودبرنارد أسس العلم الذي يدرس المادة الحية في كتابه المدخل الى علم الطب التجريبي 1813ـ 1878 وسماه البيولوجيا دعى الى تطبيق المنهج التجريبي عليه ولكن هل نستطيع عمليا أن نطبق هذا المنهج في البيولوجيا والى أي مدى يمكن إخضاع الظاهرة الحية لشروط المادة الجامدة ؟
محاولة حل المشكل
القضية 1:
يرى بعض العلماء أنه من الصعب جدا تطبيق المنهج التجريبي في البيولوجيا ،أن هذه الصعوبات تعود في مجملها الى الأسباب التالية : طبيعة المادة الحية وخصائصها فالظاهرة الحية تختلف عن المادة الجامدة ، وفأر المختبر يختلف عن قطعة حديد وذلك أن الظاهرة الحية تتصف بخصائص كثيرة من أهمها صفة الحركة والتغير والنمو والتغذية والتنفس والعرق و الإطراح والتكاثر...الخ ،كما أن اختلاف كل عضو في الكائن الحي وتخصص وظيفة كل عضو وتكامل عمل الأعضاء وتعقده وصعوبة عزل الأعضاء عن بعضها كل ذلك يجعل التجريب في البيولوجيا صعبا بالإضافة الى صفة الحياة <أي جملة الوضائف التي تقاوم الموت ....لإنها الروح التي تميز الكائن الحي والتي تجعل أي خطأ أو إهمال يؤدي إلى فقدانها ، الى جانب هذه الصعوبات هناك صعوبة كبيرة في اصطناع الظاهرة الحية وصعوبة تكرارها فكيف يقوم التجريب إذا كانت التجربة بالتعريف هي اصطناع الظاهرة وتكرارها وصعوبة أخرى تكمن في عدم القدرة على تعميم نتائج أي تجربة في البيولوجيا وهذا للفردية التي يتصف بها كل كائن حي ، يقول لايبينتز ،( لايوجد فردان متشابهان ) فمايصدق على فأر المختبر لا يصدق على الفئران ، فما هي ضرورة تجربة فردية لانستطيع تعميم نتائجها ويضاف الى كل هذه الصعاب مجموعة الموانع الدينية والخلقية والقانونية التي تحرم وتمنع التجريب على الأحياء .
☻مناقشة :
هل هذا يعني أنه من المستحيل تطبيق التجريب في البيولوجيا أم هو مجرد صعوبة يمكن تجاوزها ؟ وهل على العلماء أن يكفوا عن التجريب ويبحثو عن منهج أخر .
القضية 2:
يقول غوبلو ( لاشيء مستحيل في العلم) إن إصرار علماء البيولوجيا على إتخاذ التجريب منهجا علميا لهم جعلهم يتحدون كل الصعاب يقول بارنارد ( على البيولوجيا أن تعتمد على منهج العلوم الفيزيائية مع الاحتفاظ بشروط المادة الحية وقوانينها) نعم انه تجريب على مقاس الظاهرة الحية يتجاوز كل العوائق مستعينا بالكثير من المعطيات الحديثة التي ساعدت على تحقيق المنهج التجريبي في البيولوجيا وأهمها التقدم الكبير لوسائل التجريب والتطور الهائل للأجهزة الإلكترونية التي تمكن من إجراء التجارب دون إيقاع أي أذى بالكائن الحي ( كجهاز الراديو الإيكوغراف) بالاضافة الى اكنشاف الكثير من العلوم المساعدة للبيولوجيا مثل : علم الوراثة ،علم التشريح ،علم الخلية ...و أيضا تطور الوعي الإنساني عموما الذي سمح بالتشريح والتجريب في البيولوجيا إلى الحد الذي جعل بعض الأفراد يهبون أجسامهم و أعضائهم بعد وفاتهم لمراكز البحث العلمي للتجريب عليها بل و الإستفادة منها إذا أمكن . ◘ مناقشة : يجب أن لا نبالغ في إباحة التجريب في البيولوجيا فتستبيح ما هو محرم دينيا وما هو محظور أخلاقيا وممنوع قانونيا .... الإستنساخ وتهجين النسل إن في ذلك إنتهاك فاضح لشرع الله في خلقه وما إجراء التجارب الطبية على الحيوانات لتجريب الأدوية إلا تعبير عن أنانية الإنسان وهذا مرفوض أخلاقيا ، ويمنع القانون الدولي إجراء التجارب على الإنسان سواء عن طريق الجسد أو النفس مهما كان جنسه ووضعه تقديسا للإنسانية ونعني هنا ما جرى من تجارب على أسرى الحربين العالميتين.
محاولة حل المشكل:
إذا كان لابد من التجريب في البيولوجيا يجب الأخذ بعين الإعتبار طبيعة وخصائص الكائن الحي . ♦ خاتمة : هكذا نرى أن التجريب إذا كان ممكنا أو سهلا في علوم المادة الجامدة فإنه صعب وغير ميسور في علو المادة الحية .... وسيكون شبه مستحيل في العلوم الإنسانية .