عنوان الموضوع : lمقالات هامة لمن يهمه الأمر و المتوقعة لبكالوريا 2016 تحضير بكالوريا
مقدم من طرف منتديات العندليب
المقدمة :أيهما أسبق الحق أم الواجب؟
شاع التعريف السقراطي للعدالة (إعطاء كل ذي حق حقه) فهل يعني ذلك أن فكرة العدالة تتأسس على امتلاك الحقوق وتوزيعها قبل أداء الواجبات ولكن الحق ادعاء يمنحنا إياه المجتمع مقابل الالتزام الاجتماعي أفلا يمكن القول أن العدالة تتأسس حسب تعريف أفلاطون ( أداء الفرد لواجبه وامتلاكه لما يخصه ) بمعنى أولوية الواجب على الحق ؟
عرض الأطروحة :
أسبقية الحق على الواجب ( حسب فلاسفة القانون الطبعي شيشرون وولف – والعقد الاجتماعي )
تقتضي العدالة أن تتقدم الحقوق على الواجبات ، فالحقوق مرتبطة بالقانون الطبيعي الذي يكشفه العقل من الطبيعة البشرية يقول وولف ( كلما تكلمنا عن القانون الطبيعي لا ينبغي مطلقا قانونا طبيعيا ، بل بالأحرى الحق الذي يتمتع به الإنسان بفضل ذلك القانون ) والحقوق ليست مقدمة على الواجبات فحسب بل على سلطة الدولة أيضا ، فالدولة نتيجة عقد واتفاق بين الأفراد لحماية حقوقهم وهي مقيدة بالقوانين الطبيعيةيقول جون لوك (لما كان الإنسان قد ولد ,كما له حق في الحرية وفي التمتع بلا قيود بجميع حقوق ومزايا قانون الطبيعة، على قدم المساواة مع أي شخص آخر، أو أي عدد من الأشخاص في العالم ، فإن له بالطبيعة الحق لا في المحافظة على ما يخصه أي حياته وحريته وممتلكاته ضد اعتداء الآخرين ، أو محاولتهم العدوانية فحسب ، بل أيضا في أن يحاكم الآخرين على خرقهم هذا القانون ومعاقبتهم بما يعتقد أن جريمتهم تستحقه من العقاب) .
المبررات :
فحق الفرد سابق عن الواجب من منطلق أن الحقوق الطبيعية ملازمة للطبيعة البشرية وسابقة عن وجود الدولة والمجتمع فانضمام الفرد للجماعة والعقد لم يكن لضمان الحقوق ، فالثورات والمواثيق الدولية تعزز هذا الطرح ، فقد جاء في إعلان حقوق الإنسان و المواطن الصادر في 1789 للثورة الفرنسية مايلي : ( هدف كل جماعة سياسية هو المحافظة على حقوق الإنسان الطبيعية التي لا يمكن أن تسقط) وهذه الحقوق هي الحرية و الملكية والأمن ومقاومة الاضطهاد، وكذلك الهيئة الدولية المتمثلة في منظمة الأمم المتحدة التي أصدرت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث أعطت الألوية لحقوق الإنسان على واجبات الفرد وقد جاء في هذا الإعلان مايلي ( يولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق ، وقد وهبوا عقلا وضميرا ، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح الإخفاء ) .
النقد :
في تقديس الحقوق وتقديمها على الواجبات اختلال في توازن الحياة الاجتماعية ، فبتقديس الحرية والملكية مساهمة في سلب حقوق الضعفاء وتدعيم سلطة الأقوياء وتعطيل للوظائف الاجتماعية ،وإلا كيف نفسر الهيمنة الاستعمارية من أطراف تدعي حماية حقوق الإنسان ،فالشعوب التي خضعت للاستعمار وما تبعه من أمية وتخلف اجتماعي وتعطل في التنمية أليس من حقها المساعدة ،أليس من واجب الاستعمار إصلاح ما أفسده؟ ومن هنا تكون فكرة الحياة الطبيعية والعقد الاجتماعي فكرة ساذجة تحمل بعدا ايديولوجيا وفلسفيا وفي ايلاء الاولوية للحقوق فتح للباب امام النزوات التي تؤدي الى الصرعات.
عرض نقيض الأطروحة : أولوية الواجب عن الحق بمقتضى اخلاقي او اجتماعي
تتأسس فكرة العدالة عند كانط على أساس فلسفة الواجب الأخلاقي لا فلسفة الحق لذلك يقدم الواجب على الحق لأن الواجب الأخلاقي يستلزم الخضوع والانصياع له دون النظر إلى ما يترتب عن ذلك من مقابل منفعة (الحق) فالواجب أمر صوري عقلي مطلق غاية في حد ذاته ( الواجب ليس واجب على دون غيري وليس واجب علي في ظرف دون آخر) كالصدقة و الإحسان والإتقان في العمل لا يدافع كسب ثقة الآخرين بل لكون الإتقان واجب أخلاقي فعندما تقوم بعمل في نظر إيمانويل كانط من أجل الحصول على منفعة لا يعد فعلا أخلاقيا بل الفعل الأخلاقي هو الذي يقوم به صاحبه من أجل الواجب لا غير فالصانع يجب عليه أن يتقن صنعته بغض النظر عن ثناء الناس يقول إيمانويل كانط (شيئان يملأن نفسي إعجابا ، السماء المرصعة بالنجوم فوق رأسي ، والضمير الخلقي الذي يسري في صدري) لأن الالتزام بالواجب الأخلاقي مقتضى عقلي وهذا ما يجعل من الارادة الخيرة مصدرا لكل تشريع فهي منبع العدالة، وبمقتضى اجتماعي فالعدالة في الالتزام و الخضوع للقوانين (القيام بالواجبات) لكون القوانين صادرة عن طبيعة الإنسان العاقلة والوجدانية من جهة ولكونها مطابقة للحق من جهة أخرى وفي أداء الوجبات انعكاس للطابع الاجتماعي وتكريس لقيم أخلاقية من إثار وتضحية ولما في المطالبة بالحقوق من نزعة فردية وأنانية ، وقد جسد المتصوفة فكرة الواجب والطاعة الإلاهية من منطلق الحب الإلاهية ( الرابعة العدوانية كنموذج على ذلك)
المبررات :يقترن مفهوم الواجب بالتضحية والإثار وهي قيم أخلاقية سامية فالواجب يفرض الضمير لا المصلحة والحق على عكس فكرة المنطق التي تعد فكرة منافية للأخلاق كونها تفترض مبدأ الذاتية الفردية بينما الأخلاق ذات طابع موضوعي ففكرة الواجب أوسع من فكرة الحق والواجبات الأخلاقية يفرضها ويلزمها الضمير دون وجود حقوق مقابل لها ، فالقرض مثلا واجب إنساني وأخلاقي ولكن ليس من حق المقترض إجبار أو إلزام المقرض على ذلكالنقد :في الطرح الأخلاقي أو الاجتماعي هدم للعدالة من أساسها لأن في تغليب الواجبات وتجاهل الحقوق وتشريع للظلم و الاستغلال ولا ينسجم مع طبيعة الإنسان وكل قانون يحدد واجب إلا وحدد مقابل له فلا واجب دون حق ، فالمؤمن يقوم بواجبه في العائلة والعمل أو في جميع مناحي الحياة يلزمه مع ذلك الخوف من الله تعالى وابتغاء مرضاته و الأمل في المغفرة أي أنه يسعى للحصول على منفعة آجلة (يوم القيامة) ،لكن إيمانويل كانط يرفض تأسيس الأخلاق على المنفعة لهذا تبقى أخلاقا صورية أو شكلية وهي لا تتناسب مع الطبيعة البشرية. .التركيب :كل إنسان له الحق في أن يطالب بحقه ولكن عليه واجب ينبغي أن يؤديه و إذا كان كل واحد أدى واجبه الشخصي والاجتماعي يعيش المجتمع في سعادة وهناء ويرى أوجيست كونت أن الأفراد إذا قام كل واحد منهم بواجبه تجاه الآخرين لتحققت حقوق الجميع من دون مطالبة بها لأن المطالبة بالحقوق تخل بالتوازن الاجتماعي وتفتح الباب على مصراعيه للرغبات الشخصية و بالخصوص عندما نلاحظ أعمال الناس في الواقع نجد أن الإنسان يطالب باستمرار أكثر مما يستحق إرضاء لموله الغريزية التي تتنافى مع الحياة الاجتماعية و تجعل الأشخاص يعتدون على حقوق غيرهم بحيث لو قام كل الناس بواجباتهم الحقيقية التي تتضمن حقوق غيرهم لما وجدت المطالبة بالحقوقالاستنتاج :هل تتأسس العدالة الاجتماعية على المساواة أم علىالتفاوت ؟وختاما نستنتج أنه إذا كان الحق مطلب و مكسب اجتماعي وطبيعي و الواجب هو الالتزام مقابل الحق ، فالحياة الاجتماعية لا تقوم إلا بالاثنين معا ، فالتعاملات (المعاملات هي تبادل للحقوق والواجبات ) ، و إذا كان الحق سابق منطقيا فذلك يعني امتلاكه بل تحديده كدافع للقيام بالواجب ، فبالتزام الجميع بأداء الواجبات فالكل يضمن حقوقه وإن كانت تقتضي الإنسانية والأخلاقية تقتضي من الإنسان أن يتنازل في بعض المواثق عن بعض حقوقه فعلاقات العمل مثلا كلما قام العامل بواجبه طالبه صاحب العمل بواجب أكبر وكذا الخضوع للاستعمار يعد من الواجبات في نظر المستعمر فلا يحق للشعوب أن تطالب بحقوقها فالعدالة الحقيقية هي التي تقيم التوازن بين الحقوق والواجبات .
طرحالمشكلة :
إن العدالة عامة هي كلمة متداولة في حياتنا اليومية يقصد بها المساواة فإذا سوينا بين الناس فقد أقما العدالة أما لغة فهي مرادفة للقسط و الإنصاف ومن الناحية الاصطلاحية عرفت بالعديد من التعريفات منها أنها إعطاء لكل ذي حق حقه ضد الظلم ،فمفهوم العدل لم يصبح شائعا في يومنا هذا إلا بعد الثورات التي قامت في العالم فصار بذلك كثيرا ما يقترن بمفهوم المساواة فيعتقد أن العدل في المساواة أما الظلم ففي التفاوت ولكن أليست المساواة المطلقة ظلما؟ فقد اختلف الكثير من المفكرين في الإجابة عن هذا السؤال فالبعض منهم يقول بالمساواة لأنها عدل و البعض الآخر يرفضها لأنها ظلم ، فهل العدل في التفاوت أم في المساواة وهل كل تفاوت يعد ظلما؟
محاولة حل المشكلة :
عرضالاطروحة:
يرى أنصار المساواة أن العدالة تتأسس علىالمساواة ، على اعتبار أن العدالة الحقيقية تعني المساواة بين جميع الأفراد فيالحقوق والواجبات وأمام القانون ، وأي تفاوت بينهم يعد ظلم ، ويدافع عن هذا الرأيفلاسفة القانون الطبيعي وفلاسفة العقد الاجتماعي وكذا أنصار المذهب الاشتراكي .
الحجة :-
إن العدالة تتأسس على المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات بحكم وحدة الطبيعة البشرية ، « فليس هناك شيء أشبهبشيء من الانسان بالإنسان فلنا جميعا عقل ولنا جميعا حواس و إن إختلفنا في العلم فنحن متساوون في القدرة على التعلم » يبرر شيشرون قوله كون الناس متساوون في القدرات العقلية وإن كانت هناك فوارق فكثيرا مايتفوق الضعيف على القوي بالحيلة و الدهاء وكل فرد يعتقد أنه أعرف الناس و راض بما لديه من قدرات عقلية ونفسيةوعليه فالعدالة تقتضي المساواة بين جميع الأفراد فيالحقوق والواجبات بحكم بطبيعتهم المشتركة ، ومادام الناس متساوون في كل شيء فما علىالعدالة إلا أن تحترم هذه المساواة ،أما فلاسفةالعقد الاجتماعي ، فيؤكدون أن انتقال الإنسان من المجتمع الطبيعي إلى المجتمعالسياسي تـمّ بناءً على تعاقد ، وبما أن اللأفراد في المجتمع الطبيعي كانوا يتمتعونبمساواة تامة وكاملة ، لم يكونوا ليقبلوا التعاقد مالم يعتبرهم المتعاقدون معهممساوين لهم ، فالمساواة شرط قيام العقد ، وبالتالي فالعقد قائم على عدالة أساسهاالمساواة بين الجميع في الحقوق والواجباتيقول لوك« لما كان الإنسان قد ولد وله حق كامل في الحرية والتمتع بلا قيود بجميع حقوق ومزايا قانون الطبيعة على قدم المساواة مع أي شخص آخر ، فله بالطبيعة الحق في المحافظة على ما يخصه »ولقد جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (يولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة و الحقوق ووهبوا عقلا و ضميرا و عليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء دون تمييز ، ولكل فرد حق الحياة و الحرية و سلامة الشخصية والمساواة أمام القانون). فيحين أن الإشتراكيين يؤكدون أنه لا عدالة حقيقية دون مساواة فعلية بين الأفراد فيالحقوق والواجبات ، ولا تتحقق المساواة دون الإقرار بمبدأ الملكية الجماعية لوسائلالانتاج ، التي تتيح للجميع التمتع بهذا الحق ، لأن الملكية الخاصة تكرّس الطبقيةوالإستغلال وهي بذلك تقضي على روح المساواة التي هي أساس العدالة .
النقد :
إن أنصار المساواة مثاليون في دعواهم إلى إقامة مساواة مطلقة ،ويناقضون الواقع ، لأن التفاوت الطبيعي أمر مؤكد ، فالناس ليسوا نسخا متطابقة ولامتجانسين في كل شيء ، والفروق الفردية تؤكد ذلك ، ومن ثـمّ ففي المساواة ظلم لعدمإحترام الفروق الفردية الطبيعية وإجحاث في حق العاملين والأقوياء واستغلال من الضعفاء وقد تكون المساواة ذريعة للكسل وإهمال الواجبات وتعطيل لها و تثبيط لعزيمة العاملين والأكفاءفالله سبحانه وتعالى قد فرق بين الناس في القدرات العقلية وفي الميول و الأهواء لذلك قال عز وجل (ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات) وذلك ليسخر بعضهم لبعض في الأعمال والإفادة ،إنه أوجد فروقا في القوة و الضعف والعلم و الجهل والمهارة و البلادة و الذكاء و الغباوة ، فلو سوى بينهم في كل الوجوه لم يفد أحدهم أحا و هذا بطبيعته يؤدي إلى خراب الدنيا واستحالة الحياة .
عرض نقيض الاطروحة :
يرى أنصار التفاوت ان العدالة لا تعني بالضرورة المساواة ، بل في المساواةظلم لعدم احترام الاختلافات بين الناس ، ومن هذا المنطلق فإن العدالة الحقيقة تعنيتكريس مبدأ التفاوت ، إذ ليس من العدل ان نساوي بين أناس متفاوتين طبيعيا . ويذهبإلى هذه الوجهة من النظر فلاسفة قدامى ومحدثين وأيضا بعض العلماء في ميدان علمالنفس والبيولوجيا .
الحجة :-
فأفلاطون قديما قسم المجتمع الى ثلاثطبقات : طبقة الحكماء وطبقة الجنود وطبقة العبيد ، وهي طبقات تقابل مستويات النفسالبشرية: النفس العاقلة والغضبية والشهوانية وهذا التقسيم يرجع إلى الاختلافبين الأفراد في القدرات والمعرفة والفضيلة ، حيث أن أفلاطون اعتبر هذا التقسيم عين العدل (إن العبيد واهمون إذ يعتقدون في المساواة)، فعلى العدالة أن تحترم هذا التمايزالطبقي ، ومن واجب الدولة أن تراعي هذه الفوارق أيضا وتوزع الحقوق وفق مكانة كل فرد فأرسطو اعتبر التفاوت قانون الطبيعة ، حيثأن الناس متفاوتين بطبيعتهم ومختلفين في قدراتهم وفي إرادة العمل وقيمة الجهدالمبذول ، وهذا كله يستلزم التفاوت في الإستحقاق ؛ فلا يجب أن يحصل أناس متساوونعلى حصص غير متساوية ، أو يحصل أناس غير متساويين على حصص متساوية وفي هذا قال : (ومن هنا تنجم الخصومات و الاعتراضات عندما لا يحصل أناس متساوون على حصص متساوية أو عندما يحصل أناس غير متساوين على حصص متساوية ). وحديثا يؤكد ( هيجل) على مبدأالتفاوت بين الأمم ، وإن الأمة القوية هي التي يحق لها امتلاك كل الحقوق وتسيطر علىالعالم ، على أساس أنها أفضل الأمم ، وعلى الأمم الأخرى واجب ، هو الخضوع للأمةالقوية. وفي نفس الإتجاه ، يذهب ( نيتشه)إلى أن التفاوت بين الأفراد قائم ولا يمكن إنكاره ، فيقسم المجتمع إلى طبقتين : طبقة الأسياد وطبقة العبيد ، وإن للسادة أخلاقهم وحقوقهم ، وللعبيد أخلاقهموواجباتهم بناءا على مبدأ الحياة الطبيعية و السيطرة والإرادة فالحق مع الأقوى(من يملك القوة يملك الحق) حيث يقول (لا أريد أن يخلطوا بيني وبين هؤلاء المبشرين بالمساواة وذلك لأن العدالة تصرخ بداخلي وتقول ليس الناس متساوين و إني لا أرغب أن يكون بيني وبينهم شيء مشترك) . أما أنصار المذهب الرأسمالي فيقيمونالعدل على أساس التفاوت ، فالمساواة المطلقة مستحيلة وفيها ظلم ، إذ لا يجب مساواةالفرد العبقري المبدع بالفرد العادي الساذج ، ولا العامل المجد البارع بالعاملالكسول الخامل ، بل لابد من الاعتراف بهذا التفاوت وتشجيعه ، لأن ذلك يبعث علىالجهد والعمل وخلق جو من المنافسة بين المتفاوتين. ويؤكد بعض العلماء أن كل حق يقابله واجب ، غير أن قدرة الأفراد فيرد الواجب المقابل للحق متفاوتة في مجالات عدة : فمن الناحية البيولوجية ، هناكإختلاف بين الناس في بنياتهم البيولوجية والجسمانية ، مما ينتج عنه اختلاف قدرتهمعلى العمل ورد الواجب ، لذلك فليس من العدل مساواتهم في الحقوق ، بل يجب أن نساعدأولئك الذين يملكون أفضل الأعضاء والعقول على الإرتقاء إجتماعيا ، يقول الطبيبالفيزيولوجي الفرنسي ألكسيس كاريل: « بدلا من أن نحاول تحقيقالمساواة بين الناس يجب أن نوسع شقي هذه الإختلافات و ننشئ رجالا عظماء » ويقول أيضا(يجب أن نساعد الذين يملكون فضل العقول على الارتفاع وننزع الضعفاء وكل فرد ينبغي أن يحصل على مكانه الطبيعي) . ومن الناحية النفسية ، نجد تمايز بين الأفراد من حيث مواهبهموذكائهم وكل القدرات العقلية الأخرى ، ومن العبث أن نحاول مساواة هؤلاء المتفاوتونطبيعيا .ومن الناحية الاجتماعية ، فالناسليسوا سواء ، فهناك الغني الذي يملك والفقير الذي لا يملك ، والملكية حق طبيعيللفرد ، وليس من العدل نزع هذه الملكية ليشاركه فيها آخرين بدعوى المساواة .
النقد :
إن التفاوت الطبيعي بين الأفراد أمر مؤكد ولا جدال فيه ، غير أنه لاينبغي أن يكون مبررا لتفاوت طبقي أو إجتماعي أو عرقي عنصري . كما قد يكون الإختلاففي الإستحقاق مبنيا على فوارق إصطناعية لا طبيعية فيظهر تفاوت لا يحترم فيه الفروقالفردية ويترتب عنه ظلم كبير لذلك فالعدل يجب يكمن في احترام الكرامة لذا يقول برودون (إن العدل يكمن في احترام الكرامة الإنسانية ) بينما يدعو " كانط " في كتابة مشروع السلام الدائم إلى نظام دولي جديد ترتكز فيه العلاقات على الديمقراطية والمساواة والعدل و هكذا فإن الاعتماد على التفاوت في تحقيق العدل فيه ظلم للناس .
التركيب :
إن المساواة المطلقة مستحيلة ، والتفاوتالاجتماعي لا شك أنه ظلم ، ولهذا فالعلماء المسلمون يرو أن العدل يقوم من جهة على المساواة ومن جهة أخرى على التفاوت لكن ليس التفاوت الذي نراعي فيه الفوارق الاجتماعية وإنما الذي تتم فيه مراعاة الفوارق الطبيعية فالعدالة القانونية تقوم على المساواة المطلقة هي و العدالة التبادلية أو التعويضية بينما العدالة التوزيعية يتم فيها مراعاة الفوارق الطبيعية أو الفردية فتوزيع خيرات البلاد من مناصب شغل وثروات أخرى يتم من خلال مبدأ الاستحقاق فالرجل المناسب في المكان المناسب .
حل المشكلة :
وهكذا يتضح أن العدالة هي ما تسعىالمجتمعات قديما وحديثها إلى تجسيدها ، ويبقى التناقض قائما حول الأساس الذي تبنىعليه العدالة ، ومن هنا فالعدل ليس تفاوتا ولا مساواة إنما الاثنان معا كما أن العدل لا يقف عند هذا الحد بل يتجاوزه أحيانا فالعدل معناه أن يكون الناس ناهضين بالمسؤوليات العامة متعاونين و مشتركيين في الخير فيهيئون بذلك فرصة لكل فرد في العمل و الحرية و الحياة الكريمة ، إن العدل هو الاحترام الصارم لحقوق كل ذي كرامة و إعطاء كل ذي حق حقه وهو صد لكل الاحتيالات و الشرور التي من شأنها أن تحط من قيمة الإنسان.
المقدمة :هل المنافسة الحرة جديرة بتحقيق الازدهار الاقتصادي ورفاهية الإنسان ؟
إن العمل كلمة متداولة في حياتنا اليومية يقصد بها الوظيفة التي يحصل عليها الفرد ومن خلالها يوفر مطالبه أو حاجياته اليومية أما لغة فهو لفظ مرادف للشغل وهذا الأخير مأخوذ من اسم المفعول مشغول بمعنى ليس فارغا وهو يعني النشاط الذي يزاوله الإنسان من أجل إنجاز شيء ما أما اصطلاحا فهو كل جهد عضلي أو فكري يهدف إلى تحقيق أثر نافع أو هو فاعلية إنسانية إلزامية واعية تهدف إلى تحقيق منفعة معينة مثل تغيير الطبيعة و ترقية الإنسان من نتائجه ظاهرة التبادل التي اتخذت أشكالا متعددة منها المقايضة ..وظهور الملكية و الثروة بأنواعها وكذلك ظهور الأنظمة الاقتصادية ،وإذا كان لكل تنظيم إقتصادي أسس وقواعد يقوم عليها بعضها مادي و البعض الآخر أيديولوجي فهل ياترى أن النظام اللبرالي جدير بتحقيق الازدهار الاقتصادي أم أن هذا يعود إلى النظام الاشتراكي وحده؟
عرض الأطروحة : المنافسة الحرة جديرة بتحقيق الازدهار الاقتصادي (فلسفة النظام الرأسمالي )
لقد ظهر النظام الرأسمالي متأثرا بالأنظمة الفردية السابقة فآمن بدور الفرد في المجتمع والملكية المطلقة فركز على مصلحة الفرد وجعل الدولة جهاز يعمل على حماية الفرد ومصالحه , منها حفظ حرياته في التعامل الاقتصادي وفتح المجال العام بما يسمح له بالتملك والإنتاج والبيع وهذا يبعث على التنافس الشديد بين الناس وعليه تقوم العدالة.
فأنصار النظام الليبيرالي " الحزب الفيزيوقراطي "ينبى شعارهم على فكرة ( دع الطبيعة تعمل ما تشاء دعه يمر بما شاء ) وهي عبارة مشهورة عند أدم أسميث " دعه يعمل دعه يمر " فحفظ المصلحة الخاصة أحسن ضمان لحفظ المصلحة العامة . وبهذا يكون رأس المال مصدر لإنتاج كل القيم الإقتصادية .
المبررات:
ودليلهم على ذلك أن الشؤون الاقتصادية مثل الظواهر الطبيعية تخضع لنظام طبيعي إلهي لا لقوانين الدولة , فالقانون الطبيعي وحده المنظم لعلاقات السوق والعمل وهو ما يعرف بقانون العرض والطلب الذي يحدد العلاقة بين العامل ورب العمل فهو القانون الذي يحدد الأسعار و أجور العمال والذي يسير بطريقة آلية تلقائية ( العرض +الطلب = السعر) فإذا ازداد الطلب وقل العرض فإن السلعة تباع بثمن تجاري يطرق الربح بالرأسماليين وترتفع أجور العمال بينما تلحق الخسارة بالمستهلكين ،أما إذا قل الطلب وزاد العرض فإن ذلك يؤدي إلى إفلاس الرأسماليين وانخفاض الأجور، إذ تصبح لا تتناسب مع الجهد المبذول ،و في هذه الحالة في صالح المستهلك بينما إذا تساوى العرض والطلب فإن السلعة تباع بثمنها الطبيعي و هذا في صالح المستهلكين و الرأسماليين معا و تبقى الأجور على حالها بالنسبة للعمال، وفي هذا الاتجاه التنافس كفيل بتحقيق العدالة الاجتماعية ، فالحرية والمنافسة الإقتصادية تسمح بتطور وزيادة الإنتاج مع النوعية و بسعر أقل مما يضمن مصلحة الجميع ( المنتج و المستهلك ) ومنه تحقق الزيادة في الثروة ورفاهية الجميع .
نقد :
تبنى الفلسفة الرأسمالية على إعتبار مصلحة الفرد هي مصلحة الجميع ،لكن لا تخدم إلا مصالح فئوية أي المالكة لرأس المال فقانون السوق لا يسير بطريقة طبيعية بل تتحكم فيه المؤسسات الإقتصادية عن طريق التكتلات الإقتصادية ( نظام الكارتيلات أو بالإحتكار و المضاربة ) كما يتعكس إيجابا على صاحب رأس المال بالزيادة في الثروة وهامش الربح وسلبا على العامل في حالة قلة الطلب بخفض الأجرة أو التسريح من العمل لذا تخلق الرأسمالية نظاما استغلاليا طبقيا ومجتمعا ماديا جشعا مما ترتب عنه ظهور شركات كبرى أدت إلى ظهور الأسلحة والحروب والتوترات من أجل بيع أسلحته التي تعتبر سلعة مربحة و الدليل على هذا دول العالم الثالث وفي هذايقول جوريسكا( إن الرأسمالية تحمل الحروب كما يحمل السحاب المطر) ،
عرض نقيض الأطروحة : الاقتصاد الموجه جدير بتحقيق الازدهار الاقتصادي .( فلسفة النظام الإشتراكي)
في وقت بلغت فيه الرأسمالية قوتها وتحولت إلى توسع استعماري يلتهم خيرات الشعوب الضعيفة والبنوك هي المحرك الوحيد لعقول الناس ووجدت من أجل التدمير كما أشار إليهاتشومبيتر في قوله : (الرأسمالية مذهب وجد ليدمر) ، ظهرت الماركسية كنظام إقتصادي يكشف عن التناقضات الموجودة في الرأسمالية , وتطالب بتدخل الدولة في تنظيم الاقتصاد , وهنا ما عمل على توضيحه " كارل ماركس "من خلال كتابه " رأس المال " الذي عمل فيه على فضح الرأسمالية فقال " الرأسمالية تحمل في طياتها آيات بطلانها " وكشف عن نظريته في الاشتراكية التي تقوم على قواعد مخالفة تماما لتلك التي قامت عليها الرأسمالية , فأقر بالملكية العامة لوسائل الإنتاج وذلك للقضاء على الظلم و استغلال الإنسان لأخيه الإنسانوبث ،روح الجماعية والمسؤولية الجماعية في العمل واعتبار الدولة هي الرأس المدبر والمخطط الأول و الأخير وهذا للقضاء على التنافس الذي يؤدي إلى الصراع وتحكم الفئةالثرية في المؤسسات الاقتصادية بحكم تعارض المصالح كما فتح المجال أمامنظام النقابات وذلك لحماية حقوق العمال واعتبار العامل لإنتاج كل القيم وتجنب للتضخم و الإفلاس الإقتصادي ووضع مخططا إقتصادي استراتيجي يحدد العملية الإنتاجية و التيسير العقلاني للثروات و المنتجات حسب حاجيات المجتمع في فترة معينة
البرهنة :
إذا كان العامل هو محور العملية الإنتاجية فينبغي تحسين مستواه المعيشي وتلبية متطلباته الضرورية فبتحقيق عدالة إجتماعية يمكن تحقيق توازن إقتصادي ثم إنه لن تتحقق العدالة الإجتماعية إلا بإلغاء الفوارق و نزع الملكية الفردية .
نقد :
هذا النظام نجح في القضاء على الطبقية وخفف من معاناة العمال إلا أنه لم يحقق التطور الاقتصادي المحدد مسبقا بدليل عدم ظهور الشيوعية و ذلك لأسباب موضوعية لم تلاحظها الماركسية ومنها بعد النظرية عن طبيعة الإنسان بمنعها لحق التملك فبإلغاء الملكية الفردية والتي تعتبر حق طبيعي لا يسقط لن تتحقق العدالة الإجتماعية التي يصبو إليها هذا النظام (الإشتراكية تتعارض مع الطبيعة البشرية) وبإلغاء الملكية إلغاء للحوافز المادية للزيادة في الإنتاج و المشجعة للعامل فهي مدعاة للكسل و الإهمال وما يترتب عنه من ركود اقتصادي و تخلف بالإضافة إلى ظهور المحسوبية والرشوة وضعف الإنتاج في ظل غياب المنافسة وكثرة البطالة هذا بالإضافة إلى الخيالالنظري الشيوعي الذي أدى إلى سوء تقدير الواقع و النتائج الاقتصادية .
التركيب : (فلسفة الإقتصاد الإسلامي)
إذا كان النظام الاقتصادي الرأسمالي اهتم بالفرد بإطلاق حرية المنافسة والنظام الاقتصادي الاشتراكي اهتم بالجماعة بتقييده لحرية الفرد , فإن كلتا النظريتين فيهما إجحاف وتبقى النظرة الموجهة إلى الاقتصاد الإسلامي الذي يتجاوزهما إلى الاهتمام بالفرد والجماعة وذلك بوضع الشرع شروطا للكسب المشروع فقيد طرق تحصيله بضوابط أخلاقية فحرمت الربى و الاحتكار و الغش لقوله سبحانه وتعالى (وأحل الله البيع وحرم الربا) حتى لا يتخذ من المال قوة استغلالية و أوجب صرفه باعتدال بلا تقتير و لا تبذير كما أوجبت للآخرين حق الملكية لمساهمتهم في وجودها فتقدم المصلحة العامة على المصلحة الفردية وبخلق روح جماعية بدل الفردية حثت على أشكال التكافئ ( الصدقة والبر والإحسان والقرض ) وأوجب الزكاة لمنع تمركز رأس المال لدى الفرد والتفجع إلى تنمية المال واستثماره بدل ادخاره فينتفع من الثروة الغني و الفقير وتتقلص الهوة بين الأغنياء والفقراء وقد توعد الله المنكرين بأشد العقاب يوم القيام لقوله تعالى (والذين يكنزون الذهب و الفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم)التوبة 34 وقال عليه الصلاة والسلام ( ليس منا من بات شبعان وجاره جائع) ، ثم إن هذا النظام ينادي بتحقيق العدالة و التكافل الإجتماعيين بطرق أخلاقية وعملية ، فالإنسان هو محور العملية الإقتصادية في الإسلام فهو يدعوا و يلح على العمل و الكسب الشريف و يوصي به
النقد :
إن تحقيق الأساس الأخلاقي في المعاملات الاقتصادية و التجارية أمر ليس بالسهل على الاطلاق فهو مرتبط بعمال آخر يتمثل في التربية التي هي صناعة الانسان قبل كل شيء وذلك بتلقينه المبادئ الأخلاقية حتى يتسنى له تطبيقها بعد ذلك مادام هو محور العملية الاقتصادية فالواقع يؤكد أن غالبية الناس في معاملاتهم التجارية و الاقتصادية يتغلب عليهم الطبع (القائم على الأنانية وحب المصلحة الذاتية ) على التطبع الذي يشمل حب الغير .
الخاتمة :
إن المنافسة الحرة وإن كانت تساهم في التطور الاقتصادي فإنها سبب في الصراع الاجتماعي وضحيته الإنسان الضعيف وسبب في ظهور الاستغلال والأمن . والتفكير في التنظيم الاقتصادي نتيجته الوقوف على أنظمة اقتصادية مختلفة والمنافسة المطلقة ليست وحدها كفيلة بتحقيق الرخاء الاقتصادي فلو سادت تعاليم الدين الإسلام و قواعده في مجتمع ما وخضع فيه النظام الاقتصادي للسلوك الأخلاقي لكان مجتمعا تتقارب طبقاته فلا فقير بائس ولا مرقع ولا غني جشع متوحش و لكان مجتمع يخلو من تعسف الأغنياء بالفقراء و تحل فيه أهم المشاكل التي عجز الاقتصاد وحده عن حلها ،ومن هنا يكون النظام الاقتصادي الإسلامي هو الكفيل بذلك والذي يجعل من المال كوسيلة وليس كغاية يقول تعالى( المال والبنون زينة الحياة الدنيا و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا).
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
المقدمة :هل الديمقراطية السياسية كافية لإقامة نظام ديمقراطي ؟
من المسلم به أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه وهذا يستلزم أنه سياسي بالطبع أيضا فهو مواطن في الدولة كذلك و الدولة تعتبر مؤسسة اجتماعية أساسية للتنظيم السياسي والاجتماعي والاخلاقي لجميع المواطنين إذ لا يمكن لمجتمع إنساني أن يستمر في الوجود من غير سياسة تنظم شؤون الأفراد داخل المجتمع لكن ما طرح التساؤلات بين الفلاسفة والمفكرين حول تطبيق هذه السياسة في مجتمع متبني للديمقراطية هو أن بعضهم ذهب إلى القول بأن الحرية السياسية كافية لإقامة نظام ديمقراطي على خلاف البعض الآخر و الذي يعد الديمقراطية العادلة مرهومة بتطبيق الديمقراطية الاجتماعية (تتحدد بتطبيق المساواة ) فهل يا ترى أن الاعتماد على الحريات السياسية كاف لإقامة ديمقراطية عادلة ؟ وهل يمكن تحقيق الاستقرار في ظل الديمقراطية الاجتماعية؟
عرض منطق الأطروحة : ( الحريات السياسية كافية لإقامة نظام ديمقراطي عادل و تحقيق الاستقرار السياسي )
يرى أنصار النظام الرأسمالي أن الديمقراطية العادلة أساسها الحريات السياسية حيث أن هذا النظام ربط بين الديمقراطية و فكرة الحريات الفردية و هذا المذهب هو نظرية في السياسة و الاقتصاد كما ذهب إلى ذلك ماكس فيفر و أصحابها فأنصار هذا المذهب ينظرون إلى العمل السياسي من زاوية المشاركة السياسية و حق المعارضة و هذا ما عبر عنه هانري مشال بقوله (الغاية الأولى للديمقراطية هي الحرية).
الحجج و البراهين:
إن الديمقراطية السياسية من الناحية الفلسفية ترتبط بفلسفة التنوير تلك الفلسفة التي رفعت شعار (لا سلطة على العقل إلا العقل) و تجسدت هذه الفكرة بوضوح في فلسفة هيجل الذي قالالدولة الحقيقية هي التي تصل فيها الحرية إلى أعلى مراتبها ) و القصد من ذلك أن جوهر الديمقراطية قائم على حرية إبداء الرأي و احترام الرأي المخالف ،وواجب السلطة والدولة هو حماية الحريات المختلفة ( السياسة و الاقتصادية و الاجتماعية و الفكرية) فالدولة مجرد وسيط يقوم على تلبية مطالب الأفراد و تقديس الفرد كمصدر لوجودها ( الحرية تعني أن يكون الشخص مستقلا عن كل شيء ماعدا القانون) و في هذا السياق تظهر أفكار سبينواز الرافضة لفكرة التخويف التي تعتمد عليها الأنظمة الاستبدادية فهو يأكد أن السلطة الحقيقية هي التي تحمي حرية الفكر و تضمن المشاركة السياسية للأفراد و من الناحية التاريخية تعتبر الثورة الفرنسية في نظر رجال الفكر و التاريخ أكثر الثورات التي حملت لواء الديمقراطية السياسية و خاصة دفاعها عن المساواة السياسية ،وقد ذهب أيضا جفرسون في صياغته للدستور الأمريكي إلى مطالبة الحكومات الديمقراطية بحماية حق الأفراد في الحياة و التفكير و يمكن القول أن الديمقراطية السياسية تتميز بجملة من الخصائص أهمها :حرية الصحافة بجميع أشكالها و كذا تبني خيار التعددية الحزبية و الحق في المعارضة السياسية ،و ترقية و حماية الحريات الفردية المختلفة و الدفاع عن حقوق المرأة و الطفل باعتبار الإنجاب هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى السلطة أو البقاء فيها كل هذه المبادئ، اختصرها كليسون في مقولته: (إن فكرة الحرية هي التي تحتل الصدارة في الإيديولوجيا الديمقراطية و ليست المساواة) فالحرية حق طبيعي لا يمكن التنازل عنه يقول روسو (تخلي الإنسان عن حريته هو تخليه عن صفته كإنسان).
النقد :
إن الديمقراطية السياسية التي ينادي بها النظام اللبرالي ليست إلا للذين يملكون ، و الملكية الفردية هي الأساس الذي يقوم عليه استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وهي السبب الرئيسي في انقسام أفراد المجتمع إلى حاكمين و محكومين وإلى مقهورين وأسياد وإلى مضطهدين ومضطهدين مما دفع أناتول فرانس إلى القول الذين ينتجون الأشياء الضرورية للحياة يفتقدنها و هي تكثر عند اللذين لا ينتجونها )و من هذا المنطلق رفع كارل ماركس شعارا(يا عمال العالم اتحدوا)ثم إن إفرازات النظام الرأسمالي للطبقية والاستغلال ينعكس على الحياة السياسية وهيمنة طبقة البرجوازية (ديمقراطية شكلية)
عرض نقيض الأطروحة : (الديمقراطية الإجتماعية كافية لتحقيق صلاح المجتمع وتطبيق المساواة):
يرى أنصار النظام الاشتراكي أن الديمقراطية العادلة أساسها المساواة الاجتماعية و هذا المذهب ظهر كرد فعل ضد التطرف الإديولوجيا الليبرالية و في هذا المعنى قال
فريديرك أنجلر الاشتراكية ظهرت نتيجة صرخة الألم و معاناة الإنسان ).
الحجج و البراهين :
إن هذا النظام يسعى إلى تطبيق المساواة بين الأفراد وذلك عن طريق تحقيق مبدأ تكافئ الفرص و إلغاء الفوارق الطبقية أو الاجتماعية بين الناس و التي تعني المساواة بين الناس كديمقراطية التعليم والعلاج المجاني كذلك يقوم هذا النظام عن طريق محاربة الاستغلال وذلك عن طريق تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية من أجل تأمين وسائل الانتاج للقضاء على التفاوت الطبقي وإزالة الفقر و البؤس على الطبقة العاملة كما يرفض التعددية و يدعو إلى نظام الحزب الواحد الذي يعبر على إرادة الجماهير و ليس هناك مجال للمناقشة السياسية ( الدولة مقبرة كبيرة يجب أن تدفن فيها جميع مظاهر الحياة الفردية (الحرية الملكية )) على حد تعبير بانوين ، فالماركسية خاصة الماركسية اللينينية تأكد أن الديمقراطية الحقيقية تتمثل في النظام الإشتراكي الثوري الذي يهدم النظام الرأسمالي ويقيم على أنقاضه حكم طبقة العمال أو الطبقة الكادحة أو البروليتاريا بوصفها نظاما مرحليا موقوتا يفضي تدريجيا إلى الديمقراطية الواقعية التي تلغي فيها الدولة في ظل الشيوعية وهذا هو واقع الدول الاشتراكية الماركسية(الاتحاد السوفييتي سابقا، الصين الشعبية ودول أوروبا الشرقية وكوبا) التي تتبنى أنظمة ديمقراطية تعارض ديمقراطية الغرب الرأسمالي الشكلية بمعنى ديمقراطية الدول الاشتراكية هي ديمقراطية الشعب بأكمله ،فالديمقراطية الاجتماعية تهدف إلى ضرورة الانتقال من المرحلة الاشتراكية إلى المرحلة الشيوعية التي تتجسد فيها المساواة الكاملة و في هذا المعنى قال لينين في بيان الحزب الشيوعي (الاشتراكية نظام لا طبقي له شكل واحد الملكية العامة لوسائل الإنتاج و المساواة الاجتماعية الكاملة بين الأفراد و ملخص الأطروحة أن الديمقراطية الاجتماعية ترى أن المساواة الاجتماعية هي التي يجب أن تحتل الصدارة في العمل السياسي و ليست فكرة الحرية.
النقد :
إن النظام الاشتراكي رغم ما حققه من إنجازات اجتماعية قد تحول في نهاية المطاف إلى نظام دكتاتوري شمولي في كثير من البلدان الاشتراكية نظرا لغياب الحريات الفردية وقع كل محاولات التجديد في غياب قوة معارضة نافدة مراقبة ، فإن الحزب الحاكم لا يستطيع أن يصحح أفكاره وبالتالي لا يحقق صلاح للمجتمع .
التركيب :
ذهب لاكومب في تحليله لمسألة الديمقراطية أنها تتضمن الحرية و المساواة لأن الحرية التي تطالب بها الديمقراطية هي حرية الجميع دون استثناء فالمسألة هنا يجب النظر إليها من زاوية الكيف و ليس الكم و هذا ما أكد عليه مبدأ الشورى في الإسلام و الذي جاء به القرآن الكريم بصيغة الأمر قال تعالى: (وشاورهم في الأمر) فالشورى تشترط الحوار و الحوار يدل على الحرية (و أمرهم شورى بينهم) و من الناحية التاريخية تضمن مفهوم الديمقراطية منذ نشأته مفهوم المساواة و الحرية قال بريكليس (إن السلطة عندنا ليست مسيرة لصالح الأقلية بل هي لصالح الجماهير و منه أخذ نظامنا اسم الديمقراطي(
الخاتمة :إن الاعتماد على الحريات السياسية لا يكفي لإقامة نظام ديمقراطي عادل بل هو في حاجة إلى مساواة إجتماعية لذلك يقول أحد المفكريين (إن الحرية و المساواة وجهان لعملة واحدة وهي تحقيق الديمقراطية الصحيحة ) .
هل يمكن اعتبار الديمقراطية كنظام عالمي أفضل نظام سياسي ممكن ؟
المقدمة:
الحكم والسلطة ضرورة فرضتهما طبيعة البشر لاندماجهم في الحياة الاجتماعية أنما كاهن الحكم لم تحقق الغاية التي وجدت من أجلها فناضلت الشعوب من أجل دفع الظلم و الاستغلال الذي سلطه الحكام ، رأى بعض الفلاسفة في وضع السلطة في يد الشعب فهل النظام الديمقراطي (ممثل السيادة الشعبية) هو النظام الأنسب للحياة السياسية (ممارسة الحكم) ؟
عرض منطق الاطروحة:
لقد دافع ودع فلاسفة العقد الاجتماعي ( روسو) إلى تبني مبدأ السياسة الإجتماعية ( الشعبية ) القائمة على إختيار الشعب للحاكم وتأسيس مجتمع سياسي قائم على الحرية والمساواة أمام القانون يقول روسو: (ليس تأسيس الحكومة عقدا ولا قانونا وأن الذين تودع لهم سلطة التنفيذ ليس أسياد الشعب بل هم موظفوه ... وبالنسبة إليهم ليست عقدا على الإطلاق بل طاعة للقانون) فالحياة الإجتماعية في النظام الديمقراطي قائمة على الرضى وتكون باحترام الجميع للقانون فلا سلطة إلا سلطة القانون (ولما كان القانون يعبر عن إرادته فهو حر يجعل من الحاكم في خدمة الشعب وخاضع لرقابته ولما كان الشعب هو الذي يختار ويريد مصلحته فلا يؤذي نفسه ) كما يقول جون ستيوارت ميل و لهذا أشاذ جون ستيوارت ميل بالنظام الديمقراطي ورأى فيه أنه النظام الذي يمكنه من يحقق المنفعة العامة التي تقوم على حق التعبير عن الرأي المتمثل في حق المعارضة و حرية الصحافة و المشاركة في الحكم على أساس الكلمة للأغلبية و حكم الأغلبية يمنع تحكم الأنانية ، فالكل يخضع له فبالمساواة تدفع أشكال الظلم والإستبداد و احتكار السلطة التي تطبع المجتمعات الخاضعة لأنظمة الحكم الفردية، تتأسس على حقوق طبيعية وهي الحرية و الأخوة يشعر فيها الفرد بمسؤولياته نحو نفسه ودوره الاجتماعي ومكانته يقول توكفيلالديمقراطية أساس النهضة والرضى ) ، كما يأكد كذلك هنري ميشال على أن الديمقراطية تساهم في تطور الانسان بضمانها لكل فرد حدا معينا من الحرية الاقتصادية و نصيبا عادلا من منتوج عمله و جوا ثقافيا و أخلاقيا يمكنه من بلوغ قمة الانسانية .
النقد:
تقوم الديمقراطية على حكم الأغلبية وخضوع الأقلية لذلك ومن المسلم به أن الشعب يحكم ويختار بناءا على مصلحته ولا يؤذي نفسه ولكي يتحقق ذلك يتطلب وعيا جماهيريا بالحياة السياسية والإجتماعية فهي تصلح للمجتمعات المتحضرة ثم تم تعبئتها فكريا وثقافيا لا للمجتمعات التي يغالب عليها التخلف والجهل .
نقيض الاطروحة:
النظام الديمقراطي ليس أفضل نظام سياسي ، قابل للإنهيار كالأنظمة الأخرى ففي تقديس الحرية وإطلاق حد أو تحجيم لصلاحيات الدولة وسيادتها وهيبتها يجعل من الحياة السياسية ساحة صراع وتنافس بين القوى والواقع السياسي يعكس هيمنة قوى معينة مهيمنة إقتصاديا وإجتماعيا في فسح الحرية وإبداء الرأي و التعدد لغياب الحرية ذاتها ( تعدي الفرد على حريات و حقوق الاخرين ) (فعندما يتولى الشعب الحكم كل شيء يضيع )على حد تعبير فوليتر، تجعل الديمقراطية من الوظائف السياسية وظائف بسيطة يطمح فيها الأفراد بغض النظر عن المستوى الثقافي و الكفاءة وقد تتعارض المبادئ الديمقراطية مع القيم التراثية و الثقافية للمجتمعات فمفهوم الحرية والمساوات و العدالة هي مفاهيم ثقافية بمختلف تصورها من مجتمع الى آخر ،
النقد:
رغم أن النظام الديمقراطي يتأسس على مبادئ علمانية ( فصل الدين عن الدولة )وتبني قيم علمية وفلسفية إلا أن ذلك لا يلغي إمكانية تطبقه على كل مجتمع بتكييف هذا النظام مع الأطر الإجتماعية و الثقافية حتى الديمقراطية في المجتمعات الغربية تتباين وتختلف نماذجها لإلغاء الصراع و التنافس الإجتماعي ينبغي الجمع بين الديمقراطية السياسية و الأخرى إجتماعية .
التركيب:
ما يعزز أفضلية النظام الديمقراطي على الأنظمة الفرية هو انفتاح النظام الملكي على النظام الديمقراطي وتبني الأنظمة الإستبدادية الديمقراطية الغطاء لتبرير مشروعيته ، تتيح الديمقراطية للفرد حقوق المواطن الحق للفرد والحرية و المساواة بدون تمييز على أساس السلالة و العرق و الإنتماء الثقافي ، فتهدف الديمقراطية على إختلاف أشغالها إلى خدمة المصالح العامة فاختيار الشعب هو إختيار المصلحة يقول شوارفيل ( إن الشعب يختار بناء على مصلحته ولا يؤذي نفسه) .
حل المشكلة:
مادامت الديمقراطية مطلب الشعوب والجماهير ترى فيه خلاصها فهو الأنسب لها شريطة مراعاة القيم الأخلاقية في الممارسة السياسية و الجمع بين الديمقراطيتين ( بين الحرية والعدالة )
هل العادة تدل على التكيف والانسجام أم أنها تؤدي إلى إنحراف السلوك ؟
المقدمة :
مما يلاحظ على الإنسان هو أنه كائن يتصف بالمرونة وهي القدرة على تعديل السلوك تبعا لمقتضيات البيئة وبفعل هذه المرونة تتشكل سلوكات جديدة في صورة عادات و العادة في مفهومها هي استعداد مكتسب على أداء عمل ما على نحو آلي ، ويعتبر مفعول العادة على السلوك من القضايا التي أفضت إلى اختلاف الفلاسفة فمنهم من يصفها بالآلية و يعتبرها متحجرة تعيق التكيف ومنهم من يصفها بالحيوية و يعتبرها عاملا ايجابيا في التكيف ، في إطار هذا التعارض نقف متسائلين ، هل تعد العادة عائقا أمام التكيف أم دافعا إليه؟
عرض منطق الأطروحة ( العادة كعائق أمام التكيف ):
نظرا لما يتصف به السلوك التعودي من ثبات و ميكانيكية رأى فيه بعض الفلاسفة أنه تجريد للإنسان من إنسانيته يقول كانط (كلما ازدادت العادات عند الإنسان كلما أصبح أقل حرية واستقلالية) ولما يضيفه على الحياة من رتابة وملل و سأم فالعادة جمود على حد تعبير أوجست كونت وينصح روسو بأن نتجنب التعود على سلوك ما حيث يقول : (خير العادة ألا نتعلم أي عادة).
المبررات :
تجعل العادة عائقا أمام تطور الشخصية من كل الجوانب فهي تجعل من الفعل ميكانيكيا خاليا من الشعور والوعي وتقوي الفاعلية العضوية على حساب الفاعلية العقلية يقول برودوم ( جميع الذين تستولي عليهم العادة يصبحون بوجوههم بشرا وبحركاتهم آلات )فالعادة تجعل الانسان شبيها بالآلة ،فالطالب في كلية الطب عندما يألف القيام بعمليات التشريح يصبح بذلك لا ينفعل ولا يتأثر بما يقوم به كما أن اعتياد الممرضين والأطباء في المستشفيات على مناظر البؤس والحرمان والألم يجعلهم لا يتأثرون بها وفي هذا يقول روسو ( إن كثرة النظر إلى البؤس تقسي القلوب)،وللعادة خطر على المجال الاجتماعي فهي تقف كعقبة تمنع من التحرر من الخرافات البالية وكل نمو ثقافي واجتماعي تقضي على المبادرات الفردية وهي بمثابة قهر اجتماعي في نظر دوركايم ، فهي تقف عائقا أمام كل تجدد وإبداع فكريف (لو أننا راقبنا أنفسنا بأمان لوجدنا أننا كثيرا ما نبدأ بمعارضة فكرة جديدة قبل التصريح بها) على حد تعبير ولفرد تروترفنحن نميل تلقائيا إلى رفض الافكار السائدة والمتعارف عليها إجتماعيا،كما أنها تؤدي إلى قتل روح المبادرة فتستبد بالفرد وتجعله عبدا لها فمثلا سائق السيارة الذي اعتاد قيادة السيارة من جهة اليمين و دفعته الضرورة إلى قيادتها من جهة اليسار فإنه يجد صعوبة في ذلك ويمكن أن تقع له حوادث تؤدي به إلى الهلاك فالعادات القديمة تتعارض مع العادات الجديدة فتعرقل التكيف و تعوق التأقلم مع ما هو جديد وعلى المستوى الفيزيولوجي فالعادة هي بمثابة هيئة أو وضعية راسخة في الجسم تتصلب لا يمكن التخلص منها (تسيطر على إرادة الانسان) مثل عادة التدخين.
.
النقد:
سلبية العادة تعود إلى طبيعة السلوك في حد ذاته و إلى إرادة الشخص و ليست ميكانيكية كما يتصورها الفيزيولوجيون ثابتة و آلية بل حركة ديناميكية في تغير وتجسد وتحسن مستمر وليس تكرارا للفعل في حد ذاته بل تكرار للهدف المقصود (فإذا كنا نكرر نفس الفعل دوما فإننا لن نتعلم شيئا جديدا ) على حد تعبر بول غيوم .
و ليست كل العادات سلبية بل منها ما هو إيجابي وضروري للتكيف مثلا إفشاء السلام و أداء الصلاة
عرض نقيض الأطروحة :
العادة قدرة فعالة في التكيف تنطوي على محاسن عدة تحقق بها التوافق و التلاؤم المطلوب
المبررات :
العادة بمثابة خبرة ومهارة لما يتسم به السلوك التعودي من دقة و تحكم ضروري لتحقيق التكيف، وذلك لأن كثيرا من المواقف الحاضرة تتشابه مع المواقف الماضية تسمح بالاقتصاد في المجهود النفسي والعضلي والعقلي وتوفير الزمن يقول مودسلي ( لو لم تكن العادة تسهل الأشياء لكان في قيامنا بارتداء ملابسنا وخلعها يستغرق يوما كاملا)،تحررنا نفسيا (قلة الشعور والانتباه) وتمكننا من القيام بعدة سلوكات في آن واحد مثلا كالكتابة والكلام في آن واحد ،بحيث أنها ليست غاية في حد ذاتها بل أداة لاكتساب سلوكات جديدة يقول نيتشيه (تعلمت المشي فأبدعت الجري)،وتمثل العادات الاجتماعية منطق العلاقات الاجتماعية و سيرورتها بطريقة آلية ودليل على وحدة الثقافة و الشخصية الجماعية و التماسك الاجتماعي والتواصل التاريخي فمثلا عادة التكافل والتضامن والتراحم بين أفراد المجتمع تزيد من ترابطهم فيما بينهم وتماسكهم ووحدتهم ، ومن هنا تكون العادة وسيلة تساهم في تشكيل الشخصية وتأصيل القيم الأخلاقية و الفضائل وتخفف من حدة شعورنا إزاء المواقف الطارئة فمثلا البدوي الذي انقل إلى العيش في المدينة في منزل يطل على شارع مليء بالضوضاء فإنه في البداية يجد صعوبة التكيف مع الوضع الجديد لكنه مع مرور الزمن يألف هذا الوضع تدريجيا .
النقد :
ليست كل عادة تحقق التكيف بل منها من يسيطر على الانسان ولا تعبر عن رغبة نتجت بفعل التكرار تتصلب لا يستطيع السيطرة عليها (فكرة خاطئة خير من تعلم عادة صحيحة ) على حد تعبير آلان، فكثيرا من العاداة تكتسب في سن مبكرة (طفولة ) دون وعي ولا إرادة بل مجرد محاكات و تأثير إجتماعي وقد تحمل العادة في بعض الأحيان كثيرا من المساوئ التي تنعكس على المستوى الفردي و الاجتماعي فمثلا عادة القمار وشرب الخمر وتعاطي المخدرات و الغيبة والنميمة والحسد هي عادات تفتك بالفرد وبالجماعة معا لذلك فهي عادات سلبية.
التركيب :
لاشك أن هناك في الحياة عادات يجب أن نأخذها و نتمسك بها ، و أن هناك عادات يجب تركها ، فالذي يحدد إيجابية أو سلبية العادة هو الإنسان ومن الحكمة التحلي بالعادات الفاضلة والتخلي عن العادات الفاسدة وفق قانون التحلية والتخلية وهذا واضح في قول توين ( لا يمكن التخلص من العادة برميها من النافذة و إنما يجعلها تنزل السلم درجة درجة ) وصاحب الإرادة هو من يفعل ذلك .
الخاتمة :
العادة كخبرة وقدرة مكتسبة ضرورية وملازمة لحياة الانسان ينبغي فقط أن نحسن خيارها واستخدامها( العادة هي أداة الحياة أو الموت حسب استخدام الفكر لها ) كما يقول شوفالي ، وإذا كانت تضعف الحساسية النفسية والعقلية (العواطف والمشاعر وغير ذلك ) فيمكن استعادتها وترسيخها بالعادات الأخلاقية و المثل و الفضائل.
=========
>>>> الرد الثاني :
مقدمة:هل العادة تعيق الإرادة؟
تعرف العادة كقدرة على تكرار عمل ما بطريقة آلية تتم بالثبات بينما الفعل الإٍرادي كقرار عقلي حاسم يتميز بالتغير و التنوع والتجدد وبناء على هذا الاختلاف يعتبر بعض الفلاسفة العادة ذات طابع سلبي تقف عائقا أمام التكيف بينما يعتبر البعض الآخر عكس ذلك فهل يا ترى أن ثبات العادة يقيد الارادة (الحرية) و من ثم يصعب الحكم في السلوك ؟
عرض منطق الأطروحة : العادة تتعارض مع الإرادة
يرى بعض الفلاسفة على أن العادة طبيعة ثانية لما لها من قوة ما يقرب من الطبيعة الأولى(فالعادة هي امتداد للطبيعة الأولى)، فهي مجرد تهذيب وتجديد للطبيعة الأولى، لها سلطة لاحتفاظها بالتغيرات التي تطرأ على الإنسان في فعل التغير المستمر، تأثر فينا كما تأثر قوانين الطبيعة، ترسم شخصية الفرد ملامحها الخاصة مثلا طريقة المشي والأكل فكل فعل مجرد تكرار لهذه السمات ،فهي تسمح لحياة في الماضي ليستمر في المستقبل، تقضي على حرية الإنسان وإرادته لأن في مخالفة العادات اختلاف للتوازن سواء نفسيا أو حركيا ،تقضي على كل مظاهر التجديد و الإبداع التي يتسم بها الفعل الإرادي، يقول كارل يسبرسالعلماء الكبار يقيدون العلم في بداية نصف الأول من حياتهم ويضرونه في النصف الثاني ) ففي الأول اجتهاد وتنويع وبحث وفي الأخير حد من القدرات الإبداعية لرسوخ المبادئ والأفكار وطريقة التفكير الأولى أما في نظر ابن خلدون، فإن آلية العادة تجعل من الفعل تلقائي خالي من الوعي و الشعور ومجرد انسجامه ميكانيكية بينما الفعل الإرادي قائم على الإرادة وتصور الغايات أساسه الحرية يقول المفارقة في العادة إبداع آليات من كائن ليس آليا ) ، وتؤدي العادة إلى تشوهات جسمانية مثلا الحداد الذي تعود العمل بيده اليمنى يصبح مع مرور الزمن كتفه اليسر ويده اليمنى أقوى من يده اليسرى ، وتقضي أيضا على الحساسية الإنفعالية فتقوي الفاعلية العفوية (التلقائية) على حساب الفاعلية الفكرية فمثلا الطالب في كلية الطب عندما يألف القيام بعمليات التشريحيصبح بعد ذلك لا ينفعل و لا يتأثر بما يقوم به كما أن اعتياد الممرضين و الأطباء في المستشفيات على مناظر البؤس والحرمان و الألم يجعلهم لا يتأثرون بها لذلك تقول روسو(إن العادة تقسي القلوب) وأكد برودون فقال(إن الذين تستولي عليهم العادة يصبحون بوجوههخم بشرا وبحركاتهم آلات )إذا العادة تجعل من الإنسان شبيها بالآلة فاقدا للإحساس
لنقد:
ليست العادات هي دوما منبع الشروط فالتحرر من العادات السلبية يجب اكساب عادة ايجابية فلكي لا تكذب يلزم التعود على الصدق إن تكوين بعض العادات و اكتسابها يعود إلى قوة الإرادة وضعفها فالإنسان سعيد أو شقي، شجاع أو جبان، سليم أو سقيم منبعه إرادته وما تعود عليه من عزم و إسرار، العادة لا تكون في غياب العقل إلا لم تكن هناك عادات إيجابية كعادة احترام الوقت و النظافة وغيرها للتخلص من كل عادة يستلزم تعلم عادة أخرى ولغاء عادة يستلزم إبعاد الرغبة التي ولدتها: (للتخلص من عادة التدخين يجب الإبتعاد عن الأصدقاء).
عرض نقيض الأطروحة:العادة لا تعيق الإرادة
يذهب بعض الفلاسفة وعلماء النفس إلى أن التعارض بين العادة والإرادة تعارض ظاهري فكل منهما يعزز الآخر فلا يمكن أن نصدر سلوكا إراديا إلا إذا كانت لدينا عادة القيام بها ، العادة جوهر الفعل الإرادي، فالفعل الإرادي الحقيقي كما تتصوره يتطلب ذلك التحكم في الحركات بدقة وهي خاصية السلوك التعودي الذي يمتاز بإقتصاد الجهد و كلما زادت المعاناة قلت إرادة الانسان كما أن العادات الاجتماعية و القيم تبنى على الإرادة ، فالعادة وليدة التعلم والتعلم هو نتاج الرغبة و الرغبة لن تتحقق إلا بإسرار وعزم وتكرار المحاولات لتهذيب السلوك نحو صورة مثلى يتطلب تدخل الوعي والانتباه ومن ثم يتضمن نشاطا إراديا وفي هذا يقول جوزيف كيندي (إن العادة والتعلم مترادفان لأنه إذا تعلمنا شيئا أصبح عادة ونحن نؤديه دون انتباه ووعي) ، فلإرادة هي الحافز ودافع للعمل والاكتساب والتعلم ، إن العادة تدل على سيطرة الإنسان على قواه النفسية لتقوية الميول و الرغبات على بعضها مما يجعل إخبارها يتم بسهولة يقول مراد (فائدة العادة عظيمة لتهيئة شخص لمواجهة مواقف جديدة بالاعتماد على المهارات و المعلومات المكتسبة )
نقد :
إن التفكير الصحيح و الواعي بالغايات و السلوك المكتسب ، واكتساب عادات إجابية يتم في مرحلة لم يكتمل فيها النضج العقلي و التفكير فأغلب العادات يتلقاها في سن مبكر عن طريق التقليد و المحاكاة للغير لذا يتطلب تنشيط العامل الإجتماعي نشأة ورعاية و متابعة من الوسط الذي ينتمي إليه اله الفرد(أسرة أو مؤسسات إجتماعية أخرى).
التركيب :
يرى العالم الفرنسي شوفالي أن العادة تحمل من جهة سلبيات ومن جهة أخرى إيجابيات فهي سلوك ضار ونافع أي أنها تؤدي إلى الموت من جهة و إلى الحياة من جهة أخرى وقد قسم العادات إلى قسمين هما عادات روتينية غير قابلة للتجديد تتميز بأنها صلبة لا يتمكن المتعود من التخلص منها لذلك فهي تؤدي إلى الموت وعادات خالصة أو حقة قابلة للتجديد و التغيير يتمكن المتعود من تعديلها و التخلص منها فهي تؤدي إلى الحياة يسيطر عليها و يتحكم فيها وهذا واضح في قوله ( العادة هي أداة الحياة أو الموت حسب استخدام الفكر لها )
حل المشكلة :
وهكذا نستنتج مما سبق ذكره أن العادة عملة ذات وجهين وجه إيخابي و آخر سلبي ، فهي تؤدي إلى نتائج نافعة إذا تحكمت فيها إرادة الفرد وكانت قابلة للتجديد و التعديل و موافقة للقيم الأخلاقية و الدينية مثل عادة إفشاء السلام و إطعام الطعام كما أنها تؤدي إلى نتائج ضارة إذا استبدلت بإرادة الفرد وكيفته لصالحها وكانت غير قابلة للتجديد و التعديل ، تتصف بالصلابة مخالفة للقيم الأخلاقية و الدينية مثل عادة البخل و عدم الإحسان للغير
هل يمكن تصور وجود أفكار خارج إطار اللغة؟
طرح المشكلة:
إن الإنسان بذاته يميل إلى الحياة مع الآخرين فهو يكتسب العديد من القيم والعادات و التقاليد و الأعراف و المعتقدات و اللغة هذه الأخيرة تعرف من الناخية الاصطلاحية عند الجرجاني بأنها كل ما يعبر به القوم عن أغراضهم وعند لالاند هي نسق من الإشارات و الرموز تستعمل للتواصل و التفاهم أما الفكر فهو وظيفة نفسية إنسانية بالمفهوم العام لايتعدى إطار القيام بجملة من النشاطات كالتذكر و التخيل والإدارك أما لغة فهو أداة للتخمين أما اصطلاحا فهو وظيفة سيكولوجية تشمل مجموعة من المعاني تجري في الذهن تتصف بأنها مجردة خيالية مما هو حسي أو مادي هذا من جهة المفهوم أما من جهة تحديد العلاقة بين اللغة و الفكر فقد إختلف العلماء فيما بينهم فيا ترى هل العلاقة هي علاقة إنفصال أم إتصال ؟ أو بعبارة أخرى هل يمكن تصور وجود أفكار خارج إطار اللغة ؟ وهل اللغة تعجز عن التعبيير عن كامل الفكر؟
عرض الاطروحة :
يرى بعضالمفكرين من أنصار الاتجاه الثنائي ، أنه لا يوجد تطابق وتناسب بين عالم الافكاروعالم الالفاظ ، فالفكر اسبق من اللغة واوسع منها ، وأن ما يملكه الفرد من أفكارومعان يفوق بكثير ما يملكه من الفاظ وكلمات ، مما يعني انه يمكن أن تتواجد افكارخارج إطار اللغة . ويدافع عن هذه الوجهة من النظر الفلاسفة الحدسانيون أمثالالفرنسي " هنري برغسون " والرمزيون من الادباء والفنانين ، وكذا الصوفية الذينيسمون أنفسهم أهل الباطن والحقائق الكبرى فالفكر سابق عن اللغة وليست اللغة عاجزة عن التعبير عن كامل أفكارنا فحسب بل تقف عائقا حتى أمام التفكير يقول أبو سعيد السيرافي (لقد بدا لي أن مبسوط اللفظ لا يحوز مبسوط العقل ) وإن كانت اللغة أداة نقل و تبليغ للأفكار فهي أيضا أداة تشويه للمعاني .
الحجة :
إنالانسان كثيرا ما يدرك كماً زاخراً من المعاني والافكار تتزاحم في ذهنه ، وفيالمقابل لا يجد الا الفاظا محدودة لا تكفي لبيان هذه المعاني والافكار. كما قد يفهمأمرا من الامور ويكوّن عنده صورة واضحة بذهنه وهو لم يتكلم بعد ، فإذا شرع فيالتعبير عما حصل في فكره من افكار عجز عن ذلك . كما قد يحصل أننا نتوقف – لحظات – أثناء الحديث أو الكتابة بحثا عن كلمات مناسبة لمعنى معين ، أو نقوم بتشطيب أوتمزيق ما نكتبه ثم نعيد صياغته من جديد . و في هذا المعنى يقول برغسون : (إننا نملك افكارا اكثر مما نملك اصواتا) ثــم إنالالفاظ وُضعت – أصلا – للتعبير عما تواضع واصطلح عليه الناس بغية التواصل وتبادلالمنافع ، فهي إذن لا تعبر الا على ما تواضع عليه الناس واصطلحوا عليه ( أي ما يعرفبالناحية الاجتماعية للفكر ) ، وتبقى داخل كل إنسان جوانب عميقة خاصة وذاتية منعواطف ومشاعر لا يستطيع التعبير عنها ، لذلك فاللغة عاجزة عن نقل ما نشعر بهللآخرين ، يقول " فاليري " : ( أجمل الافكار ، تلك التي لا نستطيع التعبير عنها)ولهذا تـمّ ابتكار وسائل تعبير بديلة عن اللغة كالرسم والموسيقى. وفضلا عن ذلك ، فإن الفكر فيض متصل من المعاني في تدفق مستمر ، أشبهبالسيل الجارف لا يعرف الانقسام او التجزئة ، وهو نابض بالحياة والروح أي " ديمومة " ، أما ألفاظ اللغة فهي سلسلة من الاصوات منفصلة ، مجزأة ومتقطعة ، ولا يمكنللمنفصل ان يعبر عن المتصل ، والنتيجة أن اللغة تجمد الفكر في قوالب جامدة فاقدةللحيوية ، لذلك قيل : ( الالفاظ قبور المعاني) ،
النقد :
لكن القول ان الفكر اوسع من اللغة واسبق منها ليس الا مجرد افتراضوهمي ، فإذا كنا ندرك معانٍ ثم نبحث لها عن ألفاظ ما يبرر اسبقية الفكر على اللغة ،فإن العكس قد يحدث أيضا حيث نردد الفاظ دون حصول معانٍ تقابلها وهو ما يعرف في علمالنفس بـ " الببغائية. والواقع يبين ان التفكير يستحيل ان يتم بدونلغة ؛ فكيف يمكن ان تمثل في الذهن تصورات لا اسم لها ؟ ثم لو كانت اللغة عاجزة على التعبير عن جميعافكارنا فالعيب قد لا يكون في اللغة ، بل في مستعملها الذي قد يكون فاقد لثروةلغوية تمكنه من التعبير عن افكارهفالكلام لا يعني قيام التفكير (فالفكر حديث صامت و اللغة فكر مسموع)كما يقول واطسن. و كل هذا يعني أن هناك تطابقا بين الفكرة ودلالة الألفاظ . يقول سيروس (الفكر لا ينفصل عن اللغة) وتقول جوليا كريستيفا (إن اللغة هي جسم الفكر ). وقد أشار " أرسطو " إلى هذا بقوله : ( ليس ثمة تفكير بدون رموز لغوية)
نقيض الاطروحة :
يعتقدمعظم فلاسفة اللغة وعلمائها من انصار الاتجاه الاحادي ، أن هناك تناسب بين الفكرواللغة ، وعليه فعالم الافكار يتطابق مع عالم الالفاظ ، أي ان معاني الافكار تتطابقمع دلالة الالفاظ ، ولا وجود لأفكار خارج اطار اللغة ، والى ذلك يذهب الفيلسوفالفرنسي " ديكارت " والالماني " هيجل " والمفكر الانجليزي " هاملتون " وعالم النفسالامريكي " واطسن " ، الذين يرون جميعهم أن بين اللغة والفكر اتصال ووحدة عضويةوهما بمثابة وجهي العملة النقدية غير القابلة للتجزئة ، باعتبار ان (الفكر لغةصامتة واللغة فكر ناطق)فاللغة ليست وسيلة تبليغ بل أساس التفكير وتسجيل الأفكار و تثبيتها لذلك قيل (الألفاظ حصون المعاني) ولا نفكر إلا بكلمات يقول هيغل (نحن نفكر داخل الكلمات ) ويضيف ( حين نعجز عن التعبير فنحن عاجزين عن التفكير و لا نملك أفكارا واضحة أو منعدمة أصلا)
الحجة :
وما يثبت ذلك ، أن الملاحظةالمتأملة وعلم النفس يؤكدان أن الطفل يولد صفحة بيضاء خاليا تماما من أي افكار ،ويبدأ في اكتسابها بالموازاة مع تعلمه اللغة ، أي أنه يتعلم التفكير في نفس الوقتالذي يتعلم فيه اللغة . وعندما يصل الفرد الى مرحلة النضج العقلي فإنه يفكر باللغةالتي يتقنها ، فالأفكار لا ترد الى الذهن مجردة ، بل مغلفة باللغة التي نعرفها ، » فمهما كانت الافكار التي تجيئ الى فكر الانسان ، فإنها لا تستطيع ان تنشأ وتوجدالا على مادة اللغة » على حد تعبير ستالين . وأنه حسب " هيجل " أي محاولة للتفكير بدون لغة هي محاولةعديمة الجدوى ، فاللغة هي التي تعطي للفكر وجده الاسمى والاصح . ثـم إننا لا نعرف حصول فكرة جديدة في ذهن صاحبها الا اذا تميزت عنالافكار السابقة ، ولا يوجد ما يميزها الا علامة لغوية منطوقة أو مكتوبة .كما ان الافكار تبقى عديمة المعنى في ذهن صاحبهاولم تتجسد في الواقع ، ولا سبيل الى ذلك الا الفاظ اللغة التي تدرك ادراكا حسيا ،فاللغة – إذن – هي التي تبرز الفكر من حيز الكتمان الى حيز التصريح ، ولولاها لبقيكامنا عدما ، لذلك قيل : ( الكلمة لباس المعنى ولولاها لبقي مجهولا) ويؤكد ذلك لافيل بقوله (ليست اللغة ثوب الفكر ولكن جسمها الحقيقي)
النقد :
لكن ورغم ذلك ، فإنه لا وجود لتطابق مطلقبين الفكر واللغة ، بدليل ان القدرة على الفهم تتفاوت مع القدرة على التبليغ ، منذلك مثلا أنه اذا خاطبنا شخص بلغة لا نتقنها فإننا نفهم الكثير مما يقول ، لكننانعجز عن مخاطبته بالمقدار الذي فهمناه ، كما أن الادباء - مثلا - رغم امتلاكهملثروة لغوية يعانون من مشكلة في التبليغ ثم إن استخدام الإشارات و الحركات والإماءات أثناء الكلام دليل عن عجز الكلمات على إيضاح المعنى وتبليغه بدقة. وهذا ما أكده " برغسون " حين قال : " اللغة عاجزة عن مسايرة ديمومة الفكر "
التركيب :
في الحقيقة أنالعلاقة بين اللغة والفكر علاقة ذات تأثير متبادل ، فكلاهما يؤثر في الآخر ويتأثربه ، لكن ورغم ذلك فإنه لا وجود لأفكار لا تستطيع اللغة أن تعبر عنها ، كما أنه – في نفس الوقت – لا وجود لألفاظ لا تحمل أي فكرة او معنى وقد عبر عن هذا التلاحم بين اللغة و الفكر " ميرلوبونتي " بقوله : " إن الفكر لا يوجد خارج الكلمات " وقد أشار آلان إلى أن الطفل لا يتوفر في البداية على أفكار وإنما يكتشف هذه الأفكار في اللغة الي يتعلمها، و إذا كانت اللغة أداة للتواصل فهذا يعني أنها من المستوى الإنساني أداة لنقل الأفكار فالفكرة ترد إلى الذهن و هي مجسدة في لغة أو في قوالب لفظية أو كلمات ولكي نفهم أفكارنا يجب أن نصوغها صياغة لغوية ونعيدها على أنفسنا ولكن دون أن تحدث هذه العملية صوتا يسمعه الآخرون وبعد أن نقوم بتحليل الفكرة وتحديد عناصرها يمكن أن نفهمها ونعيدها على أنفسنا ثم يمكن لنا أن ننقلها للآخرين ،.
حل المشكلة :
وهكذا يتضح ان اللغة مرتبطة إرتباطا ضروريا بالفكر كما أن الفرد يرتبط ارتباطا ضروريا باللغة ، فلا لغة بدون فكر ولا فكر بدون لغة والعلاقة بينهما ليست متكافئة لأنها علاقة جدلية أي تفرض التناقص وهكذا يقول دولاكرو (أن الفكر يصنع اللغة في نفس الوقت الذي يصنع فيه من طرف اللغة )، فتطور اللغة يبقى رهين النشاط الفكري للإنسان الذي أثبت قدرته على وضع مصطلحات جديدة لكل إبداع فكري وبهذا تتجدد اللغة بتجدد الفكر وتبقى حية طالما كان هناك فكر مبدع ، سواء أكان ميدان إبداعه الرياضيات البحتة أم علوم الواقع أم فلسفة أم فنونا وأدبا كل هذه الميادين الثقافية والمعرفية قوامها رموز تشير إلى المعاني ولذلك فاللغة والفكر متداخلان ومتكاملان , وإن كانت بينهما أسبقية فهي منطقية لا زمنية , وإن كان بينهما تمييز فهو نظري لا مادي وقد عبر عن هذه العلاقة " هاملتون " بقوله : " إن المعاني شبيهة بشرار النار لا تومض إلا لتغيب فلا يمكن إظهارها وتثبيتها إلا بالألفاظ " . كما يقول زكي نجيب محمود :" الفكر هو التركيب اللفظي أو الرمزي لا أكثر و لا أقل " . وعليه فكل تفكير يتطلب لغة .
المقدمة:هل يمكن حصر اللغة في الوظيفة التواصلية أم أنها تتعدى ذلك ؟
إن الإنسان بطبعه يميل إلى الحياة مع الآخرين فهو يكتسب العديد من القيم والعادات و التقاليد و الأعراف و المعتقدات و اللغة هذه الأخيرة تعرف من الناحية الاصطلاحية عند الجرجاني بأنها كل ما يعبر به القوم عن أغراضهم وعند لالاند هي نسق من الإشارات و الرموز تستعمل للتواصل و التفاهم ، وهي من أرقى الوظائف التي يتميز بها الانسان و يستطيع القيام بها باعتبار أنه كائن حي مفكر فمن جهة تحديد وظيفتها فقد إختلف الفلاسفة فيما بينهم باعتبار بعضهم أنها وظيفة إجتماعية على عكس البعض الآخر والذي يؤكد أنها تتعدى الوظيفة الإجتماعية لتتطلع إلى عدة وظائف أخرى فهل يمكن حصر اللغة في الوظيفة التواصلية(التواصل الاجتماعي) أم أنها تتعدى ذلك ؟
عرض منطق الاطروحة:
إذا كان الانسان كائن اجتماعي بطبعه وليس ذات منعزلة فهو في حاجة إلى التفاعل والتواصل مع الآخرين، تلعب اللغة دور الوسيط في ذلك (فحقيقة اللغة لا تتوقف عند الاحاطة بهاذين الحدين المتقابلين ( الأنا و المتكلم) إذ يوجد هناك حد ثالث لا تخفى أهميته هو ذلك الذي اتوجه إليه بكلامي ) كما يقول غوستروف لذلك يفترض لوجود لغة واستعمالها ثلاث حدود رئيسية وهي الذات (المتكلم ) وموضوع الكلام أو الخطاب و الملتقى وهو الموجه إليه الخطاب فحتى حينها أكون وحيدا فأعد ذاتي طرفا آخر ( فالمتكلم و السامع مندمجان في شخص واحد يمكن أن يقال أنه يوصل الأفكار لنسفه) على حد تعبير سابير وحتى التعبير الطبيعي ( الصراخ والضحك ) هو الوجه للآخر للمشاركة في الوجدان والحياة بالإضافة إلى الدور الثقافي و التاريخي فهي تلعب دور الوسيط بين الأجيال وهي تقنية يعتمدها الانسان و الحيوان من أجل التواصل الاجتماعي يقول دولاكروا (إن الجماعة تعطي للإشارة اللغوية دلالتها وفي هذه الدلالة يلتقي الأفراد) ، فلا يمكن تصور وجود عالم بدون لغة أي بدون إشارات ورموز لغوية فلا يكون الناس مرتبطين ببعضهم دون هذه الوسيلة التي تزيد من إدماج الفرد مع المجتمع كما أننا لا يمكن تحقيق التماسك الإجتماعي من تضامن و تكافل إلا من خلال وظيفة اللغة ولا يكون تبادل للآراء و التصورات و الآراء بين أفراد المجتمع إلا باللغة فهذه الأخيرة تحمل طابعا اجتماعيا .
نقد:
لو كانت اللغة مجرد وسيلة التواصل لعد التواصل الحيواني لغة ، لكن التواصل أوسع من اللغة ذاتها فحصر اللغة في الوظيفة التواصلية فيه نوع من المغالاة فقبل التبليغ ينبغي التفكير و التعبير عما نريد أن نوصله للغير ، كما أن القول بالحديث النفسي و انقسام الأنا لمتكلم ومتلق إفتراض فلسفي لأن الأنا او الذات وحدة شعورية لا تقبل التفكيك
نقيض الاطروحة:
لا يمكن حصر اللغة في التبليغ و التواصل بل تتطلع في وظائف أخرى لا يمكن تحقيق التواصل إلا بتحقيقها وهي الوظيفة البيولوجية التي تعد أداة للتعبير عن أغراض بيولوجية من أجل إشباعها و توفيرها كالغذاء والدواء واللباس و المأوى التي لا علاقة بالبقاء و الاستمرار، كما أنها أداة للتعبير عن مطالب نفسية باعتبارها وسيلة للتعبير عن مكونات النفس و أحوالها لتجسد أغراض الذات و تثبتها كما أن لها عدة وظائف أخرى تتطلع في الوظائف( التنظيمية والتخيلية والإخبارية )فهي تنظم سلوك واستجابات الآخرين من خلال الأوامر والنواهي التي نصدرها للطفل أثناء التربية توجه سلوكه وتنظمه، ولعل لافتات وإشارات المرور خير ما يثبت ذلك حيث أنها إشارات إصطلاحية وضعها الإنسان لينظم استجابات السائقين من خلال الأوامر و النواهي التي تحملها ،فاللغة نسق من الرموز يجرد الواقع المادي في كلمات تغنيه عن إحضارها ليس هذا فحسب بل تعطي اللغة الفرد القدرة على الإفلات من الواقع و الهروب من ضغط الحياة اليومية من خلال ما يتخيله في القصص أو الأشعار أو أحلام اليقظة ومن جانب آخر فهي وسيلة لنقل المعلومات إلى الآخرين سواء كان أحداثا سياسية أو إجتماعية أو طبيعية وهذا ما تضطلع به اليوم وسائل الاعلام حيث تتناقل يوميا ما يجري في العالم ، الأمور التي تمنحها القدرة على التأثير في الجمهور و توجيه الرأي العام فاللغة هي أداه حيوية لتبادل الأفكار بين الأفراد و الجماعة و الأمم يقول ماكس مولر ( ماكان للإنسان أن يقدس اللغة حبا أو تعشقا لأغامها و أجراسها و إنما لأنها سجل تفكيره تحفظه له و تنقله عنه إلى إخوانه في الإنسانية) فلولا اللغة لما تمكن الانسان أن يثبت شخصيته أو يحكم الغير على شخصيته يقول بانفنيست(اللغة ممر عبور إلى الذات) ، فاللغة نعبر بها عن مشاعرنا و خواطرنا وكل أحوالنا و ما يجول في ذواتنا من حالات الحزن والفرح ..، فهي ليست عاجزة عن التعبير عن ذلك فكل ما نفكر فيه نقوله و يعرف من قبل الغير إذن فهي تحمل طابعا فرديا
النقد:
لا يمكن إنكار دور الوسط الإجتماعي فهو يساهم كثيرا في بناء اللغة التي تعتبر أداة ووسيلة لا تحمل طابعا فرديا و إنما تحمل طابعا إجتماعيا فهي ليست في كل الأحوال أداة للتعبير عن مشاعر ذاتية و رغبات و أهواء وميول شخصية و إنما يمكن أن تكون أداة للتعبير عن مشاعر جماعية مشتركة بين الأفراد فهي داخل المحيط الإجتماعي تضبط السلوكات وتوجه الأفعال عن طريق الأوامر و النواهي كما أنها تستخدم كوسيلة لنقل أغراض الجماعة إذن فهي ذات وظيفة اجتماعية
كما أن الوظائف اللغوية وإن تعددت فإنها ترد الى التواصل فالصورة الفنية والأشكال التعبيرية سواء عن الذات أو التخيلية موجه للآخرين أعرف نفسي للآخر أو أكتب له فالقواعد اللغوية تهدف إلى تهذيب وسلامة العملية التواصلية يقول أحد الفلاسفة (إن الناس يستعملون هذه الرموز لكي يسجلوا أفكارهم الخاصة و إما لكي يكونوا أفكارهم ثم يستعرضونها على الآخرين) .
التركيب:
مما سبق يتبين أن اللغة تطلع اللغة بوظائف متعددة و الأصل هي مثيل رمزي للواقع و الرغبة في استحضاره وبقائه و السيطرة عليه فهي وسيط بين الانسان و الاشياء وفي الوقت ذاته بين الانا والآخر لان الانسان بحاجة للآخر يكمل نقائصه إن الآخر شرط لوجودي كما يقول سارتر ، وبالتالي فهي نسق من الاشارات يتواصل بها الفرد مع مجتمعه و يعبر من خلالها عن مشاعره الذاتية (ميوله وأهوائه و عواطفه و رغباته) و يتحاور بواسطتها مع أقرانه و هذا لا يظهر في المجتمع الإنساني فقط وإنما حتى في مجتمع الحيوان.
حل المشكلة:
حصرة اللغة في الوظيفة التواصلية فيه مغالاة وإن كانت غاية اللغة النهائية هي التواصل فلن تحصل إلا في تحقيق وظائف أخرى متكاملة فاللغة باعتبارها ظاهرة وخاصية إنسانية بالدرجة الأولى فهي مرتبطة بالوجود الانساني إذا كانت قابلة للتغيير و التعديل لها وظائف عديدة منها ما هو إجتماعي و نفسي و بيولوجي فهي الوسيلة الأساسية التي يعتمدها الانسان من أجل تحقيق التواصل مع الآخرين و بناء العلاقات الاجتماعية .
=========
>>>> الرد الثالث :
المقدمة : إن العادة إسم مشترك يطلق على ظواهر نفسية مختلفة تعرف عند العوام بمجموعة من القيم والقواعد و الطقوس الاجتماعية التي تحمل طابعا إلزاميا تشمل الأوامر والنواهي تتجلى في الأفراح و الأقراح أو الأحزان مثلا عادة الاحتفال بالأعياد الوطنية و المناسبات الدينية أما من الناحية الاصطلاحية فقد عرفت بأنها طبيعة ثانية عند أرسطو و أيضا أنها سلوك مكتسب ومتصلب يهدف إلى توفير الوقت و الجهد وهي تشمل أنواعا عديدة في الاعتياد و العادة الحركية و الحيوية و النفسية والاجتماعية وعادات تأخذ شكل حاجات بيولوجية أما من جهة تحديد عوامل تكوينها أو إكتسابها فقد اختلف العلماء في ذلك فمنهم من يرى أن خاصية العادة ومنشأها هو التكرار ويرفض البعض الآخر فكرة ميكانيكية العادة و آليتها ويرد تكونها إلى عوامل و شروط نفسية و فيزيولوجية هل العادة تكتسب بالتكرار وحده أم تتجاوزه؟هل العادة وليدة التكرار؟
عرض الأطروحة : العادة تكتسب بواسطة التكرار (التفسير المادي) :
يؤسس أنصار الطرح الفيزيولوجي ( المادي الآلي) لتفسير العادات و تكوينها إنطلاقا من قول أرسطو (العادة وليدة التكرار) فحفظ قصيدة شعرية يتم بتكرار قراءتها عدة مرات بحيث تصبح الكلمة عن طريق الشرط إشارة تدعو الكلمة التي تأتي بعدها فالكائن الحي في نظرهم يتميز بالقدرة على التكيف مع الوسط فيحتفظ بالتغيرات التي تطرأ عليه ، ولهذا فلنظرية المادية قامت بتفسير اكتساب العادة على أساس من الفروض الفيزيولوجية ورد العادة إلى الثبات فينظر ديكارت إلى العادة نظرة آلية محضة فهي تسلسل حركات مرتبطة فيما بينها يتم حدوثها بشكل آلي أوتوماتيكي وشبهها بالثنية فمثلا ثني الورقة التي تحتفظ بآثار الثني و تسهيل إعادة ثنيها مرة أخرى ،وهذا ما يحدث لدى الكائنات الحية و تسمى ( قابلية التشكيل ) وكذلك ( الاستبقاء المغناطيسي) كمثال عن التعود الفيزيائي فالقضيب الممغنط سابقا يسهل مغنطته ثانيا و عليه فقد ربط الفيزيولوجيون أمثال جيمس ومارك دوغال العادة بالدماغ و الجهاز العصبي الذي يحتفظ كالورقة بالآثار المرتبطة و المنظمة عندما تبدأ الحركة الأولى يعقبها الباقي بترتيب ثابت و يؤكد هذا أن أي إضطراب في الدماغ يؤدي بفقدان الكثير من هذه الحركات ثباتها وسرتها ولقد اعتمد ويليم جميس في تفسيراته على الآثار الفيزيولوجية التي تبين أن العادة تترك في جميع الكائنات الحية آثارا مادية فيزيولوجية تجعلها تتشكل على نحو ما مثل العود عند بوسويه(الذي يتقوى شيئا فشيئا ويبدو أنه على الحالة الجيدة التي نريد أن نشكله عليها). فكل سلوك هو استجابة عن مثير داخلي أو خارجي مع إقتران الإثارة بالإستجابة و تكررها بتحويل الفعل إلى فعل آلي في نظر المدرسة السلوكية .
المبررات :
إن التجارب العلمية بينت دور المنعكسات الشرطية في تعلم واكتساب الحيوانات و الإنسان بعض العادات و الإستجابات الآلية مثلا كتجارب بافلوف على الكلاب و تجارب ثورندايك على القطط التي أثبتت أن المحاولات العشوائية تقضي إلى حل ناجح فتنقص الأخطاء بمقدار التكرار. وقد أكدت النزعة الإرتباطية على أن اكتساب العادة ما هو إلا تكرار حركات وربط بعضها ببعض حيث تصبح حركات الفعل منسجمة و مترابطة فالحفظ عن ظهر قلب يعني ربط الحركات ربطا قويا كما يؤكد ابن سينا في كتابه رسالة العهد (أن العادة هي تكرار الشيء الواحد مرارا كثيرة في أوقات متقاربة وزمن طويل وما نعتاده من الأمور سواء كان أمرا بسيطا أو معقدا فهو وليد إعادة و تكرار) .
النقد :عرض نقيض الأطروحة : العادة لا تكتسب بالتكرار وحده بل يخضع لعوامل نفسية ، عقلية واجتماعية ( الطرح الجشتالتي والنظرية الديناميكية والعقلية )رغم أن المنعكس الشرطي أثبت فاعليته في اكتساب عادات في تدريب الحيوان إلا أن الإستجابات و السلوكات تبقى خاصة لا تقبل التقييم فكل استجابة شروط وليست للشرط ( المنبه) غياب المشروط وغياب الفعل ، فالدافع السلوكي غريزي ( الميل و الرغبة )، وقد انتقد برادين النظرية الآلية معتبرا(أن العادة ليست أي آلية أناه آلية ناتجة عن تدخل استعداد الكائن الحي في أن يتغير هو بنفسه) فالفعل المنعكس ليس عادة ، العادة ليست طبيعة ثابتة بل لما لا تكون (طبيعة العادة ثانية) كما يرى باسكال ويلاي و فون برافليت أن العادة نموذج في الاستجابة أكثر منه سلسلة من الحركات المحدودة وهي لا تقوم على التكرار أو الربط و إنما على التنظيم و التقدم .
المسلمات :
العادة ليست وليدة التكرار لوحده بل وليدة عوامل نفسية وعقلية ففي نظر الجشتالتية ، يتوقف تعلم عادة على استعداد الكائن الحي و الرغبة في التعلم و الوعي و الإنتباه لنسبة العادات الفاعلة و الإيجابية و الإرادية و ما يبدوا أنه تكرار هو تكرار للهدف لا الفعل و عليه فتعلم العادة يتعارض مع التكرار يقول بولغيوم ( هناك تناقض بين فكرة التكرار بأدق معنى التكرار للفعل بعينه و فكرة اكتساب كيفية جديدة في العمل ) و التكرار الحقيقي يبدأ بعد التعلم و الإكتساب فإن التحسن في إتقان الفعل ودقته و التخلص من الحركات الزائدة يقتضي توجيه العقل و الانتباه و الإسرار المستمر على التعلم فالتعلم يبدأ بالمحاولات و الأخطاء و تكرار الفعل هو تكرار للخطأ فبالتكرار لا نتعلم شيئا ، فالقراءة العادية ليست تكرارا للبداية ( التهجئة ) كما أن كراس التلميذ يكشف المنحنى البياني للتغيرات الطارئة على الفعل ،كما يذهب أصحاب النظرية الديناميكية الحيوية أن العادة لا يفسرها الجسم فيفسر رافيسون بين العادة (كخاصية من خصائص الكائن الحي) و الثبات ( كخاصية للجوامد) حيث يرى:(أن مايميز الآلة الحية ليست طبيعة خصائصها الفيزياتئية و الكيميائية ... إنما كونها تتصف بالحياة) فالروح هي التي تشكل الجسم على صورتها وليس العكس، و لقد بينت أبحاث بول أن الفأر الذي شكل بصورة جزئية و الذي يقود على السير في المتاهة تبقى فيه العادة فالخطة ثابتة في حين أساليب التنفيذ لا تعرف الثبات ، وفي نظرية الإرتباط التي تلح على التكرار يقول (إن إكتساب العادة يكون أسرع إذا فرقنا بين التمرين بفواصل زمنية فلو كانت النظرية الآلية صحيحة لكان التكرار آلي بدون الفواصل أنجع بكثير من التكرار المتقطع) . ويذهب أنصار النزعة العقلية في اكتساب العادة يتم بالعقل والارادة و الاهتمام الذي يوليه الشخص لمحاولاته حيث يرى فون دير فيلت أن الحركة الأخيرة أي العادة ليست مجرد إعادة الحركات السابقة حيث يقول ( الحركة الجديدة ليست مجرد تجميع لحركات قديمة ) وهذا الرأي نجده عند الكثير من أنصار الاتجاه العقلي .
النقد:
- إذا كان لكل فعل دافع (ميل أو رغبة) فتكرار الفعل يقتضي تكرار الميل و الرغبة فالجشتالتية اقتصرت على العادات الفاعلة لا الانفعالية ( السلبية) كعادة التدخين مثلا
- لا يمكن إنكار العقل في تتبع الحركات(تثبيت المحاولات الناجحة وحذف المحاولات الفاشلة) لكن الواقع يكشف دور التكرار في اكتساب العادة
التركيب:
إن العادة ليست سلوكا آليا لأن التكرار ليس له مفعول بمفرده هو لا يخلق آليا الروابط بين الأشياء كما أن الترابطات التي تحولت إلى عادة لا تعود ثانية إلا أن الفرد يريد إعادتها فالإرادة هي التي تستخدم آليات العادة كوسيلة لغاية من الغايات فالفعل لا يتكرر أبدا و الانسان لا يتعلم بالتكرار الآلي و إنما بالبدء من جديد كما أن القول بأن العادة سلوك لا شعوري إطلاقا قول خاطئ لأن الشعور يحرس دائما الفعل العادي وأن العادة يراقبها الشعور الهامشي الذي ينتقل مباشرة كلما عجزت الآلية عن مواصلة الحركة(فإذا أخطأنا أثناء الكتابة شعرنا بخطئنا وانتبهنا)
حل المشكلة :
يتصف السلوك التعودي بالثبات النسبي ( القابلية للتطور) مما يعني أن التكرار ليس حقيقيا و مطابقا للحركات و الأفعال السابقة يساهم التكرار في تثبيت الحركة و الفعل والهيئة في الجسم يتكامل مع العوامل الأخرى ( الشروط النفسية و العقلية) وعليه فالتكرار ليس كافيا وحده لاكتساب العادة و العادة ليست غاية في حد ذاتها و إنما هي مجرد مرحلة أو وسيلة لتحقيق غايات الإرادة والعادة كسلوك آلي ما هي إلا وضعية السيدة يقول شوفالي إن العادة هي أداة الحياة أو الموت حسب استخدام الفكر لها)
مقدمة:هل تتعارض السياسة مع الأخلاق ؟
إن الدولة وجدت لأجل غايات ذات طابع أخلاقي ، مما يفرض أن تكون الممارسة السياسية أيضا أخلاقية ، إلا أن الواقع يكشف خلاف ذلك تماماً ، سواء تعلق الأمر بالممارسة السياسية على مستوى الدولة الواحدة أو على مستوى العلاقات بين الدول ، حيث يسود منطق القوة والخداع وهضم الحقوق وكأن العمل السياسي لا ينجح إلا إذا أُبعدت القيم الاخلاقية ؛ فهل فعلا يمكن إبعاد الإعتبارات الأخلاقية من العمل السياسي ؟
عرض الأطروحة :
يعتقد بعض الفلاسفة أن غاية السياسة هي المحافظة على الدولة فإن الفضيلة تعارض السياسة بمعنى أن الأخلاق و السياسة متعارضان لا يلتقيان .
البرهنة :
إن الإنسان شرير بطبعه لا يستجيب إلا لمنطق القوة و المكر فلا يمكن أن نجد من أنانيته و طبيعته الشريرة إلا بواسطة سلطة سياسية قوية يقول هوبز (الإنسان ذئب لأخيه الإنسان )وهذا ما يؤدي إلا تصارع دائم بين الناس ، وقد كانت حياة المجتمع الطبيعي عبارة عن حرب الكل ضد الكل فتنازل الناس عن جميع حقوقهم لشخص قوي شريطة أن يضمن لهم الأمن و الإستقرار و لضمان ذلك لابد من توفر القوة في الحاكم حتى يكون ذا سلطة يهابها الناس جميعا و يطيعونها صاغرين ، يصرح هوبز (أن كل إنسان أن يجهد نفسه حتى تجنح إلى السلم طالما بقي الأمل في الحصول عليه قائما ، أما إذا استحال الحصول عليه فيصبح من حقه البحث عن كل وسائل النجدة و كل مزايا الحرب واستعمالها) وفي نفس السياق يذهب ميكيافيلي إلى القول بأن (الغية تبرر الوسيلة) لهذا يجب إستخدام كل الوسائل المشروعة من أجل إبقاء الدولة قائمة وهنا فصل واضح بين السياسة و الأخلاق و يذهب ميكيافيلي إلى حد القول أن غاية السياسة يجب اختيارها على المبادئ اللاأخلاقية لأن الأخلاق في نظره تعتبر العائق الوحيد أمام تطور الدولة فيقول إن فساد السياسة يعود إلى تدخل الدين و الأخلاق في الحياة السياسية ) لهذا يجب الفصل بين الدين و الدولة و بين الأخلاق لأن السياسة مبنية على الأخلاق ستنهار بسرعة مثلما حصل لأوروبا خلال القرون الوسطى عندما سيطرت الكنيسة على الحياة السياسية ، و للمحافظة على الدولة يجب على الأمير أن يجمع بين قوة الأسد ومكر الثعلب حسب ميكيافيلي ونفس الفكرة نجدها في الفكر السياسي المعاصر مثلا عند ميشال فوكو الذي يرى (أن السياسة هي استمرار للحرب بوسائل أخرى) وكذلك عند كلوزفيتش الذي يؤكد أن (الحرب هي مواصلة السياسة بطرق أخرى ) كما يؤكد كذلك نيتشهأن السياسة لا تتفق مع الاخلاق في شيء ، والحاكم المقيد بالأخلاق ليس بسياسي بارع ، وهو لذلك غير راسخ على عرشه ، فيجب على طالب الحكم من الإلتجاء الى المكر والخداع والرياء ، فالفضائل الإنسانية العظيمة من الإخلاص والأمانة والرحمة والمحبة تصير رذائل في السياسة . وعلى الحاكم أن يكون قوياً ، لأن الاخلاق هي سلاح الضعفاء ومن صنعهم .
النقد :
إن هذه النظرة تتعارض تماما مع غاية المجتمع السياسي المتمثلة في المدنية و المثل والقيم السامية كالمصلحة العامة و الخير العام و لا يمكن تحقيق هذا الخير العام إلا في إطار المبادئ الأخلاقية و ليس الإنسان شريرا في كل الأحوال و إن كان فهذا سببه الساسة و ليس الأخلاق ، ولا ننسى أن القوة متغيرة و غير قادرة و في هذا تهديد للسلم يقول روسو (ليس الأقوى بقوي دائما و ليس له قوة دائمة تجعله يسود أبدا إذا لم يحول قوته إلا حق و طاعته إلى واجب) ثم لو اعتمدنا على القوة لفقد الناس الطمأنينة و لعاشوا في خوف مستمر وهذا ما يتنافى مع الغاية التي من أجلها أوجد الإنسان الدولة يقول سبينوزا (لم توجد الدولة لتحكم الإنسان بالخوف و إنما وجدت لتحرر الفرد من الخوف) ثم إناستقراء ميكيافيلي للتاريخ إستقراء ناقص ، مما لا يسمحبتعميم أحكامه ، فهو يؤكد – من التاريخ – زوال الدول التي بنيت على اسس أخلاقية ،غير أن التاريخ نفسه يكشف ان الممارسة السياسية في عهد الخلفاء الراشدين كانت قائمةعلى اساس من الاخلاق ، والعلاقة بين الخليفة والرعية كانت تسودها المحبة والاخوةوالنصيحة ، مما أدى الى ازدهار الدولة لا إنهيارها .
عرض نقيض الأطروحة :
بما أن غاية الدولة هي المحافظة على الإنسان وترقيته فمن الضروري أن تبقى قيمة أخلاقية نابعة من كينونتنا العاقلة ومن هنا يجب أن تقوم السياسة على أسس أخلاقية
البرهنة :
إن السياسة ضرورة أخلاقية و هدفها المحافظة على الإنسان و أمنه وسموه و استقراره و هذه الغايات تتحقق بفضل القيم الأخلاقية التي توجه المعاملات الإنسانية و تؤدي إلى التعاون الدولي بين الشعوب المختلفة فمصير الإنسانية واحد متعلق بتكامل السياسة و الأخلاق وهذا هو الشيء الضروري للبشر يقول راسل (و الشيء الذي يحرر البشر هو التعاون و أول خطوة فيه إنما تتم في قلوب الأفراد) و بما أن الإنسان كائن أخلاقي ينشد الخير و المثل في سلوكه النابع من الإرادة الخيرة و المقيد بأخلاق الواجب فإن الدولة لا تخرج عن هذه الطبيعة و بالتالي فقيم السياسة يجب أن تكون مستمدة من المثل السامية كالعفة و النزاهة و هنا يصرخ كانط (النزاهة أفضل سياسة ،إنها الشرط المطلق لأي سياسة ).فأرسطو يعتبر أن السياسة فرعاً من الاخلاق ، وأن وظيفة الدولة الأساسية هي نشرالفضيلة وتعليم المواطن الأخلاق، ثم إن الدولة خصوصاًوالسياسة عموما ً إنما وجدتا لأجل تحقيق غايات أخلاقية منعدمة في المجتمع الطبيعي ،وعليه فأخلاقية الغاية تفرض أخلاقية الوسيلة . كما أن ارتباط السياسة بالأخلاق يسمحبالتطور والازدهار نتيجة بروز الثقة بين الحكام والمحكومين ، فينمو الشعوربالمسؤولية ويتفانى الاأراد في العمل .وأن غيابالأخلاق وابتعادها من المجال السياسي يوّلد إنعدام الثقة والثورات على المستوىالداخلي ، أما على المستوى الخارجي فيؤدي إلى الحروب ، مع ما فيها من ضرر على الأمنوالإستقرار وإهدار لحقوق الإنسان الطبيعية ، وهذا كله يجعل الدولة تتحول الى أداةقمع وسيطرة واستغلال .
النقد:
لا يمكن إنكار أهمية دعوة الفلاسفة إلى أخلاقية الممارسة السياسية ، إلا أن ذلك يبقـى مجرد دعوة نظرية فقط ، فالقيم الأخلاقية وحدها – كقيم معنوية – لا تكفي لتجعل التنظيم السياسي قوياً قادراً على فرض وجوده وفرض احترام القانون ، ولا هي تستطيع أيضاً ضمان بقاء الدولة واستمرارها ، وهو الأمر الذي يؤكد صعوبة تجسيد القيم الأخلاقية في الممارسة السياسية .
التركيب :
السياسة والأخلاق متكاملان و متضامنان باعتبار أن الإنسان كائن أخلاقي و سياسي في نفس الوقت فلا بد للحاكم أن يجمع بين الحكمة و القوة ولابد أن تكون بين الفضيلة والأخلاق علاقة ايجابية لكي تسير امور السياسة على اسس اخلاقية ويسود الامان والاستقرار بين افراد المجتمع
الخاتمة:
وهكذا يتضح ، أنه لا يمكن إطلاقا إبعاد القيم الاخلاقية من الممارسة السياسية رغم صعوبة تجسيدها في الواقع . ومن جهة أخرى ، فالأخلاق بدون قوة ضعف ، والقوة بدون أخلاق ذريعة للتعسف ومبرر للظلم . وعليه فالسياسي الناجح هو الذي يتخذ من القوة وسيلة لتجسيد القيم الأخلاقية وأخلاقية الممارسة السياسية .
هل الشعور كافٍ لمعرفة كل حياتنا النفسية ؟ جدلية.
طرحالمشكلة :
إن التعقيد الذي تتميز به الحياةالنفسية ، جعلها تحظى باهتمام علماء النفس القدامى والمعاصرون ، فحاولوا دراستهاوتفسير الكثير من مظاهرها . فاعتقد البعض منهم ان الشعور هو الأداة الوحيدة التيتمكننا من معرفة الحياة النفسية ، هلمعرفتنا لحياتنا النفسية متوقفة على الشعور بها ؟
عرض الاطروحة :
يذهبانصار علم النفس التقليدي من فلاسفة وعلماء ، الى الاعتقاد بأن الشعور هو أساس كلمعرفة نفسية ، فيكفي ان يحلل المرء شعوره ليتعرف بشكلٍ واضح على كل ما يحدث في ذاتهمن احوال نفسية او ما يقوم به من افعال ، فالشعور والنفس مترادفان ، ومن ثـمّ فكلنشاط نفسي شعوري ، وما لا نشعر به فهو ليس من انفسنا ، ولعل من ابرز المدافعين عنهذا الموقف الفيلسوفان الفرنسيان " ديكارت " الذي يرى أنه : « لا توجد حياة أخرىخارج النفس الا الحياة الفيزيولوجية » ، وكذلك " مين دو بيران " الذي يؤكد على أنه : (لا توجد واقعة يمكن القول عنها انها معلومة دون الشعور بها ) .ونجد من المسلمين من تطرقلهذا الموضوع هو بن سينا الذي اعتبر أن أساس إثبات خلود النفس هو الشعور وأنالإنسان كما يقول(إذا تجرد عن تفكيره في كل شيء من المحسوسات أو المعقولات حتى عندشعوره ببدنه فلا يمكن أن يتجرد عن تفكيره في أنه موجود وأنه يستطيع أن يفكر)، وهـذا كله يعنيان الشعور هو اساس الحياة النفسية ، وهو الاداة الوحيدة لمعرفتها ، ولا وجود لمايسمى بـ " اللاشعور " .
الحجة :
ويعتمد أنصار هذا الموقف على حجة مستمدةمن " كوجيتو ديكارت " القائل : « أنا أفكر ، إذن أنا موجود » ، وهذا يعني أن الفكردليل الوجود ، وان النفس البشرية لا تنقطع عن التفكير الا اذا انعم وجودها ، وان كلما يحدث في الذات قابل للمعرفة ، والشعور قابل للمعرفة فهو موجود ، اما اللاشعورفهو غير قابل للمعرفة ومن ثـمّ فهو غير موجود .اذنلا وجود لحياة نفسية لا نشعر بها ، فلا نستطيع ان نقول عن الانسان السّوي انه يشعرببعض الاحوال ولا يشعر بأخرى مادامت الديمومة والاستمرار من خصائص الشعور .ثـم إن القول بوجود نشاط نفسي لا نشعر به معناهوجود اللاشعور ، وهذا يتناقض مع حقيقة النفس القائمة على الشعور بها ، فلا يمكنالجمع بين النقيضين الشعور واللاشعـور في نفسٍ واحدة ، بحيث لا يمكن تصور عقل لايعقل ونفس لا تشعر فلو كان اللاشعورموجودا لكان قابلا للملاحظة ، لكننا لا نستطيع ملاحظته داخليا عن طريق الشعور ،لأننا لا نشعر به ، ولا ملاحظته خارجيا لأنه نفسي ، وما هو نفسي باطني وذاتي . وهذايعني ان اللاشعور غير موجود ، وما هو موجود نقيضه وهو الشعور .
النقد :
إن هذاالرأي أثار اعتراضا لدى الكثير من الفلاسفة وعلى رأسهم فرويد ،فرينك لايبنتز، وهذاالأخير يقول (إنني أوافق أن الروحتفكر دوما ولكن لا أوافق أنها تشعر دوما بأفكارها).كذلك كيف نميز بعض السلوكات التيتصدر من الإنسان ولا يعي أسبابها كما أننا نتصرف أحيانا تصرفات لا نعي أسبابها ولايمكننا إدراجها في ساحة الشعور لأننا لا نشعر بها وإذا كانت الحواس غير قادرة علىاستيعاب العالم الخارجي فالشعور كذلك لا يمكنه احتلال ساحة النفسوحده.
عرض نقيضالاطروحة :
بخلاف ما سبق ، يذهب الكثير منانصار علم النفس المعاصر ، ان الشعور وحده ليس كافٍ لمعرفة كل خبايا النفسومكنوناتها ، كون الحياة النفسية ليست شعورية فقط ، لذلك فالإنسان لا يستطيع – فيجميع الاحوال – ان يعي ويدرك اسباب سلوكه . ولقد دافع عن ذلك طبيب الاعصاب النمساويومؤسس مدرسة التحليل النفسي " سيغموند فرويد " الذي يرى أن : « اللاشعور فرضيةلازمة ومشروعة .. مع وجود الادلة التي تثبت وجود اللاشعور » . فالشعور ليس هـوالنفس كلها ، بل هناك جزء هام لا نتفطن – عادة – الى وجوده رغم تأثيره المباشر علىسلوكاتنا وأفكارنا وانفعالاتنا ..
الحجة :
وما يؤكد ذلك ، أن معطيات الشعور ناقصة ولا يمكنه أن يعطي لنا معرفةكافية لكل ما يجري في حياتنا النفسية ، بحيث لا نستطيع من خلاله ان نعرف الكثير منأسباب المظاهر السلوكية كالأحلام فهي حل وسط ومحاولة من المريض للحد من الصراعالنفسي،ويروي المحلل النفسي فرينك: (أن إحدى المريضات تذكر أنها رأت في الحلم أنهاتشتري من دكان كبير قبعة جميلة لونها أسود وثمنها غالي جدا)فيكشف المحلل أن للمريضةفي حياتها زوجا مسنا يزعج حياتها وتريد التخلص منه وهذا ما يرمز إليه سواد القبعةأي الحداد وهذا ما أظهر لفرويد أن لدى الزوجة رغبة متخفية في التخلص من زوجهاالأول،وكذا أنها تعشق رجلا غنيا وجميلا وجمال القبعة يرمز لحاجتها للزينة لفتونالمعشوق وثمنها الغالي يعني رغبة الفتاة في الغنى وقد استنتج فرويد من خلال علاجهلبعض الحالات الباثولوجية أنه لابد أن توجد رابطة بين الرغبة المكبوتة في اللاشعوروالأغراض المرضية فهي تصيب وظائف الشخص الفيزيولوجية والنفسية ويقدم فرويد مثال ـالهستيريا ـ فصاحبها لا يعرف أنه مصاب بالهستيريا وهي تنطوي على أعراض كثيرة منها(فقدان البصر،السمع،أوجاع المفاصل والظهر،القرحة المعدية).ولهذا يؤكد فرويد معبروير هذا الأمر حيث يقول بروير:(كلما وجدنا أنفسنا أمام أحد الأعراض وجب علينا أننستنتج لدى المريض بعض النشاطات اللاشعورية التي تحتوي على مدلول هذا العرض لكنهيجب أيضا أن يكون هذا المدلول لا شعوريا حتى يحدث العرض،فالنشاطات الشعورية لا تولدأعراض عصبية والنشاطات اللاشعورية من ناحية أخرى بمجرد أن تصبح شعورية فإن الأعراضتزول)فتلكالمظاهر اللاشعورية لا يمكن معرفتها بمنهج الاستبطان ( التأمل الباطني ) القائم علىالشعور ، بل نستدل على وجودها من خلال اثارها على السلوك .
النقد:
رغم ما يبدوا من واقعية اللاشعور إلا أنه لا يخلو الطرح الفرودي من مبالغة في جعل الاشعور محور الحياة الانسانية مع أنه غير قابل للملاحظة المباشرة فهو أعمق من الشعور كمعرفة باطبية في تحليل فرويد للكبت و المقاومة (مقاومة المريض للافصاح) يدل على أن الانسان يشعر بما يكبته فلا يقمع الانا مالا يشعر به ذهب بعض الفلاسفة إلى إنكار اللاشعور يقول ستيكال (لا أومن باللاشعور ، لقد آمنت به في مرحلتي ولكن بعد تجاربي التي دامت ثلاثين سنة وجدت أن الأفكار المكبوتة إنما هي تحت الشعورية) وكذلك ميله إلى استخدام الاساطير اليونانية وتوظيفها في تحليل العقد النفسية.
التركيب:
وهكذا يتجلى بوضوح ، أن الحياة النفسية كيان معقد يتداخل فيه ما هوشعوري بما هو لاشعوري ، أي انها بنية مركبة من الشعور واللاشعور ، فالشعور يمكننامن فهم الجانب الواعي من الحياة النفسية ، واللاشعور يمكننا من فهم الجانب اللاواعيمنها .
حلالمشكلة :
وهكذا يتضح ، أن الانسان يعيشحياة نفسية ذات جانبين : جانب شعوري يُمكِننا إدراكه والإطلاع عليه من خلال الشعور، وجانب لاشعوري والذي يعد في نظر (فرويد) مركز الثقل في الحياة النفسية ،لا يمكن الكشف عنه إلا من خلال التحليل النفسي ، مما يجعلنا نقولأن الشعور وحده غير كافٍ لمعرفة كل ما يجري في حيتنا النفسية فما يفلت من الشعور يمكن رده إلى اللاشعور.
=========
>>>> الرد الرابع :
شكرا
شكرا
=========
>>>> الرد الخامس :
شكرا جزيلا . ششششششششششششششششششششششششششششششششششششششششكرا
=========
جازاك الله خيرا
شكرا
شكرا
مقالات رائعة .......جدا
يا ريت لوكان جات من قبل لاني حفضت
شكرا
شكرا جزيلا مقالات في قمة الروعةشكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
بارك الله فيك
الف شكر لك أخي
الله يحفظك
ممكن اخي الكريم مقالة عن الانظمة السياسية و الاقتصادية و شكرا مسبقا
مش ؤايحة نقولك شكرا نقولك ربي ان شاء الله يوفقك في حياتك اكل ويعطيك ما تتمنا ويحفظك ويحميك ويجعلك من اهل الجنة