عنوان الموضوع : هل أصل المفاهيم الرياضية نابع من العقل أم التجربة ؟ باك ادبي
مقدم من طرف منتديات العندليب

هل أصل المفاهيم الرياضية نابع من العقل أم التجربة ؟

أو هل الرياضيات علم يقين مطلق?



طـــــريقة المعالجة: جـــــــــدلية


مقدمة وطرح المشكلة :


إن تاريخ الإنسانية ونشاطها المعرفي يشير إلى أن الرياضيات ومفاهيمها كانت من أوائل العلوم نشأة وهي معرفة أساسها المفاهيم والصور العقلية المجردة موضوعها دراسة المقادير الكمية سواء كانت منفصلة ( الجبر ) أو متصلة ( الهندسة ) لكن ماهو مختلف فيه بين الفلاسفة والباحثين هو المفاهيم الرياضية ونشأتها فالعقليون يذهبون إلى أنها فطرية نابعة من العقل بينما يرى التجريبيون أنها مكتسبة بالتجربة الحسية والسؤال المطروح هنا هو هل أصل المفاهيم الرياضية عقلي أم تجريبي ؟
محاولة حل المشكلة


الأطروحة 1 :



يعتقد أنصار النزعة العقلية بزعامة ديكارت ، كانط ،أفلاطون أن أصل المفاهيم الرياضية فطرية نابعة من العقل وموجودة فيه بصورة قبلية، حيث يرى "أفلاطون" أن العقل كان يعيش في عالم المثل وكان على علم بكافة الحقائق بما فيها المعاني الرياضية كالأعداد والخطوط والأشكال لكنه عند مفارقته لهذا العالم المثالي وهبوطه إلى العالم الحسي نسي أفكاره وكان عليه أن يتذكرها ويدركها حيث يقول "المعرفة تذكر" وفي نفس الإطار يرى الفيلسوف الفرنسي "رينييه ديكارت " أن المفاهيم الرياضية فطرية أودعها الله فينا ، وأن هذه المفاهيم تتميز بالبساطة والوضوح واليقين
ومصدرها العقل لأن العقل أعدل قسمة بين الناس فمفهوم اللانهاية مثلا لا يمكن أن يكون نابعا من التجربة الحسية لأن هذه الأخيرة متناهية
وإلى جانب "ديكارت" نجد الفيلسوف الألماني كانط الذي يفسر هو الآخر أصل المفاهيم الرياضية تفسيرا عقليا بإرجاع المفاهيم الرياضية إلى مبادئ عقلية يولد الإنسان مزودا بها والمتمثلة في مفهومي الزمان والمكان وهما مفهومان رياضيان فطريان قبليان وما يؤكد صحة هذه الأطروحة هو تاريخ الرياضيات نفسه إذ يبين أن الرياضيات ولدت مع الإنسان وكانت نشأتها عقلية فقد أنشأ الفراعنة نظام الكسور وقواعد تحديد المثلثات والمستطيلات ، وأبدع البابليون النظام الستيني والعشري ، كما أن المفاهيم الرياضية كالأعداد واللانهائي والصفر والجذر والعلاقات المنطقية ليس لها ما يقابلها في الواقع

نقد : لا شك أن للعقل دورا في تطوير المفاهيم الرياضية ، لكن هذا لا يعني أنها نابعة منه ، فلو كان الأمر كذلك لوجدناها لدى جميع الناس ولحصلت عندهم دفعة واحدة دون الحاجة إلى تعلمها ، كما أن الواقع يؤكد بأن الطفل لا يدركها بطابعها المجرد ولا يفهم المعاني الرياضية إلا إذا استعان بأشياء محسوسة كالأصابع مثلا


الأطروحة الثانية :



يرى أنصار النزعة التجريبية وعلى رأسهم جون لوك ،جون ستيوارت مل ، دافيد هيوم أن المفاهيم الرياضية تجريبية مكتسبة في أصلها من الواقع الحسي وهي ليست فطرية لأن الإنسان يولد وعقله صفحة بيضاء والتجربة تخط عليه ما تشاء ، ومعنى هذا أن المفاهيم الرياضية تكتب من الواقع الحسي ، وأن المعرفة العقلية هي صدى لإدراكاتنا الحسية عن الواقع ،حيث أن الإنسان في القديم عندما أراد العد إستعمل أصابعه
وهنا يرى جون ستيوارت مل أن كل ما نعرفه في الرياضيات له مايقابله في الواقع الحسي فالدائرة كمفهوم رياضي يقابلها في الواقع قرص الشمس وحدقة العين ، والمثلث يقابله الجبل في الواقع يقول جون ستيوارت مل " إن النقط والخطوط والدوائر يحملها كل واحد في ذهنه ، هي مجرد نسخ من النقط والخطوط والدوائر التي عرفها في التجربة "
كما أن علم النفس التكويني بزعامة "جون بياجيه " يؤكد أن الطفل الصغير يدرك الأعداد كصفات للأشياء ، فعند إدراكه للمفاهيم الرياضية يمر بمراحل وهي المرحلة الحسية ( مرحلة الإدراك الحسي ) ، ثم المرحلة الحسية العقلية وأخيرا المرحلة العقلية ، إضافة إلى هذا فإن تاريخ الرياضيات يثبت بأن الرياضيات كانت في بداياتها متصلة بالحياة العملية الحسية ، فالحساب كان وليد الحاجة للمقايضة كما أن حاجة المصريين القدامى لمسح الأراضي وقياسها أدت إلى نشأة الهندسة لهذا تطورت هذه الأخيرة بسرعة أكثر من الحساب لإقترابها من الواقع الحسي ، ويؤكد هذه الفكرة كل من جون لوك و دفيد هيوم حيث يقول هيوم " لا يوجد شيئ في الذهن مالم يوجد من قبل في التجربة

نقد :
لا شك أن هناك في الواقع الحسي مايقابل بعض المفاهيم الرياضية كجذع الشجرة بالنسبة للأسطوانة ، لكن هذا لا يعني أن أصل المفاهيم الرياضية عقلي، فلو كان الأمر كذلك بماذا نفسر إذا أن بعض هذه المفاهيم لا يمت إلى الواقع بصلة كالعدد السالب والكسور، كما أن نتائج الرياضيات لا تراعي أي مقياس واقعي

التركيب:
بعد عرضنا للأطروحتين يمكن القول أن تفسير نشأة المفاهيم الرياضية من الصعب الفصل فيها تماما بين حدود العقل ودور التجربة ، لا، المعاني الرياضية لم تنشأ دفعة واحدة ، بل نمت وتطورت بالتدريج عبر الزمن ، فقد بدأت المفاهيم الرياضية حسية تجريبية في أول أمرها
ثم تطورت وأصبحت مفاهيم إستنتاجية مجردة ، لهذا يقول بوانكاريه " لو لم يكن في الطبيعة أجسام صلبة لما وجد علم الهندسة ، ولكن الطبيعة بدون عقل مسلط عليها لا معنى لها "


خاتمة وحل المشكلة :


نستنتج في الأخير أن الرياضيات صارت تمثل عالم العقل والتجريد ، وليس هناك حد يقف أمام العقل في إبتكار المفاهيم الرياضية ، وفي الكشف عن العلاقات وتوظيفها ، لكن هذا لم يكن دفعة واحدة بل تطور بالتدريج ، وقد كانت التجربة في البداية منطلق التفكير الرياضي لكنه إستقل عنها وفارقها .



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

chokran laka da3awatouna akwhi wsa7ite 3la magala

=========


>>>> الرد الثاني :

موضوع البكالوريا في مادة الفلسفة لسنة 2012 الأكثر توقعا

-شعبة علوم تجريبية و رياضيات-

الأسئلة المتوقعة بنسبة كبيرة:

ما يميز الإشكالية و المشكلة?




أ - طرح المشكلة :
إن السؤال مهم في عملية التعلم .. وينقسم إلى عدة أنواع : الأسئلة المبتذلة ، الأسئلة العملية ، الأسئلة الانفعالية ، والتي تثير القلق النفسي و العقلي لهذا فهي تؤدي إلى وجود ما يعرف بالمشكلة والإشكالية ، فما نوع العلاقة بينهما ؟ هل هي علاقة انفصال و تمايز أم هي علاقة اتصال و تكامل ؟


ب – محاولة حل المشكلة :

1 – أوجه الاختلاف : يوجد اختلاق بين المشكلة و الإشكالية لأن هناك فرق بينهما :
• فالمشكلة هي وضعية تنطوي على التباسات يمكن البحث عن حلول لها . وهي عن عبارة عن قضية جزئية .
• أما الإشكالية فهي قضية تحتمل الإثبات و النفي معا ، وتثير قلقا نفسيا و الباحث فيها لا يقتنع بحل ، كما أنها تعتبر معضلة تحتاج إلى أكثر من حل و بالتالي فهي قضية مركبة .
2 – أوجه الاتفاق : إن نقاط التشابه الموجودة بين المشكلة و الإشكالية هي :
• كلاهما تثير الدهشة و الإحراج لأنهما ينطويان على أسئلة انفعالية .
• كلاهما يحتاج إلى حل لأنهما يؤديان إلى وجود أسئلة .
3 - طبيعة العلاقة بينهما : يوجد تداخل بين المشكلة و الإشكالية لأنه هناك تأثير متبادل بينهما :
• المشكلة تؤثر في الإشكالية : لأنها قضية جزئية تساعدنا على الاقتراب من فهم الإشكالية . مثال ذلك لفهم الإشكالية : " الفكر بين المبدأ و الواقع " يجب فهم و دراسة المشكلات الجزئية و هي : كيف ينطبق الفكر مع نفسه ، وكيف ينطبق مع الواقع .
• كما أن الإشكالية بدورها تؤثر في المشكلة لأن المشكلة تحتاج إلى الإشكالية التي هي المعضلة الكبرى أي الكل فإذا كانت للمشكلات تحتاج حلول جزئية فهي تحتاج إلى الحل الكلي للمعضلة الكبرى .
الرأي الشخصي : إلا أن اصح الآراء هو الرأي القائل بأن العلاقة الموجودة بين المشكلة و الإشكالية تنطوي على جانبين : فهي انفصال من ناحية التعريف لأن هناك تمايز بينهما و اتصال من ناحية الوظيفية لأن كلاهما يكمل الآخر


حل المشكلة :

نستنتج في الأخير أن مسألة العلاقة بين المشكلة و الإشكالية تدرس على مستوى القمة بين العلماء و الفلاسفة وليس للعامة حاجة لهم في التمييز بين الألفاظ قصد التعبير عما يواجههم من مشكلات في حياتهم . لكن على الرغم من ذلك علينا إزالة المفارقة بين اللفظين ، لأنهما حتما يختلفان من خلال السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه كإشكالية أولا ، بحيث نكاد لا نجد الجواب المقنع له ، وبين مشكلة سرعان ما تزول وينتهي أمرها مجرد التفكير فيها بطريقة عقلانية و فاعلة .


=========


>>>> الرد الثالث :

هل الحرية شرط المسؤولية?







طرح المشكلة:


القضية المطروحة للبحث تتعلق بالحرية والمسؤولية، وهي قضية مركبة لا يمكن تجزئتها، بمعنى انه لا يمكننا طرح قضية الحرية بمفردها بمعزل عن المسؤولية، وكذلك العكس صحيح، فالمسؤولية مشروطة بالحرية ولا معنى لها في غيابها،أي انها تثبت بثبوت شرطها وترفع برفعه، وكذلك الحرية تستوجب قيام المسؤولية.انهما اذن متلازمان في الوجود ولايمكن الفصل بينهما. أن المشكلة في الحقيقة مزدوجة تدعونا تارة الى الانطلاق من الحرية كشرط لتأسيس المسؤولية وتارة اخرى الى اعتبار هذه المسؤولية شرطا يبرر ويستوجب وجود الحرية.




ايهما يعتبر المبدأ الحرية أم المسؤولية؟ او بصيغة اخرى ايهما يعتبر شرطا للآخر أم مشروطا به؟



الجزء الاول(( الحرية مبدأ وشرط للمسؤولية))

طرح يقول بان الحرية هي المبدأ وهس الشرط، وان الحديث عن المسؤولية لا يستقيم الا بوجود الحرية، ويترتب عن هذا الطرح انه يجب البحث اولا في الحرية والنتائج التي يخلص اليها البحث هي التي تحدد ثبوت المسؤولية او عدم ثبوتها، يمثل هذا الطرح مناصرو الحرية ونفاتها واصحاب الكسب والتوسط وكذلك دعاة التحرر.

1.أنصارالحرية

اليوناني افلاطون: حرية الاختيار مبدأ مطلق لا يفارق الانسان وهو مبدأ أزلي يتخطى حدود الزمان والمكان، وقد عبر افلاطون عن هذا المبدأ في صورة اسطورة ملخصها ان الاموات يطالبون بان يختاروا بمحض حريتهم مصيرا جديدا لتقمصهم القادم وبعد اختيارهم يشربون من نهر النسيان ثم يعودون الى الارض وق نسوا بانهم هم الذين اختاروا مصيرهم ويأخذون في اتهام القضاء والقدر في حين ان الله بريء.

المعتزلة في الفكر الاسلامي: ما يدل عندهم على ان الانسان يمارس افعاله بارادته الحرة هو شعوره بها انها تصدر منه ويتضح ذلك في قولهم(( الانسان يحس من نفسه وقوع الفعل على حسب الدواعي والصوارف، فأذا اراد الحركة تحرك واذا اراد السكون سكن.)).كما ان وجود التكليف الشرعي والجزاء الذي يتبعه دليل آخر على حرية ارادة العبد ودليل على عدل الله.

الفرنسي ديكارت: الحرية مثبتة بشهادة الشعور وحده من غير حاجة الى ادلة وذلك من خلال قوله(( ان حرية ارادتنا يمكن ان نتعرف اليها بدون ادلة وذلك بالتجربة وحدها التي لدينا عنها. لكن ديكارت يميز بين حرية الاختيار الحقيقي وحرية اللامبالات، فالاولى تتم بالاختيار بين عدة بدائل استنادا الى مبررات ذاتية، اما الثانية ففيها يستوي الضدان((الاثبات والنفي)) بلا رجحان.

الفرنسي برغسون: يصف الحرية بقوله((انها معطى مباشر للشعور.))، كما ان شعورنا بالحرية متغير با ستمرار بحيث لا يمكن ان تتكرر حالتان متشابهتان اطلاقا، وهذا يعني ان الحياة النفسية لا تخضع الى قانون الحتمية، كما ان الفعل الحر يصدر عن النفس بأجمعها، وليس عن قوة تضغط عليه او عن دافع يتغلب على غيره، وذلك من خلال قوله(( ان الفعل الحر ليس فعلا ناتجا عن التروي والتبصر، انه ذلك الفعل الذي يتفجر من اعماق النفس.)).

الفرنسي جون بول سارتر: لا فرق بين وجود الانسان وحريته، فهو محكوم عليه بالاختيار والمسؤولية وفي ذلك يقول(( ان الانسان لايوجد اولا ليكون بعد ذلك حرا، وانما ليس ثمة فرق بين وجود الانسان ووجوده حرا.)) وقال ايضا(( انه كائن اولا ثم يصير بعد ذلك هذا او ذاك.)).
استنتاج: ينتج عن هذه المواقف الكلاسيكية جميعها ان الانسان حر حرية مطلقة ومن ثمة فهو مسؤول ويتحمل عواقب اختياراته.

مناقشة مواقف مناصري الحرية:
ان القول بوجود حرية مطلقة في غياب كل اكراه داخلي او خارجي هو موقف ميتافيزيقي مجرد لا وجود له في حياتنا الواقعية، فأرادتنا لا يمكنها ان تقول للشيء كن فيكون، انها لا تستطيع ان تنفلت خارج الحتميات وتتحدى قوانين الطبيعة والنفس.
كما ان الشعور بالحرية قد يكون مصدر خداع ووهم كما يصفه الفيلسوف سبينوزا فهو شعور اشبه ما يكون بحجر رمي به من الفضاء وفي ذلك يقول((لو كان يتوفر على شيء من الشعور لظن في اثناء رميه وسقوطه نحو الارض انه يقرر مسار قذفته ويختار المكان والوقت الذي يسقط به.)).
كما نأخذ على الفيلسوف برغسون قوله بحرية الفرد المنعزل عن الآخرين.
كما نسجل على الفرنسي سارتر حذفه لكل تمييز بين افعالنا الحرة منها وغير الحرة ما دامت الحرية تطابق وجود الانسان،كما انه ينفي الحرية من حيث اراد ان يثبتها لأنه يعتبر ان الانسان محكوم عليه بالاختيار.


2.نفاة الحرية:


الحتمية الفيزيائية: الانسان مثله مثل جميع المخلوقات لا يعدو ان يكون جسما يخضع لقانون الجاذبية ويتأثر بالعوامل الطبيعية من حرارة وبرودة..الخ
الحتمية الفيزيولوجية: وتتمثل في تأثير المعطيات الوراثية وتأثير الغدد الصماء والجملة العصبية وهي التي تحدد الجنس والخصائص الجسمية.
الحتمية النفسية: وتتمثل في تأثير الجانب اللاشعوري وتوجيهه للسلوك وهذا ما بينته نتائج التحليل النفسي عن النمساوي سيغموند فرويد.
الحتمية الاجتماعية: يؤكد علماء الاجتماع ان التصورات والافكار والافعال الصادرة عن الفرد راجعة الى تأثير المكتسبات الاجتماعية من عادات وقيم واخلاق التي تشكل في مجموعها الظمير الجمعي.
الحتمية الميتافيزيقية: وتتمثل في جبرية القضاء والقدر، قال بها الجهمية حيث ذهبوا الى ان افعال الانسان ليست اختيارية انما يخلقها الله فينا على حسب ما يخلق في سائر الجمادات، والافعال تنسب الينا مجازا كما تنسب الى الجمادات، فكما يقال اثمرت الشجرة وجرى الماء وتحرك الحجر وطلعت الشمس او غربت كذلك يقال سافر فلان او نجح فلان....الخ.


3.أنصار التوسط بين الجبر والاختيار:

موقف الاشاعرة: يرى الاشعري ان الافعال الصادرة عن الانسان مشاركة بين الانسان وخالقه، فالانسان يريد الفعل والله يخلقه.




4.أنصار التحرر:

الرواقيون: الانسان يعيش عالمين عالم داخلي قوامه الحرية أي انه حر امام ذاته وعالم خراجي قوامه الضرورة، أي ليس حرا امام العالم الخارجي لأنه لا يستطيع ان يؤثر في الاشياء الخارجية. واذا كان الرواقيون قد حاولوا التوفيق بين الضرورة والحرية فأن الضرورة تبقى هي الاصل في كل الاشياء، اما الحرية فأنها تكتسب من خلال موافقة الانسان لقوانين الكون ومحاولة فهمها لا معارضتها.
الالماني كارل مار كس وصديقه فريدريك انجلز: يتمثل التحرر من خلال معرفة الانسان لمختلف القوانين الحتمية واستغلال نتائجها من الناحية التطبيقية، وفي هذا السياق قال ماركس((الحرية وعي بالضرورة))وقال انجلز((فالانسان لم يكن يتميز عن الحيوان لان سيطرته على نفسه وعلى الطبيعة لم تكن بعد قد تحققت وبالتالي فان حظه من الحرية لم يكن يزيد عن حظ الحيوان منها، لكن المؤكد ان كل خطوة خطاها في سبيل الحضارة لم تكن سوى مرحلة من مراحل تحرره.)).
الشخصانية:باعتبارها فلسفة عمل وتحرر بقول رائدها ايمانويل موني((ان الحرية لا تكتسب بمضادة الطبيعة انما تكتسب بالانتصار عليها وبها.)).

استنتاج:ينتج عن هذه المواقف ان الانسان فاقد للحرية ومن ثمة فهو غير مسؤول عن افعاله أي لا يتحمل نتائج ما يصدر عنه من تصرفات.

مناقشة آراء نفاة الحرية وأصحاب التوسط ودعاة التحرر
ان الاقرار بالحتمية لايعني تكبيل ارادة الانسان ورفع المسؤولية عنه، فهناك فرق بين عالم الاشياء وعالم الانسان، فالاول يستجيب آليا لنظام الطبيعة والثاني يستجيب له وهو كله وعي واكثر من ذلك يستطيع ان يسخر لنفسه قوانين الطبيعة حسب ارادته بعد معرفتها والتحكم فيها، فالحتمية لاتتنافى مع الحرية ان هي اخذت في هذا السياق على انها تحرر.
كما ان القول مع الجهمية ان ادعاء الحرية يتعارض شرعا مع مسألة الايمان بالقضاء والقدر، قول يناقض التكليف الشرعي وما يتبعه من جزاء، كما انه قول يدعو الى التواكل والاستسلام والافلات من الواجب والمسؤولية.
استنتاج: من خلال ما سبق بيانه حول استعراض الحتميات ومناقشتها لنا ان نتساءل كيف تقوم المسؤولية والشرط الذي يؤسسها لم يتأكد، اذ ليس من المعقول الحديث عن شيء يتوقف ثبوته او نفيه على امر مجهول، ومع ذلك تبقى المسؤولية-كما سنرى-في منطوق الطرح الثاني قائمة يتحملها الانسان بوصفه انسانا.

الجزء الثاني((المسؤولية مبدأ وشرط للحرية))


طرح يرى ان المسؤولية قضية سابقة لطرح قضية الحرية، بمعنى ان الانسان يجب ان يكون مسؤولا اولا ليكون بعد ذلك حران يمثل هذا الطرح رجال الدين وفلاسفة الاخلاق، ودليلهم في ذلك ان التكليف سواء كان شرعيا او اخلاقيا يسبق الحرية ويبررها بغض النظر عن العوامل التي تحيط بالمكلف.
المعتزلة في الفكر الاسلامي: التكليف الشرعي الصادر من الله والذي يخاطب عقل الانسان بأفعل ولا تفعل انما هو تحميل الانسان للمسؤولية امام اوامر الله ونواهيه باعتباره حرا والا كان التكليف سفها وباطلا، اذ لا يصح عقلا ان تقول لمن ليس حرا افعل ولا تفعل.والله سبحانه وتعالى يقول((لايكلف الله نفسا الا وسعها.))
الالماني ايمانويل كانط: الواجب الاخلاقي يتضمن الحرية وذلك في قوله((اذا كان يجب عليك فأنت تستطيع)) والواجب الخلقي ألزام داخلي مصدره الظمير الخلقي الذي يعاقب على الفعل السيء بالأسف والندم والحسرة، كما انه يثيب على الفعل الحسن بالرضى والقبول.
مالرانش: حيث يرى ان المسؤولية مرتبطة اشد الارتباط بالقانون الاخلاقي نفسه وهو على حد تعبيره الذي لا يجوز انتهاكه ونقضه لا من طرف العقول ولا من طرف الاله نفسه، وفي هذا المعنى يقول((ان الذي يريد من الله ان لا يعاقب الجوراو ادمان الخمر لا يحب الله.))
استنتاج: ما يؤكد وجود الحرية المسؤولية وما يؤكد وجود المسؤولية هو العقوبة المرتبطة بالقانون الاخلاقي.

مناقشة منطوق الطرح الثاني
ان المسؤولية البشرية لايمكن ان تكون كاملة، لان حرية الانسان نسبية فقد يرتكب اخطاءا في حق الغير من غير قصد منه.
كما ان دعاة المسؤولية جعلوا من القصاص مرتبط بغايات اخلاقية فقط، فمعاقبة المجرم يحقق في نظرهم شعوره بالذنب والندم عليه وفي ذلك تطهير وتأديب له وجعله عبرة لغيره، لكنها تجاهلت الاساس الاجتماعي الذي يجب ان تبنى عليه العقوبة والمتمثل في حماية المجتمع ووقايته من الخطر، والنظر في اسباب الجريمة وما يجب اتخاذه من اجراءات الدفاع الاجتماعي أما بمعاقبة المجرم او اصلاحه او معالجته حيث اخذ الدور التربوي يحتل الصدارة في العقوبات.
استنتاج: ليس من السهل تقرير مدى مسؤولية الانسان امام نتائج افعاله، لان ذلك مرتبط باقامة الدليل على مدى حرية الانسان ومدى قدرته على التمييز بين الخير والشر وما عقده من نية قبل اقدامه على الفعل.

التركيـب:

يعرف الانسان بخاصية المسؤولية اكثر منه بخاصية الحرية، فالمسؤولية تنصب على الانسان اولا بدون التساؤل عن شروطها، فعندما يكلفك استاذك القيام بواجب مدرسي لا يسألك هل انت حر أم لا، انه يفترض وجودها مسبقا، كما تظهرالمسؤولية عند اعتذارنا عن اخطاء ارتكبناها في حق الغير من دون ان نقصد الى فعل ذلك.
كما ان ما يهم القاضي بالدرجة الاولى هو معرفة من قام بالفعل وما الذي ترتب عن الفعل من نتائج اكثر من اهتمامه بدوافع الفعل، رغم اخذ القاضي بها بعين الاعتبار كظروف مخففة.
وما يؤكد مسؤولية الانسان ان الله جعله خليفته في الارض ومنحه عقلا يميز به بين الخير والشر وارادة يوجهها كيفما يريد وذلك جلي في قوله تعالى في سورة الاحزاب72((أنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقنا منها وحملها الانسان، انه كان ظلوما جهولا.)).

الخاتمة((حل المشكلة))
: ان موضوع المسؤولية والحرية يرتبط اشد الارتباط بجوهر الانسان، فكما اننا نقول في مجال الفلسفة ان الانسان حيوان عاقل مهما كانت حدوده الزمكانية، ومهما كانت ظروفه وسنه وجنسه، نقول ايضا انه كائن مسؤول بقطع النظر عن وضعه واحواله وسنه وجنسه.


=========


>>>> الرد الرابع :


=========


>>>> الرد الخامس :


=========