عنوان الموضوع : نموذج لتحرير مقال حول النص...اللغة و الفكر تحضير بكالوريا
مقدم من طرف منتديات العندليب
ترشة عمار - ثانوية حساني عبد الكريم - الوادي
النص:
"إننا لا نفكر إلا داخل الكلمات، ولا ثقة لنا في أفكارنا المحددة والحقيقية إلا حينما نضفي عليها طابع الموضوعية ونميزها عن إسقاطاتنا الذاتية، ونسجلها بعد ذلك في شكل خارجي يحتوي أيضا على خاصية الفعالية الداخلية الأكثر سموا. إن الشكل عبارة عن صوت متصل أو كلمة تعطينا بمفردها وجودا يتحد فيه الداخل بالخارج في صورة بديعة، الشيء الذي يجعل كل رغبة في التفكير بدون كلمات محض محاولة خرقاء لا أصل لها [...]. كذلك من السخف اعتبار هذه الضرورة التي تربط الفكر بالكلمة بمثابة عرقلة فكرية، وموازاة مع ذلك يعتقد البعض، بأن ما هو أسمى يفوق الوصف، بيد أن هذا رأي سطحي لا أساس له، لأن ما يفوق الوصف في واقع الأمر هو الفكر الغامض والمبهم الذي يوجد في حالة اختمار، والذي لا يبدو واضحا للعيان إلا حينما يجد ألفاظا يعبر بها. هكذا تعطي الكلمة للفكر وجودا أكثر سموا وتأكيدا"....هيغل
اكتب مقالا فلسفيا تعالج فيه مضمون النص
....الجواب المقترح
مقدمة:
تتجه الكثير من التعريفات، التي تتخذ اللغة موضوعا لها، إلى التأكيد على أن وظيفة التعبير عن الفكر هي إحدى الوظائف الأساسية للغة. فبواسطة هذه الأخيرة نعبر عن أفكارنا وننقلها للآخرين أيضا. لكن هذا التأكيد لا يوضح طبيعة العلاقة بين اللغة والفكر. والنص الذي بين أيدينا يتناول موضوع اللغة وبالضبط إشكال العلاقة بين الكلام والفكر، مدافعا عن ترابطهما.
فما طبيعة العلاقة الرابطة بينهما؟
التحليل:
يثيره النص إذن، إشكال علاقة الكلام بالفكر، والتي يمكن صياغتها كما يلي: هل يعبر الكلام عن الفكر بعد تشكله وتبلوره أم هو الذي يتدخل في بنائه وتحقيقه؟ وفي كلتا الحالتين هل باستطاعة الكلام التعبير دائما عن الفكر؟
يتبنى النص الذي بين أيدينا موقفا يدافع عن ترابط الكلام (اللغة) بالفكر ترابطا وثيقا، إلى درجة لا يمكن معه الحديث عن فكر متميز وواضح في غياب الكلمات، إذ إن تدخل هذه الأخيرة في سير بنائه وتشكله ضرورة لا محيد عنها وهي ضرورة إيجابية وليست سلبية.
ولتوضيح هذا الموقف اتبع النص خطوات منهجية، حيث أكد النص في البداية على استحالة التفكير خارج الكلمات، وأن الأفكار الواضحة والحقيقية يشترط فيها أولا أن تكتسب طابع الموضوعية المتميزة عن الإسقاطات والتمثلات الذاتية، ثم ثانيا أن تصاغ في شكل خارجي (صوت أو كلام) يحوي تلك الفعالية أو النشاط الفكري الداخلي بعد اتسامه بطابع الموضوعية. وبهذا يكون النص قد أكد أن ارتباط الكلمات بالفكر، هو ارتباط ينقل هذا الأخير من حالة الكمون واللاوضوح والاختمار إلى حالة يتبلور فيها كبناء يفصح عن معانيه ونظامه وعلاقاته بشكل واضح.
ولإثبات ذلك يلجأ النص، في لحظة ثانية، إلى توضيح أن هذا الشكل الخارجي - الكلام- ما هو إلا كيان يتحد فيه الفكر بالكلمات، والجوهر بالشكل، أو كما عبر عنه النص "الداخل بالخارج". وبناء عليه فالكلمات ليست مجرد أشكال أو قوالب فارغة، بل هي كيانات ترتبط فيها الكلمة بالفكر بعلاقة ضرورية، والدليل على ذلك، حسب النص، أن كل رغبة أو محاولة في التفكير خارج الكلمات، هي محض محاولة خرقاء وبدون جدوى.
بعد ذلك سيتجه النص، في لحظة ثالثة، إلى إظهار سخافة الموقف النقيض وإبطاله، بقلبه رأسا على عقب. فإذا كان هذا الموقف يرى أن الطبيعة المادية للكلام هي عرقلة للفكر، بدعوى أن هذا الأخير يسمو على الوصف، فإن النص، وعلى عكس ذلك، يرجع سبب وضوح الفكر إلى ارتباط الكلمات به، وإلا فلن يكون بمقدورنا فهم أفكارنا أو التعبير عنها، لأنه سيكون، والحالة هذه، فكرا غامضا وفي حالة اختمار: فالفكر الذي يتبلور ويتحقق لا تتاح له هذه الإمكانية إلا داخل الكلمات، وبالتالي فبدل اعتبار هذه الأخيرة، كشيء سلبي قاصر وعاجز على التعبير عن الفكر، ينبغي أن ننظر إليها، وبنوع من الإيجاب، كدعامة أساسية لبنائه وتمكينه من التعبير عن نفسه وجعله قابلا لأن يترجم إلى الخارج.
وأخيرا، يخلص النص إلى أن الكلمات لا تعرقل التفكير، بل هي التي تساعده على التشكل والتبلور، وهي التي تعطيه وجوده الخارجي المتميز.
يتضح، بناء على ما سبق، أن النص قد استعان ببنية مفاهيمية وحجاجية، مترابطة ومتماسكة، ليؤسس لعلاقة جدلية بين: الفكر والكلام، تقوم على التفاعل بينهما بشكل يجعل كل واحد منهما في حاجة إلى الآخر ومتوقفا على وجود الآخر. رافضا بذلك كل فصل بين الفكر واللغة بالاستناد على التقابلات: جوهر/ شكل، داخل / خارج، روح / مادة، موضوعي / ذاتي ... مادام ارتباط الفكر بالكلام تفرضه ضرورة التفكير ذاتها، بشكل يصعب معه الفصل بين الشكل (الكلمات) والمضمون (الفكر).
المناقشة:
وبناء عليه، فالنص يستبعد الموقف الديكارتي الذي يقول بانفصال اللغة عن التفكير لأنهما من طبيعتين متناقضتين: الفكر اللامادي / الكلام المادي، كما يرفض موقف هنري برغسون القائل بعجز اللغة عن الإحاطة بالفكر مادامت الأولى مادية ومحدودة وثابتة ، والثاني لامادي ولامحدود ودائم الحركة.
وما يزيد من قوة وصلابة موقف النص، تأكيد مجموعة من العلماء والفلاسفة على مثانة الترابط بين الفكر والكلام. يؤكد دي سوسير، مثلا، على أن الفكر كان، قبل تجسده في الكلمات، عبارة عن كتلة سديمية وعماء ضبابي، ولا يمكن تبيُّن معالمه إلا بعد أن تتدخل فيه العلامات اللسانية (الكلمات)، فتقسمه وتجزؤه إلى وحدات منظمة ومفهومة. وللتوضيح أكثر، يسوق دي سوسير مثال سطح بركة الماء الراكد وهبة الريح، فكما تتسبب هذه الأخيرة في إحداث تموجات وإحداث انقسامات على سطح بركة الماء، فإن اتصال الكلمات (العلامات اللسانية) بالفكر يِؤدي إلى انقسام هذا الأخير وفق متوالية من وحدات صوتية منظمة ومفهومة. كما شبه ارتباط الصوت بالفكر بترابط الوجه والظهر في ورقة النقود: فمثلما أن هذه الأخيرة ستفقد قيمتها التداولية إذا ما فصلنا وجهها عن ظهرها، فكذلك لا يقبل اللسان، الذي يجمع الفكر بالصوت، الفصل بين هذين الأخيرين، وإلا سنصبح أمام فكر أعمى وصوت فاقد لكل معنى.
وفي نفس الإطار، ذهب ميرلوبونتي ابعد من ذلك عندما قال أن الفكر والكلام شيء واحد ويتكونان في نفس الآن، ولا وجود لفكر خارج الكلام ولا وجود لكلام بدون فكر. فالعلاقة بينهما علاقة ضرورية تصل إل حد التماهي بين الفكر والكلام، حيث تصبح معها كل محاولة تنظر إلى الثاني كعلامة أو وسيلة أو أداة للتعبير عن الأول، محاولة مرفوضة. فحتى ما نعتبره فكرا غامضا وفي حالة اختمار هو، حسب ميرلوبونتي، تفكير يتم داخل الكلمات وبواسطتها، وسيخرج إلى الوجود الخارجي ويصبح أكثر وضوحا بعد تنظيم هذه الكلمات نفسها.
إن ما جاء في النص، والذي تدعمه مجموعة من المواقف العلمية والفلسفية، لا يمنعنا من التفكير بشكل مخالف لأطروحته، أي لا يمنعنا من افتراض وجود فكر تعجز الكلمات عن الإفصاح عنه، وبالتالي قصور هذه الأخيرة عن الإحاطة به. وما يشفع لنا بذلك وجود حالات من الفكر لا تسعفنا الكلمات في التعبير عنه. ولنا في الفكر الصوفي خير مثال عن ذلك: فالحلاج مثلا ، شهيد الفكر الصوفي، لم تفلح الكلمات في التعبير عن ما كان يشعر به من سعادة روحية ناتجة عن تعلقه بالحضرة الإلهية، فاتُّهم بالشرك الله. كما نجد في العمل الفني مثالا آخر، فإذا طلبنا من فنان تشكيلي أن يعبر لنا في كلمات عن مضمون لحوته الفنية، لأشار لنا بالتوجه نحو اللوحة ذاتها، لأنها توحي بأكثر مما ستقوله الكلمات نفسها. وعلى هذا الأساس، يمكن أن نذهب عكس ما ذهب إليه النص: فإذا كنا لا نفكر إلا داخل الكلمات، فلماذا يلجأ المتصوفة إلى لغة الشطحات الصوفية؟ ولماذا يلجأ الفنانون إلى اللغة الفنية - الإبداعية ؟ ولماذا يلجأ الفيزيائيون والرياضيون وغيرهم من العلماء إلى اللغات العلمية الصورية؟ ليس بمقدور الكلمات الإحاطة بكل أشكال الفكر، والنص الذي بين أيدينا مدعو إلى التفكير في علاقة الفكر باللغة وليس فقط بالكلام.
التقييم و الاستنتاج
ننتهي من خلال تحليلنا ومناقشتنا للنص إلى أن تأكيده على ترابط الكلام واللغة، رغم حججه المتماسكة، ورغم إمكانية تعزيزه بمواقف مجموعة من العلماء والفلاسفة، فإنه تأكيد قابل للنقاش. فالبحث عن طبيعة علاقة الكلمات بتفكيرنا يجب أن يتم داخل مجال أوسع وهو علاقة اللغة بالفكر لأنها علاقة معقدة، وتناولها لا يجب أن يقتصر على شكل واحد من أشكال اللغة.
بل لا يجب – في نظري - الوقوف عند هذا الحد، فعلى البحث في طبيعة هذه العلاقة أن يهتم بمدى قدرة اللغة على ترجمة الأفكار للآخرين بالنظر إلى فقرها في بعض الأحيان، وبالنظر كذلك إلى وجود موانع ثقافية قد تحول دون ذلك أحيانا أخرى.
--------------------------
من المجلة. الحجاج....للاستفادة
في امان الله........دعواتكم
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
شكراااااااااااااااا ننتظر المزيد من ابداعاتك
=========
>>>> الرد الثاني :
مشكور اخي الكريم
=========
>>>> الرد الثالث :
thank you ouuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuuu
=========
>>>> الرد الرابع :
شكرا جزيلا استاذنا
=========
>>>> الرد الخامس :
شكرا على الردود....بوركتم
.. حمل ما يلي بالضغط على العنوان التالي.. فهذه الورقة تحوي على اهم خطوات كتابة مقال حول النص الفلسفي و بها نماذج شارحة لذلك.. ابتداء من الصفحة 12
=========
جزاك الله كل خير
جزاك الله كل خير