عنوان الموضوع : شرح و مناقشة لمقولة ديكارت في الادراك بكالوريا ادبي
مقدم من طرف منتديات العندليب
"حواسنا لا تعلّمنا طبيعة الأشياء، إنّما تعلّمنا فقط بما تفيدنا هذه الأشياء، وبما تضرّنا؛ بعد هذا التفكير، نترك بدون عناء كلّ الأحكام المسبقة التي بُنيت على حواسّنا، ولا نعود نستخدم إلاّ فهمنا"
ديكارت، مبادئ الفلسفة.
المقدمة: ليس الإنسان كائنًا منعزلاً عن العالم، بل يعيش في تواصل مستمرّ مع محيطه من خلال الإدراك. وقد اختلف الفلاسفة حول طبيعة الإدراك ، فاعتبر ديكارت أنّ العقل هو الذي يدرك المعطيات الخارجية.
الإشكالية: فهل أصاب ديكارت ومؤيّديه العقلانيين في موقفهم هذا؟ أم أنّ العقل لوحده لا يكفي وأنّ الأشكال الخارجية تفرض ذاتها على الإنسان لكي يقوم بعملية الإدراك؟
الشرح: ديكارت هو من أصحاب النظرية التعقليّة التي تقول بأنّ العقل هو صاحب الدور الرئيسي في حصول الادراك .أولاً: العقل يقوم بدور رئيسي في عملية الادراك من خلال تحويل الأحاسيس الداخلية أو الانطباعات الحسيّة التي وصلت إلى الدماغ إلى اشارات أو رموز تمثل مواضيع خارجيّة واقعية، من خلال تقدير المسافة التي هي بحدّ ذاتها مفهوم عقلي (وهي الفراغ ألفاصل بيننا وبين الموضوع الحسي )
ثانيًا: يتأكّد أيضاً دور العقل من خلال تفسير معاني الانطباعات الحسية، إستناداً إلى معارف سابقة. فالادراك لا ينحصر فقط بالانطباعات الحسيّة التي تعتبر جزئيّة بل يستند إلى تجارب ومعارف سابقة يكمِل بها هذه الانطباعات ويفسّرها. مثلاً:عندما ننظر إلى مبنى ونقول أنّه سكني، إنّنا لا نرى السكان ولا كلّ جوانب البناء، لكنّنا استندنا إلى معارفنا السابقة لتفسير الانطباعات الحسيّة الجزئيّة الظاهرة لتحديد المعنى الكامل. مثلاً:هناك فرق بين إدراك شاب مهتم بالسيارات و إدراك رجل عجوز متقدّم في السن (أو شاب غير مهتم بالسيارات) لسيارة متوقفة أمامهما، فالعجوز يدرك سيارة فقط أمّا الشاب فيدرك نوعها وطرازها وقوّة محرّكها ....
إن إختبار الادراك لجماعة من المشاهدين في صالة مقفلة ومظلمة، يُعرض فيها امامهم بالون كبير مضاء، ثم يُصار إلى تنفيسه دون علمهم، فيظنّون خطأً أنّه يبتعد مع أنه في الواقع ثابت.
إنّ هذا الإختبار يؤدّي إلى ملاحظة حصول وهم بصري بسبب إعتياد العقل على الربط بين التقلّس في الحجم والابتعاد في المسافة. إنه تأكيد على دور العقل في الادراك .
المناقشة: لا بدّ من الاعتراف بدور مهم للمعارف والتجارب السابقة في الادراك ، لكنّ هذه النظرية لم تستطع إثبات الفصل بين الإنطباعات الحسية ودور العقل في معالجتها، إذ أنّ الانسان لا يستطيع أن يميّز بينهما في الواقع، وبالتالي تكون هذه النظرية مستندة إلى افتراضات أكثر ممّا هي مستندة إلى وقائع .
شرحت هذه النظرية الإدراك وكأنّه وظيفة عقليّة خاصة بالإنسان الراشد، ولذلك يصعب تطبيقها على إدراك الأطفال الّذين لا يملكون عقلاً ناضجًا يحكمون بواسطته على الإنطباعات الحسيّة المفترضة.
كذلك لم تشرح هذه النظرية كيفيّة إدراك المواضيع الجديدة التي لا نملك عنها أيّة معرفة مُسبقة.
وقد اعتبر الغشطالتيون أنّ الموضوع يفرض نفسه ككلّ على الإنسان المُدرِك. الإدراك هو إدراك لشكل كلّيّ لبنية تتألّف من عنصر مميّز وخلفيّة غير مميّزة أو محايدة، وكلّما كان العنصر متميّزًا عن الخلفية كلّما فرض نفسه على الإنسان المُدرِك. فالتميّز يمكن أن يتمثّل بالتعارض (Contraste).
أمثلة: لوحة إعلانات مُضاءة على خلفيّة اللّيل.
(الحركة) جلوس التلاميذ في الصّف، فيتوجّه تلميذ إلى الخارج، فحركة إنتقاله تفرض الإنتباه لأنّها مغايرة لوضع الصّفّ.
وهكذا تتأكّد نظريّة الشكل من خلال تفسير إدراك الوهم البصري، أي أنّ الإنسان يدرك الشكل الكلّي أوّلاً ومنه يغوص إلى الأجزاء.
الرأي الشخصي: لا شكّ أنّ لبنية الموضوع دور مهم في الإدراك ، لكنّ هذه النظريّة أهملت دور الإنسان المُدرك وميوله واستعداداته، فلو كان الإدراك يرتبط فقط ببنية الموضوع أو بشكله الكلّيّ، لكان جميع النّاس يدركون معنًى واحدًا في الموضوع الواحد. أمّا في الواقع فالأمر مختلف. مثلاً: إذا زار كلّ من الصيّاد والحطّاب والرسّام وعالم النبات الغابة نفسها، لأدرَكَ كلٌّ منهم شيئًا مختلفًا عن الآخر يتناسب مع استعداداته.
الإدراك ينتج عن تفاعل بين الإنسان المُدرِك والموضوع المُدرَك. فلا ذات دون موضوع، ولا موضوع دون ذات. وهكذا يغدو وعي الإنسان فعلاً موجّهًا نحو الخارج، ولا يُفه إلاّ من خلال موضوعه. فالوعي حسب هيسرل: "هو دائمًا وعي لشيء ما".
إنّ هذه النظريّة تتبنّى نظريّة الشكل وتعتبرها صحيحة من ناحية دور الموضوع، لكنّها ناقصة من ناحية دور الإنسان لذلك ركّزت النظريّة الظاهرتية على دور الإنسان المُدرِك وخصوصًا على بنيته النفسيّة والبيولوجيّة، أي أنّها اعتبرت الإدراك إدراكًا ذاتيًا (Subjective) يرتبط بميول الإنسان وحاجاته وأفضليّاته في لحظة الإدراك كما أنّه يرتبط (الإدراك الذاتي) بإمكانات الحواسّ ووضع الجسم كمنطلق للإدراك. فالإدراك ليس معرفة عقليّة بل وعي عفويّ متلازم مع الوضع النفسيّ والبيولوجيّ.
أمثلة: في كلّ مرّة تمرّ بالشارع نفسه نرى أشياء مختلفة عن كلّ مرّة تبعًا لحاجاتنا أو لما نبحث عنه، مع أنّ الشارع كموضوع هو نفسه.
إنّ الإنسان يرى الحركة الظاهريّة للشمس مع أنّها ثابتة وهو المتحرّك وذلك لأنّ الإنسان يعتبر نفسه ثابتًا لأنّه مركز الإدراك ونقطة إنطلاقه.
إنّ الإدراك ليس معرفة عقليّة كما اعتقدت النظرية التعقلنيّة، وكذلك لا ينحصر بدور الموضوع وقدرته على فرض نفسه على الإنسان، فالإدراك هو إدراك ذاتي (Subjective) متكيّف مع وضع الإنسان النفسيّ والجسميّ، فإذا أردنا الوصول إلى المعرفة العقليّة العلميّة، علينا أن نتخطّى حواسنا ونعتمد على الأدوات التقنيّة وعلى المنهجيّة العلمية للبلوغ إلى هذا الهدف.
لا شكّ أنّ هذه النظريات تباينت لتتكامل وتعطينا صورة متكاملة للإدراك. لكن هذه الصورة بقيت جامدة. فنحن نرى أنّ الإدراك الحسّي ليس موقفًا سكونيًا جامدًا، بل موقف دينامي متحرّك، موقف ذاتي يعبّر عن الشخصيّة بكامل أبعادها. وهذا يعني أنّنا لا ندرك العالم كما هو، بل كما نحن. وطالما نحن في تطوّر مستمرّ فإدراكنا الحسيّ متكوّر أبدًا. وهنا نتطلّع مع باشلار إلى نافذة جديدة وهي ضرورة التوصّل إلى الفصل بين إدراك موضوعي علمي، وبين إدراكنا الذاتي الذي يحمل ميولنا وإسقاطاتنا اللاواعية: فالشمس بالنسبة لعالم الفلك تختلف عن الشّمس التي ندركها بحواسنا فقط...
من اختبارات ثانويه زلقا /بيار مالك*
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
بارك الله فيك يااستاد تاكل على ربي وعليك انا طالب بالمراسلة تارمنال امنيتي نجيب الباك الفلسفة نقطة ظعفي ارجةك ساعدني قبل فوات الاوان علمني كفاش ندير مقالات بسيطة وجربني وصححلي مبعد واش ندير انا ارجوك لا تبخل علي ارجوك
=========
>>>> الرد الثاني :
شكرا لك بارك الله فيك مع العلم لم اقرئه كله
=========
>>>> الرد الثالث :
merci .................
=========
>>>> الرد الرابع :
=========
>>>> الرد الخامس :
=========