عنوان الموضوع : المنطق منهج تحضير بكالوريا
مقدم من طرف منتديات العندليب
هل يمكن تأسيس التفكير السليم على المنطق الصوري ؟.
الطريقة الجدلية :
- طرح الإشكالية : إن التفكير المنطقي قديم لدى الإنسان قدم الإنسان المفكر إلا إن صياغة شروط صحته تم وضعها وتحديدها على يد صانعها الأول الفيلسوف أرسطو الذي ارسي القواعد الأساسية للمنطق الصوري وجعله آلة تعصم الفكر من الوقوع في التناقض مع ذاته ونظرا للدور الهام الذي لعبه المنطق الصوري طيلة العصور القديمة والعصور الوسطى بتأثيره على المعرفة الإنسانية بشكل عام وهو يؤسس لها المقياس الصحيح فأصبح بذلك المنطق الصوري أسلوبا لضمان اتفاق العقول وانسجامها وتوحيد حكمها لكن نجد أن هناك اختلاف بين الفلاسفة حول أهمية المنطق الصوري وكونه كافيا لتوافق جميع العقول فهناك من يرى أن قواعد المنطق الصوري كافية لضمان العقل حتى لايقع في الخطأ , بينما يرى البعض الآخر أن قواعد المنطق الصوري ناقصة ولا يمكن أن تقي العقل من الوقوع في الخطأ وعليه نطرح الإشكال التالي : هل قواعد المنطق الصوري تقي الفكر من الوقوع في التناقض مع ذاته ؟ أو هل يمكن تأسيس التفكير السليم على المنطق الصوري ؟.
2 – محاولة حل الإشكالية :
أ- الأطروحة ( وحججها ونقد حججها ) : يرى أنصار الأطروحة الأولى أن قواعد المنطق الصوري كافية لحماية الفكر البشري من الوقوع في التناقض مع نفسه ونجد منهم أرسطو ,الفارابي و أبو حامد الغزالي و ابن سينا و هنري بوانكريه ولايبنتز حيث يذهب المعلم الأول أرسطو إلى أن المنطق هو علم السير الصحيح أو علم قوانين الفكر الذي يميز بين الصحيح والفاسد من أفعال العقل وانه آلة العلم وموضوعه الحقيقي هو العلم نفسه أو صورة العلم , ولأجل أن يكون التفكير سليماً و تكون نتائجه صحيحة، أصبح الإنسان بحاجة إلى قواعد عامة تهيئ له مجال التفكير الصحيح وهذا سبب رئيس أن تكتشف كل تلك القواعد من قبل أرسطو أو غيره . وهذه المصادرة تأخذنا للبحث عن مجمل الحجج التي أسست هته الأطروحة نبدأها بالحجة القائلة بأن المنطق الصوري يمتلك تلك الوظيفة لأن الإنسان كان في حاجة أن يلتفت للذاته العارفة ويتعرف عليها جيدا لا سيما أن يمحص النظر في بنية تفكيره ذاتها كتصورات ومفاهيم وأساليب ومناهج حيث كان الإنسان - قبل أرسطو وغيره - يعيش بها في حياته لا يعرف مسمياتها ولا يحسن استخدامها فهاهي مبادئ العقل( مبدأ الهوية، مبدأ عدم التناقض ، مبدأ الثالث المرفوع ، مبدأ السبب الكافي ، مبدأ الحتمية ، مبدأ الغائية) مثلا ساهم كشفها إلى تعزيز دورها ألتأليفي للبنية المنطقية للعقل ناهيك على أنها شرط للحوار والضامن للتوافق الممكن بين كل العقول باختلاف أعمار أصحابها وأجناسهم وسلالاتهم وثقافاتهم وهي تحدد الممكن والمستحيل في حياة الإنسان السبب الذي جعل ليبنتز يتمسك بهذه الأهمية حين يقول: «إن مبادئ العقل هي روح الاستدلال وعصبه وأساس روابطه وهي ضرورية له كضرورة العضلات والأوتار العصبية للمشي».فيكمن دور تلك القواعد على إدارة المعرفة الإنسانية التي ينتجها الفكر الإنساني وإقامة العلوم ( الحسية ، والعقلية )عليها فهاهي مثلا قواعد التعريف التي تنتمي إلى مبحث التصورات والحدود ساعدت كثيرا الباحثين على ضبط مصطلحات ومفاهيم علمهم بفاعلية ووضوح وموضوعية أكبر وتزداد هذه العملية ضبطا وأهمية خاصة إذا تعلق الأمر بالتصورات الخاصة بمجال الأخلاق والسياسة و الحقوق والواجبات ... كذلك أن استخدام مبحث الاستدلالات : الاستدلال المباشر (بالتقابل وبالعكس) و الاستدلال الغير مباشر خاصة إذا تعلق الأمر بالقياس الحملي و القياس الشرطي لديه فائدة كبيرة في تحقيق الإنتاج السليم للعقل من خلال تحديد الضروب المنتجة من الضروب الغير منتجة وهذا يؤدي بنا إلى الكشف السريع عن الأغاليط في شتى المعارف باختلاف أنواعها.
ونجد أن العديد من الفلاسفة المسلمين يؤكدون على أن المنطق الصوري هو أصدق معيار يمكن الاستعانة به لدراسة العلوم فسموه " بعلم الميزان " وقول ابن سينا " هو الآلة العاصمة للذهن عن الخطأ " واعتبره الفارابي" رئيس العلوم " حيث يقول " فصناعة المنطق تعطي بالجملة القوانين التي من شأنها أن تقوم العقل وتسدد الإنسان نحو الطريق الصواب " ويقول أيضا أبو حامد الغزالي " من لا يحيط بالمنطق فلا يوثق في علمه " . وهذا أيضا ما يذهب إليه بعض الفلاسفة المحدثين ومنهم الفيلسوف الفرنسي هنري بوانكريه الذي يرى أنه لايمكن إضافة أي شيء إلى ما كتبه أرسطو في مجال المنطق لأنه كامل ومكتمل الجوانب لأنه أفضل وسيلة للبرهنة حيث يقول " إننا نكتشف بالحدس ونبرهن بالمنطق " و الرأي نفسه نجده عند الفيلسوف الألماني ليبنتز الذي يرى أن المنطق الصوري يحتوي على مبادئ وقوانين تنظم وتحكم أفعال الفكر الإنساني وتوجه معارفه حيث يقول " إن مبادئ المنطق الصوري ضرورية للتفكير كضرورة العضلات والأوتار العصبية للمشي "
ومن هنا اعتبر المنطق الصوري أسمى أسلوب لضمان اتفاق العقول وانسجامها وتوحيد حكمها ذلك أن العقل هو أعدل قسمة بين الناس.
نقد حجج الأطروحة : حقيقة إن المنطق بإمكانه أن يقوم الفكر ويوجهه توجيها صحيحا ولكنه ليس أساس كل معرفة إنسانية بل حسب البعض قام بتعطيل الفكر العلمي لقرون طويلة خاصة في العصور الوسطى الغربية حيث لم يظهر العلم إلا بعدما تخلص من هيمنة المنطق الصوري . إذ أنه يبقى ناقصا ذلك أنه اجتهاد بشري يعتريه النقص ولا يرقى إلى الكمال وغير كاف للمعرفة خاصة مع التطور الكبير الذي مس شتى مجالات العلوم .
ب- نقيض الأطروحة ( وحججه ونقد حججه): يذهب أنصار الأطروحة الثانية إلى أن المنطق الصوري لا يعصم الفكر من الوقوع في الخطأ ولا يوفق بين جميع العقول ومن بين هؤلاء الفلاسفة نجد ديكارت , غوبلو , و ابن تيمية.
إن المنطق الأرسطي يهتم بصورة الفكر دون مادته ( الواقع ) . أي أن الفكر قد ينطبق مع نفسه من الناحية الصورية المجردة و لكنه لا ينطبق مع الواقع ، فالمنطق يتصف بالثبات و السكون قائم على مبدأ الهوية ( الذاتية ) أ هو أ و عدم التناقض أ لا يمكن أن يكون أ و لا أ في نفس الوقت بينما الواقع يتصف بالتجدد و التغيير .كما انه منطق عقيم لا يصل إلى نتائج جديدة وفي هذا يقول الفيلسوف ديكارت « أما عن المنطق فإن أقيسته ومعظم صوره الأخرى إنما تستخدم بالأحرى لكي تشرح للآخرين الأشياء التي يعلمونها إنها كفن نتكلم من دون حكم لأولئك الذين يجهلونها » و منه فالقياس عنده لا يسمح لنا بالاكتشاف وإنما هو مجرد تحصيل حاصل كما انه لا يمكن أن يعلمنا القياس شيئا جوهريا جديدا .
ويقول أيضا " أن اليقين الأرسطي يقين أجوف " . والرأي نفسه نجده عند الفيلسوف غوبلو الذي يرى أن المنطق الصوري منطق عقيم يعتمد على لغة الألفاظ التي تؤدي إلى المغالطات وهذا ما يؤكده أيضا ثابت الفندي حيث يقول « ما دام المنطق يتعامل بالألفاظ لا الرموز فإنه يبقى مثار جدل حول المفاهيم و التصورات المستعملة ». وإلى جانب كل هذا يعترض التفكير الإنساني وهو محتم من الأخطاء بالتحصين بقواعد المنطق مجموعة من الحتميات أهمها تأثير الحتمية النفسية والاجتماعية التي تعطي للإنسان المفكر منحى أخر قد يغير مجرى حياته لأنه نفس الفرد الذي يجب أن يرتبط بمعايير مجتمعه ، وحقائق عصره ، وأحكامه العلمية ، ومن الصعب أن يتجرد منها أو يرفضها و إلا عد متمردا عن الجماعة وهذا ما وقع " لسقراط " و " غاليلي " وما تعرضا له . كما لا يمكننا أن ننسى دور الفكر الفلسفي في التأثير على الأحكام المنطقية لأن المنطق برغم تطور دراساته ، إلا أنه لا يزال شديد الارتباط بالفلسفة ، واتجاهاتها ، ومذاهبها . ومن هنا يصير المنطق وآلياته المختلفة وسيلة للتعبير عن فلسفة دون أخرى ، أو لنصرة مذهب ضد أخر وكل يدافع عن منطق يناسبه ، ويعده هو الصواب . وكل هذا يؤدي إلى الأخطاء و شيوع المغالطات.
نقد حجج النقيض :لقد بالغ خصوم المنطق الصوري في نقدهم الكبير لمنطق أرسطو متناسين و متجاهلين الفضل الكبير لهذا الأخير في إرساء معالم علم جديد ساهم بقسط كبير في تطور العلوم و مناهج البحث العلمي، وعليه و رغم سلبيات المنطق إلا أن له فائدة كبيرة في إبعاد الفكر من الخطأ وتعليمه مبدأ الاستنتاج واستعمال الحدود بكيفية سليمة فلا يمكن أن ننكر هذا المجهود الفكري.
ج التركيب:
إن العقل الإنساني يملك القدرة على الانتقال من المعلوم إلى المجهول و الناس في محادثتهم اليومية و في مناقشاتهم يسيرون على مقتضى المنطق فهو الأسلوب الذي يساعدنا على تصحيح تفكيرنا وهو أداة التفكير الصحيح لكنه ناقص و بحاجة إلى الدراسات الحديثة وحسب رأيي الشخصي فإن المنطق الصوري ضروري في عملية التفكير و لا يمكن الاستغناء عنه لأننا وبمراعاتنا لقواعده نعصم أنفسنا من الوقوع في الخطأ إلا أنه غير كاف خصوصا مع التطور الكبير الذي مس مجالات العلم الحديث و هذا ما أدى إلى ضرورة اللجوء إلى أنواع أخرى من المنطق حتى تسدد النقص و العيوب التي تكتسي المنطق الصوري.
حل الإشكالية : وعليه ، يبقى المنطق منهجا لمختلف العلوم ومن ثمة، لا يمكن رفضه لكن، ينبغي تطويره وسدّ النقص الذي عرفه تكيفا مع متطلبات الواقع المتغير. وبالفعل اتجهت اهتمامات المناطقة والعلماء إلى أساليب جديدة تسمح بالانتقال من اللفظ إلى الرمز ومن عالم المجرد إلى عالم المحسوس، أي من المنطق الصوري إلى المنطق الرمزي أو المنطق الرياضي حيث لم تعد اللغة العادية هي الأداة بل ، أصبحت لغة الرياضيات وهذا ما يتلاءم مع روح العصر
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
=========
>>>> الرد الثاني :
=========
>>>> الرد الثالث :
=========
>>>> الرد الرابع :
=========
>>>> الرد الخامس :
=========