عنوان الموضوع : طلب عاجل باك ادبي
مقدم من طرف منتديات العندليب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من فضلكم من يزودني ببرنامج مادة الفلسفة شعبة آداب والفلسفة
وكذلك إن تيسر بعض المقالات في نفس المادة ونفس الشعبة
بارك الله فيكم


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

شكرا للجميع

=========


>>>> الرد الثاني :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النقاء
شكرا للجميع

السلام عليكم اخي اسمحلي والله منتبهت ليك متتقلقش رانا هنا نعاونوك
هاذون مقالات حاولت فيهم وحدي شوية من عندي وشوية من عند الاستاذ وزيد شوف مقالات تاع الاستاذ خليفة راهم هنا في المنتدى ربي يوفقك
س: هل تعتبر الذاكرة ذات طبيعة مادية ام نفسية?
طرح المشكلة : تعتبر الذاكرة من اكبر المشكلات في علم النفس التي يتناولها الكثير من الفلاسفة و العلماء خاصة وانها تحتل مكانة هامة في حياة الانسان و التي يعرفها لالاند ( قدرة نفسية تتمثل في اعادة حالة شعورية ماضية مع التعرف عليها من حيث هي كذلك ) و هذا الموضوع اثار جدلا واسعا بين الفلاسفة فهناك من يقول انها ذات طبيعة مادية و هناك من يقول انها ذات طبيعة نفسية هذا ما يدفعنا الى التساؤل هل الذاكرة تعود الى الجانب المادي ام الى الجانب النفسي ?
محاولة الحل :
الموقف الاول : يرى اصحاب النظرية المادية بزعامة ريبو ان الذكريات تحفظ على شكل اثار مادية على القشرة الخارجية للدماغ و اي اصابة في الدماغ تؤدي الى فقدان جزئي او كلي للذكريات و توجد بالتحديد في منطقة بروكا في الجهة اليسرى التلفيق الثالث مثالنا على ذلك الفتاة التي اصيبت برصاصة في الجدار الايسر من دماغها اصبحت لا تتذكر ولا تتعرف على الاشياء التي توضع في يدها اليسرى بعد تعصيب عينيها وقد ميز ريبو بين نوعين من الذاكرة , ذاكرة قصيرة المدى و ذاكرة بعيدة المدى لهذا فان الفرد ينسى الذكريات القريبة قبل البعيدة لغياب العوامل الذاتية و الوضوعية المسؤولة عن التثبيت فالانسان ينسى الاسماء قبل الالقاب و قد حدد ريبو طبيعة الذاكرة بقوله ( الذاكرة حادثة بيولوجية بالماهية ) و نفس التفسير نجده في العصر الحديث عند الفيلسوف الفرنسي ديكارت الذي ارجع الذاكرة الى الجسم و هذا واضح في قوله ( تكمن الذاكرة في ثنايا الجسم )
النقد : على الرغم من ان راي النظرية المادية مؤسسا على حقائق علمية الا انه لاقى الكثير من الاعتراضات ذلك ان ريبو لم يحدد دور الدماغ في استرجاع الذكريات هذا من جهة و من جهة اخرى فان فقدان الذكريات لا يعود بالضرورة الى اصابة في الدماغ قد يكون سببه صدمة نفسية كما ان ريبو قارن بين ما هو فيزيولوجي ( الدماغ ) و بين ما هو نفسي ( الذكريات ).
الموقف الثاني : جاء موقف برغسون كرد فعل على موقف النظرية المادية بزعامة ريبو حيث يرى برغسون ان الذاكرة ذات طبيعة نفسية لهذا يقول ( ان الذاكرة ظاهرة سيكولوجية بالماهية ) و قد ميز بين نوعين من الذاكرة , ذاكرة العادات الحركية التي اشارت اليها النظرية المادية و ذاكرة نفسية يسميها برغسون ذاكرة الروح او ذاكرة الديمومة و التي توجد في اللاشعور ذلك من لجل تحقيق ما يعرف بانسانية الانسان فكلما ارتقى الانسان من ذاكرة العادات الحركية الى الذاكرة النفسية يحقق انسانية من خلال الشعور و الفرد ينسى الذكريات البعيدة قبل الذكريات القريبة , يقول برغسون ( ان الانفعالات القوية من شانها ان تعيد لنا الذكريات التي اعتقدنا اننا فقدناها للابد ) مثالنا على ذلك الام الثكلى تسترجع ذكريات ابنها عن طريق رايتها لملابسه لذلك يحدث انفعال و تذكر عن طريق المثير و منه فان الذاكرة النفسية تحتاج الى مثير مثل التلميذ عند مراجعته لدروسه يظن انه نسي كل المعلومات لكن عند رايته للسؤال فيتذكر مراجعته و معلوماته التي كانت مخزنة و هذا ما يثبت الطابع النفسي للذاكرة .
النقد : على الرغم من ان راي النظرية النفسية يبدو صحيحا الا انه وقع في الخطا الذي وقعت فيه النظرية المادية , ذلك انه لم يبين لنا دور الدماغ في استرجاع الذكريات هذا من جهة و من جهة اخرى فان تمييز برغسون بين ذاكرتين هو تمييز نظري حيث اضاف صعوبة اخرى تكمن في كيف يتم استرجاع الذكريات ( حالة شعورية ) و التي يميل الفرد في الكثير من الاحيان الى كبتها و مقاومتها .
التركيب : بعد استعراضنا لكلا الموقفين يتبين لنا من خلال التحليل ان كلا من الموقفين بالغوا في رايهم من ناحية طبيعة الذاكرة , فالذاكرة ليست ذات طبيعة مادية محضة و لا ذات طبيعة نفسية . بل تقوم الجانبين المادي و الشعوري معا , فلا الجانب المادي وحده كفيل باسترجاع ذكرياتنا و لا النفسي فالعلاقة بينهما علاقة تكامل , اضافة الى ذلك الجانب الاجتماعي الذي يلعب دورا كبيرا في تخزين الذكريات و استرجاعها للتكيف مع العالم الخارجي.
- و كموقف شخصي ارى ان طبيعة الذاكرة يتداخل فيها ما هو بيولوجي مادي بما هو نفسي شعوري و اجتماعي لان كل جانب منهم يحفز و يساعد الجانب الاخر على تخزين الذكريات.
الخاتمة : و في الاخير نستنتج ان الذاكرة قدرة تدل على الحفظ و الاسترجاع فهناك من ربطها بشروط نفسية و هناك من ارجعها الى طبيعة مادية و كمخرج للمشكلة نستنتج ان الذاكرة تتفاعل مع العوامل المادية و الاجتماعية و النفسية.


س: الكلمة لباس المعنى و لولاها لبقي مجهولا ) دافع عن هذه الاطروحة
طرح المشكلة : من الشائع ان الالفاظ قبور المعاني و ان العلاقة بينهما علاقة انفصال و تباعد لكن هناك اطروحة اخرى و هي التي بين ايدينا و التي ترى بان الالفاظ حصون المعاني و العلاقة التي بينهما علاقة اتصال و تلازم و منه نتبنى هذا الموقف الى جانب الفلاسفة و بعض العلماء ممن يدافعون عنها . اذن كيف يمكن اثبات الاطروحة القائلة ( الكلمة لباس المعنى و لولاها لبقي مجهولا ) و بعبارة اخرى ( ما مدى صحة هذه الاطروحة )
محاولة حل المشكلة :
عرض منطق الاطروحة : يرى انصار الاتجاه الاحادي ان العلاقة بين اللغة و الفكر علاقة اتصال و تلازم هذا ما اشار اليه دوسوسير حيث ان العلاقة بينهما شبيهة بالورقة ذات الوجهين ( لغة و فكر ) ووظيفة اللغة لا تقتصر على التواصل فقط بل تنقل الافكار من جيل الى اخر لهذا فالفصل بينهما نظري و مصطنع و قد اعتمد دوسوسير على ما اشار اليه علم نفس الطفل الذي يثبت ان الطفل يتعلم الاسماء و معانيها في الوقت نفسه و هذا ما اشار اليه واطسن في قوله ( اننا نفكر بلغتنا و نتكلم بفكرنا ) و يعني بذلك انه ليس هناك حد فاصل بين اللغة و الفكر يقول دولاكروا : ( ان الالفاظ حصون المعاني )
عرض منطق الخصوم : يرى انصار الاتجاه الثنائي ان العلاقة بين اللغة و الفكر علاقة انفصال لان اللغة عاجزة عن التعبير عن احوالنا النفسية الشعورية حيث يرى برغسون بان هناك اسبقية زمنية للفكر عن اللغة فنحن نفكر ثم نتكلم كما ان اللغة قد تستخدم كوسيلة للتزييف و يرى برغسون بان الفكر هو عبارة عن مجموعة افكار متصلة في حين ان اللغة ما هي الا الفاظ منفصلة فكيف يمكن للغة ان تساير ديمومة الفكر مثال ذلك ان الطالب عند كتابة مقالة فلسفية يلجا الى الشطب من اجل البحث عن العبارات المناسبة كما ان لغة الصم و البكم يعجز اصحابها عن التعبير عن افكارهم و هذا ما دفع برغسون الى اعتبار اللغة معرفة للفكر هذا ما دفعه الى القول : ( ان الالفاظ قبور المعاني )
نقدهم شكلا و مضمونا : لكن يمكن الرد على هؤلاء شكلا و مضمونا
نقدهم شكلا : فمن ناحية الشكل بالغ انصار الاتجاه الثنائي في الفصل بين اللغة و الفكر رغم ما بينهما من ترابط و رغم انهما من طبيعتين متشابهتين لذا فهما شبه ورقة ذات وجهين ( لغة - فكر )
- كما يمكن الرد عليهم من خلال القياس الشرطي المنفصل التالي اما ان تكون العلاقة بين اللغة و الفكر علاقة اتصال او انفصال لكن العلاقة بينهما ليست علاقة انفصال اذن اللغة متصلة بالفكر و تلازمه.
نقدهم مضمونا : لكن يمكن الرد عليهم من ناحية المضمون من خلال اننا لا نستطيع الحديث عن الفكرة في غياب اللغة لهذا ليس هناك حد فاصل بينهما بحيث ان الاسبقية الزمنية بين اللغة و الفكر لا يثبتها الواقع فالاسبقية منطقية فالفرد يفكر و يتكلم في الوقت نفسه .
تدعيم الاطروحة بحجج شخصية و مذاهب فلسفية : و منه نتطرق الى حجج من الواقع تدعم الاطروحة التي تقول ان اللغة متصلة بالفكر:
- و مما يدعم اطروحتنا هي ان الملاحظة المتاملة و علم النفس يؤكدان ان الطفل يولد صفحة بيضاء خاليا تماما من اي افكار و يبدا في اكتسابها بالموازاة مع تعلمه اللغة اي انه يتعلم التفكير في نفس الوقت الذي يتعلم فيه الكلام يقول هيقل ( اللغة هي التي تعطي للفكر وجوده الاسمى و الاصح )
- فاللغة اذن هي التي تبرز الفكر من حيز الكتمان الى حيز التصريح لذلك قيل ( الكلمة لباس المعنى و لولاها لبقي مجهولا ) و النتيجة ان العلاقة بين اللغة و الفكر بمثابة العلاقة بين الجسد و الروح الامر الذي جعل هاملتون يقول ( ان الالفاظ حصون المعاني )
حل المشكلة : نستنتج ان الاطروحة القائلة ( الكلمة لباس المعنى و لولاها لبقي مجهولا ) صحيحة في سياقها و يمكن الاخذ بها و تبنيها لانه تبين لنا من خلال التحليل استحالة الفصل بين اللغة و الفكر لان طبيعة اللغة و الفكر واحدة فلا فكر دون لغة و لا لغة دون فكر و لقد صدق سقراطعندما بين ذلك قائلا لمحاوره ( تكلم معي حتى اراك )


س: هل علاقة الدال بالمدلول او علاقة اللفظ بالمعنى علاقة تلازمية
طرح المشكلة : ان اللغة من الصفات الملازمة للانسان بل تمثل اللغة ماهية الانسان و لهذا يقول ادوارد يسبير ( اللغة اداة تواصل انسانية بحتة) فاللغة تمثل جملة من الرموز و الاشارات التي يعبر بها الانسان عن حاجياته و بفضلها يتواصل مع العالم الخارجي و يعرف لالاند اللغة انها نسق من الاشارات والرموز يعبر بها القوم عن اغراضهم, ولكن السؤال الفلسفي الذي يتبادر هنا كيف ابتدع الانسان الدال الذي يدل على المدلول بعبارة اخرى ما علاقة اللفظ بالمعنىهل هي علاقة ضرورية ام علاقة اعتباطية
محاولة حل المشكلة :
الموقف الاول : يرى افلاطون و بعض علماء اللغة المعاصرين ان العلاقة بين الالفاظ والاشياء علاقة مادية ضرورية حيث يرى افلاطون انه يكفي سماع الاصوات والكلمات حتى ندرك معناها لانها محاكاة لاصوات الطبيعة مثال فكرة التكسير والزقزقة و هذا ما اكده علماء اللغة المعاصرين الذين يرون ان العلامات اللغوية لها اثر موسيقي فيكفي سماع الحرف حتى نتصور معناه و يكفي ان نستمع الى الكلمة حتى نعرف معناها مثال حرف الحاء يعبر عن الراحة و الانبساط ( حب - حرية - حنان ) حرف الغين يعبر عن الحزن و الظلمة ( غضب - غم - غبن ) كما ان الفيلسوف اللغوي ابن جني اثبت ان اللغة طبيعية كزقزقة العصافير و هديل الحمام و ذهب بعضهم الى ان اصل اللغات كلها انما هو من الاصوات المسموعة كدوي الريح و خرير المياه و من ثمة ولدت اللغات مثل اللغة الفرعونية و اللغة الصينية يطلقون على لفظ القط نفس المعنى ( مو ) نسبة الى مواء القط يقول ابراهيم انيس ( نمت قوة السمع عند الانسان قبل قوة النطق فسمع الانسان الاصوات الطبيعية ) كما يقول بنفست ( ان العلاقة بين الدال والمدلول ليست اعتباطية بل على العكس من ذلك ضرورية)
النقد : لا ننكر ان هناك بعض الالفاظ و الاصوات التي قلدها الانسان من الطبيعة لكن هذا لا يعني ان اللغة برمتها طبيعية فبماذا نفسر بعض الالفاظ التي لا علاقة لها بالطبيعة مثل الانترنت و المفاهيم المعنوية كالحرية و العدالة و الصدق هذا من جهة ومن جهة اخرى بماذا نفسر تعدد اللغات و تعدد المعاني للفظ الواحد مثالنا على ذلك حرف الحاء ايضا يدل على الحرب و الحقد ...الخ و حرف الغين يدل على الحب و الغرام ...الخ.
الموقف الثاني : يرى السويسري فرناندو دوسوسير ان العلاقة بين الدال و المدلول علاقة اصطلاحية يؤكدها الاستعمار و الشرع حيث يؤكد دوسوسير انه لا يمكن ادراك العلامات اللغوية الا في موضعها او سياقها العام هذا ما اكده علم نفس الطفل ان الطفل يدرك الحروف داخل الكلمات و الجمل و قد شبه دوسوسير العلاقة بين الدال و المدلول بورقة ذات الوجهين ( دال - مدلول ) و ان الفصل بينهما امر مصطنع و هذا ما اكده كل من بيار جاني و جون بياجي ان واقع المجتمعات اليوم يؤكد الميزة الاصطلاحية للغة يقول دوسوسير ( ان الرابطة الجامعة بين الدال و المدلول رابطة تحكمية ) و يعني بذلك انها ليست من صنع الطبيعة بل من صنع الانسان مثال كلمة اخت ليس لها معنى في ذاتها و الانسان هو الذي جعل لها معنى كما يقول كاسير ( بقدر ما يتقدم النشاط الرمزي بقدر ما يتراجع النشاط المادي ) معناه ان العلاقة ابداعية لانه لا توجد رموز في الطبيعة فالرموز من صنع الانسان.
النقد : لايمكن انكار بان هناك جانب اتفاقي اصطلاحي ما دام الانسان كائن مبدع و مفكر و مبتكر لكن لا ننكر ان هناك لغة ابدعها الانسان و تجاوز الاصوات الطبيعية هذا من جهة و من جهة اخرى بماذا نفسر الكثير من الالفاظ التي قلد فيها الانسان الطبيعة مثل لفظ الاحصاء الذي استقاه من الحصى كما ان اللغة لو كانت اتفاقية فان هذا يفرض وجود لغة تواصلية بين المتفقين لكنها لم تكن موجودة مما يعني انها محاكاة لاصوات الطبيعة.
التركيب : بعد استعراضنا لكلا الموقفين يتبن لنا بان اللغة ضرورية و اعتباطية في نفس الوقت حيث استقراء التاريخ يبين انها بدات طبيعية كتقليد و محاكاة لاصوات الطبيعة لكنه لم يكتفي بالسماع ففرضت عنه الطبيعة بابتكار الفاظ جديدة مثل قصة حي بن يقضان.
الراي الشخصي : يبدو لي ان العلاقة بين الدال و المدلول تبدو من جهة علاقة طبيعية مادية و من جهة اخرى اصطلاحية
اتفاقية و هما وجهين لعملة نقدية واحدة ( دال - مدلول ) و ان الفصل بينهما امر مصطنع.
حل المشكلة :وفي الاخير نستنتج ان العلاقة بين الدال و المدلول علاقة غير ضروري نشات عن طريق الاصطلاح من اجل
التفاهم و التواصل.

=========


>>>> الرد الثالث :

هاذون 10 مقالات للاستاذ خليفة ان شاء الله تستفيد منهم كيما استفدنا حنا وكشما تحتاج ويلا قدرت راح نعاونك بالتوفيييييييق اخي..
المقالة الأولى : هل الإدراك محصلة لنشاط الذات أو تصور لنظام الأشياء ؟ جدلية
i - طرح المشكلة : يعتبر الإدراك من العمليات العقلية التي يقوم بها الإنسان لفهم وتفسير وتأويل الإحساسات بإعطائها معنى مستمد من تجاربنا وخبراتنا السابقة . وقد وقع اختلاف حول طبيعة الإدراك ؛ بين النزعة العقلية الكلاسيكية التي تزعم أن عملية الإدراك مجرد نشاط ذاتي ، والنظرية الجشطالتية التي تؤكد على صورة أو بنية الموضوع المدرك في هذه العملية ، الأمر الذي يدفعنا إلى طرح التساؤل التالي : هل يعود الإدراك إلى فاعلية الذات المٌدرِكة أم إلى طبيعة الموضوع المدرَك ؟
ii– محاولة حل المشكلة :
1- أ – عرض الأطروحة :يرى أنصار النزعة العقلية أمثال الفرنسيان ديكارت وآلان والفيلسوف الارلندي باركلي والألماني كانط ، أن الإدراك عملية عقلية ذاتية لا دخل للموضوع المدرك فيها ، حيث إن إدراك الشيء ذي أبعاد يتم بواسطة أحكام عقلية نصدرها عند تفسير المعطيات الحسية ، لذلك فالإدراك نشاط عقلي تساهم فيه عمليات ووظائف عقلية عليا من تذكر وتخيل وذكاء وذاكرة وكذا دور الخبرة السابقة ... ومعنى هذا أن أنصار النظرية العقلية يميزون تمييزا قاطعا بين الإحساس والإدراك .
1- ب – الحجة : ويؤكد ذلك ، ما ذهب إليه ( آلان ) في إدراك المكعب ، فنحن عندما نرى الشكل نحكم عليه مباشرة بأنه مكعب ، بالرغم أننا لا نرى إلا ثلاثة أوجه وتسعة إضلاع ، في حين أن للمكعب ستة وجوه و اثني عشرة ضلعا ، لأننا نعلم عن طريق الخبرة السابقة أننا إذا أدرنا المكعب فسنرى الأوجه والأضلاع التي لا نراه الآن ، ونحكم الآن بوجودها ، لذلك فإدراك المكعب لا يخضع لمعطيات الحواس ، بل لنشاط الذهن وأحكامه ، ولولا هذا الحكم العقلي لا يمكننا الوصول إلى معرفة المكعب من مجرد الإحساس .
ويؤكد (باركلي) ، أن الأكمه (الأعمى) إذا استعاد بصره بعد عملية جراحية فستبدو له الأشياء لاصقة بعينيه ويخطئ في تقدير المسافات والأبعاد ، لأنه ليس لديه فكرة ذهنية أو خبرة مسبقة بالمسافات والأبعاد . وبعد عشرين (20) سنة أكدت أعمال الجرّاح الانجليزي (شزلندن) ذلك .
وحالة الأكمه تماثل حالة الصبي في مرحلة اللاتمايز ، فلا يميز بين يديه والعالم الخارجي ، ويمد يديه لتناول الأشياء البعيدة ، لأنه يخطئ – أيضا – في تقدير المسافات لانعدام الخبرة السابقة لديه .
أما (كانط) فيؤكد أن العين لا تنقل نتيجة الإحساس إلا بعدين من الأبعاد هما الطول والعرض عند رؤية صورة أو منظر مثلا ، ورغم ذلك ندرك بعدا ثالثا وهو العمق إدراكا عقليا ، فالعمق كبعد ليس معطى حسي بل حكم عقلي .
هذا ، وتؤكد الملاحظة البسيطة والتجربة الخاصة ، أننا نحكم على الأشياء على حقيقتها وليس حسب ما تنقله لنا الحواس ، فندرك مثلا العصا في بركة ماء مستقيمة رغم أن الإحساس البصري ينقلها لنا منكسرة ، و يٌبدي لنا الإحساس الشمس وكأنها كرة صغيرة و نحكم عليها – برغم ذلك – أنها اكبر من الأرض .
كما تتدخل في عملية الإدراك جملة من العوامل المتعلقة بالذات المٌدرِكة ؛ منها عمل التوقع ، حيث ندرك الموضوعات كما نتوقع أن تكون وحينما يغيب هذا العامل يصعب علينا إدراك الموضوع ، فقد يحدث مثلا أن نرى إنسانا نعرفه لكننا لا ندركه بسهولة ، لأننا لم نتوقع الالتقاء به . وللاهتمام والرغبة والميل دروا هاما في الإدراك ، فالموضوعات التي نهتم بها ونرغب فيها و نميل إليها يسهل علينا إدراكها أكثر من تلك البعيدة عن اهتماماتنا ورغباتنا وميولاتنا . كما أن للتعود دورا لا يقل عن دور العوامل السابقة ، فالعربي مثلا في الغالب يدرك الأشياء من اليمين إلى اليسار لتعوده على الكتابة بهذا الشكل ولتعوده على البدء دائما من اليمين ، بعكس الأوربي الذي يدرك من اليسار إلى اليمين . ثم انه لا يمكن تجاهل عاملي السن والمستوى الثقافي والتعليمي ، فإدراك الراشد للأشياء يختلف عن إدراك الصبي لها ، وإدراك المتعلم أو المثقف يختلف بطبيعة الحال عن إدراك الجاهل . وفي الأخير يتأثر الإدراك بالحالة النفسية الدائمة أو المؤقتة ، فإدراك الشخص المتفاءل لموضوع ما يختلف عن إدراك المتشاءم له .
1- جـ - النقد : ولكن أنصار هذه النظرية يميزون ويفصلون بين الإدراك والإحساس ، والحقيقة أن الإدراك كنشاط عقلي يتعذر دون الإحساس بالموضوع أولا . كما أنهم يؤكدون على دور الذات في عملية الإدراك ويتجاهلون تجاهلا كليا أهمية العوامل الموضوعية ، وكأن العالم الخارجي فوضى والذات هي التي تقوم بتنظيمه .
2- أ – عرض نقيض الأطروحة : وخلافا لما سبق ، يرى أنصار علم النفس الجشطالتي من بينهم الألمانيان كوفكا وكوهلر والفرنسي بول غيوم ، أن إدراك الأشياء عملية موضوعية وليس وليد أحكام عقلية تصدرها الذات ، كما انه ليس مجوعة من الإحساسات ، فالعالم الخارجي منظم وفق عوامل موضوعية وقوانين معينة هي " قوانين الانتظام " . ومعنى ذلك أن الجشطالت يعطون الأولوية للعوامل الموضوعية في الإدراك ولا فرق عندهم بين الإحساس والإدراك .
2- ب – الحجة : وما يثبت ذلك ، أن الإدراك عند الجميع يمر بمراحل ثلاث : إدراك إجمالي ، إدراك تحليلي للعناصر الجزئية وإدراك تركيبي حيث يتم تجميع الأجزاء في وحدة منتظمة .
وفي هذه العملية ، ندرك الشكل بأكمله ولا ندرك عناصره الجزئية ، فإذا شاهدنا مثلا الأمطار تسقط ، فنحن في هذه المشاهدة لا نجمع بذهننا الحركات الجزئية للقطرات الصغيرة التي تتألف منها الحركة الكلية ، بل إن الحركة الكلية هي التي تفرض نفسها علينا .
كما إن كل صيغة مدركة تمثل شكلا على أرضية ، فالنجوم مثلا تدرك على أرضية هي السماء ، و يتميز الشكل في الغالب بأنه أكثر بروزا ويجذب إليه الانتباه ، أما الأرضية فهي اقل ظهورا منه ، وأحيانا تتساوى قوة الشكل مع قوة الأرضية دون تدخل الذات التي تبقى تتأرجح بين الصورتين .
ثم إن الإدراك تتحكم فيه جملة من العوامل الموضوعية التي لا علاقة للذات بها ، حيث إننا ندرك الموضوعات المتشابهة في اللون أو الشكل أو الحجم ، لأنها تشكل في مجموعها " كلا " موحدا ، من ذلك مثلا انه يسهل علينا إدراك مجموعة من الجنود أو رجال الشرطة لتشابه الـزي ، أكثر من مجموعة من الرجال في السوق أو الملعب .
وأيضا يسهل علينا إدراك الموضوعات المتقاربة في الزمان والمكان أكثر من الموضوعات المتباعدة ، حيث إن الموضوعات المتقاربة تميل إلى تجمع بأذهاننا ، فالتلميذ مثلا يسهل عليه فهم وإدراك درس ما إذا كانت عناصره متقاربة في الزمان ، ويحدث العكس إذا ما تباعدت .
وأخيرا ، ندرك الموضوعات وفق صيغتها الفضلى ، فندرك الموضوعات الناقصة كاملة مع إنها ناقصة ، فندرك مثلا الخط المنحني غير المغلق دائرة ، وندرك الشكل الذي لا يتقاطع فيه ضلعان مثلثا بالرغم أنهما ناقصان . ويتساوى في ذلك الجميع ، مما يعني أن الموضوعات المدرَكة هي التي تفرض نفسها على الذات المٌدرِكة
2- جـ - النقد : ولكن الإلحاح على أهمية العوامل الموضوعية في الإدراك وإهمال العوامل الذاتية لاسيما دور العقل ، يجعل من الشخص المدرك آلة تصوير أو مجرد جهاز استقبال فقط مادامت الموضوعات هي التي تفرض نفسها عليه سواء أراد ذلك أو لم يرد ، مما يجعل منه في النهاية مجرد متلقي سلبي منفعل لا فاعل .
3 – التركيب : إن الإدراك من الوظائف الشديدة التعقيد ، وهو العملية التي تساهم فيها جملة من العوامل بعضها يعود إلى
نشاط الذات وبعضها الآخر إلى بنية الموضوع ، على اعتبار أن هناك تفاعل حيوي بين الذات والموضوع ، فكل إدراك هو إدراك لموضوع ، على أن يكون لهذا الموضوع خصائص تساعد على إدراكه .
Iii – حل المشكلة : وهكذا يتضح أن الإدراك لا يعود إلى فاعلية الذات فقط أو إلى بنية الموضوع فحسب ، من حيث انه لا وجود لإدراك بدون موضوع ندركه ، على يكون هذا الموضوع منظم وفق عوامل معينة تسهل من عملية إدراكه وفهمه . لذلك يمكننا القول أن الإدراك يعود إلى تظافر جملة من العوامل سواء صدرت هذه العوامل عن الذات أو عن الموضوع .
المقالة الثانية : هل يمكن تصور وجود أفكار خارج إطار اللغة ؟
طرح المشكلة : لقد شغلت العلاقة بين اللغة والفكر بال فلاسفة اللغة وعلمائها ؛ فاعتقد البعض منهم أن هناك تطابق مطلق بينهما ، ولا وجود لأفكارٍ لا تستطيع اللغة التعبير عنها ، واعتقد آخرون أن هناك انفصال بين اللغة والفكر ، مما يلزم عنه إمكان تواجد أفكار تعجز اللغة عن التعبير عنها وتوصيلها للغير ، فهل فعلا يمكن أن يكون هناك أفكارا بدون لغة ؟ بمعنى آخر : هل يمكن أن توجد أفكار خارج حدود اللغة ؟
محاولة حل المشكلة :
1-أ- عرض الأطروحة : يرى بعض المفكرين من أنصار الاتجاه الثنائي ، أنه لا يوجد تطابق وتناسب بين عالم الأفكار وعالم الألفاظ ، فالفكر اسبق من اللغة وأوسع منها ، وأن ما يملكه الفرد من أفكار ومعان يفوق بكثير ما يملكه من ألفاظ وكلمات ، مما يعني انه يمكن أن تتواجد أفكار خارج إطار اللغة . ويدافع عن هذه الوجهة من النظر الفلاسفة الحدسانيون أمثال الفرنسي "برغسون" والرمزيون من الأدباء والفنانين ، وكذا الصوفية الذين يسمون أنفسهم أهل الباطن والحقائق الكبرى .
1-ب- الحجة : وما يؤكد ذلك ، أن الإنسان كثيرا ما يدرك كماً زاخراً من المعاني والأفكار تتزاحم في ذهنه ، وفي المقابل لا يجد إلا ألفاظا محدودة لا تكفي لبيان هذه المعاني والأفكار. كما قد يفهم أمرا من الأمور ويكوّن عنه صورة واضحة بذهنه وهو لم يتكلم بعد ، فإذا شرع في التعبير عما حصل في فكره من أفكار عجز عن ذلك . كما قد يحصل أننا نتوقف – لحظات – أثناء الحديث أو الكتابة بحثا عن كلمات مناسبة لمعنى معين ، أو نقوم بتشطيب أو تمزيق ما نكتبه ثم نعيد صياغته من جديد ... و في هذا المعنى يقول " برغسون " : « إننا نملك أفكارا أكثر مما نملك اصواتا » .
ثم إن الألفاظ وُضعت – أصلا – للتعبير عما تواضع واصطلح عليه الناس بغية التواصل وتبادل المنافع ، فهي إذن لا تعبر إلا على ما تواضع عليه الناس واصطلحوا عليه (أي مايعرف بالناحية الاجتماعية للفكر) ، وتبقى داخل كل إنسان جوانب عميقة خاصة وذاتية من عواطف ومشاعر لا يستطيع التعبير عنها ، لذلك فاللغة عاجزة عن نقل ما نشعر به للآخرين ، يقول " فاليري " : «أجمل الأفكار ، تلك التي لا نستطيع التعبير عنها». ولهذا تمّ ابتكار وسائل تعبير بديلة عن اللغة كالرسم والموسيقى ..
وفضلا عن ذلك ، فإن الفكر فيض متصل من المعاني في تدفق مستمر ، أشبه بالسيل الجارف لا يعرف الانقسام أو التجزئة ، وهو نابض بالحياة والروح أي "ديمومة" ، أما ألفاظ اللغة فهي سلسلة من الأصوات منفصلة ، مجزأة ومتقطعة ، ولا يمكن للمنفصل أن يعبر عن المتصل ، والنتيجة أن اللغة تجمد الفكر في قوالب جامدة فاقدة للحيوية ، لذلك قيل : «الألفاظ قبور المعاني» .
1-جـ- النقد : لكن القول أن الفكر أوسع من اللغة واسبق منها ليس إلا مجرد افتراض وهمي ، فإذا كنا ندرك معانٍ ثم نبحث لها عن ألفاظ ما يبرر أسبقية الفكر على اللغة ، فإن العكس قد يحدث أيضا حيث نردد ألفاظ دون حصول معانٍ تقابلها وهو ما يعرف في علم النفس بـ"الببغائية" أفلا يعني ذلك أن اللغة اسبق من الفكر ؟ وحتى لو سلمنا – جدلا – بوجود أسبقية الفكر على اللغة فإنها مجرد أسبقية منطقية لا زمنية ؛ فالإنسان يشعر أنه يفكر ويتكلم في آنٍ واحد . والواقع يبين أن التفكير يستحيل أن يتم بدون لغة ؛ فكيف يمكن أن تمثل في الذهن تصورات لا اسم لها ؟ وكيف تتمايز الأفكار فيما بينها لولا اندراجها في قوالب لغوية ؟ ثم لو كانت اللغة عاجزة على التعبير عن جميع أفكارنا فالعيب قد لا يكون في اللغة ، بل في مستعملها الذي قد يكون فاقد لثروة لغوية تمكنه من التعبير عن أفكاره .
2-أ- نقيض الأطروحة : يعتقد معظم فلاسفة اللغة وعلمائها من أنصار الاتجاه الأحادي ، أن هناك تناسب بين الفكر واللغة ، وعليه فعالم الأفكار يتطابق مع عالم الألفاظ ، أي أن معاني الأفكار تتطابق مع دلالة الألفاظ ، ولا وجود لأفكار خارج إطار اللغة ، والى ذلك يذهب الفيلسوف الفرنسي "ديكارت" والألماني "هيجل" والمفكر الانجليزي "هاملتون" وعالم النفس الأمريكي "واطسن" ، الذين يؤكدون جميعهم أن بين اللغة والفكر اتصال ووحدة عضوية وهما بمثابة وجهي العملة النقدية غير القابلة للتجزئة ، باعتبار « أن الفكر لغة صامتة واللغة فكر ناطق .»
2-ب- الحجة : وما يثبت ذلك ، أن الملاحظة المتأملة وعلم النفس يؤكدان أن الطفل يولد صفحة بيضاء خاليا تماما من أي أفكار ، ويبدأ في اكتسابها بالموازاة مع تعلمه اللغة ، أي أنه يتعلم التفكير في نفس الوقت الذي يتعلم فيه اللغة . وعندما يصل الفرد إلى مرحلة النضج العقلي فإنه يفكر باللغة التي يتقنها ، فالأفكار لا ترد إلى الذهن مجردة ، بل مغلفة باللغة التي نعرفها ، » فـ«مهما كانت الأفكار التي تجيئي إلى فكر الإنسان ، فإنها لا تستطيع أن تنشأ وتوجد إلا على مادة اللغة» . وأنه حسب "هيجل" أي محاولة للتفكير بدون لغة هي محاولة عديمة الجدوى ، فاللغة هي التي تعطي للفكر وجده الأسمى والأصح .
ثم إننا لا نعرف حصول فكرة جديدة في ذهن صاحبها إلا إذا تميزت عن الأفكار السابقة ، ولا يوجد ما يمايزها إلا علامة لغوية منطوقة أو مكتوبة .
كما أن الأفكار تبقى عديمة المعنى في ذهن صاحبها ولم تتجسد في الواقع ، ولا سبيل إلى ذلك إلا ألفاظ اللغة التي تدرك إدراكا حسيا ، فاللغة إذن هي التي تبرز الفكر من حيز الكتمان إلى حيز التصريح ، ولولاها لبقي كامنا عدما ، لذلك قيل : «الكلمة لباس المعنى ولولاها لبقي مجهولا .»
والنتيجة أن العلاقة بين اللغة والفكر بمثابة العلاقة بين الروح بالجسد ، الأمر الذي جعل "هاملتون" يقول : «إن الألفاظ حصون المعاني.»
2-جـ- النقد : لكن ورغم ذلك ، فإنه لا وجود لتطابق مطلق بين الفكر واللغة ، بدليل أن القدرة على الفهم تتفاوت مع القدرة على التبليغ ، من ذلك مثلا أنه إذا خاطبنا شخص بلغة لا نتقنها فإننا نفهم الكثير مما يقول ، لكننا نعجز عن مخاطبته بالمقدار الذي فهمناه ، كما أن الأدباء - مثلا - رغم امتلاكهم لثروة لغوية يعانون من مشكلة في التبليغ .
3- التركيب : في الحقيقة أن العلاقة بين اللغة والفكر علاقة ذات تأثير متبادل ، فكلاهما يؤثر في الآخر ويتأثر به ، لكن ورغم ذلك فإنه لا وجود لأفكار لا تستطيع اللغة أن تعبر عنها ، كما أنه – في نفس الوقت – لا وجود لألفاظ لا تحمل أي فكرة أو معنى .
حل المشكلة : وهكذا يتضح انه لا يمكن للفكر أن يتواجد دون لغة ولا لغة دون فكر ، على الاعتبار أن الإنسان بشكل عام يفكر بلغته ويتكلم بفكره ، وهذا يعني في النهاية أنه يستحيل تصور وجود أفكار خارج إطار اللغة .
المقالة الثالثة : دافع عن الأطروحة القائلة : " أن اللغة منفصلة عن الفكر وتعيقه " الاستقصاء بالوضع
i- طرح المشكلة : تعد اللغة بمثابة الوعاء الذي يصب فيه الفرد أفكاره ، ليبرزها من حيز الكتمان إلى حيز التصريح . لكن البعض أعتقد أن اللغة تشكل عائقا للفكر ، على اعتبار أنها عاجزة عن إحتوائه والتعبير عنه ، مما يفترض تبني الأطروحة القائلة أن اللغة منفصلة عن الفكر وتعيقه ، ولكن كيف يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة ؟
ii- محاولة حل المشكلة :
1- أ - عرض الأطروحة كفكرة :يرى أنصار الاتجاه الثنائي ، أن هناك انفصال بين الفكر واللغة ، و أنه لا يوجد تناسب بين عالم الأفكار وعالم الألفاظ ، حيث إن ما يملكه الفرد من أفكار و معان يفوق بكثير ما يملكه من ألفاظ وكلمات ، مما يعني أن اللغة لا تستطيع أن تستوعب الفكر أو تحتويه ، ومن ثمّ فهي عاجزة عن التبليغ أو التعبير عن هذا الفكر .
1- ب - مسلمات الأطروحة : الفكر أسبق من اللغة و أوسع منها ، بحيث إن الإنسان يفكر بعقله قبل أن يعبر بلسانه .
1- ج – الحجة :كثيرا ما يشعر الإنسان بسيل من الخواطر والأفكار تتزاحم في ذهنه ، لكنه يعجز عن التعبير عنها ، لأنه لا يجد إلا ألفاظا محدودة لا تكفي لبيانها ، وعلى هذا الأساس كانت اللغة عاجزة عن إبراز المعاني المتولدة عن الفكر ابرزا تاما وكاملا ، يقول أبو حيان التوحيدي : "ليس في قوة اللغة أن تملك المعاني" ويقول برغسون : "إننا نملك أفكارا أكثر مما نملك اصواتا" .
- اللغة وُضعت أصلا للتعبير عما تواضع أو اصطلح عليه المجتمع بهدف تحقيق التواصل وتبادل المنافع ، وبالتالي فهي لا تعبر إلا على ما تعارف عليه الناس (أي الناحية الاجتماعية للفكر) ، ويبقى داخل كل فرد جوانب عميقة خاصة وذاتية من عواطف ومشاعر لا يستطيع التعبير عنها ، لذلك كانت اللغة عاجزة عن نقل ما نشعر به للآخرين ، يقول فاليري : أجمل الأفكار ، تلك التي لا نستطيع التعبير عنها .
- ابتكار الإنسان لوسائل التعبير بديلة عن اللغة كالرسم و الموسيقى ما يثبت عجز اللغة عن استيعاب الفكر و التعبير عنه .
2- تدعيم الأطروحة بحجج شخصية : تثبت التجربة الذاتية التي يعيشها كل إنسان ، أننا كثيرا ما نعجز عن التعبير عن كل مشاعرنا وخواطرنا وأفكارنا ، فنتوقف أثناء الحديث أو الكتابة بحثا عن كلمة مناسبة لفكرة معينة ، أو نكرر القول : "يعجز اللسان عن التعبير" ، أو نلجأ إلى الدموع للتعبير عن انفعالاتنا (كحالات الفرح الشديد) ، ولو ذهبنا إلى بلد أجنبي لا نتقن لغته ، فإن ذلك يعيق تبليغ أفكارنا ، مما يثبت عدم وجود تناسب بين الفهم والتبليغ .
3- أ – عرض منطق خصوم الأطروحة : يرى أنصار الاتجاه الأحادي ، أن هناك اتصال ووحدة بين الفكر واللغة ، وهما بمثابة وجهي العملة النقدية غير القابلة للتجزئة ، فاللغة والفكر شيئا واحدا ، بحيث لا توجد أفكار بدون ألفاظ تعبر عنها ، كما انه لا وجود لألفاظ لا تحمل أي فكرة أو معنى . وعليه كانت اللغة فكر ناطق والفكر لغة صامتة ، على الاعتبار أن الإنسان بشكل عام يفكر بلغته ويتكلم بفكره . كما أثبت علم النفس أن الطفل يولد صفحة بيضاء خالية من أي أفكار و يبدأ في اكتسابها بموازاة مع تعلمه اللغة . وأخيرا ، فإن العجز التي توصف به اللغة قد لا يعود إلى اللغة في حد ذاتها ، بل إلى مستعملها الذي قد يكون فاقدا لثروة لغوية تمكنه من التعبير عن أفكاره .
3- ب – نقد منطقهم : لكن ورغم ذلك ، فإن الإنسان يشعر بعدم مسايرة اللغة للفكر ، فالأدباء مثلا رغم امتلاكهم لثروة لغوية يعانون من مشكلة في التبليغ ، وعلى مستوى الواقع يشعر أغلب الناس بعدم التناسب بين الفكر واللغة .
Iii- حل المشكلة : وهكذا يتضح أن هناك شبه انفصال بين اللغة والفكر ، باعتبار أن الفكر اسبق وأوسع من اللغة ، وان اللغة تقوم بدور سلبي بالنسبة له ، فهي تعيقه وتفقده حيويته ، مما يعني أن الأطروحة القائلة : " أن اللغة منفصلة عن الفكر وتعيقه " أطروحة صحيحة .
المقالة الرابعة : يقول هيبوليت : « إذا فكرنا بدون لغة ، فنحن لا نفكر » دافع عن الأطروحة التي يتضمنها القول . الاستقصاء بالوضع
i - طرح المشكل : إذا كانت اللغة أداة للفكر ، بحيث يستحيل أن يتم التفكير بدون لغة ؛ فكيف يمكن إثبات صحة هذه الفكرة ؟
ii - محاولة حل المشكل :
1-أ- عرض الموقف كفكرة : إن الفكر لا يمكن أن يكون له وجود دون لغة تعبر عنه ، إذ لا وجود لأفكار لا يمكن للغة أن تعبر عنا ، حيث أن هناك – حسب أنصار الاتجاه الأحادي - تناسب بين الفكر واللغة ، ومعنى ذلك أن عالم الأفكار يتناسب مع عالم الألفاظ ، أي أن معاني الأفكار تتطابق مع دلالة الألفاظ ، فالفكر واللغة وجهان لعملة واحدة غير قابلة للتجزئة فـ« الفكر لغة صامتة ، واللغة فكر ناطق » .
1- ب- المسلمات و البرهنة : ما يثبت ذلك ، ما أكده علم نفس الطفل من أن الطفل يولد صفحة بيضاء خاليا تماما من أية أفكار ، ويبدأ في اكتسابها بالموازاة مع تعلمه اللغة ، وعندما يصل إلى مرحلة النضج العقلي فإنه يفكر باللغة التي يتقنها ، فالأفكار لا ترد إلى الذهن مجردة ، بل مغلفة باللغة التي نعرفها فـ«مهما كانت الأفكار التي تجيئي إلى فكر الإنسان ، فإنها لا تستطيع أن تنشأ وتوجد إلا على مادة اللغة».
ومن جهة ثانية ، فإن الأفكار تبقى عديمة المعنى إذا بقيت في ذهن صاحبها ولم تتجسد في الواقع ، ولا سبيل إلى ذلك إلا بألفاظ اللغة التي تدرك إدراكا حسياً ، أي إن اللغة هي التي تخرج الفكر إلى الوجود الفعلي ، ولولاها لبقي كامناً عدماً ، ولذلك قيل : «الكلمة لباس المعنى ، ولولاها لبقي مجهولاً» .
وعلى هذا الأساس ، فإن العلاقة بين الفكر واللغة بمثابة العلاقة بين الروح والجسد ، الأمر الذي جعل الفيلسوف الانجليزي (هاملتون) يقول : «الألفاظ حصون المعاني» .
2- تدعيم الأطروحة بحجج : أن اللغة تقدم للفكر القوالب التي تصاغ فيها المعاني .
- اللغة وسيلة لإبراز الفكر من حيز الكتمان إلى حيز التصريح .
- اللغة عماد التفكير وكشف الحقائق .
- اللغة تقدم للفكر تعار يف جاهزة ، وتزود المفكر بصيغ وتعابير معروفة
- اللغة أداة لوصف الأشياء حتى لا تتداخل مع غيرها .
3-أ- عرض منطق الخصوم :يزعم معظم الفلاسفة الحدسانيون والرمزيون من الأدباء والفنانين وكذا الصوفية ، انه لا يوجد تناسب بين عالم الأفكار وعالم الألفاظ ، فالفكر أوسع من اللغة واسبق منها ، ويلزم عن ذلك أن ما يملكه الفرد من أفكار ومعان يفوق بكثير ما يملكه من ألفاظ وكلمات ٍ، مما يعني انه يمكن أن توجد أفكار خارج إطار اللغة .
ويؤكد ذلك ، أن الإنسان كثيرا ما يدرك في ذهنه كما زاخرا من المعاني تتزاحم في ذهنه ، وفي المقابل لا يجد إلا ألفاظا محدودة لا تكفي لبيان هذه المعاني . كما قد يفهم أمرا من الأمور ويكون عنه فكرة واضحة بذهنه وهو لم يتكلم بعد ، فإذا شرع في التعبير عما حصل في ذهنه من أفكار عجز عن ذلك . كما أن الفكر فيض متصل من المعاني في تدفق مستمر لا تسعه الألفاظ ، وهو نابض بالحياة والروح ، وهو "ديمومة" لا تعرف الانقسام أو التجزئة ، أما ألفاظ اللغة فهي سلسلة من الأصوات منفصلة ، مجزأة ومتقطعة ، ولا يمكن للمنفصل أن يعبر عن المتصل ، والنتيجة أن اللغة تجمد الفكر في قوالب جامدة فاقدة للحيوية ، لذلك قيل : «الألفاظ قبور المعاني» .
3-ب نقد منطقهم : إن أسبقية الفكر على اللغة مجرد أسبقية منطقية لا زمنية ؛ فالإنسان يشعر أنه يفكر ويتكلم في آنٍ واحد . والواقع يبين أن التفكير يستحيل أن يتم بدون لغة ؛ فكيف يمكن أن تمثل في الذهن تصورات لا اسم لها ؟ وكيف تتمايز الأفكار فيما بينها لولا اندراجها في قوالب لغوية ؟
iii - حل المشكل : وهذا يعني انه لا يمكن للفكر أن يتواجد دون لغة ، وان الرغبة في التفكير بدون لغة – كما يقول هيجل – هي محاولة عديمة المعنى ، فاللغة هي التي تعطي للفكر وجوده الأسمى والأصح ، مما يؤدي بنا إلى القول إن الأطروحة السابقة أطروحة صحيحة .
مقالة الخامسة : هل قدرة الإنسان على التفكير تتناسب مع قدرته على التعبير؟ جدلية
طرح الإشكالية : يعتبر التفكير ميزة أساسية ينفرد بها الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى ومن منطلق أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فإنه يحتاج ولا شك إلى وسيلة إلى الاتصال والتواصل مع غيرك من الناس وللتعبير عن أفكاره وهذا ما يعرف في الفلسفة بالغة فإذا كنا أمام موقفين متعارضين أحد هما يرى أن العلاقة اللغة بالفكر انفصال والأخر يرى أنها علاقة اتصال فالمشكلة المطروحة هل العلاقة بين اللغة والفكر علاقة اتصال أم انفصال ؟
التحليل:
عرض الأطروحة الأولى : ترى هذه الأطروحة (الاتجاه الثنائي) أن العلاقة بين اللغة والفكر علاقة انفصال أي أنه لا يوجد توازن بين لا يملكه الإنسان من أفكار وتصورات وما يملكه من ألفاظ وكلمات فالفكر أوسع من اللغة أنصار هذه الأطروحة أبو حيان التوحيدي الذي قال : ((ليس في قوة اللغة أن تملك المعاني)) ، ويبررون موقفهم بحجة واقعية إن الإنسان في الكثير من المرات تجول بخاطره أفكار لاكته يعجز عن التعبير عنها ومن الأمثلة التوضيحية أن الأم عندما تسمع بخبر نجاح ابنها تلجأ إلى الدموع للتعبير عن حالتها الفكرية والشعورية وهذا يدل على اللغة وعدم مواكبتها للفكر ومن أنصار هذه الأطروحة الفرنسي برغسون الذي قال : (( الفكر ذاتي وفردي واللغة موضوعية واجتماعية )) ، وبهذه المقارنة أن اللغة لا يستطيع التعبير عن الفكر وهذا يثبت الانفصال بينهما .
النقد : هذه الأطروحة تصف اللغة بالعجز وبأنها تعرقل الفكر لكن اللغة ساهمت على العصور في الحفاظ على الإبداع الإنساني ونقله إلى الأجيال المختلفة .
عرض الأطروحة الثانية : ترى هذه الأطروحة (الاتجاه الو احدي) إن هناك علاقة اتصال بين اللغة والفكر مما يثبت وجود تناسب وتلازم بين ما تملكه من أفكار وما تملكه من ألفاظ وعبارات في عصرنا هذا حيث أثبتت التجارب التي قام بها هؤلاء أن هناك علاقة قوية بين النمو الفكري والنمو اللغوي وكل خلل يصيب أحداهما ينعكس سلبا على الأخر ومن أنصار هذه الأطروحة هاملتون الذي قال ((الألفاظ حصون المعاني)) وقصد بذلك إن المعاني سريعة الظهور وسريعة الزوال وهي تشبه في ذلك شرارات النار ولا يمكن الإمساك بالمعاني إلا بواسطة اللغة)) .
النقد : هذه الأطروحة ربطت بين اللغة والفكر لكن من الناحية الواقعية يشعر أكثر الناس بعدم المساواة بين قدرتهم على التفكير وقدرتهم على التعبير .
التركيب : تعتبر مشكلة اللغة والفكر أحد المشكلات الفلسفية الكلاسيكية واليوم يحاول علماء اللسانيات الفصل في هذه المشكلة بحيث أكدت هذه الدراسات أن هناك ارتباط وثيق بين اللغة والفكر والدليل عصر الانحطاط في الأدب العربي مثلا شهد تخلفا في الفكر واللغة عكس عصر النهضة والإبداع ومن المقولات الفلسفية التي تترجم وتخلص هذه العلاقة قول دولا كروا ((نحن لا نفكر بصورة حسنة أو سيئة إلا لأن لغتنا مصنوعة صناعة حسنة أو سيئة))
حل الإشكالية : وخلاصة القول أن اللغة ظاهرة إنسانية إنها الحل الذي يفصل بين الإنسان والحيوان ولا يمكن أن نتحدث عن اللغة إلا إذا تحدثنا عن الفكر وكمحاولة للخروج من الإشكالية إشكالية العلاقة بين اللغة والفكر نقول أن الحجج والبراهين الاتجاه الو احدي كانت قوية ومقنعة ومنه نستنتج العلاقة بين العلاقة بين اللغة والفكر علاقة تفاعل وتكامل .
المقالة السادسة : هل اللغة منفصلة عن الفكر؟ جدلية
طرح المشكلة : للغة معنيان عام وخاص ، يتحدد المعنى الأخير حسب لالاند في كونها التعبير الكلامي عن الفكر داخليا وخارجيا أي أثناء عمليتي التفكير الداخلي والتواصل الخارجي. ولكن ماذا نستنتج من كلمة "التعبير"؟ هل يعني ذلك أن اللغة تعبر بعديا عن فكر سابق ومستقل؟ أم أن الفكر لا يوجد قبل أو خارج سيرورة التعبير اللغوي؟ بعبارة أخرى: هل تجمع الفكر واللغة علاقة أسبقية وانفصال أم علاقة تزامن واتصال؟
الأطروحة والبرهنة عليها : يرى أنصار الاتجاه الثنائي أن الفكر سابق عل اللغة وأوسع منها أي العلاقة بينهما هي علاقة انفصال . وقد استشهدوا على ذلك بالتجربة أو الملاحظة الداخلية أو ما يسمى بالاستبطان والتي تؤكد وجود فكر غير منطوق به أي فكرا خالصا منفصلا عن التعبير اللغوي ، وتتخذ هذه الأسبقية شكلين: أسبقية زمنية تتمثل في أن لحظة إنتاج الأفكار سابقة في الزمن على لحظة التعبير عنها وكأننا نفكر أولا ثم ننتقل بعد ذلك إلى إلباس الكلمات لفكرنا .
قال برغسون : وهو أحد أنصار الاتجاه الثنائي-" ليست الموضوعات الخارجية وحدها هي التي تختفي عنا، بل إن حالاتنا النفسية هي الأخرى لتفلت من طائلتنا بما فيها من طابع ذاتي شخصي حي أصيل".
وقال أيضا:" وحينما نشعر بمحبة أو كراهية أو حينما نحس في أعماق نفوسنا بأننا فرحون أو مكتئبون ، فهل تكون عاطفتنا ذاتها هي التي تصل إلى شعورنا؟ ".
نفهم من هذا ، أن اللغة عاجزة عن نقل حقيقة العالم الخارجي ، لأن اللغة تعبر عن المعاني العامة . ولأن اللغة مرتبطة من جهة أخرى بالحاجة. كذلك أن اللغة عاجزة عن التعبير عن حالاتنا النفسية ، لأن الأصل الاجتماعي للغة وطابعها الأداتي يوجهها للتعبير عن عما هو عام مشترك موضوعي لا ماهو خاص وفردي وحميمي ، فرغم أن كل واحد منا يحب ويكره .. إلاّ أننا نختلف في الحب والكراهية . إذن فاللغة محدودة . وفي الاتجاه نفسه يشتكي المتصوفة عجز اللغة عن التعبير عما يعيشونه من حقائق فيبدو لنا ما يقولونه مجرد شطحات تعارض النصوص الشرعية . فهذا الحلاج كان يقول "ليس في الجبة إلاّ الله". و هذا البسطامي يقول : "سبحاني ما أعظم شأني" و ربما هذا ما قصده فاليري في قوله : "إن أجمل الأفكار هي تلك التي لا نستطيع التعبير عنها" .
وفي هذا الإطار عينه تندرج الثنائية الديكارتية التي تنسب للفكر طبيعة روحية وللغة طبيعة مادية لتخلص إلى استحالة ارتباطهما أو تداخلهما، رغم أن ديكارت يقر بان الكلام علامة على الفكر ودليل على الوعي والعقل المنفرد بهما الإنسان.
ونخلص من كل ما سبق إلى أنه لا يوجد تناسب بين القدرة على الفهم والتمثل والقدرة على التعبير. وهذا ما يؤكد أسبقية الفكر على اللغة وانفصاله عنها ،حسب أنصار هذا الاتجاه .
المناقشة: . ولكن هل يمكن حقا للفكر أن يوجد بمعزل عن اللغة ؟ ألا نجانب الصواب عندما ننتهي مع أنصار الاتجاه الثنائي إلى أن اللغة لا تعدو أن تكون سوى أداة بعدية ثانوية تعبر عن فكر خالص مستقل؟ ثم إنه حتى و إن سلمنا بعدم وجود تناسب بين الفكر واللغة فإننا نرفض القول بوجود فكر مستقل عن اللغة.إن الطفل لا يقوى على التفكير بدون لغة.
نقيض الأطروحة والبرهنة : أنصار الاتجاه الو احدي : يذهب أنصار الاتجاه الو احدي إلى أنه لا وجود لفكر دون لغة. فهما مترابطان ومتلازمان أي أن العلاقة بينهما علاقة اتصال.
-وقد استشهدوا على ذلك بأن اللغة شرط تحقق الفكر وإنتاج المعنى وانفتاح الوعي: فإذا كان الفكر ليس جوهرا ميتافيزيقيا ، بل نشاطا كليا يتمظهر في عمليات جزئية كالتذكر والمقارنة والترتيب...فإن تحققها غير ممكن بدون أداة رمزية لغوية .
-إن المعنى يؤخذ من الكلام والكلام هو الوجود الخارجي للمعنى حسب ميرلوبونتي الذي يضيف بأن وعي الذات المفكرة بأفكارها متوقف على تعبيرها عنها ولو لذاتها .
بل إن هناك من يذهب أبعد من ذلك فيرجع خاصية الوعي لدى الإنسان إلى قدرته على ترميز الأشياء والدلالة عليها. و إذا استعرنا تعبير ارنست كاسيرر سنقول بأن الإنسان كائن واع لأنه أولا حيوان رامز أي قادر على الإحالة على الأشياء من خلال رموزها. وقد عبر عن ذلك بنفنيست بقوله: " الإنسان يسمي إحساساته ولا يكتفي بالتعبير عنها ".
بأي شيء يتميز الموجود في الذهن إن لم يكن بالعلاقات والرموز؟ وهذه فكرة تلتقي مع تصور عالم اللسانيات "دوسوسير" الذي لا يرى في الفكر قبل لغة سوى سديم أو عماء ضبابي لاشيء متميز فيه قبل ظهور اللسان ، من ذلك مثلا أنه يستحيل التمييز بين فكرتين متقاربتين كالتقديس والاحترام دون الاستعانة بمقابليهما من الرموز اللسانية. كما أن حصول الدلالة اللسانية لا يتم بالمدلول وحده أي الفكرة أو التصور الذهني، بل باقتران هذا الأخير بالدال أو الصورة السمعية، وعليه فالدلالة لا تدرك إن لم يكن ثمة دال. بأي شيء يتميز الموجود في الذهن إن لم يكن بالعلاقات والرموز؟ وهذه فكرة تلتقي مع تصور عالم اللسانيات "دوسوسير" الذي لا يرى في الفكر قبل اللغة سوى سديم أو عماء ضبابي لاشيء متميز فيه قبل ظهور اللسان، من ذلك مثلا أنه يستحيل التمييز بين فكرتين متقاربتين كالتقديس والاحترام دون الاستعانة بمقابليهما من الرموز اللسانية. كما أن حصول الدلالة اللسانية لا يتم بالمدلول وحده أي الفكرة أو التصور الذهني ، بل باقتران هذا الأخير بالدال أو الصورة السمعية، وعليه فالدلالة لا تدرك إن لم يكن ثمة دال. " الألفاظ حصون المعاني". وذهب دوسوسير نفسه إلى حد تشبيه العلاقة بين اللغة والفكر بالورقة ظهرها الفكر ووجهها اللغة ولا يمكن تمزيق الوجه دون التأثير على ظهر الورقة. وقد عبر هيجل عن هذه العلاقة بقوله : "إننا نفكر داخل كلمات".
المناقشة : إن أصحاب الاتجاه الو احدي ككل يدعوننا إلى المطابقة بين اللغة والفكر ، فإلى أي حد تصح هذه المطابقة ؟ ثم كيف نطابق بينهما ولكل منا تجربة شخصية تعلمه أن الفكرة أحيانا تحضر أولا ونتأخر أو نفشل في إيجاد التعبير الملائم عنها ؟ إننا وإن سلمنا مع أنصار هذا الاتجاه بالصلة الوثيقة بين اللغة والفكر فإننا نرفض المطابقة بينهما .
التركيب : إننا نرفض القول بوجود فكر مستقل عن اللغة أي لا يمكن فصل الفكر عن اللغة ، كما نرفض المطابقة بينهما أي لا يمكن اعتبارهما شيئا واحدا . ولذلك فالعلاقة بين اللغة والفكر هي علاقة تبادلية أي علاقة تأثير وتأثر ، فاللغة تؤثر في الفكر وتتأثر به ، فاللغة تزود الفكر بأطر التفكير من خلال المفاهيم والعلاقات والفكر يساعد اللغة على التجديد .
حل المشكلة : رغم أنه لا يوجد تناسب بين القدرة على الفهم والتمثل و القدرة على التعبير إلا أنه لا يمكن القول باستقلال الفكر عن اللغة هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن اللغة هي أفضل أداة للتعبير عن الأشياء و عن حالاتنا النفسية.
المقالة السابعة : هل الحياة الشعورية مطابقة للحياة النفسية ؟ الاستقصاء بالرفع
طرح المشكلة : الشعور هو الذي يجعلنا نعي أحوالنا النفسية ويطلعنا على كل ما يوجد بداخلها فتكون حياتنا النفسية موضوع معرفة كاملة بالنسبة لنا هذا هو الاعتقاد الذي كان سائد قديما غير أن هناك حوادث متعددة في الحياة النفسية لا يمكن تفسيرها تفسيرا مقنعا بمجرد ربطها بسوابقها الشعورية وبهذا بدا التأكيد على فكرة وجود اللاشعور وهذا ما يدفعنا إلى الشك في صدق الأطروحة القائلة بان الحياة النفسية مساوية للحياة الشعورية. فكيف يمكن إبطال هذه الأطروحة؟
التحليل
عرض منطق الأطروحة : يعرف لالاند الشعور بأنه: "حدس الفكر لأحواله و أفعاله" فالشعور هو الوعي الذي يصاحبنا عند القيام بالأعمال. يرى أصحاب النظرة الكلاسيكية أن الشعور مبدأ وحيد للحياة النفسية، فالنفس تعي جميع أحوالها إذن الشعور والحياة النفسية مفهومان متكافئان. فالنفس لا تنقطع عن التفكير إلا إذا تلاشى وجودها فالشعور معرفة مباشرة أولية مطلقة فلا واسطة موجودة بين الشعور و الحياة النفسية. إذا شعرت بحالة ما كان شعوري بها مطلقا أشعر بها كما هي لا كما تصورها لي حواسي. ولذلك فالشعور يتسع لكل الحياة النفسية فمن تناقض القول بان النفس تشعر بما لا تشعر فهي تشعر لان الحادثة التي تشعر بها موجودة أما إذا كانت الحالة النفسية غير موجودة فيستحيل الشعور بها. إذن الحياة النفسية كلها شعورية.
رفع ( إبطال) الأطروحة وجود شفافية كلية بين ما يحدث بداخل أنفسنا و علمنا بها ليس له أي دليل على صحتها، فنحن لا نستطيع أن نتأكد أن حياتنا النفسية معروفة معرفة كلية. فهناك حوادث متعددة في الحياة النفسية لا يمكن تفسيرها تفسيرا مقنعا و أهملها أصحاب هذا الطرح و اعتبروها غير جديرة بالدراسة النفسية أو فسروا وجودها بنوع من المصادقة تخضع لها، غير أن العقل لا يقتنع بأي تفسير يستند إلى المصادقة و العقل يعتقد أن كل شيء يحتاج إلى علة كافية لحدوثه بيد أن الفرد لا يكون لديه أي شعور بهذه العلة. هذا ما جعل فرويد يفترض جملة من الأحوال النفسية تأثر في سلوك الفرد بطريقة غير مشعور بها وتوجد في منطقة عميقة من النفس سماها اللاشعور. ودلت تجاربه هو و بروير على وجود علاقة سببية بين حياتنا النفسية اللاشعورية والأعراض العصبية.
نقد منطق المناصرين للأطروحة : ديكارت يجع لمن الشعور و الحياة النفسية مفهومان مترادفان فالحياة النفسية عنده تساوي الشعور و الشعور يساوي الحياة النفسية، فهو يرفع من مكانة العقل و يرفض فيه أي غموض و العقل عنده هو " كل ما يحدث بداخلنا بالطريقة التي نتلقاها بها." ويؤكد بأن النفس لا تنقطع عن التفكير إلا أذا تلاشي وجودها.
أما برغسون فمن خصائص الشعور عنده الديمومة ويعني أنه تيار متدفق باستمرار من الميلاد إلى الممات وينفي الظواهريون وجود ما يسمى باللاشعور باعتباره يتناقض ومبدأ الوجود الإنساني لأن سلوكات الإنسان كلها قصديه ذات غاية ومعني.
لا يوجد دليل يثبت بالتطابق التام بين النفس والشعور بل بالعكس أثبت العلم أن النفس أوسع من الشعور. كما تكشف التجربة النفسية بوضوح أننا نعيش الكثير من الحالات دون أن نعرف سببا لها فعدم وعي السبب لا يعني عدم وجوده. فالسبب موجود لكنه مجهول فنحن نخضع للجاذبية و لكننا لا نشعر بها.
حل المشكلة : نستنتج أن الأطروحة القائلة الحياة النفسية مطابقة للحياة الشعورية أطروحة باطلة فالشعور كوسيلة لمعرفة حياتنا النفسية و يطلعنا على كل ما يجري فيها. باطلة القول لأن الحياة النفسية لا يمكن تفسيرها إلا بأسباب شعورية غير قابلة للدفاع عنها ولا للأخذ بها.
المقالة الثامنة : هل الشعور كافٍ لمعرفة كل حياتنا النفسية ؟ جدلية .
I – طرح المشكلة : إن التعقيد الذي تتميز به الحياة النفسية ، جعلها تحظى باهتمام علماء النفس القدامى والمعاصرون ، فحاولوا دراستها وتفسير الكثير من مظاهرها . فاعتقد البعض منهم أن الشعور هو الأداة الوحيدة التي تمكننا من معرفة الحياة النفسية ، فهل يمكن التسليم بهذا الرأي ؟ أو بمعنى آخر : هل معرفتنا لحياتنا النفسية متوقفة على الشعور بها ؟
ii – محاولة حل المشكلة :
1-أ- عرض الأطروحة :يذهب أنصار علم النفس التقليدي من فلاسفة وعلماء ، إلى الاعتقاد بأن الشعور هو أساس كل معرفة نفسية ، فيكفي أن يحلل المرء شعوره ليتعرف بشكلٍ واضح على كل ما يحدث في ذاته من أحوال نفسية أو ما يقوم به من أفعال ، فالشعور والنفس مترادفان ، ومن ثمّ فكل نشاط نفسي شعوري ، وما لا نشعر به فهو ليس من أنفسنا ، ولعل من ابرز المدافعين عن هذا الموقف الفيلسوفان الفرنسيان " ديكارت " الذي يرى أنه : « لا توجد حياة أخرى خارج النفس إلا الحياة الفيزيولوجية » ، وكذلك "مين دو بيران" الذي يؤكد على أنه : «لا توجد واقعة يمكن القول عنها إنها معلومة دون الشعور بها» . وهـذا كله يعني أن الشعور هو أساس الحياة النفسية ، وهو الأداة الوحيدة لمعرفتها ، ولا وجود لما يسمى بـ"اللاشعور" .
1-ب- الحجة : ويعتمد أنصار هذا الموقف على حجة مستمدة من " كوجيتو ديكارت " القائل : « أنا أفكر ، إذن أنا موجود » ، وهذا يعني أن الفكر دليل الوجود ، وان النفس البشرية لا تنقطع عن التفكير إلا إذا انعم وجودها ، وان كل ما يحدث في الذات قابل للمعرفة ، والشعور قابل للمعرفة فهو موجود ، أما اللاشعور فهو غير قابل للمعرفة ومن ثـمّ فهو غير موجود .
إذن لا وجود لحياة نفسية لا نشعر بها ، فلا نستطيع أن نقول عن الإنسان السّوي انه يشعر ببعض الأحوال ولا يشعر بأخرى مادامت الديمومة والاستمرار من خصائص الشعور .
ثم إن القول بوجود نشاط نفسي لا نشعر به معناه وجود اللاشعور ، وهذا يتناقض مع حقيقة النفس القائمة على الشعور بها ، فلا يمكن الجمع بين النقيضين الشعور واللاشعـور في نفسٍ واحدة ، بحيث لا يمكن تصور عقل لا يعقل ونفس لا تشعر .
وأخيرا ، لو كان اللاشعور موجودا لكان قابلا للملاحظة ، لكننا لا نستطيع ملاحظته داخليا عن طريق الشعور ، لأننا لا نشعر به ، ولا ملاحظته خارجيا لأنه نفسي ، و ماهو نفسي باطني وذاتي . وهذا يعني أن اللاشعور غير موجود ، و ماهو موجود نقيضه وهو الشعور .
1-جـ- النقد : ولكن الملاحظة ليست دليلا على وجود الأشياء ، حيث يمكن أن نستدل على وجود الشئ من خلال آثاره ، فلا أحد يستطيع ملاحظة الجاذبية أو التيار الكهربائي ، ورغم ذلك فأثارهما تجعلنا لا ننكر وجودهما .
ثم إن التسليم بأن الشعور هو أساس الحياة النفسية وهو الأداة الوحيدة لمعرفتها ، معناه جعل جزء من السلوك الإنساني مبهما ومجهول الأسباب ، وفي ذلك تعطيل لمبدأ السببية ، الذي هو أساس العلوم .
2-أ- عرض نقيض الأطروحة : بخلاف ما سبق ، يذهب الكثير من أنصار علم النفس المعاصر ، أن الشعور وحده ليس كافٍ لمعرفة كل خبايا النفس ومكنوناتها ، كون الحياة النفسية ليست شعورية فقط ، لذلك فالإنسان لا يستطيع – في جميع الأحوال – أن يعي ويدرك أسباب سلوكه . ولقد دافع عن ذلك طبيب الأعصاب النمساوي ومؤسس مدرسة التحليل النفسي " سيغموند فرويد " الذي يرى أن : « اللاشعور فرضية لازمة ومشروعة .. مع وجود الأدلة التي تثبت وجود اللاشعور » . فالشعور ليس هـو النفس كلها ، بل هناك جزء هام لا نتفطن – عادة – إلى وجوده رغم تأثيره المباشر على سلوكاتنا وأفكارنا وانفعالاتنا ..
2-ب- الحجة : وما يؤكد ذلك ، أن معطيات الشعور ناقصة ولا يمكنه أن يعطي لنا معرفة كافية لكل ما يجري في حياتنا النفسية ، بحيث لا نستطيع من خلاله أن نعرف الكثير من أسباب المظاهر السلوكية كالأحلام والنسيان وهفوات اللسان وزلات الأقلام .. فتلك المظاهر اللاشعورية لا يمكن معرفتها بمنهج الاستبطان ( التأمل الباطني ) القائم على الشعور ، بل نستدل على وجودها من خلال أثارها على السلوك . كما أثبت الطب النفسي أن الكثير من الأمراض والعقد والاضطرابات النفسية يمكن علاجها بالرجوع إلى الخبرات والأحداث ( كالصدمات والرغبات والغرائز .. ) المكبوتة في اللاشعور.
2جـ - النقد :لا شك أن مدرسة التحليل النفسي قد أبانت فعالية اللاشعور في الحياة النفسية ، لكن اللاشعور يبقى مجرد فرضية قد تصلح لتفسير بعض السلوكات ، غير أن المدرسة النفسية جعلتها حقيقة مؤكدة ، مما جعلها تحول مركز الثقل في الحياة النفسية من الشعور إلى اللاشعور ، الأمر الذي يجعل الإنسان أشبه بالحيوان مسيّر بجملة من الغرائز والميول المكبوتة في اللاشعور.
3- التركيب :وهكذا يتجلى بوضوح ، أن الحياة النفسية كيان معقد يتداخل فيه ما هو شعوري بما هو لاشعوري ، أي إنها بنية مركبة من الشعور واللاشعور ، فالشعور يمكننا من فهم الجانب الواعي من الحياة النفسية ، واللاشعور يمكننا من فهم الجانب اللاواعي منها .
Iii– حل المشكلة : وهكذا يتضح ، أن الإنسان يعيش حياة نفسية ذات جانبين : جانب شعوري يُمكِننا إدراكه والاطلاع عليه من خلال الشعور ، وجانب لاشعوري لا يمكن الكشف عنه إلا من خلال التحليل النفسي ، مما يجعلنا نقول أن الشعور وحده غير كافٍ لمعرفة كل ما يجري في حيتنا النفسية .
المقالة التاسعة : هل أساس الاحتفاظ بالذكريات بيولوجي أم اجتماعي؟ جدلية
طرح المشكلة : يمتاز الإنسان بقدرته على استخدام ماضيه و الاستفادة منه للتكيف مع ما يواجهه من ظروف فهو لا يدرك الجديد إلاّ تحت نور الماضي أو الذكريات ،وهذه الذكريات هي التي تقدم له مواده الأولية لتنشيط مختلف ملكاته العقلية ولكن هذه الذكريات كيف يمكن لها أن تبقى في متناولنا ؟ أين وعلى أي شكل تكون ذكرياتنا في الحالة التي لا نضطر إلى استحضارها ؟ وكيف تستمد حياتها عند الحاجة ؟ أو بعبارة أصح هل أساس ذكرياتنا بيولوجي أم اجتماعي ؟ .
محاولة حل المشكلة :
يرى أنصار النظرية المادية وبوحي من الفكرة الديكارتية القاتلة بأن الذاكرة تكمن في ثنايا الجسم ، أي الانطباعات التي تحدثها الأشياء الخارجية في الدماغ وتبقي بقاءها على لوحة التصوير، أي أن الذكريات تترك لها آثاراً في المخ كما تترك الذبذبات الصوتية على اسطوانة الإلكتروفون وبمعنى أصح أن المخ كالوعاء على حد تعبير تين يستقبل ويخزن مختلف أنواع الذكريات ولكل ذكرى ما يقابلها من خلايا عصبية حتى ذهب بعضهم إلى التساؤل ما إذا كانت الخلايا الموجودة في الدماغ كافية من حيث العدد لتسجيل كافة الانطباعات ويعتبر رائد هذه النظرية ريبو الذي يرى في كتابه ـ أمراض الذاكرة ـ الذاكرة ظاهر بيولوجية الماهية سيكولوجية العرض)، وحسبه أن الذكريات تحفظ في خلايا القشرة الدماغية وتسترجع عندما تحدث إدراكات مماثلة لها ، وأن عملية التثبيت تتم عن طريق التكرار ، والذكريات الراسخة فيما يرى ريبو هي تلك التي استفادت من تكرار طويل ولهذا فلا عجب إذا بدأ تلاشيها من الذكريات الحديثة إلى الذكريات القديمة ، بل ومن الحركية إلى العقلية بحيث أننا ننسى الألقاب ثم الأوصاف فالأفعال فالحركات ، ولقد استند ريبو إلى المشاهدات الباثولوجية ـ المرضية ـ مثل الأمنيزيا وبعض حالات الأفازيا الحركية ، وحسبه أن زوال الذكريات يكون عندما تحدث إصابات على مستوى الخلايا التي تحملها مثل الحبسة ، وبهذا تصبح الذاكرة مجرد خاصية لدى الأنسجة العصبية ، ويستدل ريبو أيضا بقوله أنه عندما تحدث إصابة لأحد الأشخاص الذين فقدوا ذاكرتهم فإنه كثيراً ما تعود إليه الذاكرة بنفس الصدمة وهذا من أكبر الأدلة على حسية الذاكرة وماديتها ، وقد جاءت تجارب بروكا تثبت ذلك بحيث أنه إذا حدث نزيف دموي في قاعدة التلفيف الثالث يولد مرض الحبسة ، كما أن فساد التلفيف الثاني يولد العمى اللفظي وأن فساد التلفيف الأول يولد الصمم اللفظي ، ويعطي الدكتور دولي براول مثال عن بنت في 23 من عمرها أصابتها رصاصة في المنطقة الجدارية اليمنى ومن جراء هذا أصبحت لا تتعرف على الأشياء التي توضع في يدها اليسرى رغم أنها بقيت تحتفظ بالقدرة على مختلف الإحساسات النفسية والحرارية فإذا أي شيء في يدها اليسرى وصفت جميع خصائصه وعجزت عن التعرف عليه ، وبمجرد أن يوضع في يدها اليمنى تعرفت عليه بسرعة وهكذا تبدو الذكريات كما لو كانت في منطقة معينة من الدماغ ويضيف ريبو دليلاً آخر هو أنه لو أصيب أحد الأشخاص الذين فقدوا ذاكرتهم على مستوى الدماغ إصابة قوية ربما استعاد ذاكرته وهذا من أقوى الأدلة على حسية الذاكرة وماديتها .
لكن على الرغم من كل هذه الأدلة والحجج إلاّ أن هذه النظرية لم تصمد للنقد لأن التفسير المادي الذي ظهر في القرن 19م لا يمكنه أن يصمد أمام التجربة ولا أمام النظر الدقيق ففي هذا الصدد نجد الفيلسوف الفرنسي برغسون الذي يرى بأن هذه النظرية تخلط بين الظواهر النفسية و الظواهر الفيزيولوجية فهي تعتبر الفكر مجرد وظيفة للدماغ ، كذا أن المادة عاجزة عن تفسير الذاكرة يقول لو صح أن تكون الذكرى شيء ما ستحفظ في الدماغ ، لما أمكنني أن أحتفظ بشيء من الأشياء بذكرى واحدة بل بألوف الذكريات) ، أما بالنسبة لمرض الأفازيا فإن الذكرى لا تزال موجودة إلاّ أن المريض يصير غير قادر على استرجاعها حتى يحتاج إليها ويذكر الطبيب جون دولاي أن أحد المصابين بالأمنيزيا الحركية فقد تماما إرادة القيام بإشارة الصليب إلاّ انه توصل تلقائيا إلى القيام بالإشارة عند دخوله الكنيسة .
وعلى عكس الرأي الأول يرى أنصار النظرية الاجتماعية أن الغير هو الذي يدفعنا إلى تذكر الحوادث أي التي اشترك معنا فيها في الأسرة أو الشارع أو المدرسة وفي هذا يقول هالفاكس إنني في أغلب الأحيان عندما أتذكر فإن ذاكرتي تعتمد على ذاكرة الغير) ، ولقد كان على رأس هذه النظرية بيارجاني ،هالفاكس فهم يرون أن الذاكرة تجد في الحياة الاجتماعية المجال الخصب الذي تستمد منه وجودها وحين نحاول معرفة صلتها العضوية بالجسم إنما كنا نبحث عن معرفة الآلية التي تترجم الذكريات الماضية و السلوك الراهن والواقع أن هذا السلوك هو الذي يربط بين الفرد والآخرين غير أن الذاكرة بمعناها الاجتماعي تأخذ بعدا أكبر من هالفاكس فهو يرى أن الذاكرة ترجع إلى المجتمع فالفرد مهما اتسم شعوره بالفردية المتميزة إلى أبعد الحدود فإن جميع أنواع السلوك التي هي مواد ذكرياته تبقى وتظل اجتماعية واللحظات الوحيدة المستثناة هي أثناء النوم أي الأحلام حيث ينعزل الفرد بكليته عن الآخرين إلاّ أن الأحلام تبقى ذات طبيعة مختلفة عن الذكريات يقول هالفاكس إن الحلم لا يعتمد سوى على ذاته في حين أن الذكريات تستمد وجودها من ذكريات الآخرين ومن القاعدة العامة للذاكرة الاجتماعية)، ويكون التفاهم بواسطة اللغة في الوقت ذاته فهي الإطار الأول والأكثر ثباتا للذاكرة الاجتماعية ، وهكذا فالعقل ينشئ الذكريات تحت تأثير الضغط الاجتماعي إذاً فلا وجود لذاكر فردية فالذاكرة هي ذاكرة جماعية ، هي ذاكرة الزمرة والأسرة والجماعة الدينية والطبقة الاجتماعية والأمة التي تنتمي إليها وفي جميع الأحوال فإن ذكرياتنا ترتبط بذكريات الجماعة التي ننتمي إليها ، فالإنسان ضمن الجماعة لا يعيش ماضيه الخاص بل يعيش ماضيه الجماعي المشترك فالاحتفالات الدينية والوطنية هي إعادة بنا الماضي الجماعي المشترك .
غير أن هذا الرأي هو الآخر لم يصمد للنقد مع أنه اعتمد على الواقع ، فصحيح أن الذاكرة تنظم داخل أطر اجتماعية ولكن ليس العامل الاجتماعي عاملاً أساسيا وكافيا لوحده لأنه بإمكان الفرد أن يتذكر شيئا ذا قيمة بالنسبة له وحده بالإضافة إلى أنه إذا كان تذكر الفرد يكون دائما من خلال ماضيه المشترك مع الجماعة فيكون ذلك معناه أن شعور الفرد جزء من شعور الجماعة وهذا أمر مستحيل .
أن العيب الذي تؤاخذ عليه النظريتين أنهما عالجتا موضوع الذاكرة المعقد كل على حدا وذلك لاختلاف منهجهم في حين أن الذاكرة عملية تتظافر فيها جميع العوامل الخارجية المتمثلة في الجماعة بالإضافة إلى كل هذا فإنه لا يمكن أن نقف موقف اختيار بين النظريتين ولا يمكننا أيضا قبولهما على أنها صادقة فإذا كانت النظرية المادية قد قامت على بعض التجارب فقد تبين مدى الصعوبة التي تواجه التجربة أما الاجتماعية فإنها تبقى نسبية نظراً للإرادة التي يتمتع بها الفرد دون أن ننسى الجانب النفسي للفرد .
حل المشكلة : وخلاصة القول أنه من غير الممكن إرجاع الذاكرة إلى عامل واحد لأنها عملية عقلية تتظافر فيها جملة من العوامل الذهنية والعضوية الاجتماعية وبهذا فإن أساس الذكريات نتاج اجتماعي وبيولوجي معاً .

=========


>>>> الرد الرابع :

تابع لمقالات خليفة
المقالة العاشرة : هل الذاكرة ظاهرة اجتماعية أم بيولوجية ؟ : جدلية
I - طرح المشكل :اختلفت الأطروحات والتفسيرات فيما يتعلق بطبيعة الذاكرة وحفظ الذكريات . فاعتقد البعض أن الذاكرة ذات طبيعة اجتماعية ، وان الذكريات مجرد خبرات مشتركة بين أفراد الجماعة الواحدة . واعتقد آخرون أن الذاكرة مجرد وظيفة مادية من وظائف الدماغ ؛ الأمر الذي يدعونا إلى طرح المشكلة التالية : هل الذاكرة ذات طابع اجتماعي أم مادي بيولوجي ؟
II- محاولة حل المشكل
1-أ- عرض الأطروحة : أنصار النظرية الاجتماعية : أساس الذاكرة هو المجتمع ؛ أي إنها ظاهرة اجتماعية بالدرجة الأولى .
1-ب- الحجة :لأن – أصل كل ذكرى الإدراك الحسي ، والإنسان حتى ولو كان منعزلا فانه عندما يدرك أمرا ويثبته في ذهنه فإنه يعطيه إسما ليميزه عن المدركات السابقة ، وهو في ذلك يعتمد على اللغة ، واللغة ذات طابع اجتماعي ، لذلك فالذكريات تحفظ بواسطة إشارات ورموز اللغة ، التي تُكتسب من المجتمع .
- إن الفرد لا يعود إلى الذاكرة ليسترجع ما فيها من صور ، إلا إذا دفعه الغير إلى ذلك أو وجه إليه سؤالا ، فأنت مثلا لا تتذكر مرحلة الابتدائي أو المتوسط إلا إذا رأيت زميلا لك شاركك تلك المرحلة ، أو إذا وجه إليك سؤالا حولها ، لذلك فإن معظم خبراتنا من طبيعة اجتماعية ، وهي تتعلق بالغير ، ونسبة ما هو فردي فيها ضئيل ، يقول هالفاكس : " إنني في أغلب الأحيان حينما أتذكر فإن الغير هو الذي يدفعني إلى التذكر ... لأن ذاكرتي تساعد ذاكرته ، كما أن ذاكرته تساعد ذاكرتي " .
ويقول : " ليس هناك ما يدعو للبحث عن موضوع الذكريات وأين تحفظ إذ أنني أتذكرها من الخارج ... فالزمرة الاجتماعية التي انتسب إليها هي التي تقدم إلي جميع الوسائل لإعادة بنائها "
- والإنسان لكي يتعرف على ذكرياته ويحدد إطارها الزماني والمكاني ، فإنه في الغالب يلجأ إلى أحداث اجتماعية ، فيقول مثلا ( حدث ذلك أثناء .... أو قبل .... و في المكان ..... وعليه فالذكريات بدون أطر اجتماعية تبقى صور غير محددة وكأنها تخيلات ، يقول : ب . جاني : " لو كان الإنسان وحيدا لما كانت له ذاكرة ولما كان بحاجة إليها " .
1-ج- النقد : لو كانت الذاكرة ظاهرة اجتماعية بالأساس ، فيلزم عن ذلك أن تكون ذكريات جميع الأفراد المتواجدين داخل المجتمع الواحد متماثلة ، وهذا غير واقع . ثم أن الفرد حينما يتذكر ، لا يتذكر دائما ماضيه المشترك مع الغير ، فقد يتذكر حوادث شخصية لا علاقة للغير بها ولم يطلب منه احد تذكرها ( كما هو الحال في حالات العزلة عندما نتذكر بدافع مؤثر شخصي ) ، مما يعني وجود ذكريات فردية خالصة .
2-أ- عرض نقيض الأطروحة : النظرية المادية : الذاكرة وظيفة مادية بالدرجة الأولى ، وترتبط بالنشاط العصبي ( الدماغ ) .
2-ب- الحجة :لأن : - الذاكرة ترتبط بالدماغ ، وإصابته في منطقة ما تؤدي إلى تلف الذكريات ( من ذلك الفقدان الكلي أو الجزئي للذكريات في بعض الحوادث ) .
- بعض أمراض الذاكرة لها علاقة بالاضطرابات التي تصيب الجملة العصبية عموما والدماغ على وجه الخصوص ، فالحسبة أو الافازيا ( التي هي من مظاهر فقدان الذاكرة ) سببها إصابة منطقة بروكا في قاعدة التلفيف الثالث من الجهة الشمالية للدماغ ، أو بسبب نزيف دموي في الفص الجداري الأيمن من الجهة اليسرى للدماغ ، مثال ذلك الفتاة التي أصيبت برصاصة أدت إلى نزيف في الفص الجداري الأيمن من الجهة اليسرى للدماغ ، فكانت لا تتعرف على الأشياء الموضوعة في يدها اليسرى بعد تعصيب عينيها ، فهي تحوم حولها وتصفها دون أن تذكرها بالاسم ، وتتعرف عليها مباشرة بعد وضعها في يدها اليمنى
يقول تين Taine: " إن الدماغ وعاء يستقبل ويختزن مختلف الذكريات " ، ويقول ريبو : " الذاكرة وظيفة بيولوجية بالماهية "
2-ج- النقد : إن ما يفند مزاعم أنصار النظرية المادية هو أن فقدان الذاكرة لا يعود دائما إلى أسباب عضوية (إصابات في الدماغ) فقد يكون لأسباب نفسية ( صدمات نفسية ) ... ثم إن الذاكرة قائمة على عنصر الانتقاء سواء في مرحلة التحصيل والتثبيت أو في مرحلة الاسترجاع ، وهذا الانتقاء لا يمكن تفسيره إلا بالميل والاهتمام والرغبة والوعي والشعور بالموقف الذي يتطلب التذكر .. وهذه كلها أمور نفسية لا مادية .
3- التركيب ( تجاوز الموقفين ) : ومنه يتبين أن الذاكرة رغم أنها تشترط اطر اجتماعية نسترجع فيها صور الذكريات ونحدد من خلالها إطارها الزماني والمكاني ، بالإضافة إلى سلامة الجملة العصبية والدماغ على وجه التحديد ، إلا أنها تبقى أحوال نفسية خالصة ، إنها ديمومة نفسية أي روح ، وتتحكم فيها مجموعة من العوامل النفسية كالرغبات والميول والدوافع والشعور ..
الأمثلة : إن قدرة الشاعر على حفظ الشعر اكبر من قدرة الرياضي . ومقدرة الرياضي في حفظ الأرقام والمسائل الرياضية اكبر من مقدرة الفيلسوف ... وهكذا , والفرد في حالة القلق والتعب يكون اقل قدرة على الحفظ , وهذا بالإضافة إلى السمات الشخصية التي تؤثر إيجابا أو سلبا على القدرة على التعلم والتذكر كعامل السن ومستوى الذكاء والخبرات السابقة ..
III- حل المشكل : وهكذا يتضح أن الذاكرة ذات طبيعة معقدة ، يتداخل ويتشابك فيها ما هو مادي مع ما هو اجتماعي مع ما هو نفسي ، بحث لا يمكن أن نهمل أو نغلّب فيها عنصرا من هذه العناصر الثلاث .
ملاحظة : يمكن في التركيب الجمع بين الموقفين ، و ليس من الضروري تجاوزهما .
المقالة الحادية عشر : قارن بين العادة والإرادة . مقارنة
طرح المشكلة : عملية اكتساب العادة تكون شاقة في البداية لان عمل مثل هذا يتطلب التركيز و التكرار و غيرها من عوامل اكتساب العادة. هذا يعني وجود علاقة بين الإرادة و العادة، فإذا كان الإرادة تفترض الحرية و العادة تفترض الآلية فهل معنى هذا أنهما على طرفي نقيض؟ أم انه بالإمكان إيجاد علاقة بينهما على نحو من الأنحاء؟
التحليل
أوجه الاختلاف : تتميز العادة بالآلية التي تجعل عناصر السلوك منتظمة مترابطة بطريقة تلقائية الأمر الذي يستدعي بقاء الفكر و الشعور على الهامش ولا يتداخلان إلا عند اللزوم. أما الإرادة فتتطلب نشاطا عقليا عاليا فالفعل الإرادي مرتبط بالتفكير وينطوي دائما على التعقل ومراحله التي تتمثل في تصور الغاية، الموازنة بين الأمور، العزم والتنفيذ ولا يمكن أن تتم في غياب العقل. تتميز العادة بالدقة في أداء الفعل و الاقتصاد في الجهد كما أنها عامل ثبات واستقرار في السلوك. أما الإرادة فتتميز بالحيوية والجدة وبالتالي فهي عامل تطوير له.
أوجه التشابه : كل من الإرادة و العادة تنتميان إلى الحياة الفاعلة (أفعال الإنسان). كلتاهما وقف على الإنسان فإذا سلمنا جدلا أن الحيوان يملك القدرة على اكتساب العادات إلا أن هذه العادات مجرد عادات حركية مرتبطة بالجسم أما العادات الذهنية فهي خاصة بالإنسان كما أن الإرادة خاصية ينفرد بها الإنسان دون الحيوان. كلتاهما تساعد الفرد على التكيف مع البيئة. كل من العادة والإرادة مكتسبة فإذا كانت العادة تعرف بأنها استعداد مكتسب بالتكرار فالإرادة أيضا تعتبر كسبا يكتسبه الشخص بالخبرة والممارسة.
أوجه التداخل : إذا كانت هناك عادات سلبية يعتاد عليها الفرد دون إرادة فإن هناك عادات كثيرة يتم اكتسابها بالإرادة كما أن العادة ذات قيمة كبيرة إذ لا يمكن القيام بالفعل الإرادي بدونها فالإرادة لا تكون قوية إلا بفضل العادة فإذا أراد الفرد أن يقوم بفعل من الأفعال فانه عن طريق العادة يبدأ بالموازنة بين الأمور ليصل إلى اتخاذ القرار وبالتالي فان تربية الإرادة ليست شيئا آخر سوى اكتساب عادات الإرادة وبالتالي فالإرادة هي قضية عادة.
حل المشكلة : المتأمل للعادة والإرادة، بمعزل عن التعارض الظاهري بينهما يدرك أن هناك علاقة تكامل وتعاون لا تنفصم بين وظيفتيهما. فكلاهما تساهم في التكيف مع المحيط الطبيعي والواقع الإنساني على حد سواء . لذا نستنتج أن العلاقة بينهما ليست علاقة تعارض وإنما هي علاقة تكامل.
المقالة الثانية عشر : هل يمكن القول إن العقل هو أساس القيمة الأخلاقية ؟ جدلية
I - طرح المشكلة :تعد مشكلة أساس القيمة الخلقية من أقدم المشكلات في الفلسفة الأخلاقية وأكثرها إثارة للجدل ؛ إذ تباينت حولها الآراء واختلفت المواقف ، ومن تلك المواقف الموقف العقلي الذي فسر أساس القيمة الأخلاقية بإرجاعها إلى العقل ؛ فهل فعلا يمكن تأسيس القيم الأخلاقية على العقل وحده ؟
II – محاولة حل المشكلة :
1- أ – عرض الأطروحة : يرى البعض ، أن ما يميز الإنسان – عن الكائنات الأخرى - هو العقل ، لذلك فهو المقياس الذي نحكم به على الأشياء وعلى سلوكنا وعلى القيم جميعا ، أي أن أساس الحكم على الأفعال و السلوكات وإضفاء طابع أخلاقي عليها هو العقل ، وعليه أٌعتبر المصدر لكل قيمة خلقية . وقد دافع عن هذا الرأي أفلاطون قديما والمعتزلة في العصر الإسلامي وكانط في العصر الحديث .
1- ب – الحجة :ويؤكد ذلك أن ( أفلاطون 428 ق م – 347 ق م ) قسم أفعال الناس تبعا لتقسيم المجتمع ، فإذا كان المجتمع ينقسم إلى ثلاث طبقات هي طبقة الحكماء وطبقة الجنود وطبقة العبيد ، فإن الأفعال – تبعا لذلك – تنقسم إلى ثلاثة قوى تحكمها ثلاث فضائل : القوة العاقلة ( تقابل طبقة الحكماء ) وفضيلتها الحكمة والقوة الغضبية ( طبقة الجنود ) وفضيلتها الشجاعة والقوة الشهوانية ( العبيد ) وفضيلتها العفة ، والحكمة هي رأس الفضائل لأنها تحد من طغيان القوتين الغضبية والشهوانية ، ولا يكون الإنسان حكيما إلا إذا خضعت القوة الشهوانية والقوة الغضبية للقوة العاقلة .
- و عند المعتزلة ، فالعقل يدرك ما في الأفعال من حسن أو قبح ، أي إن بإمكان العقل إدراك قيم الأفعال والتمييز فيها بين ما هو حسن مستحسن وما هو قبيح مستهجن ، وذلك حتى قبل مجيئ الشرع ، لأن الشرع مجرد مخبر لما يدركه العقل ، بدليل أن العقلاء في الجاهلية كانوا يستحسنون أفعالا كالصدق والعدل والأمانة والوفاء ، ويستقبحون أخرى كالكذب والظلم والخيانة والغدر .. وان الإنسان مكلف في كل زمان ومكان ولولا القدرة على التمييز لسقطت مسؤولية العباد أمام التكليف .
- والعقل عند ( كانط 1724 – 1804 ) الوسيلة التي يميز به الإنسان بين الخير والشر، وهو المشرّع ُ لمختلف القوانين والقواعد الأخلاقية التي تتصف بالكلية والشمولية ، معتبراً الإرادة الخيرة القائمة على أساس الواجب الركيزة الأساسية للفعل لأن الإنسان بعقله ينجز نوعين من الأوامر : أوامر شرطية مقيدة ( مثل : كن صادقا ليحبك الناس ) ، وأوامر قطعية مطلقة ( مثال : كن صادقا ) ، فالأوامر الأولى ليس لها أي قيمة أخلاقية حقيقية ، فهي تحقق أخلاق منفعة ، وتتخذ الأخلاق لا كغاية في ذاتها ، وإنما كوسيلة لتحقيق غاية . أما الأوامر الثاني فهي أساس الأخلاق ، لأنها لا تهدف إلى تحقيق أي غاية أو منفعة ، بل تسعى إلى انجاز الواجب الأخلاقي على انه واجب فقط بصرف النظر عن النتائج التي تحصل منه لذلك يقول : « إن الفعل الذي يتسم بالخيرية الخلقية فعل نقي خالص , وكأنما هو قد هبط من السماء »
1- جـ - النقد : لكن التصور الذي قدمه العقليون لأساس القيمة الأخلاقية تصور بعيد عن الواقع الإنساني ، فالعقل أولا قاصر وأحكامه متناقضة ، فما يحكم عليه هذا بأنه خير يحكم عليه ذاك بأنه شر فإذا كان العقل قسمة مشتركة بين الناس فلماذا تختلف القيم الأخلاقية بينهم إذن ؟ . كما يهمل هذا التصور الطبيعة البشرية ، فالإنسان ليس ملاكا يتصرف وفق أحكام العقل ، بل هو أيضا كائن له مطالب حيوية يسعى إلى إشباعها ، والتي لها تأثير في تصور الفعل . وأخيرا أن الأخلاق عند كانط هي أخلاق متعالية مثالية لا يمكن تجسيدها على ارض الواقع .
2- أ – عرض نقيض الأطروحة : وخلافا لما سبق ، يرى البعض الآخر أن العقل ليس هو الأساس الوحيد للقيم الأخلاقية ، باعتبار أن القيمة الخلقية للأفعال الإنسانية متوقفة على نتائجها وأثارها الايجابية أي ما تحصله من لذة ومنفعة وما تتجنبه من الم ومضرة ، وقد تتوقف القيم الأخلاقية على ما هو سائد في المجتمع من عادات وتقاليد وأعراف وقوانين ، فتكون بذلك صدى لهذه الأطر الاجتماعية ، وقد يتوقف – في الأخير - معيار الحكم على قيم الأفعال من خير ( حسن ) أو شر ( قبح ) على الإرادة الإلهية أو الشرع .
2- ب – الحجة : وما يثبت ذلك ، أن القيم الأخلاقية ماهي إلا مسألة حسابية لنتائج الفعل ، وهذه النتائج لا تخرج عن تحصيل اللذات والمنافع ؛ فما يحفز الإنسان إلى الفعل هو دائما رغبته في تحصيل لذة أو منفعة لأن ذلك يتوافق مع الطبيعة الإنسانية فالإنسان بطبعة يميل إلى اللذة والمنفعة ويتجنب الألم والضرر ، وهو يٌقدم على الفعل كلما اقترن بلذة أو منفعة ، ويحجم عنه إذا اقترن بألم أو ضرر ، فاللذة والمنفعة هما غاية الوجود ومقياس أي عمل أخلاقي ، وهما الخير الأسمى والألم والضرر هما الشر الأقصى .
- ومن ناحية أخرى ، فإن القيم الأخلاقية بمختلف أنواعها وأشكالها سببها المجتمع , وما سلوك الأفراد في حياتهم اليومية إلا انعكاس للضمير الجمعي الذي يُهيمن على كل فرد في المجتمع . أي أن معيار تقويم الأفعال أساسه المجتمع ، والناس تصدر أحكامها بالاعتماد عليه ، فمثلا الطفل حينما يولد لا تكون لديه فكرة عن الخير أو الشر ، فينشأ في مجتمع – يتعهده بالتربية والتثقيف – يجد فيه الناس تستحسن أفعالا وتستقبح أخرى ، فيأخذ هذا المقياس عنهم ، فيستحسن ما يستحسنه الناس ، ويستقبح ما يستقبحونه ، فإن هو استقبح مثلا الجريمة فلأن المجتمع كله يستقبحها ، ومن ثمّ يدرك إن كل ما يوافق قواعد السلوك الاجتماعي فهو خير وكل ما يخالفها فهو شر . والنتيجة أن القيم الأخلاقية من صنع المجتمع لا الفرد ، وما على هذا الفرد إلا أن يذعن لها طوعا أو كرها ، الأمر الذي جعل دوركايم ( 1858 – 1917 ) يقول : « إذا تكلم ضميرنا فإن المجتمع هو الذي يتكلم فينا » ، وكذلك : « أن المجتمع هو النموذج والمصدر لكل سلطة أخلاقية ، وأي فعل لا يقره المجتمع بأنه أخلاقي ، لا يكسب فاعله أي قدر من الهيبة أو النفوذ » .
- ومن ناحية ثالثة ، أن معيار الحكم على قيم الأفعال من خير أو شر يرتد إلى الإرادة الإلهية أو الشرع . فـنحن – حسب (ابن حزم الأندلسي 374هـ - 456 هـ ) – نستند إلى الدين في تقويم الأفعال الخلقية وفق قيم العمل بالخير والفضيلة والانتهاء عن الشر والرذيلة ، ولا وجود لشيء حسنا لذاته أو قبيحا لذاته ، ولكن الشرع قرر ذلك ، فما سمّاه الله حسنا فهو حسن وما سمّاه قبيحا فهو قبيح .
كما أن الأفعال حسنة أو قبيحة – حسب ما يذهب إليه الاشاعرة – بالأمر أو النهي الإلهي ، فما أمر به الله فهو خير وما نهى عنه فهو شر ، أي أن الأوامر الإلهية هي التي تضفي صفة الخير على الأفعال أو تنفيها عنها ، ولذلك – مثلا – الصدق ليس خيرا لذاته ولا الكذب شرا لذاته ، ولن الشرع قرر ذلك . والعقل عاجز عن إدراك قيم الأفعال والتمييز فيها بين الحسن والقبح ، وليس له مجال إلا إتباع ما أثبته الشرع .
2- جـ - النقد : ولكن النفعيون لا يميزون بين الثابت والمتغير ولا بين النسبي والمطلق لأن القيم الأخلاقية قيم ثابتة ومطلقة ، والأخذ باللذة والمنفعة كمقياس لها يجعلها متغيرة ونسبية ، فيصبح الفعل الواحد خيرا وشرا في آن واحد ، خيرا عند هذا إذا حقق له لذة أو منفعة ، وشرا عند ذاك إذا لم يحقق أيًّا منهما . ثم إن المنافع متعارضة ، فما ينفعني قد لا ينفع غيري بالضرورة ، وأخيرا فان ربط الأخلاق باللذة والمنفعة يحط من قيمة الأخلاق و الإنسان معاً ؛ فتصبح الأخلاق مجرد وسيلة لتحقيق غايات كما يصبح الإنسان في مستوى واحد مع الحيوان .
ثم إن المدرسة الاجتماعية تبالغ كثيرا في تقدير المجتمع والإعلاء من شأنه ، وفي المقابل تقلل أو تعدم أهمية الفرد ودوره في صنع الأخلاق ، والتاريخ يثبت إن أفرادا ( أنبياء ، مصلحين ) كانوا مصدرا لقيم أخلاقية ساعدت المجتمعات على النهوض والتقدم . ومن جهة ثانية ، فالواقع يثبت أن القيم الأخلاقية تتباين حتى داخل المجتمع الواحد ، وكذا اختلافها من عصر إلى آخر ، ولو كان المجتمع مصدرا للأخلاق لكانت ثابتة فيه ولزال الاختلاف بين أفراد المجتمع الواحد .
وبالنسبة للنزعة الدينية فإنه لا يجوز الخلط بين مجالين من الأحكام : - أحكام شرعية حيث الحلال والحرام ، وهي متغيرة وفق مقاصد الشريعة
- وأحكام أخلاقية حيث الخير والشر أو الحسن والقبح ، وهي ثابتة في كل زمان ومكان . مثلا : الكل يتفق على أن الكذب شر ، أما الاستثناء كجواز الكذب في الحرب أو من اجل إنقاذ برئ ( بقصد حفظ النفس الذي هو من مقاصد الشريعة ) فلا يجعل من الكذب خيراً .
3 – التركيب : إن الإنسان في كينونته متعدد الأبعاد ؛ فهو إضافة إلى كونه كائن عاقل فإنه كائن بيولوجي أيضا لا يتواجد إلا ضمن الجماعة التي تؤمن بمعتقد خاص ، وهذه الأبعاد كلها لها تأثير في تصور الإنسان للفعل الأخلاقي وكيفية الحكم عليه . فقد يتصور الإنسان أخلاقية الفعل بمقتضى ما يحكم به علقه ، أو بمقتضى ما يهدف إلى تحصيله من وراء الفعل ، أو بمقتضى العرف الاجتماعي أو وفق معتقداته التي يؤمن بها .
III– حل المشكلة : وهكذا يتضح أن أسس القيم الأخلاقية مختلفة ومتعددة ، وهذا التعدد والاختلاف يعود في جوهره إلى تباين وجهات النظر بين الفلاسفة الذين نظر كل واحدا منهم إلى المشكلة من زاوية خاصة ، أي زاوية المذهب أو الاتجاه الذي ينتمي إليه . والى تعدد أبعاد الإنسان ، لذلك جاز القول أن العقل ليس الأساس الوحيد للقيم الأخلاقية .
ملاحظة : يمكن الاكتفاء في نقيض الأطروحة برأي واحد .
المقالة الثالثة عشر : هل يمكن اعتبار القوة وسيلة مشروعة لنيل الحقوق ؟ الطريقة : جدلية
طرح المشكلة : إن العدالة مبدأ أخلاقي سامي ، سعت المجتمعات قديمها وحديثها إلى جعلها واقعا ملموسا بين افرداها ، ولا يمكن أن يحصل ذلك إلا إذا أُعطي كل ذي حق حقه ، والحق هو الشيء الثابت الذي لا يجوز إنكاره طبيعيا كان أو اجتماعيا أو أخلاقيا . إلا أن المفكرين والفلاسفة اختلفوا في الوسائل التي تمكننا من نيل هذه الحقوق ، فاعتقد البعض منهم بأن القوة وسيلة مشروعة لتحقيقها ، فهل يمكن اعتبار القوة – حقيقة – أداة مشروعة لنيل الحقوق ؟ بمعنى : هل يمكن تأسيس الحقوق على أساس القوة ؟
محاولة حل المشكلة :
1-أ- الأطروحة : لقد ذهب فريق من الفلاسفة إلى اعتبار القوة أداة مشروعة لنيل الحقوق ، وأساس سليما يمكن أن تقوم عليه هذه الحقوق ، ونجد من بين هؤلاء المفكر الايطالي " ميكيافليي " الذي يرى أن : « الغاية تبرر الوسيلة » ، حتى وان كانت الوسيلة لا أخلاقية ، فإذا كان الانتصار ومن ثـمّ نيل الحقوق هو ضالة الحاكم وهدفه ، فلابد من استعمال القوة إذا كان الأمر يستدعي ذلك . أما الفيلسوف الانجليزي " توماس هوبز " فيرى أن القوي هو الذي يحدد الخير والشر . بينما الفيلسوف الهولندي " سبينوزا " يرى : « أن كل فرد يملك من الحق بمقدار ما يملك من القوة » كما أشاد الفيلسوف الألماني " نيتشه " بإرادة القوة حلى حساب الضعفاء . ونجد – في الأخير –. الفيلسوف الألماني المادي " كارل ماركس " الذي يذهب إلى أن الحقوق ماهي إلا مظهرا لقوة الطبقة المسيطرة اجتماعيا والمهيمنة اقتصاديا . وعليه فالقوة – حسب هؤلاء – أداة مشروعة بل وضرورية لنيل الحقوق .
1-ب- الحجة : وما يؤكد مشروعية القوة كوسيلة لاكتساب الحقوق هو تاريخ المجتمعات الإنسانية نفسه ؛ إذ يثبت بأن كثيرا من الحقوق وجدت بفضل استخدام القوة ، فقيام النزاعات والثورات انتهت في معظمها بتأسيس الكثير من الحقوق ، التي صارت فيما بعد موضع اعتراف من طرف الجميع ، مثال ذلك أن الكثير من الشعوب المستعمرة استردت حريتها – كحق طبيعي – بفعل الثورة المسلحة أي القوة العسكرية .
كما أن المجتمع الدولي حاليا يثبت بأن الدول التي تتمتع بحق النقض ( الفيتو) في مجلس الأمن هي الدول القوية اقتصاديا واجتماعيا .
1-جـ- النقد : لا ننكر أن بعض الحقوق تـمّ نيلها عن طريق القوة ، لكن ذلك لا يدعونا إلى التسليم أنها – أي القوة – وسيلة مشروعة للحصول على جميع الحقوق ، لأن ذلك يؤدي إلى انتشار قانون الغاب فيأكل بموجبه القوي الضعيف ، وبالتالي تفسد الحياة الاجتماعية وتهدر الكثير من الحقوق .
إضافة إلى ذلك فالقوة أمر نسبي أي متغير ، فالقوي اليوم ضعيف غداً والعكس صحيح ، ولأجل ذلك فإن الحق الذي يتأسس على القوة يزول بزوالها .
2-أ- نقيض الأطروحة : خلافا للموقف السابق ، يذهب فريق من الفلاسفة إلى الاعتقاد أن القوة لا يمكن أن تعتبر وسيلة سليمة ومشروعة لنيل الحقوق ، ولا ينبغي بأي حال من الأحول أن تكون أساسا للحقوق . و الذين يدافعون عن هذه الوجهة من النظر الفيلسوف الفرنسي " جان جاك روسو " الذي يقول : « إن القوة سلطة مادية ، ولا أرى بتاتا كيف تنجم الأخلاقية من نتائجها » ، فالقوة بهذا المعنى لا يمكن أن تصنع الحق ، ولعل هذه ما ذهب إليه الزعيم الهندي " غاندي " عندما بـيّـن أن استخدام القوة في سبيل نيل الحقوق ما هو سوى مجرد فلسفة مادية لا أخلاقية ، حيث يقول : « إننا سوف نكسب معركتنا لا بمقدار ما نقتل من خصوم ، ولكن بمدار ما نقتل في نفوسنا الرغبة في القتل » . وعلى هذا الأساس فالقوة غير مشروعة في نيل الحقوق .
2-ب – الحجة : لأنه من التناقض الحصول على حقوق تمتاز بأنها أخلاقية بوسائل لا أخلاقية " القوة " ، فالحقوق من القيم التي تتأسس علها العدالة ، وعليه فالعدل والحق من المبادئ الأخلاقية ومن ثـمّ لا يجوز تحقيقهما بوسائل لا أخلاقية ، لأن أخلاقية الغاية تفرض بالضرورة أخلاقية الوسيلة .
كما أن ثبات الكثير من الحقوق يستبعد تأسيسها على القوة أو الاعتماد عليها في تحصيلها ، لأنها متغيرة ، وكل ما تأسس على متغير كان متغيرا بالضرورة .
ثم إن تاريخ المجتمعات يؤكد – من جهة أخرى – أن نسبة كبيرة من الحقوق التي يتمتع بها الأفراد ، لم يعتمد على القوة في نيلها وتحصيلها .
2- النقد : ولكن القول أن القوة ليست مشروعة في نيل الحقوق ، لا يمنع من كونها وسيلة مشروعة للدفاع عن هذه الحقوق ضد مغتصبيها ، أو للمطالبة بها إن اقتضت الضرورة .
3- التركيب : إن الحقوق - من حيث هي مكاسب مادية ومعنوية يتمتع بها الأفراد يخولها لهم القانون وتفرضها الأعراف – لا يمكن إرجاعها إلى أساس واحد نظرا لتعدد أسسها ، فمنها ما يتأسس على طبيعة الإنسان ذاتها ، ومنها ما يتأسس على أساس اجتماعي من حيث إن المجتمع هو الذي يمنحها لأفراده ، ومنها ما يتأسس على إيماننا الباطني بها واحترامنا لها .
حل المشكلة : وهكذا يتضح انه لا يمكن اعتبار القوة أساسا سليما للحقوق ، ولا وسيلة مشروعة لنيلها ، وإن كان ذلك لا يمنعنا من اللجوء إلى القوة للدفاع عن الحقوق أو المطالبة بها .

=========


>>>> الرد الخامس :

سلام نور اذا ممكن تعطيلي مقالة على الحق و الواجب و شكرااااااااااااا

=========


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Ryma rourou
سلام نور اذا ممكن تعطيلي مقالة على الحق و الواجب و شكرااااااااااااا

وعليكم السلام اختي ريمة منكذبش عليك هاذي المقالة جامي حفظتها ولا عرفت وش فيها باسكو تجيني ثقيلة منفهمهاش مي مقدرتش نرجعك بحثت على مقالات الاساتذة في النت ولقيت هاذي ان شاء الله تستفادي منها ادعيلي بالتوفيق والنجاح وربي يوفقك نتي وتفرحينا ان شاء الله
هل الحق اسبق من الواجب في تحقيق العدل ??
طرح المشكلة: يعتبر العدل من أهم الفضائل و القيم الأخلاقية التي اهتم بها الفلاسفة و رجال القانون و الدين و هو يعني لغويا الاستقامة و المساواة و نقيضه الظلم و الجور و قد عرفه الجرجاني بقوله : « العدل هو الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط و التفريط » أي العدل فضيلة بين رذيلتين أما تطبيقه على أرض الواقع فقد ارتبط دائما بالواجبات و الحقوق التي يحددها القانون فقد جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام وعيادة المريض وإتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس"، ولفظ الحق في الحديث ورد بمعنى الواجب، وذلك لما بين الحق والواجب من ترابط. وقد اعتقد بعض الفلاسفة بسبب هذا الترابط أن أداء الواجبات هو شرط لنيل الحقوق، وبالتالي يكون الواجب أسبق من الحق وأولى منه. وتحديد هذه الأطروحة يتعارض مع الأطروحة التي يقترحها الموضوع للمناقشة والتي تقول: "قبل أن نطالب الناس بواجباتهم علينا أن نمكنهم قبل كل شيء من حقوقهم"، مما يلزم عنه أن الحق أولى من الواجب وأسبق منه، وهذه المشكلة تدفعنا إلى التساؤل التالي: هل إعطاء الحقوق أولى وأسبق من أداء الواجب، أم العكس؟
محاولة حل المشكلة:
عرض الأطروحة:يرى فلاسفة القانون الطبيعي أن العدالة الحقيقية تقتضي أن الحق أسبق من الواجب وهو الذي يؤسسه، فقبل أن نطالب الناس بواجباتهم علينا أن نمكنهم قبل كل شيء من حقوقهم فلاحق معطى طبيعي ملازم للوجود الإنساني وهو سابق للقوانين المدنية التي تعبر عن الواجبات وأهم هؤلاء نجد الفيلسوف اليوناني سقراط الذي عرف العدل بقوله : « العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه » و أيضا الفيلسوف الانجليزي جون لوك والألماني فولف (1679-1754) Wolff.
الحجة: وما يؤكد ذلك أن فلاسفة القانون الطبيعي على اختلافهم، يقرون بأن العدالة تقتضي أن تتقدم فيها الحقوق على الواجبات، فتاريخ حقوق الانسان مرتبط بالقانون الطبيعي الذي يجعل من الحقوق مقدمة للواجبات، كون الحق معطى طبيعي، يقول الفيلسوف الألماني وولف (1679-1754) في كتابه القانون الطبيعي): "كلما تكلمنا عن القانون الطبيعي لا نبغي مطلقا قانونا طبيعيا، بل بالأحرى الحق الذي يتمتع به الانسان بفضل ذلك القانون". أما ظهور الواجب فقد ارتبط بضرورة الحياة الجماعية داخل الدولة. فسلطة الدولة حسب فلاسفة القانون الطبيعي مقيدة بقواعد هذا الأخير، الأمر الذي يبرر أسبقية الحق على الواجب.
* أما الفيلسوف الانجليزي جون لوك (1632-1704) فيرى أنه لما كانت الحقوق الطبيعية ترتبط ارتباطا وثيقا بالقوانين الطبيعية، وكانت الواجبات ناتجة عن القوانين الوضعية، أمكن القول أن الحق سابق للواجب من منطلق أن القوانين الطبيعية سابقة للقوانين الوضعية. كون المجتمع الطبيعي سبق المجتمع السياسي، فإن الحقوق الطبيعية بمثابة حاجات بيولوجية يتوقف عليها الوجود الإنساني، كالحق في الحرية والحق في الحياة والحق في الملكية، ذلك أن جميع الواجبات ستسقط إذا ضاع حق الفرد في الحياة. يقول جون لوك: "لما كانت الحقوق الطبيعية حقوقا ملازمة للكينونة الإنسانية، فهي بحكم طبيعتها هذه سابقة لكل واجب".
**كما يعتبر الحق سابقا عن الواجب من منطلق أن الحقوق الطبيعية ملازمة للطبيعة البشرية و سابقة عن وجود الدولة و المجتمع فانضمام الفرد للجماعة و إنشاء العقد الاجتماعي لم يكن إلا لضمان الحقوق فالحق الطبيعي ليس له حدود، سوى حدود ذلك الشخص الذي يمارس ذلك الحق، لكن استمرار هذا الوضع و تشبت كل فرد بحقه الطبيعي سيؤدي إلى تعارض الحقوق والنهاية ستكون مأساوية، لهذا يرى سبينوزا أن العقل هو الذي يميزنا عن باقي الكائنات، هكذا فإن التعاقد السليم هو ذلك الذي ينبني على العقل والغاية من التعاقد هو الخروج من حالة العنف والقوة إلى حالة السلم والأمن والتعاقد بصفة عامة تحتم على الذات التخلي عن كبريائها وليحل ما هو أخلاقي محل ما هو غريزي،فحالة المجتمع أو حالة التمدن كما يسميها جون جاك روسو (1712-1778) تجعل الإنسان يضمن ما هو أعظم، وهي الحرية الأخلاقية وأعراف الجماعة وبالتالي يكون الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة المدينة وهو انتقال من حق القوة إلى قوة الحق، أي من الاحتكام إلى القوة الطبيعية الفيزيائية إلى القوة القانونية التشريعية والأخلاقية، والقوة المشروعة في نظر روسو هي قوة الحق، لأن حالة التمدن التي يتحدث عنها تضمن للإنسان نفس الحقوق والواجبات، ومعها تنتهي الحقوق الإنسانية فيتم إقرار العدالة عن طريق عقد القوانين والاتفاقات
**و ما يؤكد ذلك الثورات العربية الحالية التي قامت للمطالبة بالحقوق الطبيعية و أهمها الحرية و أيضا المنظمات الدولية لحقوق الإنسان التي تعتبر الحق قضية مقدسة لا يجب المساس بها و يظهر ذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10-12-1948حيث تقول المادة 18: « لكل شخص الحق في حرية التفكير و الدين ...يولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة و الحقوق و عليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء بدون أي تمييز »
وقد جاء أيضا في المادة الثالثة من إعلان حقوق الانسان والمواطن الصادر عن الثورة الفرنسية عام 1789م والذي تأثر بفلاسفة القانون الطبيعي، "إن هدف كل جماعة سياسية هو المحافظة على حقوق الانسان الطبيعية التي لا يمكن أن تسقط عنه، هذه الحقوق هي الحرية والملكية والأمن، ومقاومة الاضطهاد".
**الواقع يثبت أن سبب الظلم و غياب العدل في كثير من الأحيان هو عدم المطالبة بالحق و على هذا الأساس فالساكت عن الحق شيطان اخرس و كذلك المتغافل عن حقه كمن لا حق لهمثال ذلك مطالبة العمال الذين تأخرت أجورهم بدفعها لأنها حق لهم و مطالبة سكان منطقة معينة بالسكن الاجتماعي أو مطالبة شباب منطقة ما بتوفير مناصب عمل لهم لأنه حقهم على الدولة إذ يقول فوولف : « كلما تكلمنا عن القانون الطبيعي لا نبغي مطلقا قانونا طبيعيا بل بالأحرى الحق الذي يتمتع به الإنسان بفضل ذلك القانون » و يقول جون لوك في نفس المعنى : « لما كانت السنة الطبيعية تهدف الى بقاء النوع البشري فكل تشريع بشري يتنافى معها باطل لاغ »
النقد:صحيح أنه من الناحية المنطقية لا بد للفرد من التمتع بحقوقه الضرورية حتى يستطيع أداء واجباته لكن أنصار هذا الاتجاه اهتموا بالحقوق و قدسوها و أهملوا الواجبات إن فلاسفة القانون الطبيعي وحتى المنظمات الدولية لحقوق الإنسان أقروا الحقوق وقدسوها من جهة، وفي المقابل تجاهلوا الواجبات من جهة أخرى و ذلك يؤدي إلى الإخلال بتوازن الحياة الاجتماعية بالتالي غياب العدالة لان طغيان الحقوق على الواجبات في مجتمع ما يؤدي إلى احتدام الصراع و تضارب المصالح فينعكس ذلك سلبا على وظائف الدولة السياسية و الاقتصادية. إن أهواء الناس و ميولاتهم المتناقضة والمتضاربة من شأنها أن تؤدي بالمجتمع الإنساني إلى العودة إلى حالة الفوضى التي كانت سائدة في حالة الطبيعة، إن الحق يقتضي حسب هوبز وضع حد لحالة كانت سائدة في حالة « حرب الكل ضد الكل »كما أن إقرار هؤلاء الفلاسفة حقوقا مقدسة للفرد أهمها أحقيته في الملكية؛ يجعلهم يدافعون بقصد أو بغير قصد عن حقوق الأقوياء بدل حقوق الضعفاء، على اعتبار أن الملكية غير متيسرة للجميع؛ بقدر ما تكون حكرا على الطبقة الحاكمة و الغنية، لأن طغيان الحقوق على الواجبات في مجتمع ما يؤدي إلى تناقضات واضطرابات وثورات.
عرض نقيض الأطروحة: وخلافا لما سبق، يرى بعض الفلاسفة وعلى رأسهم الألماني كانط (1724 - 1804)، والوضعيون وعلى رأسهم الفيلسوف الاجتماعي الفرنسي أوغست كونت (1798-1857)، أن للواجب أسبقية منطقية وأفضلية أخلاقية على الحق، وأنه من الضروري أن يبدأ الناس بأداء واجباتهم كي يحق لهم المطالبة بحقوقهم، فالواجب مقتضى عقلي و ضرورة واقعية تتجاوز منطق الذاتية و المصالح الضيقة
الحجة: إن الفلسفة العقلية بزعامة كانط تضع الواجبات في المقام الأول ولا تعير اهتماما للحقوق، لأن فكرة الواجب لذاته (بالمعنى الذي يحدده كانط)، يبرر أسبقية الواجبات على الحقوق، فالواجب أمر مطلق منزه عن كل غرض مادي بل هو غاية و ليس وسيلة لنيل مصلحة فالواجب يستند على سلطة الضمير و أحكام العقل الثابتة بالتالي تكون العدالة منزهة عن كل غرض ذاتي حيث يقول : « الواجب هو ضرورة القيام بفعل ما احتراما للقانون » فعندما أعين ضعيفا أو أساعد عاجزا على اجتياز الطريق؛ أرى أن ذلك من واجبي لكنني لا أشعر أن ذلك حق له علي، كما أنني لا أنتظر مقابلا من هذا العمل، مما يعني أنه واجب منزه عن كل حق ومصلحة شخصية.
**أما بالنسبة إلى أوغست كونت وتماشيا مع نزعته الوضعية التي تتنكر لكل ميتافيزيقا، فيرى أنه لو أدى كل فرد واجبه لنال الجميع حقوقهم، لأن حق الفرد هو نتيجة لواجبات الآخرين نحوه، لان قيام الجميع بواجباتهم يؤدي الى رضاهم و تلبية حقوقهم حيث يقول : « ينبغي أن نحذف مصطلح الحق من القاموس و نبقي على الواجب » وهذا يعني أن تحديد الواجب سابق لإقرار الحق مثال ذلك أن أداء الأستاذ لواجبه التعليمي و أداء التلميذ لواجبه الدراسي و الأخلاقي يجعلهما يحققان توازنا و عدلا في الوسط التربوي .إذ ليس للفرد له أي حق بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة، لأن مجرد مطالبة الفرد بحق؛ فكرة منافية للأخلاق، لأنها تفترض مبدأ الفردية المطلق، والأخلاق في حقيقتها ذات طابع اجتماعي. يقول أوغست كونت: "إن مراعاة الواجب ترتبط بروح المجموع". فالأخلاق الوضعية حسي كونت تقوم على " تقديم الاجتماعي على الفردي" أي على انتصار الإنسانية ودمج الفرد في المجتمع. فلا شيء أكثر غرابة على فكر كونت من الحقوق الفردية، و يقول بهذا الصدد "إن الوضعية لا تقر حقا آخر غير حق القيام بالواجب ولا تقر واجبا غير واجبات الكل تجاه الكل، لأنها تنطلق دائما من وجهة نظر اجتماعية ولا يمكن لها أن تقبل بمفهوم الحق الفردي. فكل حق فردي هو عبثي بقدر ما هو غير أخلاقي"
**كما يقترن مفهوم الواجب بالتضحية و الإيثار أي تفضيل الغير على النفس و هي قيم أخلاقية سامية و فاضلة فالواجب يفرضه الضمير و ليس المصلحة و الحق على عكس ذلك يرتبط بمبدأ الذاتية و الأنانية و حب النفس و تفضيلها علة الغير فالعدالة ذات طابع موضوعي بعيد عن ميول الأفراد و رغباتهم لهذا يعتبر مفهوم الواجب أوسع من مفهوم الحق من الناحية الأخلاقية فالقرض مثلا واجب إنساني و أخلاقي و لكن ليس من حق المقترض إجبار و إلزام المقرض على ذلك ونفس الأمر ينطبق مع صفة الكرم فالواجب هو فقط من يفرضها فقد ضحى حاتم الطائي بفرسه حتى يطعم امرأة و أفالها اشتكت له من الجوع رغم أنع كاد اشد منها جوعا هو و زوجته و أطفاله و لم يكن يملك شيئا غير فرسه التي لم يكن يجود بها أبدا لعزتها على نفسه لكن الواجب الأخلاقي جعله يضحي بها و لم يذق من لحمها شيئا.
النقد: صحيح أن أداء الواجب أمر ضروري للحصول على بعض الحقوق لكن الطرح الذي قدمته كل من الفلسفة الكانطية والفلسفة الوضعية يهدم العدالة من أساسها، كونه يبترها من مقوم أساسي تقوم عليه؛ ألا وهو الحق، فكيف يمكن واقعيا تقبل عدالة تغيب فيها حقوق الناس؟ كما أن تاريخ التشريعات الوضعية التي يدافع عنها كونت تبطل ما ذهب إليه، فلا يوجد قانون وضعي يفرض الواجبات على الأفراد دون أن يقر لهم حقوقا، بالتالي تصير العدالة ناقصة تسيء الى الحياة الاجتماعية و توازنها وهذا ما يؤدي الى حصول التذمر و قد تحدث ثورات و اضطرابات من أجل الحصول على الحقوق فالواجب قد يصير ذريعة لتبرير الظلم و الاستغلال و ما حدث في الجزائر في ثورة الزيت و السكر لخير مثال
التركيب: مما تقد يمكننا القول أن هناك تكاملا بين الحقوق و الواجبات فإذا كان لفرد ما حق، فعلى الآخر واجب إشباع هذا الحق، فحق الفرد في استخدام ملكيته يتضمن واجب جيرانه في عدم التعدي على تلك الملكية، وإذا كان للفرد حق، فمن واجبه استخدام هذا الحق في الصالح العام لمجتمعه بما يكفل للفرد كرامته وللمجتمع انسجامه. إن هذا التناسب بين الحقوق والواجبات هو الذي يحقق العدل، لأن أي طغيان لطرف على حساب آخر؛ ينتج الظلم والجور والاستغلال، وهذا التكافؤ بين الحقوق والواجبات هو العدل بعينه، وما العدل في حقيقته إلا تعادل وفي تعادل لا سبق لأحد الطرفين ولا قيمة لهذا السبق، ومن ثم الحق يكمله الواجب ليحدث ذلك التوازن و التعادل.
الرأي الشخصي: مساهمة مني في حل المشكلة أرى أن تقديم الحقوق الأساسية كحق الحياة و الحرية و الأمن أولى من الواجبات لان الاعتداء على حق الحياة مثلا في معظم التشريعات السماوية يستوجب أشد العقوبات فالإسلام يحرم قتل النفس في قوله تعالى: « و لا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق » و يجازي الله القاتل المتعمد بدون عذر الدفاع عن نفسه أو عرضه أو دينه بأشد العقوبات في قوله تعالى : « و من قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها »
حل المشكلة: ومن هذا التحليل يمكن القول أن مشكلة أولوية الحق أو الواجب ليست مشكلة حقيقية ولا واقعية، لأن العدالة لا تتحقق إلا بهما ومن خلالهما دون رجحان أحدهما على الآخر. ولأن الحق هو عينه واجب والواجب هو الوجه الآخر للحق فإن حق الحياة – الذي هو حق طبيعي – هو في الوقت ذاته واجب الحفاظ على هذه الحياة في شخصك و في شخص الآخرين، وهذه الوحدة بين الحق والواجب وحدها تساعدنا على فهم حكم المنتحر في الإسلام، ولماذا شدد عليه الشرع واعتبر المنتحر في النار. لكن يمكننا القول من الناحية المنطقية أن العدالة تتمثل في ترتيب الحقوق الطبيعية الأساسية و تقديمها على الواجب و من الناحية العملية الواقعية على الفرد أن يقوم بواجباته مقابل حقوق ينالها بدل الاكتفاء بطلب الحق و إهمال الواجب يقول جون ديوي و هو فيلسوف أمريكي براغماتي : « تعد مشكلة الحقوق و الواجبات و القانون و هي مشكلة طال فيها الجدل و كثر النقاش تعبيرا اخر عن الصراع بين الفرد و الجماعة »


برنامج مادة الفلسفة شعبة آداب والفلسفة
الاحساس والادراك
اللغة والفكر
الشعور واللا شعور
الذاكرة والخيال
العادة والارادة

الاشكالية الثانية
الاخلاق
حقوق والوجبات العلاقات الاسرية والنظم الاقتصادية

الاشكالية الثالثة
حقيقة العلمية والفلسفية المطلقة
الريضيات




هذا لي راني متوقف عندو وبتوفيق اختي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ryma rourou
سلام نور اذا ممكن تعطيلي مقالة على الحق و الواجب و شكرااااااااااااا



طرح الاشكال

تحقيق العدالة الاجتماعية لا يكون إلا وفق مراعاة بالقانون الذي يحدد لنا طبيعة الحقوق والواجبات التي تؤهل الإنسان بأدواره الاجتماعية وقد اهتمت بعض النظريات بالعلاقة بين الحق والواجبات وقد اختلفت حول أسبقية الحق أو الواجب؟ فأيهما اسبق الحق أم الواجب؟
محاولة حل المشكل :
الطرح الأول: يرى بعض المفكرين وهم أنصار المنفعة أن تطبيق العدالة لا يكون إلا بتقديم الحقوق والمكاسب الإنسانية لكل فرد على الواجبات التي يلتزمون بها ذلك أن أصل الحقوق هي حقوق طبيعية مرتبطة بوجود الإنسان ولا يمكن استغناء عنها فالإنسان يكتسب حقوقه كمعطيات طبيعية أولا ثم بعد ذلك يفكر في


الواجبات والتزامات الحياة ومن هنا كان الحق اسبق على الواجب لان القوانين الطبيعية تسبق القوانين الوضعية.
النقد: لكن تأسيس العدالة على الحقوق أولا وتغافل عن الواجبات أو تأخيرها يؤدي بالضرورة إلى إخلال بتوازن المجتمع وتفكك العلاقات فنفتح المجال لنزوات والميول والغريزة.
الطرح الثاني : يرى البعض الآخر من المفكرين أن الواجب اسبق على الحق فالواجب هو معيار العدالة ومطلب عقلي واجتماعي وضرورة واقعية تتجاوز منطق المنفعة والذاتية إلى مستوى الالتزام بالقانون وذلك معيار التمدن والتحضر قبل المطالبة بالحقوق كالجندي الذي بدافع الواجب يقدم حياته فداء لامته دون النظر إلى فقدان حقه في الحياة فإتقان العمل واجب دون انتظار الشكر أو ما عبر عنه كانط بالواجب الأخلاقي المطلق المنزه عن كل منفعة .
النقد:
إن بناء العدالة على الواجبات يجعل منها عدالة ناقصة وحجة لتبرير الظلم والاستغلال انطلاقا من إجبارية الواجب مما يقيد الحرية الفردية.
حل المشكلة:
ولهذا كان أساس العدالة مثالي في واقع الحياة الاجتماعية هو العمل على إقرار تعادل والتكامل وتناسق بين الحقوق والواجبات




هذه مقالة مختصرة وبتوفيق مع تحياتي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بريق النور
وعليكم السلام اختي ريمة منكذبش عليك هاذي المقالة جامي حفظتها ولا عرفت وش فيها باسكو تجيني ثقيلة منفهمهاش مي مقدرتش نرجعك بحثت على مقالات الاساتذة في النت ولقيت هاذي ان شاء الله تستفادي منها ادعيلي بالتوفيق والنجاح وربي يوفقك نتي وتفرحينا ان شاء الله
هل الحق اسبق من الواجب في تحقيق العدل ??
طرح المشكلة: يعتبر العدل من أهم الفضائل و القيم الأخلاقية التي اهتم بها الفلاسفة و رجال القانون و الدين و هو يعني لغويا الاستقامة و المساواة و نقيضه الظلم و الجور و قد عرفه الجرجاني بقوله : « العدل هو الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط و التفريط » أي العدل فضيلة بين رذيلتين أما تطبيقه على أرض الواقع فقد ارتبط دائما بالواجبات و الحقوق التي يحددها القانون فقد جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام وعيادة المريض وإتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس"، ولفظ الحق في الحديث ورد بمعنى الواجب، وذلك لما بين الحق والواجب من ترابط. وقد اعتقد بعض الفلاسفة بسبب هذا الترابط أن أداء الواجبات هو شرط لنيل الحقوق، وبالتالي يكون الواجب أسبق من الحق وأولى منه. وتحديد هذه الأطروحة يتعارض مع الأطروحة التي يقترحها الموضوع للمناقشة والتي تقول: "قبل أن نطالب الناس بواجباتهم علينا أن نمكنهم قبل كل شيء من حقوقهم"، مما يلزم عنه أن الحق أولى من الواجب وأسبق منه، وهذه المشكلة تدفعنا إلى التساؤل التالي: هل إعطاء الحقوق أولى وأسبق من أداء الواجب، أم العكس؟
محاولة حل المشكلة:
عرض الأطروحة:يرى فلاسفة القانون الطبيعي أن العدالة الحقيقية تقتضي أن الحق أسبق من الواجب وهو الذي يؤسسه، فقبل أن نطالب الناس بواجباتهم علينا أن نمكنهم قبل كل شيء من حقوقهم فلاحق معطى طبيعي ملازم للوجود الإنساني وهو سابق للقوانين المدنية التي تعبر عن الواجبات وأهم هؤلاء نجد الفيلسوف اليوناني سقراط الذي عرف العدل بقوله : « العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه » و أيضا الفيلسوف الانجليزي جون لوك والألماني فولف (1679-1754) Wolff.
الحجة: وما يؤكد ذلك أن فلاسفة القانون الطبيعي على اختلافهم، يقرون بأن العدالة تقتضي أن تتقدم فيها الحقوق على الواجبات، فتاريخ حقوق الانسان مرتبط بالقانون الطبيعي الذي يجعل من الحقوق مقدمة للواجبات، كون الحق معطى طبيعي، يقول الفيلسوف الألماني وولف (1679-1754) في كتابه القانون الطبيعي): "كلما تكلمنا عن القانون الطبيعي لا نبغي مطلقا قانونا طبيعيا، بل بالأحرى الحق الذي يتمتع به الانسان بفضل ذلك القانون". أما ظهور الواجب فقد ارتبط بضرورة الحياة الجماعية داخل الدولة. فسلطة الدولة حسب فلاسفة القانون الطبيعي مقيدة بقواعد هذا الأخير، الأمر الذي يبرر أسبقية الحق على الواجب.
* أما الفيلسوف الانجليزي جون لوك (1632-1704) فيرى أنه لما كانت الحقوق الطبيعية ترتبط ارتباطا وثيقا بالقوانين الطبيعية، وكانت الواجبات ناتجة عن القوانين الوضعية، أمكن القول أن الحق سابق للواجب من منطلق أن القوانين الطبيعية سابقة للقوانين الوضعية. كون المجتمع الطبيعي سبق المجتمع السياسي، فإن الحقوق الطبيعية بمثابة حاجات بيولوجية يتوقف عليها الوجود الإنساني، كالحق في الحرية والحق في الحياة والحق في الملكية، ذلك أن جميع الواجبات ستسقط إذا ضاع حق الفرد في الحياة. يقول جون لوك: "لما كانت الحقوق الطبيعية حقوقا ملازمة للكينونة الإنسانية، فهي بحكم طبيعتها هذه سابقة لكل واجب".
**كما يعتبر الحق سابقا عن الواجب من منطلق أن الحقوق الطبيعية ملازمة للطبيعة البشرية و سابقة عن وجود الدولة و المجتمع فانضمام الفرد للجماعة و إنشاء العقد الاجتماعي لم يكن إلا لضمان الحقوق فالحق الطبيعي ليس له حدود، سوى حدود ذلك الشخص الذي يمارس ذلك الحق، لكن استمرار هذا الوضع و تشبت كل فرد بحقه الطبيعي سيؤدي إلى تعارض الحقوق والنهاية ستكون مأساوية، لهذا يرى سبينوزا أن العقل هو الذي يميزنا عن باقي الكائنات، هكذا فإن التعاقد السليم هو ذلك الذي ينبني على العقل والغاية من التعاقد هو الخروج من حالة العنف والقوة إلى حالة السلم والأمن والتعاقد بصفة عامة تحتم على الذات التخلي عن كبريائها وليحل ما هو أخلاقي محل ما هو غريزي،فحالة المجتمع أو حالة التمدن كما يسميها جون جاك روسو (1712-1778) تجعل الإنسان يضمن ما هو أعظم، وهي الحرية الأخلاقية وأعراف الجماعة وبالتالي يكون الانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة المدينة وهو انتقال من حق القوة إلى قوة الحق، أي من الاحتكام إلى القوة الطبيعية الفيزيائية إلى القوة القانونية التشريعية والأخلاقية، والقوة المشروعة في نظر روسو هي قوة الحق، لأن حالة التمدن التي يتحدث عنها تضمن للإنسان نفس الحقوق والواجبات، ومعها تنتهي الحقوق الإنسانية فيتم إقرار العدالة عن طريق عقد القوانين والاتفاقات
**و ما يؤكد ذلك الثورات العربية الحالية التي قامت للمطالبة بالحقوق الطبيعية و أهمها الحرية و أيضا المنظمات الدولية لحقوق الإنسان التي تعتبر الحق قضية مقدسة لا يجب المساس بها و يظهر ذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10-12-1948حيث تقول المادة 18: « لكل شخص الحق في حرية التفكير و الدين ...يولد جميع الناس أحرارا متساوين في الكرامة و الحقوق و عليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء بدون أي تمييز »
وقد جاء أيضا في المادة الثالثة من إعلان حقوق الانسان والمواطن الصادر عن الثورة الفرنسية عام 1789م والذي تأثر بفلاسفة القانون الطبيعي، "إن هدف كل جماعة سياسية هو المحافظة على حقوق الانسان الطبيعية التي لا يمكن أن تسقط عنه، هذه الحقوق هي الحرية والملكية والأمن، ومقاومة الاضطهاد".
**الواقع يثبت أن سبب الظلم و غياب العدل في كثير من الأحيان هو عدم المطالبة بالحق و على هذا الأساس فالساكت عن الحق شيطان اخرس و كذلك المتغافل عن حقه كمن لا حق لهمثال ذلك مطالبة العمال الذين تأخرت أجورهم بدفعها لأنها حق لهم و مطالبة سكان منطقة معينة بالسكن الاجتماعي أو مطالبة شباب منطقة ما بتوفير مناصب عمل لهم لأنه حقهم على الدولة إذ يقول فوولف : « كلما تكلمنا عن القانون الطبيعي لا نبغي مطلقا قانونا طبيعيا بل بالأحرى الحق الذي يتمتع به الإنسان بفضل ذلك القانون » و يقول جون لوك في نفس المعنى : « لما كانت السنة الطبيعية تهدف الى بقاء النوع البشري فكل تشريع بشري يتنافى معها باطل لاغ »
النقد:صحيح أنه من الناحية المنطقية لا بد للفرد من التمتع بحقوقه الضرورية حتى يستطيع أداء واجباته لكن أنصار هذا الاتجاه اهتموا بالحقوق و قدسوها و أهملوا الواجبات إن فلاسفة القانون الطبيعي وحتى المنظمات الدولية لحقوق الإنسان أقروا الحقوق وقدسوها من جهة، وفي المقابل تجاهلوا الواجبات من جهة أخرى و ذلك يؤدي إلى الإخلال بتوازن الحياة الاجتماعية بالتالي غياب العدالة لان طغيان الحقوق على الواجبات في مجتمع ما يؤدي إلى احتدام الصراع و تضارب المصالح فينعكس ذلك سلبا على وظائف الدولة السياسية و الاقتصادية. إن أهواء الناس و ميولاتهم المتناقضة والمتضاربة من شأنها أن تؤدي بالمجتمع الإنساني إلى العودة إلى حالة الفوضى التي كانت سائدة في حالة الطبيعة، إن الحق يقتضي حسب هوبز وضع حد لحالة كانت سائدة في حالة « حرب الكل ضد الكل »كما أن إقرار هؤلاء الفلاسفة حقوقا مقدسة للفرد أهمها أحقيته في الملكية؛ يجعلهم يدافعون بقصد أو بغير قصد عن حقوق الأقوياء بدل حقوق الضعفاء، على اعتبار أن الملكية غير متيسرة للجميع؛ بقدر ما تكون حكرا على الطبقة الحاكمة و الغنية، لأن طغيان الحقوق على الواجبات في مجتمع ما يؤدي إلى تناقضات واضطرابات وثورات.
عرض نقيض الأطروحة: وخلافا لما سبق، يرى بعض الفلاسفة وعلى رأسهم الألماني كانط (1724 - 1804)، والوضعيون وعلى رأسهم الفيلسوف الاجتماعي الفرنسي أوغست كونت (1798-1857)، أن للواجب أسبقية منطقية وأفضلية أخلاقية على الحق، وأنه من الضروري أن يبدأ الناس بأداء واجباتهم كي يحق لهم المطالبة بحقوقهم، فالواجب مقتضى عقلي و ضرورة واقعية تتجاوز منطق الذاتية و المصالح الضيقة
الحجة: إن الفلسفة العقلية بزعامة كانط تضع الواجبات في المقام الأول ولا تعير اهتماما للحقوق، لأن فكرة الواجب لذاته (بالمعنى الذي يحدده كانط)، يبرر أسبقية الواجبات على الحقوق، فالواجب أمر مطلق منزه عن كل غرض مادي بل هو غاية و ليس وسيلة لنيل مصلحة فالواجب يستند على سلطة الضمير و أحكام العقل الثابتة بالتالي تكون العدالة منزهة عن كل غرض ذاتي حيث يقول : « الواجب هو ضرورة القيام بفعل ما احتراما للقانون » فعندما أعين ضعيفا أو أساعد عاجزا على اجتياز الطريق؛ أرى أن ذلك من واجبي لكنني لا أشعر أن ذلك حق له علي، كما أنني لا أنتظر مقابلا من هذا العمل، مما يعني أنه واجب منزه عن كل حق ومصلحة شخصية.
**أما بالنسبة إلى أوغست كونت وتماشيا مع نزعته الوضعية التي تتنكر لكل ميتافيزيقا، فيرى أنه لو أدى كل فرد واجبه لنال الجميع حقوقهم، لأن حق الفرد هو نتيجة لواجبات الآخرين نحوه، لان قيام الجميع بواجباتهم يؤدي الى رضاهم و تلبية حقوقهم حيث يقول : « ينبغي أن نحذف مصطلح الحق من القاموس و نبقي على الواجب » وهذا يعني أن تحديد الواجب سابق لإقرار الحق مثال ذلك أن أداء الأستاذ لواجبه التعليمي و أداء التلميذ لواجبه الدراسي و الأخلاقي يجعلهما يحققان توازنا و عدلا في الوسط التربوي .إذ ليس للفرد له أي حق بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة، لأن مجرد مطالبة الفرد بحق؛ فكرة منافية للأخلاق، لأنها تفترض مبدأ الفردية المطلق، والأخلاق في حقيقتها ذات طابع اجتماعي. يقول أوغست كونت: "إن مراعاة الواجب ترتبط بروح المجموع". فالأخلاق الوضعية حسي كونت تقوم على " تقديم الاجتماعي على الفردي" أي على انتصار الإنسانية ودمج الفرد في المجتمع. فلا شيء أكثر غرابة على فكر كونت من الحقوق الفردية، و يقول بهذا الصدد "إن الوضعية لا تقر حقا آخر غير حق القيام بالواجب ولا تقر واجبا غير واجبات الكل تجاه الكل، لأنها تنطلق دائما من وجهة نظر اجتماعية ولا يمكن لها أن تقبل بمفهوم الحق الفردي. فكل حق فردي هو عبثي بقدر ما هو غير أخلاقي"
**كما يقترن مفهوم الواجب بالتضحية و الإيثار أي تفضيل الغير على النفس و هي قيم أخلاقية سامية و فاضلة فالواجب يفرضه الضمير و ليس المصلحة و الحق على عكس ذلك يرتبط بمبدأ الذاتية و الأنانية و حب النفس و تفضيلها علة الغير فالعدالة ذات طابع موضوعي بعيد عن ميول الأفراد و رغباتهم لهذا يعتبر مفهوم الواجب أوسع من مفهوم الحق من الناحية الأخلاقية فالقرض مثلا واجب إنساني و أخلاقي و لكن ليس من حق المقترض إجبار و إلزام المقرض على ذلك ونفس الأمر ينطبق مع صفة الكرم فالواجب هو فقط من يفرضها فقد ضحى حاتم الطائي بفرسه حتى يطعم امرأة و أفالها اشتكت له من الجوع رغم أنع كاد اشد منها جوعا هو و زوجته و أطفاله و لم يكن يملك شيئا غير فرسه التي لم يكن يجود بها أبدا لعزتها على نفسه لكن الواجب الأخلاقي جعله يضحي بها و لم يذق من لحمها شيئا.
النقد: صحيح أن أداء الواجب أمر ضروري للحصول على بعض الحقوق لكن الطرح الذي قدمته كل من الفلسفة الكانطية والفلسفة الوضعية يهدم العدالة من أساسها، كونه يبترها من مقوم أساسي تقوم عليه؛ ألا وهو الحق، فكيف يمكن واقعيا تقبل عدالة تغيب فيها حقوق الناس؟ كما أن تاريخ التشريعات الوضعية التي يدافع عنها كونت تبطل ما ذهب إليه، فلا يوجد قانون وضعي يفرض الواجبات على الأفراد دون أن يقر لهم حقوقا، بالتالي تصير العدالة ناقصة تسيء الى الحياة الاجتماعية و توازنها وهذا ما يؤدي الى حصول التذمر و قد تحدث ثورات و اضطرابات من أجل الحصول على الحقوق فالواجب قد يصير ذريعة لتبرير الظلم و الاستغلال و ما حدث في الجزائر في ثورة الزيت و السكر لخير مثال
التركيب: مما تقد يمكننا القول أن هناك تكاملا بين الحقوق و الواجبات فإذا كان لفرد ما حق، فعلى الآخر واجب إشباع هذا الحق، فحق الفرد في استخدام ملكيته يتضمن واجب جيرانه في عدم التعدي على تلك الملكية، وإذا كان للفرد حق، فمن واجبه استخدام هذا الحق في الصالح العام لمجتمعه بما يكفل للفرد كرامته وللمجتمع انسجامه. إن هذا التناسب بين الحقوق والواجبات هو الذي يحقق العدل، لأن أي طغيان لطرف على حساب آخر؛ ينتج الظلم والجور والاستغلال، وهذا التكافؤ بين الحقوق والواجبات هو العدل بعينه، وما العدل في حقيقته إلا تعادل وفي تعادل لا سبق لأحد الطرفين ولا قيمة لهذا السبق، ومن ثم الحق يكمله الواجب ليحدث ذلك التوازن و التعادل.
الرأي الشخصي: مساهمة مني في حل المشكلة أرى أن تقديم الحقوق الأساسية كحق الحياة و الحرية و الأمن أولى من الواجبات لان الاعتداء على حق الحياة مثلا في معظم التشريعات السماوية يستوجب أشد العقوبات فالإسلام يحرم قتل النفس في قوله تعالى: « و لا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق » و يجازي الله القاتل المتعمد بدون عذر الدفاع عن نفسه أو عرضه أو دينه بأشد العقوبات في قوله تعالى : « و من قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها »
حل المشكلة: ومن هذا التحليل يمكن القول أن مشكلة أولوية الحق أو الواجب ليست مشكلة حقيقية ولا واقعية، لأن العدالة لا تتحقق إلا بهما ومن خلالهما دون رجحان أحدهما على الآخر. ولأن الحق هو عينه واجب والواجب هو الوجه الآخر للحق فإن حق الحياة – الذي هو حق طبيعي – هو في الوقت ذاته واجب الحفاظ على هذه الحياة في شخصك و في شخص الآخرين، وهذه الوحدة بين الحق والواجب وحدها تساعدنا على فهم حكم المنتحر في الإسلام، ولماذا شدد عليه الشرع واعتبر المنتحر في النار. لكن يمكننا القول من الناحية المنطقية أن العدالة تتمثل في ترتيب الحقوق الطبيعية الأساسية و تقديمها على الواجب و من الناحية العملية الواقعية على الفرد أن يقوم بواجباته مقابل حقوق ينالها بدل الاكتفاء بطلب الحق و إهمال الواجب يقول جون ديوي و هو فيلسوف أمريكي براغماتي : « تعد مشكلة الحقوق و الواجبات و القانون و هي مشكلة طال فيها الجدل و كثر النقاش تعبيرا اخر عن الصراع بين الفرد و الجماعة »

ان شاء الله اختي نديوه في زوج و بارك الله فيك و انا تان مانيش فاهمتها مي كي شوفتها مقترحة قولت خلي انشوفها و نحاول نفهمها : rolleyes:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة silent_cry
طرح الاشكال

تحقيق العدالة الاجتماعية لا يكون إلا وفق مراعاة بالقانون الذي يحدد لنا طبيعة الحقوق والواجبات التي تؤهل الإنسان بأدواره الاجتماعية وقد اهتمت بعض النظريات بالعلاقة بين الحق والواجبات وقد اختلفت حول أسبقية الحق أو الواجب؟ فأيهما اسبق الحق أم الواجب؟
محاولة حل المشكل :
الطرح الأول: يرى بعض المفكرين وهم أنصار المنفعة أن تطبيق العدالة لا يكون إلا بتقديم الحقوق والمكاسب الإنسانية لكل فرد على الواجبات التي يلتزمون بها ذلك أن أصل الحقوق هي حقوق طبيعية مرتبطة بوجود الإنسان ولا يمكن استغناء عنها فالإنسان يكتسب حقوقه كمعطيات طبيعية أولا ثم بعد ذلك يفكر في


الواجبات والتزامات الحياة ومن هنا كان الحق اسبق على الواجب لان القوانين الطبيعية تسبق القوانين الوضعية.
النقد: لكن تأسيس العدالة على الحقوق أولا وتغافل عن الواجبات أو تأخيرها يؤدي بالضرورة إلى إخلال بتوازن المجتمع وتفكك العلاقات فنفتح المجال لنزوات والميول والغريزة.
الطرح الثاني : يرى البعض الآخر من المفكرين أن الواجب اسبق على الحق فالواجب هو معيار العدالة ومطلب عقلي واجتماعي وضرورة واقعية تتجاوز منطق المنفعة والذاتية إلى مستوى الالتزام بالقانون وذلك معيار التمدن والتحضر قبل المطالبة بالحقوق كالجندي الذي بدافع الواجب يقدم حياته فداء لامته دون النظر إلى فقدان حقه في الحياة فإتقان العمل واجب دون انتظار الشكر أو ما عبر عنه كانط بالواجب الأخلاقي المطلق المنزه عن كل منفعة .
النقد:
إن بناء العدالة على الواجبات يجعل منها عدالة ناقصة وحجة لتبرير الظلم والاستغلال انطلاقا من إجبارية الواجب مما يقيد الحرية الفردية.
حل المشكلة:
ولهذا كان أساس العدالة مثالي في واقع الحياة الاجتماعية هو العمل على إقرار تعادل والتكامل وتناسق بين الحقوق والواجبات




هذه مقالة مختصرة وبتوفيق مع تحياتي


شكراااااااااااااااااااااا لك و ربي يوفقنا كامل ان شاء الله

بارك الله فيك على الموضوع الرائع وبالتوفيق لللجميع وأتمنى النجاح للجميع

لن أقول شكرا
بل سأقول جزاكم الله خيرا


المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النقاء
لن أقول شكرا
بل سأقول جزاكم الله خيرا

العفوووووووو وش تحتاج نعاونك