عنوان الموضوع : ◄◄ بالصور : إحتياطي الجزائر من الغاز الصخري يصنف ضمن العشرة الأوائل في العالم - الجزائر 3 عالميا - خبر
مقدم من طرف منتديات العندليب
إحتياطي الجزائر من الغاز الصخري يصنف ضمن العشرة الأوائل في العالم
قال نائب رئيس المجمع الطاقوي النرويجي (ستات أويل) قدور عواد إن احتياطي الجزائر من الغاز الصخري يصنف ضمن العشرة الأوائل في العالم.
وأوضح عواد، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية أمس الثلاثاء/28 فبراير الحالي/، أن تصنيف الجزائر في قائمة البلدان العشرة الأكثر توفرا على احتياطات الغاز الصخري "يأتي نتيجة إجماع جل الهيئات الدولية المتخصصة في هذا المجال".
وأكد عواد أن "الجزائر تتوفر على أحواض معتبرة من الغاز الصخري ومتفرقة مما سيكون حافزا لإحداث نهضة صناعية واقتصادية مستقبلا بالاعتماد على هذه الموارد الغازية الجديدة".
وأشار عواد إلى "الإهتمام الكبير الذي توليه الهيئات ومكاتب الدراسات الدولية للإحتياطات العالمية للغاز الصخري على غرار مختلف الغازات الأخرى غير التقليدية".
واعتبر عواد أنه "ينبغي على الجزائر على غرار البلدان التي تزخر بهذا النوع من المخزون الطاقوي الكبير منح الوقت والتريث للتحكم في التكنولوجيات واكتساب الأدوات اللازمة حتى يتم تفادي مختلف المخاطر سواء على الصعيد الاقتصادي أو الإيكولوجي".
يذكر أن الجزائر تنتج 152 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي وتصدر 62 مليار متر مكعب سنويا.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
الجزائر مجبرة على استغلال الغاز الصخري
شدد الخبير الدولي ورئيس الاستراتيجيات والسياسات الطاقوية ومدير نشر مجلة بترول وغاز العرب، على ضرورة أن تحضّر الجزائر نفسها للتقلبات الجديدة على مستوى السوق الطاقوي وخاصة الاستغلال الواسع للغاز الصخري من قبل الولايات المتحدة التي ستتحول إلى دولة مصدرة بعد أن كانت مستوردة صافية، مشيرا إلى إمكانية أن تقوم البلدان المصدرة، منها الجزائر، بتنازلات في مجال تسويق الغاز. هل سيدفع بروز الغاز الصخري في الولايات المتحدة والصين بلدانا مثل الجزائر وحتى روسيا إلى الاستثمار أكثر أو تغيير استراتيجياتها؟ إن تطور الغاز غير التقليدي في الولايات المتحدة يمثل بلا شك تغيرا جوهريا، ليس فحسب بالنسبة للسوق في أمريكا الشمالية، بل السوق الدولي، فالولايات المتحدة ستتحول إلى دولة مصدرة خلال السنوات القادمة بعد أن كانت بلدا مستوردا صافيا. ونلاحظ أن بلدانا أخرى ترغب في تثمين الغاز غير التقليدي، منها أستراليا والصين والأرجنتين وبولونيا وبعض دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منها العربية السعودية والجزائر. صحيح أن تطوير هذه الطاقة سيستغرق وقتا ولا يمكن إسقاط التجربة الأمريكية على البلدان الأخرى، نظرا لظروف وخصوصيات كل بلد، لكن البلدان المنتجة والمصدرة للغاز مثل الجزائر وروسيا لا يمكن أن تخاطر بأن لا تحضّر نفسها للتغيرات التي بدأنا نشهدها ولاسيما تلك التي ستأتي لاحقا. لكن هل ستكون البلدان المصدرة أيضا ملزمة بأن تراعي الأسواق الحرة التي أضحت تفرض نفسها، وتقديم تنازلات على العقود طويلة الأجل أو مبدأ “خذ أو ادفع”؟ كل البلدان المصدرة بما في ذلك الجزائر، لا يمكنها أن تتجاهل السوق الحر أو “سبوت” مند عدة سنوات، لكنها بالمقابل تعتبر أنها لا يمكن أن تشكّل القاعدة الأساسية التي يتم، من خلالها، تحديد العقود الجديدة لمشاريع الغاز الكبيرة بتكاليف تقدر بملايير الدولارات. وعلى ضوء ذلك، فإن منتدى الدول المصدرة للغاز التي تضم الجزائر وروسيا، أعادت التأكيد مرارا على أن عقود شراء وبيع الغاز على المدى الطويل ببند “خد أو ادفع” أي إمكانية تسديد المبلغ حتى في حال عدم أخذ كل الكمية المتفق عليها، يجب أن تظل القاعدة الرئيسية في مجال التجارة الدولية للغاز وهذا لا يعني بالمقابل أنها ستظل قاعدة التجارة الدولية بمفردها وأنه لا مكان للمبادلات الحرة والعقود قصيرة الأجل التي تتعامل بها أغلبية الدول، بل إن المتوقع أن ترتفع مكانة وحصة هذه السوق دون أن يعني ذلك اختفاء وزوال العقود طويلة الأجل. هل معنى ذلك أن بلدانا مثل الجزائر ستقدم تنازلات بهذا الشأن؟ بعد التذكير بهذه المبادئ، يتعين التأكيد على أن الضرورة تقتضي التحلي بنوع من الليونة. وفي اعتقادنا أن العقود طويلة الأجل تظل هامة وضرورية وهناك هوامش لإدراج الكثير من الليونة، كما أعتقد أنه لا يتعين التشبث كثيرا بمبدأ ربط أسعار الغاز بالبترول وبالمواد البترولية، إذ يجب أحيانا القيام ببعض التنازلات للحفاظ على الأساس، فهناك حاجة لإرساء تفكير معمق حول آليات تحديد الأسعار واعتماد مبدأ المطابقة قياسا بالنفط وتجاوز أي أفكار مسبقة أو طابوهات، ويجب التكيف مع التطورات الحاصلة وتنوع السوق الغازي، وهذا لا يعني التخلي كليا عن قياس أسعار الغاز على البترول أو المواد البترولية، لكن أعتقد أنها لن تكون صالحة في كل وقت وفي كل مكان وينطبق الأمر على كل البلدان بما فيها الجزائر. فازت شركة “ايديسون” الإيطالية في دعواها ضد الجزائر وتحصلت على تعويضات وتعديل لأسعار الغاز، هل يمكن أن تصبح هذه القضية اجتهادا قضائيا تدفع شركات أخرى لمراجعة الأسعار وما هي الانعكاسات على الجزائر؟ حالة “ايديسون” هامة جدا، فهذه الشركة التي تعتبر فرعا لكهرباء فرنسا، تحصلت على حكم لصالحها في قضية التحكيم بتاريخ أفريل 2013 وكانت تخص العقد مع سوناطراك في الفترة الممتدة ما بين 2012 و2015، وقامت أيضا بإعادة التفاوض بنجاح مع الجزائر بالنسبة للعقود الممتدة ما بين 2012 و2015. واستطاعت “ايديسون” أن تنجح أيضا في القضايا التي رفعتها ضد مجموعة “راسغاز” بقطر، ورفعت دعاوى ضد “ايني” الإيطالية و”غازبروم” الروسية. ونظرا للنجاحات التي تحصلت عليها “ايديسون”، فإنه من غير المستبعد أن تقتفي شركات مستوردة عديدة أثر “ايديسون”، بعد أن فتحت هذه الأخيرة ثغرة، ويتوجب على المصدرين أن يستبقوا الأحداث من خلال اقتراح أو القبول بإعادة التفاوض وهو ما يتم حاليا. أما الانعكاسات، فإنها ستكون سلبية دون شك على المدى القصير بالنسبة للمنتجين ولكن لا خيار أمامهم. أما التداعيات السلبية على المدى القصير، فلا تعني أن هناك تداعيات كارثية، فهناك إمكانية لإحداث التوازن المرضي بالنسبة للطرفين في المديين المتوسط والبعيد. تواجه الجزائر مشكل تراجع احتياطاتها من الغاز وصادراتها أيضا نتيجة ارتفاع الطلب الداخلي، في وقت يتطلب استغلال الغاز الصخري وقتا، هل يمكن أن تعيش الجزائر وضعا مشابها للنموذج الهولندي؟ تراجع صادرات الغاز الجزائري في الوقت الراهن راجع إلى الوضع الاقتصادي الصعب لأهم سوق تتعامل معه الجزائر وهو أوروبا، ولاسيما الاتحاد الأوروبي. وعلى المديين المتوسط والبعيد، فإن الارتفاع الكبير للطلب الداخلي أو المحلي، يمثل دون شك تهديدا كبيرا على قدرات تصدير الغاز الجزائري. أمام تأخر اعتماد تعديلات قانون المحروقات وتراجع حجم الاكتشافات الجديدة، هل يمكن أن تخفض الجزائر صادراتها؟ وماذا عن المشاريع البتروكيميائية التي تستهلك كثيرا الغاز؟ أمام هذه المشاكل الكبيرة لا وجود لحلول سحرية، بل تقتضي الضرورة تكثيف الاستكشاف واستغلال الغاز غير التقليدي، فباطن الأرض الجزائرية لم يكشف عن كافة الإمكانات التي يحوزها، وعليه وجب تطوير بحذر الغازات غير التقليدية ولكن أيضا استغلال أمثل للطاقات المتجددة بالنسبة للجزائر لإنتاج الطاقة الكهربائية والتحكم أيضا في الطلب، من خلال تدابير اقتصاد الاستهلاك ومراجعة الأسعار في السوق الداخلي، كإحدى آليات ضبط والتحكم في الاستهلاك. ولا يجب أن يؤخذ كل إجراء على حدة لأنه سيصبح غير ذي جدوى، فالجزائر بحاجة إلى تلبية حاجياتها الوطنية المتزايدة مع البقاء كدولة مصدرة فاعلة في السوق الغازي الدولي.
https://portail.cder.dz/ar/spip.php?article1875
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
الغاز الصخري.. هل سيغير خريطة الطاقة العالمية؟ (1 من 2)
ازدادت أهمية إنتاج الغاز الصخري ليكون أحد المصادر المهمة للطاقة في العالم.
د.عبد الوهاب السعدون
يتزايد الاهتمام ومعه كثير من الأسئلة حول ما أصبح يطلق عليه ''الثورة'' التي تتشكل معطياتها بصورة جلية في الولايات المتحدة. فخلال عقد من الزمان تم الكشف عن مخزونات ضخمة من الغاز الصخري القابل للاستخراج تقنيا في أنحاء عدة من العالم، وبحلول عام 2005 تصاعدت وتيرة الحفر في الولايات المتحدة وبدأ على أثرها الإنتاج التجاري للغاز الصخري بمعدلات تتزايد بصورة مطردة منذ ذلك الحين.
وتترقب الأسواق العالمية من كثب هذه التطورات التي زادت من مستوى إمدادات الغاز وانعكست سلبا على أسعاره في السوق الأمريكية كما في الأسواق العالمية.
وصاحب هذه التطورات اكتشاف مخزونات متواضعة نسبيا من النفط الصخري.
ومثلما واجه الغاز الصخري في السابق تشكيكا في إمكانية وجدوى إنتاجه يواجه النفط الصخري اليوم تشكيكا في حجم مخزوناته وإمكانية استخراجها، لكن هذه المعطيات قد تتغير مستقبلا مثلما أصبح الغاز الصخري اليوم واقعا ملموسا.
وفي هذه المقالة سيتم التركيز على ''ثورة'' الغاز الصخري مع محاولة تقديم إجابات عن عدد من الأسئلة أبرزها: ما تداعيات تنامي إنتاج الغاز الصخري على أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق العالمية؟ وما أثر ذلك في تعزيز تنافسية منتجي البتروكيماويات في الولايات المتحدة؟ وهل سينتج عن هذا التطور تلاشي الميزة النسبية التي يملكها منتجو البتروكيماويات في المملكة ودول الخليج؟
ما الغاز الصخري؟
الغاز الصخري أو الحجري (ويعرف بالإنجليزية Shale Gas) هو غاز طبيعي يتولد داخل صخور السجيل ـــ التي تحتوي على النفط ـــ بفعل الحرارة والضغط ويبقى محبوسا داخل تجويفات تلك الصخور الصلدة التي لا تسمح بنفاذه.
وتتميز تكوينات صخور السجيل الموجودة في أعماق سحيقة تصل إلى نحو ألف متر تحت سطح الأرض باحتوائها على نسبة عالية من المواد العضوية الهيدروكربونية تراوح بين 0.5 و25 في المائة. وأسوة بالغاز الطبيعي التقليدي يكون الغاز الصخري كغاز جاف أو غني بسوائل الغاز ومنها الإيثان، اللقيم المفضل لصناعة البتروكيماويات.
ونظرا لكون الغاز الصخري ينشأ داخل الصخور ويبقى محبوسا داخل تجويفاتها يتم استخدام تقنية معقدة لاستخراجه؛ تتضمن المزاوجة بين الحفر أفقيا تحت الأرض مسافة قد تصل إلى ثلاثة كيلومترات من أجل الوصول إلى أكبر مساحة سطحية ملامسة للصخور وتكسير تلك الصخور هيدروليكياHydraulic Fracturing بواسطة خليط سائل مكون من مزيج الماء والرمل وبعض الكيماويات يضخ تحت ضغط عال جدا لتحرير الغاز من خلال تحطيم الصخور الحابسة للغاز أو إحداث شقوق خلال مساماتها. ويلزم لاستخراج الغاز الصخري حفر الآلاف من الآبار عموديا، فإذا عثر على الغاز في إحداها بدأ الحفر أفقيا في طبقة الصخور لاستخراج الغاز.
وتتسم حقول الغاز الصخري بسرعة تراجع معدلات إنتاجها خلال السنوات الأولى من بدء الإنتاج. ويحصل أعلى معدل تراجع بعد السنة الأولى ويصل إلى نحو 60 في المائة من أعلى مستوى للإنتاج، ثم يستمر في التراجع ليصل إلى أدنى مستوى له بعد سبع إلى تسع سنوات من بدء الإنتاج.
جدير بالإشارة أن مخزونات الغاز الصخري كانت معروفة منذ زمن طويل لكن تقنية استخراجها بتكلفة منخفضة بالدرجة الكافية لم تكن متاحة.
وبعد عقدين من البحوث التي بدأتها في منتصف الثمانينيات شركةMitchell Energy & Development Corp الأمريكية التي طورت تقنيات جديدة استخدمتها في حقل بارنيت في شمال ولاية تكساس، أسهمت في خفض تكلفة استخراجه ومهّدت السبيل للمباشرة في حفر آبار أخرى للغاز الصخري في ولايتي أركنساس ولويزيانا، ما دشن مرحلة جديدة أضحى فيها الغاز الصخري الثروة التي قد تؤدي إلى تغييرات مهمة في مسار تجارة الغاز الدولية في العقد المقبل.
تقديرات الاحتياطيات العالمية من الغاز الصخري
على الرغم من أن تقديرات الاحتياطيات المثبتة من الغاز الصخري تتغير بسرعة تبعا لاكتشافات جديدة تضاف دوريا إلى الأرقام المعلنة، إلا أن أحدث التقديرات المعلنة من قبل إدارة معلومات الطاقة الأمريكية مطلع الشهر الماضي، تشير إلى وجود مخزونات ضخمة من الغاز الصخري في 33 دولة قدرت بنحو 6,622 تريليون قدم مكعب.
ويوضح الشكل (1) أهم 12 دولة في مستوى مخزونات الغاز الصخري المكتشفة والقابلة للاستخراج تقنيا. والقراءة المتأنية لبيانات الشكل (1) توضح ما يلي:
1ـــ تقديرات مخزونات الغاز الصخري في 33 دولة ضخمة جدا مقارنة بالاحتياطيات العالمية للغاز، فهي تعادل تقريبا إجمالي الاحتياطيات العالمية المثبتة للغاز التي بلغت عام 2010 نحو 6,609 تريليون قدم مكعب. وتتقاسم أربع دول حصة الأسد من مخزونات الغاز الصخري بنسبة تزيد عن 53 في المائة من إجمالي المخزونات العالمية.
وهذه الدول هي الصين بمخزونات قدرها 1.215 تريليون قدم مكعب، والولايات المتحدة ورصيدها 862 تريليون قدم مكعب، والأرجنتين وفيها 774 تريليون قدم مكعب، والمكسيك بمخزونات 681 تريليون قدم مكعب. ونصيب الصين من مخزونات الغاز الصخري يعادل نحو 202 مليار برميل نفط مكافئ، ويعد الأعلى عالميا ويشكل 18 في المائة من إجمالي تقديرات المخزونات المكتشفة.
2 ـــ حجم المخزونات المكتشفة من الغاز الصخري تشكل قفزة كبيرة في احتياطيات الدول المشمولة بالمسح نسبة إلى احتياطيات الغاز المثبتة فيها، وتراوح بين 45 في المائة في حدها الأدنى في الجزائر و 692,757 في المائة في حدها الأعلى في جنوب إفريقيا.
والقفزة الأعلى لجهة حجم المخزونات كانت في الصين، حيث شكلت مخزونات الغاز الصخري أكثر من عشرة أضعاف الاحتياطيات المثبتة بزيادة بلغت 1,135 في المائة قياسا باحتياطيات الغاز المثبتة فيها، التي تبلغ 107 تريليونات قدم مكعب.
ومن المهم التنويه هنا بأن تقديرات المخزونات لا تعني بالضرورة الاحتياطيات المثبتة القابلة للاستخراج، بل تشمل كل الكميات التي تم تحديدها في المكامن، ونسبة كبيرة منها قد لا تكون مجدية للإنتاج، في حين أن الاحتياطيات المثبتة هي الكميات المجدية للإنتاج.
3 ـــ عديد من الدول التي تم اكتشاف مخزونات ضخمة من الغاز الصخري فيها لا تملك احتياطيات تذكر من الغاز الطبيعي التقليدي مثل فرنسا وبولندا والبرازيل وجنوب إفريقيا، وهي دول مستوردة للغاز بنسب تراوح بين 45 في المائة للبرازيل و98 في المائة لفرنسا من إجمالي استهلاكها المحلي.
4 ـــ باستثناء ليبيا والجزائر لا تشمل مخزونات الغاز الصخري المدرجة في الشكل (1) تقديرات مخزوناته في الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط وروسيا، التي من المتوقع أن تزيد من حجم المخزونات العالمية القابلة للاستخراج تقنيا بنسبة كبيرة.
هذه المعطيات تشير إلى إمكانية تحول عديد من الدول المستوردة للغاز إلى دول منتجة، وبعضها قد يصبح دولا مصدرة للغاز مستقبلا. ووفقا لتقرير حديث لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية Annual Energy Outlook 2011 فإن الغاز الصخري سيشكل بحلول عام 2035 نحو 62 في المائة من إجمالي إنتاج الصين من الغاز، ونحو 50 في المائة من إجمالي إنتاج أستراليا، و46 في المائة من إجمالي إنتاج الغاز في الولايات المتحدة.
بدايات إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة
في الوقت الذي تتراجع فيه الاحتياطيات المثبتة في الولايات المتحدة من كل من الغاز والنفط ''التقليدي'' مصحوبة بتراجع معدلات اكتشاف احتياطيات جديدة لكليهما، تتجه بوصلة اهتمام شركات النفط العالمية نحو المخزونات الضخمة من الغاز ''غير التقليدي'' الذي يشمل الغاز المنتج من الحقول البحرية والغاز الصخري.
ويترجم هذا الاهتمام استحواذ شركة إكسون موبيل في عام 2009 على شركة XTO Energy التي تعمل في قطاع استكشاف وإنتاج الغاز الصخري في صفقة بلغت قيمتها 41 مليار دولار.
وأسفرت حمى الغاز الصخري التي انطلقت شرارتها من الولايات المتحدة، التي يشبهها بعض المحللين بحمى الذهب في عام 1849 عن ارتفاع معدلات إنتاج الغاز الصخري، الأمر الذي أسفر عن نمو إمدادات الغاز في الولايات المتحدة بنسبة 20 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية.
ففي عام 1996 كان حجم إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة 0.3 تريليون قدم مكعب، مثلت نحو 1.6 في المائة من إجمالي الإنتاج الأمريكي للغاز، وارتفعت في عام 2000 إلى 0.39 تريليون قدم مكعب. وبحلول عام 2006 تضاعف الإنتاج ثلاث مرات فبلغ 1.1 تريليون قدم مكعب شكلت نحو 5.9 في المائة من إجمالي إنتاج الغاز في أمريكا.
وحصلت القفزة الأكبر في إنتاج الغاز الصخري خلال السنوات الخمس الماضية، حيث بلغ حجم إنتاج الغاز الصخري في عام 2010 نحو 4.87 تريليون قدم مكعب، شكلت ما نسبته 23 في المائة من إجمالي استهلاك السوق الأمريكية من الغاز الذي بلغ 22.8 تريليون قدم مكعب.
وتمتد مكامن الغاز الصخري في تكساس ولويزيانا وأركنسو ونيويورك، وأهم الحقول المنتجة بارنيت في شمال تكساس، وهاينزفيل في لويزيانا ومارسيلوز في بنسلفانيا.
وفي آذار (مارس) الماضي بلغ الإنتاج المشترك لحقلي بارنيت وهاينزفيل 10.75 مليار قدم مكعب يوميا.
مخزونات الغاز والنفط الصخري في الولايات المتحدة
كما أسلفنا فإن المخزونات المكتشفة من الغاز والنفط الصخري لا تعني بالضرورة الاحتياطيات المثبتة القابلة للاستخراج من كليهما.
وحسبما هو موضح في الشكل (2) يقدر حجم المخزونات من الغاز الصخري في الولايات المتحدة بنحو 862 تريليون قدم مكعب، القابل للاستخراج منها 60.6 تريليون قدم مكعب أو ما يشكل 6.9 في المائة فقط من تلك المخزونات! لكن هذه الكمية من الغاز الصخري تشكل نحو 25 في المائة من إجمالي احتياطيات الغاز المثبتة في الولايات المتحدة في نهاية 2010 البالغة 244.7 تريليون قدم مكعب.
وعند إضافة مخزونات الغاز الصخري القابلة للاستخراج يرتفع مستوى الاحتياطيات المثبتة في الولايات المتحدة إلى 305.3 تريليون قدم مكعب، وهو الأعلى منذ عام 1971. وباعتماد معدلات استهلاك عام 2010 ستغطي تلك الكميات استهلاك الولايات المتحدة إلى نحو 14 عاما. الأمر نفسه ينطبق على النفط الصخري الذي تم اكتشاف كميات ضخمة منه في الولايات المتحدة قدرت بنحو 169 مليار برميل، القابل منها للاستخراج تقنيا يقدر بنحو أربعة مليارات برميل أو ما يشكل 2.3 في المائة فقط.
وهذه الكمية متواضعة قياسا بمعدل استهلاك الولايات المتحدة السنوي الذي يبلغ نحو 7.5 مليار برميل، ما يجعل المخزونات القابلة للاستخراج من النفط الصخري تشكل أقل من نصف معدل الاستهلاك السنوي الحالي الأمريكي أو ما يعادل الاستهلاك العالمي لسبعة أسابيع فقط!
هل تصبح الولايات المتحدة دولة مصدرة للغاز المسال؟
من المتوقع أن يغير الإنتاج المتزايد من الغاز الصخري في السوق الأمريكية ميزان العرض والطلب في أسواق الغاز الطبيعي. فخلال عام 2009 كانت كمية الغاز المستورد من قبل الولايات المتحدة نحو 1.8 مليار قدم مكعب تشكل نحو 8 في المائة من إجمالي الاستهلاك الأمريكي انخفضت في نهاية العام الماضي إلى نحو 400 مليون قدم مكعب.
وفي هذا السياق تطرح وفرة إمدادات الغاز الصخري سيناريو تتحول فيه الولايات المتحدة إلى دولة مصدرة للغاز. وهذا السيناريو قد يتبلور في حالة نجاح الولايات المتحدة في تطوير مصادر الغاز الصخري بصورة سريعة وبقدرات تفوق استيعاب السوق الأمريكية.
لكن العوائق التي تحول دون ذلك كثيرة، منها أن وحدات تسييل الغاز تتطلب استثمارات ضخمة ولا يتم الشروع فيها إلا بعد الحصول على عقود توريد لمدد طويلة نسبيا من قبل المستهلكين، كما أن المصدرين من الولايات المتحدة سيواجهون منافسة حادة في الأسواق العالمية من قبل منتجين ذوي تكاليف تشغيلية منخفضة في مناطق مثل قطر، حيث تكون تكاليف الفرصة opportunity costs سالبة أحيانا لأن الأرباح المغرية تكمن في إنتاج البئر من سوائل الغاز.
وعلى العموم تكون التكاليف الاستثمارية لتطوير حقول الغاز عالية جدا وتختلف باختلاف موقع الإنتاج، وحجم المخزون، وبعده عن الأسواق.
وعلى هذا الأساس يصبح الاحتمال الأرجح هو تحول الولايات المتحدة إلى مصدر لتقنيات إنتاج الغاز المسال أكثر من احتمال تحولها إلى لاعب رئيس في قائمة المصدرين للغاز المسال.
ومع ذلك لا يمكن استبعاد تحقيق ذلك في المدى المتوسط، خصوصا مع وفرة شبكات نقل وتوزيع الغاز في الولايات المتحدة التي ستتيح إمكانية نقله إلى خليج المكسيك ومن ثم تصديره كغاز مسال إلى أوروبا تحديدا.
ويبقى الاحتمال الأرجح هو عودة الحياة إلى صناعة البتروكيماويات في الولايات المتحدة بسبب وفرة الغاز الصخري، وهذا ما سنتطرق إليه بشيء من التفصيل لاحقا في هذه المقالة.
التحديات المرتبطة بإنتاج الغاز الصخري
لا تخلو عمليات استخراج الغاز الصخري من تحديات أبرزها الآثار البيئية المرتبطة بإنتاجه. فعمليات تكسير صخور السجيل تتطلب كميات كبيرة من المياه، الأمر الذي قد يخل بالتوازن البيئي في بعض مناطق الحفر.
الأمر الآخر مرتبط باستخدام الكيماويات في المياه التي يتم ضخها لتكسير الصخور، ما قد ينجم عنه فرص لتسرب تلك الكيماويات وتلويثها للتربة ومصادر المياه الجوفية.
يضاف إلى ذلك أن استخدام المياه الممزوجة بالكيماويات في عمليات الحفر ينتج عنه مياه صرف صناعي ملوثة بكيماويات مذابة فيها، ما يجعل تلك المياه غير قابلة لإعادة تدويرها مرة أخرى قبل معالجتها، الأمر الذي يترتب عليه ارتفاع في فاتورة التكاليف.
وتبنت منظمات حماية البيئة مواقف متشددة من تطوير حقول الغاز الصخري في عدد من الولايات. وكشف عدد من الأوساط الأكاديمية والعلمية عن مستويات تلويث عالية في المياه الجوفية، إضافة إلى وجود مادة البنزول (وهي من المواد المسرطنة) بالقرب من آبار استخراجه.
وارتفعت من جراء ذلك الدعوات مطالبة السلطات التشريعية في الولايات المتحدة بإصدار قوانين تلزم الشركات النفطية بالإفصاح عن المواد الكيماوية المستخدمة في عمليات الحفر بما يساعد فرق الإنقاذ على التعامل معها في حالات الطوارئ، وهذا الأمر تتحفظ عليه الشركات كونه يتضمن الكشف عن أسرار تقنية.
في المقابل تدافع الشركات المطورة لحقول الغاز الصخري بقوة عن مواءمة عمليات الإنتاج مع متطلبات السلامة وحماية البيئة، مشيرة إلى المغالاة في تصوير تلك المخاطر ومفندة تلك الطروحات، لكنها تقر في الوقت ذاته بإمكانية حدوث تلوث للمياه إذا تم التخلص من سوائل الحفر بطرق غير سليمة.
ونتيجة لتلك الضغوط تحول بعض المنتجين فعلاً إلى استخدام سوائل حفر غير سامة تفاديا للتشريعات المحتملة أو القيود التي قد تفرض مستقبلا عليهم من قبل السلطات الأمريكية.
وعلى الرغم من أن مزيدا من التشريعات والقيود سيزيد التكاليف على الشركات المنتجة، إلا أن ضخامة مخزونات الغاز الصخري ترجح أن يكون بوسع المنتجين تحمل ذلك.
وسنتناول في الجزء التالي من هذه المقالة التداعيات المرتبطة بإنتاج الغاز الصخري على الأسواق الأمريكية والعالمية مع التركيز على صناعة البتروكيماويات.
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
د.عبد الوهاب السعدون
في الجزء الأول من هذه المقالة تناولنا التحولات الجذرية في صناعة الغاز العالمية المتمثلة بثورة الغاز الصخري، وضخامة الأرقام التي يتم تداولها عن مخزونات الغاز الصخري ترجح أنه سيغير قواعد اللعبة في صناعة الغاز العالمية وستكون له تداعيات على الصناعات المرتبطة بالغاز وفي مقدمتها صناعة البتروكيماويات.
وسنناقش في هذا الجزء بشيء من التفصيل أبعاد ظاهرة الغاز الصخري عالميا ومحليا.
يشكل الغاز منافساً قوياً للنفط مستقبلاً ربما استخدم كوقود للسيارات.
تداعيات ظاهرة الغاز الصخري
تطور صناعة الغاز الصخري في الولايات المتحدة خلال العقد الماضي والتغييرات الهيكلية المتوقعة في أسواق الطاقة تبرز إلى الواجهة جملة من التداعيات المحتملة لعل أبرزها: أولا: تباطؤ التحول نحو الطاقة المتجددة
مع بدء إنتاج الغاز الصخري في عدد من الدول سيصبح من العسير على حكوماتها المضي بتبني برامج تطوير الطاقة المتجددة الباهظة التكاليف والتي لا تستطيع المنافسة إلا من خلال دعم مالي مكثف تقدمه الحكومات في وقت يتوافر فيه وقود محلي نظيف بسعر منافس وبكميات تغطي الاستهلاك المحلي لعقود طويلة قادمة.
هذه المعطيات قد تحجم أو تبطئ توجهات الدول المنتجة للغاز الصخري لتطوير مصادر الطاقة المتجددة التي قد تأخذ مدى زمنيا أطول حتى تصبح جاهزة للمنافسة دون دعم عندما تتناقص إمدادات الغاز الصخري بعد عدة عقود. لكن ذلك لن ينسحب على توقف الدعم والإعانات الحكومية لبرامج البحث والتطوير الخاصة بالطاقة المتجددة في الدول الصناعية. وبالمثل فإن وفرة الغاز الصخري ستجعله الخيار المفضل لتوليد الكهرباء على حساب بناء المفاعلات النووية ذات التكاليف الاستثمارية العالية أو الفحم الحجري الأكثر تلويثا للبيئة من الغاز بنسبة 45 في المائة.
ثانيا: التداعيات الجيوسياسية
قبل ''ثورة'' الغاز الصخري كانت كل المؤشرات تدل على تنامي اعتماد الدول المستهلكة للغاز على تلبية احتياجاتها من الخارج في وقت تعاظمت فيه أهمية الغاز كمصدر للطاقة. وكانت المخاوف آنذاك تتركز حول كون معظم تلك الإمدادات تأتي من مناطق غير مستقرة أو معادية للغرب مثل روسيا وإيران وهما تسيطران على إمدادات الغاز وتملكان أكبر احتياطيات الغاز المعروفة في العالم.
وسبق لروسيا مطلع عام 2009 استخدام إمدادات الغاز لأوروبا كرافعة سياسية، حيث أدت الخلافات مع أوكرانيا إلى إيقاف صادراتها من الغاز تاركة مستهلكيه في كييف وأوروبا بلا وقود في شتاء قارص، وهو الأمر الذي أجبر أوكرانيا على التخلي عن الغرب والارتماء في أحضان موسكو. ولعل ما أسهم في تعزيز نفوذ روسيا كون أوروبا تحصل على 25 في المائة من إمداداتها من الغاز عبر خطوط أنابيب من روسيا مع اعتماد بعض المستهلكين عليها اعتماداً شبه كلي.
ومع اكتشاف الغاز الصخري في أوروبا وحتى قبل أن يبدأ الإنتاج تعززت القوة التفاوضية للمستهلكين ما اضطر مصدري الغاز إلى إبداء مرونة أكبر في الأسعار، حيث خفضت غازبروم الروسية أسعار الغاز لأوكرانيا وأوروبا مطلع 2011 بنسبة 30 في المائة، إضافة إلى ذلك ستذكي الإمدادات المحلية المتزايدة من الغاز الصخري المنافسة بين الدول المصدرة للغاز للحفاظ على حصصها في الأسواق العالمية ما يضع إسفينا في مساعي تلك الدول لتكوين منظمة لمصدري الغاز على غرار أوبك وهو هدف لم تخف روسيا رغبتها في تحقيقه لكنه أضحى غير قابل للتحقيق.
ويرجح دخول الغاز الصخري مرحلة الإنتاج التجاري في الولايات المتحدة بدوره إلى وضع استراتيجية أمن الطاقة التي ترفعها الإدارات الأمريكية المتعاقبة على الرف لانتفاء الحاجة إليها.
الأمر نفسه ينطبق على الصين حيث ستساعد الاحتياطيات المكتشفة فيها من الغاز الصخري والتي تقدر بنحو 30 تريليون متر مكعب على تقليص وارداتها من دول غير مستقرة مثل إيران والسودان وبورما وأنجولا.
وهذا يفسر الهدف الذي حددته الصين لشركاتها بإنتاج 30 بليون متر مكعب سنويا والتي تعادل نصف مستويات استهلاكها من الغاز في عام 2008.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى موافقة الرئيس أوباما في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 على تزويد الصين بتقنيات إنتاج الغاز الصخري وهي خطوة تعكس رغبة الولايات المتحدة في فك ارتباط الصين بتلك الدول!
ثالثا: التداعيات الاقتصادية
يشكل الغاز المسال في الوقت الحاضر نحو 30 في المائة من إجمالي مبيعات الغاز السنوية عالميا مرتفعا من 5 في المائة في تسعينيات القرن الماضي.
وخلال عامي 2009/2010 تمت إضافة 9 بليون متر مكعب إلى إجمالي الطاقة الإنتاجية العالمية للغاز المسال ما أدى إلى حصول فائض في العرض ضغط على أسعاره في الأسواق العالمية.
وقبل بدء إنتاج الغاز الصخري كان من المتوقع أن يشكل الغاز المسال نصف تجارة الغاز العالمية بحلول عام 2025 لكن التقديرات المعدلة اليوم ترجح ألا تبلغ تلك الحصة إلا الثلث غالباً.
وفي الولايات المتحدة، يستطيع المراقب أن يرى تأثير الغاز الصخري على صناعة الغاز المسال إذ إن موانئ استيراد الغاز المسال تكاد تكون خاوية، ومن المتوقع أن نشهد مستقبلا تراجع اعتماد الولايات المتحدة على الغاز المسال بحيث تنتفي الحاجة إليه بحلول عام 2015م. وفي هذا المناخ ستتوجه حمولات الغاز المسال من قطر وغيرها إلى مشترين أوروبيين، ما سيشكل فائضا في العرض ويضغط على أسعار الغاز المسال في السوق الفورية.
تاريخيا يبلغ مكرر سعر النفط إلى الغاز 9: 1 بمعنى أن سعر النفط يبلغ تسعة أضعاف سعر الغاز. ومع التوسع في إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة ارتفعت هذه النسبة لتبلغ نحو 17: 1 في عام 2009.
وواصلت الارتفاع خلال الربع الأول من العام الحالي لتبلغ نحو 24: 1 بسبب القفزة الكبيرة في أسعار النفط المصحوبة بانخفاض أسعار الغاز في الأسواق العالمية. بلغة الأرقام تراجعت أسعار الغاز من مستوى 11-12 دولار لمليون وحدة حرارية بريطانية قبل عام 2008 إلى 4-5 دولارات لمليون وحدة حرارية بريطانية في الربع الأول من عام 2011.
ولن يكون مستغربا انخفاض الأسعار في السوق الأمريكي إلى ما دون هذه المستويات بسبب الفائض في إمدادات الغاز والتطور التقني الذي ينعكس على تخفيض تكاليف الإنتاج مستقبلا. ومن المهم الإشارة إلى أن تكاليف إنتاج الغاز الصخري ستبقى أعلى نسبيا من تكاليف الغاز التقليدي ما يرجح أن الأولوية ستعطى للغاز التقليدي الأرخص تكلفة في البلدان التي تملك مزيجا من الاثنين.
هذه المعطيات ستحسن اقتصاديات الصناعات الكثيفة الاستخدام للطاقة ومن ضمنها صناعة البتروكيماويات الأمريكية وهو موضوعنا التالي.
ما أبعاد الغاز الصخري على صناعة البتروكيماويات؟
صناعة البتروكيماويات في الولايات المتحدة تعد من بين الأكبر عالميا لجهة الطاقات الإنتاجية التي شكلت في عام 2010 نحو 25 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي وكذا السوق الأمريكي الذي يستهلك نحو ثلث إجمالي الإنتاج العالمي من البتروكيماويات.
وعلى العكس من أوروبا وآسيا التي تعتمد على النفثا كمادة أولية لإنتاج البتروكيماويات الأساسية، تعتمد الصناعة الأمريكية بالدرجة الأساس على الغاز وسوائله (الإيثان، وغاز البترول المسال، والمكثفات).
وقبل ''ثورة'' الغاز الصخري كانت توقعات المحللين تجمع على أن حصة الولايات المتحدة من كعكة الإنتاج العالمي ستنكمش بحلول عام 2015 إلى نحو 20 في المائة وسيواكب ذلك تحولها من دولة مصدرة للبتروكيماويات ـ وتحديدا خامات البلاستيك ـ إلى دولة مستوردة لها.
وبنيت تلك التوقعات على تراجع تنافسية الصناعة الأمريكية إزاء مراكز الإنتاج الجديدة في منطقة الخليج والصين بسبب ارتفاع أسعار الغاز في السوق الأمريكي إضافة إلى تقادم وحدات الإنتاج التي تتطلب صيانتها تكاليف عالية. فعلى سبيل المثال 21 في المائة من وحدات إنتاج الأثيلين عمرها أكثر من 35 سنة وهي تمثل 33 في المائة من طاقات إنتاج الأثيلين في الولايات المتحدة.
ونتيجة لذلك إضافة إلى تراجع الطلب بسبب الأزمة المالية العالمية بلغ حجم طاقات الأثيلين التي تم إيقافها بنهاية عام 2009 نحو 1.6 مليون طن تشكل ما نسبته 5.5 في المائة من إجمالي طاقات إنتاج الأثيلين. لكن هذه الصورة تغيرت جذريا خلال السنوات القليلة الماضية مع تنامي إنتاج الغاز الصخري ما انعكس إيجابا على تنافسية منتجي البتروكيماويات في الولايات المتحدة من خلال:
• تحسن اقتصاديات إنتاج البتروكيماويات، فوفقا لدراسة حديثة لمصرف مورغان ستانلي ستكون تكاليف إنتاج البولي أثيلين في الولايات المتحدة أقل بنسبة 50 في المائة من تكاليف إنتاجه في آسيا وأوروبا بحلول عام 2012. فأسعار غاز الإيثان تراجعت بنسبة 65 في المائة عن مستوياتها قبل 2008 وهذا مثل نقلة دراماتيكية في اقتصاديات إنتاج البولي أثيلين الذي تمثل تكاليف اللقيم فيها نحو 60 في المائة من تكاليف الإنتاج التشغيلية. يضاف إلى ذلك أن الغاز يستخدم كوقود في المصانع وأي توفير في فاتورة الوقود سيحسن هوامش أرباح المنتجين بشكل ملحوظ.
• توسيع الطاقات الإنتاجية لتوظيف اقتصاديات الحجم التي تتيحها وفرة إمدادات الغاز واللقيم بما يعظم اقتصاديات الإنتاج في الصناعة. وهذا ما تجسد في مسارعة العديد من اللاعبين الكبار لزيادة طاقات وحدات تكسير الإيثان ومن بينها شركة داو كيمكال ثاني أكبر منتج للكيماويات عالميا التي أعلنت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي خططا لزيادة طاقات وحدات تكسير الإيثان بنسبة 30 في المائة خلال السنتين أو الثلاث المقبلة.
ويعتبر الإنتاج والطلب على الأثيلين بمثابة الثرموميتر الذي يكشف عن حالة صناعة البتروكيماويات في بلد ما لأنه اللقيم أو وحدة البناء الأكبر حجما في الصناعة إضافة إلى كونه الأكثر تنوعا في عدد المشتقات.
وخلال السنوات الخمس الماضية زادت كمية الإيثان المتاحة لإنتاج الأثيلين في السوق الأمريكي بنسبة 25 في المائة عن مستوياتها السابقة. وتشير التقديرات إلى استمرار هذا النمو وتحقيق قفزة كبيرة خلال السنتين القادمتين في إنتاج الإيثان بنسبة 30 في المائة عن مستويات عام 2010.
ويقف وراء هذه القفزة وفرة الإيثان المستخلص من الغاز الصخري التي انعكست بدورها على تزايد ملحوظ في إنتاج الأثيلين ومشتقاته. ونتيجة لذلك حصل تغيير ملموس في مزيج مدخلات الإنتاج أو مصادر الأثيلين في الصناعة الأمريكية خلال الفترة 2005 - 2010. ففي مطلع عام 2010 كان مصدر 64 في المائة من الأثيلين من تكسير الإيثان وهذه النسبة تمثل ارتفاعا كبيرا عن معدلاتها التي كانت 40 في المائة عام 2005.
في المقابل انخفضت خلال الفترة نفسها حصة النفثا كمصدر للأثيلين من 22 في المائة إلى 13 في المائة.
عودة الحياة إلى صناعة البتروكيماويات في الولايات المتحدة يعكسه أيضا ارتفاع صادرات الولايات المتحدة في عام 2010 من البتروكيماويات إجمالا بنسبة 16.8 في المائة ومن البلاستيك بنسبة 15 في المائة قياسا بمستوياتها في عام 2009، ما نتج عنه تحول في الميزان التجاري من عجز بقيمة 50.1 بليون دولار في عام 2009 إلى فائض مقداره 3.7 بليون دولار في عام 2010.
ومع أن الصورة مستقبلا تبدو وردية أكثر بالنسبة للصناعة، لن يخلو الأمر من مصاعب تتمثل في إيصال الإيثان من بعض مناطق إنتاجه النائية إلى مراكز إنتاج البتروكيماويات في خليج المكسيك. ووصلت الأمور في مناطق شمال شرق الولايات المتحدة حيث حقل المارسيلز الضخم والغني بسوائل الغاز إلى اعتبار الإيثان مادة ملوثة غير مرغوب فيها لأسباب تتعلق بغياب شبكة أنابيب تنقل الإيثان أو وسائل مناسبة أخرى لنقله.
ما أبعاد ظاهرة الغاز الصخري على الاقتصاد الوطني؟
هذا السؤال لا يمكن تقديم إجابة وافية له في هذا الحيز، فالموضوع يحتاج إلى بحث ودراسة معمقة، وعلى الرغم من ذلك سأسجل هنا رؤية أولية لأبرز تلك التداعيات.
أولا: تنافسية صناعة البتروكيماويات
يمكن القول إن تنافسية الصناعة في المملكة ودول الخليج وتحديدا في قطاع البتروكيماويات السلعية ومنها مشتقات الأثيلين ستبقى قوية مستقبلا وهي تستند إلى كون تكاليف الإنتاج الحالية في المملكة ودول المنطقة تعد الأقل عالميا.
لكن هذا لا يمنع من القول إن المنتجين الخليجيين سيواجهون منافسة أقوى مستقبلا في أسواقهم التقليدية في آسيا وأوروبا من قبل الصادرات الأمريكية. ففي الوقت الذي تجري الصين توسعات ضخمة ستسد نسبة كبيرة من احتياجاتها مستقبلا يتزايد إنتاج الولايات المتحدة بشكل مطرد نتيجة لوفرة الغاز الصخري.
هذه التطورات ستجعل المنتجين الخليجيين يتجهون إلى أوروبا التي ستكون بدورها ساحة تنافس مع نظرائهم من الولايات المتحدة مع ما يترتب على ذلك من ضغط على الأسعار وتقليل لهوامش الأرباح. وفي هذا المناخ سيكون الخاسر الأكبر المنتجين في المناطق ذات التنافسية الأقل الذين يعتمدون تكسير النفثا الأغلى سعرا من الإيثان وفي مقدمتهم المنتجون من أوروبا وآسيا وتحديدا اليابان وكوريا الجنوبية ما قد يضطر عددا متزايدا منهم إلى إغلاق مصانعهم لتراجع قدرتهم التنافسية.
ثانيا: الطلب على النفط
يستهلك قطاع النقل 60 في المائة من إجمالي النفط المستهلك عالميا والبالغ 87 مليون برميل يوميا. وتمثل أنواع الوقود الأحفوري السائل أكثر من 96 في المائة من إمدادات الطاقة الحالية لقطاع النقل. ومع تنامي إمدادات الغاز الصخري وتدني أسعاره يبرز احتمال تزايد استخدامه لتوليد الكهرباء واستخدامها كوقود في السيارات الهجينة التي يتزايد إنتاجها عالميا بما قد ينعكس سلبا على الطلب على النفط ويضغط على أسعاره مستقبلا.
ثالثا: إمدادات الغاز المحلية
معلوم أن الطلب على الغاز في السوق المحلي ينمو بمعدلات عالية نتيجة لتنافس عدد من الصناعات كتوليد الكهرباء وتحلية المياه والبتروكيماويات والصناعات المعدنية. والجانب الإيجابي في ظاهرة الغاز الصخري يتمثل بتقارير تشير إلى وجود مخزونات كبيرة منه في المملكة، فوفقا لوكالة المسح الجيولوجي الأمريكية تقدر مخزونات الغاز الطبيعي غير المكتشفة في المملكة بنحو 447 تريليون قدم مكعب.
وتشير التقارير إلى تواجد الغاز الصخري في المنطقة الشرقية وكذلك في المناطق المحاذية للأردن، حيث توجد احتياطيات كبيرة من الزيت الصخري. ومع ذلك تبقى هذه التوقعات في مرحلة مبكرة يصعب تأكيدها خصوصا مع وجود تحديات جيولوجية، إضافة إلى التكاليف الرأسمالية العالية للبنية التحتية تتضمن تجهيزات إنتاج وتجميع الغاز وشبكات نقله من مواقع الإنتاج إلى مراكز الاستهلاك البعيدة.
وهذا يعد تحديا كبيرا في المملكة التي يقل فيها سعر بيع الغاز عن دولار واحد لكل وحدة حرارية بريطانية، في حين يبلغ معدل تكاليف إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة 3.50 دولار لكل وحدة حرارية بريطانية، إضافة إلى ذلك تبرز حزمة من التحديات التي تكتنف تطوير حقول الغاز الصخري في المملكة ومنها كميات المياه المستخدمة، حيث إن حفر بئر الغاز الصخري الواحد يحتاج إلى نحو 5 ملايين جالون من المياه المعالجة أو ما يعادل 19 مليون لتر، الأمر الذي قد يتطلب تحلية تلك المياه وهو خيار مكلف جدا. التحدي الآخر والذي لا يقل أهمية هو غياب مقدمي الخدمات الفنية المتخصصة في المملكة.
ولعلي أختم بتقديم إجابة مختصرة عن التساؤل الذي اخترته عنوانا لمقالتي فأقول إن تنامي إمدادات الغاز الصخري في الولايات المتحدة كان أثره في أسعار الغاز أشبه بتساقط أحجار الدومينو حتى بدون حفر بئر واحدة في أوروبا والصين. ومع أن الضبابية ما زالت تغلف حجم مخزونات الغاز الصخري إلا أنه أصبح مؤكدا أنه سيغير قواعد اللعبة في أسواق الطاقة العالمية مستقبلا.
لكن يبقى مدى وسرعة التوسع في إنتاجه داخل الولايات المتحدة وخارجها مرتبطا بالتحديات البيئية والتشريعية التي قد تعيق استغلال كامل تلك المخزونات في المناطق المأهولة بالسكان.
ولعل ما يجب التوقف عنده في قصة الغاز الصخري هو دور التطور التقني في تحويل ما كان يعد إلى وقت قريب غير مجد اقتصاديا إلى صناعة رائجة لها أبعاد وامتدادات عالمية. وهذه القصة تقترن بما أصبح يتعارف عليه ''والد الغاز الصخري'' جورج ميتشل التسعيني المنحدر من عائلة مهاجرة من اليونان والذي حقق في عام 2001 ثروة تقدر بنحو 3.5 مليار دولار من بيع شركته (Mitchell Energy Corp) التي توجت جهود عقدين من بحوثها الميدانية بتطوير تقنيات استخراج الغاز الصخري.
هذه القصة وغيرها من الوقائع تؤكد أهمية الاستثمار في تطوير كيانات وطنية متخصصة في قطاع الخدمات الفنية المساندة لصناعة النفط والغاز تستثمر في تطوير تقنيات تساعد على تعزيز تنافسية قطاع الطاقة في المملكة الذي يعد وسيبقى لعقود طويلة قادمة العمود الفقري للاقتصاد الوطني.
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
خائف على ان يكون ذلك الترتيب تبلعيطة مثل تبلعيطة اسلحة الدمار الشمال العراقية والمدفع العملاق وووو...
الترتيب المتقدم قد يكون فخا نساق اليه
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :
الجزائر ليست مجبرة على إستغلاله
لأن تكاليفه مرتفعة و ليس هناك مردودية تجارية
و لكن الدول الغير طاقوية مجبرة لأنه سيحقق لها إستقلالية طاقوية
كما أن الجزائر لا تملك و لا يمكنها التحكم في تكنولوجيا إستغلاله
هل تعلمين ان كل بئر منه يتطلب 15000 متر مكعب من المياه الصالحة للشرب ؟؟؟
و كل كيلومتر مربع به عشرات الابـــــــــــــــار ؟؟؟
و تستعمل فيه العديد من الواد الكيماوية السامة ؟؟؟