قصة قصيرة عن الطلاق تحت عنوان حبٍ آخر، رائعة و مؤثرة في نفس الوقت، ستعلمنا الوفاء لمن أوفى لنا ...
في أحد البيوت العائلية المتواضعة، التي يسكنها رجل و إمرأة متزوجان منذ أكثر من 15 سنة، رزقهما الله بطفل، يدرس في المرحلة الإبتدائية، و لكن شاء القدر أن تكون هذه العائلة في الفترة الأخيرة في حالة تباعد و تنافر بسبب بعض المشاكل اليومية، و هي مشاكل تواجه جميع العائلات في أغلب الأحيان.
مع مرور الوقت و العائلة لا تزال تعاني من أزمة الود و الحنان، من أب لا يجلس في المنزل ليفرض الأمان، فقد ملّ هذا الوالد من أحوال بيته، فأصبح يطيل الجلوس في مكان عمله.
و كانت تعمل مع الأب إمرأة صغيرة نسبيا في العمر، تدعى
"جيمون"، جميلة المظهر، رشيقة الجسم،
و لكن كم من مظهر غادر ! و في ظل الوقت الطويل الذي يقضيه الأب في العمل مع هذه الإمرأة و نفوره من المنزل، فقد أصبح يعطيها إهتماما أكثر من زوجته.
مع دوران عقارب الساعة بعض المترات، أصبح هذا الرجل يحب
"جيمون" و يكن لها المشاعر، فعلمت تلك الأخيرة بحبه لها، فقابلت الأمر بسلاسة و شعور متبادل، حيث أصبحوا يتسكعون مع بعضهم و يتبادلان الحنان، و لكن الأب كان متدينا، و بالتالي فقد أخافته هذه العلاقة الغير شرعية،
فهنا سقط الفيل !!! فقد طرأت على باله فكرة الزواج بـ
"جيمون" و الطلاق من زوجته الحالية.
و في أحد الليالي، عاد الزوج لمنزله في وقت متأخر بعد أن أكمل العشاء هنيئا مع
"جيمون" تحت ضوء بعض الشمع، دخل إلى غرفته، و أيقض زوجته برفق، و قال لها :
"زوجتي الكريمة، أريد أن أصارحك في أمر ما، بعد مشوارنا الطويل معا، و بعد تعرضنا لبعض المشاكل الصعبة أثناء رحلتنا خاصة في الآونة الأخيرة، فقد تعرفت بإمرأة رائعة و أحببتها و هي تبادلني نفس الشعور، و أريد الزواج بها، و بالتالي فمن الأفضل لنا أن نقدم الطلاق و نمضي على أوراقه ليستمر كل منا في طريقه الخاص."
و هنا فقد حدث ما لم تحسبه الحسبان، فقد كانت الزوجة هادئة جدا بخصوص هذا الأمر، و كان ردها باردا جعل من الزوج يقف وقفة حائر من ردة فعلها، حيث قالت :
"إن كان هذا يناسبك، و إن كنت متأكدا بخصوص هذا الأمر فلا بأس، المهم راحتنا و راحة إبننا خاصة، و لكن لدي شرطين لأقبل بالطلاق، أولا أن لا تخبر ولدنا أو تجعله يشعر بخصوص هذا الطلاق خاصة و أنه الآن في المرحلة النهائية من طوره الإبتدائي فقد يؤثر ذلك على دراسته، و ثانيا أشترط عليك أن تحملني من غرفتنا حتى باب المنزل كل صباح قبل ذهابك للعمل كما كنت تفعل في السنة الأولى من زواجنا و ذلك لمدة شهرين كاملين."
لم يكن على الزوج إلا الموافقة بهذه الشروط حتى يصل الوقت الموعود و يطلّق زوجته ليتزوج بـ"
جيمون" التي أصبح يعشقها بجنون.
يوم يجر يوم، و الرجل متحفظ بخصوص وعده و الشروط القائمة عليه، فقد أصبح كل صباح يحملها من الغرفة حتى باب المنزل، و كان الإبن يعتاد على الأمر مع مرور الزمن، ففرح و ظن أن علاقة أبيه بأمه قد عادت لسابق عهدها، و كان كلما رآه يحملها يقول :
"أبي يحمل أمي !!! أبي يحمل أمي !!!"، و بعد مرور شهر و نصف و بتكرار حمل الزوج لزوجته، أصبح يلاحظها، فقد لاحظ أن وزنها ينقص يوما بعد يوم، و أن الشيب قد لوّن معظم شعرها الذي سلم من السقوط، و أن تجاعيد الزمان قد رسمت على وجهها خطوطا متباعدة بسبب الأعمال المنزلية و الوقت الذي قضته في تربية الولد و إعانة الزوج.
قبل نهاية الشهرين، قال الزوج في نفسه :
"ماذا كنت سأفعل ؟ هل كنت سأطلق إمرأة ضحت بأنوثتها و حياتها لتنشئة هذه العائلة من أجل إمرأة لم أكمل العام معها ؟ لا يمكن لن أترك شريكة حياتي و صديقة أحزاني و آلامي في الماضي، فأنا من رسمت تلك التجاعيد، و ربما هي لا تأكل بسبب خبر "جيمون"، و ماذا عن طفلي كيف سأفعل ؟"
فتجمعت الأفكار العشوائية في ذهن هذا الأب الحائر في أمره، فقد إحتار في الإختيار بين إمرأة كانت كصديقة و أخت و أم و زوجة له، و إمرأة أحبها لجمالها فقط!
و في الأخير تبين موقفه و قرر إنهاء العلاقة مع
"جيمون" و رجوعه إلى زوجته المخلصة التي أفنت حياتها من أجل العائلة، حيث ذهب إلى منزل
"جيمون" و قال لها أن علاقته معها قد إنتهت، و أنه يريد الرجوع إلى زوجته بعد أن شُعل نور الشمعة من جديد بينهما.
و قبل أن يطلع و يخبر زوجته بقراره النهائي لعودته لها، طرأ أمر عاجل في العمل إستدعى سفره للخارج لبضعة أسابيع.
بعد بضعة أيام من سفره، إتصل به طبيب زوجته، ليقصفه بخبر أتى أقوى من صاروخ متعقب للحرارة، حيث قال له عبر الهاتف :
"أخي العزيز، يؤسفني أن أخبرك أن زوجتك قد ماتت البارحة جراء مرض السرطان الذي كان يأكل جسمها يوما بعد يوم، وقبل شهرين من الآن عملنا لها تحاليلا و أخبرناها أن المرض قد تطور و قد يسوء حالها جدا بعد شهرين، و بالطبع قد أخبرتك، و قد كانت توقعاتنا في محلها للأسف الشديد، و نعلمك أن الجنازة ستكون يوم ........" و هنا أغلق الأب الهاتف بسرعة و سقط على ركبتيه متجمدا بدون حراك، فقد عرف أن نقص وزنها و فقدان شعرها في تلك الأيام كان بسبب السرطان، و أن شرطها الثاني و هو حملها كل يوم، كان مدروسا من قبل زوجته كي تعلمه أنها في حالة مرض و حالتها لا تسمح بالطلاق و لكنه لم يهتم و نسي أمرها.
فعاد الزوج لوطنه ميت التفكير، جسما بلا روح، و روحا بلا إحساس، فقد فقد زوجة مخلصة و آمنة، و أما حقيقية و هي على غضب عليه فقد ظنته أنه سيتزج عليها، فماتت و شعلة الحزن التي أخفتها عنه لم تنطفئ بل حشرت بين طيات القلب المحاصر بفيروسات السرطان !!!