عنوان الموضوع : الطلاق العاطفي.. بداية النهاية.
مقدم من طرف منتديات العندليب

يظن الكثير أن العلاقات بين الزوجين أمر فطري يمكنه ممارسته دون جهد.. ولا يدري أنها فن يحتاج إلى تعلم الوسائل الصحيحة وممارستها.. وإلا لما وجدنا بيننا أسراً سعيدة.. وأسراً تعيش مع المشاكل صباح مساء.

حالة تعتري العلاقة الزوجية يشعر فيها الزوج والزوجة بخواء المشاعر بينهما ، وينعكس ذلك على جميع التفاعلات داخل الأسرة .
وهو مضاد للتوافق الزواجي، والذي يعني أن كلاً من الزوج والزوجة يجد في العلاقة الزوجية ما يشبع حاجته الجسمية والعاطفية والإجتماعية ، مما ينتج عنه حالة الرضا الزواجي.
ولكي يتحقق التوافق الزواجي: على كل زوج أن يعمل على تحقيق حاجات وإشباع رغبات الطرف الآخر ، وإشعاره بهذه المشاعر الإيجابية ، وأنه سيبذل ما في وسعه كي تستمر الأسرة.

والسعادة الزوجية هنا ليست عملية عشوائية ، وإنما ثمرة سلوك قصدي هدفه إسعاد الطرف الآخر .
إذا كانت ظاهرة الطلاق النهائي بين الأزواج قد احتلت حيزاً كبيراً في اهتمامات القدامى والمعاصرين، وطغت على كثير من كتاباتهم نزعة المبالغة في مناهضتها وبغضها لغرض ضبط العلاقات الزوجية والحيلولة دون تفككها، فإن ظاهرة الطلاق العاطفي لم تلق الإهتمام المطلوب رغم شيوعها في الحياة الأسرية المعاصرة.
ونظرا للمخاطر المتزايدة لهذه الظاهرة، فلم أجد بُدّا من وقوفي عندها بالتحليل والنقد، مُتلمّساً المخرج المناسب الذي يعيد التوازن للأفراد الذين يكتوون بنار الإختلافات العائلية، ويتلظّون بتدنّي الحياة العاطفية الأسرية. ويمكنني أن أعرّف الطلاق العاطفي، بأنّه حالة الإنفصال الوجداني الناشئة بين الزوجين والقطيعة النفسية الواقعة بينهما، وما ينشأ عن ذلك من بُعد كُلّ منهما عن الآخر في أغلب أمور الحياة اليومية، وغياب روح التوافق على قواسم مشتركة بينهما في المسائل المصيرية المتعلقة بالتصرف والبرمجة والتربية وبناء العلاقات، بسبب ما يشقهما من تنافضات صارخة في السن أو في الذوق أو في الميول أو في الطباع أو في المستوى الثقافي والإجتماعي، تناقضاتٌ تؤدّي بهما إلى حالة من التنافر الدائم والتشنج المُتجدّد، وتُعرّضهما لدوّامة من العنف النفسي واللفظي وأحياناً الجسدي، ويطغى على حياتهما التدمير المتبادل للروح المعنوية والقيمة الرمزية لكليهما، دون أن يصلا إلى الطلاق المباشر لإعتبارات عديدة، لعلّ منها الخوف من تردّي وضع الأبناء والإحساس بالإحراج أمام المجتمع وعدم الإستعداد لمواجهة إجراءات الطلاق وتحمل تبعاته المختلفة، لذلك تستمرّ علاقة الزوجين فقط من الناحية الشكلية وهي محكومة بقاعدة القطيعة العاطفية والتأزيم المتبادل. والطلاق النفسي نوعان، الأول يكون فيه الزوجان واعييْن بما هما عليه من طلاق نفسي، وبما يعيشانه من تدهور في بيئتهما العاطفية على النحو الذي فصّلته.
أما الثاني فيكون فيه طرف واحد - وغالبا ما تكون المرأة - غير راضية على وضعه العاطفي لاصطدامه بتناقضات شتّى مع شريكه ولشعوره باهتزاز انسجامه معه وفقدانه لثقته، غير أنه يظل متكتّما على ما يعيشُه من مشاعر مُخفياً ضيقه بطبيعة علاقته غير المتوازنة اجتناباً للوقوع في الطلاق المباشر. ونظراً للعوامل الثقافية والإجتماعية الكثيرة التي تحُول دون القطيعة النهائية بين الزوجين، فقد شهدتْ ظاهرة الطلاق العاطفي بنوعيها المذكورين انتشاراً خطيراً، إذ أصبحتْ تشقّ أغلب الأسر وتلقي بغيومها على جميع أفرادها بما، يُخيّم عليها من جفاء وصمت وقساوة وخشونة وتخلّ عن المعاشرة وتشنّج وجدال وعناد وخصام لأتفه الأسباب وخيانة وإدمان على المشروبات الكحوليّة وهروب من المنزل وعنف مختلف الأشكال وميل إلى التواكل والإهمال وعدم تحمل المسؤولية والجنوح الدائم إلى الإهانة المتبادلة وتدمير الطاقة المعنوية وتحطيم جوانب القوة في الشخصية بما يؤجج مشاعر الكراهية، وبما يزرع في بعض الأحيان الرغبة في الإنتقام.
وإنّ ما يلقاه طرفا العلاقة الزوجية من متاعب نتيجة ما بينهما من حرب باردة وخصام مُتجدّد واستسلام لموجات التدمير العاطفي وتحطيم مقومات الذات وقتل طاقاتها المتجددة، لا يرقى إلى مستوى ما يلقاه الأبناء من معاناة في ظل هذا المناخ المتأزم، فما يجدونه في وضع الطلاق العاطفي أشد مما قد يجدونه في حالة الطلاق النهائي بين الأبوين.
إنّ الأبناء - وعى الآباء بذلك أم لم يعُوا- وهم يقفُون يوميا على أرض من الألغام المتفجّرة ويحترقون بشظاياها، ليتشرّبون من المشاعر السيئة، وليتجرّعون مرارة الحياة باستمرار، مع أنّهم لا يتجرّؤون على الإفصاح عن ميولهم لخيار انفصال الأبوين عن بعضهما رغبةً منهم في الخلاص من واقع طالما أربك شخصياتهم الرهيفة، وهزّ ثقاتهم بأنفسهم وبمحيطهم العائلي، وربّما أورثهم هُمْ أيضاً عجزاً عن اتخاذ القرارات الصائبة في حياتهم الخاصة.
إنّ الطلاق النفسي يمثّل فعلاً أزمة حقيقية تعصف بكثير من العلاقات الزوجية، كما تُعرّض الأبناء لمخاطر تفوقُ تلك المخاطر المُفترضة التي قد تحصل جراء الطلاق النهائي، إذ في غياب البيت الطبيعي المُترع بالدفء والحنان والحُبّ والسكينة والإنسجام والتفاهم والنجاعة ينشأ الأطفال نشأة غير سليمة، ويُصابون بأمراض نفسية منها انفصام الشخصية وفقدان الثقة بالذات والعجز عن أخذ القرارات المناسبة. من هنا يُمكنني أن أقول: إنّ تضخيم خطورة الطلاق المباشر والإنذار بنتائجه الكارثية مقابل السكوت عن مخاطر الطلاق النفسي والإفصاح عن تأثيراته المفجعة على جميع أفراد الأسرة الواحدة خصوصاً الأبناء، يُعدّ تهرّباً من مواجهة مشكلات الأسرة العاطفية وعجزاً عن تبيّن الحلول الملائمة لها. وطالما استمرت ذهنية تأثيم الطلاق الشرعي والنظر إليه على أنّه خطوة عبثية أنانيّة، طالما ظلّت ظاهرة الطلاق العاطفي في تضخّمها، وطالما ازدادت تعقيداتها وآثارها السلبية على الفرد والمجتمع، بل لا أبالغ إذا قلت: إنّ كثيراً من الجرائم الأسرية منها القتلُ مردّهُ تعقيداتُ الطلاق العاطفي، وما كان لمثل هذه الجرائم أن تنشأ في نظري لو اهتدى كل طرف إلى المخرج السليم والشرعي في الإقبال بشجاعة على الطلاق المباشر الذي يحفظ كرامة الجميع، ويوفّر لهم أرضية جديدة لا تحكمها المشاحنات وروح الكراهية والإنتقام.
إنّ ما يخلقه الطلاق العاطفي من مآس جمّة في الحياة الأسرية - وفي ظلّ عجز الأزواج عن صياغة رؤية واضحة في التوافق والتعايش والإحترام وفق روح الشريعة الإسلامية في الإمساك بمعروف أو التسريح بمعروف- يجعلني لا أتردّدُ في الدعوة إلى التحرّر منه باختيار ما ارتضاه الله عزّ وجل من طلاق نهائي على أرضية من التفاهم بين الزوجين على الإستمرار في تحمّل مسؤولية رعاية الأبناء وتربيتهم بعيداُ عن التجاذب والصراع. وإنّي إذ أجدُ إشكالية الطلاق العاطفي جديرة بالإهتمام والدراسة، فإني أدعو الكتاب والمختصين في علمي الإجتماع والنفس لإعطائها حقّها في التحليل والتوعية والتوجيه علّ ذلك يُساعد كثيراً من الأسر المعنية على تجاوز ما تتخبط فيه من أزمات لا تنتهي، وما تناولي لهذه القضية إلا من باب تحريك المياه الراكدة وإثارة جانب من المسكوت عنه في حياتنا المعاصرة ومساهمة متواضعة منّي في التحسيس والترشيد.


و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

وعليكم السلام ورحمة الله وتعالى

سلمت اناملك


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

بارك الله لنا ولوالديك وأسرتك فيك

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :