عنوان الموضوع : أطفال صباحهم جوع ومساءهم قهر مشكلة
مقدم من طرف منتديات العندليب

قد تكون الأزمة هي الوحيدة التي تلد الهمّة، ولا نظن أن الجزائر عاشت أزمة مثل التي أنهت بها عامها الماضي، عندما ذرف الكبار الدموع، بعد أن طالت أيادي الإجرام الأطفال الأبرياء، حيث قتل وحش آدمي الصغيرة شيماء، بعد أن اختطفها من أمام باب البيت الذي تعوّدت أن تلعب فيه، وتحقق النقاط المرتفعة في الامتحانات، وسندس التي دفعت الثمن من أحد أفراد العائلة، وآدم الذي خرج ليلهوا في عطلته المدرسية في شوارع القالة، فعجنته شاحنة تحت عجلاتها، المؤلم أن الكثير من المنتخبين ومن المسؤولين في مختلف الولايات لم يمنحوا لهاته الطفولة أي أمل وحب للحياة، خاصة في شرق البلاد، وكمثال على ذلك عاصمة الشرق الجزائري قسنطينة التي يتواجد بها قرابة نصف مليون طفل من دون حديقة تسلية واحدة؟

أطفال يتسّولون وآخرون يحملون على أجسادهم البريئة أسفارا

إغتصاب للطفولة مع سبق الإصرار والترصد

لا تخلو منظمة ولا هيئة ولا جمعية ولا قانون في العالم، إلا وأعطى شطرا من مواده القانونية لحماية حق الطفل، سواء كان ذلك الحق ماديا أو معنويا، فحقوق الطفل تبدأ قبل ولادته وبعدها، فله الحق في الحياة والأكل والصحة والتعليم وليس له الحق في العمل لأجل مسمى، لكن ما يلفت للانتباه أن جميع تلك المواثيق والمعاهدات والتعليمات والنصوص القانونية بقيت حبرا على ورق، فما نلاحظه في مجتمعنا تنامي ظاهرة عمالة الأطفال، لا سيما في المدن الكبرى والأكيد أنه كلما كانت المدينة كبيرة كان الخطر المحدق بذلك الطفل أكبر، وكانت فرضية فقدانه لما يسمى طفولة أقرب لأنه ببساطة يبقى طفلا في شكله فقط، لكن تفكيره وطموحه بعيدا كل البعد عما ينتسب للطفولة، هاته الأخيرة التي صنفها علماء النفس والاجتماع على أنها أهم وأصعب مرحلة يمر بها الإنسان طيلة مراحل تكوينه، فإذا تعلّم الطفل كيفية التعامل مع قانون العرض والطلب، وأساليب مراوغة الكبار وفكّر كيف يؤمّن نقوده نستطيع هنا أن نشيّع ما يطلق عليه بالطفولة لمثواها الأخير.

لا تكاد تخلو شوارعنا ولا أسواقنا ولا محطات أسفارنا من أطفال يلهثون وراء لقمة العيش لسبب أو لآخر. فهناك من يُدفع لذلك غصبا وهناك من تجبره ظروفه المعيشية الصعبة غصبا أيضا، فنرى أطفالنا يبيعون الجرائد والمناديل الورقية في محطات نقل المسافرين ونجدهم يبيعون الخضر والفواكه ويقفون حاملين للعصى أمام حظائر حراسة السيارات، متجردين من كل صفات الطفولة، همهم الوحيد الكسب السريع وتقليد الكبار في تصرفاتهم دون أي رقيب.

وعادة ما تكون نهايتهم أطفال جاهلين لتعاليم دينهم وقوانين بلدهم لأنه في الوقت الذي من المفروض أن يلقّن الطفل كل شيئ على قواعده وأصوله، وكما يجب أن يكون نجده راميا لمحفظته الدراسية وحاملا لمحفظة فارغة، همه الوحيد ملؤها بالنقود، فهنا لا نلوم الطفل على تصرفه ولا نعاتبه على تفكيره ولا على طموحه لأنه وببساطة المجتمع ككل مسؤول على ذلك، بداية من الأهل الذين لولا تشجيعهم لعمله، ما توجه لذلك ووصولا إلى القانون الذي لا يطبق على من يشغّل الأطفال.

.

أطفال صباحهم جوع ومساءهم قهر

البراءة الضائعة في شوارع سطيف

في المفرغات العمومية، وتحت الجسور والأماكن المهجورة ومسارات القطارات... نشاهد يوميا صورا مؤلمة ومأساوية على من نطلق عليهم أطفال الشوارع، وهم قنابل جاهزة للانفجار في أي وقت، لو بقوا على هذا الحال ولم تتدخل السطات المعنية في القريب العاجل، سوف يكون مصيرهم الضياع، والتالي يضيع جزء من رصيد الأمة من شبابها ورجالها للمستقبل..

ومن هذا المنطلق عمدنا تسليط الضوء على هذا الملف الهام، لنضعه تحت نظر المسؤولين عن رعاية الأطفال لننقذ هؤلاء الأطفال من مصير مظلم، ونناقش قضية ظلم الأطفال التي تعد خروجا على القوانين ومواثيق حقوق الإنسان، ونعرض لحكايات الأطفال الذين يواجهون هذه المشكلة ونعرض الحلول لهذه القضية من أجل إنقاذ مستقبل قطاع من جيل الطفولة، حيث يوجد العشرات من الأطفال بمدينة سطيف خاصة وفي الجزائر عامة، المئات بل الآلاف من الأطفال يعيشون بلقب بغيض لم يختاروه لأنفسهم، وإنما فرض عليهم بسلطان الظلم والفقر، حيث يلقبون بـأطفال الشوارع المستغلين المعرضين للانحراف والمنحرفين بالفعل، لا مأوى لهم، قلوبهم مجروحة ومشاعرهم لا تهم أحدا، لأنهم بعبارة بسيطة فقراء بالوراثة، حيث اعتادوا أن يعيشوا في فوضى منظمة داخل عالم مغلق عليهم بتعاليمه وقواعده وتفاصيله، نتيجة استغلالهم المتقن من الكبار، فمعاملة الطفل كحدث في القانون وحصوله على أحكام مخففة يجعلهم صيدا سهلا لاستخدامهم في أنواع عديدة من الجرائم، برعوا فيها ومنها تجارة المخدرات وسرقة المساكن والدعارة والتسول.. وتدريبهم على أن يكون مجرما محترفا.

وما يثير القلق بشدة هو استغلال الأطفال في الدعارة والقضايا التي تم ضبطها من طرف مصالح الأمن تكشف خطورة ما يحدث لهؤلاء الأطفال. وفي هذا السياق، أكد محامي من سطيف، أنه في البداية لابد وأن نتفق على أن هؤلاء الأطفال هم ضحايا ظروفهم الأسرية والاجتماعية، وأنهم لم يولدوا مجرمين بالفطرة ولا مشردين برغبتهم بل تدخلت في صنعهم ظروف أقوى منهم، جعلتهم ضحايا في حاجة ماسة إلى المساعدة، مضيفا، أنه وجب على الدولة الجزائرية التدخل العاجل لإنقاذ هؤلاء الأطفال الذين هم مستقبل البلاد، فإن ضاعوا ضاعت الأمة وهذا شيئ مفروغ منه.

.

واقع اجتماعي بئيس رمى بالبراءة في غياهب الانحراف

أطفال يجمعون الخردوات وآخرون يبيعون قارورات الخمر لإعالة أسرهم بوهران

حوّلت الظروف القاسية التي تكابدها عائلات بوهران، تتخبط في حياة الفاقة والغبن، أطفالا في عمر الزهور إلى مشروع منحرفين، حيث قتلت فيهم "البراءة" وحولتهم إلى "أرباب أسر" أثقلت كاهلهم المسؤولية، فلم يتركوا نشاطا يدر المال إلا وامتهنوه، فأداروا البوصلة نحو المزابل بحثا عن الخردوات، ووصل الأمر بآخرين إلى التقاط عبوات وزجاجات الخمر وتجميعها لإعادة بيعها مجددا.

في عاصمة غرب البلاد، تتلون حياة الطفولة البريئة المنتمية إلى أسر فقيرة، بشتى صنوف البؤس والحرمان، الذي يظهر للعيان في الأحياء الشعبية والتجمعات القصديرية، على غرار منطقة الحاسي، وسيدي البشير، رأس العين.. فالأطفال هناك ودعوا مقاعد الدراسة مبكرا، بسبب عدم قدرة أوليائهم على تأمين مصاريفهم من مأكل وملبس وأدوات مدرسية، فانغمسوا في عالم الشغل، واحترفوا مهنا تفوق سنهم وأحجامهم، ففي ورشات البناء يستعبدون مقابل أجرة زهيدة، وتجد مجموعة من الأطفال يقومون بتفريغ الشحنات التي تحملها المركبات، حيث يصطفون أمام محلات الجملة بحي المدينة الجديدة، لكن ما يدمي القلوب هي تلك المفارغ العمومية المنتشرة عبر تراب وهران، أين يصدم المارة بأطفال في عمر الزهور ينبشون في أكوام الزبالة، بحثا عن خردوات وآلات تخلص منها ميسورو الحال، علّهم يبيعونها ويجنون منها "دراهم معدودة" تؤمِّن لهم مصاريف ذلك اليوم، كما تجدهم أيضا ينقبون عن المواد النحاسية التي كثر الطلب عليها من طرف بارونات التهريب، الذين يقومون بإدخالها إلى البلدان المجاورة، مسلسل معاناة الطفولة يتواصل مع مشاهد سوداوية، فقد حتمت الظروف الاجتماعية القاهرة التي تعانيها بعض الأسر إلى الدفع بأبنائها إلى امتهان أي شيء، حتى بيع عبوات الجعة وزجاجات الخمر الفارغة، إذ يدخلون في رحلة بحث مضنية عنها في الأماكن المعزولة وفي المزابل...، ليقوموا بتجميعها في الأخير وبيعها لإعادة رسكلتها من جديد، وهي نشاطات فتحت أبواب الانحراف على مصاريعه لطفولة أنهكتها تكاليف الحياة، ورمت بها في غيابات البؤس.

.

أبرياء يدفعون ثمن إهمال آبائهم، ولقطاء معذبون دون ذنب!

طفل ضرير ينهشه كلب العائلة وشقيقان يغرقان في بركة ماء بسوق اهراس

أبناء الدولة، كما يسمون، شريحة تعيش على هامش المجتمع، وجدت لتدفع ثمن لحظة تهور، فإما يزج بها في غياب المجهول أو تحتضنها أسرة لحاجة ما سرعان ما تزول مع الزمن، فلا تجد مكانا لها غير الشارع.

وقد نجد شريحة لا بأس بها تتجرع المعاناة جراء أخطاء أزواج غير شرعيين لم يفكروا لحظة في ما ستسفر عنه مثل هذه العلاقات غير شرعية، ومن سيدفع ثمنها.. المهم عندهم التخلص من الفضيحة، حتى وإن كانت التخلص من جنين حديث الولادة. ولا يهم أيضا المكان الذي سيحتضن تلك البراءة، التي وجدت نفسها مجبرة على التعايش مع ظروف لم تشارك في صنعها، لا من قريب ولا من بعيد، بل وجدت نفسها مجبرة لا مخيّرة.

أولاد وبنات في عمر الزهور، وجدوا أنفسهم بين أحضان عائلات تبنتهم، لأن ظروفهم وقدرهم لم يمكنهم من الإنجاب.. تقدموا إلى مؤسسات الدولة، ليس حبا في هؤلاء الأطفال، لكنهم أجبروا، هم أيضا، على تبني أطفال الدولة، لكن الصدمة كانت قوية عليهم بعد أن تحول الأطفال المتبنون إلى أطفال غير عاديين، منهم المنغوليون، ومنهم المعاقون. والصدمة الأكبر هي تحول هؤلاء الأطفال إلى مجرمين، يسرقون وينتشلون، وذلك بسبب الظروف التي يعيشونها رفقة العائلات المتبنية، ووجدوا أنفسهم دخلوا عالم الإجرام من أبوابه الواسعة. فالإحصائيات الأخيرة لسنة 2016 تستدعي دق ناقوس الخطر بعد أن سجلت مصالح الأمن تورط 122 قاصر في مختلف القضايا الإجرامية.

مثال آخر حي عن اغتصاب البراءة، حيث يشارك في صنع هذه المسرحيات اللا إنسانية آباء مستهترون مستهزئون بحياة فلذات أكبادهم. فمن مسلسل الاغتصاب والفعل المخل بالحياء، الذي صنع الحدث على مستوى الولاية، والذي كان ضحاياه أبرياء، ذنبهم الوحيد أنهم أردوا أن يتعلموا ويذهبوا إلى المدرسة. وفي طريقهم إلى هذه المؤسسات اعترضت سبيلهم وحوش آدمية تجردت من كامل المشاعر الإنسانية والأخلاقية، وأرادوا أن يضمنوا لأنفسهم مكانا في عالم الإجرام والرذيلة عن طريق هؤلاء الأبرياء. هذا في الوقت الذي يتجرد الآباء من بعض مسؤولياتهم في مرافقة ومراقبة أبنائهم. فكم من فتاة، لم تتعدّ سن العاشرة، تعرضت إلى مثل هذه الممارسات غير الأخلاقية، سواء من طرف شباب أم كهول أم حتى شيوخ! فقضية اعتداء شيخ قارب الستين، وهو صاحب محل، على فتاة في سن السابعة من العمر، بعد أن قصدته من أجل شراء بعض المواد، ولم تدر أنها ستدفع الثمن غاليا، حيث لا تزال هذه القضية حديث العام والخاص بذلك الشارع. هذا كله لأن الأب فضل أن يجلس في المقهى ويرسل براءته للتسوق. صورة أخرى لمظاهر إهمال الآباء لأبنائهم هي قضية الطفل الكفيف غناي هارون ذي 8 سنوات، والذي راح ضحية إهمال من طرف العائلة بعد أن ترك هذا البريء الضرير يخرج لوحده ليلا من أجل قضاء الحاجة خارجا، باعتباره يقطن منطقة ريفية، ليكون بذلك فريسة سهلة لكلب العائلة، الذي وجده فرصة للاعتداء عليه، وتسببت الجروح التي خلفها هذا الاعتداء في وضع حد لحياته، وقضت على مستقبله، ووضعت نقطة نهاية لبداية طفل ضرير، بعد أن نهش لحمه وأخرج أحشاءه.

.

حقوقيون طالبوا بتسليط أقصى العقوبات على أوليائهم

أكثر من 500 طفل بڤالمة اقتحموا عالم الجريمة خلال سنة 2016

مضت سنة 2016، وتركت خلفها الأوجاع والمآسي في أوساط العديد من العائلات الجزائرية التي ذهب أطفالها، في سن البراءة، ضحية أحداث عرضية أو اعتداءات وحشية من طرف أشخاص بالغين تخلوا عن مشاعر إنسانيتهم، فصنعوا المآسي التي حركت مشاعر المواطنين على أوسع نطاق.

الحوادث التي يذهب ضحيتها أطفال أبرياء لا ذنب لهم، تتكرر صورها يوميا وبأشكال مختلفة في المجتمع الجزائري الذي لا يتحرك إلاّ عندما تقع الفأس في الرأس وتحدث المأساة التي لا يمكن معالجة آثارها سواء بالنسبة إلى الضحية أم إلى عائلته.

وعلى الرغم من ترسانة القوانين الردعية المجندة لحماية الأطفال الأبرياء من مختلف الاعتداءات، وأشكال الاستغلال، وغيرها من المظاهر الأخرى التي قد تفقد شخصية الطفل توازنها، وتؤثر على مستقبله مع تقدم العمر. إلاّ أن المجتمع لم يرحم هذه الفئة، ويؤدي ذلك حتما إلى تغيير سلوكياتهم. وبمجرد احتكاكهم بمحيطهم الاجتماعي، يجد الطفل نفسه في دائرة من التيهان، فينجر خلف سلوكيات الشارع وما تفرزه علاقاته مع باقي أفراد المجتمع، فيتم استغلاله في العمالة بغرض تحقيق بعض المداخيل المالية لاقتناء بعض اللوازم التي قد يحتاجها الطفل المهمل من والديه وأسرته، بل أكثر من ذلك فإن الطفل، وفي سن التمدرس، قد ينساق وراء تصرفات بعض البالغين الذين يجرونه إلى عالم الجريمة، ويستغلونه في ترويج المخدرات ونقل بعض الممنوعات. والأدهى والأمر فإن الطفل القاصر، سواء كان ذكرا أم أنثى، قد يقع بين أيدي عصابات الجنس، في غياب تام لسلطة والديه ومراقبتهم لتصرفاته، عند أطوار سن البراءة، وكثيرون هم أولئك الأطفال الذين تخلت عنهم أسرهم التي فقدوا فيها الرعاية والعطف والمتابعة فوجدوا أنفسهم مشردين وسط الشارع الذي يحتضنهم ويستغلهم في ارتكاب مختلف الجرائم.

ويكفي أن نشير فقط أن الطفل، وفي كل ظروفه، يبقى ضحية لمجتمع لا يرحم. ويكفي أن نقول إن المصالح الأمنية بولاية ڤالمة سجلت خلال سنة 2016 اقتحام أزيد من 500 طفل قاصر لعالم الجريمة، وهو ما جعل الحقوقيين يدقون ناقوس الخطر ويطالبون بحماية أكبر لفئة الأطفال وتسليط عقوبات صارمة على الأولياء الذين يرتكب أطفالهم جرائم مهما كان نوعها، لأن جريمة الإهمال ثابتة في كل الحالات، ويبقى الطفل، الذي يعرفه القانون الجزائري بأنه كل شخص لم يتجاوز من العمر 18 سنة، عرضة لمختلف العوامل والظروف التي قد تسرق منه براءته وتحوله مع الزمن من ضحية إلى وحش كاسر معرض للقيام بارتكاب أبشع الجرائم.


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

للاسف هاته حقيقة
لو تحمل الاولياء سؤولية ابنائهم و حتى الدولة و الجمعيات لما حدث هدا
والله الامكانيات متوفرة لكن المشكل يكمن في البشر وضعف الايمان

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

للاسف رانا نشوفو في هذه الظاهرة في كل ولاية وكل بلاد يعني الله يفرج عليهم ويستر وليداتنا وبناتنا

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

شكرا على الموضوع المفيد
صحيح للاسف

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :