عنوان الموضوع : اول رصاصة لحرب التحرير بمستغانم التاريخ الجزائري
مقدم من طرف منتديات العندليب

اول رصاصة لحرب التحرير بمستغانم ....حادثة سيدي علي




حادثة سيدي علي ليلة 31 اكتوبر الى 1 نوفمبر1954

بقلم الاستاذ فاضل عبد القادر

ما ا حدث بسيدي علي كاسني ليلة 31 أكتوبر الى 01 نوفمبر 1954 كما رواها المعمرون
مقتل فرانسوا لوران شهادة أندري سبيتري

تلك هي واقعة لذاكرة جسدت فحواها شهادة حية لم تروى من ذي قبل لجون فرانسوا منديز رفيق القتيل لوران يروي القصة حيث يقول (( منذ ذلك التاريخ ونحن نسعى للبحث من أجل التعريف بتلك الأحداث و من أجل وضع نقطة نظام عن طريق الفيغارو وشهادات الأقدام السوداء لماض وحاضر ... الصدى الوحيد الذي أثار هذه القضية ، هو ما حمله العائدون من الجزائروأصدقاء السيد غوري الذي نشر قصة تلك الليلة المأساوية تحت رقم 81 بتاريخ جويلية 1997 بحثنا
كثيرا بدون جدوى عن أولياء أو أصدقاء مقربين لهذه المأساة لقاؤنا ليس بالبعيد بالسيد منديز ـ رفيق القتيل فرانسوا لوران صاحب 22 ربيعا أما منديز يصغره بسنتين أي صاحب 20 ربيعا .نهاية أفريل 2016 من خلال جمعية عامة لهواة البحث عن النسب والشجرة العائلية والتي تخص معمري الجزائر ، المغرب وتونس إكتشفنا في ألبوم جمع الصور للهواة .السيد جيل و السيد بلوتان ، صورة لمبنى الدرك بكاسيني ، عندها شرحنا لمراسلينا أسباب اهتمامنا بهذه الوثيقة أي الصورة التاريخية ، في شهر ماي وأثناء تجمع كاسيني الساحلي السيد فرانسوا منديز في هذه الصورة يظهر بنفس الملامح التي لاتغيب عن الأذهان اثنين من هواة جمع الصور التذكارية واللذان نشكرهما جزيل الشكر بحيث مكننا من ربط علاقة حدث تاريخي هام ( الضحية بالشاهد ) وساعدنا بذلك على تجسيد الحقيقة
ليلة 31أكتوبر الى 1نوفمبر 1954

(( أنا وزوجتي قضينا أمسية 31 أكتوبر عند أصدقائي عائلة كوارال والتي يشغل ربها نائبا اداريا بالبلدية المختلطة كاسيني وعلى وجه الخصوص مكلف بالقضايا الأمنية . ونحن منهمكين في لعب الورق نتجاذب أطراف الحديث قاطعتنا زيارة قايد ويليس ( الذي سيلقى حتفه على أيدي مجاهدي المنطقة )، أطلعنا على الوضع الأمني الذي لم يكن يبعث على الإستقرار ، بحيث وصله خبر وجود أشخاص غرباء بالقرية وقبل مغادرته منزلنا سألنا فيما إذا نملك أسلحة فأجابت الزوجة دون تردد ـ أسلحة مطبخ ؟، خرج لنقضي مابقي من تلك الليلة كان الفاتح نوفبر على الأبواب أستيقضنا على اثر سماعنا لطلقتي رصاص متتابعتين ،احتمال يتعلق بإشتباك بين عناصر من أهالي المنطقة ، لكن صخب الشارع الذي ارتفع شيئا فشيئا دفعنا مباشرة الى نافذة مكتبي المطلة على أحد الشوارع الرئيسية .
قبالة بابنا يقطن السيد رو دريغاز عامل بمصلحة الطرقات والجسور ، كان في تلك اللحظة يحمل بندقية صيد (هذا الرجل سيختتطف فيما بعد من قبل عناصر من جبهة التحرير ) السيدـ هو ـ جاره
البنكي بالوكالة الجزائرية شاب في مقتبل العمر ، وفي أعالي البرج صديقنا كوارال يطلب من السكان الدخول الى منازلهم على أرضية الطريق بالقرب من نافذتنا المطلة على الشارع نفتحها لنسمع صوتا غريبا يخاطبنا عليكم بفعل شيئ عليكم باليقضة ، هو ذلك الحارس الليلي الذي سيصرع بعد لحظات ويجرد من سلاحه ، وأنا في فترة نقاهة لم أشفى بعد من عملية جراحية ونحن نمر بأيام عصيبة مرعبة زادتني ارهاق .عدنا الى فراشنا يعود الهدوء تدريجيا ، فنسمع صوت محرك سيارة من نوع فلوريد الوحيدة في القرية انها ملك للطبيب جيلبير تسلقت الطريق نحو مقر الدرك المتواجد على بعد 100 متر من منزلنا ، وككل صباح ننهض على أمواج قصيرة لأذاعة مونتي كارلو ونحن نستمع ، فإذا بموجات اتصال لاسلكي تتداخل مع الموجات الإذاعية ـ هنا تانغو فكتور آلفا تانغو فارم دي جونسون ...آلفا تانغو مزرعة دي جونسون هوجمت ، فكانت تلك الترددات متبوعة بمعلومات حرفية مشفرة رقميا و الإستقبال كان عبرموجات طويلة لفرقة الدرك القريبة فتيقنا حقيقة الخطر الذي يحف بنا تلك حوادث ليلة الفاتح من نوفمبر 1954 التي أثارت مخاوف صديقنا النائب الإداري المكلف بالمسألة الأمنية إنه السيد كوارال والى حد هذه القصة نسعى لنروي شهادة جون فرانسوا منديز كما استقيتها وإستقاها بدوره الصحفي ـ ليو بالاسيو الذي نشرها بمسائية صدى وهران بتاريخ 9.11.1954

فرانسوا لوران المعمر الفرنسي البالغ من العمر 22 سنة ، شاب مقبل على انها الخدمة العسكرية وصديقه جون فرانسوا منديز عشرون سنة من منطقة بيكار القرية الساحلية شرق مستغانم وتعرف اليوم ـ خضرة ( ـ منداز ولوران على متن سيارة ـ كات شوفو ـ أربعة أحصنة وصورتهما بحوزتنا فغير طريقهما عبر كاسيني والسيارة في طريقها وعند مفترق طريق ـ جي . دي ويت أي ثمانية قرب مزرعة مونسو نيغو تفاجآ المعمران منديس ، ولوران

برجل غريب يقف في وسط الطريق وكأنه يطلب منا النجدة مثل ما يروي منديز رجل يردي ثياب داخلية قميصا وثبانا ، توقفنا ، صديقي جون فرانسوا منديس الذي كان يقو دالسيارة يفتح الباب فإذا بعيارين ناريين يصيب احدهما رأس فرانسوا لوران ، فجأة يختفي الرجل الذي كان واقفا في وسط الطريق وسط بساتين الكروم ، حليت محل صديقي لوران ماسكا المقود لننطلق بالسيارة مرسعين بعد أن حطم نافذة السائق عن آخره ، تسرع السيارة ذات الأربع أحصنة نحو كاسيني ، مباشرة الى مقر الدرك توقفنا على بعد أمتار عن باب المبنى لوران يطرق الباب دون توقف جون فرانسوا يضغط على زر الجرس ، هدوء يخيم على القرية الفارقة في سبات عميق فجأة دوى صوت صوت رصاصة أولى معلنة حالة طوارئ لوران واقف أمام مصباح السيارة ينزف مصاب في الجمجمة يصرخ ثم ينهار على البسيطة ، طلقتان أخريان تصيب إحداهما لوران الذي كنا ينزف دما . السجن المجاور يوقد حراسه الأنوار ويبدو في هذه اللحظة أن الجماعة الإرهابية انكشفت ـ حسب رواية منديز ـ وتمكنت من الفرار . جون فرانسوا منديز يركض مسرعا نحو القرية طالبا النجدة يمر بالغابة المحيطة بالنصب رالتذكاري للأموات ليجد نفسه وجها لوجه مع رودريغاز الذي ارتدى قندورته أي الجلابة يحمل بندقية صيد

بعد أن ارتدى رودريغازقندورته ـ وللإشارة فإن
المعمرين تأثروا ببعض العادات في الملبس والمأكل وحتى اللهجة بين سكان
القرى ـ ، إثنان من الحرس الليلي ، حضر أحدهما وارتكز أسفل نافذتنا
رودريغاز الذي سيتعرض للإختطاف من قبل عناصر من جبهة التحرير

ـ يصطحب جون
فرانسوا لوران الى السيد جيلبير طبيب بالمنطقة لتقدم له الإسعافات الأولية
إصابته تبدو بليغة يتلقى اسعافات أولية ريثما ينقل الى مستشفى مستغانم
لكن دون جدوى ، باب مقر الدرك يفتح على مصرعيه في وقت عاد الطبيب جيلبير
سيارة الكات شوفو أي ذات الأربعة أحصنة زجاجها محطم من جهة السائق
... فرانسوا لوران جثة هامدة على وشك الموت يؤخذ الشاب فرونسوا لوران على
جناح السرعة الى مستشفى مستغانم لكنه لفظ أنفاسه في الطريق، شيعت جنازته في
بيكار و كأن أي شيئ لم يحدث شخصيات من المجلس البلدي تغيب عن مراسيم الدفن
حسب رواية الناجي رفيق القتيل ..

وخلال هذه الفترة ببلدة ويليس يتبادل
اثنان من الحرس البلدي الفرنسي السيدان جيرفيرو ـ ومنجيني يتبدلان طلقات
نارية مع جماعة من الإرهابيين الذين تسللوا هاربين حيث كانوا يستعدون لغرس
متفجرات داخل حفرة بالقرب من المحول الكهربائي الذي يغذي الظهرة لو نجحت
العملية لتاهت بلدة ويليس وبوسكي وبيكار وكاسيني في ظلام دامس ولحسن الحظ
تنبه الحرس لخطة الإرهابيين عندما اكتشفوا سلالم مسندة على جدار خارجي
لمبنى الدرك ببلدية كاسيني ، حيث كانوا ينتظرون من زملائهم قطع التيار
الكهربائي بعد أن تمكنوا من قطع الخط الهاتفي للهجوم على مقر الدرك ولو تم
ذلك لإستولوا على الأسلحة وإقترفوا مجزرة في حق المدنيين العزل ان هذه
المخططات التي أعدها الإرهابيون اجهضت بفعل الوعي والتعبئة والتجنيد الذي
امتاز به أولائك الذين يستحقون شهادتنا الأبدية

لاأعرف ان تمت مكافأة
أبطال الحرس البلدي ، جون فرانسوا منديز تلقى ميدالية الشرف والشجاعة لوران
فرانسوا منح وسام شرف من الضحايا الأوائل أما بالنسبة لنا نشهد بأنه أول
ضحية في حرب الجزائر ))كما علقت الصحف في 1.11.1954قبل التوقيت المحدد
لحرب الجزائر أطلقت أول رصاصة وأول فرنسي يسقط قتيلا على الساعة 23سا 45
دقيقة 31أكتوبر الى 1 نوفمبر1954
، ويظيف الصحفي وهنا الخيال يسبق الحقيقة
على أن السجن المدني ومركز البريد ومقر مؤسسة الكهرباء والغاز تعرضت
للتخريب .))كانت تلك شهادة أحد المعمرين عن أول عملية عسكرية بالغرب
الوهراني وبالضبط بسيدي علي كاسيني


.للإشارة فإن أول شهيد بالأوراس الشهيد مزوجي أحمد
المدعو قرورو عمر بسريانة سقط بالضبط في المكان الذي إستشهد فيه منطقة
ثنية العابد ولاية باتنة لازال النصب التذكاري من الشواهد المادية
التاريخية
المجد و الخلود لشهدائنا الابرار



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

بارك الله فيك وشكرا على الموضوع

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


الســـــــــــلآم عليـــكم ورحمة الله وبركـآته

شكـــ وبـــــــآرك الله فيـــــــــك ـــــرآ أختي

على هذآ الطرح المميـــــــــــــز

ننتظر جديــــــــــــــدك بشـــــوق



__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

بارك الله فيك

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

ih fakertina fi mostaaaaaa, twahachtha wallah

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

شهداء مستغانم .... أسرار أول شهيد في الثورة ابن عبد المالك رمضان





أسرار أول شهيد في الثورة يكشفها رفيقه المجاهد بلحميتي محمد لـ''الخبر''
سي عبد الله استشهد بطلا وبيده مسدسه ولم يستسلم لجيش العدو

ابن عبد المالك رمضان كان ضحية ''الجرارة'' مكتشفي آثار المشي
النصب التذكاري للشهيد رمضان تحيط به أكوام القمامة

لايزال المجاهد والمناضل السياسي بلحميتي محمد، المدعو ''بن ذهيبة''، رغم بلوغه 80 سنة من العمر، يتمتع بذاكرة قوية، إذ يعد موسوعة تاريخية وذاكرة حية لتاريخ الحركة الوطنية بمنطقة الظهرة، معقل الثورة وقبلة المجاهدين بولاية مستغانم، وهو عنصر فعال ساهم في اندلاع أكبر ثورة تحريرية ضد إحدى أكبر القوى الاستعمارية الاستيطانية في القرن العشرين. كان شاهد عيان على ليلة الحسم، ليلة أول نوفمبر 1954 للمستعمر وللمعمرين في الجزائر، وعايش أول شهيد في الثورة التحريرية، ابن عبد المالك رمضان، الذي استشهد في الرابع من نوفمبر 1954 .
ارتمى بلحميتي في أحضان حزب الشعب في مطلع الأربعينيات، منذ نعومة أظافره، وواكب أزماته ومخاضاته العسيرة وولاداته القيصرية التي أنجبت جيلا من الشباب الثائر. لم يكن مصاليا ولا مركزيا، لم يكن يؤمن سوى بالعمل المسلح ضد مستعمر مستبد وجائر وبتحرير الشعب من قيود العبودية. زارته ''الخبر'' في بيته المتواضع تواضع مدينة ''سيدي علي''، لكشف جوانب خفية من المسيرة النضالية للشهيد ابن عبد المالك رمضان، ابن مدينة الجسور المعلقة وعاصمة الشرق الجزائري، الذي كتبت له الشهادة في اليوم الرابع من ثورة نوفمبر المجيدة. البطل ابن عبد المالك رمضان الذي قال أثناء اجتماع تنظيمي تحضيري لاندلاع الثورة بمنطقة الظهرة لأحد المجاهدين: ''قدمت من الشرق من قسنطينة لأستشهد من أجل الجزائر في الغرب''، فرد عليه رفيق الدرب في النضال السياسي الشهيد، فؤاد سبع: ''وأنا قدمت من الغرب، وبالضبط من مستغانم، وأتمنى الشهادة في الشرق''. وتحققت أمنية الشهيدين فعلا. وكان ذلك أمرا مقضيا بأن ابن عبد المالك رمضان سقط شهيدا بغرب البلاد، وفؤاد سبع مات تحت التعذيب في سجن لامبيز دائرة تازولت حاليا التابعة لولاية باتنة بشرق البلاد.
الحديث عن النضال السياسي مع المجاهد بن ذهيبة حديث مشوق. حاولنا التركيز معه على الفترة الحاسمة في مسار الحركة الوطنية بعد تأسيس المنظمة الخاصة ''لوس'' سنة 1947، واكتشاف أمرها بمدينة تبسة في شهر مارس 1950 والأزمة التي عصفت بحركة انتصار الحريات والديمقراطية التي كادت أن تعصف بالتحضير والاستعداد لثورة مسلحة، بعد وعود فرنسا الكاذبة أثناء الحرب العالمية الثانية ومجازر 8 ماي 1945 التي كانت القطيعة النهائية مع إدارة المستعمر الفرنسي. لقد أدركت النخبة والشعب، وقتها، أن فرنسا لا تفهم إلا لغة القوة ولغة السلاح. في هذا الزخم من الأحداث التاريخية المتسارعة، والصراعات والخلافات التي دبّت في صفوف حركة انتصار الحريات، قرر المناضلون في ولاية مستغانم، حسب المجاهد بلحميتي الذي كان في الـ22 من عمره، عقد اجتماع طارئ بمنطقة الحشم الواقعة شمال شرق مدينة مستغانم على بعد 5 كلم وانتهاج مبدأ الحياد والانتظار، مع مواصلة العمل السياسي والاستعداد للثورة، فكلف، بعد أيام، من قبل الشهيد برجي عمر، بالسفر إلى الجزائر العاصمة لحضور مؤتمر بلكور الشهير كملاحظ وذلك أيام 12، 13، 14 جويلية 1954، حيث جلس بجواره، دون أن يدري، شاب وسيم اسمه بن عودة ''ابن عبد المالك رمضان''، دخل بمفرده وتبادل معه أطراف الحديث لدقائق، فسأله عن الجهة القادم منها وعن الوضع السياسي والاجتماعي في المنطقة وموقف المناضلين من أزمة ''لوس''.
فرّ ابن عبد المالك رمضان بعد أن تمكن، رفقة مجموعة من مناضلي المنظمة، من الإفلات بأعجوبة من قبضة المخابرات والبوليس السري والدرك الفرنسي بعد اكتشاف أمر المنظمة الخاصة وتفكيكها من طرف المستعمر الفرنسي، في ظرف زمني قصير وقياسي والزج بالمئات من المناضلين في غياهب السجون. فرّ إلى منطقة الغرب الجزائري لمواصلة النضال والتحضير لثورة مسلحة إلى غاية يوم الحسم، فعقد اجتماعا هاما من أجل انطلاق العمل المسلح في الغرب الجزائري ليلة 30 أكتوبر 1954 بمنزل المدعو بوحو بشارع المسجد بحي الدرب بوهران، حيث تم توزيع المهام بعد استحداث 5 مناطق عملية.
المنطقة الأولى أوكلت مهمتها لعبد الحميد بوصوف المدعو مبروك.
المنطقة الثانية أوكلت مهمتها لفرطاس محمد المدعو إبراهيم.
المنطقة الثالثة أوكلت مهمتها للحاج بن علا المدعو منصور.
المنطقة الرابعة أوكلت مهمتها لابن عبد المالك رمضان المدعو عبد الله.
المنطقة الخامسة أوكلت مهمتها لأحمد زبانة المدعو حميدة.
مسؤول العمليات العربي بن مهيدي المدعو الصادق.
والمعروف أن معظم مفجري الثورة كانوا من مناضلي المنظمة الخاصة التي تبنت برنامجا تكوينيا سياسيا وعسكريا، تمحور حول ''التدرب عسكريا على حرب العصابات'' التي كانت قاعدة الكفاح المسلح.
أما التحضير للثورة في منطقة الظهرة، فيقول عنها بلحميتي: ''تواصل عملنا بتعبئة المواطنين استعدادا للكفاح المسلح. ففي شهر جوان 1954 اتصل ابن عبد المالك رمضان بمناضل اسمه طهرات الحاج من منطقة الحشم. ثم اتصلنا فيما بعد بواسطة الشهيد برجي عمر، المسؤول على المنظمة في منطقة الظهرة، للاستعداد للعمل المسلح''.
كيف عرفت الشهيد ابن عبد المالك رمضان؟
كان ابن عبد المالك رمضان مبعوثا من اللجنة المركزية لحركة الانتصار، أرسل في مهمة بمنطقة الغزوات قبل الاتصال بمناضلي منطقة الظهرة بمستغانم التي بقيت محايدة ووفية لفكرة الكفاح المسلح. اتصل الشهيد برجي عمر بالشاب بلحميتي الذي خلف المناضل صحراوي المسؤول المكلف بالاتصال في التنظيم، بعد الزّج به في السجن، وأخبره بعقد لقاء هام مع ابن عبد المالك رمضان بمدينة مستغانم. وبعد أيام، التقوا به لمدة ساعة في مقهى الأثرياء بوسط المدينة ودار الحديث حول التحضير والاستعداد للثورة، كان ذلك في شهر سبتمبر .1954
ويذكر المجاهد بلحميتي أنهم بعد أن افترقوا عقب اجتماع ''الحشم''، انصرف ابن عبد المالك رمضان إلى جهة غير معلومة، قد تكون مدينة وهران. وتذكر بلحميتي أن الشخص الذي كانوا رفقته خلال الاجتماع ليس بالغريب عليه، ولم يتذكره إلا بعد أيام، فكان هو نفس الشخص الذي تبادل معه أطراف الحديث في العاصمة بحي بلكور، ووطأت أقدامه لأول مرة منطقة الظهرة في شهر أوت 1954، وهو ابن عبد المالك رمضان.
أول من صادفه ابن عبد المالك رمضان، في طريقه، كان ابن أخ الشهيد برجي عمر، وهو الشهيد برجي قدور، فطلب منه أن يدله على مكان تواجد برجي عمر، فرد عليه بأنه كان غائبا. كان الوقت مساء، وطلب منه برجي عمر انتظار التعليمات الصارمة، بعدم استقبال أي غريب يبحث أو يريد مقابلة برجي عمر. ثم انصرف ليعلمه بوجود شخص غريب (ابن عبد المالك رمضان) يريد مقابلته. وبعد مدّ وجزر استقبله في بيته، وعرض عليه تناول وجبة العشاء، إلا أن ابن عبد المالك رفض قائلا: ''لم أجئ للأكل، وإنما جئت للعمل والنضال العسكري نحن بصدد التحضير للثورة''. فوجئ الشهيد برجي عمر، وفهم مراد ابن عبد المالك الذي قدم نفسه باسم سي عبد الله من مدينة وهران، وجاء من أجل مهمة نبيلة تتطلب تضحيات جسيمة.
دار بعد تلك اللحظة الحاسمة والتاريخية حديث حول التحضير والاستعداد للعمل المسلح، وطلب ابن عبد المالك من برجي أن يقدم له عرض حال عن الوضع التنظيمي في منطقة الظهرة وأخبره أنه بصدد البحث عن رجال قليلي العدد بإمكانهم القيام بعمل جاد وجيد ومقنع، ولا يكون ذلك إلا في إطار منظم. وغادر ابن عبد المالك دوار أولاد الحاج، في الصباح الباكر، عائدا إلى وهران، وكان ذلك أول لقاء في إطار العمل السياسي والنضالي.
وفي ذات اليوم، وبطلب من الشهيد برجي عمر، تنقل المجاهد بلحميتي صباحا على دراجته الهوائية في غياب وسائل النقل من سيدي علي إلى دوار أولاد الحاج، وأخبره عن وجود استعدادات للثورة. وكان ذلك بمثابة بداية سلسلة من الاجتماعات السرية، أغلبها جرت في الغابات وبمغارة سيدي يوسف بعيدا عن أعين المستعمر وعملائه في المنطقة. كما حل يوم 2 أكتوبر العربي بن مهيدي بحجاج، في مهمة للم الشمل وجسّ نبض المناضلين ومدى استعدادهم.
رتّب الشهيد برجي عمر لقاء بين الشهيد ابن عبد المالك رمضان والمجاهد بلحميتي بمستغانم، بمقهى بجوار محطة القطار وسط المدينة. حمل معه جريدة بيده يلامس بها رجله، كدلالة للتعارف، فدنا منه ابن عبد المالك، وناداه باسمه ''سي ابن عودة''. كان ذلك خلال شهر سبتمبر .1954 دام اللقاء أكثر من ساعة خارج المقهى وتمحور حول التنظيم والاستعداد للعمل المسلح، باعتباره الشغل الشاغل للمناضلين. فطلب منه جمع المال في أقرب وقت، على أن يتم تكليف أحد المناضلين بالتوجه للمغرب لاقتناء الأسلحة اللازمة. كما أخبره أن العدد الإجمالي لرجال المنظمة المسلحة في منطقة الظهرة، يصل إلى 350 مناضل، ثم عاد إلى وهران.
التحضير للعمل المسلح
ترك مناضلو الظهرة الخلافات جانبا استعدادا للعمل المسلح بجمع 700 ألف فرنك فرنسي، وجمع وشراء بعض الأسلحة منها مسدسات، بنادق موزير، وبنادق صيد من صنع إيطالي. كما استفادوا من خبرة المناضل الحاج علي، المختص في صناعة البارود والقنابل بواسطة أنابيب الماء. بعدها انطلقوا في التدرب على حرب العصابات. وتم تكوين ثلاثة أفواج كل فوج يضم 10 مناضلين، 10 منهم بمنطقة بحجاج وعشرة آخرين بدوار أولاد الحاج و10 بسيدي علي.
شرع هؤلاء في التحضير للثورة المسلحة التي بدأت بوادرها تلوح في الأفق، مع التكثيف من عقد الاجتماعات السرية المتواصلة مع ابن عبد المالك رمضان الذي وفد إلى الجهة منذ سنة .1953 ومن بين المناضلين الذين أوكلت لهم مهمة الإشراف على التدريب العسكري، المجاهد دوار الميلود الذي أصيب بجروح بليغة يوم استشهاد ابن عبد المالك رمضان. في بداية 1954، توجه كل من ابن عبد المالك رمضان، برجي عمر، دوار الميلود، فرطاس عمر والميهوب إلى وهران لإحضار السلاح وقضوا الليلة في أحد الفنادق، بعد أن انصرف كل من برجي عمر وفرطاس محمد وابن عبد المالك الذي رجع في الصباح. ويروي بن ذهيبة: ''أمرنا بالعودة إلى سيدي علي، قائلا: سنحضر لكم السلاح. وفي اجتماع لاحق قال برجي عمر: يا جماعة كل واحد يدبر سلاحه''. وأضاف: ''وفعلا اهتدى كل واحد لطريقته الخاصة للتسلح، منا من باع ما يملك من دواب وادباش لشراء بندقية صيد''.

مساء يوم 31 أكتوبر1954 على الساعة السادسة عقد اجتماع سري انتهى بتوزيع الأفواج، وكان ابن عبد المالك رمضان ضمن فوج حجاج لمهاجمة مزرعة المعمر ''مونسينيغو'' الواقعة بين ويليس وبوسكي على الطريق الولائي رقم 8 المعروف بعدائه وكراهيته للجزائريين، والهجوم على مزرعة جنسون الواقعة بين بوسكي وشاطئ البحر. وكان فرحي الجيلالي ضمن الفوج المكلف بقطع أسلاك الهاتف وتحطيم الأعمدة بين حجاج وسيدي علي. أما المجاهد بلحميتي، فكان ضمن الفوج الذي انقسم إلى فوجين صغيرين: الأول أوكلت له مهمة مهاجمة ثكنة الدرك الفرنسي بسيدي علي ''كاسين''، اعتمادا على خبرة باشا حبيب وهو دركي سابق.
كاد الأمر ينكشف
كان الجو مساء يوم الأحد 31أكتوبر 1954 باردا وكانت عقارب الساعة تشير إلى الرابعة. كان من المقرر أن يتوجه ابن عبد المالك رمضان إلى عشعاشة، حيث كان في انتظاره 13 مناضلا، لم يعط لهم أمر الانطلاق في مرحلة العمل المسلح، كون مركز إقامة القيادة لابن عبد المالك رمضان لمراقبة ومتابعة العمليات العسكرية عن قرب، تقرر أن يكون بغابة عشعاشة، إلا أنه حدث ما لم يكن في الحسبان، فتغير مسار ابن عبد المالك رمضان الذي كان رفقة دوار الميلود ويوسف الزين. كانوا ينتظرون على قارعة مفترق الطريق بجوار مزرعة جنسون. في انتظار وصول الحافلة ومعهم مناضلون من مجموعة عشعاشة لضمان سلامته وإيصاله إلى عشعاشة. فجأة وقف أماهم ''الشمبيط''، وبلهجة تهديد واحتقار وجّه كلامه لدوار الميلود، فقال له: ''أنت محل بحث، لأنك لم تسدد بعد الغرامة''. فرد عليه بدوره بلهجة المتحدي، وقال: ''لا أسدد، لتذهب إلى حاكمك ولتخبره بذلك.. أن الميلود يقول لك لم ولن أدفع الغرامة ابتداء من اليوم''. ثم التفت ''الشمبيط'' إلى ابن عبد المالك رمضان سائلا: من هذا الغريب عن المنطقة؟ فطلب منه بطاقة التعريف، وهو يحدق فيه، فرد عليه ابن عبد المالك، قائلا: ''اسمع وسّعنا خيرلك.. روح وسّعنا''. وأردف دوار الميلود قائلا لـ''الشمبيط'' الذي تعجب من تحديهما له: ''لسنا في بلادكم نحن في تراب حجاج، وأبناء حجاج لا يخضعون ولا يركعون لفايد مثلكم''. فما كان على ''الشمبيط'' غير المصدق إلا أن ذهب مهرولا إلى ويليس ليخبر الفايد بما حدث من تطاول على شخصه. وعلى التّو قرر ابن عبد المالك رمضان ورفاقه مغادرة المكان، وإلغاء سفره إلى عشعاشة تحسبا لأي طارئ قد يحدث، بعد ما وقع ما وقع مع ''الشمبيط''. وبعد لحظات قبل مغادرة المكان، وصل شاب على دراجة هوائية، سألوه عن سر مجيئه، فرد أنه مرسول من طرف الفايد للتعرف على هويتهم، قائلا: ''سأعود وأقول للفايد إني لم أجد شيئا'' وانصرف عائدا. إلا أن ابن عبد المالك رمضان كان حذرا وغير مرتاح، ولم يصدق كلام الشاب، فقرر إلغاء التوجه إلى عشعاشة وأشرف بذلك على آخر اجتماع تحضيري لانطلاق العمل المسلح في المكان المسمى شجرة الزيتون بغابة أولاد سيدي العربي.
كانت ليلة شديدة البرودة، خيم عليها ظلام دامس. وصلوا إلى مكان الاجتماع عند الساعة 11 ليلا، فوجدوا المناضلين في انتظارهم يتقدمهم برجي عمر. فقام ابن عبد المالك رمضان بتقسيمهم إلى 3 أفواج.
الفوج الأول تحت مسؤولية دوار الميلود مزود بمسدس موزير رفقة ابن زكار لخضر وخديم حمو مسلحين ببندقيتي صيد، وابن عبو امحمد. أما خميني عفيف وزتوني حمو (16 سنة)، فكانا غير مسلحين.
أما الفوج الثاني، فقد أوكلت مهمته لنجاري شارف، ويضم 12 مناضلا مهمتهم الهجوم على مزرعة المير ديجانسون.
في حين كلف الفوج الثالث بقطع أسلاك الهاتف وقطع الأعمدة بين حجاج وسيدي علي، ويتألف من مناضلين فقط. وقبل رفع الجلسة والانتقال إلى المرحلة الحاسمة، وهي مرحلة العمل المسلح، ضبط التوقيت بالساعة الواحدة صباحا من يوم الاثنين، وكان موعد اللقاء غابة الراية لتقييم الوضع بعد تنفيذ العمليات المسطرة.
فزع وهلع وذعر بعد انطلاق الرصاصة الأولى
توجّه كل فوج لتنفيذ مهمة ''الهجوم'' التي كلف بها، بضرب أهداف حساسة تصيب المستعمر في العمق. وحددت الضربات والهجوم عند الساعة الواحدة من صباح يوم الاثنين وكان يوم راحة بمناسبة عيد جميع القديسين ''توسان''، إلا أن الأجواء الاحتفالية بالمناسبة تحوّلت في رمشة عين إلى فزع وهلع وذعر، عندما اخترق سكون الليل دويّ صوت أولى رصاصات المجاهدين إيذانا بذلك بثورة مسلحة ضد المستعمر الفرنسي الغاشم في منطقة الظهرة، قبل الوقت المحدد في حدود الساعة 11 ليلا، بعد أن حدث ما لم يكن متوقعا. ويروي بلحميتي تفاصيل تلك الليلة، قائلا: ''وإذا بمسيّر مزرعة مونسينيغو الواقعة بالطريق الولائي رقم 8 الرابط بين ويليس وبوسكي، يخرج عاريا من الباب الخلفي للمزرعة، فيعدو متوجها نحو الطريق بعد انطلاق الهجوم. وبالصدفة يلتقي بمعمّرين عائدين من مستغانم على متن مركبة فأوقفهم فأدركوا ما يجري، فأمر دوار الميلود المناضل الذي كان قريبا منهم بإطلاق النار عليهم، إلا أن المناضل أخطأ الهدف، ولم يصب أحدا منهم. انطلقت المركبة بسرعة جنونية في اتجاه سيدي علي لإطلاع الدرك بما حدث. لم يكن الدرك يعلم أن الثكنة مطوّقة من طرف مناضلي سيدي علي، الذين تفاجأوا بوصول المركبة للثكنة. وتلقى مسؤول الفوج سي الميلود تعليمات بعدم إطلاق النار، إلا في حال توقفها أمام الثكنة، وهو ما حدث فأطلق عيارا ناريا أردى أحدهم قتيلا، ويدعى لوران، وكانت عقارب الساعة تشير إلى 11 و45 دقيقة.
يؤكد المجاهد بلحميتي الذي كان في عين المكان رفقة 4 مناضلين، أن الفوج انسحب في جنح الظلام سالما لا غانما بعد فشل محاولة الاقتحام والهجوم على ثكنة الدرك. ضربوا موعدا صباح يوم الثلاثاء في المكان المسمى حجرة سي احمد بالطريق المؤدي إلى تازفيت لتقييم الوضع، ثم التوجه فيما بعد إلى غابة سيدي سليمان الواقعة في منطقة بني زنطيس، التابعة حاليا لولاية غليزان، لتقديم عرض مفصل حول ما وقع.
أما ابن عبد المالك رمضان الذي بقي مع فوج حجاج الذين أوكلت لهم مهمة مهاجمة مزرعة مونسينيغو وما حدث عند مهاجمة مزرعة ديجانسون، مخلفا جرح أحد الحراس وأمام ضيق الوقت، انصرف المناضلون دون استيلائهم على الأسلحة عائدين نتيجة سوء تفاهم، والتحقوا بابن عبد المالك رمضان الذي كان يتابع العمليات من غابة الراية، فأخبروه بفشلهم، فرد عليهم قائلا ''لقد نجحتم حين عدتم جميعا''. وعندما حضر أفراد الأفواج الثلاثة، قام بتقسيمهم إلى فوجين، الفوج الأول بقيادته وكان ضمنه دوار الميلود الذي سيرافقه إلى لحظة استشهاده، والفوج الثاني بقيادة نجار الميلود، بعدها توجه ابن عبد المالك رمضان شرقا ونجار غربا.
غادر ابن عبد المالك دوار أولاد سيدي العربي، في الليلة الثانية، متوجها إلى جبل تاكور. وأرسل في المساء كلا من بلغشام احمد والباي محمد إلى غابة سيدي سليمان على أساس الالتقاء مع شخص قادم من وهران، تكون يده اليسرى ملفوفة بمنديل أبيض وحدد لهما ساعة اللقاء عند منتصف الليل. أثناء مغادرتهما الغابة، التقيا في الطريق بكل من بلحميتي المدعو بن ذهيبة وصحراوي المدعو بالميهوب من سيدي علي. كانا في طريقهما للقاء ابن عبد المالك رمضان لحمايته ومرافقته إلى غاية وصوله إلى غابة عشعاشة، إلا أن المناضلين الأربعة لا يتعارفون، وكان كل طرف حذر من الطرف الآخر في حين أن الهدف واحد، وهو السهر على سلامة ابن عبد المالك رمضان حتى لا يقع في قبضة المستعمر.
وبينما كان الطرفان بصدد جسّ نبض بعضهما البعض، صادفتهما دورية عسكرية كانت متوجهة إلى بيت القايد محمد بسيدي علي الذي دعاهم لتناول العشاء، فألقي القبض على هؤلاء يوم الثلاثاء 2 نوفمبر 1954 وتم تسليمهم إلى عناصر الدرك الفرنسي، لينقطع بذلك اتصال ابن عبد المالك بمبعوثيه دون أن يعلم. وانتظر عند منتصف الليل ساعة موعد العودة في المكان المحدد، دون أن يظهر أي خبر عليهما، فقرر العودة إلى دوار أولاد الحاج بويليس عند برجي عمر وقضيا الليلة في غابة أولاد البارودي حيث تاه في ليلة صقيعية مظلمة كثيفة الضباب، بعد أن قطع مسافة تفوق 20 كلم مشيا في دروب وعرة وشعاب عميقة وجبال مرتفعة ووديان فائضة.
ويستمر محدثنا في تقديم شهادته: ''عندما لاحت خيوط الفجر، أمر مرافقه دوار الميلود بالبحث عن الطعام، فوجد فلاحا يحرث أرضه، فطلب منه طعاما، ومن باب الحيطة أمره بتكليف ابنه بإحضار الأكل وأن يبقى هو في الحقل. وبعد دقائق عاد الطفل من البيت يحمل إبريق القهوة وخبزا، فطلب منه إحضار زجاجتين لملئهما بالقهوة، فبادر الفلاح بالكلام قائلا للميلود: ''أنت خائف مني سأقدم لك معلومات والله هو العالم''، فأخبره أن كلا من الباي وبلغشام وبلحميتي والصحرواي قد وقعوا في قبضة العسكر والقوات الفرنسية تستعد للقيام بعملية تمشيط لمنطقة الظهرة انطلاقا من الأصنام، فأسرع عائدا لإخبار ابن عبد المالك رمضان بما قاله الفلاح بالتفصيل، فأخرج من جيبه بوصلة وخريطة وقال ''لا بد من الوصول عند برجي عمر''.
القدر أراد أن يستشهد ابن عبد المالك رمضان في غابة بجوار أولاد سيدي العربي وأولاد خليفة
قضى ابن عبد المالك رمضان ليلة الأربعاء إلى الخميس، مشيا على الأقدام، عائدا إلى ويليس. تاه بين شعاب ووديان جبال الظهرة الكثيفة الضباب وراح يسابق ظلام الليل، إلى أن فاجأه شروق صباح يوم 4 نوفمبر بغابة محاذية لدوار أولاد سيدي العربي ودوار أولاد خليفة. إلا أن القوات الفرنسية كانت تترصد له وقد جندت أرمادة من عملاء المنطقة من فياد وحاشيتهم وعملاء فرنسا، يتقدمهم مقتفي آثار، إلى أن وصلوا للغابة التي كان يختبئ بها ابن عبد المالك رمضان الذي طلب ممن كانوا رفقته عدم إطلاق النار، إلا بإشارة منه، إلا أنهم انسحبوا من المكان، ولم يبق بجانبه سوى دوار الميلود. وفي هذه الأثناء، تم تطويق الغابة فوقع اشتباك عنيف بين ابن عبد المالك رمضان والفرنسيين، وجرى إطلاق نار كثيف إلى أن سقط شهيدا وبيده مسدسه، ولم يستسلم للعدو الفرنسي، وكان أول شهيد لثورة نوفمبر الغراء وتحققت أمنيته بالاستشهاد في الغرب الجزائري، وحوّلت جثته الطاهرة إلى ثكنة الدرك بسيدي علي وألقي بها أرضا أمام أعين الموقوفين الأربعة الذين كان من المفروض أن يرافقوه ويحموه حتى يصل إلى غابة عشعاشة. وقد قال لهم أحد الدركيين: ''هذا رئيسكم قد قتلناه''. أما دوار الميلود، فقد أصيب بجروح خطيرة وعانى من بطش وعذاب جلادي المستعمر، وحكم عليه بالمؤبد و20 سنة أشغالا شاقة إلى غاية سنة 1962، ووافته المنية منذ سنوات فقط.
أما المجاهد بلحميتي، فقد سجن بمستغانم ووهران والبروافية والحراش، وحكم عليه بالمؤبد ليطلق سراحه سنة .1962
الشهيد ابن عبد المالك رمضان، ابن مدينة قسنطينة، يرقد بمقبرة الشهداء بمدينة بسيدي علي المجاهدة. وأقيم له نصب تذكاري بمكان استشهاده، إلا أنه يوجد في حالة يرثى لها بسبب الإهمال والتخريب، تحيط به أكوام من القمامة.
تبقى جوانب خفية من المسار النضالي والتاريخي لأول شهيد في ثورة نوفمبر، فيما يخص الظروف التي استشهد فيها، إذ هناك من يجزم بأنه راح ضحية وشاية وقتل على يد عملاء فرنسا، قبل أن يسلم إلى الدرك.


https://www.elkhabar.com/ar/autres/dossiers/308201.html
-