عنوان الموضوع : سلسلة أعلام الجزائر
مقدم من طرف منتديات العندليب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد...

يشرفني أن أقدم إلى منتدانا المحترم سلسلة للتعريف بأعلام الجزائر ، و لن التزم فيها بالترتيب الزمني بل ارفع كل ما انتهى من اعداده من تراجم حسب توفر المصادر و المراجع و الله ولي التوفيق :

الإمام المحدث الحافظ : ابن قرقول

اسمه و كنيته:

الامام العلامة، أبو إسحاق، إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الله بن باديس بن القائد، الحمزي المعروف بابن قرقول (1)

أما تلميذه الحافظ ابن دحية فقد ذكر ان اسم جده أدهم بدلا من ابراهيم و هو ما ذهب اليه ايضا الزركلي حيث نسبه هكذا :إبراهيم بن يوسف بن أدهم الوهراني الحمزي، أبو إسحاق ابن قرقول - بضم القافين وسكون الراء المهملة بينهما، وبعد الواو لام - (2).
و النسبة الثانية هي الأقرب الى الصحة لأنها بقلم أقرب تلاميذته و اكثرهم صحبة له.

ولادته:

ولد بمدينة المرية Almeria بالأندلس سنة 505 هـ / 1111 م ، و فيها حفظ القرآن الكريم و تعلم علوم العربية و آدابها من نحو وصرف وبيان و شعر ، كما درس بعض كتب الفقه المتعارف على تدريسها وتلقينها للناشئين حسبما جرت به عادة أهل ذلك العصر.

شيوخه و رحلاته في طلب العلم:

يذكر الإمام الذهبي أن أول شيوخه هو جده لأمه أبو القاسم بن ورد الذي تعلم على يديه مبادئ العربية ، و حفظه القرآن الكريم ، و سمع منه الحديث الشريف و روي عنه ، كما سمع من أبي الحسن بن نافع، وروى عنه، وعن أبي الحسن بن اللواز، وأبي العباس بن العريف الزاهد، وأبي عبد الله بن الحاج الشهيد.
كما حمل عن أبي إسحاق الخفاجي " ديوانه الشعري ".
و من شيوخه ايضا : محمد بن حكيم بن محمد بن أحمد بن باق الجزامي (ت 538 هـ بفاس وقيل: بتلمسان)، من أهل سرقسطة سكن غرناطة ثم مدينة فاس يكنى أبا جعفر. (3).

- محمد بن خلف بن موسى الأوسي، أبو عبد الله الأنصاري، الأندلسي، الألبيري، نزيل قرطبة قرأ عليه كتابه " النكت والأمالي في النقض على الغزالي " ، ورسالة " الانتصار " على مذهب أئمة الأخبار، و ورسالة "البيان في حقيقة الإيمان " ورسالة " الرد على أبي الوليد بن رشد في مسألة الاستواء " وأخذ عنه كتاب " شرح مشكل ما في الموطأ وصحيح البخاري ".(4).

- أما تلميذه الحافظ ابن دحية فقد ذكر جملة من شيوخ ابن قرقول في كتابه ( المطرب من أشعار المغرب ص 64 ) فقال انه " قرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتقنه على أبي جعفر بن عزلون صاحب القاضي أبي الوليد الباجي، وعلى القاضي الإمام أبي القاسم ابن ورد، وروى صحيح مسلم عن أبي عبد الله بن زغيبة الكلابي يرويه، عن العذري. ورحل إلى شرق الأندلس للقاء الأستاذ العالم إمام النحو والآداب، والشارح للحديث والفقيه والأصول والأنساب، أبي محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسى، فقرأ عليه كتاب التنبيه على الأسباب الموجبة لاختلاف الأمة، وهو كتاب حسن.... وشيوخ شيخنا جملة عديدة، وتصانيفه متقنة مفيدة "أ.هـ.

وقد وهم محمد بن جعفر الكتاني فأضاف الى شيوخه القاضي عياض - و لم أجد في المصادر التي طالعتها من ذكر القاضي عياض من شيوخه - قال الكتاني :
" الحافظ أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف الوهراني الحمزي المعروف بابن قرقول كعصفور المتوفى بفاس سنة تسع وستين وخمسمائة وهو من تلاميذ عياض "( الرسالة المستطرفة ص 106 ).

و قد اشتهر ابن قرقول بكثرة رحلاته في طلب العلم و الحديث الشريف على عادة الائمة الحفاظ ، فقد وصفه ابن الأبار بأنه :" كان رحالاً في العلم فقيهاً نظاراً، أديباً، حافظاً، يبصر الحديث ورجاله " و لذلك فقد تعددت رحلاته من مالقة إلى سرقسطة ، الى سبتة، ثم إلى سلا، ثم إلى فاس التي توفي بها.
كما اشتهر بحسن الخط و جودته فيه ، فقد وصفه جميع من ترجموا له :" صنف وألف مع براعة الخط وحسن الوراقة ، بديع الكتابة ".

علمه و مجالسه

تذكر المصادر التي ترجمت له رغم قلة المعلومات انه تصدى لرواية و تدريس الحديث الشريف ، بل ان بعض الاخبار الموجودة في شذرات الكتب تتحدث عن شروح و تفسير للقرآن الكريم ، فها هو الامام أبى زكريا محيى الدين بن شرف النووى (ت 676 هـ) يستشهد باقوال ابن قرقول في شرحه لكلمة آمين ، يقول النووي : " ...وقال ابن قرقول - بضم القافين - وهو أبو إسحاق صاحب "مطالع الأنوار": آمين مطولة ومقصورة ومخففة، وأنكر أكثر العلماء تشديد الميم، وأنكر ثعلب قصر الهمزة إلا في الشعر، وصححه يعقوب في الشعر وغيره، والنون مفتوحة أبدًا مثل: أين، وكيف، واختلف في معناه، قيل: كذلك يكون، وقيل: هو اسم من أسماء الله تعالى أصله القصر، فأدخلت عليه همزة النداء، قال: وهذا لا يصح؛ لأنه ليس في أسماء الله تعالى اسم مبني ولاغير معرب، مع أن أسماء الله تعالى لا تثبت إلا بقرآن أو سنة متواترة، وقد عدم الطريقان في آمين، وقيل: آمين درجة في الجنة تجب لقائلها، وقيل: هو طابع الله على عباده يدفع به عنهم الآفات، وقيل: معناه اللهم أمنا بخير، هذا ما ذكره صاحب "المطالع"". (تهذيب الأسماء واللغات: 3 / 288).

الى جانب تدريسه للفقه و تصدره للفتيا على مذهب الامام مالك رحمه الله ، و كانت مجالسه تتخللها المدارسات النحوية و الأدبية ، اذ ان ابن قرقول رغم شهرته في الحديث الشريف رواية و درايه ، فانه عرف ايضا بانه نحوي و لغوي لا يشق له غبار ، كما كان يخطب في الناس الجمعة و يهتم بالدعوة و الارشاد.
وتذكر نفس المصادر انه عقد له بمدينة مالقة بجامعها الاعظم مجلس عام لرواية و قراءة و شرح الصحيحين و الموطأ و كان يحضر مجلسه خلق كثير استفادوا منه و من علمه: " كان لابن قرقول بجامع مالقة الأعظم، مجلس عام، سوى مجلس تدريسه، يتكلم فيه على الحديث، إسناداً ومتناً، بطريقة عجز عنها الكثير من أكابر أهل زمانه". كما ان الناس اجتمعوا به و طلبوا الاستفادة مما عنده من علوم و خاصة رواية الحديث لما انتقل الى فاس وقد نهل من منهله الصافي وتضلع به خلقٌ كثير، ومن أشهرهم:

- عبد الله بن الحسن بن أحمد بن يحيى بن عبد الله الأنصاري المالقى، القرطبي الأصل، يكنى أبا محمد، ويعرف بالقرطبي: " كان في وقته ببلده، كامل المعارف، صدرا في المقرئين والمجودين، رئيس المحدثين وإمامهم، واسع المعرفة، مكثراً، ثقة، عدلاً، أمينا، مكين الرواية، رايق الخط، نبيل التقييد والضبط، ناقداً، ذاكراً أسماء رجال الحديث وطبقاتهم وتواريخهم، وما حلوا به من جرح وتعديل، لا يدانيه أحد في ذلك، عزيز النظر، متيقظاً، متوقد الذهن، كريم الخلال، حميد العشرة، دمثاً، متواضعاً، حسن الخلق، محبباً إلى الناس، نزيه النفس، جميل الهيئة، وقوراً، معظماً عند الخاصة والعامة، ديناً، زاهداً، ورعاً، فاضلا، نحوياً ماهراً، ريان من الأدب، قائلاً الجيد من الشعر، مقصدا ومقطعاً.... تلا بمالقة على أبيه، وأبي زيد السهيلى، والقاسم بن دحمان، وروى عنهم، وعن أبي الحجاج بن الشيخ، وأبوي عبد الله بن الفخار، وابن نوح، وابن كامل، وابن جابر، وابن بونة. وبالمنكب عن عبد الوهاب الصدفي. وحضر بمالقة مجلس أبي إسحق بن قرقول.
ألف في العروض مجموعات نبيلة، وفي قراءة نافع. ولخص أسانيد الموطأ. وله المبدي لخطإ الرندي".
( الاحاطة في اخبار غرناطة للسان الدين بن الخطيب : 1 / 487 ).
- عمر بن عبد المجيد بن عمر الأزدي المعروف بالرندي، من أهل رندة يكنى أبا علي: " كان من جملة المقريين، جهابذة الأستاذين، مشاركاً في فنون، نقاداً ،... روى عن أبي زيد السهيلي، وعنه أخذ العربية والأدب، وبه تفقه، وإياه اعتمد. وتلا القراءات، بقراءات السبعة، وعن أبي إسحق بن قرقول .... شرح جمل أبي القاسم الزجاجي، وألف برنامجاً جامعاً. روي عنه أبو عبد الله بن تسكر القاضي، والشيخ أبو عبد الله بن عبيد الأوسي، وأبو عبد الله الطنجالي، والخطيب ابن أبي ريحانة". ( الاحاطة في اخبار غرناطة للسان الدين بن الخطيب:2 / 86 ).
- محمد بن مسعود الخشني الأندلسي الجياني المعروف بمصعب الخشني: " كان أحد الأئمة المتقنين، وأحد المعتمدين في الفقه والأدب، إماماً في العربية؛ جال الأندلس في طلب العلم. وروى عن ابن قرقول وابن بشكوال، وعبد الحق الإشبيلي، وأجاز له السلفي، وولي قضاء بلده ". ( خزانة الادب لعبد القادر بن عمر البغدادي : 2 / 293).

- الكريم التميمي : " الكريم التميمي الفاسي من رجال المائة السادسة وهو صاحب كتاب المستفاد يروي عن ابن قرقول" ( فهرس الفهارس لعبد الحي الكتاني : 2/ 686 ).

- الحافظ الاديب ابن دحية مؤلف كتاب " المطرب من أشعار المغرب": "ابن دحية الشيخ العلامة المحدث الرحال المتفنن مجد الدين أبو الخطاب عمر بن حسن بن علي بن الجميل ...سمع أبا بكر بن الجد وأبا القاسم بن بشكوال وحدث بتونس ب صحيح مسلم عن طائفة وروى عن آخرين منهم ابو عبد الله بن بشكوال وقال سمعت منه كتاب الصلة .... وأبو إسحاق بن قرقول ،وكان بصيرا بالحديث معتنيا بتقييده مكبا على سماعه حسن الخط معروفا بالضبط له حظ وافر من اللغة ومشاركة في العربية وغيرها ولي قضاء دانية مرتين وصرف لسيرة نعتت عليه". سير اعلام النبلاء للذهبي : 22/ 389 - الترجمة رقم 248)

ثناء العلماء عليه:

وصفه مؤرخ الاسلام الإمام الذهبي بأنه:

- " الامام العلامة المحدث" ، و بأنه : " الامام الحافظ ... وكان رحالا في العلم نقالا فقيها، نظارا أديبا نحويا، عارفا بالحديث ورجاله ،وكان من أوعية العلم، له كتاب " المطالع على الصحيح " غزير الفوائد ". ( سير أعلام النبلاء للامام الذهبي 20/520).

- وقال عنه ابن فرحون: " كان فاضلاً وصحب جماعة من العلماء بالأندلس". ( الديباج المذهب في اعيان المذهب 3 /413).- و قال عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني :" صاحبُ التواليف أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن قَرقُول الحَمْزي". (تبصير المنتبه بتحرير المشتبه ( 1 / 182 ).
- ووصفه تلميذه الحافظ المحدث ابن دحية مجد الدين أبو الخطاب بأنه : " الفقيه الإمام المحدث الأصولي النحوي اللغوي أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف " ( المطرب من أشعار المغرب: ص 64 ).

صداقته لأبي زيد السهيلي:

وكان رفيقا لابي زيد السهيلي وصديقا له [وأبو زيد: هو عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي الاندلسي المالقي، صاحب " الروض الانف " في شرح السيرة النبوية لابن هشام المتوفى سنة 581 هـ ]، فلما فارقه وتحول إلى مدينة سلا [مدينة بأقصى المغرب الشقيق]، نظم فيه أبو زيد أبياتا، وبعث بها إليه، وهي:

[poem=font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/3.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
سلا عن سلا إن المعارف والنهى =بها ودعا أم الرباب ومأسلا
بكيت أسى أيام كان بسبتة = فكيف التأسي حين منزله ســلا
وقال أناس إن في البعد سلوة = وقد طال هذا البعد والقلب ما سلا
فليت أبا إسحاق إذ شطت النوى = تحيته الحسنى مع الريح أرسلا
فعادت دبور الريح عندي كالصبا = بذي غمر إذ أمر زيد تبسلا
فقد كان يهديني الحديث موصلا = فأصبح موصول الاحاديث مرسلا
وقد كان يحيي العلم والذكر عندنا = أوان دنا فالآن بالنأي كسلا
فلله أم بالمريـة أنجبت = بـه وأب ماذا من الخير أنســلا[/poem]

وفاته:

توفي ابن قرقول بمدينة فاس يوم الجمعة أول وقت العصر سادس شوال [وقيل في شعبان] سنة تسع وستين وخمسمائة.( 569 هـ/ 1174 م)
وقد ذكرت هذه المصادر (تكملة الصلة: 151، وفيات الاعيان 1 / 62، 63، الوافي بالوفيات 6 / 171)، أنه توفي يوم الجمعة : "وكان قد صلى الجمعة في الجامع، فلما ضرته الوفاة تلا سورة الإخلاص، وجعل يكررها بسرعة، ثم تشهد ثلاث مرات، وسقط على وجهه ساجداً فوقع ميتاً، رحمة الله تعالى".

مؤلفاته

لقد ألف مترجمنا الكثير من المصنفات ، يدل على ذلك قول ابن الآبار السابق ذكره :" و قد صنف و ألف"، ولكن مع الأسف فاننا لا نعرف الا كتابه : " مطالع الأنوار على صحاح الآثار " الذي صنفه على مثال مشارق الأنوار للقاضي عياض [ و قد ادعى حاجي خليفة صاحب " كشف الظنون " في المجلد 2 صفحة 1715 أن مطالع الأنوار هو مختصر لمشارق الأنوار و هذا غير صحيح ] ، وهو كتاب في تفسير غريب الحديث وضبط ألفاظه، رتب فيه الكلمات على ترتيب حروف المعجم المعروف بالمغرب بحسب حرفها الأول ثم الثاني ثم الثالث، وقد جمع فيه بين ضبط الألفاظ واختلاف الروايات وبيان المعنى, وخصه بالموطأ وصحيحي البخاري ومسلم. منه نسخ في جامعة القرويين بفاس رقم: 594، 624، 1641 والقاهرة ثاني 1/149 كما توجد منه نسخ في المكتبات التركية.
انظر نسخه الخطية في " تاريخ بروكلمان 6 / 277.

و قد اهتم العلماء بهذا الكتاب فاقتبسوا منه ، و لخصوه ، و صنفوا على منواله وقد قمت باحصائية بسيطة حسبت فيها عدد الاستشهادات التي اخذت من اقوال ابن قرقول من كتابين في شرح صحيح البخاري فوجدت التالي:
- فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر: 33 استشهادا.
- عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني: 138 استشهادا.
مما يدل على رسوخ كعب هذا العالم الجزائري ، و معرفته و اطلاعه على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- و قد ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في ترجمة محمد بن محمد بن عبد الكريم أنه نظم كتاب مطالع الأنوار ، قال رحمه الله :" محمد بن محمد بن عبد الكريم بن رضوان بن عبد العزيز الموصلي الأصل البعلي المولد نزيل طرابلس ...مهر في الفنون وقال الشعر وصنف التصانيف ونظم مطالع الأنوار لابن قرقول".( الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة:3/ 583).
كما ذكر الامام السخاوي في ترجمة أبو الثناء بن الشهاب ، الترجمة رقم 544 أنه ممن لخص كتاب مطالع الأنوار و هذبه قال رحمه الله :" محمود بن أحمد بن محمد النور أبو الثناء بن الشهاب الهمذاني الفيومي الأصل الحموي الشافعي .....تفقه على علمائها في ذلك العصر وارتحل لمصر والشام فأخذ عن أئمتها أيضاً إلى أن تقدم في الفقه وأصوله والعربية واللغة وغيرها، .....وصنف الكثير كمختصر القوت للأذرعي وهو في أربعة أجزاء سماه إغاثة المحتاج إلى شرح المنهاج وقيل إنه سماه لباب القوت وتكملة شرح المنهاج للسبكي وهو في ثلاثة عشر مجلداً والتحفة في المبهمات وشرح ألفية ابن مالك وتحرير الحاشية في شرح الكافية الشافية في النحو له أيضاً ثلاث مجلدات وتهذيب المطالع لابن قرقول في ست مجلدات واختصره فسماه التقريب في الغريب في جزءين جوده" ( الضوء اللامع: 5 / 61 مكتبة الحياة – بيروت).


الهوامش:

(1) - سير أعلام النبلاء – الذهبي : 20/520 الترجمة رقم: 334.
(2) - (الاعلام للزركلي 1 / 81 ).
(3) و (4) - (الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب لابن فرحون: 1 / 352- 353).


المصادر و المراجع:

- سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي - مؤسسة الرسالة بيروت ط 9.
- وفيات الاعيان: لابن خلكان ، تحقيق إحسان عباس، دار صادر – بيروت.
- مقدمة العلامة ابن خلدون دار احياء التراث العربي بيروت – لبنان - ط 4.
- الوافي بالوفيات لصلاح الدين الصفدي - دار الكتب العلمية بيروت لبنان.
- كشف الظنون لحاجي خليفة - دار إحياء التراث العربي بيروت – لبنان.
- شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي - دار الفكر . بيروت .
- الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب لابن فرحون – الشركة الوطنية للنشر و التوزيع – الجزائر.
- الإحاطة فى أخبار غرناطة للسان الدين بن الخطيب. تحقيق : محمد عبد الله عنان - مكتبة الخانجى بالقاهرة ـ ط 2.



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

[align=right]السلام عليكم و رحمة الله و بركاته



مصطفى بن قارة المستغانمي

اسمه و كنيته :

هو عبد القادر بن عودة بن الحاج محمد بن قارة مصطفى الشريف الحسني من سلالة سيدي عنيف بمستغانم .

مولده و طلبه للعلم:

ولد بمستغانم مسقط رأسه سنة 1862م كما جاء في " الكتاب الذهبي " (le livre d’or de l’algerie) و قيل سنة 1859 م ، و الأول هي الأصح لأنها من رواية تلميذه ابن شهيدة .
و لذا كان محل عناية أبيه مصطفى أحد أشهر حفظة القرآن الكريم في وقته ، حيث اشرف شخصيا على تحفيظه القرآن الكريم منذ صغره ، و بعد وفاة الوالد انتقل إلى كفاله عمه " الشيخ سيدي بن عودة " بمدينة غيلزان حيث يقيم العم الذي رباه أحسن تربية و علمه ما يحسنه من العلوم الدينية كالتفسير و الحديث و الفقه ، كما تعلم النحو و الصرف على يد علماء مدينة غليزان.

وعاد بعد ثلاث سنوات إلى مدينة مستغانم ليواصل طلبه للعلم.

رحلاته لطلب العلم و شيوخه:

قام مترجمنا برحلات متعددة لطلب العلم إلى كل من قصر البخاري وتلمسان ووهران ، و تعلم على علماء و شيوخ نذكر منهم :

- الشيوخ العربي بلقاسم و المدني و العكرمي – بزاوية الموسوم – بقصر البخاري .
- الشيوخ سيدي أحمد المختار و الطاهر بن عمار و الأخضر بن ميموني .
- الشيخ العربي الفجيجي الذي تلقى عنه علوم النحو و الصرف و العروض.
- العلامة أبو الحسن سيدي علي بن عبد الرحمن ، مفتي الديار الوهرانية ( ت 1324 هـ ).
- الشيخ ابن عبد الله شيخ زاوية غليزان.
- القاضي أبو بكر بن شعيب بن علي الجليلي التلمساني ( ت 1347 هـ / 1927م ).
- الشيخ قدور بن سليمان المستغانمي
- الشيخ محمد بن أبي القاسم الحفناوي - بزاوية الهامل ببوسعادة.

أما ابرز تلاميذه فهم:

- ابنه البكر ولد البشير.
- الشيخ الطاهر بن شهيدة اليحياوي .
- القاضي و الشاعر عبد الحميد رئيس محكمة وهران.
- الشيخ الفقيه يوسف المجاهري ( ت 1944هـ ).
- الشيخ الصوفي احمد بن مصطفى العلوي .

نشاطه و أعماله :

عمر الشيخ بن قارة المسجد الأعظم بمستغانم كأستاذ لحلقاته ابتدءا من سنة 1885 م حيث كان يحفِظَ القرآن الكريم و يدرس الحديث و الفقه المالكي و التوحيد و النحو و الصرف ، و يقول تلميذه ابن شهيدة بان شيخه ابن قارة كان محل اهتمام أهل المنطقة ، و أن أول درس شرع فيه الشيخ حضره عالم من علماء المدينة المنورة و قال لهم بعد أن استمع لدرس الشيخ : " يا أهل مستغانم لقد فتح الله عليكم عينا من عيون العلم و المعرفة فاشكروه على نعمه، و اغتبطوا في ذلك و اغتنموا تسعدوا ".
كما كان الشيخ يلقى دروسا في مساجد المدن التي كان ينتقل الى زيارتها .

الإجازات المتحصل عليها :

من بين الإجازات التي كان الشيخ يعتز بها إجازة القاضي أبو بكر بن شعيب بن علي الجليلي التلمساني، فقد قال عنه : " و قد أجازني إجازة عامة مفصلة و سند القاضي شعيب في إجازته عموما موجود عند الشيخ عبد الكبير الكتاني و جعفر الكتاني و الشيخ القادري و القهري و العمراني و العنادي و علي بن عبد الرحمن شويوش ، و يعبر عنه بالوهراني والطالي و المهدي و الفقيه ابن حمزة و القاسمي و الفحلي و ابن غزة ....الخ " .

ميزاته العلمية :

كان الشيخ ابن قارة محدثا فقيها و مفتيا و ناظما ، و يغلب إليه الميل القليل إلى المتصوفة في غير إفراط ، فقد وصفه معاصروه بأنه عالم جليل متواضع قليل النضير ، عالم مصلح بارز و معلم من معالم مدينة مستغانم الذي تمتع فيها بسمعة و مكانه رفيعة.

آثاره :

1 ) - منظومة " قرة الأعيان في أدب تلاوة القرآن " و هي منظومة من 124 بيتا قسمها إلى مقدمة و فصول أشار إلى اسمها في مقدمتها فقال:
سْميتها بقرة الأعيان....في آداب تلاوة القرآن
و قد قام العلامة الشيخ محمد بن طكوك بتقريظ هذه المنظومة قائلا:
أيا من تسامت له همــة .... ترغبه أبدا في الكتاب
مرتل آياتـــه خاشعـــــا ..... فديتك عرج على ذا الآداب
على نسج ذاك البليغ الفصيح ....كنز العلوم حليف الصواب.

2 ) – " حتمية الأنوار المحمدية النبهانية مختصر المواهب اللدنية السلطانية " و هو نظم مختصر " الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية " للشيخ القاضي يوسف بن إسماعيل النبهاني المتوفي سنة 1922 م ، و هو مجموع أبيات، منظومة في 92 بيتا.

3 ) – " نيل الأمان في شرح عقد الجمان لنظم فتح الرحمن " و هو شرح لأصل " عقد الجمان النفيس في تراجم علماء غريس " لمؤلفه سيدي عبد الرحمن التوجيني الذي قام بنظمه القاضي شعيب التلمساني ، و قد شرحه نظما تلبيه لطلب القاضي شعيب ، حيث يقول في هذا الصدد: '' فأجبته بعد الاستخارة و شرحته بفضل الله امتثالا لأمره و إسعافا لرغبته على ما اعلمه من نفسي من القصور عن ذلك الشأن ، و سميته بنيل الأمان في شرح عقد الجمان لنظم فتح الرحمن .....''.
و عقد الجمان سبق للشيخ محمد بن محمد بن أحمد بن أبي القاسم الراشدي المزيلي أن قام بشرحه في منظومة سماها : '' فتح الرحمن في عقد الجمان ''.

4 ) – رسالة مطولة في صفحات أربع كبيرة كتبها كرد على جواب العالم الأمثل سيدي بن عودة ابن إسماعيل إمام مسجد زاوية الشيخ بن عبد الله بغليزان فيما يتعلق بفتاوى شيخه العلامة علي بن عبد الرحمن مفتي الديار الوهرانية ساق فيها الأدلة الشرعية و البراهين العقلية التي لا تقبل الجدال في صحة ما أفتى به شيخه.

5) – مخطوط : رسالة في جواز إعطاء الزكاة لآل البيت.

6) – مخطوط : إرشاد الخلق إلى الحق .

7 ) - رسائل في فنون متنوعة من توحيد وفقه و إرشاد و نحو و صرف ( توجد عند بعض الخواص ).

المناصب التي تولاها :

عين مدرسا بالجامع الأعظم بمستغانم خلفا للشيخ محمد الحاج بن عمر بعد تعيين هذا الأخير سنة 1885 م مفتيا للمدينة، حيث كان يحفظ و يشرح القرآن الكريم ودرس متن خليل و بن عاشر ، و الحديث الشريف فدرس صحيح البخاري و الموطأ و الأربعين النووية ، و التوحيد و السيرة الشريفة و الأخلاق و غيرها من الآداب .

في سنة 1898 م عين مفتيا لمدينة مستغانم بعد وفاة الشيخ محمد الحاج بن عمر ، و قد احدث تعيينه في هذا المنصب ضجة داخل المدينة نظرا لصغر سنه ، حيث كانت هذه الوظيفة لا تسند إلا للكهول و كبار السن ، و لكن هذه الضجة سرعان ما خمدت بعد ان شاهد المواطنون من فقه و حكمة الشيخ و عمق معارفه و غزارة علنه حيث بقي الشيخ في هذا المنصب حتى بدأت أيادي الاستعمار الفرنسي تتدخل في تعيين رجال الدين الذين يهادوننها و لا يحرضون المواطنين عليها ، و لما كان الشيخ ممن لم يسكتوا عن مظالم الاستعمار و لم يكن يفوت أي فرصة أو درس الا و حرض المواطنين على عدم الرضوخ للاستعمار ، فقام الحاكم الفرنسي بعزله من منصب المفتي.

وفاته :

توفي الشيخ رحمه الله يوم الاثنين 1375 هـ / 14 فبراير 1956 م بمدينة مستغانم ، و قد حضر تأبين جنازته و صلى عليه الشيخ محمد بن طكوك و الشيخ الطيب المهاجي عالم وهران و مسندها و الشيخ المهدي بوعبدلي مفتي الشلف و غيرهم ، و دفن بتربة سيدي قدور بن سليمان .

المصادر :

- أعلام الجزائر : منشورات وزارة المجاهدين سنة 2008.
- تعريف الخلف برجال السلف للحفناوي - مؤسسة الرسالة ، الطبعة الثانية 1985.
- بن سكيرج أحمد الرحلة الحبيبية الوهرانية – طبعة حجرية – فاس ( د.ت. ط ).
- المستغانمي ( عبد القادر بن عيسى ) مستغانم و احوازها عبر العصور تاريخيا و ثقافيا و فنيا ، المطبعة العليوية ، مستغانم ، الطبعة الأولى ( د. ت . ط ).
- مقال لأحد تلاميذ الشيخ بعنوان " وفاة المفتر الشيخ عبد القادر بن قارة مصطفى " منشور بجريدة النجاح السنة 35 ، العدد 4378 ، سنة 1956 م .
- ابو القاسم سعد الله ، تاريخ الجزائري الثقافي ج4.
-Brochien jean André (le livre d’or de l’algerie) baconnier frères . Édition Alger 1937[/align]


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

السلام عليكم

بارك الله فيك اخي الفاضل

مشكور على كل ماقدمته

اشجعك في المواصلة

موفق في الدارين ان شاء الله


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

بارك الله فيك على الموضوع القيم
جزاك الله خيرا على المعلومات الثمينة
تحياتي لك بالنجاح

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

بارك الله فيك وكثر الله من امثالك

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

العلامة الفقيه الاصولي النظار المجتهد اللغوي الحجة المتصوف الامام الطاهر العبيدي السوفي مولدا ، التوقرتي إقامة و مستقرا ، ينحدر من اولاد سيدي عبيد ببئر العاتر ( ولاية تبسة بأقصى الشرق الجزائري).

نسبه :

هو الطاهر بن العبيدي بن علي بن بلقاسم بن عمارة بن بلقاسم بن سليمان بن عبد الملك بن الهادي بن احمد خذير بن عبد العزيز بن سليمان بن سالم بت ابراهيم عبد الحليم بن عبد الكريم بن عيسى بن موسى بن عبد السلام بن محمد بن جابر بن جعفر بن محمد بن محمد بن عبد الله ابن ادريس الاصغر ابن ادريس الاكبر ابن عبد الله الكامل ابن الحسن المثنى ابن الحسن السبط بن الامام علي ( رضي الله عنهم).

مولده و نشأته :

ولد الاستاذ الطاهر العبيدي في مدينة الوادي عاصمة سوف سنة 1304 هـ ، الموافق لسنة 1886 م ، والده كان يحترف الحدادة ، ارسله منذ صغره الى الكتاب لتعلم الحروف العربية و لحفظ القرآن الكريم، و قد تميزت منطقة وادي سوف و بعض المناطق الجزائرية ( غرداية – المسيلة و غيرها ...) بلسانها العربي الفصيح المبين الذي لا عجمة فيه و لا لوثة تختلط بصفاء اللسان مما كان له تأثير كبير على اللغة اليومية المعتادة فيما بينهم ، و هو ما ساعد القوم على قراءة القرآن الكريم الذي شاع حفظه في تلك الربوع حتى بين النساء ، و لم يشذ – مترجمنا – عن اترابه و لداته فقد تمكن من حفظ القرآن الكريم حفظ تمكن و إتقان و لما يتجاوز الثانية عشر من العمر ، بينما يذهب الأستاذ محمد محدة في تحقيقه لرسالة الستر و تعليقه عليها في معرض ترجمته للشيخ العبيدي الى انه حفظ القرآن الكريم في سن التاسعة ، يقول : " و ظهر عليه بوادر النجابة و الذكاء في سن مبكرة ، حيث حفظ القرآن الكريم في سن التاسعة من العمر " ثم انكب الفتى على دراسة العلوم الشرعية و اللغوية ، فحفظ المتون المعروفة في التفسير و الفقه و الحديث و الأصول .... و تفتقت عنده الملكة الفقهية و هي بمثابة الرصيد المخزون الذي راح ينمو باضطراد عجيب ، و يتصاعد وفق خط بياني واضح في حياته العلمية.

تحصيله العلمي و شيوخه:

اجمع كل الذين ترجموا للشيخ العبيدي انه اخذ علوم الشريعة و اللغة عن الشيخين عبد الرحمن العبيدي و محمد العربي بن موسى ، و لكنهم لم يشيروا الى انه تتلمذ على الشيخ القاضي عمارة من قرية " تاغروت " و لم يذكروا انه كان يحضر إلى دروس الشيخ الصادق بلهادي العقبي ( 1869 / 1939 ) مع صديق طفولته الشيخ إبراهيم بن محمد الساسي العوامر ( 1881 / 1934 ) '' صاحب الصروف في تاريخ الصحراء و سوف '' و غيره من التواليف ، و حسب ما ذكره الشيخ إبراهيم العوامر نفسه في كتابه '' البحر الطافح في فضائل شيخ الطريق سيدي محمد الصالح " أن الشيخ الصادق العقبي كان يتبرع بدروس في زاوية سيدي سالم - او الزاوية السالمية - بالوادي ، و من هنا نفهم ان تلمذة الشيخ العبيدي عل الشيخ الصادق بلهادي كانت من تلك الدروس في تلك الزاوية .... و يذكر الدكتور سعد الله في " تجارب في الأدب و الرحلة '' ( ص 100 ) : ''... أنه أخذ العلم إجازة بالمراسلة من الشيخ المكي بن عزوز الذي راسله بها من الأستانة '' أ.هـ

هجرته و أساتذته:

في سنة 1904 م هاجر الشيخ العبيدي الى تونس للتحصيل على مزيد من العلم بجامع الزيتونة ، و من ابرز العلماء الذين اخذ عنهم من الجامع الأعظم الإمام محمد بن الطاهر بن عاشور ، و العلامة محمد الخضر حسين ، و الشيخ احمد بن مراد و الشيخ حسن بن يوسف ، و فضيلة الأستاذ محمد النجار ، و الشيخ احمد البنزرتي و الأستاذ الكبير صالح الهواري ، و الشيخ خليفة بن عروس ، و الشيخ بن محمود ، و الشيخ النخلي و غيرهم مكن الشيوخ .

و يبدو من خلال بعض الكتابات انه صاحب زعيم النهضة الإصلاحية الامام عبد الحميد بن باديس أيام طلبه للعلم بالزيتونة ، و تبقى هذه المعلومة غير مؤكدة ، و إن كان الدكتور سعد الله يستنتج تخمينا بعد استقراء يقوده الى افتراض الصحبة بين الشيخين من خلال لفظة لابن بادي " قديم التذكار " جاءت في سياق مراسلة بين الرجلين بتاريخ جمادى الثانية 1337 هـ ، و يغلق الدكتور سعد الله على ذلك بقوله : " و هناك أوجه شبه و اختلاف بين ابن باديس و الشيخ العبيدي ، من ذلك صداقتهما ايم الطلب في تونس ، و هو ما يشير اليه ابن باديس في رسالته بعبارة [ قديم التذكار ] رغم انها عبارة غير صريحة في هذا المعنى " أ,هـ (تجارب في الأدب و الرحلة '' ( ص 101 ).
و لا نعلم - على وجه الدقة - المدة التي مكثها شيخنا بحاضرة تونس ، فقد سكت الذين ترجموا له عن هذه النقطة باستثناء الأستاذ محمد محدة الذي حددها بثلاث سنوات.

العودة الى الوطن و جهوده في التعليم و الاصلاح:

بعد تلك الفترة التي قضاها طالبا بالزيتونة عاد الشاب الطاهر العبيدي الى ارض الوطن يتدفق حيوية ، و يزخر بالعلم و بما انعم الله عليه ، عاد و على كاهله أمانة ثقيلة و رسالة شاقة آل على نفسه الاضطلاع بها ، عاد إلى مدينة الوادي ليتصدى لنشر الثقافة الإسلامية و تعليم الناشئة .. و لم يطل به المقام في البلد الذي درج فيه طفلا و ترعرع فيه شابا و تقلب بين جوانحه يافعا ، حتى وجد نفسه مضطرا الى مغادرة الأسرة و القبيلة تاركا العشيرة و البيئة متجها نحو مدينة توقرت لتصبح هذه الأخيرة فيما بعد هي موطنه و محل إقامته و يستقر فيها استقراره النهائي الذي دام نصف قرن و زيادة ....و السبب الرئيس الذي جعل مترجمنا ينتقل من سوف الى مدينة ورقلة كان تنفيذا وفيا و مخلصا لوصية أستاذه محمد العربي بن موسى الذي أشار عليه أن يخلفه في الإمامة و التدريس بالمسجد الكبير بتقرت ... و كان ذلك الانتقال بداية عهد جديد ....
و كان أيضا بداية للاضطلاع بمهمة جليلة مثقلة بالمسؤوليات ، و كان كذلك بداية لرحلة في مجال الخطابة و التأليف و الإفتاء و الاطلاع الواسع الذي لا يعرف التوقف و الانقطاع ... رحلة مليئة بالعطاء و التبليغ و هداية الخلق ... و منح الأستاذ الإمام الطاهر العبيدي للرسالة التي أنيطت به كل ما يمتلك من مجهود علمي ، و لم يبخل بكفاءته التي راحت تتنامى و تزيد مع الأيام .. و كانت تجربة دسمة بالثراء الفكري و الرؤية النيرة التي تدفع عن هذا الدين الشبه التي يثيرها المبطلون و يروج لها المرجفون الذين يتربصون بالإسلام و يتابعون مسار رسالته ، و من اجل ذلك لم يتخل الشيخ الطاهر العبيدي - يوما واحدا - عن أداء هذه الأمانة منذ ان تحملها سنة 1907 م ، و قام بها أحسن قيام ، و أدى ما عليه نحو ربه و دينه و أمته - رغم الظروف غير الملائمة في كثير من الاحايين - وافيا غير منقوص الى آخر يوم في حياته.
و كان الشيخ العبيدي - وحده- عالم منطقة ورقلة و فقيهها المجتهد و مثقفها الأكبر لا يشاركه في ذلك مشاركة طيلة ستين سنة ... و في خلال هذه المدة استطاع - بتوفيق من الله - ان يفسر القرآن الكريم حسب رواية الأستاذ عبد السلام سليماني : " ....و في العاشر من محرم سنة 1353 هـ الموافق ل 17 ابريل 1934 هـ ختم العبيدي تفسيره للقرآن الكريم ، و عاشت تقرت مهرجانا عظيما لم تعرف مثله من قبل و من بعد ، و لا احد اليوم من أبنائها يذكر ذلك الحدث العظيم " أ.هـ .

وفاته:

توفي الشيخ بعد حياة مليئة بالجهاد في سبيل نشر العلم و اصلاح الامة و تبصيرها بتراث الاسلام العظيم يوم 28/01/1968م بمدينة تقرت ، و كان يوما مشهودا خرجت فيه مدينة تقرت عن بكرة ابيها لتوديعه ، و حضر جنازته الكثير من بقايا جمعية العلماء المسلمين .

آثاره:

ترك الشيخ اثارا كثيره منها تفسيره للقرآن الكريم الذي كتب منه بعض تلامذته اجزاء منه لا تزال مخطوطة في كراريس ، و الكثير من الفتاوي و البحوث الاصولية لكنها مع الاسف مبعثرة عند تلامذته و حفدته و الكثير منها ضاع .

- منظومة بعنوان : " النصيحة العزوزية في نصرة الاولياء و الصوفية ".
- منظومة بعنوان : " نصيحة الشباب المريحة للسحب و الضباب ".

المراجع:

- معظم المعلومات عن هذه الترجمة مأخوذة من مقالة بعنوان : " العلامة الشيخ الطاهر العبيدي الفقيه الصوفي" منشورة بجريدة العقيدة عدد 76 : الأربعاء 1 شعبان 1412 هـ / الموافق ل 8 فيفري 1992 م بقلم الاستاذ أحمد بن السائح.

- محاضرة مطبوعة بعنوان : " الشيخ العبيدي بمناسبة يوم العلم " ألقيت يوم الجمعة 14 افريل 1983 م بالمسجد الكبير بتقرت، من إعداد حفيده ( ابن بنته) الأستاذ سليماني عبد السلام.