عنوان الموضوع : الثورة على الطاعون! .
مقدم من طرف منتديات العندليب

ناطحة سحاب جزائرية اسمها أحلام مستغانمي.. الثورة على الطاعون!








أنا بصدق لا أعرف الموقف السياسي للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي من الربيع العربي الجهنمي ولا أعرف موقفها مما يسمى الثورة السورية ولا يهمني.. لكن ماكتبته عن الألم والوجع الإنساني الذي اجتاحها بسبب مجزرة أطفال مدرسة عكرمة في حمص يجعلني لا أنظر إلى موقفها السياسي إلا باحترام وإعجاب مهما كان.. سواء كان مع الدولة الوطنية السورية أم مع المعارضة والمسلحين الناتويين.. لأن الكاتب الحر والمثقف لديه حس مرهف ونبض إنساني في عروقه وفيضان أخلاقي يرفع دوما من حسه ويجعله يرتقي نحو الذرى ويقف كما ناطحات السحاب بين كتاب ومثقفين صغار تشبه قاماتهم أكواخ القش والطين المتهالكة القزمة التي تجرفها تيارات الأنهار الكبرى وتنتهي مع كل فيضان..
مثقفو الطين والمستنقعات وحقول النفط لا يشمون رائحة الدم الطفولي ولا توقظهم الآهات البريئة لأن الأكواخ الطينية القزمة لا ترى ماتراه ناطحات السحاب ولا تتعطر مثلها بالهواء العليل ولا تتغازل مع الرياح.. بل تكون التماسيح جيرانها والخراتيت والأفاعي.. ومن التماسيح تتعلم أخلاق الغابات ورقّة الجلد.. ومن الوحوش تتعلم فلسفة الحياة.. وفي الليل تتعلم نقيق الضفادع ومنادمة الجرذان والقوارض.
أما ناطحات السحاب فإنها تسهر مع النجوم وتستحم بمطر قطراته من ضوء الشمس النقي قبل أن يصل إلى الأرض.. وتمر من جانبها كل الغيوم الوردية والرمادية والبيضاء.. ومن هنا نفهم ما تكتبه ناطحات السحاب على صفحة السماء ونعرف أن موقفها السياسي له جذر إنساني وأخلاقي عملاق.. ومهما اتفقنا معه أو اختلفنا فلا نملك إلا أن نحترمه وننحني له..
أما سكان الكهوف والمغاور ومثقفو أكواخ القش والطين فنفهم لماذا لا يعرفون إلا كتابة الطاعون وتوزيع كؤوس القيح المملوءة من نزيز في قلوبهم والصديد السائل من عقولهم.. بعضهم يجف عقله وقلبه من شدة الطاعون فيصمت كالخشب أمام وجع الناس ومنظر أطفال دخلت النار في حقائبهم وأحرقت دفاترهم وألوان رسوماتهم وذوبت حروفهم وأقلامهم التي نزفت وتفحمت وماتت أيضا على صدورهم واستشهدت معهم..
بعض صفحات المعارضة تديرها شركات دعاية غربية وشركات علاقات عامة متخصصة بالحرب النفسية وعقودها بمئات ملايين الدولارات.. وهي تقود حملة عواء هستيري وتحتفل بموت الحروف والأطفال لأن مهمة هذه الشركات تحريض الغرائز وتحريض الهمجية وتلقين جمهور غاب وعيه الحقد والبهيمية وتعليمه فن الكراهية ليصبح جمهورا يعيش في زمن الطاعون الأسود ولا يغادر الكهوف ويتعلم شرب الدم ويدمنه مثل دراكولا.. بعض الشركات استأجرت مواطنين سوريين وعربا في المنافي يبحثون عن المال أو عن وظيفة خسيسة لتكون لهم صفحات شخصية تبدو عفوية وتدفع لهم مبالغ على كل سطر يحرض على الكراهية العبثية والدموية المذهبية والبغضاء العفنة ليخلقوا تيارا يجرف ما بقي في مجتمعاتنا نحو الهلاك المجاني.. وأعرف أن بعضهم صار يعيش على هذه المبالغ وبعضهم صار يبني أعمالا ويبدأ مشروعات شخصية في المنافي بسبب هذا النشاط..
لكن خطورة هؤلاء أنهم صاروا تلامذة أمام أتباعهم وضحاياهم الذين صاروا مثل الدبابير التي تهاجم كل من يريد زراعة القمح ودوالي العنب وحقول الليمون والزيتون بدل المقابر والمستنقعات وأكوام القمامة..
ولذلك فقد شنت الدبابير والضفادع وجموع التماسيح والأفاعي هجوما شرسا على الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي ونهشتها بلا رحمة لأن أحلام زرعت وردا على أكفان الأطفال فيما مرضى الطاعون يريدون منها أن تصبح من فصيلة القوارض التي تنشر الطاعون.. وبدا لي أن أحلام صارت تشبه ناطحات سحاب نيويورك تهاجمها طائرات مجنونة لا ندري من يقودها ومن يوجهها ومن يخطط لها.. تماما كما لازلنا لا نعرف من دبر أحداث سبتمبر ومن خطط لها.. ما نعرفه أن طائرات المعارضة التي هاجمت ناطحة السحاب الجزائرية أحلام مستغانمي مليئة بالخفافيش والغربان والدبابير وكل الحشرات ناقلات الملاريا والطاعون.. وما نعرفه أن مثقفي أكواخ الطين والقصب يتعاطفون مع الدبابير ويوجهونهم من أماكنهم في برك الطين وبرك النفط لأنهم لا يتحملون رؤية الأبراج وناطحات السحاب التي لا تنهار وتبقى راسخة فيكشف ارتفاعها حقيقة الأقزام.
لا أعتقد أن أحلام تسقطها أسراب المجانين ولهاث البعوض وطنينه.. لأن حروف المثقف الحر أقوى من ناطحات السحاب وهو بحسه وأخلاقه جبل شاهق وقممه لا ترضى بما دون النجوم..
أحلام مستغانمي وجعها لامس قلوبنا ونقدره.. ورأيها السياسي مهما كان فإنه لن يكون غرائزيا بسبب إصرارها على أن تدافع عن الفطرة والأخلاق التي لا تقبل بقتل أطفال تحت أي مبرر سياسي.. لكن تحديها للقراصنة سيسجل لها طويلا في "ذاكرة الجسد" المشرقي.. وأبراجها أثبتت أنها من أعلى الأبراج.. وهي بعبراتها صارت ذاكرة جسد لا تقتله الحمى.. وذاكرة أمة لا تؤثر فيها "فوضى الحواس" وحمى المذاهب..
أترككم مع ثورة العاطفة وثورة الذاكرة وثورة أحلام مستغانمي ضد الطاعون في ما كتبته احتجاجا على ثوار الطاعون الذين هاجموها لأنها تعاطفت مع أطفال شهداء في مدرسة عكرمة في حمص:
*****
من عجائب هذا الزمن الذي فقد صوابه وبوصلته.. أنّني مذ نشرت تعليقي عن مجزرة حمص التي جُلّ ضحاياها من الأطفال، اكتشفت من التعليقات التي خصّتني بالشتم والتجريح، واتهمتني بالعمالة أن الضحايا من طائفة بالذات دون أخرى.
لا عقلي ولا قلبي قبلا بتصديق ما قرأت. أبلغنا هذا الحد من الطائفية؟!
وهل أصبح متوجّباً عليّ أنا الجزائرية، ابنة وطن لم نعرف فيه الطوائف ولا يميّز جلّنا بينها، أن أدرس خريطة سورية والعراق مدينة، مدينة قبل أن أتعاطف مع ضحية. هل أحقّق في مذهب ميّت لأعرف هل أصفه بالقتيل أم بالشهيد؟ فأقرّر أأبكيه أم أشمت به؟
المقالات الستين التي كتبتها سابقا عن العراق، إذن، وبكيت فيها الفلوجة والموصل وحلبجة وبغداد، كيف فاتني أن أفتح عيون موتاهم لأسألهم عن معتقداتهم وأعراقهم. وقد كنت أخال العراق وطنا واحداً، كما سورية ولبنان. فهكذا هي في قلوب الجزائريين وأبناء المغرب العربي أجمعين.
لقد قضيت ليلة البارحة في متابعة الحروب والشتائم المتبادلة بينكم في صفحة أحمل مسؤوليتها، وكان أجدى بي أن أقضيها في العبادة فقد كانت من أفضل الليالي عند الله.
عذرا أحبّتي، أتعبتني خلافاتكم التي لا عهد لي بها، فقد جئت هذا العالم طيبة وبريئة.أنا امرأة جزائرية، جنسيتي عربية، ديني الإسلام وقضيتي الإنسانية. وبحكم تربيتي أؤمن أنّنا نولد جميعنا بشر، بعضنا رفعهم الله إلى مرتبة إنسان. لذا ما كانت لي من غاية في هذه الدنيا غير الفوز بهذه المرتبة.
أتمنّى أن تعذروا صمتي بعد الآن، لن أعلّق على أيّ حدث كان. تباً لها من أمّة لا يمكن للمرء فيها أن يكون مواطناً ولا إنساناً ولا حتى بشرا. لا أعرف أمّة غير العرب تكفّلت بتحقيق أمنيات أعدائها، وخاضت الحروب نيابة عنهم، وأعادت أوطانها نصف قرن إلى الوراء، وما زالت تموّل خرابها، وتقتل وتذبح أبناءها بخنجرها، كي ينعم عدوّها بالأمان.
أخيراً.. للّذين سألوني لماذا لم أكتب عن مذبحة أخرى لأطفال سورية غير هذه، أنشر إحدى النصوص التي كتبتها بتاريخ 1 يوليو 2016، و ثمّة غيرها بإمكانكم العثور عليها في الانترنت.
"مذ مذبحة الحولة ما عدتُ كاتبة، أنا أمٌّ تنتحب. تلك الطفولة النائمة في لحاف دمها عرّتني من أي مجد أدبي، أصغر طفل مُسجّى في شاحنات الموت، هو أكبر من أيّ كلمات قد يخطها قلمي. اسمحوا لي أن أصمت بعض الوقت. لا حبر يتطاول على الدمّ.
هؤلاء الصغار الذين ذهبوا في براءة ثياب طفولتهم، يواصلون نومهم في أكفان أصغر من أقدارهم، خضّبوا بدمهم دفاتري، شلوا برحيلهم يدي. بعدهم أصبحت أخجل أن أكون مازلت على قيد إنسانيتي، أتقاسم الحياة في هذا العالم مع قتلة، يحملون أوراق ثبوتيّة تدّعي انتسابهم لفصيلة البشر. أحتاج أن يتجاوز دمعي ذهوله لأكتب أحاسيسي.
رحم الله شهداء سورية الحبيبة الصغار منهم والكبار، وعوّضهم في الآخرة بحياة أجمل من التي سُرقت منهم في هذا العالم الذي أمسى حقيراً".




بقلم نارام سرجون




>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :