عنوان الموضوع : أوروبا أكثر تضامنا مع إسرائيل، والعرب أكثر بعدا عن الله ..؟! اخبار
مقدم من طرف منتديات العندليب

بقلم: د . محمد لعقاب.

هناك مقولة مشهورة تطلق على المكسيك، فيقال "مسكينة هي المكسيك لبعدها عن الله، وقربها من أمريكا" ، وبدون شك فإن العبارة واضحة تماما وهي تشير إلى أن، مشاكل المكسيك كلها نابعة من أمريكا. هذه المقولة هي ذاتها تصلح على العرب، فنقول " مساكين هم العرب، لبعدهم عن الله وقربهم من أوروبا .. وأمريكا أيضا ".

صرح بعض المسؤولين الفرنسيين المكلفين بمشروع "الإتحاد من أجل المتوسط" بأن الجزائر ستشارك في قمة "الإتحاد من أجل المتوسط" يوم 13 جويلية القادم على مستوى عال.

لماذا الإصرار الفرنسي على مشاركة الجزائر ؟
ويأتي هذا التصريح رغم أن الجزائر لم تعلن بعد بشكل رسمي عن موقفها، وهناك لغاية اللحظة احتمالات المشاركة الأكيدة ، بسبب توجه الجزائر نحو " المشاركة في مؤتمرات فرانكوفونية " التي تعكس مشاركتها في " الإتحاد من أجل المتوسط " ، لكن للجزائر عدة مخارج للدفاع عن مكانتها في حوض المتوسط منها المشاركة كملاحظ مثلما فعلت عدة مرات في مؤتمرات دولية، أو المشاركة بمستوى متواضع بحجة عدم نضج الفكرة لديها وهي تنتظر وضوح معالم المشروع أكثر.

لكن السؤال المطروح بشكل ملح : لماذا تصر فرنسا على مشاركة الجزائر ؟
ولماذا تسرب معلومات مفادها أن الجزائر ستشارك بمستوى رفيع رغم عدم اتخاذ القرار في المرادية ؟

وهنا نعود لمكانة الجزائر في الضفة الجنوبية لبحر المتوسط، فهي تتوسط شمال إفريقيا جغرافيا، وتقسمه إلى قسمين ، وهي المؤهلة لتكون قوة اقتصادية وعسكرية في المنطقة، وهي السوق الإقتصادية المتكون من 35 مليون نسمة، وهي بلد الثروات الطبيعية والبشرية، وهي المصدرة الأول للكفاءات حسب دراسة أ‘دتها جامعة الدول العربية ونشرت مؤخرا، وهو يخدم فلسفة " الهجرة الإنتقائية لساركوزي " ، وهي البلد الواسع جغرافيا بحجم قارة بكاملها، يربط أوروبا بإفريقيا وخاصة بدول الساحل التي تركز عليها الأنظار الغربية، وهي الدولة النفطية ، ودولة الغاز الذي يرتبط به مصير أوروبا، وعبرها سيتم ربط أوروبا بالغاز الإفريقي القادم من نيجيريا، وغيرها من المعطيات العديدة الأخرى، وهناك عوامل ثقافية أكيدة تتعلق باللغة الفرنسية، وبوجود جالية جزائرية بفرنسا في حدود ثلاثة ملايين مهاجر نصفهم يتمتع بجنسية فرنسية.

ودولة كهذه هي التي تعطي الشرعية لمشروع ساركوزي، لذلك تصر فرنسا على مشاركة الجزائر، بأي شكل من الأشكال. ومنه نفهم دلالة التصريحات التي تأتي بين الحين والآخر من باريس، فهي تغازل الجزائر من أجل الحضور والمشاركة، وستكون باريس في اسعد أيامها إذا شاركت الجزائر بوفد رفيع المستوى.

ولكن رغم محاولات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي المستميتة لإنجاح المشروع، فإن محاولاته تبدو متعثرة جراء التردد العربي وخاصة الجزائري. ويرى كثير من المتتبعين للعلاقات الأوروبية العربية أن هناك عدة عوامل متحكمة في تردد العرب تجاه مشروع ساركوزي منها:

الكراهية والكراهية المضادة
منذ 11 سبتمبر 2016 ، نمت في المجتمع الغربي وخاصة الرسمي كراهية مفرطة تجاه العرب والمسلمين بصفة عامة، وقد تم التعبير عن ذلك في عدة أشكال، منها تصريحات مسؤولين كبار في أوروبا تتحامل على المسلمين وعلى الإسلام، ومنها توجهات وسائل الإعلام الغربية نحو الإساءة للإسلام وللرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ومنها وصف الإسلام بالإرهاب، ومها التضييق على العرب والمسلمين بالتأشيرات والمطاردات والمحاكمات وأحيانا بدون وجه حق، ومنها العمل على محاصرة الإسلام في أوروبا مثل قضية الحجاب وطرد الأئمة، ومنها " انتاج إسلام أوروبي على المقاس " على شاكلة المجلس التمثيلي للإسلام في فرنسا، وغيرها ممن الأمور.

ومن الطبيعي جدا أن يكون لكل فعل رد فعل يعاكسه ويساويه أو يفوقه في القوة والمقدار. فنمت في المجتمع العربي والإسلامي موجة كراهية أيضا للمجتمع الغربي، وبدون شك فإن هذه الموجة في رحاب المجتمع قد تجعل أصحاب القرار يتريثون تجاه مشروع ساركوزي الذي أصبح في نهاية المطاف مشروعا أوروبيا.

من ماركة فرنسية إلى ماركة أوربية
هناك أطراف غير عربية وأحيانا غير متوسطية تدير ترتيبات لتوظيف المشروع لصالحها وبحسابات مختلفة. وهذه الأطراف هي أول من وجه الطعنة لمشروع ساركوزي ، فألمانيا كانت أول من تحفظ على المشروع، بحجة أنه يقسم دول الإتحاد الأوربي بين دول مطلة على البحر المتوسط، ودوله الشمالية. وهو ما جعل ساركوزي يتخلى " عن العلامة المسجلة لمشروعه " بوصفه " ماركة فرنسية " ليصبح " ماركة أوروبية ".

انقسام عربي .. ووهم الهيبة الدولية

إن تحول الإتحاد من أجل المتوسط إلى ماركة أوروبية، جعل البلدان العربية تتخوف أكثر، وما قالته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ، كرره الزعيم الليبي معمر القذافي بطريقته الخاصة خلال القمة العربية المصغرة المنعقدة مؤخرا بطرابلس الليبية والتي شارك فيها الرئيسي عبد العزيز بوتفليقة، فمعمر القذافي قرر عدم المشاركة بدعوى أن المشروع لا يخدم العرب بل يقسم العرب إلى قسمين، عرب البحر المتوسط والعرب الآخرين، بل يقسم العرب عن حلفائهم في إفريقيا، ويقسم إفريقيا أيضا إلى قسمين. وهذا مبرر كافي لرفضه.

وباستثناء مصر وتونس والمغرب التي تعتقد أن انضمامها في مثل هذه التجمعات سيكسبها " هيبة دولية " أو لحسابات أخرى، مثل حسابات المغرب للصحراء الغربية، فإن الدول الأخرى مازالت غير متحمسة منها سورية التي زارها مؤخرا وفد فرنسي رفيع المستوى لإقناعها بالمشاركة .

إبعاد تركيا بطريقة ذكية
إن العامل الرابع هو عامل حسام أيضا، وهو خاص بأوروبا لكن أبعاده تمس كل العالم العربي والإسلامي. فساركوزي أعن أكثر من مرة، وحتى قبل أن ينتخب رئيسا لفرنسا أنه يعارض بقوة انضمام تركيا للإتحاد الأوروبي، باعتبار تركيا دولة تضم نحو 80 مليون غالبيتهم العظمى مسلمين سنة. ويرى ساركوزي أنه من غير المقبول الموافقة على انضمام تركيا لأنها تغيرر " هوية الدول الأوروبية المسيحية ". وهكذا جاء الإتحاد من أجل المتوسط لتطييب خاطر تركيا، واسطنبول تدرك هذا تماما، لهذا مازالت متمسكة في حقها الإنضمام للإتحاد الأوروبي، ولم تبد لحد الآن تحمسا للإتحاد من أجل المتوسط.

ربيع إسرائيل في أوربا
هناك عامل خامس يتحكم أيضا في تعثر " الإتحاد من أجل المتوسط " ويتعلق الأمر بتخوفات من احتمال تحوله إلى نافذة للتطبيع السريع والقصري مع الكيان الصهيوني. خاصة أن هذا المشروع بادر به ساركوزي المعروف بتحيزه الصريح لإسرائيل. والأكثر من هذا أن أوروبا في الوقت الأخير أبدت تعاطفا كبيرا مع إسرائيل، وهناك عدة مؤشرات تدل على ذلك دلالة واضحة. منها:

1 – تعاطف الإعلام الفرنسي أكثر من أي وقت مضى مع إسرائيل، وقد احتفى الإعلام الفرنسي بالذكرى الستين لقيام الكيان الصهيوني بدون الاهتمام بالمجازر الإسرائيلية في غزة.

2 – كان الفلسطينيون يحضون ببعض التعاطف في السويد، لكن في الآونة الأخيرة تراجع " الشعور بالألم الفلسطيني " في أجندة وسائل الإعلام وتصريحات الساسة السويدين.

3 – لا توجد دولة أوروبية واحدة لم ترسل سياسيا واحدا على الأقل إلى إسرائيل في الآونة الأخيرة.

4 – إجماع الدول الأوربية على حصار غزة، غذائيا ونفطيا وطبيا ، وغلق المعابر رغم إشهار منظمات حقوقية عدة أن الحصار يؤدي إلى كارثة إنسانية.

5 – خلال الأسبوع الماضي وافق مجلس وزراء الإتحاد الأوربي على آلية لرفع التمثيل الإسرائيلي في هياكل الإتحاد الأوروبي.

6 – وفي ظل هذا التعاطف الواضح والمعلن عنه، يتنامى عداء كبير للعرب والفلسطينيين وحزب الله، ويبرز ذلك في عدة مجالات وعلى عدة مستويات. ليس المجال لإثارتها في هذا المقال.

ألم أقل لكم مساكين العرب لبعدهم عن الله، وقربهم من أوربا وأمريكا أيضا. ؟



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :