عنوان الموضوع : ليبيا ومعادلات التغيير المُكَلِّف اخبار
مقدم من طرف منتديات العندليب
يصطدم التغيير في ليبيا بعدد من المعوقات الهيكلية التي تضفي نوعا من التعقيد يجعلنا نميل إلى أن التغيير في ليبيا سيكون هو الأعلى كلفة (بشريا وماديا) على صعيد التغيير في العالم العربي.
لقد تميز عصر الثورات الرقمية بأنه تغيير لا يقوده تنظيمات مسلحة ولا يعتمد على السلاح أصلا، ولا تقوم عليه الجماعات الهيراركية الكبيرة (لا جماعات سياسية ولا دينية) ولا معارضة حزبية ذات أفكار أيديولوجية، ولا يعتمد على الصحافة الورقية التقليدية، بل ثورات شبابية من صنع العالم الافتراضي عبر وسائط وشبكات التواصل الاجتماعي Social Networking مثل: اليوتوب والفيس بوك وتويتر وكل ذلك من خلال شبكة الإنترنت والهواتف النقالة المزودة بكاميرات.
ذلك العالم الرقمي الافتراضي الذي حوّله الشباب إلى واقع معيش على الأرض، يأكل الطعام، ويمشي في أسواق، وينادي بالتغيير الاجتماعي ويصنعه، ويتكلم بلسان الناس ويعبر عن همومهم وآمالهم بلا تعالي ولا تكلّف.
لقد تحركت قطع الدومينو في بلدان النظام العربي وفعلت فعلها ولا يشك أحد أن النظام الليبي سيلحق بالنظامين التونسي والمصري، إنها مسألة وقت فقط، لقد دارت عجلة الزمن، وأذنت شمس النظام الاستبدادي في ليبيا بالمغيب، وإنما النصر صبر ساعة لا شك أن الليبيين سيصبرونها، ولا شك أنهم سيتجاوزون العقبة الكؤود بل ويقتحمونها.
لن يكون التغيير في ليبيا إلا مكلفا وستتجاوز أرقام الضحايا كل الأرقام المعروفة عربيا، وستكون الخسائر المادية باهظة من مقدرات وثروات الشعب الليبي الذي أفقره نظام مجرم فاسد.
وعند تحليل التغيير المكلف في ليبيا نركز على عدد من المؤشرات التي من الممكن أن تساهم في بلورة رؤية أقرب لفهم ما يدور، لعل أهمها:
1- إن 42 عاما من الاحتلال الداخلي الذي مارسه نظام القذافي ترك ليبيا في حالة من حالات الانقطاع عن العالم الحديث، فقد جفف النظام الغشوم البلد من الروابط والتكوينات الاجتماعية وعمل على تفكيكها، ولم يبن مؤسسات بديلة فترك البلد في حالة من حالات "الخواء المؤسسي" وأنتج حالة مفرطة من حالات التكلّس السياسي الذي ترك البلد في يد القذافي وعائلته ومجموعة ضيقة من الذين يدورون في فلكهم، فالثورة الليبية تتحرك في فراغ مؤسسي، حتى الانتماءات الأوّلية كالقَبَلِيّة جرى توظيفها في إطار إما خلخلة المجتمع، أو دعم النظام، وهو ما هدد به القذافي وابنه من تسليح القبائل ومحاولة إشعال حرب أهلية، والعودة إلى مرحلة ما قبل الدولة.
2- قلت في المقال السابق (ليبيا ومعادلات التغيير الصعب) إن طبيعة الجغرافية السياسية لليبيا تجعلنا نميل إلى أن أسلوب الاحتجاجات الاجتماعية المتواصلة والمطالب السلمية بالتغيير وإسقاط النظام لا يمكن أن تحقق الإنجاز المطلوب، وهو تغيير هذا النظام المجرم ورئيسه الطاغية. بل إن استمرار الحالة الليبية على ما هي عليه يشي بحالة من حالات الانقسام الداخلي وربما تصل لتمزيق ليبيا، وهو ما ظهر في تركيب المجلس الانتقالي الذي أخفيت أغلب أسمائه حتى يمثل كامل التراب الوطني الليبي بعد التحرير وحتى لا يسهم في خلق حالة من حالات تقسيم ليبيا والعودة إلى منطق الجهويات والأقاليم المستقلة.
3- لا يجب الرهان على عملية التدخل الأجنبي لتحرير ليبيا من قبضة القذافي لتقع فريسة في قبضة الأمريكان، رغم ما يدركه كثير من المراقبين عن حجم النفاق الغربي فيما يخص الديمقراطية وأن الغرب الذي نعرف لا يؤمن بغير المصالح ربّا له وموجها لسياسته الخارجية (والداخلية أيضا) ومن ثم فهو يبتز النظم الاستبدادية لكي يحصل منها على مزيد من التنازلات فيما يخص مصالحه، حتى إذا استهلكت هذا النظم تماما يتركها لمصيرها تواجه السقوط بمفردها.
لم يكن القذافي يوما يشكل خطرا على مصالح الولايات المتحدة أو الغرب ومع ذلك تعلّم من رأس صدّام المعلق، فخلع سرواله وسلّم أمريكا كل ما له صلة بمشاريعه السابقة أو محاولاته لتسليح ليبيا بسلاح غير تقليدي نعلم يقينا أنه لم يكن جادا فيه، وسلّم شبكة علاقاته التي ورط فيها الكثيرين، لكن من يأمن للقذافي متهم في عقله وتقديره للأمور وإدراكه للعواقب.
4- تنبئ أغلب التقديرات على الأرض أن معركة تحرير ليبيا ستطول وأن كلفتها البشرية والمادية ستكون باهظة إلا أن يفتح الله على الشعب الليبي بوسائل في معارضة النظام تتجاوز الوسائل التقليدية في العصيان المدني أو تحرير مناطق وجهات ليبيا حتى العاصمة طرابلس وهو أمر ليس غريبا على إبداعات الشعوب وعبقريتها، وإلا سيظل القذافي متحصنا أو محاصرا في معسكر باب العزيزية، وربما كسب لا قدر الله معركة الرهان على الزمن، أو ينجح في معركة عض الأصابع مستفيدا من الجغرافية السياسية للواقع الليبي، إنما رهان كل الشعوب المحبة للحرية وفي مقدمتهم الشعب الليبي.
إنها "معركة صفرية" طريقين لا ثالث لهما: إما النصر وإما الشهادة، ورحم الله سيد الشهداء عمر المختار القائل: "نحن لا نستسلم ... ننتصر أو نموت".
5- إن طول المعركة ودموية النظام ستسفر لا شك عن سقوط عدد كبير من الضحايا والشهداء، وليس ذلك غريبا على نظام دموي ولغ في دماء الشعب الليبي وشرب منها حتى الثمالة على مدار 42 عاما، إنما الغريب أن تخوض الشعوب حروب تحريرها بنفس الطريقة في كل مرة، فما نجح في مصر وتونس ليس حتما أن ينجح في ليبيا، مع تأكيدي أن الثورة الليبية قد سلكت طريق ما لهش راجع، وقد قطعت أغلب مسافته، إنما إشارة واجبة إلى ما سمّاه المفكر على شريعتي: "جغرافية الكلام".
المصدر: المصريون
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
أين انتم اخوانى الكرام
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :