عنوان الموضوع : تعميم الفساد كيف ولماذا؟ تم الحل
مقدم من طرف منتديات العندليب
ان استفحال ظاهرة الرشوة والفساد في المجتمع ا يتحمّل مسؤوليتها النّظام السائد بالدرجة الأولى.ذلك ان النّظام السياسي الفاسد يعمل بطبيعته على تعميم الفساد في المجتمع وذلك من أجل تمديد جذوره التي يحافظ بهاعلى استقراره و يدعم بها نموه وبقاءه بطريقة آلية لايحتاج بعدها الى استخدام القوة والبطش في كل مرّة.
ما معنى ذلك؟
معنى ذلك انّه عندما يكون اصحاب نظام سياسي ما فاسدين فانهم لكي يحافظوا على بقائهم واستمرار مصالحهم يسعون دائما وبكل الطرق الى نشر الفساد والرشوة في أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع ومؤسساته ذلك أنّ هؤلاء الأفراد حينما تصيبهم عدوى الفساد يكفـّون تلقائيا على نقد رؤوس الفساد او المطالبة بتغييرهم لأن في هذه الحالة يكون الجميع في مستنقع واحد ..فالذّئب المبتور الذيل يحب ان تكون كل الذئاب مبتورة كما يقول أحد الأمثال الشعبية .
هذا ما يفسر سخاء النّظام في تمويل المشاريع الكبرى المتعلقة بالبنية التحتية مثلا والتي تقدر بملايير الدولارات لكن بذون متابعة أو مراقبة حقيقية لمآل هذه الأموال والمنشآت وتغاضيه على كثير من الفضائح والصفقات المشبوهة التي تربط المسؤولين وأرباب المال ,لكن هذا لا يمنع هذه العقول المدبـّرة أن تضحي بواحد او اثنين من المسؤولين الصّغار من حين لآخر فيطبق عليهم القانون حتى لا تنكشف لعبتهم القذرة.
الهذف الثاني من تعميم الفساد والرشوة هو ان هذه الأخيرة أي الرشوة تمثل للموظـّف المستفيد منها مرتبا إضافيا يحصل عليه من جيوب النّاس وليس من ميزانية الدّولة التي يتصرّف فيها أصحاب الأيادي الطويلة بذون رقيب ولاحسيب ...والنتيجة ان هذا الموظـف لايحتـّج على سياسة الأجور رغم تدني مرتبه الـرّسمي ولا يطالب بتغيير الأوضاع بل يحافظ عليها كما هي لانّ راتبه الإضافي (الرّشوة) يكفيه أو يزيد
الهذف الثالث من تعميم الفساد هو تشتيت الإنتباه وتحويله عن مصدرالفساد الحقيقي , فعندما يكون الفساد موجودا في كلّ مكان ويغدو هو القاعدة والنزاهة هي الإستثناء يصبح من الـصّعب كشف وفضح المتسبب الرّئيسي في انتشاره...وحين يعجز الناس البـّسطاء عن ذلك يتهم كل واحد منهم الآخر أو يتهمون أنفسهم (حنا مشي ملاح ...حنا عوجين ...وهناك من يعطيها مسحة دينية ...ربي راه يخلص فينا...و آخر يقتبس من قصيدة شعرية ..نعيب الزمان والعيب فينا ... وغيرها من العبارات التي تحوّل غضبنا و تمردنا على الأوضاع الى عقدة ذنب بدل ان نحول ذلك الى قوة عملية للتغيير الواعي و الإيجابي ) وينسون اويتناسون المستفيد الأكبر من الوضع آلا وهي الرؤوس التي تضع قواعد اللعبة السياسية وتتحكم بها كليا ليصبح الأمر كما يصفه المثل الشعبي المشهور :اللعّاب حميدة والرشّام حميدة.
الهذف الرابع :وقد أشرت اليه في السطور الأولى وهو انه لايمكن لأي نظام أن يبسط سلطته على الناس بالإعتماد على القوة والبطش في كل مرة لان في ذلك مخاطر التمرد التي قد تعصف به من أساسه
ولذلك تلجأ الأنظمة التي تحترم شعوبها الى الشرعية الديموقراطية للمحافظة على بقائها من خلال احترام رأي الشعب و حقوق الإنسان وتحقيق العدالة والتنمية...اما الأنظمة الإستبدادية فتلجأ الى الطرق الملتوية للوصول الى نفس الهذف نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الشرعية الثورية , التوظيف السياسي للدين واللعب على الأوتار الحساسة لقضايا الأمة, والخطابات الشعبوية الرّنانة من طرف الزعيم و تحويل الإعلام الذي ينبغي ان يكون حرا الى بوق للسلطة...وكذلك تعميم الفساد كما شرحت ذلك آنفا...
لكن كيف يتم ذلك؟ أي كيف يتم تعميم الفساد في المجتمع؟ ماهي الأساليب او الإستراتيجيات التي يلجأ اليها النظام الفاسد للوصول الى هذفه القذر؟
يتم ذلك وفق خطة مدروسة متشابكة الأبعاد تمس جميع أجهزة الدولة :السياسية و القانونية والإقتصادية...لا أجزم اني أستطيع الكشف عن علاقاتها المتشابكة و الخفية مع الفساد بانواعه في مقامنا هذا ...لكن بامكاني ان اوضح ثلاثة مبادئ عامة يساهم تكريسها في المجتمع في تعميم الفساد بقدر كبير.
أولا: تهميش الكفاءات وعدم العمل بقاعدة الرّجل المناسب في المكان المناسب إلا نادرا ,بحيث يعتمد تعيين الموظفين في الأماكن الحساسة على الولاء للنظام قبل كل شيء وليس على أهلية الشخص للمنصب بل يصل الأمر كذلك الى وضع أشخاص ذوي سوابق عدلية في مواقع مسؤولية جد مهمة ..لماذا ؟ لان هذا الصّنف من الأشخاص يسهل التحكم فيهم وابتزازهم أوارتشائهم لانهم يعلمون انهم لايستحقون مناصبهم وانما الفضل كل الفضل يعود الى أسيادهم الذين عينوهم فيها وبالتالي هم مدينون لهم بالسمع والطاعة العمياء...هذا من جهة كما لا تجد لدى هؤلاء مشاريع ورؤية مستقبلية مبنية على قناعات علمية يدافعون عنها عكس ذوي الكفاءات ...وهو ما يفسر الى حد كبير ظاهرة الهجرة المكثفة للأدمغة في الدول التي تسودها مثل هذه الأنظمة ( تأتي الجزائر في صدارة الدول العربية المعانية من نزيف الهجرة، إذ قدرت ب 45 ألف كادر على الأقل يتوزعون عبر القارات الخمس)
ثانيا: تطبيق سياسة تفقير الفقراء أو مايسمونه بسياسة جوّع كلبك يتبعك :بحيث ينبغي ان تكون أجور الموظفين في ظل هذا النظام دائما أقل من المستوى المعيشي المطلوب قليلا او كثيرا..وهو ما يعني تكوين قابلية الإرتشاء لدى هؤلاء طبعا ينبغي ألا نضع كل الأفراد في كفة واحدة فهنا ك دائما رجال ونساء شرفاء ونزهاء يفضلون شظف العيش على قبول الرّشوة لكن الهدف هو تهيئة الظروف لزيادة احتمال انتشارها بين الموظفين خاصة اذا كانت ظروف عيشهم مقلقة مع ارتفاع الأسعار ,أزمة سكن ,تكاليف العلاج ,دفع الضرائب ...كل ذلك يجعل الكثير من هؤلاء لايأمنون على مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم ما يدفعهم دفعا الى التنازل والرضوخ شيئا فشيئا للرشوة ...فالبشر بشر في النهاية...والكل ذاق تعنت السلطة كلما طالب الموظفين بالرفع من أجورهم وان فعلت ذلك مضطرة فينبغي ان تراعي بقدر الإمكان مبدأ المحافظة على الأجور أقل من المستوى المعيشي .(أوارتفاع الأجور يتبعه ارتفاع في الأسعار)
3- تكريس سياسة اللاّعقاب بالنسبة لكبار المسؤولين على قطاعات جد حساسة متورطين هم وأذنابهم في
صفقات مشبوهة تستنزف من خزينة الدولة ملايير الدولارات بذون تفعيل حقيقي للجان المتابعة وأجهزة المراقبة التي تعد شكلية في ظل عدم العمل بمبدأ فصل السلطات وتهميش الكفاءات ..(كيف ننتظر من القاضي التابع للسلطة القضائية مثلا ان يكون عادلا ونزيها اذا جعلنا مصيره معلقا برحمة قيادات من السلطة التنفيذية) كل هذا يشجع الفاسدين صغارا كانوا او كبارا على مزيد من الفساد ..لانه وببساطة القانون اذا لم يطبق على الجميع وبنفس الدرجة من أبسط مواطن في المجتمع الى اعلى مسؤول في البلاد لا يكون قانونا جديرا بالإحترام.
ملاحظة :يمكن تدعيم الأفكار الموجودة في هذا المقال بمقال سابق على الرابط التالي:
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=494336
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :