عنوان الموضوع : كيف تطور التعليم في اليابان بيداغوجية
مقدم من طرف منتديات العندليب

سُئل امبراطور اليابان عن أهم أسباب تقدم بلده فأجاب:" بدأنا بكل ما انتهى به الآخرون وتعلمنا من أخطائهم وأعطينا المعلم حصانة الديبلوماسي وراتب وزير"
عوامل النهضة اليابانية بعد الحرب
في كتابه المتميز «أسرار الإدارة اليابانية» حاول الدكتور حسين حمادي أن يجيب عن السؤال المهم: «ما الذي فعله إنسان اليابان لتخطي خسارة الحرب؟ وكيف وضع نفسه على الطريق لكي يجعل من اليابان واحدة من أكبر ثلاث قوى اقتصادية في عالمنا المعاصر؟» فيقول إن هذا الإنسان لم يغب عن باله أن أكثر من مئة مليون من الناس يجب أن يعيشوا في رقعة من الأرض لا تتجاوز مساحتها 380 ألف كيلو متر مربع تغطي الجبال البركانية نحو 85% منها، هذا مع غياب شبه كامل لأي نوع من الثروات والموارد الطبيعية. وقبل ذلك، ومنذ تولي الإمبراطور ميجي مقاليد الحكم بمساعدة رجال الساموراي عام 1867م، كان التصور أن حل المشكلة القومية لليابان هو التحديث، بأن تصبح اليابان دولة عصرية قوية تدخل في المجال الصناعي بكل قوة، ولا بد لها من فتح الأسواق الخارجية بالقوة، والحل يكمن في التوسع الأفقي على حساب الجيران، حيث القوة العسكرية هي المفتاح لتحقيق هذا التوسع. وهكذا انتصر الجيش الياباني في حربه مع الصين عام 1895م، ثم انتصر على روسيا عام 1905م، ثم على كوريا عام 1910م، ثم دخلت اليابان الحرب العالمية الأولى، ثم الثانية لتستولي على الهند الصينية والفلبين والملايو وسنغافورة وبورما وتايلاند. ولكن هذا كله لم يوصل إلا إلى الاستسلام غير المشروط عام 1945م، والذي كان البديل الطبيعي له الانتحار القومي لليابان بأسرها. من هنا انتهى إنسان اليابان، كما يقول الدكتور حمادي في كتابه الشيق، إلى البحث عن طريق آخر وقرار جديد، وكان أساس هذا القرار الجديد أن الحل يقع داخل حدود اليابان، وأنه مرتبط بالإنسان الياباني وبالعقل الياباني. ومن هنا جاء دور النظام التعليمي في اليابان لكي يأخذ القرار القومي ويصبه بكل قوة في عقل إنسان اليابان الجديد، ومن ثم انتهى إنسان اليابان بعد الحرب العالمية الثانية إلى أن القرار القومي يكون بالتوسع الرأسي من خلال إنسان اليابان وعقله، وليس بالتوسع الأفقي باستخدام السلاح الياباني.
ويمكن تلخيص عوامل النهضة في اليابان من خلال استعراض النقاط التالية:
الإدارة اليابانية: من أبرز عوامل النهضة اليابانية بعد انهيار الاقتصاد الياباني عقب هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية ما عُرف «بالإدارة اليابانية»، بمعنى تطبيق مبادئ إدارية حديثة من بينها إدارة الجودة الكاملة، والعمل ضمن فريق عمل «روح الفريق»، وإتقان العمل الإداري وتحويله إلى قيمة اجتماعية مرتبطة بالثقافة اليابانية، والابتكار والتطوير، إلى غير ذلك من المبادئ والمفاهيم الإدارية الفعالة.وإذا ما علمنا أن اليابان لا تمتلك أي موارد طبيعية، وتقع في موقع جغرافي ناءٍ، أدركنا أن العنصر البشري هو عماد وركيزة التنمية والنهضة اليابانية، والذي ركزت عليه برامج التنمية الاقتصادية اليابانية. ولا غرو أن العنصر البشري أهم ركائز التنمية والنهضة في أي مجتمع، لذا يأتي الاستثمار في العنصر البشري من أوليات خطط التنمية والنهضة في كل المجتمعات. ومرد ذلك يعود إلى عدة عوامل من بينها: التنشئة والتربية الاجتماعية، ومناهج التعليم، وأنظمة وبيئة العمل، وغير ذلك.إن العمل ضمن فريق عمل محدد له تنظيم إداري، كفيل بأن يتيح لفريق العمل إنجاز المهام المنوطة به، ولعل من أبرز ملامح ذلك ما يلي: تحديد مهمة الفريق بشكل واضح، وحجم فريق العمل، وتعيين رئيس لفريق العمل مع تحديد واجبات وصلاحيات كل عضو في الفريق، وتحديد الوقت اللازم لإنجاز المهمة، ويتوجب أن يكون تشكيل فريق العمل متماشيًا مع أهداف ومهام الفريق.
الشخصية اليابانية: فالشخصية اليابانية منضبطة،‏ تقدس الوقت،‏ وتحترم النظام‏،‏ وتبدع من ضمن الفريق الواحد‏،‏ وتلتزم وبشدة بآداب التعامل‏،‏ وأخلاقيات المتاجرة رفيعة وموصوفة بالصدق والأمانة‏.‏ وهناك إحساس عام بالأمن والأمان في اليابان لتوافر الوظيفة المنتجة والتأمين لمعظم الخدمات الاجتماعية‏.‏ وهذه الأخلاقيات نابعة من الاهتمام بالبرامج التعليمية المتعلقة بالأخلاقيات والسلوك للمواطن‏، ومنذ الصغر في البيت والمجتمع والمدرسة‏.‏ كما أن محاسبة القانون صارمة للمخالفين،‏ والإحساس بالعيب المجتمعي الذي يخلق بالمواطن الياباني منذ صغره قاسية‏.‏ ولا يرحم القانون الياباني الغني أو الفقير‏،‏ الوزير أو الغفير‏،‏ فحينما تكتشف المخالفات‏،‏ تدرس أسباب حدوثها،‏ ويحاسب مرتكبوها‏,‏ وتمنع تكررها‏.‏ بالإضافة إلى أن القيم المجتمعية اليابانية تفرض على الشخص الاعتذار‏.‏ لذلك يعتذرون ويعترفون بأخطائهم في معظم الأحيان‏.‏ ولقد حاولت الثقافة الأمريكية تعزيز الشخصية الفردية والقيم الفردية في الإنسان الياباني من خلال الدستور وقانون التعليم‏،‏ والذي يخالف تماما القيم اليابانية الأخلاقية والدينية في التأكيد على أهمية المجتمع والطبيعة والتناغم الجميل بينهما‏.‏وفي عام‏1989‏ نجح اليابانيون في مراجعة البرامج التعليمية وتطهيرها من القيم الفردية المستوردة‏،‏ وأضيفت برامج السلوك والأخلاقيات بصيغة متكاملة على أن تراجع كليا كل عشر سنوات‏.‏ وقد أدخلت مادة السلوك والأخلاقيات بتناغم في جميع المواد المدرسية ونشاطاتها بالإضافة لبرنامج متخصص في الأخلاقيات يقدم ساعة كل أسبوع على مدار السنة وفي جميع السنوات الدراسية‏.


المعلم الياباني:
يعكس دور المعلم في اليابان في مختلف المراحل اهتمام اليابانيين بالتعليم وحماسهم له، ومدى تقديرهم له، فالمعلمون يحظون باحترام وتقدير ومكانة اجتماعية مرموقة، ويتضح ذلك من خلال النظرة الاجتماعية المرموقة لهم، وكذلك المرتبات المغرية التي توفر لهم حياة مستقرة كريمة، ويتساوى في ذلك المعلمون والمعلمات. ويتضح كذلك من خلال التهافت على شغل هذه الوظيفة المرموقة في المجتمع. فمعظم هؤلاء المعلمين هم من خريجي الجامعات، ولكنهم لا يحصلون على هذه الوظيفة إلا بعد اجتياز اختبارات قبول شاقة، تحريرية وشفوية. وبالطبع نسبة التنافس على هذه الوظيفة شديدة أيضًا، وهم بشكل عام يعكسون أيضًا نظرة المجتمع إليهم، ويعكسون أيضًا صورة الالتزام وروح الجماعة والتفاني في العمل عند اليابانيين. فهم إلى جانب عملهم في المدرسة وقيامهم بتدريبات ودراسات لرفع مستوياتهم العلمية، فهم يهتمون بدقائق الأمور الخاصة بتلاميذهم، كما يقوم المعلمون بزيارات دورية إلى منازل التلاميذ أو الطلاب للاطمئنان على المناخ العام لاستذكار التلاميذ من ناحية، ومن ناحية أخرى يؤكدون التواصل مع الأسرة وأهمية دورها المتكامل مع المدرسة.

التعليم الياباني بين المركزية واللامركزية:
يمزج نظام التعليم الياباني بين النظام المركزي كأساس ونظام اللامركزية في التعليم، وتتميز اليابان بشكل عام بأن نظام تعليمها يغلب عليه طابع المركزية. ومن إيجابيات هذا المبدأ في التعليم توفير المساواة في التعليم ونوعيته لمختلف فئات الشعب على مستوى الدولة، وبذلك يتم تزويد كل طفل بأساس معرفي واحد، حيث تُقرر وزارة التعليم اليابانية الإطار العام للمقررات الدراسية في المواد كافة، بل ويُفصَّل محتوى ومنهج كل مادة وعدد ساعات تدريسها، وبذلك يتم ضمان تدريس منهج واحد لكل فرد في الشعب في أي مدرسة وفي الوقت المحدد له. والوزارة مسئولة عن التخطيط لتطوير العملية التعليمية على مستوى اليابان، كما تقوم بإدارة العديد من المؤسسات التربوية بما فيها الجامعات والكليات المتوسطة والفنية. ولكن لا يعني ذلك أن مركزية التعليم مطلقة في اليابان، فهناك قسط أيضًا من اللامركزية حيث يوجد في كل مقاطعة من مقاطعات اليابان مجلس تعليم خاص بها، ويعتبر السلطة المسئولة عن التعليم وإدارته وتنفيذه في هذه المقاطعة.

بدايات التعليم في النموذج الياباني"
مع أن هذا البلد هو الوحيد الذي قصف بالسلاح النووي، واستسلم بدون قيد أو شرط، وسرح جيشه البالغ خمسة ملايين جندي، ونفض يده من كل الآلة العسكرية المخيفة التي بناها بيديه وعرق جبينه، ولكنه لم يحرر بلده بحرب تحرير فيتنامية أو جهاد أفغاني بل بطريقة امتاز بها هذا الشعب. وذلك لا يعود إلى سبتمبر عام 1945م، عندما وقع على وثيقة الاستسلام على ظهر البارجة الأمريكية ميسوري، بل يعود إلى زمن أبعد، عام 1868م عندما أصدر (العهد الميجي) في عهد الإمبراطور (موتسو هيتو) الذي بدأ حكمه في 3/11/1852م وكان شابا ذكيًا متفتحًا وسمي عهده (الميجي) أي الحكم المستنير. وبواسطة هذا العهد تم إرساء قواعد نهضة اليابان الحديثة. وأهم فقرة في هذا العهد هي الخامسة التي تنص على التعليم: (سوف يجري العمل على جمع المعارف من شتى أنحاء العالم أجمع، وعلى هذا النحو سوف ترسخ الإمبراطورية على أسس متينة).
فلا تكاد تنظر إلى أي جهة من جهات النهضة اليابانية دون أن ترى موضوع التعليم يقابلك بوضوح، وبدأت إصلاحات النظام التعليمي الحديث في اليابان في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، ثم انتعشت في بداية القرن العشرين. وعندما دخلت اليابان الحرب العالمية الثانية كانت لديها قاعدة صناعية وتعليمية، وبعد الحرب تحول التعليم الياباني إلى تعليم يعتمد التدريب على التفكير أكثر مما يعتمد على النقل والحفظ. ومع مرور الزمن استقرت هذه المفاهيم في نظام تعليمي مركب، أصبح يشد خبراء التعليم في العالم.. وأصبحت مناهج التربية والتعليم اليابانية اليوم من المناهج العالمية التي تنظر إليها وتحاول تقليدها الأمم الأخرى.
وفي هذا الصدد يعقد «إدوين أشاور» مقارنات غريبة جدًا في كتابه «اليابانيون»، استنتج خلالها أن الطفل الياباني يحصل على نتائج عالية في الاختبارات الدولية التي تقيس القدرات في الرياضيات والعلوم أكثر من الطفل الأمريكي والبريطاني والفرنسي وغيرهم من الجنسيات الأخرى. أما طالب المرحلة الثانوية البالغ من العمر 14 عامًا فيكون قد تعرض لتعليم ومعرفة لم يتعرض له طالب أمريكي إلا إذا بلغ من العمر 17 أو 18 عامًا، لماذا ؟ لسلامة نظام التعليم الياباني، ويقول: إن سر نهوض اليابان هو المورد البشري وتنمية هذا المورد العظيم، مما جعل اليابان تتقدم على الصعيد العالمي في نسبة العلماء والمهندسين (60.000 لكل مليون نسمة)، وينخرط نحو (800.000) ياباني في مراكز الأبحاث والتطوير، وهذا العدد تجاوز ما لدى بريطانيا وألمانيا وفرنسا مجتمعة معًا.


نظام التعليم في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية:
استسلمت اليابان وقبلت باتفاقية بوتسدام في سبتمبر (1945), ونفذت بنود الاتفاقية، وكان أولها إبعاد جميع العناصر التي كانت في السلطة أثناء الحرب, أدخلت سلطات الاحتلال الأمريكي تغييرات في النظام التربوي الياباني, منها، تسريح المعلمين الذين كانوا دعاة للتعصب والمتعاونين مع السلطات أثناء الحرب. وقد صدرت لائحة إدارة نظام التعليم في تشرين الثاني (1945). ثم أجرت البعثة التعليمية الأمريكية الأولى بعض التغييرات في نظام التعليم الياباني في آذار (1946)، حيث دعت إلى تغيير نمط الإدارة التربوية والتعليمية المركزية إلى إدارة لا مركزية، وتوسيع سلطة الإدارات المحلية في الإشراف، وإنشاء لجان تعليمية تنتخب بطريقة علنية، وكذلك دعت إلى إصلاح اللغة اليابانية واستبدال القنوات المتعددة والمنفصلة في التعليم الثانوي والعالي، وإصلاح نظام تدريب المدرسين وإجراء تغييرات أساسية في التعليم العالي من أجل توفير فرص متزايدة ومتساوية في القبول في الجامعات ومعاهد التعليم العالي.وغيرت مناهج التاريخ والجغرافية بما ينسجم وأغراض قوات الاحتلال, ودعت إلى اهتمام خاص بالتعليم المهني بجميع مستوياته.
وصدر في آذار (1947) قانونان, الأول قانون التربية المدرسية الذي تضمن مبادئ عامة لنظام التربية والتعليم ومبادئ تفصيلية تخص كل مرحلة ونوع تعليمي بما فيها إنشاء وإلغاء أقسام معينة في الجامعات, ووضع شروط تشغيل مديري المدارس والمعلمين منها؛ أن يمتلك شهادة إكمال الدراسة في مؤسسات إعداد المعلمين, وألا يكون من ذوي الشخصيات الاجتماعية الهزيلة, وسمح لهم باستخدام العقوبات تجاه التلاميذ لكنها محددة بضوابط معينة وحرم العقاب الجسدي, فرض على المدارس الخاصة وضع ميزانية للدخل وتسلم إلى السلطات المختصة.
أما القانون الثاني, القانون الأساسي للتعليم فحدد أهداف التربية، منها النمو الكامل لشخصية الفرد من أجل رفعة وتقدم الأفراد وتنمية حب الحقيقة والعدالة وتقدير قيمة الآخرين واحترام العمل وتعميق شعور تحمل المسؤولية والاعتماد على النفس والاستقلال, وكذلك تنمية الثقافة من خلال الاحترام المتبادل والتعاون واحترام الحرية الأكاديمية والحياة الواقعية... وأكد أيضا على إعطاء فرص متساوية للجميع من أجل الحصول على التعليم, والدولة سوف تعطي مساعدات مالية للذين لا يستطيعون الاستمرار في نوع التعليم الذي يلائمهم لأسباب مالية. والقانون أرغم أولياء أمور الأطفال على إرسال أبنائهم للمدارس يكملون (9) سنوات التعليم الأساسي. وأكد القانون على أن الأهداف الدينية ومكانة الدين في الحياة الاجتماعية سوف تحترم في الأنشطة التربوية, غير أن المدارس بحكم القانون تحجم أية تربية دينية لدين معين.


السلم التعليمي في اليابان:
ينقسم السلم التعليمي في اليابان إلى أربع مراحل هي كالتالي:‏ المرحلة الأولى: مرحلة رياض الأطفال: من سن ثلاث سنوات إلى خمس, وتهدف إلى تهيئة الأطفال للمدرسة ومساعدتهم على النمو العقلي والجسمي السليمين من خلال تنمية قدراتهم على التفكير والسلوك، والقدرة على التعبير، وتقديم الأنشطة التي يحتاجها الأطفال. المرحلة الثانية‏: مرحلة التعليم الابتدائي: ويقيد بهذه المرحلة جميع الأطفال الذين بلغوا السنة السادسة, وتهدف تلك المرحلة إلى إتاحة الفرصة للأطفال للنمو المتكامل طبقا لقدراتهم الجسمية والعقلية والنفسية. المرحلة الثالثة:‏ مرحلة التعليم الثانوي: وتنقسم هذه المرحلة إلى مستويين (المدرسة الثانوية الدنيا) وتقابل مرحلة التعليم المتوسط (الإعدادي) في الدول العربية و(المدرسة الثانوية العليا)، أما مرحلة التعليم الثانوي الدنيا, فيدخل بها جميع الأطفال الذي أنهوا المرحلة الابتدائية إجبارا، ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات.‏ أما المرحلة الثانوية العليا فيلتحق بها الطلاب بعد اختبار مسابقة صعب, ويضم هذا التعليم ثلاثة أنواع من الدراسة: دراسة كل الوقت، ودراسة بعض الوقت، ودراسة بالمراسلة، ويهدف هذا النوع من التعليم إلى مد الطلاب بالمعلومات الأكاديمية والفنية التي تتناسب مع قدراتهم الجسمية والعقلية، ومدة الدراسة بها ثلاث سنوات بالنسبة لمدارس الوقت الكامل، وأربع سنوات في مدارس المراسلة ومدارس بعض الوقت, والدراسة إما نهارية أو ليلية.‏ المرحلة الرابعة: مرحلة التعليم العالي: وهي المرحلة التالية للتعليم الثانوي، والدراسة بها متنوعة لمدة أربع سنوات أو خمس حسب نوع الكلية.
أما بالنسبة لإدارة التعليم فيمكن القول بصفة عامة: إن إدارة التعليم تتقاسمها الحكومة القومية والحكومات المحلية، فوزارة التعليم مسئولة عن إدارة الخدمات الحكومية على المستوى القومي وجميع المستويات التعليمية بما فيها المستوى الثالث، كما أن بعض المحافظين ومديري الجامعات الإقليمية والكليات لهم بعض المسئوليات التعليمية.‏ ويلاحظ أن عملية تعميم التعليم الابتدائي، وزيادة مدة الإلزام لم تتم بطريقة عشوائية بل تمت وفق تخطيط دقيق خلال مراحل ثلاث بدءا من عام 1886م.‏ حتى أصبح في الإمكان زيادة الإلزام إلى ست سنوات في عام 1908، ثم أخذ بالنظام الأميركي عام 1947م. فأضيفت المدرسة الثانوية الدنيا إلى التعليم الإلزامي، وبذلك أصبح التعليم الإجباري لمدة تسع سنوات، وبإمكانية استيعاب تجاوزت 99,9%.‏ وإذا كانت الإحصائيات قد أشارت إلى أن اليابان قد أسرفت في استثماراتها في التعليم بالنسبة لنصيب الفرد من الدخل القومي، فإن سرعة التنمية الاقتصادية ووصول اليابان إلى مستوى اقتصادي وتكنولوجي كبير يوحي بوجود رابطة سببية بين القوى العاملة المتعلمة والنمو الاقتصادي هو ما بدأته اليابان حينما وضعت استثماراتها الضخمة في تنمية نظامها التعليمي، فكانت نتيجة ذلك ما حققته من تقدم اقتصادي كبير.‏ كما أن ارتباط مدارس رياض الأطفال بالسلم التعليمي منذ البداية كان له تأثيره في تطوير وتنمية النظام التعليمي وبذلك كانت اليابان دولة رائدة في هذا النوع من التعليم ليس في آسيا فقط بل في العالم أجمع.‏


خصائص التربية اليابانية:
من أهم ملامح وخصائص نظام التعليم الياباني ما يلي:
1- يستمد النظام التربوي الياباني أهم مقوماته من طبيعة مجتمعه وروح أمته واحتياجات وطنه، ولا يأتي انعكاسًا لنماذج تربوية خارجية.
2- يستمد النظام الياباني نهضته الحديثة من جذوره ومؤسساته وتقاليده المتأصلة والقائمة بالفعل ولم يدمرها أو يهملها بدعوى قدمها وتقليديتها.
3- يعد التعليم في اليابان خدمة وطنية عامة وواجبًا قوميًا يتجاوز أي جهد فردي أو فئوي خاص, وأنه في مناهجه ومقرراته وتوجيهاته يمثل عامل التوحيد الأهم لعقل الأمة وضميرها منذ مراحل التعليم الإلزامية الأولى, إذ لا يسمح فيه بتعددية المناهج والفلسفات التربوية.
4- لم تأخذ اليابان بالنزعات الليبرالية والسيكولوجية الغربية بل ظلت متمسكة بقيم الانضباط الموحد في الفكر والسلوك رغم الضغط المعاكس من الاحتلال الأمريكي ورغم النقد الغربي لها.
5- نقطة القوة الأساسية في النظام التربوي الياباني ليست جامعاته, إنما معاهده التقنية المتوسطة التي تمثل عموده الفقري, والممارسة العملية التدريبية هي أهم وأبرز واجبات الياباني منذ طفولته عندما يقوم بتنظيف صفه ومدرسته إلى ما بعد تخرجه عندما يبدأ من جديد التدريب الوظيفي في برامج إجبارية قبل أي منصب ثابت, أما الفتاة اليابانية فإن أهم وظيفة لها هي نجاحها في أسرتها فيقدم لها برامج تربوية عملية ضمن النظام التربوي الرسمي تعلمها كيف تصبح زوجة ناجحة.
6- استطاعت اليابان أن تجمع بين شعبية التعليم وأرستقراطيته العلمية الفكرية, بمعنى أن التعليم أتيح للجميع في قاعدة الهرم التربوي لتزويد الأمة بالأيدي العاملة المتعلمة لكنه اقتصر في مستوى القمة على القلة الممتازة عقليًا والمتفوقة في مواهبها لتخريج النخبة القيادية والقادرة على مواجهة التحديات.
7- لم تأخذ اليابان ولم تنبهر باللغات الأجنبية المتقدمة, وحسمت معركة اللغة تعليميًا وحياتيًا منذ البداية. فمن المعروف أنه لا يمكن لأمة أن تبدع علميًا إلا بلغتها الأم, ولا يستمع العالم لأمة تتحدث بلغة غيرها.
8- وفق النظام التربوي الياباني بين مركزية التوجيه ولا مركزية التنفيذ في معادلة متوازنة.
9- تعد مهنة التدريس من المهن المربحة اقتصاديًا, فمن بين خمسة يابانيين يتقدمون لمهنة التدريس يفوز واحد منهم فقط بشرف المهنة وامتيازاتها المعيشية. وقد أدى ذلك إلى الحفاظ على مستوى نوعي متفوق للتعليم الياباني, أدى بدوره إلى تنمية نوعية العملية التربوية بأسرها..
10- لم تَنْسَق اليابان وراء نزعة تحويل الثقافة العامة للأمة إلى منشط من مناشط الإعلام كما حدث في كثير من بلدان العالم الثالث, بل بقت مهمة دعم الثقافة العامة في اليابان من مسؤوليات (وزارة التربية والعلوم والثقافة).


لماذا الاهتمام بتجربة اليابان؟
بتدقيق النظر في التجربة اليابانية، فإننا لا نندهش من هذا التقدم الذي يقف أمامه العالم كله مذهولا، مندهشا ففي أميركا وأوروبا وروسيا يعكف أهل العلم والتقدم والتكنولوجيا على دراسة الإنجاز الاستثنائي لهذا البلد الشرقي الذي ينافسهم في أمضى أسلحتهم ومخترعاتهم، كما يثير تقدم اليابان دهشة الشرقيين وإعجابهم، دون أن يتمكنوا من اللحاق به على كثرة ما حاولوا وجربوا.‏ ونحن العرب نتساءل: لماذا تعنينا اليابان، وهي في شرق آسيا، وبيننا وبينها آلاف الأميال ؟‏ ويمكن القول أن لدى العرب أهمية خاصة لدراسة تجربة اليابان للأسباب التالية:‏
اليابانيون قوم شرقيون مثلنا بدأوا مسيرتهم نحو التقدم من واقع العزلة والتخلف الحضاري كما بدأنا في النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي، ولكن شتان ما بين بداية وبداية, فلماذا هذا الفارق الشاسع بيننا؟!
اليابان حققت التحديث والتقدم بالمحافظة على تراثها وتقاليدها ومؤسساتها القومية والدينية الأصلية، والعرب يريدون أن يحققوا التقدم والتنمية دون التضحية بتراثهم وتقاليدهم، لكنهم لم يتمكنوا حتى الآن لا من تحقيق المطلب الأول وهو التقدم، ولا من الحفاظ على التراث كما يجب!!‏
اليابان تمثل طليعة قوة بشرية حضارية هائلة جديدة توشك أن تتسلم زمام القيادة العالمية من الجنس الأبيض, وهي قوة شرقية ليست لها أطماع بالنسبة لنا.. ونحن العرب نقف هنا موقف المتفرج المشجع !!
يذكر الدكتور حسين حمادي في كتابه «أسرار الإدارة اليابانية» أن المراقبين يفسرون حالة «إدمان العمل» التي يلاحظونها على إنسان اليابان المعاصر بأنها تعود في جزء كبير منها إلى تأثير التربية التي ركز عليها نظام التعليم منذ الصغر. فقد وفرت هذه الجرعة المؤثرة شحنة مستديمة عند اليابانيين إلى درجة تجعلهم يخشون عدم العمل، فهم يدركون تمام الإدراك أن توقفهم عن العمل يعني أن بلدهم سيتوقف عن الوجود! ومن ثم فلابد للأمة من خطة حضارية واضحة المعالم والغايات تتفق عليه الصفوة المثقفة والعقول الواعية مع الأجهزة الرسمية في الدولة، لأن مثل هذه الخطة ستكون بغير قيمة إذا انطلقت من غير أحلام الأمة أو انبثقت عن جهة غريبة عنها. ولا بد من أن تصبح الخطة التعليمية جزءًا عضويًا من الخطة الحضارية للأمة، بحيث تتمثل في مفرداتها روح هذه الخطة ويكون محققًا لها وموصلًا إليها. ولكي تحقق الخطة التعليمية الحالية الشرط السابق لا بد من مراجعة شاملة وتصحيح أساسي في المضمون والأسلوب؛ فأما في المضمون فتجدر مراجعة كل الجزئيات لتعاد صياغتها بما يخدم التوجه الجديد، وأما في الأسلوب فلا بد من نبذ الأساليب التلقينية التي تعطل ملكة التفكير وتشل القدرة على الإبداع. لا ينبغي أن يكون المطلوب من الدارسين استظهار معلومات لا يلبثون أن ينسوا أكثرها عن قريب، بل تنمية حاسة التعلم، وتطوير القدرة على البحث، وتعليم التفكير، وتنمية الإبداع والابتكار.أما تركيز التعليم على تقديم المعلومات بمعزل عن تربية القيم فسوف يقود إلى إجهاض الخطة برمتها وتفريغها من محتواها لتصبح شبحًا بغير روح. ولعل هذا التأكيد لا يكون غريبًا على المؤسسة التي آثرت أن يكون اسمها وزارة التربية والتعليم ولم يقتصر على التعليم فقط.
إن «المؤسسة التعليمية» هي أضخم تشكيل في جسم الأمة، فهي تضم نحو ثلث سكان الدولة، أما حجم الإنفاق على هذا القطاع فيكاد يصل إلى ربع موارد الدولة، فإذا عجزت هذه المؤسسة الجبارة عن أن يكون لها في خطة الأمة النهضوية الحضارية أعظم الدور وأبلغ الأثر، فحري بالأمة أن تنسى هذه الخطة، وتقنع ببقائها في الذيل من ترتيب أمم الأرض!


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

شكرا لك
المشكلة هي في طبيعة الانسان العربي وتفكيره وعقليته المتخلفة لن تنفعنا مناهج ولا طرق ولا مفاهيم التطور لان التخلف مصاحب للعرب

=========


>>>> الرد الثاني :

بارك الله فيك


=========


>>>> الرد الثالث :

متوسطة حساني حاسي بحبح تكرم المدراء الجدد............................................. .................................................. ....*

=========


>>>> الرد الرابع :


=========


>>>> الرد الخامس :


=========