عنوان الموضوع : القراءة والتعبير للابتدائي
مقدم من طرف منتديات العندليب

القراءة والتعبير
وقد عمدت الأدبيات التربوية الحديثة إلى تغيير القاعدة القديمة الداعية إلى، “تعليم القراءة والكتابة”، إلى القاعدة الداعية إلى: “مساعدة المتعلم على التواصل والتفكير”. وهذا يفرض بالضرورة إعطاء المتعلمين حرية كبيرة للتعبير، فبمجرد ما يتمكنوا من كتابة جمل قصيرة، من المستحسن أن يكلفوا بكتابة عروض قصيرة في شكل سرد تلقائي دون الاهتمام بالخط والأخطاء النحوية والإملائية، لأن لغة الأطفال ينبغي أن تقبل على علاتها كقاعدة وأساس لكل تكوين في مهارة التعبير، ويتم ذلك بواسطة المساهمة الشخصية للأطفال، ومحادثتهم للأصدقاء في شكل مجموعات عمل. وهناك نوعان من التمارين الكتابية الممكنة في هذا المستوى من التعلم: التمارين التي تترك للطفل كل الحرية في التفكير والتعبير: (نص، إنشاء حر، تقرير..)؛ والتمارين التي تنجز انطلاقا من موضوع يقترحه المدرس في شكل مقولة أو نص. وفي كل الأحوال، ينبغي التمرس على الكتابة باستمرار وكثافة، مع استغلال كل المناسبات للتدريب على التعبير.
إن التعبير هو المفتاح الضروري لتعلم كل المواد، وكما جاء في الميثاق، إن: “تنمية مهارات الفهم والتعبير باللغة العربية ضروري لتعلم مختلف المواد”. فمكانة التعبير في المنظومة التربوية تتجلى في كونه عملا يحتوي على جميع معارف التلميذ، وحسن توظيفه لها، وما يتوفر عليه من إمكانيات لغوية ونحوية، وما تلقاه من معلومات في مختلف المواد، وكلها تؤدي إلى تطوير مهارة التعبير عند التلميذ، ولكي يكتب بطريقة جيدة، ينبغي له كذلك أن يتوفر على قاموس لغوي ثري. ومعرفة بقواعد الإملاء والصرف والنحو، وكلها وسائل تساعده على الكتابة السليمة، والقدرة على التعبير الصحيح.
يعتقد البعض أن المتعلم يستطيع الكتابة والتعبير تبعا لقدرته على الكلام باللغة التي يكتب بها، وأنه يستطيع أن يتدبر أمره بما فيه الكفاية للتعبير عن حاجاته، ما دام لا يبحث في أن يكون كاتبا أو صحفيا أو محاميا…إلخ. وهذا التصور خاطئ بالأساس، لأنه ينبغي تعلم التعبير أو الكتابة الجيدة لوظيفتها الفعالة في الحياة الاجتماعية. فمهما كانت وظيفة الفرد في المجتمع، فهو في حاجة إلى كتابة المراسلات الإدارية أو العملية، أو كتابة التقارير والعروض، أو الكتابة عن المشاريع التي تهمه…إلخ. فإذا لم يتعلم الفرد كيف يرتب أفكاره، وكيف يقدمها للغير وكيف يدافع عن حججه، فإن ذلك سيؤثر لا محالة على مصالحه ومقاصده.
مهما كانت الأسباب، هناك إجماع بين المهتمين بالمجال التربوي على أن اللغة العربية تعاني من أزمة في المدارس بمختلف مراحلها: ضعف في كتابات التلاميذ في الاختبارات والمباريات، وتقهقر في المستوى اللغوي. وتتجلى مظاهر هذه الأزمة بوضوح في عدم قدرة التلاميذ على فهم المواضيع المقررة، وعدم قدرتهم على وضع تصاميم واضحة، وتقديمهم لحجج ضعيفة وغير متجانسة، وتعبيرهم بلغة متذبذبة وغير دقيقة. وأمام هذه الوضعية، أصبح التعبير والإنشاء مادة مرهقة للمدرسين والتلاميذ على حد سواء.
ففي التعليم الإعدادي مثلا، تبقى المواصفات المحددة للمادة غير دقيقة ولا نجد لها أية معايير مضبوطة في برامج التعليم، مما أدى إلى التضارب في الممارسة التربوية التي أصبحت في مجملها تخضع لاجتهادات المدرسين مما نتج عنها سلبيات كثيرة منها: تكرار نفس المحاور على امتداد السنوات الثلاث للتعليم الإعدادي، والاقتصار في الممارسة الصفية على تردي مجموعة من الجمل والتعابير وتسجيلها على السبورة، واكتفاء التلاميذ بنقلها وإعادة كتابتها حرفيا، مما يؤدي إلى تشابه كتاباتهم الإنشائية وخلوها من أي اجتهادات ذاتية، والتزام المدرسين بترديد المضامين المدروسة تبعا للمحاور الأسبوعية المقررة، واهتمامهم بتقويم الأخطاء الإملائية والنحوية مع غياب شبه تام لتقنيات التعبير ووسائله.
تبقى الأولوية الملحة في التعليمين الابتدائي والإعدادي هي تمكين التلميذ قبل كل شيء من تعلم القراءة والكتابة، وإذا لم تتمكن المدرسة من إيجاد الحل العاجل، والتدابير اللازمة لهذه الإشكالية، فإن المشكلة ستكون لها مضاعفات وعواقب خطيرة، بل كارثية على المستوى الفكري والثقافي للمتعلمين، لأن السيطرة الملائمة على ما هو مكتوب ليس فقط قضية ثقافية ولكنها هي أيضا قضية وطنية. فأي معنى سيكون للمثل الأعلى للمواطنة والديموقراطية في بلد أكثر من نصف ساكنته تعاني من الأمية؟
ويكفي للوقوف على هذه الحقيقة استحضار بعض الحقائق والوقائع التي ما فتئ المدرسون ينصون عليها في تقارير مجالس الأقسام وغيرها، وهي أن الثقافة المدرسية رغم أنها ترتكز بطبيعة الحال على ما هو مكتوب، فإن أكثر من نصف عدد التلاميذ الذين يلتحقون بالتعليم الإعدادي لا يتوفقون في التوصل إلى فهم التسلسل المنطقي للنصوص القرائية المقررة، ولا يقدرون على التمكن من القواعد الأساسية لسنن الكتابة، كما لا يقدرون على توظيف المعطيات التي توفرها النصوص المقروءة، وحتى إذا تمكنوا –في غالب الأحيان- من فك رموز الكتابة بشرح كلمة تلو أخرى، أو مقطع تلو الآخر، فإنه لا يملكون القدرة والسهولة المطلوبة للفهم الحقيقي لكل ما يقرأونه.
إنهم بالضرورة وباختصار خارج شريحة القراء، لأنهم لا يستطيعون فتح كتاب أو قراءته من أجل الحصول على متعة القراءة أو حتى لأخذ معلومات معينة؛ بل إن نسبة منهم لا يستطيعون الحصول على أية معلومة على الإطلاق من قراءتهم لنص ما، أو معرفتهم لما يتحدث عنه النص أو عمن يتحدث لأنهم بكل بساطة لا يعرفون القراءة. ويدعم هذا المعطى النتائج المحصل عليها في الاختبارات الدورية والموحدة، فكثير من التلاميذ لا يستطيعون فهم معنى مقال صحفي أو موضوع بسيط، مما يدل على أن تدارك هذه الآفة لم يحصل بعد في النظام التعليمي الحالي رغم دروس التقوية والدعم التي حاول أن يتدارك بها الأمر.
تؤكد الدراسات السيكولوجية والبيولوجية أن الطفولة الأولى هي المرحلة الملائمة لبعض التعلم والتدرب، واكتساب بعض المهارات التي تحدد بعض الخصوصيات الذاتية للفرد، والتي هي في نفس الآن تداريب يستفيد منها الإنسان طوال حياته، والتي لا يمكنه الحصول عليها واكتسابها بسهولة في مرحلة حياتية لاحقة. وينطبق ذلك على تعلم اللغات بما فيها اللغة الأم. وكذلك الشأن بالنسبة للفنون والألعاب الرياضية، وبعض السلوكات الاجتماعية مثل: حسن الإنصات للآخرين، والتعبير على الطريقة البرهانية أي أن يفكر الطفل بطريقة اجتماعية، لأن البرهنة في هذا السياق هي البحث الذاتي عن الأسباب أو الدوافع التي تصلح كذلك بالنسبة للآخرين. ومن اللازم إذن أن نميز جيدا ما ينبغي للأطفال الصغار أن يكتسبوه قبل كل شيء: (اللغة، والفنون، والرياضة، والمبادئ الأولية للحساب، والسلوك الاجتماعي…إلخ)، وما يمكنهم أن يقوموا به بعد ذلك وبطريقة أفضل في المستقبل، وانطلاقا من وجهة النظر هاته، يلاحظ أن البرامج التعليمية المقررة حاليا، مكثفة جدا، وغير متدرجة كما ينبغي.
يكون الأطفال في المستوى التعليمي الابتدائي من حياة التلاميذ الدراسية أكثر قابلية للتأثر والتفتح، حيث يلاحظ القليل من المشاكل التربوية والتأديبية، على خلاف المستوى الدراسي الثانوي، حيث نجد التلاميذ يشمئزون من كل ما له ارتباط بالحياة الاجتماعية وقوانينها. فالأطفال الصغار يستجيبون بطواعية لما هو مفروض عليهم في المجال الدراسي، ويضعون ثقتهم في المعلم، ويأخذون بجدية كل المطالب التي توجه إليهم، وفي هذه المرحلة الحيوية التي تتشكل فيها شخصية الطفل، ينبغي مراعاة مطالبهم وعدم تخييب آمالهم، مع الحرص على أن يكون المربي أكثر جدية ويقظة. وإذا كان ثلاثة أو أربعة في المائة من الأطفال لا يتوصلون إلى القراءة والتعبير كما هو مطلوب، فهذه واقعة حقيقية ونسبة مقبولة، تفسر طبيا بأسباب عضوية، وتحتاج إلى علاج خاص. أما أن تصل النسبة إلى خمسة وعشرين في المائة أو أكثر من ذلك من التلاميذ الذين لا يستطيعون ضبط العمليات المبدئية والأساسية للقراءة والتعبير، فذلك يعني القبول بالحكم بالفشل الدراسي على أغلبيتهم طوال حياتهم الدراسية

يتــــــــــــــــــــــــــــبع...



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

إن التعليم الابتدائي هو المجال الذي يمكن فيه للنظام التعليمي أن يطبق الإصلاحات الجذرية للبرامج بسبب تمدرس التلاميذ وتوجيههم من طرف معلمين فقط لكل مستوى دراسي. بينما تصطدم هذه الإصلاحات بمشاكل متعددة في التعليمين الإعدادي والثانوي بسبب بينتهما التنظيمية الخاصة، وتعدد المدرسين بتعدد المواد الدراسية، مما يجعل الهامش المخصص للتفكير والتجديد المتوقع للبرامج جد محدود وهذا المشكل لا يطرح بنفس الحدة في المدارس الابتدائية حيث يمكن فعليا وعمليا التفكير في تحديد إصلاحات جذرية.
إن مادتي القراءة والتعبير من المواد الأساسية في الحقل التعليمي، فإذا كان من أهداف تعلم اللغة العربية جعل التلاميذ قادرين على القراءة والتعبير بكل دقة ووضوح، فإن تمارين القراءة والتعبير والإنشاء هي التي ينبغي التركيز عليها في عملية التعلم، وتهييء التلاميذ للتعامل معها لتحقيق الكفاية القرائية والكفاية التعبيرية. لأن هاتين الكفايتين وجودتهما، تسمحان لنا بالوقوف على تقدم مستوياتهم التعليمية ومدى تطورها. مع ضرورة الإشارة إلى أن القدرة على الملاحظة والتفكير والتعبير عن الأحكام والمشاعر، كلها مهارات تلقن كغيرها من المهارات التعليمية الأخرى. ولتحقيق ذلك ينبغي مراعاة ثلاثة مبادئ في منهجية القراءة والتعبير هي:
8-1-مبدأ التدرج: تتم عمليات تلقين القراءة بالتدرج، بحيث نكتفي مثلا في نهاية السلك الابتدائي الأول بفك رموز الحروف بطريقة سليمة، بعدها نرتقي بالمتعلم إلى القراءة العادية التي تتم دون مجهود والتي يمكنها أن تكون معبرة. وفي نهاية التمدرس بالإعدادي، يمكن أن ننتظر من المتعلم السهولة في القراءة والفهم الكامل للمقروء، وفي المراحل المتقدمة من التعليم يمكن أن نعمل على توجيه التلاميذ إلى القراءة لاستخراج المقاطع الأساسية لكل فقرة على حدة، وبالتالي التوصل بسرعة إلى التعرف على مقال أو أجزاء من كتاب مع إدراك محتواه الأساسي أو حتى تفاصيله. وبالتالي التوصل إلى معرفة كافية تسمح بعرض المقروء وتحليله واستغلاله دون تحريفه. كما أن القراءة الصامتة مثلا، يمكنها أن تكون تهييئا للقراءة الجهرية، ويمكنها أن تكون كذلك وسيلة ناجعة لجعل القراءة قراءة “شخصية” لأنها متحررة من الضغط والإكراه النفسي الذي تخضع له القراءة الجهرية في حضور جماعة القسم.
كما أن أي إنتاج شخصي في التعبير والإنشاء في مستويات التعليم الابتدائي والإعدادي، ينبغي أن يكون موضوع تتبع وتوجيه وتعزيز وتصحيح. ولا ينبغي فقط أن يكون وسيلة لقياس القدرة اللغوية والمعرفية عند المتعلم. ويتطلب ذلك وضع كراسات للتمرين على مهارات التعبير لجميع مستويات مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي حتى يتسنى للمتعلمين التمرس على الكتابة، ودفعهم إلى التعبير، وتشجيعهم عليه. كما يفترض في هذه الكراسات أن تكون من حيث الطبع والإخراج جذابة ومزينة بالرسوم ووسائل الإيضاح. وتثير مراكز الاهتمام لدى الأطفال، وتسمح لهم بالاشتغال عليها بمفردهم في البيت دون أي ضغط، مع العمل على تصحيحها في القسم دون تنقيط ولا أي تعليق محبط للتلاميذ.
ومن المهارات التي يستحسن الابتداء بها في عملية تعليم تقنيات التعبير للتلاميذ مهارة السرد، لأنهم في المراحل الأولى للتعليم الابتدائي يكونون أكثر ميلا وانجذابا إلى السرد القصصي والحركة. ولكن ذلك يتطلب بطبيعة الحال في مرحلة موالية، ضرورة تعرفهم على الوصف باعتباره من العناصر الأساسية للسرد. وينبغي كذلك الوقوف عند السرد لدواعي بيداغوجية، منها: أن تعلم الوصف بالنسبة للمتعلم معناه التمرس على الملاحظة، والتمييز بين الأشياء الملاحظة في العالم الخارجي. وهذا التمرين الذي يقوم كذلك على التحليل والموضوعية، من الوسائل الأساسية لتكوين قدرة التعبير عند المتعلم.
إن غياب التسلسل وعدم التجانس بين مختلف مستويات التعليم، من الأسباب التي تؤدي إلى ضعف مهارة القراءة لدى المتعلمين، يضاف إليها الثقل المفرط للتمارين المجردة في البرامج التعليمية. وفي هذا الصدد، ينبغي إعادة النظر في برامج وقواعد اللغة العربية والتلاوة المفسرة والمحفوظات. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي وضع مدونة حقيقية لمجموعة من المؤلفات التي تستهوي التلاميذ؛ فالقراءة لا ينبغي لها أن تكون عبارة عن تمارين آنية، ولكن يتعين أن تكون كذلك متعة للقارئ، وهذا ما يتم إهماله في الإطار التعليمي.
يتعين إذن أن ننتقي له ما يتمشى مع اهتماماته في مجال القراءة والتعبير، وألا نطلب منه أن يكتب إلا عما يعرفه جيدا، ويثير اهتمامه، أو ما يمسه شخصيا، أي التجارب الحياتية للتلميذ: المدرسية، والأسرية، والاجتماعية، مع التصرف بدراية بطبيعة الحال، وفتح المجال له لاستعمال ما يتوفر عليه من مكتسبات المواد التعليمية الأخرى: العلمية، والتاريخية، والفنية والتربوية وغيرها؛ والحرص على إثارة انتباهه وردود أفعاله النشيطة تجاه المجتمع والبيئة، من خلال استغلال كل معارفه عن الشارع، والصحافة، والوسائل السمعية البصرية، وما إليها.
إن إيقاظ الرغبة في القراءة والكتابة عند المتعلم، يتطلب البحث عن إمكانية تعبئ وتقوية وتعزيز جميع مصادر المعرفة عنده: مفهومة للواقع، وكيفية إدراكه، ثم خياله وأحاسيسه ونزعته إلى الحركة، ورغبته في العمل أو اللعب، وفضوله المعرفي…إلخ. ولا ينبغي في عصرنا هذا التغاضي عن وسائل التواصل والإعلام، لحضورها القوي في حياتنا اليومية، وإيحاءاتها المتعددة بواسطة الصورة والصوت. فينبغي تعلم كيفية التعامل معها ودراستها باعتبارها من الوثائق المهمة، أو شرح وتوضيح ما تثيره من انفعالات عاطفية أو فنية، والتعرف على كيفية التعبير عنها.
هناك طريقتان ممكنتان: الأولى: استدعاء المتخصصين في العلوم التربوية، والمنظرين الفاعلين في مجال تعلم القراءة والكتابة. ولكن التجربة أثبتت أن اختلاف تصوراتهم البيداغوجية كبيرة وعميقة جدا إلى درجة لا يمكن معها الوصول إلى نتيجة مرضية. ولتجاوز هذا الإشكال يقترح الميثاق “إحداث لجنة دائمة للتجديد والملاءمة المستمرين للبرامج والمناهج، وسيناط بهذه اللجنة الدائمة ذات الاستقلالية المعنوية على الخصوص، تخطيط أشغال مجموعات عمل تشكل خصيصا لهذه المهمة، ويسهم فيها متخصصون في التربية والتكوين، وذوو الخبرة في مختلف التخصصات والشعب والقطاعات”.
والثانية، وربما هي الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق، تتجلى في مطالبة المدرسين أنفسهم بمن فيهم الذين يزاولون في الأقسام الابتدائية والإعدادية والثانوية، بالتعبير عن آرائهم في الموضوع ومطالبتهم بتحديد المشاكل التي يواجهونها في نظرهم، مما يؤدي إلى رسوب الكثير من التلاميذ وفشلهم الدراسي. ويمكن انطلاقا من تجاربهم وضع لائحة للمشاكل الملموسة التي واجهت كل المدرسين مهما اختلفت المناهج التي اختاروها في عملهم. وربما يتجلى في هذه النقطة الأخيرة عمق المشكل وأساسه: فهناك العشرات من المناهج المختلفة في التدريس مما ينتج عنها مشاكل لا حصر لها، تظهر بالخصوص في اضطرار التلاميذ للمرور من مناهج مختلفة وأحيانا متناقضة. مما يجعلهم يتيهون كليا في توجهاتهم الدراسية. إذن، من الضروري التخلي عن مثل هذه الاختلافات في التعليم، وتحديد اتجاه واضح لما ينبغي أن تكون له الأسبقية في التعلم مهما اختلف المنهج المطبق، مع تركيز الجهود على بعض الثوابت الحاسمة والأساسية كما ينبغي قبل كل شيء، الإعلان عن الأهداف المتوخاة بتسلسل ووضوح.
إن الثقافة التي يكتسبها الطفل في المدرسة تتميز بخاصية لا تعوض: فهي لا تختلط مع الثقافة اليومية، ولا ثقافة الآباء وثقافة وسائل الإعلام، فهناك العديد من المحتويات الدراسية والمعلومات لا يمكن للمرء أن يكتسبها إلا في إطار المدرسة، فهي وحدها التي تتكفل بتلقينها، وتبقى من المرجعيات التي يعتمد عليها الفرد في عملية اكتسابه لمعارف أخرى أو فهمها. ويمكن بطبيعة الحال مناقشة محتويات المعلومات المقررة، وإعادة النظر فيها وتعديلها، أو استبدالها بغيرها من المحتويات الأكثر صلاحية وشرعية، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نلغيها كلية لصالح المعلومات المكتسبة من المجتمع أو وسائل الإعلام مثلا.
إلا أن المعارف المدرسية تمر من أزمة حقيقية نتيجة التغييرات التي حصلت في مختلف ميادين المعرفة الإنسانية، ولم تستطع الكتب المدرسية المقررة، والمعارف الملقنة في المدارس أن تواكبها، مما أدى إلى ظهور جدل حاد ومحتد في الموضوع، وظهرت آراء تدعو إلى ضرورة تفتح المدرسة على الحياة المعاصرة، والتركيز على الطفل كما هو، والأخذ بعين الاعتبار مصالحه، ويتم التنصيص في هذا الإطار ومن خلال هذا المنظور على أولوية المناهج البيداغوجية الحديثة في تبني المحتويات الحديثة، والتفكير في المعارف والمعلومات المقررة، وضرورة إدخال ثقافة حية إلى حرم المؤسسات التعليمية، لها علاقة بالوسائل السمعية البصرية وغيرها من الوسائل التقنية الحديثة، وطرح أسئلة في مدى مشروعية المعارف والمحتويات الملقنة حاليا في المدارس، ومدى مواكبتها للعصر.
النــــــــــــــــــــــــــهايـة


=========


>>>> الرد الثاني :

جزاك الله كل خير

=========


>>>> الرد الثالث :

السلام عليكم
شكرا



=========


>>>> الرد الرابع :

مشكور بارك الله فيك

=========


>>>> الرد الخامس :

بارك الله فيك أخي الأخضر


=========


مشكور بارك الله فيك


شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيذ ♥
جزاك الله الف خير على كل ما تقدمه لهذا المنتدى ♥
ننتظر ابداعاتك الجميلة بفارغ الصبر