عنوان الموضوع : هنا نحضر دروس الغد رابعة متوسط
مقدم من طرف منتديات العندليب

جوال امرأة ميتة روايه كامله للكاتب سمير الروشان
قنوعا انا دوما ..
بسيطا في حياتي ولذلك انا محسود وسعيد ..
لم يهبني وطني وظيفة فقررت انا انسى وطني واسعى لمحاولة العيش ..
فكرت ثم قدرت ..
ثم توكلت وأعلنت أفتتاح محلي الخاص لبيع الجوالات أو بالاصح الهواتف المتنقلة حتى اصبح اكثر جزالة ..
مساحة محلي لم تكن تتعد الـ 4 امتار طولا ومثلها عرضا ..
كنت اتعيش من البيع والشراء على طبقة الكادحين ( الملحطين ) مثلي ..
من بين كل هؤلاء كان يتردد علي الموظف بجمعية الهلال الاحمر ( علي ) مرارا ..
كم هو حقير هذا العلي ..
يستغل عمله كسائق في أسعاف المصابين لسرقة مايجد في موقع الحادث ..
يقسم أنه أحيانا حين يصل لموقع الحادث يتفرغ للبحث عن محفظة نقود أو هاتف جوال ملقى قبل وصول أحد لأنه يرى أن لم يسرق هذه الاشياء هو فسيظفر بها لص اخر ...
كنت ألعنه كثيرا لطريقته هذه ..
ولكني أعود وأقول الله يرزقك ياعلي الحرامي خصوصا حينما أشتري منه جوالا سرقه وأبيعه بفائدة كبيرة ..
نعم هكذا هي الحياة ..
متضادات ..


في ليلة الثلاثاء تلك اشتريت من علي هاتفا جوالا كالعادة ..
الفرق أنه هذه المرة قال أنه لسيدة وجدوها ميتة في موقع الحادث ..
وأبتسم أبتسامة صفراء وهو يقول : وجدت أيضا بجانب الجوال شنطة يد كانت تحوي مبلغا كبيرا أضافة الى ورقة غريبة ..
ورقة مزقت من تقويم سنوي وكانت تحمل تاريخ يوم الثلاثاء قبل 14 عاما تماما ..
والمدهش أنه أقسم أن تلك الورقة كانت كالجديدة رغم مرور كل تلك الاعوام ..
وصارحني بأن عبارة صغيرة كانت مكتوبة اسفل تلك الورقة ..
كانت حكمة عادية كالتي تملأ أوراق التقويم حاليا ..
وكانت تقول " راس الحكمة مخافة الله "



قاطع حديثنا دخول أحد الزبائن للمحل ..
مما جعل اللص علي ( يسارعني ) بطلب المبلغ وانصرف بعدها ..
وأصبح جوال تلك الميتة في طاولة العرض الخاصة بمحلي ..





الساعة 11 مساء ..
أقفلت محلي ..
وكعادتي كلما أشتريت جوالا جديدا أصطحبه معي للمنزل ..
أستمتع على فراشي قبل النوم بقراءة الرسائل النصية التي يتركها عادة أصحابها عند البيع أو الرغبة بتبديل جوالاتهم القديمة ...
فأنا أستمتع بقراءة مايتناقله الناس بينهم ..
نكات ..
رسائل حب ..
طرائف ..




أنتهيت من تناول عشائي تلك الليلة ..
تمددت على فراشي ..
ثم تذكرت ذلك الجوال ..
نعم ..
جوال الميتة ...
ترى ؟؟
قبل موتها ماذا ارسلت ؟؟
ماذا استقبلت ؟؟
اسئلة كثير عصفت بي ..
وتملكني مزيج من الفضول واللهفة ..



أنتزعت الهاتف وضغطت زر التشغيل ..
وفتحت صندوق الرسائل الواردة ..


كان خاليا ألا من رسالة واحدة غريبة ..
كانت رسالة تحوي عبارة واحدة ..


عبارة مخيفة ..


" لن تصلي للبيت " ..




ورقم المرسل كان موجودا وواضحا ..



حقيقة أصابني الرعب ..
فتوقيت هذه الرسالة كان يطابق تماما يوم موت هذه المرأة ..
بدأت التساؤلات تحوم براسي ..
هل الامر فيه شبهة جنائية ؟؟
هل اغتيلت ؟؟
هل هناك من كان يهمه التخلص من هذه المرأة ؟؟
ولماذا ؟؟


ظللت أفكر كثيرا ..
ثم أعدت التقليب كثيرا في ذلك الهاتف ..
فعلني أجد شيئا جديدا ..
وبينما انا أبحث وجدت رسالة في صندوق الحفظ الخاص بالرسائل ..
كانت من ذات الرقم صاحب الرسالة الاولى ..
ولكنها كانت قديمة قليلا ..
وكانت عبارة عن دعوة لحضور مراسم زواج أو مناسبة ما ..
ووضح من خلالها الوصف الكامل لمكان قاعة الاحتفال وموقعها في المدينة ..



كان الموقع الموضح بالرسالة بعيدا قليلا ويقع في أطراف مدينة مجاورة ..
وبالتحديد في احدى ضواحي مدينة الخرج جنوب مدينة الرياض ..



قررت في اليوم التالي ان أستشير شخصا أثق كثيرا برأيه ..
لكبر سنه وحكمته ..
قصصت له الأمر كاملا ..
قال لي : لاتحاول المغامرة بأخطار الجهات الامنية فربما لفقت لك تهم منها سرقة محتويات المرأة الميتة ..
وربما أيضا جعلوا منك قاتلها ..



نعم صحيح ..
كيف فاتتني هذه ..
ربما أتهموني انا ..
لماذا أذن لاابحث أنا عن حل لهذا اللغز ..
حل قد يكشف كل شي ..
ويشبع كمية الفضول التي تلازمني منذ رأيت هذا الجوال
وفعلا أنطلقت أنا وأحد الأصدقاء ..
ولم أخبره بالحقيقة بتاتا ..
فقط قلت له سأذهب للتحقق من موقع أحد الاستراحات التي سيقام فيها مناسبة لأحد الأقارب ..
كان صديقي عاطلا ..
يقضي ثلثي يومه في النوم ..
ورافقني بدون تردد ..
فقط كان يريد مني ان أبتاع له علبة سجاير ..
كثمن لمرافقتي ولو حتى لولاية تكساس ..


قطعنا الطريق بسرعة ونحن نتبادل أطراف الأحاديث ..
وصلنا الى مدينة الخرج ..
تجاوزت وسط البلدة قاصدا أطراف المدينة ..
ثم بدأ الرعب يدب فيني فجأة ..
نعم ..
فالمنطقة المرادة لم تكن سوى عبارة عن مزارع غالبها مهجور وأحراش قديمة ..
ويتضح أن لاأثر لحياة هنا ..
لم يمنعنا هذا من الأستمرار ..
تقدمنا كثيرا ..
للحظة أحسست أن صديقي بدأ يدب فيه الخوف كثيرا ..
ثم بدأ يمازحني بخوف قائلا : من قريبك المجنون الذي سيقيم زواجا هنا ..؟؟
أم أن العروسة جنية ؟؟


لم يكد ينهي تلك العبارة ألا ودوى صوت تكسر الزجاج الخلفي لتك السيارة التي كنا نستقلها ..
توقفت تلقائيا ..
أصابنا الرعب ..
نزلت من سيارتي لأرى ماحدث ..
كانت هناك شجرة قد وقعت على السيارة بشكل غامض وغريب ..
أزحناها وواصلنا السير ..
كنت لاأزال أفكر كيف سقطت هذه الشجرة فجأة ؟؟
قطع تساؤلي وصولي الى الموقع المشار اليه في تلك الرسالة ..

ثم رأينا لافتة كتب عليها بحروف ممسوحة ومتهالكة الأسم الذي ورد على تلك الرسالة ..
ولكن ..
ياللغرابة !!
الموقع لم يكن سوى مزرعة خاوية ..
مهجورة ..
لاحياة فيها ..

عاد الخوف يسيطر من جديد علينا ..

وماهي ألا ثواني حتى بدأ صديقي يشدني للنظر الى موقع بعيد داخل تلك المزرعة ..
كانت هناك نار تشتعل في مجموعة من الأشجار القديمة ..
ثم تنطفي ..
وتعود للاشتعال في مجموعة اخرى وتنطفي وأستمر الحال كذلك ..


ذكرنا الله كثيرا ..
خرجنا بسرعة من الموقع ..
قاصدين العودة للرياض ..
فربما هناك خطأ ما ..
خطأ في الوصف ..
أو الرسالة ..
أو ...
قاطعني صديقي وهو يقول : أنظر الى هذه المزرعة تبدو مأهولة ..
نعم ..
أنها مزرعة مأهولة وأشاهد مجموعة من العمال يجلسون قريبا من الباب الرئيسي ..
نزلت اليهم تاركا صديقي ينتظر ..
كنت أرغب في كثير من الأجوبة من خلالهم ..
فربما قد أجد منهم مايفيد ..
وصلت أليهم وبدت عليهم نظرات الحذر والترقب ..
فبادرتهم بالسؤال عن تلك المزرعة ومن صاحبها ومن يعيش فيها ؟؟
قالوا أن كل مايعرفونه عنها أن بها بيت من الطين كبير يتوسطها تماما ويقال أنه مسكون ..
وأنها مهجورة منذ 14 عاما ..
وصاحبها اختفى في ظروف غامضة ..
ولايتذكرون أن أنسانا عاقلا أقترب منها ..


لم أصدق هذه الحكايات ..
وبدى لي كلام هؤلاء العمال البسطاء كنوع من الأثارة فقط ..
فالناس تتناقل كل ماهو مثير ..
ومخيف ..
ولكن ..
الغريب انهم قالوا انها مهجورة منذ 14 عاما ..
لماذا ورد الرقم 14 تحديدا ؟؟
ثم ألا يتوافق الزمن هذا مع قصاصة التقويم التي ذكر ذلك ( اللص علي ) أنه وجدها في شنطة تلك الميتة وكانت تحمل تاريخا قديما منذ 14 عاما أيضا ؟؟
هل الأمر مجرد مصادفة فقط ؟؟


تركت هؤلاء العمال وغادرت مزرعتهم وأنا في حيرة ..
عدت لسيارتي وأنا اضحك كثيرا ..
متذكرا تلك القصص القديمة التي كانت تحكى لنا ونحن صغار ..
وكان من يرويها يستمتع وهو يرى الخوف في عيوننا ..
و .......


صاعقة هوت علي فجأة ..


" صديقي لم يعد موجودا في السيارة " !! !!


لم أكد ألتقط أنفاسي ألا والصدمة تطالعني ..
باب السيارة من جهة الراكب مفتوح ولكن لا أثر لصديقي ..
كل شي كان كما هو عليه قبل نزولي ..
جواله ...
علبة سجائرة داخل السيارة ..
ولكن لا أثر له ..
أستجمعت قواي وقررت النظر حول المكان ..
تساءلت هل ذهب ليقضي حاجته ؟؟
رفعت صوتي أنادي ..
ناصر .. ناصر
ولا مجيب ....

ركبت سيارتي وبدأت أدور في دوائر حول المنطقة ولا جديد ..
أبتعدت ببحثي قليلا عن المنطقة ..


ثم !!

أدركت وقتها كم كنت غبيا أنا ...
لماذا لم أراقب الاثار بجانب السيارة ..؟؟
خصوصا أن الارض كانت طينية وسيبقى الاثر عليها واضحا ..
عدت الى مكاني السابق ...
ووجدت الاثر ..
ولكنه أثر واضح لسحب شخص بالقوة وحمله ..
فالاثآر العميقة والمتناثرة دليل على الحمل الثقيل الذي تركه صاحب الاثر ..
ويتضح أنه كانت توجد مقاومة من الشخص المحمول وقتها ..
تتبعت الأثر ولكن ..
الاثر كان يسير الى منطقة ومخيفة ..
والاغرب ..
أنه أنتهى حول بئر قديمة وواضح أنها مهجورة لفترة طويلة ..

هل يعقل ؟؟

صديقي في البئر ؟؟

ماهذا الجنون ؟؟

تأملت حولي من جديد ..
ظلام يلفني ..
وبدأ لي المكان حولي كمقبرة قديمة ..
والهدوء والرعب يلفاني
ثم ...
تذكرت أنني وحيدا في هذه المنطقة ..

أنتابتني حالة غريبة ...
رعب شديد ..

هربت بشدة الى السيارة ..
وأنطلقت بسرعة خرافية من حيث أتيت ..
كنت أبكي بشدة ..
بل أنها نوبة بكاء شديدة قد أعترتني ..
صديقي أين هو ؟؟
كيف أختفى ؟؟
أنا السبب ..
اللعنة على ذلك الجوال وصاحبته وعلى سارقه ..

نعم سأذهب للجهات الامنية ..
أنها مهمتهم ..
هم من سيكشفون أين أنتهى المطاف بصديقي ..
ولكن ..
ماذا ..
ماذا لو وجدوا صديقي مقتولا ..
من سيتهمون ..؟؟

بكيت بشدة وخالط بكائي نوع من النياح ..
عدت للرياض من جديد وذهبت للبحث عن ذلك اللص علي ..
نعم أنه هو من سيساعدني في هذا الأمر ..
فهو السبب ..
وربما قد يفيدني بشي ..
ولكن ....
كيف أبحث عنه ؟؟
كل مااعرفه انه منتسب لجمعية الهلال الاحمر فقط ..
وأنه يعمل كمسعف ..
وحتى أسمه لااعرف منه الا علي ...
اللعنة عليه وعلى سرقاته ...


بدأت أشك ..
هل حلت بنا لعنات الموتى ؟؟
سرق تلك المرأة ولم يراعي كرامة الموت ورهبته ..

أحسست لفترة وكأن الزمن توقف ..
بالامس كنت شخصا يعيش حياة طبيعية ..
والان انا اعيش دوامة من القلق والغموض ..

مالذي أصبح مقدرا لي ..؟؟
صديقي لااعلم هل لازال حيا أم ميتا ؟؟
أهله يعلمون تماما أنه كان برفقتي ..
مالذي بيدي لأفعله ؟؟

صرت تائها وسط تلك المدينة الكبيرة ..
قررت أن أذهب الى بيت صديقي ..
والده رجل طيب ..
وأمام مسجد ..
ربما يقدر ماسأقوله وسيتفهم موقفي ..
سيعلم أن هذه الاحداث لها علاقة بظواهر الجن ..
نعم أقسم أنها كذلك ..
فتلك الحرائق وتلك الغرائب والشجرة التي سقطت علينا ونحن لم نشاهدها أصلا كلها أمور تختص بهؤلاء الخلق ..
بدأت مرتاحا أكثر لهذا التفسير ..
ولهذا القرار ..
وماهي الا دقائق وانا اطرق باب منزل صديقي ..
لم يصلني رد ...
واصلت الطرق ..
ولكن لامجيب ...
وكان واضحا جدا من الهدوء الذي يجيبني أن المنزل خاوي ..

عدت لسيارتي والقيت بجسدي على مقعد السيارة ..
وعادت حالة البكاء للسيطرة علي من جديد ..
أغمضت عيني وقررت الانتظار أمام منزل صديقي ..
ثم عدت بالذاكرة الى وقت ليس ببعيد ..
بدأت أستعيد ذكرى صديقي ..
صديقي المختفي ناصر ..
كان رفيقي منذ الصغر ..
شخص طبيعي ..
هادئ وانطوائي نوعا ما ..
أنهى دراسته الثانوية ثم قبع بعدها في المنزل ..
كان شخصا حماسيا ولكن البطالة خلقت فيه روحا أنهزامية غريبة ..
وكان يتحدث عن أمنياته بالهجرة الى الخارج ..
ولازلت أتذكر كم كان يحب كثيرا القراءة ..
خصوصا الكتب الكبيرة ..
التي كان ينفق كثيرا على شرائها ..
لازال بذاكرتي كيف أنه كان من المتفوقين ..
ولكن ..
وهاهو الان شخص عاق ..
منحرف ..
حتى والدته كثيرا ماكنت تدعو عليه بالهلاك ..
أتذكر تماما أنه كان ومازال شخصا عنيدا يكره ان يوجهه احد الى شي ..
ويفضل أن يختار هو كل شي بنفسه ضاربا عرض الحائط بأراء وتوجيهات الاخرين ..
حتى والده كان كثيرا مايقول انا لست براضي عليك ..
وكان .....

ماهذا ؟؟
شخص بقترب من سيارتي ويسير بهدوء ..
كمن ينوي أخفاء شي ..
كان الشارع شبه مظلم ..
والرجل يقترب من سيارتي ..
ثم ..
توقف أمامي مباشرة ..
ومد يده ...
نظرت الى وجهه وبادرني بالسؤال ...
من أنت ؟؟
زال الخوف مني وأنا أتأمل ملامح هذا الغريب ..
لم يكن سوى والد صديقي ..
ولكن لااعلم لماذا لم استطع تمييز وجهه بسرعة ..
نظر ألي كثيرا ...
ثم قال : عبدالرحمن !!
أهلا بك ..
أين ناصر ؟؟ هل هو بالداخل ؟

ترددت كثيرا ولاحظ هو هذا التردد الذي كان يملأني ..
ثم قال : عبدالرحمن ..
أبني ناصر مالذي حدث له ؟؟ وأين هو ؟؟
قلت له : أريد أن أجلس معك أرجوك ... كلام كثير سأقوله لك !!
لاحظ بكائي وحالتي الرثة وطلب مني النزول ..
لم ندخل لمنزله بل توجهنا الى المسجد ..
هناك بديت أروي قصتي لوالد ناصر ..
القصة كاملة ..
بداية من شرائي لذلك الجوال ..
ومرورا بخروجي مع ناصر الى تلك المنطقة ..
وأنتهاء بأختفاءه ..
كان والد ناصر مشدودا ومهتما لقصتي ..
ووضح عليه التأثر وبكى خصوصا عندما وصلت لقصة أختفاء أبنه ..
كان يريد قول شي ..
نعم أحسست به ..
ولكنه كان يتردد ..
تغيرت ملامح وجهه ..
وصرخ فيني : أين ذلك الجوال ؟؟
كان كمن أنتزعني من حالة عجيبة ..
قلت : في منزلي ..
ركبت معه في سيارته وأنطلقنا لمنزلي ..
تناولت ذلك الجوال وعدت للسيارة وناولته لوالد ناصر ..
نظر فيه ..
تلى بعض الاذكار ...
فتح صندوق الرسائل ..
وياللمفاجأة ....
كان خاويا تماما !!
قلب صندوق حفظ الرسائل فطالعته تلك الرسالة التي كانت توضح مكان الدعوة ..
كانت مذيلة برقم ...
رقم يوضح المرسل ..
تناول هاتفه وأتصل بذلك الرقم ...
وبدأ الجرس يرن ....
ويرن ...
ولكن دون أجابة ....
وقتها كنت أتساءل ..
كيف غابت عني فكرة الاتصال برقم مرسل هذه الرسالة ؟؟
كان والد ناصر مايزال يعاود الاتصال بذلك الرقم أكثر من مرة دون أي أجابة ...
ألتفت لي وقال : هل أنت محافظ على الصلاة ؟؟
صدمني بذلك السؤال ...
قلت : نعم ..
قال : وأين الذي باع لك الجوال ؟؟
قلت : أتقصد علي اللص ؟؟
قال : نعم ..
قلت : انا لاأعرفه شخصيا كل ماأعرفه انه يعمل بقطاع الاسعاف ...
قال : هل تملك رقم جواله ؟؟
سؤاله هذا كان صدمة بالنسبة لي ..
فطوال تلك الفترة التي كان يتردد فيها ذلك " اللص علي " على محلي لم يحصل يوما أن طلبت رقمه أو سألته حتى عن سكنه أو ....
قاطعني والد ناصر : لماذا لاترد ؟؟
قلت : لا أعرف رقمه ..
أنطلقنا الى مركز ادارة الهلال الاحمر ..
حيث يعتبر هذا المركز هو المقر الرئيسي لعمل ذلك اللص ..
والد ناصر كان أمام لأحد مساجد المدينة المعروفة وكان رجلا وجيها ومعروفا لكثير من أعيان المدينة ..
أجرى بعض الاتصالات ..
ثم دخلنا الى مبنى الادارة ..
صعدنا الى مكتب احد الموظفين ..
صافحه والد ناصر ..
تهامسا قليلا ثم أخذنا الى غرفة تحوي بعض أجهزة الحاسوب ..
سألني الموظف عن ما أذا كنت أعرف السائق علي المذكور ..
قلت : أعرفه فقط بشكله ..
ثم قال لي الموظف : دعك من الشكل ..
هل تميزه من صوته ؟؟
قلت : طبعا بلا شك ..

قلب بعض البيانات على الحاسوب ..
ثم تناول هاتفا بجانبه وأجرى أتصالا بشخص ثم طلب منه مكالمتي ..
حدثني الشاب قليلا ثم سألني الموظف هل هذا صوته ؟؟
قلت : لا ..
اغلق الهاتف وكرر الامر مع ثلاثة أشخاص آخرين كلهم كنت لاول مرة أسمع نبرات صوتهم ..
نعم ..
ذلك اللص علي كانت له نبرة حادة مميزة يمكنني تمييزها من بين الالاف ..
وأنا على ثقة بهذا الشي ..

أحسست أن الموظف بدأ عليه الضيق ثم سألني ...
" علي " هذا صف لي شكله ..
بدأت أسرد على مسامعه المواصفات تباعا ..
كانت تبدو عليه علامات الدهشة وهو يستمع لوصفي ..
ثم قال : هذه المواصفات لم تمر علي أبدا وأنا أعرف كل السائقين القدامى والجدد ..
ولكن صدقوني هذه الموصفات لم أرى شخص يحملها لدينا قط ..

بدأ القلق يسري بداخلي ..
ثم قلت : أنا لدي الحل ...
ماأسم السائق الذي باشر يوم أمس حادثا ماتت فيه سيدة ...؟؟
قلب ذلك الموظف قليلا من بعض بياناته ثم قال مندهشا ...
أتقول يوم أمس ؟؟
أشارت له بالأيجاب وأنا أضيف : وماتت سيدة في الحادثة ..
صمت لحظات كمن يترقب نتائج بحث ذلك الحاسوب ..
ثم بدت عليه الدهشة وهو يقول :
صدقوني لم تخرج أي سيارة أسعاف من مركزنا لحادثة كانت فيها وفاة سيدة منذ اكثر من 6 ايام !!

أصابتني نوبة غريبة ..
كنت أشعر ببرود يملأ أطرافي ...
هل علي هذا كاذب ؟؟
هل هو سائق اسعاف فعلا ؟؟
هل له وجود أصلا ؟؟
قطع حبل هذه الاسئلة صوت والد ناصر وهو يردد على الموظف : هل أنت متأكد ؟؟
كان الموظف يهز رأسه تأكيدا مما يقول ..

للحظات شاهدت جبلا من الحيرة والخوف ترتسم على وجه والد ناصر ..
ثم ألتفت الي وقال : أتبعني ...
ركبنا السيارة وأنطلقنا ...
قرر والد ناصر أن نعود الى ذلك المكان ..
ذلك المكان الذي اختفى فيه ناصر ...

قطعنا الطريق بسرعة ...
وكان الصمت يلف رحلتنا طوال الطريق ..
وصلنا الى مشارف تلك المزارع ..
ثم تجاوزناها لنتوقف أمام تلك المزرعة التي حذرني فيها العمال من ذلك المنزل والمزرعة المهجورين ...

كان والد ناصر يلهج بالذكر سرا ..
توقفنا قليلا ..
ثم بدأت أشرح له ماحدث ..
قلت له هنا عدت من هذه المزرعة ولم أجد ناصر ..
رأينا تلك الاثار التي كانت باقية بذات الوضوح ..
تتبعناها من جديد الى ذلك البئر القديم ..
بئر كانت رائحة عفنة تفوح منه ..
رائحة لايطيقها أنسان ..

تجاوزناه قليلا لنبحث خلفه ..
فطالعتنا تلكالارض الخالية والتي كانت تعلوها بعض الاحجار الصغيرة المرتكزة رأسيا ...
مما يوضح أنها بقايا مقبرة قديمة ..

لاأعلم لماذا طار خيالي حينها بعيدا الى حالات السحر التي يعالج فيها المصابون بفك السحر وغالبا مايكون السحر مدفون في مثل هذه المقبرة القديمة ..
حيث تعترف تلك الشياطين بمكان السحر .


جذبني والد ناصر ..
وقال : أأنت متاكد ان ناصر كان هنا ؟؟
تغيرت ملامح وجهه وصارت غاضبة وهو يهزني ويصرخ : أأنت مجنون ؟؟
هل تتعاطى شي من تلك المواد المذهبة للعقل ؟؟
وواصل صراخه ودفعه لي ..

انسكبت الدموع من جديد في عيوني ...
وأنا أقف صامتا بلا حراك ..
وبلا أجوبة ..

تركته يفرغ أنفعالاته وعدت الى السيارة ..
كنت منهكا وأحس بانني ساقع أرضا لفرط التعب ...

عاد والد ناصر ألى قيادة السيارة ..
وكان كمن بدأ يكتشف شيئا يعلمه ..
أو بالأصح يخاف منه ويخشاه ..

وصلنا الى تلك المزرعة المهجورة ...
سألني والد ناصر : هل يعقل ان هذا هو المكان المذكور في الرسالة ؟؟
قلت : نعم ..

نزل بقوة وكأن المكان لايخيفه ...

ووقف على باب المزرعة ....
ثم شاهد نلك الحرائق التي كانت تنطفي وتعود في مواقع مختلفة بين الاشجار ...
لاحظت أنه كان يشاهدها وكأنه يعرفها تماما ...

قرأ الكثير من الاذكار ...
ثم فجأة سقط ...
سقط على مقدمة السيارة وبكى بصوت مرتفع ...
كان يبكي بحرارة ...
لم أقاطع بكاءه أبدا ...
بل لزمت الصمت ..
أرتفع صوت نحيبه اكثر ..
ثم ألتفت الي ووجهه مغرقا بالدموع ...
وقال لي : انا السبب !!
انا السبب !!

ازدادت دهشتي لكني لم اقاطعه ...
رددها مرارا : انا السبب !!

انا ياعبد الرحمن كنت في هذا المكان قبل 14 سنة ...
وناصر ليس ابني ...
ناصر لقد وجدناه هنا ..
وربيته انا ..
ابوه هو صاحب هذه المزرعة ..
عاش معتزلا الناس ويقال انه تزوج بجنية ..
وناصر ابني كان نتاج زواجهما ..
وجدوه هنا وعمره 3 سنوات ..
أنا هربت من هذه المناطق الى العاصمة حتى اتجنب هذه الذكرى ..
لقد عادوا بعد 14 سنة ياعبدالرحمن ..
لقد ...
قاطع حديثه رنين جواله داخل السيارة ..
ساد الصمت للحظات ..
ثم تحرك والد ناصر بسرعة ليلتقط هاتفه بسرعة ..
نظر والد ناصر طويلا الى رقم المتصل ..
ثم صعقني وهو يريني رقم المتصل ..
فرقم المتصل لم يكن سوى الرقم الموجود في جوال المرأة الميتة ..
وهو نفسه الذي كان يرسل اليها الرسائل ..
وهو نفسه الذي ارسل الدعوة الخاصة بهذا الموقع المهجور ..
وهو ذاته الرقم الذي حاول والد ناصر الاتصال به ولكن لم يكن يجيب ..
هاهو الان يتصل بنا هو ..
ترى ماذا يريد ؟؟
بل من يكون ؟؟

ضغط والد ناصر على زر الرد بسرعة ..
كان متلهفا ..
وسأل : من المتحدث ؟؟
ثم ظل صامتا وكأنه يسمع شيئا مخيفا ..

سألته مالذي حدث ؟
لم يجيب ...
كررت السؤال : من المتصل ياابا ناصر ؟؟
بدا شاردا مما يقوله له ذلك المتصل ...



التقطت منه الهاتف بسرعة ..

وسمعت صوت المتحدث ..
وكان صوته واضحا جدا ..
صوت لايمكن أن أخطيه أبدا ..


أنه صوت اللص ..
" سارق الاموات " ..
انه سائق الاسعاف ..
علي !!


نعم أنه اللص علي ...
أقسم بذلك ..
أذناي لم تخطي ..
هو صوته الذي استطيع تمييزه من بين الالاف الاصوات ..

صرخت في المتصل : علي ..
علي ..
لم يجيب ..
زاد انفعالي وأنا أصرخ : علي ..
أعلم أنه انت ..
فقط اخبرني ماذا يحصل !!

كان صدى صوتي فقط يتردد في الهاتف ..
وكان واضحا انه يتهرب من الاجابة ..
أغلقت الهاتف بعدما يئست أن يجيبني ذلك السارق ..

نظرت الى وجه والد ناصر ..
كان شاردا ..
لم يكن ينظر لي ..
بل كان ينظر تارة الى داخل ذلك البيت المرعب الذي يتوسط المزرعة المهجورة ..
واخرى الى الطريق الذي جئنا منه ..

ثم نظر الي نظرة مرعبة وقال : أتبعني ..
ترددت قليلا .. ثم لحقت به
كان الرجل يتجه نحو مدخل تلك المزرعة المهجورة ...
ويسير بخطوات متسارعة ..
وكان أشبه بمن يعلم الى اين يسير ..
وماذا يريد ..
حارت الاسئلة بداخلي ..

ثم توقفت قليلا ...
سألت نفسي سؤالا بدا لي غريبا بعض الشي ...
اذا كان ناصر صديقي والذي كنا فيه لسنوات طويلة معا أصدقاء تنقلب كل الامور حوله لاكتشف انه لم يكن بشريا ..
ثم اللص علي الذي كان يزورني بأستمرار في محلي لم يكن كذلك ايضا ..
فهل يعقل ان يكون أبو ناصر أيضا منهم ..؟؟
نعم ربما ...
تصرفاته غريبة ومخيفة ..
ولكن !!
ولكنه أمام مسجد ..
رجل فيه كثير من الخير ...
وكان يقرأ الاذكار أمامي أو هكذا بدأ لي ...
ورجل ...
قطع حبل افكاري أنتباهي لبوابة المزرعة التي فتحت وتجاوزها والد ناصر وانا لاازال افكر هنا ؟؟
سارعت في خطواتي لكي الحق بوالد ناصر ..
تجاوزت الباب وأتجهت صوب ذلك البيت المخيف ..
ولكن ....
توقفت تلقائيا ...
اين ذهب والد ناصر ؟؟
هل سبقني بكل هذه الامتار ؟؟
لقد كان قبلي بقليل ...
فكيف يمكن أن يكون قد وصل بعيدا بهذه السرعة ؟؟
لايلام الرجل فما راه الليلة لم يكن بالشي البسيط ..
أستعجلت الخطى نحو ذلك المنزل ..
كان لساني يلهج بالذكر ..
بدأت بالاقتراب من ذلك المنزل المرعب ..
ثم توقفت قليلا وبديت أنادي : أبو ناصر ....
أبو ناصر ......
لم يصلني أي رد ..
بدأت من جديد أرتعد ...
وعاد شبح الخوف يسيطر علي وانا اتساءل ؟؟
هل فقدته هو ايضا ؟؟
وصلت لذلك المنزل ..
كان منظره كئيبا ومرعبا ..
وكان واضحا انه ظل بدون عناية لسنين طويلة ..
وكانت الناحية التي وصلت لها تحوي نافذتين مغلقة بأحكام ..
بدأت بالدوران حول ذلك المنزل ...
باحثا عن باب الدخول ..
كنت اتساءل وأدعو ان أجد والد ناصر بالداخل ..
بدأت بالدوران اكثر حول المنزل ...
ولكن !!
ياللغرابة !!

هل يعقل هذا ؟؟

ذلك المنزل المهجور لم يكن له باب !!
نعم ..
كل جدران البيت كانت تحتوي على نوافذ !!

ماهذا ؟؟
أي بناء هذا ؟؟
بل أي لغز أراه امامي ؟؟

كيف لأنسان أن يبني مثل هذا المبنى ؟؟
أو بالاصح هل هو مبنى أنشأه انسان ؟؟

قاطع تساؤلي صوت بدى لي كأنين شخص ...
كان هناك خلف بعض الاشجار ...
وكان الصوت واضحا ..
أنه صوت شخص يئن ويتألم ...
هل هو والد ناصر ؟؟

ترى هل أصابه مكروه ؟؟
ناديت بصوت متحشرج وخائف : أبو ناصر ..
ابو ناصر ؟

لم أكن أحصل على أجابات ....
تقدمت قليلا ...
وصلت الى خلف تلك الاشجار ..
لم أرى شيئا ..
تعجبت ...
اين مصدر ذلك الصوت ؟
أدرت ظهري وابتعدت قليلا واذا بالنار تنتشر بسرعة في تلك الاشجار ..
بطريقة مخيفة ..
لم أكد ألمح تلك النيران الا وأطلقت ساقاي للريح ..
هربت بشدة ..
كنت ألتفت لأرى تلك النار وهي تبتلع تلك الاشجار ..
ولكن ...
ماهذا ؟؟
مالذي يحدث ؟

كانت الاشجار كما هي ...
تتمايل بهدوء ..
ولااثر لتلك النار ..

جن جنوني ...
لم اعد افكر بشي الا الخروج من هذا المكان ..
وصلت الى سيارة والد ناصر ..
كانت السيارة لاتزال كما تركناها والمحرك يعمل ...
ركبت السيارة ..
وانطلقت ..
انطلقت وانا لم اعد افكر سوى بشي واحد ...
شي واحد لاغيره ...
لقد اصابتني اللعنة ...
أجل أنها اللعنة ..
لعنة الاموات ......






###########








خرجت من تلك المنطقة بسرعة ..
أتجهت صوب الطريق المؤدي الى العاصمة الرياض ....
بحر من الاسئلة تعصف في رأسي ...
مالذي يحدث ؟؟
أي مصير بات مكتوب لي ؟؟
أسترجعت شريط حياتي البائس والمرير ..
كانت محاولة مني لشحذ أي نقطة او فعلة قد ارتكبتها طوال عمري حتى تتحول حياتي الى هذا الجزء من الخوف والرعب والضياع ..
لماذا أنا ؟؟
ثم مالذي يحدث أصلا ؟؟
كانت الاسئلة لاتتوقف ..
والبحث عن الاجابات يزداد ..

الان ...
نعم هذه اللحظة ..
من أنا ؟؟
ماذا يحدث لي ؟؟
خلال ساعات فقدت صديقي ..
ثم لم أكد أكتشف حقيقته هو وذلك اللص ...
ألا وأفقد والده ....

بدوت أكثر شرودا والسيارة تقطع الطريق بسرعة جنونية خلقها الخوف ..
كنت مازلت أتساءل وأحلل ..
من هم الذين قال والد ناصر أنهم عادوا ؟؟
كيف عادوا ؟؟
وأين كانوا حتى يعودون ؟؟
نعم قال عادوا بعد 14 سنة ؟؟
ماسر هذا الرقم الذي يتكرر منذ بداية هذه الاحداث ؟؟
وهل هو علامة لشيء ما ؟؟

بدأ صداع رهيب يطغى على وسط رأسي ..

ثم .....
لاحظت شي غريب ...
هناك سيارة تتبعني ...
كانت أضواءها المميزة توضح أنها سيارة شرطة ...
وكان قائدها يطلب مني بوضوح التوقف ...
لم يكن بنيتي التوقف ..
ولكنه كان يلح علي بالتوقف ..
أستسلمت لهذا الامر ..
أبطيت من سرعة السيارة ..
توقفت جانبا ...
لم أتحرك من مكاني ...
وأكتفيت بأن أراقب في المرأة الداخلية تحركات ذلك الشرطي ...
ترجل من سيارته تاركا صديقه ..
كنت أراقبهم بوضوح يخالطه شك ..
واصل السير نحوي ...
وبدأ عليه الكثير من الحذر وهو يقترب ...

وصل الى جانب سيارتي ..
ثم أخفض رأسه قليلا ...
وقال لي : مساء الخير ...
لاحظ شحوبي وخوفي فواصل متسائلا ....
هل كنت تحاول الطيران ؟؟
أنت تجاوزت السرعة المسموحة بفارق كبير ...

لم أجب وأكتفيت بالتحديق فيه ...
طلب مني أوراق ثبوتيات التحقق من شخصيتي ومن السيارة ..

كان هذا الطلب بمثابة الصاعقة التي هوت علي ...
فالسيارة وملكيتها تعود لوالد ناصر ...
والرجل الان في عداد المفقودين ...
وسيارتي تقف عند منزله ...

أخ ...
كيف تناسيت هذا الامر ؟؟
لأقع في مثل هذه الورطة ..
أنا الان أقود سيارة رجل ربما يكون ميت الان ...
وموته سيكون متوافق مع وقت قيادتي لهذه السيارة ...


قاطع تساؤلتي رجل الشرطة بقوله ...
ألا تفهم ماقلت ...؟؟

خطرت ببالي فكرة معينة ..
فأستطردت قائلا : أنا في طريقي الى الرياض قادما من الخرج ..
كانت لدينا حالة وفاة لأحد الاقارب ..
وأنا الان في طريقي الى الرياض لاحضار بقية ذوي المتوفي ..
وهم لايعلمون بوفاة ذويهم وأنا المكلف باحضارهم وهذه السيارة هي لاحد الجيران في الحي وكنت ...


شعرت بتعاطف ذلك الشرطي نحوي وهو يقاطعني قائلا :
أنتظر دقيقة فقط ....

كان من الواضح انه ذهب ليتأكد عبر جهازه اللاسلكي من احتمالية كون السيارة مسروقة ..
مضت 7 دقائق عاد بعدها ذلك الشرطي ...
وكان متعجلا قليلا ...
أبتسم لي أبتسامة صفراء ...
وواساني ببعض العبارات ثم قال لي : تستطيع الذهاب ..
ولكن كن حذرا ...


أنطلقت فورا ...
وبدون توقف ...




وفي الجانب الاخر ...
عاد الشرطي الى سيارته ....
همس الى صديقه الذي يقود سيارة الشرطة وقال له : أتبعه ولاتجعله يغيب عن نظرك ولكن بدون أن يشعر بنا ...
سأله زميله بأستغراب : لماذا مالذي حصل ...؟؟
رد وقال : ذلك الشاب لديه سر غريب ...
فهيئته كانت مريبة ...
وحالته مزرية ..
والغريب والغامض ..
أن السيارة التي يقودها ليست مسجلة أصلا بسجلات المرور ...
ولاوجود لها في أي جهاز حكومي ..!!



كنت أنا أجوب شوارع العاصمة متجها الى صديقي المسن ...
نعم ...
أبا سعيد هو الحل ...
وأبا سعيد رجل كبير وقور ..
عاش حياته مكافحا ...
تناسى نفسه حتى بدأ يرى أن قطار الزواج فاته وأصبح عجوزا عليه ...
عندماوصلت ألى باب منزله ورأني أبا سعيد ...
أحتضنني ...
أحتضنني بحنان وبشفقة كبيرة ..
دوما كان يقول أنني أبنه الذي لم يخرج من صلبه ...
بكيت بين أحضانه بحرارة ...
حكيت له القصة ...
كل القصة ..
وبأدق أحداثها وتفاصيلها ..
بدأ غير مصدق ...
ولكنه كان يجاملني كثيرا ...

قال لي : أنني مخطئ بتركي والد ناصر هناك ...

بدأ أبا سعيد يهدئ من روعي ..
ثم طلب مني أن نتجه نحو بيت والد ناصر ..
عل الاجابات وحل هذه الاسرار تبدأ من هناك .....

وماهي الا دقائق ونحن نطرق باب منزل والد ناصر ..
كانت سيارتي تقف امام المنزل تماما كما تركناها انا ووالد ناصر ..
أتتني الاجابة سريعة هذه المرة بعكس سابقتها ...
كانت والدة ناصر تتساءل من الطارق ...
طلبنا منها فتح الباب ...
ووقفنا خلفه ..
نظرت الى أبا سعيد ونظر لي ...
وأشار لي بعينه في دلالة لدفعي الى بداية الحديث ..
فبادرت والدة ناصر بالحديث ...
قلت : ياأم ناصر ...
أنتي تعلمين مقدار حبي لناصر ووالده ..
ولكن ...
بدأ القلق عليها ...
قالت : والد ناصر هل حدث له شي ؟؟
تبادلنا أنا وأبا سعيد النظرات ..
وكان كلانا يستغرب ..
لماذا لم تتساءل عن ناصر ؟؟
هل لأنها تعلم شيئا عنه ...
قاطعت تساؤلاتي بقولها : عبدالرحمن أصدقني القول !!
أين والد ناصر ...
لم أكن أكترث هذه المرة لها أو لما قد يصيبها ..
وربما مامريت به هذه الليلة قد خلق فيني هذا الشعور ...
بالامبالاة بما قد يحدث ..
بدأت أسرد عليها القصة ...
وبدأت هي تنتحب ...
كانت دموعها تختلط بحرارة مع نياحها ...
ثم قالت : كان يعلم أنهم لن يتركوه ...
حاولوا حرقه ...
بيتنا السابق أشعلوا فيه النيران أكثر من 20 مرة ...
كان الله يحفظنا في كل مرة ..
ويزول شرهم عنا ..

كانت والدة ناصر تتحدث كمن كانت تنتظر وقوع مثل هذا الشي ...
أستوقفتها قائلا : أم ناصر ..
قالت بعصيبة : أنا لست أمه ...
ولاتناديني بأم ناصر مرة أخرى ..
فهو السبب ...
هو من دمر حياتنا ...
هو وذلك الكتاب ..
أنهم يريدون الكتاب ...
ماذنب ذلك المسكين زوجي ...
وعادت للبكاء من جديد ...

نظر الي أبا سعيد كثيرا ثم قال : أي كتاب ياام ناصر ؟؟
كانت ماتزال تبكي ..
ثم توقفت فجأة وعادت للصراخ : قلت لك اني لست امه ..

كرر أبا سعيد سؤاله بعصيبة مخيفة هذه المرة ...
أي كتاب ياام ناصر ؟؟

لم تجب علينا ...
بل تحولت من البكاء الى الضحك فجأة ...
وبدأت تضحك بطريقة هستيرية ...
كانت ضحكاتها مخيفة ...
ثم سقطت ...
سقطت مغشية ...
وبدون مقدمااااات ..!!
" أنها مسحورة أو مصابة بمس شيطاني " ...
هكذا بادرنا الشيخ سلمان الذي حكينا له قصة والدة ناصر ...
الشيخ سلمان رجل معروف بالرقية الشرعية ...
كان يستمع لقصتنا بأهتمام بالغ ...
وقرر أن يكلف زوجته بمرافقته لمتابعة حالة أم ناصر ...
لم تكد تمضي نصف ساعة حتى كنا في منزل والد ناصر ..
الشيخ سلمان هو وزوجته كانا قد بدأ الاعداد للقراءة على أم ناصر ..
كنا نستمع من خارج تلك الغرفة الى ضحكات وحديث طويل وصراخ ..
مضت ساعة خرج علينا فيها الشيخ سلمان ...
قال :يسكنها روح خبيثة ترفض الخروج ...
وزاد بقوله : أن مايسكنها قال أنه جاء لجسدها الليلة من أجل شي واحد ..
أزدادت دهشتي وتساءلت كيف يسكنها روح خبيثة وهي امرأة متحصنة ..
مؤمنة وتصلي فروضها الخمس و ..
قاطعني الشيخ سلمان : الغضب ياعبدالرحمن أنه من ( مداخل الجن ) **
__________________________________________________ ________
** ( مداخل الجن ) : حقيقة ..
كلام الشيخ سلمان حقيقي فالجن عندما يوكل من ساحر بسكن انسان فأنه ينتظر اللحظة المناسبة للسكن داخله ..
فمثلا ينتظر لحظة غفلة كسماع غناء او ممارسة معصية ايا كانت ..
او أمرأة عارية ولم تسمي .. أو أمرأة تتزين في الحمام أعزكم الله ولم تذكر اسم الله ..
وأذكر خصوصا الفتيات من مرتادات الزواج والحفلات حيث يجتمع التبرج والغناء والغفلة ..
أو الخوف الشديد ...
أو الغضب وهذا اكثر الحالات ..
علما أن أحد الجن ذكر لأحد المشايخ أثناء جلسة رقية أن أصعب خطوة في حياة الجن هي وقت السكن حيث أنها تستغرق فترة ليست عادية ..
وأن الانسان لو ذكر الله وقت احدى مراحل السكن هذه فأن الجني يحترق ..
هذا والله أعلم ...
__________________________________________________ ________

عاد الشيخ سلمان للحديث معي ..
وصدمني بشي غريب ...
قال لي : أن هذا الجني الذي يسكنها جاء ليطلب منك أنت ياعبدالرحمن شيئا محددا ..
أرتعد جسدي وأنا أردد : مني أنا ؟؟
تجاهلني الشيخ سلمان وهو يواصل : أنه يشترط للخروج أن تعطوهم الكتاب وتخرجوا منه السكين ...
بدأ الامر غامضا وغير مفهوم ...
تعجبنا أنا وأبا سعيد وقلنا : أي كتاب ...؟؟
قال : أنه يقول أنك ياعبدالرحمن كنت الليلة في المقبرة القديمة التي بجانب المزرعة المذكورة ..
والكتاب دفنه والد ناصر قبل 14 سنة هناك ..
أبحثوا عنه هناك وأتركوه في تلك المزرعة المهجورة وسينتهي كل شي ....
نعم سينتهي كل شي ...

ساد صمت طويل بعد مقولة الشيخ ..

ولاأعلم لماذا أحسست أن الشيخ سلمان كان مترددا في قول شي ...
قلت له ياشيخ : ماالامر ؟؟
قال : أمر غريب ..
قلت : اي أمر ياشيخ ؟؟
تردد قليلا ثم قال : طلبهم كان غريب ...
بل ومحيرا جدا ..
لم نقاطعه فواصل :أنهم يطلبون كتابا حرم على الأنسان قراءته ...
كتاب خبيث ....
وكتاب ملعون ...
يحتوي على طلاسم وعبارات سحر وشعوذة باللغة السيرالية ...
لها معاني شرك ويستخدم في تحضير الجن والسحر ...
والمعروف انه له العديد من الكتب التي تشرح الطلاسم ومعناها ...
وهو كتاب ضخم من ثلاث مجلدات ..
وقد قالوا انهم لديهم النسختين ...
ويريدون النسخة الثالثة التي دفنها والد ناصر في تلك المقبرة ...
وعليك ياعبدالرحمن أن تذهب وحيدا لانهاء مايريدون ..
هناك في تلك المقبرة ...
ويشددون على ذهابك وحيدا ..

توقف الشيخ سلمان قليلا وعيناه بدت دامعتين ...
ثم قال : ياعبدالرحمن ...
لااخفيك سرا ...
أنهم يريدون هذا الكتاب ...
كتاب .....

"

كتاب " شمس المعارف " !!
كتاب ملعون ..
دفنه والد ناصر قبل 14 سنة ..
في نفس المقبرة التي كنت فيها الليلة ..
هكذا كان يردد الشيخ سلمان هذه العبارات على مسامعي ..

كنت انا شاردا بتفكيري بعيدا ...
بعيدا ...
هناك حيث المقبرة ..
وحيث البئر المهجور ...
الذي انتهت اثار اختفاء ناصر حوله ..
ذلك البئر الكئيب الملئ بتلك الرائحة المنتنة ..

كنت كمن يتقاتل مع عقله ..
وأتساءل ..
كيف سأجد ذلك الكتاب في تلك المقبرة ؟؟
كيف لشاب مثلي أن يظل يحفر ويبحث بين تلك الحفر ..
ياترى أي مصيبة قد تنتظرني هناك ؟؟
هل حان الدور علي الان ؟؟
هل ستكون هذه الليلة هي اخر ليلة أشهدها ؟؟
اااااااااه ...
ماأطول هذه الليلة !!


ثم أنتبهت لشيء غريب ...
نعم ؟؟؟
كيف فاتتني هذه ؟؟
لماذا هذه الليلة طويلة ؟؟
الساعة الان تشير الى الساعة الواحدة صباحا ...
شي عجيب فعلا يحدث ...
كل هذه الاحداث مرت ببطء وكأن عقارب الساعة متوقفة ...

" تذكر جيدا ياعبدالرحمن " ...
أنتشلتني تلك العبارة من تفكيري والشيخ سلمان يرددها بحذر ..
تذكر ياعبدالرحمن لاتنسى ذكر الله ...
وخذ هذه الزجاجة معك ..
كانت زجاجة ماء عادية لونه صافي وبها قطع لم اعرفها ..
قال لي الشيخ سلمان انها رقية وأستخدامها فيه الخير ان شاء الله ..
وحثني أن أعرف كيف أستخدمها وقت حاجتي لها ..
________________________________________
كانت دموع أبا سعيد تنهمر ..
وكان يرثو لحالي ..
لذلك قرر ان يرافقني لتلك الرحلة ..
رحلة العودة الى تلك الاماكن المهجورة ...
لكن الشيخ سلمان عارض ذلك وبقوة ..
قال : عليك العودة وحيدا ياعبدالرحمن ..
هم يريدونك وحيدا لتنهي المهمة وتذهب ..
وقد حذرني ذلك الشيطان الذي يسكن والدة ناصر من خطورة ان يرافقك احد ..
وأقسموا ان يقتلوها ان خالفت أوامرهم ..

بدأت الدموع تتساقط من عيني الشيخ سلمان ..
فقد كان يردد هذه التحذيرات وهو يعتصر ألما ..
يعلم ماقد يمكن ان يفعله هؤلاء الخلق ..
نعم خلقهم الله ووهبهم من القدارت مالايدركه عقل الانسان ..
انهم يستطيعون التشكل والتحول ..
يمكن لهم أن يتقمصوا هيئة الانسان كما جاء في الرجل الذي كان يتردد على أبو هريرة ..
وهيئة الحيوان ..
وربما كانوا على شكل شجرة او صخرة . **
__________________________________________________ ________
** حقيقة
__________________________________________________ ________

كان الشيخ سلمان يحاول مواساتي والتخفيف علي ...
ثم التفت أبا سعيد الى الشيخ سلمان وقال : سأرافقه ..
ودار بينهما جدال ...
فالشيخ سلمان كان حتما يعلم أشياء نجهلها نحن ..
يعلم ماسيحدث لمن يرافقني ..
لذلك حتما سأذهب وحدي ..
نعم ...

" سأذهب لوحدي " ..
قاطعت جدالهم بهذه العبارة ..

تركتهم وهم ينظرون لي ..
مندهشين ..
ومتعاطفين ..
كانوا فقط يدعون ..
ويرجون الله أن تنتهي هذه الحادثة بخير ...
وأن يعود كل شي كما كان ..







#######################









غادرت منزل والد ناصر ..
أتجهت صوب سيارتي ..
كانت كما تركتها انا ووالد ناصر قبل اتجاهنا لتلك المنطقة واختفاءه ..
أدرت المحرك ..
وكان كل شي فيها كما هو ..
ألتقطت ذلك الجوال الخاص بتلك الميتة من سيارة والد ناصر ..
وأنطلقت بسرعة ..
تجاوزت تلك الشوارع المزدحمة وأتجهت الى الطريق السريع المؤدي الى تلك المنطقة ..
وكان كل تفكيري متركزا على مايمكن أن أقابله ؟؟
ومالذي يمكن أن أجده ؟؟

وصلت بداية تلك الطريق المهجورة ..
ثم ..
لاحظت شي غريب !!
كانت هناك سيارة تتبعني من بعيد ..
وكانت بعيدة بدرجة لم تمكنني من معرفة هويتها ..
الحقيقة تلك السيارة رغم انها كانت تتبعني الا اني كنت اشعر بالطمأنينة أكثر ..
كيف لا ...
وهناك على الاقل من يرافقني في هذه المنطقة المهجورة ..
كنت مازلت أقترب من تلك المزرعة المهجورة ..
وأنا أتساءل : هل أتوقف للبحث عند تلك المقبرة ؟؟
أم أواصل حتى تلك المزرعة المهجورة علني أجد ماقد يساعدني هناك ..
وبينما أنا غارق في هذه الاختيارات والتساؤلات ...
حدثت مفاجأة من العيار الثقيل ...
مفاجأة غيرت موازين كل شي ..
ومفاجأة جعلتني أرتعد بذعر شديد ..
فهاتف تلك الميتة أطلق نغمة أرعبتني ...
نغمة معروفة لكل مستخدمي الجوالات والهواتف المتحركة عامة ..
نغمة تعلن عن تلقي رسالة ...
نعم رسالة نصية ...!!

أوقفت السيارة فورا بحركة لاأرادية ...
لم ألمس ذلك الجوال وهو يردد تلك النغمة ..
فقط كنت أتساءل ...
كيف يعمل هذا الهاتف ؟؟
تلك القطعة النحاسية التي توضع بداخله ليتدفق وينبض فيه الارسال غير موجودة ..
أي سحر هذا ؟؟
وهل يعقل أن يكون حقيقة ؟
مزيج من الخوف والتردد والفضول كانت تمتزج بداخلي ...
وكانت النصرة للأخير ..
نعم الفضول ..
ألتقطت الجهاز ..
وفتحته ..
وصدق ظني ..
كانت رسالة نصية ..
رسالة كانت تنظر القراءة ..
وكانت من رقم واحد ..
رقم معروف جدا ..
أنه اللص ..
علي ..
سائق الاسعاف ..


كانت الرسالة غامضة ..
فقد كانت تحوي على عبارة واحدة ورقمين فقط ..
كانت الرسالة تقول ..
" المقبرة 14 " !!
أندهشت كثيرا ...
مالذي تعنيه هذه الرسالة ؟؟
بدأ يساورني شك أن مرسل هذه الرسالة هو من يطلب الكتاب ..
ورسالته هذه ماهي ألا مساعدة منه لي ..
فقد كانت أشبه بالمفتاح ..
ولكن ؟؟
أين القفل ؟؟
نعم أين القفل حتى يمكنني أستخدام هذا الحل ..
المقبرة تلك كبيرة ..
كيف سأجد ذلك الكتاب ؟؟
فهي مساحة مترامية الأطراف لايوجد بها سوى الخوف والظلام وبقايا أموات ..
كانت تساؤلاتي تلك تبدو بلا نهاية ..
صرت أشعر وكأن أطرافي بلا حراك ..
وكأنها تتبرأ مني وترفض الاستمرار في هذا الرعب ..
يااااااه ...
الان فقط عرفت أن تلك المعلومة التي قرأتها في تلك المجلة صحيحة ..
المعلومة التي كانت تقول :
أنه كلما أزداد المرء حيرة وغموض صار أقرب الى الشلل النصفي **
__________________________________________________ ________
**حقيقة علمية
__________________________________________________ ________

أقسم أنني أشعر وكأنني مشلول تماما ..
وكانت أطرافي تبدو كالمتجمدة ..
واصلت السير بسيارتي ...
وتجاوزت تلك المقبرة ..
ولااعلم لماذا كنت اتعمد تجاوزها ..
كنت أمني نفسي بالذهاب الى تلك المزرعة المهجورة على أمل أن أجد والد ناصر ..
أو ناصر ..
أو حتى اللص علي ..
فرغم صعوبة الموقف عند مواجهتهم الا انني افضل صحبة احدهم على البقاء وحيدا هكذا ..
عدت للنظر حولي ...
أترقب تلك المزرعة من بعيد ..
ثم ...
ماهذا ؟؟
غير معقول !!
كانت الاضاءة الخاصة بوقود السيارة مضيئة ..
وأضاءتها كانت تعلن قرب نفاذ الوقود من سيارتي ..
كيف يحدث ذلك ؟؟
لقد تزودت قبل وصولي الى هذه المنطقة بالوقود ..
كيف يحدث هذا ؟؟
واصلت السير حتى توقفت تماما أمام تلك المزرعة المهجورة ..
بدت تماما كما هي ..
البوابة الرئيسية ماتزال مفتوحة ..
ترددت كثيرا في الدخول ..
وأكتفيت بتفحص المزرعة من بعيد ..
ثم ..
في تلك اللحظة كانت هناك رائحة وقود واضحة ..
وقوية جدا ..
قررت البحث عن مصدر هذه الرائحة ..
فبدأت بالدوران حول سيارتي ..
وفعلا ..
وجدت ماكنت أخشاه ..
شخص ما عبث بخزان الوقود ..
كان مثقوبا ..
وشخص ما تعمد ذلك ..
شخص كان قد تعمد أن يثقب الخزان بطريقة ذكية ..
طريقة تضمن عدم خروجي من هنا ....
على الاقل .....



كان الشيخ سلمان يتبادل نظرات القلق مع أبا سعيد ..
وكأن الشيخ سلمان كمن يبدو عليه الأرتباك والتوتر ..
أبا سعيد كان رجل يجيد قراءة تعابير وجه من امامه ..
وكان يستشعر أمرا ما من تصرفات الشيخ سلمان ..
فقد كان يشعر بأن الشيخ سلمان يخفي أمرا ما ..
قطع الصمت بينهما طرقات زوجة الشيخ سلمان لباب الصالة كتعبير لنداء زوجها ..
بدأت تتهامس والشيخ سلمان بصوت خفيف ..
ولم يكن أبا سعيد يستطيع تمييز أي شي من هذا الكلام ..
كل ماكان يجول بخاطره وقتها ..
أن الشيخ سلمان يخفي أمرا ما ...
أمرا مجهول عن الجميع ..

مضت دقائق ...
ثم عاد الشيخ سلمان ...
كان يرى القلق البادي على وجه أبا سعيد ..
بدى الشيخ سلمان مرتبكا على غير عادته المعروفة بالهدوء ..
بينما ظل أبا سعيد يطيل النظر في الشيخ سلمان ..
مما جعل الشيخ السلمان يعاجل بقوله :
أبا سعيد لدينا مشكلة صغيرة ..
أجاب ابا سعيد بحذر ...
أي مشكلة ؟؟
أستطرد الشيخ : أم ناصر تعاني من نوبات شيطانية وعلاجها يتطلب أن نحصن الغرف ومحيطها وأسقفها بالحناء المذكور عليه اسم الله **

__________________________________________________ ________
** حقيقة ..
بعض الجن يهوى العبث تماما كما يهواه بعض الناس ..
فهو يسكن المريض حتى اذا ماذهب المريض الى شيخ أو راقي فسرعان مايهرب اذا احس بخطورة القراءة ..
وهنا يختلف ذكاء وقوة وحنكة القراء وخبراتهم ..
فيتم وضع حناء ممزوج بماء مرقي ويتم تلطيخ اجزاء من الجدران والاسقف وزوايا المكان حتى تصبح كالسجن لذلك الشيطان ..
ومن رحمة الله ان الشيطان لايستطيع الهرب من هذه الحيلة ..
__________________________________________________ ________

تعجب ابا سعيد قليلا ثم قال : توكل على الله أذن ..
أنصرف الشيخ تاركا ابا سعيد في تلك الغرفة وأغلق الباب بهدوء خلفه ...
ظل ابا سعيد قرابة الـ 20 دقيقة ينتظر ..
الغريب هو الهدوء الذي كان يلف المنزل ..
فقد كان أبا سعيد يتوقع أن يسمع صرخات أو ضحكات كالتي سمعها وقت القراءة ..
ولكن لااثر لكل ذلك ..
بدأ القلق يتسلل الى نفس أبا سعيد ..
فبدأ ينادي ياشيخ سلمان ...
ياشيخ سلمان ..
لم يجيبه أحد ..
كرر النداء ..
ولكن مامن مجيب ..
أتجه أبا سعيد الى باب الغرفة ليستطلع الخبر ...
ولكن ...
كانت هناك مفاجأة تنتظره ...
فباب الغرفة كان مغلقا من الخارج ...
والشيخ سلمان تعمد حبس ابا سعيد ...
ولكن ..
لماذا ؟؟؟

بدأ القلق يدب في كل أنحاء جسمي ...
لقد أصبحت عليقا في هذا المكان ..
سيارتي بلا وقود ...
وفي هذا المكان الموحش ..
ماذا سأفعل الان ؟؟
كررت النظر الى ذلك المنزل المهجور ..
كان كما هو ...
مخيفا ..
كئيبا ...
والغريب أن صوت الانين الذي سمعته سابقا لازال يتكرر بصوت خافت ..
ولم أكن أعلم مصدره ..
كان وكأنه ينتشر في الفضاء ..
تراجعت وقررت العودة الى المقبرة ..
نعم ..
فيبد أن هناك مفتاح كل الاسرار ...
يجب ان أبحث عن ذلك الكتاب مهما كلف الثمن ..
وسأعيد كل شي ألى البداية ..
أنطلقت أركض ..
فقد كانت سيارتي وقتها قد فرغت تماما من الوقود ..
لذلك سأقطع كل تلك المسافة أجري ..
لايهم سأجري ...
وأنطلقت بسرعة لم أتذكر أنني عدوت بمثلها من قبل ..
كان الخوف هو الوقود الاول لي ..

واصلت تقدمي حتى بدت تظهر لي تلك المقبرة ..
كانت كما هي ساكنة ..
وكان ذلك البئر يتوسطها كأم تحتضن طفل رضيع ..
وكأن بينهما تناسق غريب وعجيب ..
وصلت الى المقبرة تماما ..
توقفت لحظة ..
لااعلم لماذا توقفت ؟؟
هل كنت أريد ألتقاط أنفاسي ؟؟
أم أن حالة التردد بدأت تعود من جديد ...؟؟
ويبدو أن فكرة تعطل سيارتي وصعوبة الخروج من هذا المكان ..
أضافة الى امنيتي بالعثور على صديقي ناصر ووالده تدفعاني دفعا الى تلك القبور ..
سرت بين تلك القبور كالضائع ..
مئات من القبور ...
كيف لي أن أبحث بداخلها ؟؟
بدأ الامر يزداد حيرة ..
جلست على الارض ..
وبدأت أقلب بيدي التراب حول بعض القبور علي أجد مايمكنني الاستدلال به ..
علامة ..
لأشرة ..
قطعة ..
أي شي يمكن أن يساعدني ..
بدأ التعب يعتليني ...
ولازلت أواصل بحثي ..
حتى وجدت نفسي أنساق الى ذلك البئر ...
نظرت فيه ..
كانت المياه راكدة ..
وتصدر منها رائحة كريهة ...
لم يكن هناك أي شي واضح حول هذا البئر ..

أحسست بالتعب ..
فألقيت بجسمي على الارض ...
كنت أعيد شريط بداية الاحداث ..
وكيف بدأت تلك الامور ..
هاتف غامض ..
وشخص سرقه ..
ثم أختفاء صديقي ..
ليأتي بعدها أختفاء والده ..
وأمور قديمة يجمع الكل على أنها قبل 14 سنة مضت ..
كيف لي أن .....
نعم ...
صحيح ...
كيف نسيت تلك الرسالة ...
رسالة اللص علي ..
كانت تقول : " المقبرة 14 "
أنا الان في المقبرة كما طلب ...
ولكن ماذا يقصد بـ 14 ؟؟؟
كررت النظر الى المقبرة ..
لم أجد مايمكن أن يسوقني الى الرقم 14 ..
كان أحساس شديد يقول لي أن الرقم 14 موجود حولي ..
أعدت النظر الى البئر ..
هو كذلك لم يكن يرشدني لشي ...
أحسست بالضياع ..
تقدمت قليلا ..
فخطرت لي فكرة ...
سأبدأ بعد القبور ..
لماذا لااختار العد من احدى الجهات ..؟؟
فربما توصلت لحل ..
ولكن ..
أن المقبرة ذات شكل دائري ..
مما يصعب عليك اختيار جهة كبداية للعد ..
عادت الأمور تتعقد من جديد ..

ثم خطرت لي الفكرة ...
البئر هو الحل ...
صعدت على حافته ..
وبدأت أراقب المكان ..
فربما أرتفاع هذا المكان قد يكشف لي جديد ..
وبدأت أرى هناك في طرف المقبرة صخرة كبيرة ..
غريبة ..
كيف لم أشاهدها من قبل ؟؟
نزلت بسرعة ...
وبدأت أتنقل بين القبور بمرونة حتى وصلت اليها ..
كانت تحتل ركنا واضحا من المقبرة ..
والاغرب أن القبور التي تبدأ من أسفلها كانت تصطف بشكل غريب ..
وكأنها قطار متتالي ..
وكانت تختلف عن القبور الاخرى لمن ينظر اليها من هذه الجهة فقط ..
ووضح وكأنها صنعت لهدف ما ...
تركت التفكير في كل الاجابات ..
وقررت عد هذه القبور المتتالية تباعا ..
وبدأت العد ...
1
2
3
.....
حتى وصلت الى الرقم 14
كان قبرا عاديا كسابقيه ..
تأملته بعناية ..
كانت عليه نقوش غير واضحة ..
وكانت مكتوبة على رأس القبر بشكل غامض وقديم جدا ..
بدأت أحاول جاهدا بيدي أن أنظف تلك النقوش حتى أستطيع فهمها ..
كنت أفرك بشدة على حافة القبر ..
ثم ...
أحسست بشي غريب ...
شي أشبه بالزلزال ..
كانت الارض تتحرك من تحتي ...
وكأن الارض ستنهار ..
أبتعدت بسرعة ..
وبدأ ينهار الجزء العلوي كليا لذلك القبر ..
سقط الى الاسفل تاركا سحابة صغيرة من الأتربة تتطاير ..
بقيت متجمدا لحظات ..
حتى أنقشعت تلك الضبابة الترابية ..
وعاد الهدوء الى المكان ..
ثم تقدمت بهدوء ..
كنت أرى ذلك القبر بوضوح ..
سطحه العلوي لم يعد موجودا ..
تقدمت أكثر ...
حتى وصلت حافة القبر ...
وكانت تنتظرني مفاجأة قلبت الموازين تماما ..
مفاجأة كشفت لي سر تلك الرسالة الغامضة ..
فذلك القبر ...
لم يكن قبرا عاديا ...
بل كان يحتوي على سلم ..
نعم ..
سلم خشبي قديم يقود الى أسفل ..
وكان واضحا أنه بات لزاما علي أن أنزل ..
وبدأ واضحا أنني أسير في الطريق الصحيح ..
نعم الطريق الذي أجهل نهايته ..
والذي يريد مني مرسل الرسالة أن أخوضه ..
ومع كل هذا ...
بدأت في النزول ...
النزول الى الجحيم ...
والى الضياع ...
والى المجهول ..

كانت سيارة الشرطة تقطع ذلك الطريق بتباطئ ...
وكان قائدها قلقا بعكس زميله الذي كان يغوص في تفكير عميق ..
كان كمن يخشى شيء ..
أو بالأصح فوات شي ..
قاطع هذا الصمت السائق وهو يخاطب زميله :
أتمنى أن أعرف مالذي يجعلنا نطارد هذا الشاب من الطريق السريع الى العاصمة ثم ألى هنا ؟
كان زميله صامتا وغير مبال بتساؤله ..
فواصل السائق قائلا :
هل تعتقد أنه ساحر ؟
هذه الاماكن موحشة ومرعبة ؟
ماذا سيفعل فيها ..؟
ثم أنك تقول أن سيارته غير مسجلة ..

لم يكن يحصل ذلك السائق على اجابات ..
فصرخ بشدة : لماذا لاترد على أسئلتي ..؟؟
كان زميله مايزال صامتا ويفكر بشرود ..
وفجأة توقف السائق بالسيارة وصرخ في زميله :
لماذا تتجاهلني هل تريد أرعابي ؟؟
هل لأن رتبتك أعلى مني ستجعلني كالخادم معك ؟؟
لن نواصل مطاردة ذلك الشاب وسأعود بالسيارة الان الى ....
لم يكد ينهي جملته الاخيرة حتى تفاجأ بزميله يخرج مسدسه ويطلق عليه النار ..
نعم ..
أطلق رصاصتين أستقرت في رأس السائق المسكين ..

لم يكن منظر سائق سيارة الشرطة وهو غارق في دمائه قد هز أي شي بداخل زميله ..
بل ترجل من مقعده ..
وأزاح جثة ذلك المسكين عن مقعد السائق ..
ثم قذف به في الطريق ...
وأعتلى مقود السيارة ..
وهو يقول : هكذا أصبحت أنعم بالهدوء .. ياله من ثرثار أبله ..
وأنطلق ..
أنطلق قاصدا تلك المزرعة المهجورة ..
تماما حيث كانت سيارة عبدالرحمن تقف ..
وحتما كان يريد شيئا ما ...
شيئا غامضا ..








###################










كان ذلك السلم يبدو بلا نهاية ..
أو هكذا الظلام جعلني أشعر ..
بدأت بالنظر أسفل ..
وبدا لي نقطة ضوء صغيرة ..
مما يعني وجود شيئا ما هناك ...
واصلت نزولي بسرعة ..
كان الفضول بدأ يقتلني ..
نزلت بسرعة أكبر ...
وبدأ ذلك الضوء يتضح أكثر ..
وصلت الى الارض ..
ووجدت شي غريب ..
كان هناك نفق ..
بدأ أنه سيوصلني الى مكان ما ..
وكان ذلك النفق مضاء بشئ غريب ..
شيء بدا لي كألسنة لهب ..
السنة متعلقة في الهواء ..
تماما كتلك التي كانت تشتعل في الاشجار وتختفي ..
تجاهلت غرابة هذا الشي ..
وواصلت طريقي بسرعة ..
كنت اعدو بسرعة ..
وبدأت أحس بطول ذلك الممر ..

أكثر ماكان يدفعني للمواصلة ..
هو أمنيات بنهاية لهذه الاحداث ...
كم أتمنى أن أعود لحياتي الطبيعية ..
اللعنة على ذلك الكتاب ..
متى ينتهي كل هذا ؟؟
متى ستقر عيني بنوم هادئ ونهاية لكل هذا الخوف والتعب ؟؟
أنتزعني من تساؤلاتي هذه مشاهدتي لسلم اخر أمامي ..
كان شبيها تماما بذلك السلم السابق ..
ووجوده هنا يعني وجوب الصعود لأعلى ..
لم أتردد لحظة في الصعود ..
واصلت صعودي حتى وصلت الى قمته ..
كانت نهاية القمة كباب يلزمني دفعه ..
دفعته بحذر وهدوء ..
لاح لي من خلاله وكأني وصلت الى غرفة ما ..
غرفة بدت أضاءتها ضعيفة جدا ..
رفعت جسدي وصعدت الى تلك الغرفة ..
لاحظت أنها كانت خالية ..
وبدأ لي صوت أنين عالي ...
كان مصدره الغرفة المجاورة ...
توقفت بحذر قليلا ..
ثم أقتربت من أحدى النوافذ وحاولت أستشفاف مابالخارج ..
وكانت صدمة مذهلة ...
نعم مارأيته خارجا كان مذهل بحق ...
لقد رأيت طرفا من سيارتي التي تقف أمام باب المزرعة تماما ..
وهذا لايعني سوى شي واحد ..
نعم ...
أنا الان في تلك المزرعة المهجورة ..
وتحديدا ..
في داخل ذلك البيت القديم ..
البيت الغامض الذي فقدت والد ناصر بجانبه ..
بدأ الرعب يأخذني أكثر فأكثر ..
وبدأ ذلك الصوت يزعجني ..
صوت الأنين ..
أخذت في الاقتراب من تلك الغرفة الجانبية بحذر ...
أقتربت أكثر ...
ثم وقفت أمام بابها ...
ورأيت منظرا كان غاية في البشاعة ..
منظر جعل قشعريرة باردة تسري في جسدي ..
فأمامي كان يستقر جسد أنسان ..
جسد لرجل كبير في السن ..
ولكنه مقطوع الايدي والارجل ..
وذا جسد نحيل ...
كان يبتسم لي ..
وكأنه يتوقع مجيئي ..
وينتظرني ..
والاغرب بجانبه تماما ..
كانت هناك منضدة صغيرة ..
وموضوع عليها كتاب قديم ..
وكان يتوسط ذلك الكتاب ..
سكين ..
سكين كبيرة كانت تخترق كل صفحاته ..









####################








حاول أبا سعيد جاهدا أن يفتح ذلك الباب ..
لكنه كان موصدا بأحكام ..
تساءل ابا سعيد عن السر في حبسه ؟؟
ولماذا يمكن أن يفعل الشيخ سلمان مثل هذه الفعلة ؟؟
كانت الشكوك تحاصره ..
والأسئلة تزداد بداخله ..
قرر أن لايقف حائرا ..
فهو يدرك أن هناك شي غير طبيعي يحدث هنا ..

بدأ بالدوران حول نفسه ..
كان يتفحص تلك الغرفة جيدا ..
لاحظ وجود فتحة للتهوية ..
وكانت تبدو سهلة النزع ..
كسر الحاجز الخشبي الذي يفصلها عن الممر الداخلي ..
وقفز قفزة كانت أصغر من عمره بكثير ..
قفزة لم يكن ليفعلها في الظروف العادية ..
ولكنها أقوى غريزة يمتلكها الكائن الحي ..
أنها غريزة الرغبة بالبقاء ..

نزل أبا سعيد من الناحية الاخرى ..
كان قد وصل الى ممر الصالة ..
قصد مسرعا أحدى الغرف ..
وفجأة ..
أصابه الذهول حين وصل الى باب تلك الحجرة..
ماشاهده كان مخيفا ...
كان يرى الشيخ سلمان ملقى على الارض وبجانبه تماما زوجته ..
ولم يكن هناك أثر لأم ناصر ...
وكأن الارض أبتلعتها ..

وبدا واضحا أن الشيخ سلمان وزوجته ليسا بوعيهما ...
وحتما هناك من أفقدهما الوعي لهدف ما ..
أسرع ابا سعيد الى الغرفة الجانبية وشاهد شيئا غريبا ..
شيئا جعل شعر رأسه يقف ..
شاهد أم ناصر ملقاه تتوسط الغرفة تماما ..
ولكنها ..
كانت بلا رأس ..
بل كان الجسد فقط موجودا ...



كنت ماأزال أراقب ذلك العجوز المبتسم ...
بدأ يضحك بطريقة مخيفة ثم قال لي : عبدالرحمن ...
لقد أتعبوك كثيرا الليلة ..
أجلس ..
كنت ماأزال غارقا في بحر من الدهشة والرعب بينما واصل ذلك العجوز حديثه ..
أرجوك ياعبدالرحمن ..
لاتنظر للكتاب أو تفكر بفك السكين عن صفحاته ..
فأنت لاتعلم ماذا يريد هؤلاء الخلق من هذا الكتاب ..
أنهم يريدون به خراب ودمار كثير من البشر ..
أرجوك لاتعطهم هذا الكتاب ..
ثم تحولت ضحكاته الى بكاء طويل ..
وصار يرجوني بشدة أن أمتنع عن هذا الكتاب ..
أحسست وقتها أنني أبتلعت لساني تماما ..
حاولت جاهدا الكلام ..
ثم نطقت اخيرا ..
قلت له : من أنت ؟
عادت أبتسامته المخيفة تعلو وجهه وهو يقول :
أنا والد ناصر الحقيقي ..
صدمتني عبارته تلك ..
أذن هو الرجل الذي قال عنه الجميع أنه أختفى في ظروف غامضة ؟؟
كان ذلك الرجل مايزال يواصل حديثه قائلا :
أنا أعتزلت الناس من سنين طويلة بسبب هذا الكتاب ..
وتحديداعندما كنت أحفر داخل تلك المقبرة ..
التي كنت أعمل على تجهيز القبور للأموات فيها ..
حتى عثرت على هذا الكتاب ذات يوم ..
وساقني فضولي لقراءته ..
بل وأحسست أني مشدود أليه ..
ولم أكن أستطيع مقاومة سحره ..
كنت أجهل أنني وأنا أقرأ ذلك الكتاب كنت أنادي بأسماء ملوك من قبائل الجن ..
جمعتهم من كل حدب وصوب ..
كانوا يخدمونني بكل قبائلهم ..
وكنت أجيد العدل بينهم والحكم بين قبائلهم ..
حتى تزوجت منهم أم ناصر ..
نعم ..
جميلة جميلات الجن ..
حتى جاء وقت ساد فيه خلاف كبير بين أقوامها بسببي وبسبب هذه الزيجة ..
كانوا يريدون الكتاب ليتخلصوا مني ومن نفوذي عليهم ..
وحينها قررت العمل بنصيحة الكتاب ووضعت السكين بداخله ..
وكانت هذه تعويذة لكف الجن عن الكتاب ..
فهو يضعفهم ويقلل حيلتهم ..
كان هدفهم الاول هو تدميري ..
ثم يليه هدف مهم جدا ..
وهو رغبتهم في الحصول على هذه النسخة من الكتاب لاكمال المجموعة ..
المجموعة ذات الـ 3 كتب ..
والتي من خلالها يستطيعون الهيمنة على كل شي ..
وتحقيق هدفهم الاكبر وهو عودة الارض لحكم الجن والشياطين ..
تماما كما كانت الارض قبل نزول ادم من الجنة ** ..

__________________________________________________ ________
** حقيقة تاريخية : فالجن كانوا يجولون في الارض ويحكمونها ويتقاتلون فيها قبل وجود البشر وقبل نزول ادم من الجنة ..
وتذكر كتب التاريخ أن فيما بعد نزول ادم قام أحد أبنائه بقتال قبائل الجن والشياطين ونفاهم الى جزيرة يقال أنها جنوب سواحل اليمن ولاتزال هذه الجزيرة موطن غرائب ورعب لاحدود له ..
فيما ذهب رواة الى أن مثلث برمودا الشهير هو المنطقة الحقيقية لنفيهم ..
وتظل كل هذه الامور مجرد أجتهادات لادليل على صحتها ..________________________________________________ __ ________



وعندما علموا بناصر ..
وبمقدمه للحياة ..
حاولوا الا تختار امه له التشكل كأنسي ** ..

__________________________________________________ ________
** زواج الانسي بجنية والعكس أصبح موضع أختلاف بين كثير من العلماء ..
والغالب قالوا عنه أنه موجود وصحيح ..
وقد ذكرت بعض الاحداث في عهود قديمة حول هذه الامور وربما لو زاد الشخص من بحثه سيجد الكثير حول ذلك ..
بالنسبة لانجاب الاطفال فيقال أنه يحدث وأن الام اذا كانت من الجن فأنها تختار التشكل الذي تريده لاطفالها ..
فقد يظهرون كبشر طبيعيين ولكنهم يحملون صفات لاتتوفر للبشر الطبيعيين كأقتفاء الأثر مثلا ..
وقد وجدت قبائل في جزيرة العرب ولايزال ابناءها الى اليوم يحملون هذه الصفة ويستطيعون بدقة تحديد وتقفي الاثر ..
حتى أن بعض الجهات الامنية تعده علما ومهارة وتستعين ببعض هؤلاء ..
فيما يقسم كثير من أبناء هذه القبيلة أن جدتهم الكبرى لم تكن سوى أمرأة من سادة الجن ..
والله أعلم ..
__________________________________________________ ________


ولكنها فعلت فقتلوها ...
قطعوني كما ترى ..
وبتروا يدي ورجلي ..
وفقط حينما أحاول الصراخ أو أرفع صوتي لاأملك سوى الانين ..
قاطعته بلهفه : أذن ذلك الأنين الذي كنت أسمعه خارج هذا البناء لم يكن سوى صوت تألمك أنت ؟؟
تجاهل ذلك العجوز سؤالي وهو يواصل ..
قاموا بتربية ناصر حتى سن الثالثة ..
لأنهم كانوا يرون فيه بطلهم الذي سيكبر ويحرر هذا الكتاب ..
وفاء لجنس امه على الاقل ..
ولكن ...
قاطعته أنا قائلا : ولكن والد ناصر المسكين الذي وجده ورباه كان هو الضحية ..
بدأت عيناه تدمع وهو يتذكر تلك الاحداث ..
وبدأت أنا بالبكاء معه ...
كنت أنظر حولي ..
وياللعجب ..

فخلفي هناك في الغرفة الاخرى ..
كان هناك باب واضح للمنزل ..
أذن كيف لم أشاهده وأنا خارج المنزل ؟؟
نعم كيف ؟؟
فأنا قد بحثت حول هذا البناء عن باب ولم أجد ؟؟
هل هذا سحر ؟؟

كان الرجل لايزال يطلق ذلك الأنين المخيف والذي كان مزيج من الالم والغضب ...
بدأت الأقتراب من ذلك الكتاب ..
كنت أشعر بشي يدفعني لفك السكين ..
ولكن !!
كلام هذا الرجل يخيفني ..

كنت واقعا في بحر من الحيرة ...
من أصدق ؟؟
كيف لي أن أعرف الحقيقية لأنهي كل هذا الخوف ..

ذلك الروح الخبيثة الذي يسكن أم ناصر طلب مني فك السكين وتحرير الكتاب لينتهي كل شي ..
بينما هذا العجوز يحذرني بشدة من فعل ذلك ..

لم أتذكر يوما أنني مررت بمثل هذه الحيرة التي تنتابني الان ..
حيرة ..
وضياع ..
لذلك يجب أن أختار ..
وأن أقرر ..
ثم قررت أن أنهي ماجئت من أجله ..
نعم ..
سأخرج السكين وليحدث مايحدث ..

تقدمت بقوة وذلك الرجل يزداد أنينه ..
كان وجهه يتغير الى اللون الاسود ..
تجاهلته تماما ..
وأنتزعت السكين ...
وأنفتح الكتاب ...

ولم أكد أبتعد عن الكتاب ألا وأشتعلت نيران مخيفة ..
نيران كبيرة بدأت تلتهم كل شي ..
حتى ذلك العجوز لم أعد أراه في مكانه ..
أزدادت النيران أنتشارا ..
وبدأت أشعر بحرارتها ..
فهربت الى الغرفة الثانية ..
أبحث عن المخرج ..
ولكن ..
كانت هناك جثث ملقاة وجميعها بلا رؤوس ..
كيف أتت ؟؟
لقد كانت الغرفة قبل قليل خالية ..
ثم ماهذا ؟؟
أقتربت من هذه الجثث ..
و ........
غير معقول !!

فتلك الجثث كانت لابا سعيد ..
والشيخ سلمان وفيما يبدو زوجته ..
وأمرأة أخرى يبدو أنها والدة ناصر ...

جن جنوني ...
هل ماأراه حقيقة ؟؟
أين وعدهم لي بترك ناصر ووالده وعودة الامور الى ماكانت عليه ..؟
أنهم كاذبون ...
نعم حتى لو قالوا ووعدوا أنهم كاذبون ...
كانت النيران تزداد أشتعالا ..
دفعت ذلك الباب بقدمي ..
فأنفتح بكل سهولة ..

ثم وجدت نفسي في الخارج ..
كما رأيت تماما ..
كنت داخل ذلك البيت المهجور وهاأنا ذا الان أرى بوابة المزرعة ..
تماما كل شي كما تركته اخر مرة ..
كل ماأريده الان هو الخروج والهروب من هنا كيفما كان ..
ركبت سيارتي بسرعة ..
أدرت المحرك ..
لكنه لايستجيب ..
عاودت المحاولات أكثر فأكثر ولكن بدون فائدة ...
لمحت تلك الاضاءة التي تعني نفاذ الوقود ..
فتذكرت ماحل بخزان الوقود ..
وقعت عيني على زجاجة ماء بجانبي ..
تناولتها وهربت ..
قررت قطع الطريق ماشيا ..
نعم سأمشي مهما كانت المسافة ..
كل مايهمني هو الخروج من هذا المكان ..
ولكن !!

كيف لم أنتبه ؟؟
كانت خلف سيارتي بأمتار قليلة تقف سيارة من سيارات الشرطة !!
ترى هل هي حقيقية ؟؟
أم هي لعبة من كل هذا السحر الذي يحدث ؟؟
تقدمت نحوها ..
كان محركها يعمل ..
ولكن مالذي جاء بها هنا ؟؟
هل هي تلك السيارة التي كانت تتبعني قبل مجيئي الى هنا ؟؟
تركت كل تلك الاسئلة جانبا ..
صعدت الى السيارة ..
أحكمت أغلاق كل الأبواب ..
وأنطلقت ..
نعم لن أتوقف مهما كان ..
ولن ألقى حتفي هنا ..

تجاوزت تلك المقبرة المخيفة ..
ثم رأيت شي غريب ..
فأمامي مباشرة كانت تبدو جثة شرطي ملقاة على الطريق ..
وكانت تتوسط الطريق تماما ..

ترى مالذي حدث له ؟؟
وماذا جاء به ألى هنا ؟؟

تجاوزته قليلا متعمدا أن لاأقترب منه كي لاأدهسه ..
ثم أنعطفت قليلا ...

وفجأة ...
ظهرت يد تقترب من باب السيارة ..
وأذا بشخص يحاول أن يفتح باب السيارة الجانبي ..
لم أكن أستطيع تمييز ملامحه ..
كان فقط يحاول أقتحام السيارة بقوة ..
ثم قررت الأنطلاق بلا تردد ..
فهذا الشخص المجهول يبدو لايريد لي الخروج من هذه المنطقة ..

بدأت أتحرك بسرعة للهروب ..
لكنه كسر زجاج السيارة الجانبي ..
تجاهلته وزدت من سرعة السيارة ..
ولكنه ظل متعلقا بيد وحيدة ..
يد قوية كانت تصر على التثبت ببقايا زجاج السيارة الجانبي ..
نظرت حولي ..
ولم أجد سوى زجاجة الماء تلك التي أعطاني أياها الشيخ سلمان ..
قذفت بها على يده ..
تحطمت الزجاجة بفعل قوة الضربة وتناثرت محتوياتها على يده ..
ليعقبها صرخة مدوية منه ..
صرخة هزت كياني ..
فتلك الصرخة وضحت كم كان يتألم ذلك الشخص ..
ثم سقط تاركا السيارة ..
والمخيف ..
أنه سقط ..
سقط تاركا ذراعه مقطوعة داخل السيارة ..
ذراعه التي أنقطعت بفعل تلك المياة الطاهرة ..
نعم ..
المياة التي ذكر اسم الله عليها ..

وكم كان شكل اليد المقطوعة مخيفا ...
ومرعبا ..

بدأت أستفيق من ذلك المنظر الذي صدمني ..
ثم دققت النظر في شكل ذلك الرجل الذي سقط تاركا هذه الذراع ..
وبدت الامور لي أكثر وضوحا ..
فذلك الرجل الذي أنقطعت يده قبل قليل لم يكن سوى ذلك الشرطي الذي أوقفني حين عودتي الاخيرة للعاصمة ...
أيعقل هذا ..؟؟
هل باتوا يعيشون ويتكاثرون حولنا ونحن لانعلم ..؟؟
هل أصبحوا يخالطوننا حتى أصبح من الصعب تمييزهم ..؟؟

تجاهلته هذه الاسئلة وأنا أنطلق بقوة متجاوزا تلك المزارع والاحراش ..
فقط لي هدف واحد سأقف عنده ..
نعم ..
سأتجه الى مركز الشرطة ..
بل أقرب مركز شرطة ..
فهناك حتما سأجد الختام لكل هذا الخوف ..
وهناك سيساعدني الجميع على فهم كل ماحصل هذه الليلة ..

كان الفجر قريبا وباتت خيوطه في الارتسام ..
قطعت المسافات سريعا ..
تجاوزت تلك الطرق ..
وأخيرا ..

هاهو ذا مركز الشرطة ..
أوقفت السيارة بشكل عشوائي على الطريق ..
ودخلت مسرعا الى ذلك المركز ..

وصلت الى غرفة أحد الضباط ..
كان ينظر لي بخوف بسبب حالتي الرثة والمزرية ..
ثم قال لي : ماذا حدث لك ؟؟
طلبت منه ماء ..
فأعطاني ...
ثم بدأ يقرع جرس فيما يبدو أنه نداء لبعض المساعدين ..
حضر ثلاثة من رجال الشرطة ..
كانوا مندهشين لحالتي ..
طلب منهم الضابط تركي لأرتاح ..
ثم بدأت أحكي لهم القصة ..
نعم ..
كل القصة ..
بكل تفاصيلها ..
وبكل صغيرة وكبيرة ..

كان المساعدين والضابط يسجلون كل شي ..
كل شي ..

ثم ...
سقطت أنا في غيبوبة ..
غيبوبة تامة ..












##############
كنت أفتح عيني جاهدا ..
وبدأ واضحا أن ضوء الشمس يملأ المكان ..
كنت ماازال كما أنا بحالتي الرثة ..
ولكني كنت على أحد الاسرة البيضاء في مستشفى على مايبدو ..
بدت لي تلك الغرفة وكأنها تحوي الكثير من الأطباء والضباط ..
وكانوا يتبادلون الحديث ..
فيما كنت أسمعهم بوضوح ..
دون أن ينتبهوا لي ..


كان أحد الضباط يقول :
لقد أرسلنا رجال الشرطة للتأكد من المزرعة التي يقول هذا الشاب ولكننا لم نجد هناك مزرعة أصلا ..
ثم بحثنا عن المقبرة والقبر الذان ذكرهما ولكن لاوجود لأي منهما في تلك المنطقة ..
وسألنا بعض من يعيشون هناك عن رؤيتهم لشاب بمواصفاته ولكنهم أنكروا رؤية مثل ذلك ..


ثم قاطعه ضابط اخر :
حتى منزله الذي يقول في الرياض لم نعثر عليه بل أن الموقع الذي وصف لنا فيه المنزل لم يكن سوى موقع مقبرة كبيرة في العاصمة ..
ومحله الذي يدعي ان اللص صاحب الاسعاف كان يتردد عليه فيه ليس له وجود ..
بل أن مكان وصفه كان يوجد أرض خالية تبدو معروضة للبيع ..
حتى ابا سعيد الذي ذكر والشيخ سلمان وناصر صديقه ووالده ليس لهم وجود وحتى عناوينهم كانت لمنازل خاطئة ..


كان كبير الضباط ينظر بحيرة اليهم ..
ثم واصل ضابط اخر :
حتى وصوله الى مركز الشرطة صباحا كان بدون سيارة بينما يقول انه جاء بسيارة شرطة ..
ثم أننا خاطبنا كل الجهات المعنية ومراكز الشرطة في كل الدولة فلم يبلغوا عن مقتل أو أختفاء أي فرد منهم ..
فكيف يقول أنه رأى شرطيا مقتول وقطع يد اخر ؟؟


تدخل كبير الاطباء وخاطب الضباط قائلا :
أيها السادة لقد أخبرتكم مرارا أن هذا الشاب مريض نفسي ..
وهو مصاب بمرض الفصام ** الذي هو واحد من الأمراض الذُّهانية أو العقلية الرئيسية ..
والاكيد أن هذا الشاب مصاب بما يعرف بالفصام الظناني أو الباروني ..
وهو ناتج عن الضغوط التي قد يتعرض لها


دخل في ذلك الوقت شرطي اخر ...
سلم رسالة ما الى كبير الضباط ..
فتحها ذلك الكبير ثم قال موجها حديثه للضباط والاطباء :
الغريب أنهم الان وجدوا سيارة تخصه ..
ولكن !!
يقولون أنهم وجدوها في قرابة أحدى مقابر المدن الشمالية !!
والاغرب أنهم عثروا على زجاجها الجانبي محطم ..
وعلى المقعد الجانبي كانت هناك يد مقطوعة فعلا كما أدعى ..
ولكن المدهش انها لم تكن يد أنسان كما قال الشاب ..
بل كانت ..
يد حيوان ..
وتحديدا ..
يد كلب !!


قرر الأطباء أن حالتي صعبة وتحتاج الى علاج مكثف ..
والان هاهم ينقلونني في عربة الاسعاف الى مستشفى الامراض النفسية بالعاصمة ..
فهناك سيتم أيداعي حتى تتحسن حالتي ..
من يعلم ؟؟

قد أكون عاقلا بين مجانين رفضوا تصديقي ..
وقد أكون مجنونا يحتاج فعلا الى علاج ..

هذه التجربة ستظل محفورة بعقلي وذاكرتي ماحييت ..
أقسم أن ماعشته حقيقي ..
مارأيته حقيقي ..
ولايهمني أن يصدقني أحد ..
دعوني أبقى في هذا المستشفى ..
دعوني فربما كان عقلي بحاجة الى راحة طويلة جدا ..
لقد تحمل هذا العقل مالايطيقه انسان ..

دعوه يرتاح حتى ولو كان الثمن أتهامي بالجنون ..
لايهم ..
لقد مرت علي ليلة من اصعب ماعاشه الانسان ..
ثم أغمضت عيني ..
ورحت في نوم عميق ..
ولكن ..
لم أكد أنعم بتلك الغفوة ألا بصوت باب سيارة الاسعاف يفتح ..

كنت ماأزال مقيدا كمتهم ..
وكانوا يسوقونني كمجرم ..
ياالله ..
هربت اليهم طالبا النجدة عاقلا ..
فأخرجوني من مركزهم مريضا ومختلا ..

كانوا يقولون أن المستشفى يتخذ أجراءات أحتراسية لاستقبال حالتي الحرجة ..
وصلنا لبوابة المستشفى ..
فتح بعض الممرضون باب الاسعاف ..
ثم بدأوا يقودونني الى حجرة خاصة ..
حجرة كنت أرى تلك اللوحة الكئيبة التي تعلو بابها وقد كتب عليها ..
" عنبر الحالات الخطرة " ..

وصلنا ..
فتح الممرض الباب الاول ..
ثم سرنا بعض الامتار وعاد ليفتح بابا ثانيا ..
واصلنا السير حتى بدا لنا باب كبير ..
كانت تبدو خلفه حجرة معزولة وكئيبة ومظلمة ..
كنت أتساءل قبل أن ندخل ..
ماذا لو مات شخصا هنا ..؟؟
ومع كل هذه الابواب والمسافات ..
هل سيكون هناك من يسمعه ؟؟

أبتسمت وتذكرت ..
من سيهمه موت مثل هؤلاء الشريحة من المجتمع ..؟؟
أنهم مجانين وميتين بعيون الاصحاء ..
ولااحد يعلم بمعاناتهم ..

أوصلني الممرض وزميله الى فراشي الابيض والذي كنت أميزه بصعوبة بالغة بسبب ضعف الاضاءة في تلك الحجرة ..
أستلقيت بجسدي الهالك وأنا أرجو الراحة ..
حتى لو كانت هنا بين هؤلاء المجانين ..
لايهم ..
فمعاناتي الكبيرة تلك أهلكت جسدي تماما ..
وأتمنى لو أستطعت النوم لعشر سنين قادمة ..

كان يشاركني الغرفة 3 نزلاء ..
هؤلاء هم رفقتي ..
بدأت أتساءل وانا أنظر أليهم ..
ياترى هل بينهم عقلاء أتهمهوهم بالجنون ؟؟
وهل فيهم من مر بتجربة ما فرفض المجتمع تصديقه ؟؟
أبتسمت من جديد سخرية بهذا المجتمع ..


كنت أهم بالاستلقاء والنوم ..
النوم بعمق ..
ولكن !!
أنتبتهت لحركة أحد هؤلاء المجانين الذين يرافقونني ..
حركة توضح أنه بدأ يحاول الوقوف على قدميه ..
ثم تبعه المريض الثاني ..
وأصطف ورائهم الثالث ..

وبدأو يمشون ببطء ..
قاصدين الاقتراب مني ..
حتى وصلوا بمحاذاة سريري ..
وكأنهم كانوا بأنتظاري ..
وبأنتظار لحظة دخولي ومغادرة الممرضون ..

بدت لي وجوههم وهي تعلو محياهم أبتسامة واحدة ..
أٌقتربوا أكثر ..
أضأت المصباح الذي كان يعلو سريري ..
ثم ...
أصابتني صدمة لاحدود لها ..
كانت الوجوه الثلاثة معروفة جدا بالنسبة لي ..
أقسم أنها كذلك ..
فهؤلاء المرضى الثلاثة لم يكونوا سوى ..

ناصر ..
ووالده ...
واللص علي ..
سائق الاسعاف ..
وسارق الاموات !!

هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد عليه افضل الصلاه واتم التسليم



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

اي طويلة لكن شكرا
لو تقسميها إلى أجزاء
مثلا الجزء الأول تكتبيه اليوم
و في الأخير أكتبي يتبع
و بعد تحصلك على الردود ديري الجزء التاني و هكدا حتي تخلاص باه ما نملوش من القراءة

=========


>>>> الرد الثاني :

قمة الخوف
بارك الله فيك لقد قراتها كاملة بدون ملل
رائعة واكرر هذه الكلمة الف مرة رائعة رائعة
بوركت


=========


>>>> الرد الثالث :

شكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــرا

=========


>>>> الرد الرابع :

اه يا لها من قصة طولية من بداية قراء نشوق لكن في نهاية لم اعلم كيف هل هذه قصو حقيقة ام خيال

=========


>>>> الرد الخامس :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة morsott
اه يا لها من قصة طولية من بداية قراء نشوق لكن في نهاية لم اعلم كيف هل هذه قصو حقيقة ام خيال

وانا ايضا لم اعرف اذا حقيقية او لا واظن انها رواية فقط

=========


[b][i]شكرا على القصة يا أخي الكريم.في غاية التشويق رائعة ومرعبة وتجعلك تغوص في عالم من الخيال وكأنك تعيش في قلب الأحداث ألف ألف شكر.ولكن أريد أعرف من فضلك من أين أتيت بهده القصة رجاءا


في قمة الرووووووووووووووعة

شكرا






عذراااااااااا قصة مخيفة جداااا ارعبتيني اختي






انا خفت اها اها اها merciiiiiiiiiiiiii

يا مامااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااا

قصة راااااااااااائعة شكرا

ماشاء الله عليكم جزاكم الله الجنة

قصة مروعة ومشوقة جدااااااااااااااا شكراا