الإنسانية هي كلمة عربية من إنسان إنسانة فإنسانية، و هي تعني بشكل مباشر شعور داخلي يتميز به البشر عن سائر المخلوقات، لكنه سرعان ما تحول من شعور إلى صفة سامية و مبدأ عظيم، و لو أن هذا التحول كان وجداني لكنه ترك آثار مختلفة و ملموسة في حياة البشر في الماضي و الحاضر.
لكن هذه الآثار التي تجسدت في الواقع بشكل إيجابي في الماضي، حيث كانت ظاهرة أكثر منها باطنية، لأن الإنسان وضع للمعروف نصيب وفيرا في حياته اليومية، مبررا هذا الفعل بأسباب و صلات قريبة كالأهل و الجيران و بعيدة من العامة، لكن إذا نضرنا من زاوية أخرى لهذا التعاون و التكاثف الكبيرين، لوجدنا أن الاستعمار هو الذي ساهم بطريقة غير مباشرة في تنمية هذه الصفات في أجيال الماضي، لأن السكان الأصليون لجأو في بادئ الأمر إلى الجبال و الأرياف هروبا من المد الفكري الثقافي و حتى الديني الذي أتى به المستوطنين من مختلف بقاع أوروبا، مما خلق لهم قضايا مصيرية مشتركة، فعملوا معا لتوفير المأكل و المشرب ثم قاتلوا بيد واحدة من أجل الاستقلال، تحت مبدأ:
ألا أيها الظالم المسعر خده رويدك فالدهر يبني و يهدم
لكن في حاضرنا، نسمع الكثير من الأبواق التي تحذر من الفساد الأخلاقي و اندثار كل معالم الإنسانية، لكن اغلبهم قد نسوا البحث عن الأسباب الواقفة وراء هذا الاختلال الاجتماعي، فهم يعتقدون أن الأمور تسير من السيئ إلى الأسوأ، لكنهم في نظري أنا شخصيا مخطئين.
لمــــــــــــــــــــــاذا؟
لأن أحد أهم أسباب هذا الطابع الأخلاقي الجديد الذي يشبه لحد كبير نضيره الأوروبي و الأمريكي، هو التأثر الفكري الثقافي من الحضارة الغربية، التي قطعت مراحل متقدمة في الكثير من النقاط الإيجابية، كالمساواة بين الرجل و المرأة، نعم هذه المساواة التي تفتقدها الكثير من المجتمعات العربية، علما أن أمهاتنا و أخواتنا انتظرنها عقودا طويلة، ثم الحرية الدينية و احترام الأقلية الشعبية و حتى الجنسية (المخنثين)، و من هذه المعطيات نستنتج أن هذا الطابع الجديد المستورد إن صح التعبير، ما هو إلا وقود هذه الصفة السامية (الإنسانية).
في الأخير فانا أنصح كل من يعلوا عليه صوتا مذكرا إياه بما فعله الآباء و الأجداد، فما عليه سوا بالرد بالطريقة الجزائرية ( وقت الشدة الصح يبان).